أنت صدیقی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أنت صدیقی - نسخه متنی

خیرالدین عبید

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

نتهاء الدّوام.

انتهى الدّوامُ... انصرفَ التلاميذ...

انصرفتْ مها ناظرةً إلى رامي المختبئ خلفَ سيّارةٍ صفراءَ نظرةَ عتاب.

ورامي المختبئ خلفَ السيّارةِ لم يكن متخوّفاً من مها، كان كامناً لوائل.

أجل. فوائلٌ هو الصّديق الوحيدُ الذي حكى له رامي تلك الحادثةَ الطّريفة. دون أن يدري أنّه ولدٌ أحمق يحبُّ إغاظةَ رفاقهِ ولا يحترمُ شعورَ الآخرين.

رامي المختبئ خلفَ السيّارة فاجأ وائلاً... وبّخَهُ ولكَمَه.

وَرِمَتْ كفُّ رامي من تلك اللكمة، ومع هذا بلّل إبهامَه بالحبر... وبَصَمَ. كانت البصمةُ رأسَ أسد.

ـ 4 ـ رامي يتفرّس في الأوراقِ المليئة بالبصمات...

إنّه مذهول... كلُّ بصماتِهِ متشابهة، إنّها مجرَّدُ خطوطٍ ملتفّةٍ على بعضها ولا معنى لَها.

أين اختفى الأرنب؟ أين اختفتِ الوردة؟ والأسدُ... أين هو؟!

إنّهُ ما يزالُ يبلّلُ إبهامَهُ بالحبرِ ويبصمُ، يبلّلُ سبّابته... خنصُرَهُ...

بنصُرَه... دونَ فائدة.

هل كان يعيشُ حلماً؟ أم أنّهُ تحوّلَ إلى ولدٍ عاديٍّ كبقيّةِ رفاقه؟؟.

رحلة ورقية ـ وقوف.

ـ جلوس.

وضعَ معلّمُ الرّسمِ حقيبته على الطّاولة، نظر إلى التلاميذ، وجد وجوهَهم كئيبةً.

ـ ما بكمْ؟ ـ تأجّلت رحلتُنا اليومَ بسبب المطر.

ـ لا تزعلوا. الآن سنذهبُ في رحلة.

ـ والمطر؟ ـ لن يبلّلَنا المطر!!

وفتح حقيبتَه، أخرجَ أوراقاً ملوّنةً، وعيونُ التّلاميذِ تنظرُ إليه مُتعجّبة!

أمسكَ ورقةً حمراءَ، وراحَ يثنيها من الوسط، من الزّوايا، على شكل مربع، ثمَّ مثّلت، ثمَّ.....

يبتسم قائلاً:

ـ هذا هو العنقاء.

يصيحُ التلاميذ:

ـ الطّائر الخرافيّ؟!

ـ لا تضيّعوا الوقت. اصعَدوا على ظهره...

تمسّكوا ببعضكم... لا تخافوا، سألفّ رقبتَه بساعديّ، ونطيرُ إلى البحر.

كان طائراً رائعاً، جناحاه كشراعين...

ومنقارُه كسهم.

ركبَ التّلاميذُ مع المعلّمِ على ظهر العنقاء... وطاروا.

الغيومُ حولَهم كندف القطن...

قوسُ قزح كقلادةٍ على صدر السماء... أمّا اللّقالقُ المهاجرةُ فتشبهُ رتلاً من الجنود.

أحسّوا برطوبة البحر... نزلوا.

كانتِ الورقةُ الثانيةُ ذاتُ اللّونِ الأبيض، قد تحوّلتْ إلى زورقٍ بين أصابعِ المعلّم.

ـ هيّا... جَدّفوا بأيديكم، سنسافر إلى الجزيرة.

بدأ التّلاميذ بالتجديف، الأمواجُ تؤرجحُهم... والسّمكاتُ الصغيرة تدغدغ الأصابع المغموسةِ في الماء، وطيورُ النورس تحلّق فوقهم مغنّيةً:

ـ واق... واق، واق... واق.

فيغنّون:

ـ هيلا... هب، هيلا... هب.

يصلُون إلى الجزيرة المحدّبة كظهر سلحفاة، الخضراءِ كشجرةِ جوز.

يستقبلُهم ولدٌ زنجي بضحكةٍ رنّانة، وقفزاتٍ رشيقة.

لقد صنعَه المعلّمُ من الورقة الثالثة السّوداء، إنّه لا يلبَسُ شيئاً، عارٍ تماماً كشجرةِ الشّتاء.

رسمَ المعلّمُ ورقةَ توتٍ بدلاً من السّروال، قال:

ـ الآن. العبوا مع صديقكم ورقة.

ركضَ التّلاميذُ مع ورقة حول الجزيرة، تسلّقوا الأشجارَ، أمسكوا حبالَ الّليف وتأرجحوا مثلَ طرزان، كسروا جوزاتِ الهند التي رمتْها قرودُ الجزيرة، سال ماؤها على أصابعهم، فتلامعتْ.

استمروا باللعب... حتّى غروبِ الشّمس، وعندما بحثوا عن معلّمهم، وجدُوه قد انتهى من ثني الورقةِ الأخيرةِ ذاتِ اللّونِ النّحاسي، محوّلاً إيّاها إلى جرس.

وقبلَ أن يحرّكَ المعلّمُ الجرس بيده، سمع التلاميذُ رنيناً، أفاقوا من أحلامهم، لكنّهم لم يستطيعوا التمييزَ بين رنينِ جرس المدرسة الذي يعلنُ انتهاءَ الحصّة، وبين رنينِ الجرس المصنوعِ من الورق الملوّن، والذي أعلنَ انتهاءَ أجملِ رحلةٍ ورقيّة.

حياة صحن أنا صحنٌ. صُنِعتُ من مادة الميلامين،

/ 14