أهدی من قطاة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أهدی من قطاة - نسخه متنی

نجاح إبراهیم

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الفرامل بقوة، فأصدرت العجلات صوتاً
جديراً بإيقاظ النيام، ونشر الذعر في
جنباتهم. بسمل الشيخ وحوقل، وراحت أصابعه
تكرُّ حبّات السبحة بسرعة وتوتر. ومما جعل
قلوبهم تطمئن قليلاً ابتسامة خليل التي
احتلت وجهه، الأمر الذي دفعهم لأن يمطوا
أجسادهم فوق مقاعدهم ليستطلعوا الخبر.
لكنّهم بوغتوا جميعاً بقامة امرأة تنتصب
داخل الحافلة قائلة بتظرف فراتيٍ غسل
الفرات بشرتها ومنحها سمرةً خفيفةً.
-بطريقك يا خوي.
امرأة فراتيةٌ، جزلةٌ، كحيلةٌ ذات قدّ
ممشوقٍ.
خبّأ "الزبون" تقاطيعه، وبانت ضفيرتاها
المجدولتان مع بعض حبّات الخرز الأزرق،
والمحلب ليعطيها رائحةً طيبةً. وعند الجيد
تعانقت الجديلتان ثم ارتدتا إلى الخلف مع
أذيال "العصبة الحريرية. وعلى الأنف شعّ
خزامٌ تتوسطه حبةٌ زرقاء. حينما ألقت
التحية، سمعوا صوتاً أنثوياً سرى في دمهم
دبيباً متناغماً ووقعُ سلامها كان ريحاً
طيبة، منعشةً بل رحمةً في هذا القيظ
اللاهب.
امرأةٌ تألقت في أنظارهم، فبانت كأنّها
تختزل فيها نساءً عدّة.
راح كلُّ واحد يتزحزح في مكانه ليؤمن لها
مكاناً قربه.
يهصرُ جسده في مساحة صغيرة لا تتسع لطفلٍ،
ليفسح لها ويتيح جلسةً مريحةً. لكنّ السائق
كان له السبق في اختيار المكان المناسب
لها.
أجلسها وراح يعدّل من جلسته على كرسي
القيادة، وداخله غرور شديدٌ.
وراحت تشي به حركاته وكأنّه يقود طائرةً
بل مركبةً فضائيةً لا حافلةً قديمةً
متصدعةً شهدت الحرب العالمية الثانية.
آخر من استيقظ عبودُ الأعشى. زمّ عينيه
وراح بصعوبةٍ يتبيّن ما حدث.
وبغتةً دبّ الذوق فيه، فقال لخليل:
-لو سمحت يا أبو الخل أشعل الضوء يا أخي
قليلاً.
ضحك الجميع، وتعالت أصواتهم.
علّق أحدهم:
-معذور.. معذور..
انقلب حالُ الركاب، ولصقت بهم صفاتٌ،
وأفعالٌ غريبةٌ وجديدة لا تخصهم، ولم تكن
فيهم قبلاً، وكأنّ المرأةَ هذه استحالت
إلى يدٍ كبيرةٍ طوّحت بهم، وقلبتهم رأساً
على عقب. ومما أثار التساؤل والحيرة،
والدهشة كرم "محيو" الذي هبط عليه من
السماء اللحظة، والذي قام من مقعده في آخر
الحافلة، وجاء إلى مقدمتها لينثرَ سجائرَ
على الموجودين. والمعروف عنه أنه يستلّ
دخانه سيجارة إثر أخرى من جيب خفي في
"ساكويته" وعند إشعالها يخبئها في كفّه.
ولم يشهد له أحدٌ باستضافته إلى بيته لشرب
ولوكوب من الشاي طيلة حياته. لكنّ حمود
الذي قتله فضوله، والذي كان صفةً لصيقةً
به منذ صغره. لم يستطع أن يبتلع سؤاله، ولو
ابتلعه لطقّ وانفجر، لذا قال ساخراً.
-ما هذا الكرم يا محيو؟ طول عمرك يا
زبيبة..!!
قال الشيخ كاتماً فرحاً يتخبط في صدره
لاوياً رأسه إلى الوراء:
-عيب يا حمود، عيب. ثم دنا من خليل هامساً،
متلكئاً، مضطرباً:
-خليل، ما اسم المطرب الذي كان يغني قبل
قليل؟
-كتم خليل ضحكة قويةً مجارياً سائله،
مقدّراً مكانته:
-سعدون الجابر يا شيخ.
-دعه يسمعنا ألحاناً.
رفع خليل صوته غامزاً بعضهم:
-تكرم يا شيخ وها...
تكور الشيخ في كرسيه، وراح يميلُ برأسه
ببطء يمنةً ويسرةً.
يهتزّ مع الألحان، يتمتم بعض المفردات.
سرت تعليقات بين الرجال، وشاعت ضحكاتٌ
فتهامسوا، غمزوا ولكزوا. فهم الشيخ مارموا
إليه فقال:
-يقول أبو الفتح محمود الكاتب طيب الله
ثراه:
"إن كنت تنكر يا حبيب أنّ في الألحان نفعا
فانظر إلى الإبل التي لا شك أغلظ منك طبعا
تصغي لأصوات الحداة فتقطع الفلوات قطعا".
أيّدَه الجميع وبعضهم صفق وصرخ وصفر. قال
خليل مخففاً:
-مفهوم شيخنا، مفهوم.
وراحوا يترنحون نشوةً، ويصفقون انسجاماً
وطرباً على أنغام الأغنية.
تمور رؤوسهم مثقلة بالحب والطرب واللحن،
والمغني بصوته الدفيء، الحزين يشعل
قناديل الجوى والغرام والنجوى
وقدحت قريحة غنّام بالكلام، وتفتق بقصص
ورواياتٍ، ولم يعد يعرف السكوت كان يقول
أشياء كالهلوسة:
-بيتي مثل قنّ الدجاج فارغ وبلا دجاج ينعق
فيه الفراغ كالبوم وليس فيه إلا ديكٌ واحد
بحاجة لدجاجة تؤنسه، وتزاول فيه عملها لكن
واحسرتاه…." بعضهم سمع جزء مما قال

/ 28