أمیرة السکر نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أمیرة السکر - نسخه متنی

نجیب کیالی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ـ قررت محكمتنا مايلي: الرياضة تكون في الملاعب لا في الشوارع.

صفَّقَ الآباء بقوة، أما القاضي فقال:

ـ حَكَمنا أيضاً ببراءة دعبولة، لأنها آذتكم بإرادة غيرها، وهي ستبقى ضيفةً عند أحد الآباء يعطيها للأطفال أيامَ الجمعة ليلعبوا بها في الملعب.

وثبتْ دعبولةُ سعيدةً، وتساءلت:

ـ كم مرة يأتي يوم الجمعة في الأسبوع يا سيدي القاضي؟ قال القاضي ضاحكاً:

ـ لا يأتي إلا مرة واحدة.

وثبتْ دعبولة مرة ثانية، وقالت:

أرجوك. اِجعلْهُ يأتي مرتين أو ثلاثاً.

غرق الجميعُ في الضحك، وتمتم القاضي:

ـ لا يمكن... لا يمكن.

سامحك الله يا جدي قبلَ العيد بأيام قليلة مات جدُّ نعيم!

ونعيم ولد يحب اللعب والفرح كثيراً، وأهله يلقبونه (بنعيم الطابة)، لأنه قصير مستدير كالكرة، وهو كثير النط مثلها.

مع وصول الخبر بالهاتف من دمشق إلى إدلب، حدثت أمور كثيرة لم يرتح إليها الولد: بكت أمه، أغلقتْ نوافذَ المنزل، لبست ثياباً سوداء، حتى خصلة شعرها التي يحب حركتها فوق جبينها، ثبتتها بالحبَّاسة، وصل أبوه حزيناً، فقبَّلَ أمه في جبينها وهو يقول:

ـ البقية في حياتك.

وبينما كانت الأم تهيئ حقيبةَ السفر، وصلت عمته لتبقى عنده، وعند أخته أثناء سفر الأبوين إلى دمشق، غادر الوالدان سريعاً، وغرق البيت في الصمت.

جلس نعيم الطابة يفكر: كيف سيدخل العيد إلى البيت والنوافذ والأبواب مغلقة؟ اقترب من عمته، وهي امرأة لا تحب الأسئلة، وسألها بحذر:

ـ ما رأيك يا عمتي أن نفتح النوافذ؟ عَبستِ العمة، فصار أنفها ضخمً كإجاصة، وقالت:

ـ ولماذا نفتحها؟!

نطَّ إلى جانبها الأيمن، وقال:

ـ ليدخل الهواء.

ـ ولماذا يدخل الهواء؟!

نطَّ إلى جانبها الأيسر مجيباً:

ـ لتتنفسي بارتياح يا عمتي.

ـ إذا أردتَ أن أرتاح، فاذهبْ من أمامي حالاً.

ابتعد خائفاً مسرعاً، كأن قدَمَاً قذفتْهُ في ملعب.

في الحقيقة لم يحزن نعيم كثيراً لموت جده، لأنه لا يعرفه جيداً، فالجد يعيش في مدينة بعيدة، وهو قلما يزوره، وفي آخر زيارة، يتذكر أنَّ جده كان يمشي مستنداً إلى عكاز وعنده مفكرة يتسلى بالكتابة فيها، ويخطئ في الإملاء، كما تقول أمه، فبدلاً من (بطاطا) يكتب (بصاصا)، وبدلاً من (زيت) يكتب (ريت)!..

وقف نعيم أمام صورة جده الضاحك في الصالون، قال:

ـ آه. سامحك الله يا جدي.

ظل وجه الجد ضاحكاً وهو يقول:

ـ لماذا؟ أنا لم أفعل شيئاً!

ـ كيف لم تفعل! لم يبق للعيد إلا القليل، وأمي لم تصنع لنا أيَّ نوع من الحلوى!

التلفاز ـ كما ترى ـ مُطفَأ! وكلُّ هذا بسببك، وأكثر ما يغيظني أنهم يقولون: إنك تُحب الفرح كالأطفال!

قهقه الجد، حتى لم يعد قادراً على الكلام، وازداد غيظ نعيم، فتركه مسرعاً.

في الممر أمام الغرفة التي تحوي خزانة الملابس، سمع الولد صوتاً هامساً يناديه:

ـ نعيم... يا نعيم!

تلفَّتَ حائراً، ثم استطاع أن يعرف مصدر الصوت. كان المنادي ثيابَهُ الجديدة المخبأة في الخزانة، وما إنْ فتح الخزانة، ورأته ثيابه حتى قالت بلهفة:

ـ اشتقتُ إليك يا نعيم!

ردَّ نعيم بحزن:

ـ جدي مات!

ـ هذا معناه أنك لن تلبسني في يوم العيد!

ثم أ كملت بغيظ:

ـ جدك مات قبل العيد ليحرمك مني. المسنون يكرهون الثياب الجديدة والفرح. ووافقها الحذاء الجديد المستقر بجانبها:

ـ نعم... نعم، ويبغضون الأحذية الجديدة أيضاً. إنهم لا يحبون إلا كل شيء قديم.

كاد عقل نعيم أن يطير، ونطَّ عدة نطات دون أن يشعر: هل يمكن أن تحرمه أمه حتى من لبسِ ثياب العيد؟! أغلق الخزانة، وأسرع إلى عمته يسألها غير مبالٍ بغضبها، فقالت:

ـ طبعاً لن تلبسها، أقول لك: جدك مات، ألا تفهم؟!

لا يدري نعيم الطابة كيف وصل إلى غرفته! نط نطاً أم طار طيراناً؟ جلس في الزاوية باكياً، ولم يكن في الغرفة إلا أخته الصغيرة سوسن نائمة في سريرها، فاغتاظ منها، قال:

ـ أنتِ لا يهمكِ من الدنيا إلا الحليب والنوم! وأمكِ لا يهمها إلا جدي الذي مات.

/ 10