الفهرس الموضوع الصفحة - دور اهل البیت (ع) فی بناء الجماعة الصالحة جلد 2

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

دور اهل البیت (ع) فی بناء الجماعة الصالحة - جلد 2

سید محمد باقر الحکیم

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



الفهرس
الموضوع الصفحة

الباب السادس : نظام العلاقات الاجتماعية العامة 5


الفصل الاول : البناء الفوقي وابعاد النظرية 9


أولاً : بُعد الانفتاح 11


أ ـ مؤشرات إضافية للانفتاح 11


ب ـ الاستثناءات 13


1 ـ اجتناب مواضع التهمة 13


2 ـ الابتعاد عن قرناء السوء 15


3 ـ اجتناب أصحاب المهن المحرّمة 16


4 ـ اجتناب الاختلاط بذوي الامراض المعدية 17


ثانياً : بُعد تقوية البناء الاجتماعي 18


مبادئ أخرى لتقوية البناء الاجتماعي 18


1 ـ عقد الاجتماعات 18


2 ـ النصيحة للمسلمين 19


3 ـ التراحم والتعاطف والتزاور 21


4 ـ إصلاح ذات البين 21


5 ـ الجيران وتقوية البناء الاجتماعي 23


6 ـ الاجراءات الوقائية 23


المشورة حدودها ونتائجها 25


أهمية الشورى 25


1 ـ القوة والاسناد 26


2 ـ التصميم والحزم 27


3 ـ الطريق الافضل لمعرفة الواقع 27


صفات المستشارين 28


واجبات المستشار 31


ثالثاً : بُعد الاخوة والمساواة 31


رابعاً : بُعد مستويات العلاقة 34


أ ـ علاقة المجاملة العامة 34


ب ـ علاقة الصحبة العامة (المكاشرة) 35


ج ـ علاقة الصحبة الخاصة (الثقة) 37


خامساً : بُعد المعاملة الخاصة 38


أ ـ الصلاة على آل الرسول 38 ب ـ الاحسان إلى ذرية الرسول 39


ج ـ الشيوخ 41


د ـ حامل القرآن 41


هـ ـ المؤمن 41


و ـ الجيران 42


الفصل الثاني : البناء الفوقي والقواعد 45


أولاً : الاحكام الشرعية والعرفية 47


الالتزام على مستوى الواجبات 47


الالتزام على مستوى المحرمات 50


ثانياً : ضبط العواطف والانفعالات 53


1 ـ ضبط العواطف والصفات الحميدة 53


أ ـ الصبر على الطاعة والصبر عن المعصية 54


ب ـ العفة 54


ج ـ الحلم 54


د ـ الرفق 55


هـ ـ التواضع 56


و ـ النية الحسنة والسريرة الصالحة 58


2 ـ ضبط العواطف والصفات الذميمة 58


أ ـ حب الرئاسة 58


ب ـ الغضب 59


ج ـ الحسد 60


د ـ الحمية والعصبية 61


هـ ـ الكبر والتيه والاختيال 62


و ـ الطمع والكسل والسفه 63


3 ـ ضبط العواطف والمعاشرة 65


أ ـ حسن الصحبة 65


ب ـ الضحك والمزاح 67


ج ـ الحشمة والاسترسال في الثقة 68


د ـ كراهة المراء والخصومة 69


هـ ـ حفظ اللسان والسكوت إلا عن الخير 69


و ـ كظم الغيظ والصبر على الحسد 71


ثالثاً : العدل والانصاف 73


حرمة الظلم 73


أ ـ رد المظالم 73


ب ـ الهداية بعد الضلال 74


ج ـ معونة الظالم 75


د ـ الرضا بالظلم والسكوت عنه 76


مصاديق لانصاف الناس من النفس 76


أ ـ رد المعروف 76


ب ـ ردّ الحقوق 77


ج ـ الاشتغال بعيبه عن عيوب الناس 78


د ـ القول الحسن في الناس 78


مصاديق للظلم والعدوان 79


أ ـ قتل المسلم وايذاؤه 79


ب ـ إهانة المسلم 80


ج ـ إذلال المؤمن 80


د ـ تعيير المؤمن 81


هـ ـ إحصاء عثرات المؤمن 81


و ـ سبّه والطعن فيه 82


ز ـ اغتيابه 83


ح ـ البهتان 84


ط ـ النميمة 84


ي ـ التهمة 85


نماذج راقية من العدل في العلاقات 85


أ ـ التناجي 85


ب ـ تقسيم اللحظات 86


ج ـ الاعتراض في الحديث 86


رابعاً : حسن الخلق والتودّد الى الناس 87


المؤمن هيّن ليّن 87


خطوات ومراتب التودد والمداراة 88


الزيارة واللقاء 89


الخطوة الاولى : اللقاء بالبشر والسلام 90


1 ـ الابتداء بالسلام 90


2 ـ اللقاء بالبشر 91


3 ـ طيب الكلام 91


الخطوة الثانية : المصافحة والمعانقة والتقبيل والاخبار بالحب 92


1 ـ المصافحة 92


2 ـ المعانقة والتقبيل 93


3 ـ الاخبار بالحب 94


الخطوة الثالثة : آداب المجلس والمحادثة 94


1 ـ آداب الجلوس 94


أ ـ التفسح في المجلس 95


ب ـ الاستقبال والتوديع 95


ج ـ صاحب المنزل أمير 95


د ـ هيئة الجلوس 96


هـ ـ التواضع في الجلوس 96


2 ـ تسميت العاطس 97


3 ـ ادب المحادثة 98


4 ـ ادب الضحك 98


5 ـ قبول الكرامة 99


الخطوة الرابعة : الاحترام والتبجيل 100


أ ـ التعظيم والتوقير 101


ب ـ إكرام المسلم ولاسيما الشريف 101


ج ـ النداء بأحب الاسماء 102


خامساً : المعروف واليد العليا 104


الجانب الاول : ضوابط الاحسان 105


1 ـ الموازنة بين الربح والخسارة 105


2 ـ تعجيل المعروف 106


3 ـ وضع المعروف عند أهله 106


4 ـ تحمل مؤنة المعروف 108


5 ـ شكر النعم والمعروف 109


الجانب الثاني : أداء الحقوق 111


1 ـ الرفق بالرفيق 111


2 ـ قضاء حاجة المؤمن 112


3 ـ تفريج كربة المؤمن 113


4 ـ الستر على المؤمن ورد السوء عنه 113


5 ـ النصيحة للمؤمن 114


الجانب الثالث : التنازل عن الحقوق المستحقة 115


العفو والصفح 116


قبول العذر 117


إنظار المعسر وإبراؤه 118


تحليل الميت والحي من الدين 119


الجانب الرابع : اليد العليا في الاحسان 120


1 ـ المبادرة إلى المعروف 121


أ ـ الانفاق والمعروف 121


ب ـ اطعام الطعام 123


ج ـ القرض للمؤمنين 124


د ـ البرّ بالمؤمنين 125


2 ـ ردّ الاساءة بالاحسان 127


سادساً : القدوة والسلوك المتميز 129


القدوة والعلاقات الاجتماعية 129 الارتباط باللّه تعالى 130


1 ـ اليقين باللّه 131


2 ـ التوكل على اللّه 131


3 ـ حسن الظن باللّه 132


4 ـ حب اللّه 133


5 ـ الرجاء والخوف من اللّه 135


الصفات التي تعبّر عن السلوك المتميز 136


الصبر 136


الزهد 139


القناعة 141


الورع عن المحارم 142


الحياء 144


الصدق واداء الامانة 145


الاستقامة 146


نماذج لصورة القدوة الصالحة 147


الباب السابع : نظام الشعائر والعبادت 153


تمهيد : الشعائر والعبادات ودورها في الاسلام 153


القسم الاول : نظام الشعائر 153


1 ـ الشعائر واهميتها 158


2 ـ العبادات ودورها 160


الملامح المميزة للعبادة في الاسلام 161


اهل البيت والشعائر العامة 164


السنّة النبوية والشعائر المذهبية 166


الفصل الاول : شعائر اهل البيت 173


أ ـ الشعائر الحسينية 174


1 ـ العشرة الاولى من محرم 175


2 ـ محرم وصفر 177


3 ـ المجالس الاسبوعية 178


4 ـ المجالس في شهر رمضان 179


5 ـ المناسبات الخاصة 180


ب ـ إحياء ذكريات المعصومين 181


1 ـ إحياء الوفيات والشهادات 181


2 ـ مواليد المعصومين وأفراحهم 184


ج ـ الزيارة لقبورهم ومقاماتهم 188


مشروعية الزيارة 188


المضمون الثقافي للزيارة 191


1 ـ زيارة قبر النبي(صلى الله عليه وآله) والائمة في البقيع 193


2 ـ زيارات الامام الحسين(عليه السلام) 195


3 ـ زيارات الامام علي(عليه السلام) 198


الزيارات المطلقة والخاصة 200


4 ـ زيارات أئمة اهل البيت(عليهم السلام) 203


ملاحظتان مهمتان 206


5 ـ زيارات أولاد الائمة والصالحين 208


الاوقات العامة للزيارة 209


الزيارات الجامعة 210


الفصل الثاني : الشعائر الاسلامية العامة الايام والليالي 217


منهاج أهل البيت في الايام والليالي 218


1 ـ ليلة القدر 219


وقت ليلة القدر 220


أعمال ليلة القدر 221


2 ـ عيدا الفطر والاضحى 224


3 ـ يوم الجمعة وليلته 224


4 ـ الليالي الاربع 226


أ ـ ليلة الفطر 227


ب ـ ليلة الاضحى 227


ج ـ ليلة أول رجب 228


د ـ ليلة النصف من شعبان 228


5 ـ الايام الاربعة 230


أ ـ يوم المبعث النبوي 230


ب ـ المولد النبوي 231


ج ـ يوم الغدير 231


د ـ يوم دحو الارض 234


6 ـ يوم عاشوراء 235


7 ـ يوم عاشوراء والامويون 236


8 ـ أيام أخرى 238


النظرية 240


الفصل الثالث : المساجد والاماكن المقدسة 245


المسجد ودوره 245


نظرية اهل البيت في الاماكن المقدسة 247


أحكام المساجد 251


1 ـ البيت الحرام والمسجد الحرام ومكة 254


2 ـ مسجد النبي 259


مواقع اخرى مباركة في المسجد 261


3 ـ المساجد في المدينة المنورة 263


4 ـ الكوفة ومساجدها 267


أ ـ المسجد الاعظم في الكوفة 269


ب ـ قبر الامام علي(عليه السلام) ووادي السلام 272


ج ـ مسجد السهلة 274


5 ـ حرم الامام الحسين (الحائر الحسيني) 276


التربة الحسينية 277


استجابة الدعاء تحت قبته 278


التخيير بين القصر والتمام 279


6 ـ مساجد وأماكن أخرى 281


أ ـ بيت المقدس والمسجد الاقصى 281


ب ـ مسجد الخيف 282


ج ـ مسجد براثا 283


د ـ مشهد الامام الرضا 283


هـ ـ قم وقبر فاطمة بنت موسى 284


القسم الثاني : نظام العبادات 287


مقدمة 295


المنهاج العام 291


الفصل الاول : العبادات المؤقتة 295


الاول : العبادات اليومية 297


1 ـ الصلاة اليومية ورواتبها وشؤونها 297


امتيازات اخرى 299


2 ـ التعقيب 304


3 ـ قراءة القرآن 305


4 ـ أوقات الفضيلة في اليوم 306


التطوع بالصلاة وصلاة ساعة الغفلة 307


الثاني : العبادات الاسبوعية 308


1 ـ يوم الجمعة وليلته 308


2 ـ أدعية الايام 309


3 ـ صلوات الايام 309


الثالث : العبادات الشهرية 310


1 ـ صلاة أول الشهر 310


2 ـ صيام ثلاثة أيام من الشهر 310


الرابع : العبادات السنوية 313


منهج الاشهر الثلاثة 314


أ ـ شهر رجب 314


فضيلة شهر رجب 314


اعمال شهر رجب 315


ب ـ شهر شعبان 320


فضيلة شهر شعبان 320


أعمال شهر شعبان 322


ج ـ شهر رمضان 325


فضيلة شهر رمضان 325


أعمال شهر رمضان 329


الصنف الاول : الاعمال المشتركة 329


1 ـ الاعمال المشتركة بين الليالي والايام 330


