نهر بلا شطآن - نهر بلا شطآن نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

نهر بلا شطآن - نسخه متنی

إبراهیم خریط

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

نهر بلا شطآن

البريد الالكتروني:

موقع اتحاد الكتّاب العرب على شبكة الإنترنت

إبراهيم خريط

- روايـة -

من منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق - 2003

مدخل يروى عن مسكين بن صدقة أنه دُعي للغناء في قصر الرشيد، فغنَّى المغنون حتى انتهى إليه الدور فأخذ يغني غناء الملاحين والبنائين والسقائين وما جرى مجراه من الغناء، فقال له الرشيد:

ويلك ما هذا الغناء؟ فقال مسكين:

من فرشت داره بالبواري والبردي فهذا الغناء كثير عليه. 1 ما إن غادرت الحافلة مركز الانطلاق من دمشق، حتى انفرجت أسارير الوجوه المشدودة والجباه المقطّبة. زالت علامات الضيق والضجر، وسـاد جو من الهدوء والسكينة، تخللته همهمات وهمسات وكلمات ود ومجاملة . عبد الله الذي كان صامتاً حتى هذه اللحظة، ينقل بصره بين ساعة يده وساعة الحافلة الرقمية التي تجاوزت العاشرة صباحاً بأربع عشرة دقيقة خرج عن صمته وقال بمرارة واستهجان :

ـ لو أنهم يتقيدون بالموعد المحدد ! التفت إليه شاب يصغره بأعوام قليلة وعقّب ساخراً، كأنه يرد على صديق تربطه به معرفة قديمة :

ـ يا أخي ( مو ) معقول كأنك لست من (هنا ) !. هل تريد أن نغيّر طبيعتنا و نتخلى عن هويتنا ! ما قيمة ربع الساعة أو الساعة ؟ ما قيمة اليوم والشـهر ؟ ما قيمة العمر كله ؟ ثم التفت يميناً ويساراً ومال بجسمه نحو عبد الله كما لو أنه يهمس بسر خطير يخشى أن يسمعه أحد، وقال بصوت خافت :

ـ يا أخي لا أحد يكترث بالوقت أو يتقيد بالمواعيد إنهم يرون في التأخيــر وجاهة وعلو قدر ومنزلة. كأن الله رفعهم فـوق غيرهم درجات. ينهون عن خلق ويأتون بمثله، يأمرون الناس بتطبيق النظام وهم لا يلتزمون به. قرّب رأسه حتى كاد أن يلامس وجه عبد الله، وأضاف هامساً:

ـ والمشكلة هي أنهم أصحاب الـ . نظر حوله بحذر ثم قال :

أعتقد إنك فهمت قصدي. شعر عبد الله بالضيق والإحراج، إذ أدرك أنه وبدون قصد، قد فتح باباً للحوار يصعب إغلاقه، وولج دوامة الدوران في حلقة مفرغة، تثير مسائل وقضايا ملّت النفس من عرضها وتكرارها، وتمنى لو أنه آثر الصمت منذ البداية، ولم ينطـق بكلمة، فحاول أن يضع حداً للحديث والعودة به إلى مساره الأول، والوقوف عند نقطة البداية، تجنباً لمضايقات هو بغنى عنها، فقال :

ـ على أية حال ( ما من ) مشكلة. أربع عشرة دقيقة أو ربع ساعة لن تقدّم ولن تؤخـر المهم أن نصل بالسلامة وفي الوقت المحدد هذا إذا ضاعف السائق من سرعته قليلاً وأعتقد أنه سيفعل ذلك. لم يخطر له أن وقع هذه الكلمات سيفتح عليه أبواباً أخرى يصعب إغلاقها. فقد أثارت حفيظة المسافر الذي يجاوره في المقعد انتفض الرجل المسن ذو الكوفيـة والعقال والنظارة الطبية، وقال باستنكار :

ـ ولماذا السرعة! أما سمعت بالحكمة التي تقول في التأني السلامة وفي العجلة الندامة ؟ ثم أين كنا في الماضي وأين أصبحنا اليوم ! كان على المسافر من دير الزور إلى دمشق أو بالعكس أن ينطلق أولا ً إلى حلب، ثم يتابع الرحلـة المسافة مضاعفة. والزمن يزيد عن نصف يوم وليس خمس ساعات بلا تدفئة أو تكييف، وبدون ضيافة وتلفزيون. ناهيك عن محطات الوقوف الكثيرة على طول الطريق هذا نازل وذاك صاعد هذا يحمل أكياسـا ً أو صناديق، والآخر معه مواشي يزجّها في الممر بين البشر تثقب الآذان بثغائها، وتلوث الثياب والأقدام بروثها، وتزكم الأنوف برائحتها. فكأننا في حظيرة بهائم. نحن الآن بألف خير إذا ما قارنا بين الماضي والحاضر نعم، بألف خير بعد أن صار السفر متعة وراحة وتسلية. أليس كذلك أم أنا غلطان ؟ التفت إليه عبد الله وقد قرر أن لا ينطق بكلمة أخرى، خشية أن تقـوده إلى حوار آخـر مع الرجل المسن الذي يبدو متعطشاً للكلام، فاكتفى بهز رأسه. نظر إليه الرجل متفحصاً اتسعت حدقتاه وارتسمت على وجهه المتغضّن ابتسامة ود ومحبة. فغر فمه ورفع يده مدّ إصبعه حتى كاد أن يغرسه بين عينيه قائلاً بشوق ولهفة

/ 39