إیماءات ضائعة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

إیماءات ضائعة - نسخه متنی

محسن الخفاجی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

انقاذها. ارتطمت بالأرضية الصلبة،
وتناثرت قطعها وشظاياها كما لو أنها
انفجرت بعبوة ناسفة. ولم يبق منها سوى
الحطام. أراني البائع في مخزن المتجر
دميتي الجميلة، وقد تكسرت أطرافها،
وتكومت شظاياها الحليبية. أي مصير مؤلم
كان ينتظر جمالها، وكان رأسها المقطوع
هناك في ظلام زاوية المخزن. الابتسامة
ذاتها لا تفارق شفتيها، برغم أن هناك شرخا
طويلاً مزق جبهتها وفمها، ينحدر في خط
متعرج حتى يصل إلى رقبتها الجميلة
المبتورة.
أقف طويلاً، أنظر إلى حطام دميتي، كأنني
أنظر إلى حطام حياتي: حطام طفولتي وسنوات
شبابي. لن يمكنني بعد الآن أن آخذها في حلم
يقظة إلى أي مكان.
لن يمكن لي أن أجلس في المقهى متأملاً
غيابها من وراء الزجاج الشفيف. لن يمكن لي
أن ألمس أناملها المبتورة، آه، لن يمكن لي
أن أفعل أي شيء.
قال البائع مفتتاً الصمت:

-فكرنا أن نعيد لصق أجزائها بمادة لاصقة،
ثم عدلنا عن الفكرة، أنها ستكون بشعة على
كل حال، ولن يقبل الزبائن برؤيتها.
طوّقني الحزن، وهبطت دمعتان من عيني،غامت
المرئيات أمامي، كانت غشاوة تغطي عيني
الدامعتين، وتخلط ألوان الدمية ببعضها.

بعد شهور عدت إلى المقهى، انتبهت إلى فتى
يجلس في مكاني، ينظر إلى الدمية البشعة
الحبيسة في قفصها الزجاجي، متأملاً
شفتيها الداعرتين بوله غريب.
ميتة ذهبية
في طروادة

بعد عشرين عاماً، بعد فصول مملة من أمطار
وعواصف وأعاصير وجفاف وغبار، نسجتها
طبيعة غاضبة شرسة بمخالب وحشية، يعود أخي
من الغرب الذهبي ليقضي بقية حياته في مسقط
الرأس ((هذا ما ورد في برقية قليلة الكلمات.
حدسنا من كلماتها أن الحنين قد قتله
أخيراً)).
كان أخي يبحث عن خاتمة غريبة لحياته
بيننا، أو هذا ما كنا نعتقده على الأقل،
بلغ الخمسين من العمر، لكنه ما زال يحيا في
غربه الذهبي بذاكرة شاب هاجر في يوم عصيب
ضاعت تفاصيله، مخلفاً كل شيء هنا خلفه:
العائلة، الزوجة، الأبن، وأثاث البيت،
بالرغم من أن معظم أصدقائه القدامى قد
ماتوا بعد أن حصدتم مصائرهم الفاجعة، فلا
أحد منا نحن الباقين على قيد الحياة من
أخواته وأقربائه، يستطيع أن يعيد له ذلك
الأحساس بعذوبة الماضي، وسحر حياة الشباب.
لا أحد بإمكانه أن يعيد عجلة الزمن عشرين
عاماً إلى الوراء، إلى اليوم الذي هاجر
فيه. لا أحد يقدر أن يوقف العجلة المجنونة
التي طحنت كل شيء، لكننا بذلنا كل ما لدينا
من شيء مدّخر. أحضرنا المصابيح الملونة
الكبيرة لإنارة زوايا البيت المظلم،
وعلقّنا نشرات ضوئية من مصابيح صغيرة
ملونة في هيئة أقواس، وعلقّنا صورته
الكبيرة، التي أرسلها لنا من بلاد الغربة،
وهو في الثلاثين من عمره، وحلقة ذهبية
تتدلى من شحمة أذنه، على الحائط الأبيض،
يبتسم لنا كل لحظة، وانتظرنا. أعددنا
الخروف ذا القرنين، لنذبحه تحت قدميه،
ونلطخ بدمه عتبة البيت، واقتنعنا تماماً
بأن أخي لو مات في يوم ما، بعد شيخوخة
هادئة فإن جثمانه لن يدفن في أرض غريبة، بل
في مقبرة العائلة، حيث يلتقي الأجداد
والأحفاد بلا موعد تحت بقعة أرض واحدة.
فعلنا كل شيء يدخل البهجة إلى قلبه
المهاجر الحزين العائد إلى عشه بعد غياب
طويل.
أنفقنا كل ما نملك من أجل يوم العودة.

في يوم وصوله إلى شارعنا الذي لم تتغير
فيه أيّ زاوية أو ركن صغير، أطلقنا
الأبواق والمزامير، وقرعنا الطبول
والدفوف وصفائح السمن المعدنية الفارغة،
حين رآنا سقطت دموع نقية كماء الينابيع من
عينيه المتعبتين، وهو يتأمل أطفالاً حفاة
يلاحقون كرة من البلاستيك بثياب عتيقة
ممزقة، علت وجوههم مسحة شحوب واضحة. أعادت
إليه ذاكرته صورته صبياً أمام مصيره
الغامض، هارباً من المدرسة إلى الشوارع،
في انتظار الحلم المفقود.
كان يسير بثبات رجل من الغرب اطمأن على
قطيع أبقاره، يمسك في يده غليونا من خشب
ثمين لامع، ويعلق على كتفيه حقيبتين،
ويدفع أمامه حقيبة كبيرة لها أربع عجلات
صغيرة. وينظر إلينا بأستغراب كأنه لا يعرف
أحداً منا.
هجمنا عليه جميعاً كما تهجم كلاب جائعة
على عظمة، وتعانقنا معه، وفرت دموعنا
الفرحة من مآقينا. فمسحناها بأكمام
قمصاننا.
كانت رائحة التبغ تفعم أنوفنا، وشممنا
عطراً جذاباً في ثيابه، وشعرنا بالفخر لأن
لنا أخاً عاد من الغرب، ورسمت رؤوسنا

/ 42