2 ـ الاعمال الخاصة بالليالي 331


3 ـ الاعمال الخاصة بالاسحار 333


4 ـ الاعمال الخاصة بالايام 334


الصنف الثاني : الاعمال المختصة 335


1 ـ أعمال الليلة الاولى ويومها 336


2 ـ الاعمال الخاصة بالليالي البيض 337


3 ـ أعمال ليالي القدر 337


4 ـ أعمال العشر الاواخر من شهر رمضان والوداع 337


5 ـ أعمال الايام والليالي المخصوصة 338


منهج عبادة الحج والعشر الاوائل من ذي الحجة 340


اقسام الحج 341


اعمال حج التمتع 342


امتيازات الحج 344


خصائص نظرية اهل البيت في الحج 347


1 ـ سعة دائرة الاهتمام 347


2 ـ سعة المضمون العبادي 349


3 ـ زيارة النبي(صلى الله عليه وآله) والائمة والمساجد 349


4 ـ تشخيص الموقف السياسي العام 351


5 ـ لقاء الامام والقيادة الاسلامية 352


6 ـ الحج جهاد الضعفاء 353


منهاج اعمال موسم الحج 356


الاول : الاعمال المقرونة بأعمال الحج 356


الثاني : اعمال ليلة ويوم عرفة 360


اعمال ليلة عرفة 361


اعمال يوم عرفة 361


الثالث : اعمال العشر الاوائل من ذي الحجة 362


الرابع : اعمال ايام التشريق 363


الفصل الثاني : العبادات غير المؤقتة 367


أولاً : الصلاة 368


الصلاة المستحبة غير المؤقتة 369


1 ـ صلاة التطوع 370


2 ـ صلاة المعصومين 372


أ ـ صلاة النبي 372


ب ـ صلاة علي 372


ج ـ صلاة فاطمة الزهراء 373


3 ـ صلاة جعفر 373


4 ـ صلوات الحاجة 375


صلوات اخرى لحاجات خاصة 377


5 ـ الاستخارة وصلاتها 377


6 ـ صلاة الهدية 379


أ ـ صلاة ليلة الدفن 380


ب ـ صلاة الولد لوالديه 381


ثانياً : الصوم 382


الصوم الواجب 382


الصوم المندوب 383


ملاحظات في الصوم المستحب 385


ثالثاً : الدعاء 386


اسباب اجابة الدعاء 387


اسباب اخرى للاجابة 390


اماكن الدعاء 391


احوال الداعي 392


اشخاص لا يستجاب دعاؤهم 392


تعليمات خاصة في الدعاء 393


الاول : الدعاء على الاعداء 394


الثاني : المباهلة 395


الثالث : التنبيه على مواطن الاشتباه في الدعاء 397


الرابع : افضل الدعاء ما جرى على اللسان 398


النظرية في الدعاء 399


الدعاء بالمأثور 402


رابعاً : الذكر 405


اقسام الذكر 407


الاول الذكر بالمعنى الخاص 407


1 ـ البسملة 408


البسملة شعار الجماعة الصالحة 408


2 ـ الاستعاذة 409


3 ـ التهليل 410


4 ـ الحمد للّه 411


5 ـ التسبيح للّه 412


6 ـ التكبير للّه 413


7 ـ الحوقلة 414


8 ـ المشيئة 414


9 ـ الاسترجاع 414


الثاني : الاستغفار 415


حد الاستغفار 418


المبادرة إلى الاستغفار 419


الثالث الصلاة على محمد وآله 422


فوائد الصلاة على محمد وآله 423


كيفية الصلاة على النبي وآله 424


مواضع الصلاة على النبي وآله 425


النظرية ومواقع الذكر 427


مواقع الذكر 428


النظرية 431


بعض آثار الذكر الاخرى وآدابه 432


خامساً : الجهاد 433


اهمية الجهاد وفضله 435


اقسام الجهاد 439


1 ـ انواع الجهاد 439


2 ـ بعض احكام الجهاد 440


3 ـ موارد الجهاد 444


المرابطة في الثغور الاسلامية 447


نظرية الجهاد 447


فهرس الايات القرآنية الكريمة 451


فهرس الاحاديث الشريفة 465


ب ـ شهر شعبان


فضيلة شهر شعبان

لقد وردت روايات متظافرة عديدة في فضل شهر شعبان والعبادة فيه ، فهو شهر منسوب إلى رسول اللّه ، وكان يلتزم بصيامه ـ كما اشرنا ـ ويحث الناس على هذه السنّة فيه ، ووصل صيامه بصيام شهر رمضان . وقد ذكر العلامة القمي خلاصته لبعض هذه الروايات الشريفة : ورويعنالصادق(عليه السلام)أنه قال : كان السجاد علي بن الحسين(عليه السلام)إذا دخل شعبانجمع أصحابه وقال(عليه السلام) : يا أصحابي، أتدرون ما هذا الشهر ؟ هذا شهر شعبان، وكان النبي(صلى الله عليه وآله)يقول : شعبان شهري فصوموا هذا الشهر حباً لنبيكم وتقرباًإلى ربكم . أقسم بمن نفسي بيده لقد سمعت أبي الحسين(عليه السلام) يقول : سمعتأمير المؤمنين(عليه السلام)يقول : من صام شعبان حباً لرسول اللّه(صلى الله عليه وآله) وتقرباً إلىاللّهأحبه اللّه وقربه إلى كرامته يوم القيامة ، وأوجب له الجنّة([766]).وفي رواية أخرى للشيخ الطوسي عن صفوان الجمال قال : قالليالصادق(عليه السلام) : حثّ من في ناحيتك على صوم شعبان . فقلت : جعلتفداك، ترى فيه شيئاً ؟ فقال : نعم ، إن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) كان إذا رأىهلالشعبان أمر منادياً ينادي في المدينة : يا أهل يثرب ، إني رسول رسولاللّه(صلى الله عليه وآله)إليكم : ألا إن شعبان شهري فرحم اللّه من أعانني على شهري . ثمقال : إن أمير المؤمنين(عليه السلام) كان يقول : ما فاتني صوم شعبان منذ سمعتمناديرسول اللّه(صلى الله عليه وآله)ينادي في شعبان ، ولن يفوتني أيام حياتيصومشعبان إن شاء اللّه . ثم كان يقول(عليه السلام) : صوم شهرين متتابعين توبة مناللّه([767]).وروى إسماعيل بن عبد الخالق قال : كنت عند الصادق(عليه السلام)فجرى ذكر صوم شعبان ، فقال الصادق : إن في فضل شعبان كذا وكذا ، حتى إن الرجل ليرتكب الدم الحرام فيغفر له([768]).روى الكليني بسند معتبر عن الحلبي قال : سألت أبا عبد اللّه(عليه السلام) : هل صام أحد من آبائك شعبان قط ؟ قال : صامه خير آبائي رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) .


وفي رواية أخرى للكليني بسند معتبر عن أبي عبد اللّه(عليه السلام)قال : كن نساء النبي(صلى الله عليه وآله) إذا كان عليهن صيام أخّرن ذلك إلى شعبان كراهة أن يمنعن رسولاللّه(صلى الله عليه وآله) حاجته ، فإذا كان شعبان صمن وصام معهن رسول اللّه . وكان رسولاللّه(صلى الله عليه وآله) يقول : شعبان شهري([769]).كما روى الصدوق في الفقيه بسند معتبر عن بعض العلماء وغيره بأسانيد متعددة عن أبي جعفر الباقر(عليه السلام)قال : من صام شعبان كان له طهوراً من كل ذلة ووصمة وبادرة . قال أبو حمزة : فقلت لابي جعفر(عليه السلام): ما الوصمة ؟ قال : اليمين في المعصية والنذر في المعصية . قلت : فما البادرة ؟ قال : اليمين عند الغضب والتوبة منها الندم عليها([770]).وقد روى الصدوق في ثواب الاعمال بسند معتبر عن إسماعيل بن زيادعن أبي عبد اللّه قال : قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) : شعبان شهري ، ورمضان شهراللّه وهو ربيع الفقراء . وإنما جعل الاضحى ليشبع مساكينكم من اللحم فأطعموهم([771]).كما ورد في صومه أنه سبب لشفاعة رسول اللّه في يوم القيامة([772]) ، وأن إكثار الصوم فيه سبب لاصلاح المعيشة والوقاية من شر الاعداء ودخول الجنة([773]).أعمال شهر شعبان


وقد قسم العلامة القمي ـ كعادته ـ أعمال شهر شعبان إلى قسمين :


القسم الاول : الاعمال العامة التي تؤدى في مختلف أيام الشهر ، والثاني : الاعمال الخاصة بأيام أو ليال خاصة من الشهر .


أما أعمال القسم الاول فيمكن تلخيصها في أمور :


الاول : الصيام ، وهو أهمها وآكدها ، ويكاد أن يتميز به هذا الشهر ، كما فهمناه من الروايات السابقة المتظافرة والصحيحة .


الثاني : الذكر للّه تعالى ولا سيما الاستغفار ، فقد ورد في عدة روايات الحث على الاستغفار سبعين مرة في كل يوم ; لان فيه ثواباً عظيماً إذ يحشر يوم القيامة في زمرة رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) ، وتجب له الكرامة من اللّه تعالى ، وتكتب له البراءة من النار والجواز على الصراط للجنة وحلول دار القرار ، ويغفر اللّه له ذنوبه ولو كانت بعدد النجوم ، وورد أن الاستغفار فيه سبعين مرة مثل الاستغفار في سائر الشهور سبعين ألف مرة ، وصيغته استغفر اللّه واسأله التوبة أو أستغفر اللّه الذي لا إله إلاّ هو الرحمن الرحيم الحي القيوم واتوبإليه([774]).ومن الاذكار المروية مرسلة عن النبي(صلى الله عليه وآله) ـ كما في الاقبال ـ : لا إله إلاّ اللّه ولا نعبد إلاّ إياه مخلصين له الدين ولو كره المشركون يقولها ألف مرة في شعبان ، فإن فيها ثواباً جزيلاً([775]).الثالث : الصدقة على الفقراء والمحتاجين كما أشير إليه في الروايات السابقة من أن شعبان ربيع الفقراء . وقد جاء التأكيد لذلك في عدة روايات ، وأن من تصدق بصدقة في شعبان رباها اللّه جل وعزّ له كما يربي أحدكم فصيله ، حتى يوافي يوم القيامة وقد صارت مثل أحد([776]) ، كما أن التصدق فيه ولو بشق تمرة يوجب تحريم جسد الانسان على النار([777]).الرابع : الصلاة على رسول اللّه وآله والاكثار منها .


وقد روى احمد بن عيسى في (نوادره) بسند معتبر عن أبي عبد اللّه الصادق(عليه السلام) قال : قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) : رجب شهر الاستغفار لامتي . اكثروا فيه من الاستغفار ، فإنه غفور رحيم ]إلى أن قال [ وأكثروا في شعبان من الصلوات على نبيكم ]ثم قال [: وإنما سمي شعبان شهر الشفاعة لان رسولكم يشفع لكل من يصلّي عليه فيه([778]) الحديث .


وقد ورد في بعض الروايات صيغة رائعة من الصلاة على رسول اللّه وأهل بيته ، مع دعاء جميل للّه تعالى يتوسل فيه الانسان برسول اللّه في شعبان([779]).الخامس : الدعاء والمناجاة للّه تعالى ، ولم تذكر نصوص خاصة في هذا الموضوع ، إلاّ انه عرفت في هذا المجال المناجاة التي رواها ابن خالويه وذكر أنها مناجاة أمير المؤمنين والائمة من ولده ، وهي مناجاة رائعة وذات مضامين عرفانية عالية([780]).القسم الثاني : وهو الاعمال الخاصة بالاوقات من الليالي والايام ، فيبدو من خلال كتب الزيارة والاعمال وكذلك ما يستفاد من بعض النصوص أن هناك أوقاتاً خمسة جاء الاهتمام بها خاصة .


