تولی الإمام نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تولی الإمام - نسخه متنی

شهاب الدین الحسینی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ووردت احاديث عديده جعل فيها رسول
اللّه(ص) عليا قدوه
ومنارا واماما للمسلمين، ومن هذه الاحاديث:عن ابى
برزه
الاسلمى ان رسول اللّه(ص) قال: (...ان رب العالمين عهد
الى
عهدا فى على بن ابى طالب، فقال:انه رايه الهدى،
ومنار
الايمان، وامام اوليائى، ونور جميع من اطاعنى...)((212)).

وعن ابى ذر الغفارى قال: سمعت رسول اللّه(ص) يقول
لعلى:
(انت اول من آمن بى، واول من يصافحنى يوم القيامه،
وانت
الصديق الاكبر، وانت الفاروق الذى يفرق بين الحق
والباطل،
وانت يعسوب المومنين، والمال يعسوب الكافرين،
وانت اخى
ووزيرى، وخير من اترك بعدى...)((213)).

وقال(ص) كما فى روايه انس بن مالك: (انا وهذا حجه على
امتى يوم القيامه)((214)).

والحجه هو الامام المقتدى به فى اقواله وافعاله لكى
يكون
مقياسا للاحتجاج.

الاعداد لامامه على
ان الامامه مسووليه عظيمه فى حركه الامم التكامليه
لتحقيق
اهدافها فى الحياه، وخصوصا فى الامه الاسلاميه
السائره نحو
اللّه تعالى لاقرار منهجه فى واقع الحياه، ولذا فان
رسول
اللّه(ص) لم يتوقف عن الاعدادللامامه من بعده، فكان
يستثمر
جميع الفرص المتاحه للتركيز على شخصيه الامام من
بعده،
ويعمل على خلق ارتكاز ذهنى لدى المسلمين، ليتعمق
الارتباط الفكرى والروحى والسلوكى بالامام المنصب
والمنصوص عليه،لتتجذر قيادته فى تصورات الامه
ومواقفها
العمليه لتكون متناسبه مع عظم المسووليه المتوخاه
من
نصبه.

والاعداد لامامه على(ع) كان على نحوين: الاعداد
النظرى، والاعداد العملى.

الاعداد النظرى
كان رسول اللّه(ص) يركز على شخصيه على(ع) ويوجه انظار
المسلمين اليها بذكر مواصفاتها وفضائلهاوخصائصها
الذاتيه،
ويبرز الجوانب القياديه فى شخصيه على(ع) وما اختص به
من
دون الصحابه فى جميع مقومات القياده وموهلاتها،
وفى مايلى
نستعرض الاحاديث التى قيلت فى حقه والواقعه فى طريق
هذا
الاعداد،ففى واقعه الخندق جعل الايمان كله متجسدا
فيه،
فقال(ص) : (برز الايمان كله الى الشرك كله)((215)).

وبعد هزيمه المشركين قال له: (لو وزن اليوم عملك
بعمل
جميع امه محمد لرجح عملك على عملهم...)((216)).

وجعل(ص) ايمان على(ع) مرجحا على السماوات والارض عند
الموازنه فقال(ص): (لو ان السماوات والارض وضعتا فى
كفه،
ووضع ايمان على فى كفه لرجح ايمان على)((217)).

وجعل(ص) منزله على(ع) كمنزله راسه من جسده فقال(ص):
(على منى بمنزله راسى من جسدى)((218)).

وجعله مقارنا للقرآن والحق فقال: (على مع الحق
والقرآن،
والحق والقرآن مع على، ولن يفترقا حتى يرداعلى
الحوض)((219)).

وقال(ص): (على مع القرآن، والقرآن مع على لا يفترقان
حتى
يردا على الحوض)((220)).

وجعله من سادات اهل الجنه فقال(ص): (نحن بنو
عبدالمطلب ساده اهل الجنه انا وحمزه وعلى
وجعفروالحسن
والحسين والمهدى)((221)).

