مفهوم الزمن فی القرآن الکریم من خلال المنهج و الأسلوب نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مفهوم الزمن فی القرآن الکریم من خلال المنهج و الأسلوب - نسخه متنی

محمد بن موسی باباعمی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

محمد بن موسى باباعمي

محمد بن موسى باباعمي

مفهوم الزمن في القرآن الكريم من خلال المنهج والأسلوب


ـ أولاً: من خلال المنهج

يجمع القرآنالكريم ـ في عرضه لمادة الزمن ـ بين المعاني الدقيقة والأساليب الواضحة، وبين الدلالات العلمية والتعابير الأدبية، فلا يمكن ألبتة الفصل بينها.

فالقرآن الكريم لايفرد لموضوع الزمن سوراً ولا آيات خاصة به، فهو يخالف بالتالي منهج الدراسات المعاصرة التي تؤلف خصيصاً لهذا الموضوع أو ذاك، وتعنون أبوابها وفصولها بعناوين تحمل دلالةزمنية مجردة، تفصل في ثنايا الكتاب تفصيلاً متسلسلاً وملتزماً بصلب ذلك الموضوع.

ولعل السرّ والحكمة في ذلك هو أن القرآن ينفرد عن جميع ما ألف في تاريخ البشرية «بأنهأثر كغيره من الآثار الإلهية، يشاركها في إعجاز الصيغة وهيئة الوضع، وينفرد عنها بأن له مادة من الألفاظ كأنها مفرغة إفراغاً من ذوب تلك المواد كلها، وما نظنه إلا الصورةالروحية للإنسان، إذا كان الإنسان في تركيبته هو الصورة الروحية للعالم كله».

فالزمن يغوص في كل جزئيات الكون، ويحسه كل مخلوق، فيتأثر به ويؤثر فيه، وهو لا ينفصل عنالطبيعة، ولا الكواكب، ولا الأحجار، ولا الأشجار ... ولا عن الذرة، ولا الخلية ... وهو حاضر في كل هؤلاء حضرواً أكيداً.

وهو من جهة أخرى يسري في جميع سور القرآن وآياتهوحروفه، تتذوقه أبسط العقول فهماً، وتتملاه أكبر العقول إدراكاً، وما ذلك إلا للاتساق بين القرآن وبين الكون، شكلاً ومضموناً، فهما من تأليف مؤلف واحد هو الخالق جلَّعلاه، ومن حكمته أن سمّى كلّ واحد منهما آية: (وآية لهم الليل نسلخ منه النهار) سورة يس: 37، (كتاب فصلت آياته) سورة فصلت: 3. فلا يعقل أن يتفقا تأليفاً، ويختلفا تركيبا (ولوكان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً) سورة النساء: 82، ويقول جل وعلا: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيءشهيد) سورة فصلت: 53.

وإذا استعرنا من الدكتور طه جابر العلواني مصطلحاته، فإننا نقول: هما «كتابان تجب قراءتهما: كتاب منزَّل متلو معجز هو القرآن، وكتاب مخلوق مفتوحوهو هذا الخلق والكون بدءا من الانسان، ولابدّ من قراءتهما معاً لتوجد المعرفة الحضارية الكاملة، التي تمكن الانسان منا لقيام بمهام الاستخلاف، وأداء حق الأمانة،والقيام بمقتضيات العمران. والجمعُ بينهما أمر ضروري، إذ بدونه يقع الخلل» فقد انحرف عن الصواب مَن اكتفى بقراءة دون قراءة.

ومن تمام الجمع بين الكتابين التأملُ فيأسلوب التأليف المشترك بينهما، غير أنه «يشيع بين بعض الناس الذين يقرأون القرآن بعقلية نقدية تحليلية، بأن القرآن من الناحية الموضوعية لا يتبع نظاماً محدداً، فيبدووكأنه مركب من عناصر متناثرة، ولكن لابد أن يكون مفهوماً بادئ ذي بدء أن القرآن ليس كتاباً أدبياً وإنما هو حياة ... إن التعليق الوحيد الأصيل على القرآن هو القول بأنهحياة».