الاول : هو اليوم الاول من شعبان وليلته . حيث جاء تأكيد صيامه، وذكر السيد ابن طاووس في الاقبال صلاة لليلته بل لليالي الاولى الثلاث منه .


الثاني : يوم الخميس من الشهر الذي ذكر فيه الصلاة بركعتين يقرأ فيها فاتحة الكتاب مرة والتوحيد مئة مرة ، ويعقب بعدهما بالصلاة على النبي وآله مئة مرة ليقضى له كل حاجة من أمور دينه ودنياه .


الثالث : اليوم الثالث من شعبان الذي هو يوم مولد الامام الحسين(عليه السلام)، فقد ورد فيه ـ كما ذكر الشيخ الطوسي في المصباح ـ عن الامام العسكري(عليه السلام) أنه يستحب صيامه والدعاء فيه بدعاء للّه تعالى خاص فيه توسل باللّه بحق الحسين والائمة من ولده(عليهم السلام) ، وهو دعاء يتضمن مضامين عالية ويعبر عن الولاء للحسين والائمة من ولده(عليهم السلام) ، والالتزام بنهجهم .


وكذلك ورد فيه عن الصادق(عليه السلام) الدعاء بما دعا به الامام الحسين(عليه السلام)يوم عاشوراء عندما رأى كثرة أعدائه([781]).الرابع : ليلة النصف من شعبان ، وقد تقدم الحديث عنها في الشعائر عندما تناولنا الايام والليالي .


الخامس : الايام الاخيرة من الشهر ومنها آخر ليلة فيه ، حيث ورد عن الرضا(عليه السلام) أنه قال : من صام ثلاثة أيام من آخر شعبان ووصلها بشهر رمضان كتب اللّه تعالى له صيام شهرين متتابعين .


وعن أبي الصلت الهروي قال : دخلت على الامام الرضا(عليه السلام)في آخر جمعة من شعبان فقال لي : يا أبا الصلت ، إن شعبان قد مضى أكثره ، وهذا آخر جمعة فيه فتدارك فيما بقي تقصيرك فيما مضى منه ، وعليك بالاقبال على ما يعنيك، وأكثر من الدعاء والاستغفار وتلاوة القرآن وتب إلى اللّه من ذنوبك ; ليقبل شهر رمضان إليك وأنت مخلص للّه عزوجل ، ولا تدعنّ أمانة في عنقك إلاّ أديتها ، ولا في قلبك حقداً على مؤمن إلاّ نزعته ، ولا ذنباً أنت مرتكبه إلاّ أقلعت عنه ، واتق اللّه وتوكل عليه في سر أمرك وعلانيتك ، ومن يتوكل على اللّه فهو حسبه إن اللّه بالغ أمره قد جعل اللّه لكل شيء قدراً ، واكثر من أن تقول فيما بقي من هذا الشهر : اللّهم إن لم تكن غفرت لنا فيما مضى من شعبان فاغفر لنا فيما بقي منه ، فإن اللّه تبارك وتعالى يعتق في هذا الشهر رقاباً من النار لحرمة هذا الشهر([782]).كما ورد عن الصادق(عليه السلام) دعاء يدعى به في آخر ليلة من شعبان وأول ليلة من رمضان([783]).ج ـ شهر رمضان


فضيلة شهر رمضان


يعتبر شهر رمضان أفضل شهور السنة على الاطلاق كما نصت على ذلك الروايات العديدة ، كما سيأتي .


وقد عللت هذه الافضلية ـ في القرآن الكريم ـ بنزول القرآن فيه : (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدىً للناس وبينات من الهدى والفرقان)، ووجود ليلة القدر فيه التي هي خير من ألف شهر ، كما أنها ليلة مباركة يفرق فيها كل أمر حكيم .


والظاهر أنه لاجل ذلك فرض اللّه تعالى هذا الواجب الاسلامي المهم ـ وهو الصوم ـ فيه لفضله وعلو شأنه وزيادة في الاهتمام به ، فهو شهر الصيام والصبر والقيام لوجود النوافل الكثيرة فيه ، وهو شهر الاعتكاف بالمسجد وهو شهر القرآن الكريم وتعلّم الاسلام والشريعة ، وشهر الدعاء والمناجاة وشهر الذكر وشهر الصدقة والانفاق وشهر جهاد النفس وجهاد العدو، وشهر التوبة وشهر المغفرة والرحمة وشهر العتق من النار والفوز بالجنّة .


ولعل من أروع النصوص التي جاءت تتحدث عن شهر رمضان وفضله خطبة رسول اللّه التي خطبها في آخر جمعة من شعبان ليعرَّف فيها بشهر رمضان، فقد رواها الصدوق(رحمه الله) في كتابيه الامالي والعيون بسند معتبر عن الامام الرضا(عليه السلام) في السلسلة الذهبية عن أبيه الامام موسى بن جعفر عن أبيه الامام جعفر بن محمد عن أبيه الامام محمد بن علي عن أبيه الامام علي بن الحسين عن أبيه الامام الحسين بن علي سيد الشهداء عن أبيه الامام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله)وعلى جميع الائمة الطاهرين وسلم تسليماً كثيراً قال : إن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله)خطبنا ذات يوم فقال : أيها الناس ، إنه قد أقبل إليكم شهر اللّه بالبركة والرحمة والمغفرة ، شهر هو عند اللّه أفضل الشهور ، وأيامه أفضل الايام ، ولياليه أفضل الليالي ، وساعاته أفضل الساعات ، هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة اللّه ، وجعلتم فيه من أهل كرامة اللّه . أنفاسكم فيه تسبيح ، ونومكم فيه عبادة ، وعملكم فيه مقبول ، ودعاؤكم فيه مستجاب ، فاسألوا اللّه ربكم بنيات صادقة ، وقلوب طاهرة ، أن يوفقكم لصيامه وتلاوة كتابه ، فإن الشقي من حرم غفران اللّه في هذا الشهر العظيم .


واذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه ، وتصدّقوا على فقرائكم ومساكينكم ، ووقّروا كباركم ، وارحموا صغاركم ، وصلوا أرحامكم ، واحفظوا ألسنتكم ; وغضّوا عمّا لا يحل النظر إليه أبصاركم ، وعما لا يحل الاستماع إليه أسماعكم ، وتحننوا على أيتام الناس يتحنّن على أيتامكم ، وتوبوا إلى اللّه من ذنوبكم ، وارفعوا إليه أيديكم بالدّعاء في أوقات صلاتكم ، فإنها أفضل الساعات ، ينظر اللّه عزوجل فيها بالرحمة إلى عباده ، يجيبهم إذا ناجوه ، ويلبيهم إذا نادوه ، ويعطيهم إذا سألوه ، ويستجيب لهم إذا دعوه .


أيها الناس ، إن أنفسكم مرهونة بأعمالكم ففكوها باستغفاركم ، وظهوركم ثقيلة من أوزاركم فخفّفوا عنها بطول سجودكم ، واعلموا أن اللّه أقسم بعزته ألاّ يعذّب المصلين والسّاجدين ، وألاّ يروعهم بالنار يوم يقوم الناس لرب العالمين .


أيها الناس ، من فطّر منكم صائماً مؤمناً في هذا الشهر كان له بذلك عند اللّه عتق نسمة ومغفرة لما مضى من ذنوبه . قيل : يا رسول اللّه ، فليس كلنا نقدر على ذلك . فقال(صلى الله عليه وآله) : اتقوا النار ولو بشق تمرة ، اتقوا النار ولو بشربة من ماء. أيها الناس ، من حسن منكم في هذا الشهر خلقه كان له جوازاً على الصراط يوم تزل فيه الاقدام ، ومن خفّف في هذا الشهر عما ملكت يمينه خفف اللّه عليه حسابه ، ومن كفّ فيه شرّه كفّ اللّه عنه غضبه يوم يلقاه ; ومن أكرم فيه يتيماً أكرمه اللّه يوم يلقاه، ومن وصل فيه رحمه وصله اللّه برحمته يوم يلقاه ، ومن قطع فيه رحمه قطع اللّه عنه رحمته يوم يلقاه ، ومن تطوّع فيه بصلاة كتب اللّه له براءة من النّار ، ومن أدّى فيه فرضاً كان له ثواب من أدّى سبعين فريضة فيما سواه من الشهور ، ومن أكثر فيه من الصلاة عليّ ثقّل اللّه ميزانه يوم تخفّ الموازين ، ومن تلا فيه آية من القرآن كان له مثل أجر من ختم القرآن في غيره من الشهور .


أيها الناس إن ابواب الجنان في هذا الشهر مفتّحة ، فاسألوا ربكم ألاّ يغلقها عنكم ، وأبواب النيران مغلقة فاسألوا ربكم ألاّ يفتحها عليكم ، والشياطين مغلولة فاسألوا ربكم ألاّ يسلطها عليكم .


قال أمير المؤمنين(عليه السلام) : فقمت فقلت : يا رسول اللّه ، ما أفضل الاعمال في هذا الشهر ؟ فقال : يا أبا الحسن، أفضل الاعمال في هذا الشهر الورع عن محارم اللّه([784]) الحديث .


والحديث عن فضل شهر رمضان حديث واسع لما يحظى به من أهمية خاصة ، وما ورد فيه من النصوص الكثيرة ، ولكن الشيء المهم الذي أكده النبي(صلى الله عليه وآله) في خطبته والائمة الاطهار عليهم الصلاة والسلامهو :


أولاً : الاستفادة من هذا الشهر الشريف والموسم العظيم الذي تتحول فيه الاوقات والاعمال إلى أوقات وأعمال ذات مداليل خاصة واسعة في الكم والكيف ، وتتضاعف فيه السيئات والحسنات ، وتتهيأ فيه الفرصة لان يتحول كل عمل للانسان إلى عمل صالح وإلى أعلى درجات الصلاح .


ثانيا : أن الصوم فيه لا يعني الامساك عن الطعام والشرب فحسب، بل الورع المطلق عن كل المحارم والسيئات والابتعاد عن كل العيوب والنواقص .


ثالثاً : التنوع في العبادة والممارسة العملية التي تقرّب الانسان من اللّه تعالى ، بحيث يكون شاملاً لكل أنواع العبادة بدون استثناء ، كما سوف نلاحظ ذلك في استعراض العبادات والاعمال في هذا الشهر .


رابعاً : وضع منهاج عملي مفصل وشامل لتكثيف وتصعيد الممارسة العبادية بحيث يشمل كل الاوقات والازمنة في هذا الشهر .


خامساً : وهو ما ذكرناه في ليلة القدر في بحث الايام والليالي ، من اتخاذ القرارات المصيرية بشأن الانسان من قبل اللّه تعالى في هذا الشهر ولا سيما في ليلة القدر ، الامر الذي يراد منه نزول الرحمة الالهية بشأن هذا الانسان .


سادساً : التعبئة الروحية والمعنوية والاخلاقية بحيث يكون الانسان مؤهلاً لاستئناف العمل الجديد بعد عيد الفطر من موقع اعلى ودرجة اكمل .


ومن الملاحظ أيضاً أن الاهتمام بهذا الشهر الشريف مما يجمع عليه جميع المسلمين ، بحيث تحول في مجموعه إلى شعار يتميز به المسلمون عن غيرهم ، سواء في الشكل أو المضمون الفريد الذي لا يشبههم فيه أحد من الامم والجماعات .


ولكن المنهاج الذي وضعه أهل البيت(عليهم السلام) يبقى ـ مع كل ذلك ـ منهاجاً متميزاً عن سائر ما يعرفه المسلمون في خصائصه وتفاصيله ، كما سوف نتبين ذلك إن شاء اللّه .


أعمال شهر رمضان


يمكن تقسيم أعمال شهر رمضان إلى صنفين رئيسين ، وسوف نحاول الاقتصار على عناوينها مع الاشارة إلى مضمونها ، ونترك التفاصيل لكثرتها إلى مراجعة كتب الدعاء والاعمال ومنها مفاتيح الجنان .


الصنف الاول : الاعمال المشتركة .


الصنف الثاني : الاعمال المخصوصة بوقت أو يوم وليلة .


الصنف الاول : الاعمال المشتركة


توجد في الصنف الاول عدة أقسام :


القسم الاول : الاعمال المشتركة بين الليالي والايام .