وجعله افضل الصديقين فقال: (الصديقون ثلاثه: حبيب
النجار
وحزقيل وعلى بن ابى طالب وهوافضلهم)((222)).

وجعله كالوالد بالنسبه للمسلمين فقال: (حق على على
المسلمين كحق الوالد على ولده)((223)).

وجعل طاعه على مقرونه بطاعه اللّه تعالى وطاعته
فقال(ص):
(من اطاعنى فقد اطاع الله، ومن عصانى فقدعصى الله،
ومن
اطاع عليافقد اطاعنى، ومن عصى عليافقد عصانى)((224)).

وجعل(ص) عليا ميزانايوزن به ايمان الاشخاص ونفاقهم
فقال:(لا يحب عليا منافق ولايبغضه مومن)((225)).

وكان على غ(ع) يقول: (عهد الى النبى الامى انه
لايحبنى الا
مومن ولا يبغضنى الا منافق)((226)).

وجعله(ص) ميزانا للعاقبه يوم القيامه فقال: (يا على
انت قسيم
الجنه والنار يوم القيامه)((227)).

وقال(ص): (انا مدينه الجنه وعلى بابها، فمن اراد
الجنه فلياتها
من بابها)((228)).

وركز(ص) على الخصائص والمواصفات القياديه لعلى(ع)
والتى
انفرد بها من دون الصحابه فقال(ص): (يا على اخصمك
بالنبوه
ولانبوه بعدى، وتخصم الناس بسبع، ولايحاجك فيهم
احد من
قريش، اللهم انك اولهم ايمانابالله، واوفاهم بعهد
الله، واقومهم
بامر الله، واقسمهم بالسويه، واعدلهم فى الرعيه،
وابصرهم
بالقضيه،واعظمهم عند اللّه مزيه)((229)).

ففى خاصيه العلم قال(ص): (انا مدينه العلم وعلى بابها
فمن
اراد المدينه فلياتها من بابها)((230)).

وقال(ص): (قسمت الحكمه عشره اجزاء، فاعط ى على تسعه
اجزاء والناس جزءا واحدا)((231)).

وقال(ص): (على عيبه علمى)((232)).

وفى القضاء قال(ص): (اقضى هذه الامه على)((233)).

وفى ذلك قال عمر بن الخطاب: (على اقضانا)((234)).

وقال(ص): (اعلم الناس بالسنه والقضاء بعدى على بن ابى
طالب)((235)).

حديث المنزله
بين رسول اللّه(ص) للمسلمين فى مواضع عديده منزله
على(ع) منه وقال: (انت منى بمنزله هارون من موسى الا
انه لا
نبى بعدى)((236)).

وقال(ص) له بعد ان استخلفه فى المدينه فى غزوه تبوك:
(اما
ترضى ان تكون منى بمنزله هارون من موسى غير انه لا
نبى
بعدى)((237)).

وروى بصيغ مختلفه فى مصادر عديده((238)).

وهذا الحديث من الاحاديث المشهوره عند فرق
المسلمين،
وقد ذكره اغلب من كتب فى السيره النبويه وبالخصوص
فى
غزوه تبوك، وذكره اغلب من كتب فى فضائل الصحابه
وفضائل
على(ع)، وفى شهره هذاالحديث وتواتره بين المورخين
قال
الحاكم الحسكانى الحنفى: (وهذا هوحديث المنزله الذى
كان
شيخنا ابوحازم الحافظ يقول: خرجته بخمسه آلاف
اسناد)((239)).

وقد استدل بهذا الحديث على قياده على (ع) وامامته
للمسلمين.

ففى روايه ابى هارون العبدى قال:
(سالت جابر بن
عبد اللّه الانصارى عن معنى قول النبى(ص) لعلى: انت
منى
بمنزله هارون من موسى الا انه لا نبى بعدى قال:
استخلفه
بذلك واللّه على امته فى حياته، وبعد وفاته، وفرض
عليهم
طاعته...)((240)).

