هسیس اللیل نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

هسیس اللیل - نسخه متنی

جان الکسان

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ومرّة.. رمى إليها بكلمات أرادها نوعاً من الغزل، فركبها خجل غريزي وهي تقول له ممازحة:

هل عدت إلى المراهقة يا أبا الشباب؟ ولكن.. ألا يظلمها عندما يرمي عليها تبعة كل ما حدث؟ ألم تكن شريكة حياته في السراء والضراء؟. ألم تكن الزوجة المثالية والأم الرؤوم؟ ومن يدري كم من المعاناة والمرارة تدفن في صدرها وقد تغّرب عنها أبناؤها وهي تقوم بواجباتها اليومية كاملة غير منقوصة؟ ولكن.. هل الحياة أريكة وثيرة وطعام شهي وفراش نظيف؟ ألا يتوفر هذا في أي مطعم أو فندق؟ أين هي تلك الطيور الملونة التي كانت تحلق في سماء حياتهما؟ تلك النسمات الربيعية التي تنعش القلب؟ تلك اللحظات الراعشة من المفاغمة الماتعة التي تختصر فرح الأيام؟ لماذا يتحول القمر إلى هدف برامج الفضاء بدل أن يكون أنيس الأحبة وجليسهم؟ لماذا لا تنهض هذه المرأة التي أمامه وترمي من يدها النسيج الصوفي الذي تحيكه، وتضغط زر آلة التسجيل وتدور أمامه في الردهة دورة راقصة ثم تشد من يده الجريدة وتدعوه لجلسة سمر. لماذا يختنق جالساً بدل أن يطلق صهيله يملأ كل الغرف؟ ها هي الغيوم متلبدة في سماء أيامه.. رمادية.. سوداء.. ولا من نسمة باردة تداعبها لتهطل مطراً ربيعياً على حياته الجديبة؟ هل يصارحها بما يعتمل في نفسه؟ ولكن.. ماذا سيقول لها؟ ليس بينهما لغة مشتركة يمكن أن يحقق من خلالها هذا النوع من التواصل.. لعلها ستسخر منه ومن أفكاره وتعود إلى التهمة القديمة.. ستتهمه بالمراهقة، وتطلب إليه أن يقوم إلى غرفة المكتب يجيب على رسائل الأبناء وبطاقات الأحفاد، بدل أن يشغل باله بمثل هذا النوع من أضغاث الأحلام.. أحلام اليقظة التي جاءت متأخرة. بل قد ترد بنوعٍ من الحسم:

إذا لم أعد أعجبك، طلقني، وتزوج واحدة أخرى.. بل أنا مستعدة لاختار لك عروساً شابة تتناسب مع هذا الصهيل المزعوم الذي لا تقتنع أنه أصبح نوعاً من الصدى القادم من الوديان السحيقة. أطلقها؟ أتزوج واحدة أخرى؟ لا.. هذا مستحيل ليس هذا ما يؤرقني.. ولست أنا الذي يفعل هذا مع رفيقة العمر التي ظلت بين يدي كل هذه السنين الطويلة (شبيّك لبيك).. تعرف أنني أحب شرب القهوة ساخنة، فتحضر الفنجان وركوة القهوة وتسكبها والبخار يتصاعد منها.. لم أفتقد يوماً زراً في قميص، ولا بذلة مكوية، ولا زهرة القرنفل التي أحب أن أراها في مزهرية على مائدة الطعام.. لا تتناول العشاء قبل أن أعود إلى البيت، حتى لو كنت ساهراً إلى ساعة متأخرة من الليل.. لم تحاصرني بالكلمات الملحة.. ولا بالأسئلة السخيفة، ولا حتى بالغيرة العمياء التي تجابه بها الزوجة زوجها عادة. هل أكافئها بالطلاق؟ وبالزواج من شابة صغيرة تتعطر بالعطر الذي أحب، وتدور في الردهة أمامي على الأنغام المنبعثة من آلة التسجيل دورات راقصة؟ سأفاجئها غداً بهدية.. سأشتري لها الإسوارة التي أحبتها يوماً واشتريتها لها، فأهدتها إلى ابنتها في يوم عرسها.. والآن.. عليّ أن أعود إلى الجريدة. وقبل أن يتابع المطالعة مدّ يده إلى فنجان القهوة، ورشف رشفة واحدة، ثم أعاد الفنجان إلى مكانه.. كانت القهوة قد أصبحت باردة. عزّو القاق هذا هو اسمه الذي عرف به في أحياء دمشق القديمة في الأربعينات.. لم أرو حكايته لأحد إلا واستملحها، بل أن أكثر من كاتب قال أنها تصلح مادة لأقصوصة قصيرة، أو حتى لسهرة تلفزيونية إذا أضيفت إليها بعض التوابل، واستأذنني في ذلك كأنني صاحبها في حين أنني أحد رواتها، وقفت عليها مصادفة من صديق عايش تفاصيل القصة في الأربعينات. لقد وجدت فيها، وخاصة في خاتمتها، نوعاً من المفارقة تقترب من الكوميديا الرمادية، أكثر من أن تكون نوعاً من (القفلة) لطرفة تروى في سهرات الشتاء. أما سبب شهرة عزو القاق، فتعود إلى أنه كان عازفاً بارعاً على آلة العود، وكان يدعى إلى الأعراس ليبدأ العزف في أول المساء ولا ينتهي منه قبل منتصف الليل دون أن يصدر عنه أي نوع من أنواع التذمر أو ادعاء التعب وهو يلبي طلبات الحضور المتواترة.

-عزو.. بدنا (طالعة من بيت أبوها)

-تكرم

-عزو.. (رقصة ستّي)

-أمرك

-عزو.. يلبقلك شك الألماس

-على عيني

-عزو.. اتمختري يا حلوة.. ويروح عزو يعزف المقطوعة وتردد الصبايا

/ 26