القسم الثاني : الاعمال المشتركة لاول الليالي .


القسم الثالث : الاعمال المشتركة لوقت السحر من الليالي .


القسم الرابع : الاعمال المشتركة بين الايام والنهار .


1 ـ الاعمال المشتركة بين الليالي والايام


أما القسم الاول وهو الاعمال المشتركة فقد ذكر أصحاب كتب الاعمال والدعاء عدة أمور ، منها :


الاول : الدعاء بعد الفريضة أو في كل وقت ، فقد ذكر العلاّمة القمي في مفاتيح الجنان أربعة نصوص للادعية بعد الفرائض ، ثلاثة منها بعد الفريضة ، والرابع في كل وقت وهو الدعاء المعروف بدعاء الحج([785]) ، وهي أدعية ذات مضامين عالية تشتمل على طلب التوفيق للحج وليلة القدر والعتق من النار ودخول الجنة وتوسعة الرزق . والاهتمام بحل مشاكل المسلمين وتحقيق مصالحهم([786]).وقد روى الكليني والصدوق بسند معتبر دعاءً آخر فيه تفصيل([787]).الثاني : قراءة القرآن وتلاوته والاكثار من ذلك والتدبر فيه ، فقد ورد في بعض الروايات أن الانسان يحسن به أن يختم القرآن في الشهر مرة في سائر الشهور والايام ، وأما في شهر رمضان فالافضل أن يختمه مرة واحدة في كل ثلاثة أيام([788]) . وقد ورد في الكافي بطريق معتبر عن أبي الحسن موسى(عليه السلام)استحباب ختمه في كل يوم وليلة مرة أو أكثر ، وذكر الثواب الجزيل في إهداء الختمة إلى رسول اللّه والائمة(عليهم السلام) من بعده ، إذ يكون جزاؤه هو أن يحشر معهم في يوم القيامة([789]).الثالث : الذكر كالاستغفار والتسبيح والتهليل والتكبير ، فقد روي أن الامام زين العابدين(عليه السلام) كان إذا دخل شهر رمضان لا يتكلم إلاّ بالدعاء والتسبيح والاستغفار والتكبير([790]).الرابع : الصلاة حيث أعدّ في هذا الشهر منهاج للنوافل في الليالي والايام يحسن بالانسان أداؤه قدر الامكان .


2 ـ الاعمال الخاصة بالليالي


وأما القسم الثاني وهو الاعمال المشتركة لاول الليالي فقد ذكر أصحاب كتب الاعمال والدعاء أموراً :


الاول : الافطار وهو تناول الطعام ، والشراب بعد انتهاء النهار ، ويستحب تأخيره عن صلاة العشاء ، وله مستحبات مثل الافطار على التمر أو الرطب أو الحلواء ، كما أنه يستحب الدعاء عنده مثل قوله : اللّهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت وعليك توكلت أو غيره من الادعية .


وكذلك أن يقول عند أول لقمة : بسم اللّه الرحمن الرحيم يا واسع المغفرة اغفر لي ، فإن في مثل هذه الاعمال أجراً عظيماً كالمغفرة ، أو أجر صيام من صام في ذلك اليوم .


وكذلك قراءة سورة القدر عند الافطار([791]).الثاني : الصدقة عند الافطار ولا سيما بما يفطّر به الصائمين ولو بعدد من التمر أو شربة من الماء حسب القدرة والاستطاعة واليسر . ولهذا العمل أجر عظيم حيث يكون له أجر ذلك الصائم دون نقصان أجره وأجر ما عمله من خير بقوة ذلك الطعام ، أو أجر عتق ثلاثين رقبة وتكون دعوته مستجابة([792]).الثالث : قراءة سورة معينة من القرآن مثل القدر ألف مرة أو الدخان مئة مرة كل ليلة إن تيسر ذلك([793]).الرابع : الدعاء ، وأهم صيغه المعروفة هو دعاء الافتتاح الذي يحتوي على مضامين عالية وعلى صلاة على النبي وآله وعلى دعاء خاص للامام الحجة المهدي المنتظر وعلى تعبئة روحية وجهادية عالية .


وقد ذكر العلاّمة القمي نصوصاً ثلاثة أخرى من الدعاء لكل ليلة([794]).الخامس : الصلاة ، حيث يستحب له أن يصلي ألف ركعة في جميع ليالي شهر رمضان يقسمها على لياليه ، وتسمى بنوافل شهر رمضان ، وتوجد في تقسيمها صيغ عديدة اختار العلاّمة القمي منها هذه الصيغة التي اختارها قبله الشيخ المفيد(قدس سره) ، ونسبها أيضاً إلى المشهور ، وهي أن يُصلى عشرون ركعة في كل ليلة من الليالي العشر الاولى والثانية ، يسلَّم بعد كل ركعتين ويؤتى بثمانية ركعات منها بعد صلاة المغرب والباقي بعد صلاة العشاء ، ويؤتى بثلاثين ركعة على النحو السابق في كل ليلة من الليالي العشر الاواخر فيكون المجموع سبعمئة ركعة ، ويأتي في كل من الليلة التاسعة عشرة والحادية والعشرين والثالثة والعشرين بمئة ركعة مضافاً إلى ما سبق ، فيكون المجموع ألفاً من الركعات .


كما يستحب أن يأتي في كل ليلة بصلاة ركعتين بالحمد مرة والتوحيدثلاث مرات ثم يقول بعد السلام : سبحان من هو حفيظ لايغفل ، سبحان من هو رحيم لا يعجل ، سبحان من هو قائم لا يسهو، سبحان من هودائم لا يلهو ثم يأتي بالتسبيحات الاربع سبع مرات ثم يقول : سبحانك سبحانك سبحانك . يا عظيم اغفر لي الذنب العظيم ثم يصلي على النبي وآله عشر مرات .


فقد ذكر الكفعمي في هامش كتابه البلد الامين أنه من اتى بهذه الصلاة غفر اللّه له سبعين ألف سيئة([795]).3 ـ الاعمال الخاصة بالاسحار


وأما القسم الثالث وهو الاعمال المشتركة لوقت الاسحار من الليالي ، فقد ذكر الشيخ الطوسي وغيره من أصحاب كتب الدعاء والاعمال عدةأمور :


الاول : تناول السحور ولو شيئاً قليلاً من الطعام أو الشراب ، وأفضله السويق والتمر ، وله آداب منها قراءة سورة القدر عنده .


الثاني : الدعاء والمناجاة للّه تعالى ، وهما أهم أعمال هذا الوقت ، وقد ذكرت مجموعة من الادعية المهمة يأتي في مقدمتها دعاء (البهاء) الذي يشتمل على الدعاء بتمجيد اللّه تعالى والتوسل به بصفاته ، وهو دعاء مروي عن الامام الرضا(عليه السلام) حيث ذكر أنه دعاءجده الامام الباقر(عليه السلام) . وقد ورد بشأنه أنه يستجاب في قضاءالحاجات .


وكذلك الدعاء الرائق العظيم الفريد الذي رواه أبو حمزة الثمالي والمعروف باسمه ، والذي قال فيه إن الامام زين العابدين كان يصلي عامة الليل في شهر رمضان ، فإذا كان السحر دعا بهذا الدعاء : الهي لا تؤدبني بعقوبتك ولا تمكر بي في حيلتك إلى آخر الدعاء ، وهو من الادعية الطويلة المتينة القوية في بيانها وإنشائها ، والعالية في مضامينها والمتنوعة في أساليبها والمتعددة في فصولها . وله دور عظيم في التربية والبناء الروحي وفي تقوية العلاقة باللّه تعالى وتعليم مناجاته والثناء عليه وتمجيده .


ويمثل هذا الدعاء وما يقاربه أو يشابهه امتيازاً لمدرسة أهل البيت(عليهم السلام) ، وتأكيداً لعلمهم وإمامتهم ودورهم في الحياة الاسلامية ، وتوضيحاً لمنهجهم في بناء الجماعة الصالحة والاهداف السامية لهذا البناء ، ومنها إيجاد هذه الجماعة المتكاملة في جانبها الروحي والمعنوي .


ومضافاً إلى هذين الدعاءين وردت أدعية أخرى يمكن الاطلاع عليها من خلال مراجعة مفاتيح الجنان([796]).4 ـ الاعمال الخاصة بالايام


وأما القسم الرابع وهو الاعمال المشتركة بين أيام شهر رمضان ، فقد ذكر أصحاب كتب الدعاء والاعمال عدة أمور أيضاً :


الاول : الدعاء ، حيث وردت مجموعة من نصوص وصيغ دُعائية في أيام شهر رمضان ، أهمها ما ذكره الشيخ الطوسي في المصباح والسيد ابن طاووس الذي أوله : اللّهم هذا شهر رمضان الذي أنزلت فيه القرآن([797]).وكذلك ذكر دعاءً آخر تشبه مقدمته دعاء البهاء ، ويتضمن بعد ذلك الصلاة على النبي(صلى الله عليه وآله) وعلى أهل بيته والانبياء والملائكة ، ثم الدعاء لرسول اللّه(صلى الله عليه وآله) والثناء عليه([798]).الثاني : الذكر للّه تعالى وتمجيده وتعداد أسمائه ، وقد ذكر نصاً يشتمل على عشر فقرات من التسبيحات في كل فقرة عشر تسبيحات تتناول شرح سمع اللّه وبصره وخلقه وعلمه وملكه وغير ذلك([799]).الثالث : الصلاة والسلام على النبي وآله ، وقد ذكر كل من الشيخ الطوسي والسيد ابن طاووس نصاً رائعاً في الصلاة والسلام والثناء والمدح لرسول اللّه وآله المعصومين(عليهم السلام) ، يبدأ بقوله تعالى : (إن اللّه وملائكته يصلّون على النبي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلّموا تسليماً)لبيك يا رب العالمين ... ([800]).الصنف الثاني : الاعمال المختصة


الصنف الثاني : الاعمال المختصة بليال وأيام معينة .


وينقسم إلى عدة أقسام أيضاً :


القسم الاول : الاعمال الخاصة باستقبال شهر رمضان .


القسم الثاني : الاعمال الخاصة بالليالي البيض .


القسم الثالث : أعمال ليالي القدر .


القسم الرابع : أعمال العشر الاواخر من شهر رمضان والوداع .


القسم الخامس : أعمال الايام المخصوصة .


1 ـ أعمال الليلة الاولى ويومها


لقد أعار الاسلام وأهل البيت الكرام(عليهم السلام) الليلة الاولى لشهر رمضان عناية خاصة ، وكذلك الحال في اليوم الاول . ويتجسد ذلك في عدة أمور :


الاول : استهلال الشهر واستقباله ، حيث نجد الروايات متظافرة على أن النبي(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته كانوا يعيرون الاستهلال أهمية خاصة ، حتى أصبح من المستحبات المؤكدة([801]) ، وله دعاء جاءت له صيغ متعددة مروية عن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) وعن أهل بيته الائمة المعصومين(عليهم السلام)([802]) ، ولعل من أروع هذه الصيغ الدعاء الثالث والاربعين من الصحيفة السجادية .


الثاني : الغسل والطهور لا سيما في النهر الجاري وصب الماء على الرأس ثلاثين كفاً .


الثالث : زيارة الامام الحسين(عليه السلام) .


الرابع : الصلاة حيث يبدأ بنوافل رمضان ويضيف إليها صلاة ركعتين يقرأ فيها الحمد مرة والانعام مرة ، ويسأل اللّه أن يقيه المخاوف والاسقام .


الخامس : الدعاء ، وقد ذكرت عدة صيغ للادعية الشريفة في هذه الليلة المباركة ، ومنها دعاء الامام الجواد(عليه السلام) الذي يرويه عنه ابن طاووس : اللّهم يامن عليك التدبير وهو على كل شيء قدير ... ، وكذلك دعاء الليلة الاخيرة من شعبان .


وقد ذكر دعاء الجوشن الكبير ودعاء الحج من أدعية هذه الليلة أيضاً .


ويشترك اليوم الاول من حيث النوع في مجمل هذه الاعمال باستثناء الاستهلال وزيارة الامام الحسين(عليه السلام) ، وإن كانت صيغ الصلاة والدعاء مختلفة .