وقال ابو جعفر الاسكافى المعتزلى: (فمنازل هارون من
موسى
معروفه، اولها: انه شريكه فى النبوه،والثانيه: انه
اخوه فى
النسب، والثالثه: انه المقدم عند موسى على جميع
البشر،
وهذه هى التى وجبت لعلى بن ابى طالب(ع)، وهى منزلته
من
النبى(ص))((241))..

وقال الشيخ الصدوق: (ومن منازل هارون من موسى ... انه
كان
افضل اهل زمانه واحبهم اليه واخصهم به واوثقهم فى
نفسه،
وانه كان يخلفه على قومه اذا غاب موسى (ع) عنهم، وانه
كان
بابه فى العلم، وانه لو مات موسى وهارون حى كان هو
خليفته
بعد وفاته، والخبر يوجب ان هذه الخصال كلها لعلى من
النبى(ص)... (لا نبى بعدى) انما جعله له بعد وفاته، لا
معه فى
حياته...)((242)).

وقال ابن ابى الحديد المعتزلى: (... فاثبت له جميع
مراتب
هارون من موسى، فاذن هو وزير رسول اللّه(ص)، وشاد
ازره،
ولولا انه خاتم النبيين لكان شريكا فى امره)((243)).

واراد(ص) بحديث المنزله ان يهيى الاذهان والتصورات
لامامه
على (ع) من بعده.

الاعداد العملى
نقصد بالاعداد العملى لامامه على (ع)، تهيئه
الاذهان والعقول
والقلوب للارتباط بامامته عن طريق القيام بخطوات
عمليه
واقعيه، تتوجه من خلالها الانظار الى ان المراد من
ذلك هو
استخلافه، ليقوم مقام رسول اللّه(ص)من بعده،
والخطوات
العمليه المحسوسه اكثر ايقاعا فى العقول والقلوب،
حيث تبقى
متفاعله فيها لفتره اطول وامد ابعد، فتكون جميع
الجوارح
مهياه للتفاعل مع امامته، وقد قام رسول اللّه(ص)
باجراء عده
خطوات عمليه على مراى ومسمع الصحابه، ومنذ بدايه
الدعوه
الاسلاميه، والى آخر لحظه من حياته(ص)، فكان(ص) يصحب
عليا(ع) فى جميع مشاهده ومواقفه وفى ذهابه وايابه،
وكان
على(ع) (يخرج مع رسول اللّه فى دعوته للقبائل)((244)).

وفى بدايه الهجره آخى رسول اللّه(ص) بين اصحابه من
المهاجرين والانصار ثم اخذ بيد على بن ابى طالب(ع)
فقال:
(هذا اخى)((245)).

وقال له فى هذه الواقعه وفى وقائع اخرى: (انت اخى فى
الدنيا
والاخره)((246)).

وكان(ص) يكثر مناجاته لعلى (ع) وحينما سئل عن ذلك قال:
(ما انا انتجيته ولكن اللّه انتجاه)((247)).

فقد خصه(ص) بالصحبه والاخاء والمناجاه ليدرك
المسلمون
ان ذلك لم يكن عبثا، وان وراء ذلك الامر هدفااكبر
وهو اعداده
لاداء دوره من بعده.

وامر(ص) باغلاق جميع الابواب المتداخله مع مسجد
رسول
اللّه(ص) واستثنى باب على (ع)، فاعترض بعض الصحابه
على
ذلك فقام(ص) خطيبا وقال: (اما بعد، فانى امرت بسد هذه
الابواب غير باب على، فقال فيه قائلكم، واللّهما
سددت شيئا ولا
فتحته، ولكن امرت بشى ء فاتبعته)((248)).

وامر(ص) باخراج جميع من وجده نائما فى المسجد
واستثنى
عليا (ع).

