أفکار انتهت مدة صلاحیتها نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أفکار انتهت مدة صلاحیتها - نسخه متنی

نادرة برکات الحفار

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

[IMAGE: 0x08 graphic]
أفكار انتهت مدّة صلاحيتها
نادرة بركات الحفار
أفكار انتهت مدّة صلاحيتها
مجموعة قصصية
منشورات اتحاد الكتاب العرب
[IMAGE: 0x08 graphic] دمشق - 2005
الوجه الآخر للحقيقة
جلسوا واجمين, يحدّقون إلى الباب الموصد
أمامهم, يتأملون المدى البعيد, في انتظار
من يكسر طوق الرعب, ويبدّد الصمت المهيب,
ويأتيهم بالنبأ العظيم.
قلوبهم تقرع كالطبول, وجوههم مكفهرة
مقتضبة, نظراتهم مشبعة بالقلق, والوساوس
تغزو أفكارهم, تهّب عاصفة في مطاوي صدورهم,
تُقلبهم على جمرات من الشك واليقين.
بصيص نور يلوح من ثقب الباب الرمادي,
ترتجف شفاههم الجافة ـ تلتقي حدقات
عيونهم, تفترق, تلتحم بالفضاء اللامرئي,
تنمو خلايا أحلامهم, تتجدّد مساماتهم,
تتراقص على وقع النبأ الذي يوشك أن يُذاع
على الملأ, ليزلزل الأرض تحت أقدامهم, نبأ
موت الرجل العجوز الواقع في قبضة الموت,
بين أيدي أمهر الأطباء.
تعانقت عقارب الفجر, تطايرت أفكار منعم,
مخترقة جدران الانتظار, هبّ من مقعده,
تنفّس بتوتر وعصبية, وراح يذرعُ الحجرة
المستطيلة, ذات المقاعد الجلديّة
المتراصّة وعيناه مثل كرتين, تتدحرجان بين
ممرات من السدود والعراقيل, تُرى؛ هل تفي
صفيّة بوعودها؟ هل تهجر زوجها, وتتخلّى عن
ابنتها في سبيل حبّه؟؟
لقد أقسمت على الوفاء لـه, والزواج منه,
حين يمتلك بيتاً وسيارة, لتنجو من الجحيم
الذي ألقت فيه نفسها, بين يدي رجل, لا يمتلك
أكثر من قامة رياضيّة, وعضلات مفتولة,
وقفزات بهلوانّية, لا تخدم غروره إلا في
ساحات الملاعب, ومباريات كرة القدم.
صفيّة المرأة التي قابلها منذ أكثر من
عام, حين كان يتدرّب في صيدليّة تعنى ببيع
ألعاب الأطفال, وأدوات التجميل, أكثر من
عنايتها ببيع الأدوية والعقاقير.
صفيّة, الأنثى الجميلة التي تمتلك من
مقوّمات الأنوثة ما يذيب تلافيف العقل,
ويهز منابع الوجدان, ويفجّر كتلة
الأحاسيس, ويقلّب المواجع والآهات.
في بادىء الأمر, ظنتّه صاحب الصيدليّة,
تبسّمت في غنج, وتمايلت في دلال, وتضاحكت
في عذوبة, وتلاعبت أصابعها الرقيقة بخصلات
شعرها الأحمر, ثم أطلقت الزفرات والتنهدات,
وراحت تشكو همّها وشجنها, وحاجتها إلى شراء
ما يلزمها بالتقسيط المملّ, فزوجها أستاذ
الرياضة في المدرسة الإعدادية, لا ينال من
الراتب إلا ما يسدّد أجرة المسكن, وفاتورة
الكهرباء, والهاتف.
منذ أن رآها, استقر رأيه على أنها الأنثى
التي داعبت مخيلّته, لكنه لم يجرؤ على
ملاطفتها والدنّو منها, إلا حين عادت في
اليوم التالي, وفتحت حقيبة يدها الفارغة,
وانحنت أمامه لتخدّر حواسّه بعطرها, وتنظر
إليه تلك النظرة الخالبة.
"إنني.. أعني أن اسمي صفيّة, أسكن في المبنى
الملاصق للصيدلية, هل تقبل دعوتي لتناول
القهوة في بيتي"؟
دار رأسه بضع دورات, التهبت حواسّه, هزّ
صوتها كيانه وروحه.
"زوجي لاعب كرة, يقضي النهار بطوله في
التدريب, وإذا ما التقاك في البيت, فليس
أمامك من خيار, إلا أن تشبع غروره, فتمتدحه,
وتبدي إعجابك الشديد ببراعته في قذف الكرة
إلى مقرّها.
كان يزورها خلسة, ثم أصبح يدخل بيتها,
كواحد من أفراد عائلتها, يسامر زوجها,
يداعب طفلتها, يبتاع لـهم حاجياتهم, من
راتبه الذي لم يعد يفي أقلّ متطلباته
الشخصية.
كانت تستقبله بغلالتها الورديّة, وفتنتها
الصاخبة, تدعوه إلى انتظارها ريثما تبدّل
ملابسها, يستوقفها, يهيم بسحرها, يشدّها
إليه, يأخذها بين ذراعيه, ويذيب في شفتيها
جمرات من الشوق المشحون بالظمأ والحرمان.
لاحظ صاحب الصيدليّة ما أصابه من خبل
وشرود, واصفرار ونحول, لفت نظره إلى خطورة
التعدّي على حرمة بيت الأستاذ الرياضي,
وبّخه, نهره, هدّده بإفشاء سرّه, إلا أن
منعماً لم يستجب, فقد عربد بقلبه جنون
الحب, وسقط صريعاً في بحر امرأة لعوب.
طرده صاحب الصيدليّة, فرغت جيوبه, وانحنى
على قدمّي الرجل البخيل يرجوه, يستعطفه,
يتوسل إليه, لكن أباه بسحنته القاسية,
ركله, وكشف عن أسنانه الصفراء.
"علام درست الصيدلة أيها المتسّكع
البليد؟ ألا تخجل من طلب المال وأنت في هذه
السن؛ اخرج أيها الأحمق, وأبحث عن عمل في
صيدلية أخرى, أو مزق تلك الشهادة, واعمل في
دكان للخضراوات".
هذا الأب المتحجّر القلب, حرمه من أجمل
سويعات عمره, فلم تعد صفيّة تستقبله, ولم
تعد تفتح لـه الباب, متذرعة بالمرض تارة,
وبصديقة دقّت بابها على حين غفلة تارّة

/ 45