وقد روى الكليني والشيخ الطوسي وغيرهما ـ على ما نقل عنهما العلاّمة المجلسي ـ بسند صحيح عن الامام موسى الكاظم(عليه السلام)دعاءً خاصاً باليوم الاول من هذا الشهر ، يبدأ بقوله : اللّهم إني أسألك باسمك الذي دان له كل شيء ...([803]).


2 ـ الاعمال الخاصة بالليالي البيض


تشترك الليالي البيض ومنها الليلة الخامسة عشرة للاشهر الثلاثة رجب وشعبان ورمضان بصلاة خاصة ذكرناها في أعمال شهر رجب .


ولكن مضافاً إلى ذلك ذكر الغسل وبعض الصلوات الاخرى في الليالي البيض لشهر رمضان ، واختصت الليلة الخامسة عشرة بعدة أعمال :


أ ـ زيارة الامام الحسين(عليه السلام) .


ب ـ الصلاة حيث ذكرت لها صيغتان : إحداهما : عشر ركعات عند قبر الامام الحسين(عليه السلام) من بعد العشاء غير صلاة الليل ، يقرأ في كل منهما الفاتحة مرة والتوحيد عشر مرات . وثانيتهما : صلاة مئة ركعة يقرأ في كل ركعة بعد الفاتحة التوحيد عشر مرات([804]).3 ـ أعمال ليالي القدر


لقد تقدم الحديث عن أعمال ليالي القدر الثلاث العامة والخاصة كل واحدة منها ، وكذلك الحديث عن أهمية ليلة القدر ، وذلك في بحث الليالي والايام من نظام الشعائر .


4 ـ أعمال العشر الاواخر من شهر رمضان والوداع


اختصت العشر الاواخر من شهر رمضان بأهمية خاصة كما أشرنا سابقاً ، حيث كان رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) يطوي فراشه ويشد مئزره للعبادة فيها . ويمثل العمل فيها تصعيداً لحركة العبادة في شهر رمضان ، لا سيما إذا أخذنا بنظر الاعتبار وجود الاحتمال الاقوى في وقوع ليلة القدر فيها .


وقد ورد لهذه الليالي بعض الاعمال والادعية الخاصة .


فعلى مستوى الادعية وردت أدعية خاصة بكل ليلة من هذه الليالي، كما وردت بعض نصوص الادعية لكل هذه الليالي العشرة ، ومنها دعاء : اللّهم إنك قلت في كتابك المنزل شهر رمضان ... .


كما ورد الغسل في الليلة السابعة والعشرين ، والدعاء من أول الليل إلى آخره بما روي عن الامام زين العابدين : اللّهم ارزقني التجافي عن دار الغرور والانابة إلى دار الخلود والاستعداد للموت قبل حلولالفوت .


وقد ورد في الليلة الاخيرة واليوم الاخير مجموعة خاصة من الاعمال تعبر عن وداع هذا الشهر الشريف ، ومنها :


أ ـ الغسل في الليلة الاخيرة .


ب ـ زيارة الامام الحسين(عليه السلام) .


ج ـ قراءة سورة الانعام والكهف ويس .


د ـ الاستغفار مئة مرة .


هـ ـ نصوص من الادعية ، ولعل أحسنها الدعاء الخامس والاربعونمن الصحيفة السجادية ، وأن يقول ما روي عن الامامالصادق(عليه السلام) : اللّهم لا تجعله آخر العهد من صيامي لشهر رمضان ، وأعوذ بك أن يطلع فجر هذه الليلة إلاّ وقد غفرت لي حيث يغفر .


5 ـ أعمال الايام والليالي المخصوصة


فقد ذكر العلاّمة القمي عن المجلسي(رحمه الله) في زاد المعاد صلوات خاصة بكل ليلة من ليالي شهر رمضان ، وكذلك أدعية خاصة بكل يوم من أيامه يمكن مراجعة تفاصيلها في المفاتيح([805]).ملاحظة : يبدو من خلال هذا الاستعراض واضحاً ما ذكرناه في البداية من أن هذا الشهر الشريف يمتاز عن بقية الشهور بهذا المنهج العبادي الواسع ، والمتنوع ، والذي أريد فيه للانسان الصالح أن يتكامل روحياً ومعنوياً ، وللجماعة الصالحة أن تحقق الهدف من وجودها ، وهو عبادة اللّه تعالى على الارض ، وتصبح مؤهلة ومعدة إعداداً كاملاً لاتخاذ القرارات المصيرية بشأنها في ليالي القدر ، وليلة العيد التي هي ليلة الوفاء بالاجر كما جاء ذلك في الرواية الشريفة عن أهل البيت(عليهم السلام) .


منهج عبادة الحج والعشر الاوائل من ذي الحجة


تعتبر عبادة الحج من اهم العبادات الاسلامية . وتذكر بعض النصوص أنها تأتي بالدرجة الثانية بعد الصلاة في الاهمية والافضلية، وأنه أحد الجهادين . فقد روى الكليني بطريق معتبر عن عبد اللّه بن يحيى الكاهلي قال : سمعت أباعبد اللّه يقول ويذكر الحج فقال : قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) : هو أحد الجهادين ، هو جهاد الضعفاء ونحن الضعفاء . أما إنه ليس شيء أفضل من الحج إلاّ الصلاة ، وفي الحج ههنا صلاة وليس في الصلاة قبلكم حج([806]).كما أن الحج عماد الدين وقوام وجوده ، فقد ورد في الحديث : لايزال الدين قائماً ما قامت الكعبة([807]).ولهذه العبادة جذر تاريخي يمتد إلى ما قبل وجود آدم على الارض ، وإن كانت الدعوة إلى الحج فرضاً واجباً على الناس جميعاً قد بدأت من إبراهيم(عليه السلام) .


فقد روى الكليني بسند معتبر عن أبي عبد اللّه(عليه السلام) قال : لما أفاض آدم من منى تلقّته الملائكة فقالت : يا آدم ، بر حجك . أما انّا قد حججنا هذا البيت قبل أن تحجه بألفي عام([808]).كما روى أيضاً بسند معتبر عن أبي عبد اللّه(عليه السلام) قال : لما أُمر إبراهيموإسماعيل(عليهما السلام) ببناء البيت وتم بناؤه ، قعد إبراهيم على ركن ثم نادى: هلمّالحجّ ، فلو نادى هلمّوا إلى الحج لم يحجّ إلاّ من كان يومئذ إنسيّا مخلوقاً ، ولكنهنادى : هلم الحجّ ، فلبّى الناس في أصلاب الرجال : لبيك داعي اللّه عزوجللبيك داعي اللّه ، فمن لبّى عشراً يحجّ عشراً ، ومن لبّى خمساً يحجّ خمساً ، ومن لبّى أكثر من ذلك فبعدد ذلك ، ومن لبّى واحداً حجّ واحداً ، ومن لم يلبّ لميحجّ([809]).ويجب الحج في العمر مرة واحدة على الانسان البالغ المستطيع الذي يملك مصارف السفر ونفقاته ، ويرجع إلى أهله مع وجود ما يكفيهم دون أن يؤدي ذلك إلى اضطراب في حياته المعيشية أو حرج في أوضاعه الشخصية . ولكن في الوقت نفسه يستحب للانسان استحباباً مؤكداً تكراره ، فهو أفضل من كثير من العبادات([810]).


ولا يجوز تعطيل الكعبة والحج ، ويجب على ولي أمر المسلمين الزام المسلمين أن يقوموا بأداء هذا الواجب والانفاق عليه إذا لم يتحقق ذلك بشكل اعتيادي .


وهناك تفاصيل كثيرة ترتبط بهذا الموضوع تناولها الفقهاء في كتاب الحج والرسائل العملية الخاصة به المسماة (مناسك الحج) .


اقسام الحج


ويكاد أن يتفق المسلمون على انواع الحج الثلاثة وتفاصيل اعماله الاساسية ، وهذا من البركات الالهية بالامة الاسلامية ويعبر عن وحدتها .


فأقسام الحج ثلاثة :


1 ـ التمتع ، وهو أفضلها واهمها ، وهو واجب على الافراد الذين يسكنون في مناطق تبعد عن مكة أكثر من تسعين كيلو متراً تقريباً ، وهم من يعبر عنهم القرآن الكريم : (ذلك لمن لم يكن اهله حاضري المسجد الحرام) ، ويصطلح عليهم الفقهاء بأهل الافاق .


2 ـ الافراد ، وهو أن يحرم بالحج أولاً من الميقات أو من منزله ثم يأتي بعمرة مفردة بعده ، ويجب على الاشخاص الذين يكونون قريبين من مكة من حاضري المسجد الحرام ، ويتميز عن حج التمتع بالاضافة إلى موضوع الاحرام بالحج أنه لا هدي ولا أضحية فيه .


3 ـ القِران ، وهو كحج الافراد ولكن يقرن فيه الحاج احرامه بوضع شعار على هديه الذي يسوقه معه منذ بداية الاحرام حتى يذبحه في منى يوم العيد .


اعمال حج التمتع


وخلاصة حج التمتع هي أن يحرم الحاج بعمرة التمتع من أحد المواقيت الخمسة التي وضعها رسول اللّه لاهل الافاق ، وهي ذو الحليفة لاهل المدينة ومن يمر عليها ، والجحفة لاهل الشام ومن يمر عليها ، ويلملم لاهل اليمن ومن يمر في طريقهم ، وقرن المنازل لاهل نجد ومن يمر في طريقهم ، ووادي العقيق لاهل العراق ومن يمر في طريقهم .


والاحرام هو أن يتجرد الانسان من ملابسه العادية ويلبس ثوبي الاحرام اللذين يكونان على شكل رداء وازار غير مخيطين ، ويلبي بالعمرة فيقول : لبيك اللّهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحج والعمرة لك لاشريك لك . ويمتنع بعد ذلك عن مجموعة من المحللات والمحرمات ، ومنها النساء والطيب واللباس وتغطية الرأس والفسوق والجدال والصيد الخ .


ثم يأتي مكة فيطوف بالكعبة الشريفة سبعة اشواط مبتدئاً بالركن الذي يقع فيه الحجر الاسود ، ويختم به ثم يصلي ركعتي الطواف عند مقام إبراهيم .


ثم يأتي إلى الصفا فيبدأ بالسعي منها إلى المروة ، وهما جبلان صغيران يمشي بينهما سبع مرات ، أربع مرات من الصفا إلى المروة وثلاث مرات من المروة إلى الصفا حيث يختم السعي بالمروة .


ثم يقصّر بأن يأخذ شيئاً من شعره أو اظافره .


وبعد التقصير يحل من احرامه ويرجع إلى حاله الطبيعي ، ويبقى ينتظر وقت الحج حيث يجب عليه أن يحرم مرة اخرى بالحج من مكة المكرمة يوم الثامن من ذي الحجة ، ويخرج إلى عرفات ليمكث فيها من زوال الشمس إلى غروبها يوم التاسع من ذي الحجة ، وهو المسمى بالوقوف في عرفات .


وبعد غروب الشمس ينفر ويتحرك إلى المشعر الحرام ليبقى فيه إلى طلوع الشمس .


وفي اليوم العاشر يأتي إلى منى ليرمي جمرة العقبة بسبع حصيات صغار يلتقطها من الحرم ومنه المشعر ، ثم يذبح هديه من الغنم أو البقر أو الجمال ، ثم يحلق رأسه أو يقصّر فيتحلل من احرامه عدا الطيب والنساء .


ثم يأتي البيت الحرام مرة اخرى ليطوف حول الكعبة سبعة اشواط ويصلي عند مقام إبراهيم ، ويسعى بين الصفا والمروة كذلك سبعة اشواط فيحل له الطيب .


وعليه أن يأتي بطواف آخر لتحل له النساء ، وهو ما يسمى في مصطلحات فقه أهل البيت(عليهم السلام) بطواف النساء ، وفي فقه الجمهور بطواف الوداع .


كما على الحاج أن يبيت في منى ليلتي الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجة من أول الليل إلى منتصفه ، أو من منتصفه إلى آخره على الاقل . وإن كان يستحب له ـ بل يجب عليه في بعض الحالات ـ أن يبيت الليلة الثالثة عشرة.