وحينما قيل له فى ذلك، قال(ص): (ما اناامرت
باخراجكم ولا اسكان هذا الغلام، ان اللّه هو امر به)((249)).

وفى روايه قال(ص) لعلى (ع): (ارجع، فقد احل لك فيه ما
احل
لى، كانى بك تذودهم على الحوض ...)((250)).

وفى جميع الغزوات كانت رايه المهاجرين مع على فى
المواقف
كلها، يوم بدر، ويوم احد، ويوم خيبر،ويوم الاحزاب،
ويوم فتح
مكه ولم تزل معه فى المواقف كلها((251)).

فرسول اللّه(ص) يوكد ان تلك الممارسات كانت بامر من
اللّه
تعالى، وهذا ان دل على شى ء انما يدل على
ان عليا(ع) مهيئا
لدور كبير ولهذا خصه اللّه تعالى بذلك دون الصحابه
جميعا.

وكان(ص) يشركه فى المواقف العصيبه والتى يعجز عنها
الاخرون او يحجمون عن القيام بها، ليدرك المسلمون
انهم غير
موهلين للقيام بها والموهل الوحيد لها هو على بن
ابى طالب
(ع)، وهو الاقدر على اداء دورالامام بعد رسول
اللّه(ص)، ومن
تلك المواقف والمشاهد يوم الخندق حيث احجم جميع
الصحابه من مبارزه عمروبن عبد ود، وكان على (ع) يقوم
لمبارزته، الا ان رسول اللّه(ص) لم ياذن له فى
المرتين الاولى
والثانيه، واذن له فى الثالثه، وكان النصر حليف
المسلمين((252)).

وفى غزوه خيبر حينما تراجع ابو بكر ومن بعده عمر بن
الخطاب قال رسول اللّه(ص): (لاعطين الرايه غدارجلا
يحبه
اللّه ورسوله، ويحب اللّه ورسوله، يفتح اللّه على
يديه وليس
بفرار)((253)).

وفى روايه (كرار غير فرار)((254)).

وكان رسول اللّه(ص) يبعثه لتدارك اخطاء الاخرين فى
المواقف الحساسه، ففى فتح مكه وقبل الدخول
اليها،قال سعد
بن عباده:
اليوم يوم الملحمه
اليوم تسبى الحرمه
فوصل الخبر الى رسول اللّه(ص) فقال لعلى(ع): (ادركه
فخذ
الرايه منه وكن انت الذى تدخل بها)((255)).

وحينما قام خالد بن الوليد بقتل افراد من بنى جذيمه
خلافا
لامر رسول اللّه(ص) ارسل عليا(ع) (لتدارك خطاخالد ...
فودى
لهم الدماء والاموال)((256)).

واراد(ص) بذلك ان يركز فى اذهان المسلمين ان عليا(ع)
رجل المهمات الصعبه، وانه ممثله ونائبه فى مثل تلك
المواقف، ليكونوا على بينه من ذلك.

وبعث رسول اللّه(ص) ابا بكر ومعه سوره براءه ليتلوها
على
المشركين، ثم بعث عليا(ع) فى اثره ليتلوها بدلاعنه،
وحينما
سال ابو بكر عن السبب اجابه(ص) بالقول الذى نزل به
الوحى:
(لا يودى عنك الا انت او رجل منك)((257)).

وفى روايه: (لا يبلغ هذا الا انت او رجل من اهلك)((258)).

وفى روايه: (لا يودى عنك الا انت او على)((259)).

وهنالك مواقف ومشاهد عديده لم يكلف بها رسول
اللّه(ص) الا
عليا(ع)، ليترسخ مقام على(ع) فى اذهان المسلمين
وتصوراتهم، ليدركوا انه الموهل الوحيد لاستخلاف
رسول
اللّه(ص) والقيام مقامه فى الحياه الاسلاميه.

وقد
حفلت كتب
السيره والفضائل بتلك المواقف والمشاهد.