وإن الملاحظة الوحيدة الأصيلة التي تساق في التعبير عن أسلوب عرض القرآن لمادة الزمن هو القول: بأنه هو نفسه الأسلوب الذي يغمر الكون والحياة، بعيداً عنالأسلوب المقيد الجاف الذي يستبدّ بعقلية النقَّاد والفلاسفة وذوي الاختصاص.

ثانياً ـ من خلال الأسلوب:

أشار الخطّابي وغيره من البلاغيين القدامى إلى أن القولبإعجاز القرآن في فصاحته وبلاغته وحسن تأليف ألفاظه ... وغير ذلك من مميزات الأسلوب القرآني، لم يكن ليفترق عن القول بإعجازه في معانيه ومضامينه، ومقاصده وأغراضه.

وينبغي أن لا يأخذنا الظن فنقصر إعجاز القرآن في بلاغته متجاهلين مضمونه، فنقع في اللفظية المفرطة التي كثيراً ما أفسدت على القرآن جلاله وجماله، وجنت على مكانته ككتابهدائي حضاري، ولمثل مَن يقف هذا الموقف يقال: «علمك كله لفظ، وروايتك حفظ، وعملك كله رفض».

وإنّ المتتبع لمادة الزمن في القرآن الكريم، لتبهره البلاغة المعجزة التيتعرَّض بها لهذا الموضوع، فلا تخلو المعاني الكونية في هذا المجال من محسنات لفظية، ولا أسلوبية، ولا تعدم الإيقاع الموسيقي، ولا التصوير الفني.

وحتى يتم تصور مادةالزمن في القرآن الكريم تصوراً مؤسساً، ينبغي أن يتنبه الباحث إلى هذا الجانب، ويوليه أهمية كبرى، وإلا فنصف التصور عنده ضائع.

ومما يلاحظ من القرآن وهو يعرض مادةالزمن توظيفه لفنون البلاغة، من ذلك: الجمع والتفريق، والتقديم والتأخير، والتخصيص والتعميم، واللفظ المشترك وغير المشترك، والتغليب، وحياة الألفاظ، والتكرار،والتشبيه، والاستعارة، والكناية، والإيجاز والإطناب، والسجع، والتصوير، والالتفات، والرمز ... وغيرها من فنون البلاغة مما أحصاه المفسرون والبلاغيون، ومما لم يحصوهبعد، ويمكن إعداد بحث مستقل مستفيض وشيِّق في هذا المجال، أما نحن فنكتفي باستعراض نماذج تقرب الفهم، وتكون سنداً لبحثنا، تاركين الغوص لأهل التخصص:

1 ـ تحديدالألفاظ:

يستثير المتأمل في جدول ألفاظ الزمن في القرآن الكريم، التحديد الدقيق لمكان الألفاظ وسياقها، بحيث يرى اللفظ «قاراً في موضعه، لأنه الأليق في النظم، ثملأنه مع ذلك الأوسع في المعنى، ومع ذلك الأقوى في الدلالة ... ».

ففي قوله تعالى: (هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم) سورة الحديد: 3، نجد لفظتي الأولوالآخر.

فكلمة «الأول» هكذا: معرَّفة، مذكَّرة، ومفردة ... لم ترد بهذا المعنى ـ أي اسماً من أسماء الله تعالى ـ إلا في هذه الآية، وكل من المعرفة التي تنفي النكرةوالخفاء، والذكورة التي تنفي الأنوثة والضعف، والإفراد الذي ينفي التعدد والاشتراك ... كل هذا يتفق وصفات الله تعالى، حتى إنه إذا قيل «الأول» ـ في لغة القرآن هكذا مطلقاًـ فإنه ينصرف إلى الله سبحانه وتعالى دون غيره.

وكذلك يقال عن «الآخِر» الذي ورد بمعنى يوم القيامة، ولكنه أسند إلى «اليوم» (واليوم الآخر) سورة التوبة: 19. وأما مطلقاًفيعني اللهَ سبحانه دون غيره.

ويعني بالآخر: «المتأخر عن غيره، لا انتهاء له ... والآخر بالأبدية» وبالأول: «الأول الذي هو بالأزلية».