وعليه أيضاً أن يرمي الجمرات الثلاث الاولى (الصغرى) والثانية (الوسطى) والثالثة (العقبة) ـ التي رماها يوم العيد ـ بسبع حصيات لكل منها ، وذلك يوم الحادي عشر والثاني عشر ، وكذلك الثالث عشر لمن بات ليلته في منى .


هذه هي خلاصة صورة حج التمتع وواجباته في نظر فقه أهل البيت(عليهم السلام) ، وهناك تفاصيل وآداب ومستحبات وفروض يتعرض لها الحاج لا مجال لذكرها .


وتكاد أن تكون هذه الصورة مطابقة تماماً لما يذهب إليه بقية مذاهب المسلمين ، باستثناء بعض التفاصيل القليلة جداً أو الخيارات أو التقديم والتأخير في الاثار والمترتبات أو الشروع في الاعمال .


امتيازات الحج


ويمكن أن نشير هنا إلى بعض الميزات التي تتميز بها هذه العبادة عن غيرها من العبادات الاخرى ، ونذكر منها ثلاثاً :


الاولى : أن هذه العبادة ـ كما أشرنا ـ تشتمل على عدة انواع من العبادات كالصلاة والصوم والجهاد والزكاة ، فالطواف بالبيت صلاة بالاضافة إلى وجود صلاة الطواف ، والاحرام مع محرماته نوع من الصوم والامساك عن الطيبات والشهوات ، والانفاق والهدي نوع من الزكاة ، والمشقة والسفر والاعمال المضنية نوع من الجهاد ، مضافاً إلى العبادات الاخرى كالوقوف والرمي والحلق فإنها ذات طبيعة مميزة لا نظير لها في العبادات الاخرى .


الثانية : الممارسة الجماعية الواسعة لهذه العبادة ، حيث يأتي المسلمون الحجاج من طبقات الامة كلها ، ومن كل فج عميق ، ليؤدّوا هذه الفريضة في ايام معلومات بشكل جماعي ، ويلبوا فيها النداء الالهي الذي اطلقه إبراهيم(عليه السلام) ، يتحركون به على صعيد واحد وبشكل واحد يعبر عن المساواة الحقيقية بين بني البشر ، ويحقق الوحدة الكاملة للامة بشكل عملي .


الثالثة : تنوع الاهداف المنشودة من هذه العبادة ، سواء على مستوى الفرد أو الجماعة ، أو في جانبها المادي والروحي ، أو في ابعادها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتربوية والاخلاقية .


وشرح ذلك وإن كان يحتاج إلى حديث واسع ، ولكن يحسن بنا أن نشير فيه إلى بعض نصوص أهل البيت(عليهم السلام) التي تناولت بعض الابعاد الروحية والمادية ، وكذلك الاهداف المقدسة التي استهدفتها هذه العبادة الشريفة .


فقد ورد عن الامام علي(عليه السلام) :


وفرض عليكم حج بيته الحرام ، الذي جعله قبلة للانام . يردونه ورود الانعام ، ويألهون إليه ولوه الحمام ، وجعله سبحانه علامة لتواضعهم لعظمته ، وإذعانهم لعزته . واختار من خلقه سماعاً اجابوا إليه دعوته ، وصدَّقوا كلمته ، ووقفوا مواقف انبيائه ، وتشبهوا بملائكته المطيفين بعرشه . يحرزون الارباح في متجر عبادته ، ويتبادرون عنده موعد مغفرته . جعله سبحانه وتعالى للاسلام علماً ، وللعائذين حرماً . فرض حقه واوجب حجه ، وكتب عليكم وفادته، فقال سبحانه : (وللّه على الناس حِجُّ البيتِ من استطاعَ إليه سبيلاً ومن كفر فإنَّ اللّه غنيٌّ عن العالمين)([811]).وقد روى الصدوق ، عن الفضل بن شاذان (في حديث العلل التي سمعها من الرضا(عليه السلام)) قال : فإن قال فلم امر الحج ؟ قيل : لعلة الوفادة إلى اللّه عزوجل وطلب الزيادة ، والخروج من كل ما اقترف العبد تائباً مما مضى مستأنفاً لما يستقبل ، مع ما فيه من اخراج الاموال وتعب الابدان والاشتغال عن الاهل والولد وحظر النفس عن اللذات ، شاخصاً في الحر والبرد ثابتاً ذلك عليه دائماً ، مع الخضوع والاستكانة والتذلل ، مع ما في ذلك لجميع الخلق من المنافع وذلك لطلب الرغبة إلى اللّه والرهبة منه وترك قساوة القلب وخسارة الانفس ونسيان الذكر ، وانقطاع الرجاء والامل وتجديد الحقوق وحظر الانفس لجميع من في شرق الارض وغربها ، ومن في البر والبحر ممن يحج وممن لم يحج من بين تاجر وجالب وبايع ومشتر وكاسب ومسكين ومكار وفقير ، وقضاء حوائج أهل الاطراف في المواضع الممكن لهم الاجتماع فيها ، مع ما فيه من التفقّه ونقل أخبار الائمة(عليهم السلام) إلى كل صقع وناحية كما قال اللّه عزوجل : (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقّهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون * وليشهدوا منافع لهم)فإن قال : فلم امروا بحجة واحدة لا أكثر من ذلك ، قيل : لان اللّه عزوجل وضع الفرائض على ادنى القوم مرة ، كما قال عزوجل : (فما استيسر من الهدي) يعني شاة ليسع القوي والضعيف ، وكذلك سائر الفرائض إنما وضعت على ادنى القوم قوة فكان من تلك الفرائض الحج المفروض واحداً ، ثم رغب بعد اهل القوة بقدر طاقتهم([812]).وروى الصدوق أيضاً عن محمد بن سنان أن ابا الحسن علي بن موسىالرضا(عليه السلام) كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله أن علة الحج الوفادةإلى اللّه عزوجل وطلب الزيادة والخروج من كل ما اقترف ، وليكون تائباً مما مضى مستأنفاً لما يستقبل ، وما فيه من استخراج الاموال وتعب الابدان وحظرها عن الشهوات واللذات ، والتقرب في الوفادة إلى اللّه عزوجل والخضوع والاستكانة والذل ، شاخصاً في الحر والبرد والامن والخوف دائباً في ذلك دائماً .


وما في ذلك لجميع الخلق من المنافع والرغبة والرهبة إلى اللّه عزوجل ، ومنه ترك قساوة القلب وخساسة الانفس ونسيان الذكر وانقطاع الرجاء والامل ، وتجديد الحقوق وحظر الانفس عن الفساد ومنفعة من في المشرق والمغرب ومن في البر والبحر وممن يحج وممن لا يحج ، من تاجر وجالب وبايع ومشتر وكاتب ومسكين ، وقضاء حوائج اهل الاطراف والمواضع الممكن لهم الاجتماع فيها . كذلك ليشهدوا منافع لهم . وعلة فرض الحج مرة واحدة لان اللّه تعالى وضع الفرائض على ادنى القوم قوة فمن تلك الفرائض الحج المفروض واحداً ثم رغب اهل القوة على قدر طاقتهم ([813]) .


خصائص نظرية اهل البيت في الحج


ويحسن بنا بعد هذا الاستعراض أن نذكر بشكل مختصر الخصائص التي تميز نظرة اهل البيت(عليهم السلام) إلى الحج ، وفهمهم للدور الذي يمكن أن تقوم به هذه العبادة في حياة الامة الاسلامية بشكل عام ، والجماعة الصالحة بشكل خاص . علماً بأنا أكّدنا أن هذه الفريضة العظيمة تحظى باهتمام جميع المسلمين ، وتعتبر من الشعائر والعبادات التي يتفق عليها جميع المذاهب الاسلامية ، وتتوحد فيها كلمتهم وتعبر عن وحدة وجود الامة وكيانها .


وهذه الخصائص التي نشير إليها تعبر عن ميزات اضافية إلى هذا الموقف والفهم العام للمسلمين جميعاً .


1 ـ سعة دائرة الاهتمام


الاولى : الاهتمام الواسع بالحج على مستوى حديث اهل البيت وتناول جميع الشؤون والتفاصيل ، سواء على مستوى التصور العام للحج وتاريخه وفضله وقيمته ودوره واهدافه ، أو على مستوى الاحكام الفقهية لاعمال الحج واقسامه، والفرضيات المختلفة التي يمكن أن يبتلى بها ابناء الامة وكيفية معالجتها .


ويمكن معرفة ذلك بمقارنة بسيطة وسريعة بين ما ورد وأثر عن اهل البيت(عليهم السلام) في هذا المجال ، وما تحدثوا فيه عن رسول اللّه بشكل مباشر أو غير مباشر ، وبين ما ورد عن طريق غيرهم ، حيث تشكل المادة التي وردت عن اهل البيت من حيث الكم([814]) والكيف نسبة مضاعفة عدة مرات بالقياس لما ورد عن طريق غيرهم .


ولعل في هذين النموذجين ما يشير إلى هذه الحقيقة بوضوح :


الاول : الرواية التي تذكرها كتب الحديث المعروفة لدى الجمهورعنالامام الباقر(عليه السلام) عن جابر بن عبد اللّه الانصاري ، والتي تتحدثعن حج رسول اللّه حجة الوداع بتفاصيل لا نراها في أي رواية اخرىفي هذه الكتب ، وتمثل بذلك اساساً فقهياً لجميع مدارس الفقه الاسلامية في موضوع الحج([815]).الثاني : ما رواه الصدوق بسند معتبر عن زرارة بن اعين قال : قلت لابي عبد اللّه(عليه السلام) : جعلني اللّه فداك ، اسألك عن الحج منذ اربعين عاماً فتفتيني . فقال: يا زرارة ، بيت حج إليه قبل آدم بألفي عام تريد أن تفني مسائله في اربعينعاماً([816]).فإن هذا النص يعبر بشكل رائق وواضح عن سعة دائرة الاهتمام عملياً وخارجياً ، ويفسرها بهذا الجانب التاريخي لهذه العبادة الشريفة .


2 ـ سعة المضمون العبادي


الثانية : وإلى جانب هذا الاهتمام الواسع بالحج نجد أن اهل البيت(عليهم السلام)اهتموا بالمحتوى والمضمون العبادي لجميع اعمال الحج ، والمناسك حتى لا يكاد أن يؤدي الحاج أي عمل من اعمال الحج إلاّ ويكون إلى جانبه شيء من الصلاة والدعاء والذكر يسبقه أو يلحقه أو يقارنه ، بل إن ذلك يصاحب الحاج ويبدأ معه منذ عزمه على السفر إلى الحج وحتى رجوعه منه . وهناك مئات النصوص والروايات تناولت هذا الموضوع([817]).وسوف نتناول في الفصل الاتي بعض تفاصيل هذا المضمون العبادي الواسع إن شاء اللّه .


3 ـ زيارة النبي(صلى الله عليه وآله) والائمة(عليهم السلام) والمساجد


الثالثة : اكمال الحج بزيارة النبي(صلى الله عليه وآله) والمسجد النبوي الشريف ، وهذا ما يصنعه جميع المسلمين بشكل عام([818]) ، ولكن اهل البيت سلام اللّه عليهم اعطوا لهذا الموضوع اهمية خاصة في الكم والكيف .


أما على مستوى الكم فهم يحثون على زيارة أئمة الهدى من آل الرسول(صلى الله عليه وآله) الذين دفنوا في البقيع ، وهم الامام الحسن بن علي بن أبي طالب والامام علي بن الحسين وولده الامام محمد بن علي بن الحسين وولده الامام جعفر بن محمد بن علي(عليهم السلام) .


وكذلك أمهم الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء بنت رسول اللّه المدفونة في بيتها([819]) في جوار المسجد النبوي ، وزوجات النبي(صلى الله عليه وآله) وفاطمة بنت اسد أم أمير المؤمنين وبقية الصحابة الصالحين ، وشهداء معركة احد وفي مقدمتهم حمزة بن عبد المطلب عم رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) .


