• عدد المراجعات :
  • 748
  • 8/25/2009
  • تاريخ :

التوفيقية أساس النظام العالمي  

الإمام السيد موسى الصدر

بدأت تظهر  نتيجة للتغيرات الكبرى في أوروبا الشرقية - صراعات فكرية حادة في الفكر الغربي دارت حول موضوعين :

- الموضوع الأول : هل هزمت الماركسية هزيمة ساحقة مما سيجعل الرأسمالية و الليبرالية تحل محلها ؟

- الموضوع الثاني : هل يمكن صياغة نظرية صورية محكمة ( على غرار الماركسية ) للرأسمالية ، تدشن سقوط الشمولية ، و تعلن بداية السيطرة الشاملة للرأسمالية ؟

الموضوع الأول دار فيه الصراع بين فوكوياما و جالبرث ، و الموضوع الثاني دار فيه الصراع بين بيتر برجر و جاك بارزن.

بالنسبة للموضوع الأول ، نشر فوكوياما الياباني الأصل و الأمريكي الجنسية و رئيس دائرة التخطيط بوزارة الخارجية الأمريكية مقالة أثارت كثيراً من الجدل عنوانها "نهاية التاريخ" في مجلة " المصلحة القومية "، استعار فيها بعض أفكار هيجل عن حركة التاريخ ، ليؤكد أن التاريخ قد وصل لنهايته ، بعد انتصار الليبرالية انتصاراً ساحقاً على الشمولية ، و هيمنة النموذج الرأسمالي . و هذه الأفكار هي بذاتها التي يصفها الاقتصادي الأمريكي الشهير جالبرث بالأيديولوجية التبسيطية ، و ذلك في محاضرة ألقاها بجامعة ادنبرة بالمملكة المتحدة بعنوان : " اليمين مخطئ.. لماذا؟ ".

و وجهة نظره أن هذه الإيديولوجية تصور عالماً ثنائي القطبية بنحو صارم ، حيث تقوم الشيوعية في جانب ، و الرأسمالية على الجانب الثاني ، و توجد كلتاهما في صورتها الخالصة. و التصور الذي تقدمه هذه الإيديولوجية أنه بعد سقوط الشيوعية في أوروبا الشرقية ، ستشق هذه البلاد طريقها إلى الرأسمالية ، تصور بعيد عن الواقع لأن المسألة أعقد من هذا بكثير.

أما الموضوع الثاني فقد دار فيه الصراع - و إن كان بشكل غير مباشر - بين عالم الاجتماع الأمريكي بيتر برجر الذي صاغ لأول مرة في تاريخ الفكر الغربي ، نظرية صورية شاملة للرأسمالية في كتابه " الثورة الرأسمالية " الصادر عام 1978، و الذي يرى فيه أن الرأسمالية أصبحت نظرية كونية قابلة للتطبيق في كل مكان بغض النظر عن الفروق الثقافية بين أمم العالم ، لأنها هي التي تضمن الحرية و العدالة و الرخاء ، و بين المؤرخ الأمريكي جاك بارزن و الذي نشر مقالة بالغة الأهمية بعنوان "مقولة الديمقراطية" نفى فيها نفياً قاطعاً وجود نظرية موحدة للديمقراطية التي يربطها نسق فكري واحد. و ذهب أبعد من ذلك حين أكد أن الديمقراطية الأمريكية – مثلها في ذلك مثل الديمقراطية الإنجليزية -لا يمكن تصديرها للخارج ، لأن أهم ما في الديمقراطية ليس مقولاتها التي تقوم عليها أياً كانت ، ولكن في طريقة تطبيقها وفي المؤسسات التي ستقوم على آلية التطبيق ، و هذه مسألة لصيقة بالتاريخ الاجتماعي الفريد لكل مجتمع ، و هي الحاسمة في موضوع الممارسة الديمقراطية.

هذا هو ميدان الصراع الثاني في مرحلة تشكيل النظام العالمي الجديد ، بين الاطلاقية الإيديولوجية و النسبية الفكرية.

ولو حاولنا القراءة المتأملة لمؤشرات التغيرات الثقافية و الإيديولوجية و السياسية و الاقتصادية و العلمية و التكنولوجية يمكن لنا أن نقرر أنه سيظهر نمط سياسي اقتصادي ثقافي توفيقي جديد، سيحاول أن يؤلف تآلفاً خلاقاً بين متغيرات تبدو في الظاهر متناقضة، وستمر هذه المحاولة في مرحلة تتسم بالصراع الحاد العنيف والذي قد يأخذ أحياناً شكل المجابهة العسكرية المحدودة في هوامش النظام وليس في مركزه.

الدكتور السيد يسين ، مستشار مركز الدراسات السياسية و الاستراتيجية


التنمية العربية نحو حضارة عالمية جديدة 

كلمات للجهاد

فندق هوليداي إن

تصريح القذافي لوفد العلماء

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)