ومهما بحث الباحث عن لفظينليضعهما في موضع هذين فإن اللغة لن تسعفه، ولن يجد أبلغ ولا أعمق ولا أدق تعبيراً، أو أحسن وزناً من هذين اللفظين «الأول» و «الآخر»، خاصة وأن الآيات بصدد التعرض لموضوعالإحياء والإماتة، وخلق السموات والأرض، فناسب أن ينبه إلى الأولية والآخرية.

2 ـ المقابلة:

عرَّف البلاغيون المقابلة بأنها إيراد الكلام ثم مقابلته بمثله فيالمعنى واللفظ، على وجه الموافقة أو المخالفة، وبهذا المعنى استعمل القرآن الكريم المقابلة كأداة للتعبير عن الزمن في كثير من آياته.

ومن الأمثلة قوله تعالى: (ومنرحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله) القصص: 73، فقد جيء في صدر الآية بضدين هما: الليل والنهار، ثم قابلهما بضدين هما: السكون والحركة على الترتيب«ثم عبر عن الحركة بلفظ مرادف، فاكتسب الكلام بذلك ضرباً من المحاسن زائداً عن المقابلة، ذلك أنه عدل عن لفظ الحركة إلى لفظ ابتغاء الفضل، لكون الحركة تكون لمصلحةولمفسدة، وابتغاء الفضل حركة لمصلحة دون مفسدة».

3 ـ الطباق:

الطباق هو الجمع بين الشيء وضده في كلام واحد، ومن أمثلته في القرآن الكريم: الليل والنهار، الأولوالآخر ...

فقد ورد لفظ «الليل» في القرآن حوالي مائة مرة، وذُكر في جل المواطن مقابلاً «للنهار»، أو أحد أجزائه مثل: «الضحى» و «الإصباح» و «الفجر» و «دلوك الشمس» ...إلا نادراً.

4 ـ الجناس:

من أبلغ أنواع الجناس: الجناس التام، وهو التشابه المطلق لفظاً، والاختلاف معنى، ومن أمثلته عند البلاغيين قوله تعالى: (ويوم تقوم الساعةيقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة) الروم: 55.

فالجناس هنا بين اسمين متماثلين هما «الساعة» و «ساعة»، أما الأول فمعناه القيامة، وأما الثاني فيعني مطلق الوقت.

5 ـالتشبيه:

انفرد القرآن الكريم بكثير من التشبيهات البديعة، منها قوله تعالى: (وجعلنا الليل لباساً) سورة النبأ: 10، فشبَّه الليل باللباس، لأن الليل من شأنه أن يسترالناس بعضهم عن بعض.

6 ـ التصوير الفني:

نحا سيد قطب في دراسته للقرآن الكريم منحى خاصاً، فلم تكن مفردات القرآن ولا تراكيبه وحدها شاغلة له بموسيقاها وتناسقهاوترابطها، «وإنما كان نظره مركزاً في الأداة المفضلة للتعبير في كتاب الله، ولقد وجدها في التصوير» الفني، فألف كتاباً بعنوان: التصوير الفني في القرآن الكريم.

ومنهذا المنطلق البلاغي المعاصر، نجد أن موضوع الزمن في القرآن قد عرض عرضاً فنياً بليغاً، وقد أورد سيد قطب عدة نماذج من هذا التصوير، وتحت عنوان «التخييل الحسِّيوالتجسيم» يذكر ثلاث صور من صور التشخيص التي تأخذ باللبِّ، وتجعل الطبيعة الصامتة أبلغ ناطق، نقتبس منها مشهدين هما:

أ) صورة الليل يسرع في طلب النهار، فلا يستطيع لهدركاً ـ وكأنه شخص واع ذو إرادة وقصد ـ (يُغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً) سورة الأعراف: 54، ويدور الخيال مع هذه الدورة الدائبة، التي لا نهاية لها ولا ابتداء.

وفي هذاكله مستوى من جمال التصوير والتعبير، لا يمكن أن يرقى إليه فن بشري على الإطلاق.

ب) صورة هذا الليل وهو يسري: (والليل إذا يسر) سورة الفجر: 4، فتحس سريانه في هذا الكونالعريض، وتأنس بهذا الساري على هيِّنة واتِّئاد، فهو بالتالي مخلوق حي، وكأنه ساهر يجول في الظلام، أو مسافر يختار السري لرحلته الشاقة المضنية.



* مفهوم الزمن في القرآن الكريم

/ 1