مضافاً إلى ذلك كله نجد الاهتمام البالغ بزيارة مساجد رسول اللّه ومواضع صلواته ودعائه ومواقفه ، وكذلك مواضع الحوادث التاريخية والكرامات الالهية .


وفي مقدمة هذه المواضع مسجد قبا والفتح والقبلتين ، ومسجد احد ومسجد علي(عليه السلام) وسلمان الفارسي وفاطمة الزهراء والغمامة ومشربة ام ابراهيم وغيرها .


وكذلك زيارة (الابطح) في مكة الذي فيه قبر خديجة ام المؤمنين وقبر أبي طالب وغيرهما من الصالحين ، وشعب أبي طالب ، وغار حراء ، ودار الارقم ، ودار الندوة وغيرها من الاماكن التاريخية الاسلامية المهمة ، التي تذكِّر المسلمين بعزهم وشرفهم وتضحياتهم والصعوبات التي واجهتها الرسالة ، وتشدهم إلى هذا التاريخ العظيم وتبعث في نفوسهم الهمم والنهضة ، وتعيدهم إلى اسباب النصر والاستقلال والكرامة([820]).وأما على مستوى الكيف فهم يعتبرون زيارة النبي(صلى الله عليه وآله)والائمة من اهل البيت من اكمال الحج واتمامه ، كما وردت في ذلك النصوص التي اشرنا إلى بعضها في بحث الزيارات ومنها زيارة رسول اللّه(صلى الله عليه وآله).


عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام) قال : إن لكل امام عهداً في عنق أوليائه وشيعته، وإن من تمام الوفاء بالعهد زيارة قبورهم . فمن زارهم رغبة في زيارتهم وتصديقاً بما رغبوا فيه كان أئمتهم شفعاءهم يوم القيامة([821]).وعن اسماعيل بن مهران ، عن جعفر بن محمد(عليهما السلام) قال : إذا حج أحدكم فليختم بزيارتنا ; لان ذلك من تمام الحج([822]).وكذلك عن علي(عليه السلام) (في حديث الاربعمائة) قال : اتمّوا برسول اللّه(صلى الله عليه وآله)إذا خرجتم إلى بيت اللّه الحرام ; فإنّ تركه جفاء ، وبذلك امرتم واتموا بالقبور التي ألزمكم اللّه حقها وزيارتها واطلبوا الرزق عندها([823]).وقد ورى الكليني في الكافي عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : تمام الحجّ لقاء الامام([824]).4 ـ تشخيص الموقف السياسي العام


الرابعة : أن اهل البيت(عليهم السلام) اهتموا أن يكون الحج اجتماعاً سنوياً ، يعقده المسلمين ليعرفوا فيه موقفهم السياسي العام والمواقف الهامة التي تهم المسلمين جميعاً .


وقد اخذوا ذلك عن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) والقرآن الكريم .


ففي السنة الاولى التي حج فيها المسلمون بعد الفتح نزلت سورة براءة ، ليعلن فيها القرآن الكريم والنبي(صلى الله عليه وآله) الموقف السياسي الهام وهو البراءة العامة من المشركين .


وفي حجة الوداع نجد أن خطبة النبي(صلى الله عليه وآله) في منى تتضمن هذه المفاهيم السياسية والاجتماعية .


كما أنه اعلن في نهاية الحج الولاية لعلي(عليه السلام) على المسلمين في موقع غدير خم ، وهذا مما رواه جميع المسلمين ، حيث قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله([825]).كما أن النصوص السابقة التي ثبتناها حول الاهداف تشير إلى هذا الهدف والخط العملي في عبادة الحج .


وهذا مما تفرضه طبيعة هذه العبادة الشريفة ، وهذا الاجتماع العظيم السنوي الذي يأتي فيه نخبة من ابناء الامة الاسلامية وذوو القدرة والاستطاعة فيها .


5 ـ لقاء الامام والقيادة الاسلامية


الخامسة : الاهتمام بلقاء الامام في الحج وزيارته في حياته ، والتزود بنصائحه وارشاداته ، ومعرفة المواقف التفصيلية تجاه مختلف القضايا منه ، وعرض الاعمال والنشاطات التي يقوم بها المؤمنون عليه وطرح مشاكلهم وقضاياهم الخاصة والعامة ، وغير ذلك من الامور التي تقتضيها هذه العلاقة المباشرة المهمة في المجتمع الاسلامي وفي بناء الجماعة الصالحة ، وهي علاقة الامام بالمأموم مباشرة .


فقد روى الكليني والصدوق بسند معتبر عن أبي جعفر الباقر(عليه السلام)قال : إنما أُمر الناس أن يأتوا هذه الاحجار فيطوفوا بها ، ثم يأتونا فيخبرونا بولايتهم ويعرضوا علينا نصرهم([826]).وقد جاءت الاشارة إلى هذا الموضوع في عدة روايات أخرى ، الامر الذي يؤكد اهمية هذا الخط والتوجه التنظيمي في الجماعة الصالحة من خلال هذا الموسم الشريف ، واعتبار ذلك من العبادات التي يمكن أن يقوم بها الانسان المؤمن .


وهذا التوجه التنظيمي هو مبدأ اسلامي جسده اهل البيت(عليهم السلام)في نظام الجماعة الصالحة ـ كما اشرنا إلى ذلك سابقاً([827]) ـ حيث إن ارتباط الامة بالقيادة الاسلامية والالتزام بالمواثيق والعهود تجاهها ، سواء على مستوى توجيهاتها واوامرها أو على مستوى النصرة لها في مواقفها ، يمثل اصلاً من اصول الاسلام دعا إليه القرآن الكريم : (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا للّه وللرسولِ إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن اللّهَ يحولُ بين المرءِ وقلبهِ وأنه إليه تحشرون)([828]).6 ـ الحج جهاد الضعفاء


السادسة : لقد ورد في بعض النصوص عن النبي(صلى الله عليه وآله) أن الحج جهاد ، وقد قال ذلك بشأن النساء اللاتي اسقط الاسلام عنهن فرض الجهاد الابتدائي . فقد روى البخاري عن عائشة قالت : يا رسول اللّه ، نرى الجهاد افضل العمل انا لا نجاهد ؟ قال : لا ، لكن افضل الجهاد حج مبرور([829]) ، وفي لفظ النسائي : ولكن احسن الجهاد واجمله حج البيت([830]).ونجد أن النسائي يعمم هذا الحكم لكبار السن والصغار والضعفاء والنساء([831]).وبهذا الصدد نجد أن اهل البيت سلام اللّه عليهم يعطون للحج في هذاالجانب بعداً اوسع ، بحيث يشمل كل ابناء الجماعة الصالحة التي تواجهظروفاً استثنائية تمنعها من الجهاد لاسباب شرعية واخلاقية ، كل ذلكحفاظاً من ائمة اهل البيت(عليهم السلام) على فكرة الجهاد وروح عبادته وضرورة الممارسة لها في كل الاحوال ، استلهاماً من موقف رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) وفهمه لمضمون هذه العبادة .


فقد واجه شعية اهل البيت(عليهم السلام) وابناء الجماعة الصالحة الظروف السياسية والاستثنائية ، التي كان يشن فيها الحكام الظالمون الجائرون الحروب دون مبررات أو اهداف اسلامية أو شرعية ، وإنما لمجرد التسلط والحصول على المزيد من المكاسب والضرائب المالية ، حتى وصل الحال ببعض هؤلاء الحكام الامويين أن يمتنع عن قبول اسلام ابناء النصارى ; لان اسلامهم يعني سقوط الجزية عنهم ، فكان يلزمهم بالجزية ويرفض اسلامهم ويبقيهم على نصرانيتهم([832]).وكان الموقف الشرعي لائمة اهل البيت(عليهم السلام) هو عدم الاذن لابناء الجماعة الصالحة في المشاركة في مثل هذه الحروب . ولكن هذا الموقف كان له تأثير روحي سلبي على الجماعة ، حيث تجرد عملياً من الاثار المعنوية لعبادة الجهاد في سبيل اللّه .


وقد دعا اهل البيت(عليهم السلام) أبناء الجماعة الصالحة إلى عبادة الحج والاستزادة منها باعتبارها تعويضاً روحياً وتربوياً واخلاقياً عن عبادة الجهاد التي فرضت ظروفهم حرمانهم من ممارستها ، استلهاماً لذلك من سنة رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) .


وقد سبق أن اشرنا في بداية الحديث عن الحج إلى ما ورد في الرواية المعتبرة عن الصادق(عليه السلام) عن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) قوله : هو احد الجهادين . هو جهاد الضعفاء ونحن الضعفاء([833]).وفي نص آخر : ونحن وشيعتنا الضعفاء ولعل في هذين النصين ما يلقي الضوء على هذا الموقف والفهم من اهل البيت سلام اللّه عليهم .


ويتضح هذا الفهم من ملاحظة النصوص التالية التي ترتبط بين الموقف من الجهاد والحج .


1 ـ روى جعفر بن محمد بن قولويه عن أبي جعفر الباقر(عليه السلام)في حديث قال : الجهاد افضل الاشياء بعد الفرائض في وقت الجهاد ، ولا جهاد إلاّ مع الامام...([834]).2 ـ روى الكليني وغيره بسند معتبر عن أبي عبد اللّه الصادق(عليه السلام)قال : لقي عباد البصري علي بن الحسين(عليه السلام) في طريق مكة فقال له : يا علي بن الحسين، تركت الجهاد وصعوبته ، وأقبلت على الحج ولينه ؟ إن اللّه عزوجل يقول: (إن اللّه اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنّة يقاتلون في سبيل اللّه ...) الاية ، فقال علي بن الحسين(عليه السلام) : أتمّ الاية ، فقال : (التائبون العابدون ...)الاية ، فقال علي بن الحسين(عليه السلام) : إذا رأينا هؤلاء الذين هذه صفتهم فالجهاد معهم أفضل من الحج([835]).وفي رواية أخرى قال له : إذا ظهر هؤلاء لم نؤثر على الجهاد شيئاً([836]).وقد تقدم في بحث الجهاد الاشارة إلى هذا الموقف ، ومن ذلك هذه الرواية المعتبرة عن أبي عبد اللّه ، عن آبائه(عليهم السلام) قال : قال أمير المؤمنين(عليه السلام) : لا يخرج المسلم في الجهاد مع من لا يؤمن على الحكم ، ولا ينفذ في الفيء أمر اللّه عزوجل ; فإنه إن مات في ذلك المكان كان معيناً لعدوّنا في حبس حقنا والاشاطة بدمائنا ، وميتته ميتة جاهلية([837]).منهاج اعمال موسم الحج


يمكن تقسيم اعمال موسم الحج إلى الاقسام الاربعة التالية :


الاول : الاعمال التي تؤدى مقرونة باعمال الحج .


الثاني : الاعمال الخاصة بيوم عرفة .


الثالث : الاعمال التي تؤدى في العشر الاوائل من ذي الحجة .


الرابع : الاعمال الخاصة بايام التشريق .


الاول : الاعمال المقرونة بأعمال الحج


ذكر الفقهاء في رسائلهم العملية آداباً ومستحبات لاعمال الحج ، تتضمن الطهارة والغسل والصلاة والدعاء والذكر وتنظيف وتحسين البدن والزينة ، في تفاصيل واسعة لا يسعها هذا الكتاب ولكن نشير إلى بعض عناوينها .


1 ـ فالاحرام يستحب فيه تنظيف البدن من الاوساخ وتقليم الاظافر وازالة الشعر من الابطين والعانة واخذ الشارب قبل الاحرام ، وهكذا تسريح شعر الرأس واللحية من أول ذي القعدة لمن اراد الحج .


وكذلك الغسل للاحرام والدعاء عند الغسل بنص مخصوص وعند لبس ثوبي الاحرام .


والصلاة قبل الاحرام إما صلاة فريضة أو ستة ركعات من النوافل أو أقلها ركعتان ، والدعاء قبل الاحرام بنص مخصوص .


وأن يضيف إلى التلبية الواجبة مجموعة اخرى من التلبيات تتضمن ثناء على اللّه وتوسلاً به ، وتكرار التلبية في مختلف المواطن والحالات إلى أن يشاهد بيوت مكة .


