إدارة الحرمین الشریفین فی القرآن الکریم نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

إدارة الحرمین الشریفین فی القرآن الکریم - نسخه متنی

جعفر مرتضی العاملی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

إدارة الحرمين الشريفين في القرآن الكريم

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام
على سيّدنا محمد وآله الطاهرين، واللعنة
على أعدائهم أجمعين، إلى قيام يوم الدّين.
وبعد..
بداية:


فإن الحديث عن ولاية الحرمين الشريفين
وإدارة شؤونهما، لهو حديث طويل، ومتشعب،
ومترامي الأطراف سواء من الناحية
التاريخية، أو السياسية، أو التشريعية،
أو غير ذلك..
ولكن ما يهمنا في بحثنا هذا، هو معالجة
هذه المسألة من الناحية القرآنية، من أجل
أن نتعرّف على نظرة القرآن إلى هذه
القضية، وكيفية تعامله معها، مع الإلماح
إلى بعض الركائز والمنطلقات التي اعتمدت
عليها تلك النظرة، وعلى أساسها كان ذلك
التعامل، فنقول:


إننا إذا رجعنا إلى كتاب الله الخالد،
الذي لا ريب فيه، ولا يأتيه الباطل من بين
يديه، ولا من خلفه.. فإننا نستخلص منه
الحقائق التالية:


البلد النموذجي:


أنه تعالى حين اختبر البشرية، من لدن آدم،
ببيته الحرام، الذي جعله للناس قياماً، قد
وضعه، حسبما روي عن أمير المؤمنين عليه
الصلاة والسلام.
"بأوعر بقاع الأرض حجراً، وأقل نتائق
الدنيا مدراً، وأضيق بطون الأودية قطراً،
بين جبال خشنة، وعيون وشلة، وقرى منقطعة،
لا يزكو بها خف ولا حافر، ولا ظلف. ثم أمر
آدم وولده أن يثنوا أعطافههم نحوه، فصار
مثابة، لمنتجع أسفارهم، وغاية لملقى
رحالهم، تهوي إليه الأفئدة من مغاور سحيقة
الخ.."[1].
نعم.. ولقد أراد الله سبحانه لهذا البلد
بالذات والذي يفقد أدنى مقومات الحياة:


اقتصادياً، واجتماعياً، وثقافياً،
وتربوياً الخ.. أراد له، أن يكون البلد
النموذجي والمثل الأعلى والأسمى في كل ذلك
بكل ما لهذه الكلمة من معنى.
أراده أن يكون رمزاً ومثالاً للأمن
والسلام، ثم رمزاً للحرية المسؤولة
والواعية، والهادية إلى طريق التكامل،
وبناء الذات، سواء على مستوى الفرد أو على
مستوى الجماعة. ثم أن يكون البلد الفريد،
والرضي في علاقاته الاجتماعية، والفذ
الرائع في طاقاته الإيمانية، والزاخر
بالمعطيات الفضلى، في إخلاص العبادة له
تعالى، ورفض كل شرك، وعبادة لغيره. وأن يكو
الأمثل والأغنى في روافده العاطفية،
والنموذج الحي، والمتميز في رخائه
الاقتصادي. ثم أن يكون بلد الرشاد،
والهداية، والوعي. بلد الطهر، والخير،
والبركات.
نعم.. لقد أراد الإسلام لهذا البلد، الذي
لا يملك شيئاً من مقومات الحياة، بمختلف
مناحيها، ومجالاتها - أن يكون النموذج
الفذ، والفريد والأسمى، والمثل الرائد،
الذي تتجسد فيه طموحات الإسلام وأهدافه،
وإنجازه الهائل، وقدراته الفائقة.
ولتتجلى فيه على أكمل وجه وأتمّه آيات
الله البيّنات، وخوارق العادات، في مجال
بناء الإسلام للحضارة وتربية الإنسان.
ولا نقول ما تقدّم من عند أنفسنا، بل
الإشارة إليه تصريحاً، أو تلويحاً قد وردت
في العديد من الآيات القرآنية ويكفي أن
نذكّر هنا بالآيات التالية:


قال تعالى، في حكايته لدعاء شيخ
الانبياء، إبراهيم (عليه السلام):


رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ
ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ
عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا
لِيُقِيمُوا الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ
أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي
إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ
الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ
يَشْكُرُونَ[2].
وقال تعالى:

إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ
وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ
مُبَارَكاً وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ *
فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ
إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ
آمِناً[3].
وقال عز وجل:

وَإِذْ بَوَّأْنَا
لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ
لاَ تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ
بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ
وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ
السُّجُودِ[4].
فقد أشارت هذه الآيات إلى أن البيت بواد
غير ذي زرع ولا يرغب فيه أحد، وقد أراد
الله له أن يكون أهلاً بالناس، تهوي إليه
أفئدتهم، ويعيشون في رخاء وفي سعة يرزقهم
الله من الثمرات. كما وأراد الله له أن
يكون مباركاً وهدى للعالمين. وفيه آيات
بينات ومطهراً. وبلد العبادة والتوحيد،
والتقوى. وآمناً ويجبى إليه ثمرات كل شيء،

/ 8