2 ـ وفي الدخول إلى الحرم وهي دائرة واسعة محيطة بمكة المكرمة يستحب الترجل فيها والغسل وخلع النعلين والدعاء بنص مخصوص .


3 ـ وفي دخول مكة والمسجد الحرام يستحب الغسل ، وعند باب المسجد يستحب السلام على النبي وعلى إبراهيم والتسمية باسم اللّه تعالى والثناء عليه بنص مخصوص وبصيغ خاصة ، والتوجه إلى الكعبة بدعاء مخصوص .


4 ـ وعند محاذاة الحجر يستحب الذكر والدعاء ، ثم استلام الحجر مع الدعاء والذكر والصلاة على النبي(صلى الله عليه وآله)ودعاء مخصوص .


5 ـ وفي الطواف تستحب ادعية خاصة يقولها بشكل عام ، وفي بعض المواضع مثل باب الكعبة والركن اليماني والحجر الاسود وظهر الكعبة وعند المستجار وحجر اسماعيل .


6 ـ وبعد صلاة الطواف يستحب حمد اللّه تعالى والثناء عليه والصلاة على رسول اللّه وآله . والدعاء في السجود .


7 ـ وفي شرب ماء زمزم دعاء ، وكذلك في صبه على رأسه وبطنه وظهره .


8 ـ وفي السعي اذكار متعددة وصلاة على الرسول وآله وادعية مخصوصة، وقراء لسور خاصة من القرآن على الصفا والمروة وفي أثناء السعي .


9 ـ وفي احرام الحج نفس مستحبات احرام العمرة ، ولكن بعد الاحرام ادعية خاصة عند التوجه إلى منى في الطريق إلى عرفات ، وكذلك في منى يستحب المبيت فيها وإحياؤها بالعبادة وخصوصاً في مسجد الخيف ، ودعاء خاص عند التوجه إلى عرفات .


10 ـ وأما اعمال عرفات وآدابها فهي ما نذكره في القسم الثاني إنشاءاللّه; لان فيها تفاصيل واعمالاً مشتركة بينها وبين يوم عرفة في غيرالحج .


11 ـ وفي المشعر الحرام الدعاء عندما يصل الكثيب الاحمر على يمين الطريق والاقتصاد والبطء في المسير .


وإحياء ليلة العيد بالعبادة والدعاء ; فقد ورد في الحديث : وإن استطعت أن تحيي تلك الليلة فافعل ; فإنه بلغنا أن ابواب السماء لا تغلق تلك الليلة لاصوات المؤمنين ، لهم دوي كدوي النحل . يقول اللّه جل ثناؤه : أنا ربكم وأنتم عبادي . اديتم حقي وحق عليّ أن استجيب لكم ، فيحط تلك الليلة عم اراد أن يحط عنه ذنوبه ويغفر لمن اراد أن يغفر له .


مضافاً إلى ذلك كله يستحب له أن يدعو بالمأثور وهو بعض الادعية المنصوصة .


كما أنه يستحب له بعد صلاة الصبح أن يحمد اللّه عزوجل ويثني عليه ويذكر من آلائه وبلائه ما قدر عليه ، ويصلي على النبي وآله ثم يدعو بالمأثور وهو دعاء خاص ورد في هذا الوقت .


كما أنه يستحب له أن يسعى في محسر بمقدار مئة خطوة ، ويدعو بدعاء خاص عند هذا السعي .


12 ـ وفي رمي جمرة العقبة وبقية الجمرات يستحب له أن يكون على طهارة ، وأن يدعو بدعاء خاص عند اخذها والتكبير عند الرمي والدعاء الخاص به ، ويدعو كذلك عندما يرجع إلى منى منها .


13 ـ وعند الهدي والذبح يستحب له أن يدعو بدعاء خاص ، وأن يباشره بنفسه أو يضع السكين بيده ويقبض على يد الذابح .


14 ـ كما أنه يستحب له في الحلق أن يدعو بدعاء خاص .


15 ـ وفي طواف الحج يستحب له ما ذكرناه في طواف العمرة ، مضافاً إلى دعاء خاص يدعو به عند قيامه على باب المسجد للاتيان بالطواف .


16 ـ مضافاً إلى ذلك كله توجد امور مستحبة يؤديها الحاج عند اقامته في مكة المكرمة :


أ ـ الاكثار من ذكر اللّه تعالى .


ب ـ الاكثار من قراءة القرآن الكريم وختم القرآن فيها .


ج ـ الشرب من ماء زمزم والدعاء الخاص عند الشرب .


د ـ الاكثار من النظر إلى الكعبة فإن فيه ثواباً عظيماً .


هـ ـ الطواف وهو سبعة اشواط حول الكعبة كل يوم عشر مرات ، ثلاثة في أول الليل وثلاثة في آخره وطوافان بعد الفجر وطوافان بعد الظهر .


و ـ أن يطوف بالبيت ايام اقامته في مكة ثلاثة وستين طوافاً ، فإن لم يتمكن فاثنين وخمسين ، فإن لم يتمكن أتى بما قدر عليه .


ز ـ دخول الكعبة والاغتسال له والدعاء عند الدخول والصلاة ، وصلاة ركعتين بصورة مخصوصة ، والصلاة في زوايا البيت والدعاء المخصوص بعد الصلاة ، ثم التكبير عند الخروج منها والدعاء الخاص بذلك .


ح ـ طواف الوداع عند ارادة الخروج من مكة ، ثم استلام الحجر وحمد اللّه والثناء عليه والصلاة على النبي وآله ، ثم الدعاء بدعاء خاص .


ويمكن الرجوع إلى كتب المناسك لمعرفة هذه التفاصيل وغيرها مما اوردته كتب الحج المفصلة .


وهذا المنهاج يدل بشكل واضح على ما ذكرناه من سعة مضمون عبادة الحج بنظر اهل البيت(عليهم السلام) بحيث لا يمكن أن يوازيه نظر آخر في المذاهب الاسلامية .


الثاني : اعمال ليلة ويوم عرفة


إن يوم عرفة له أهمية وقيمة خاصتان في نظر الاسلام ، وكذلك ليلته ، وهي ليلة مباركة تقبل فيها التوبة ويستجاب فيها الدعاء ، وللعامل فيها بطاعة اللّه أجر سبعين ومئة سنة .


كما أن يوم عرفة هو يوم دعا اللّه فيه عباده إلى طاعته وعبادته ، وبسط لهم موائد احسانه وجوده ، والشيطان فيه ذليل حقير طريد غضبان اكثر من أي وقت سواه ، وهو يوم دعاء ومسألة([838]).وروي أن الامام زين العابدين صلوات اللّه وسلامه عليه : سمع يوم عرفة سائلاً يسأل الناس ، فقال له : ويلك ! أتسأل غير اللّه في هذا اليوم ، وهو يوم يرجى فيه للاجنة في الارحام أن يعمها فضل اللّه تعالى فتسعد ؟([839]).وفي هذا اليوم يوجد منهاج واسع من الاعمال والعبادات ، وهي وإن كانت قد وردت بالاصل بشأن الموقف يوم عرفة في الحج ، فإن بعض النصوص وردت تشير إلى استحباب الدعاء والعبادة في هذا اليوم في بقية البلاد والامصار ، لا سيما بالنسبة إلى زيارة الامام الحسين(عليه السلام) ، حيث ورد فيها أن اللّه تعالى ينظر إلى زواره قبل أن ينظر إلى الواقفين بعرفات . كما روى طلحة بن زيد ، عن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن علي أنه قال : لا عرفة إلاّ بمكة ، ولا بأس أن يجتمعوا في الامصار يوم عرفة يدعون اللّه([840]).اعمال ليلة عرفة


وقد ذكر العلامة القمي منهاجاً لليلة عرفة ويومها نذكر خلاصته هنا :


الاول : الدعاء الذي ورد فيه أن من دعا به ليلة عرفة وليالي الجمع غفر اللّه له ذنوبه ، وهو دعاء اللّهم يا شاهد كل نجوى وموضع كل شكوى الخ ، وهو دعاء يشتمل على مضامين عالية من المدح والثناء والذكر لايات اللّه والتوسل بها إليه وطلب حوائج الدنيا والاخرة .


الثاني : التسبيحات الاربعة الف مرة .


الثالث : زيارة الامام الحسين(عليه السلام) .


اعمال يوم عرفة


الاول : الغسل عند الظهر .


الثاني : زيارة الامام الحسين(عليه السلام) وفيها نصوص مخصوصة بهذا اليوم تقدمت الاشارة إليها في الزيارات .


الثالث : الصلاة بعد فريضة العصر قبل البدء بدعوات يوم عرفة ، يصليها تحت السماء ركعتين بالحمد مرة وبالتوحيد خمسين مرة .


الرابع : الصوم لمن لا يضعفه الدعاء في غير الحج لانه يكون مسافراً .


الخامس : الذكر ، وقد ورد فيه نصوص وصيغ متعددة وكثيرة ، منها أن يذكر اللّه بالحمد والتسبيح والتهليل والتكبير بكل ما ورد في القرآن .


السادس : الدعاء بصيغ عديدة وكثيرة ، وأهمها واجملها دعاء الامام الحسين(عليه السلام) يوم عرفة الذي يعتبر آية في نصوص الدعاء الوارد عن ائمة الهدى(عليهم السلام) ، حيث دعا به في جمع من الناس في اواخر وقت يوم عرفة ، ويشتمل على مضامين عالية وهو من الادعية المعدودة النادرة .


وكذلك دعاء الامام السجاد علي بن الحسين المذكور في الصحيفة السجادية ، وهو الدعاء السابع والاربعون .


السابع : الدعاء للاخوان والارحام ولاسيما الابوان .


وتكاد هذه الاعمال المخصوصة التي وردت فيها النصوص أن تستغرق جميع وقت يوم عرفة .


الثالث : اعمال العشر الاوائل من ذي الحجة


لقد ورد في هذه الايام الشريفة من أول ذي الحجة إلى يوم عرفة اعمال خاصة بها ومشتركة ، وقد ورد فيها عن النبي(صلى الله عليه وآله) أنه ما من ايام يُعمل فيها أحب إلى اللّه عزوجل من ايام هذه العشرة ، أي باضافة يوم العيد لها . نشير إلى خلاصتها :


الاول : صوم الايام التسعة فإنه يعدل صيام العمر كله .


الثاني : الصلاة ركعتين بين فريضتي المغرب والعشاء ، يقرأ فيها الحمد والتوحيد مرة وآية : (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر ...)([841]) الاية .


الثالث : الدعاء بما رواه الشيخ الطوسي والسيد ابن طاووس عن الصادق(عليه السلام) وهو دعاء مخصوص ، بالاضافة إلى دعوات اخرى جاء بها جبرئيل هدية إلى عيسى بن مريم(عليه السلام) .


الرابع : الذكر بالتهليل الخاص المروي عن أمير المؤمنين(عليه السلام) .


وقد ذكر لليوم الاول من هذه الايام اعمال خاصة به أيضاً([842]).الرابع : اعمال ايام التشريق


ايام التشريق هي الايام الثلاثة بعد يوم عيد الاضحى ، وهناك اعمال مشتركة بين عيد الاضحى وهذه الايام ، ومن اهم هذه الاعمال في الحج هو رمي الجمرات كما ذكرنا ، ولكن توجد اعمال مستحبة يؤتى بها في هذه الايامايضاً :


الاول : الاضحية ، وتستحب يوم العيد ، ويمكن الاتيان بها في اليومين الحادي عشر والثاني عشر في الامصار ، وكذلك في اليوم الثالث عشر في منى .


الثاني : التكبيرات المعروفة ، وهي اللّه اكبر اللّه اكبر لا إله إلاّ اللّه واللّه اكبر اللّه اكبر وللّه الحمد اللّه اكبر على ما هدانا اللّه اكبر على ما رزقنا من بهيمة الانعام والحمد للّه على ما ابلانا ، حيث يستحب الاتيان بها في الحج ابتداءً من فريضة ظهر العيد إلى الثالث عشر من ذي الحجة بعد الفرائض والنوافل في منى ، وأما في سائر الامصار فيستحب ذلك الى فجر الثاني عشر من ذي الحجة .


هذا هو مجمل اعمال هذا الموسم الشريف .


/ 14