الاعداد الفعلى لبسط اليد
لم يكتف رسول اللّه(ص) بالاعداد النظرى والعملى
لامامه على
(ع) وانما بدا بالاعداد فعلا له لبسط يده من بعده،
فامر
المسلمين بالالتحقاق بجيش اسامه بن زيد - كما سياتى
-
وكان يكرر القول: (انفذوا جيش اسامه)وانما فعل ذلك
لئلا
يبقى فى المدينه عند وفاته من يختلف فى الامامه
ويستوسق
الامر لاهله((260)).

فاراد(ص) ان تبقى المدينه بمناى عن الطامعين، ويكون
على(ع) بمامن من ذلك لكى يتم الامر له، وفى ذلك
قال على(ع): (... ثم امر رسول اللّه(ص) بتوجيه الجيش
الذى
وجهه مع اسامه بن زيد عند الذى احدث اللّه به من
المرض الذى توفاه فيه، فلم يدع النبى احدا من
افناء العرب ولا
من الاوس والخزرج وغيرهم من سائر الناس ممن
يخاف على
نقضه ومنازعته ولا احدا ممن يرانى بعين البغضاء ممن
قد
وترته بقتل ابيه او اخيه او حميمه الا وجهه فى ذلك
الجيش،
ولا من المهاجرين والانصار ... لتصفو قلوب من يبقى
معى
بحضرته، ولئلا يقول قائل شيئا ممااكرهه، ولا
يدفعنى دافع من
الولايه والقيام بامر رعيته من بعده)((261)).

وامر رسول اللّه(ص) فى اواخر ايام حياته ان ياتوه
بدواه ليكتب
للمسلمين كتابا لا يضلون بعده ابدا، فقالوا:(ان
رسول اللّه
يهجر)((262)).

وقد اعترف عمر بن الخطاب بذلك فى حواره مع عبد اللّه
بن
عباس فقال: (... ولقد اراد فى مرضه ان يصرح باسمه
فمنعت
من ذلك اشفاقا وحيطه على الاسلام، لا ورب هذه
البنيه لا
تجتمع عليه قريش ابدا!)((263)).

وقد ذكر المورخون ذلك ولكنهم حينما ذكروا قول عمر
غيروا
عباره الهجر، ونصوا على ان عمر قال: (ان رسول اللّه
قد غلبه
الوجع ... حسبنا كتاب اللّه)((264)).

لذا سماها ابن عباس: رزيه يوم الخميس((265)).

المبحث الثالث:الاثبات الواقعى للنص
فى هذا المبحث نستعرض الادله والشواهد التى تنهض
لاثبات
النص من الناحيه الواقعيه، بقسميه الجلى والخفى.

المرتكزات الذهنيه للصحابه
كان الارتكاز الثابت فى اذهان كثير من الصحابه ان
عليا (ع) هو
القائم بالامر بعد رحيل رسول اللّه(ص)،
وهذاالارتكاز لم يكن
نابعا من الاعراف والتقاليد القبليه المتعلقه
باختيار القائد او
الزعيم، فالمتعارف عليه هو اختيارالقائد الاقرب
نسبا والاكبر
سنا، وهو فى خصوص هذا المورد يكون منصبا على العباس
بن
عبدالمطلب عم رسول اللّه(ص) او على عقيل بن ابى
طالب ابن
عم رسول اللّه(ص) الذى يكبر عليا بعشر سنين، ولكن
انظار
الصحابه لم تتوجه اليهما، وانما توجهت الى على (ع)
وهو
الاصغر سنا من بنى هاشم، فان دل ذلك على شى ء انما
يدل
على ان الارتكاز الذهنى كان نابعا من اعتقاد راسخ
على وجود
نص على على (ع) فى خصوص امامته وقيادته.

فبعد اجتماع السقيفه اخبر البراء بن عازب بنى هاشم
بنتائج
الاجتماع فقال العباس بن عبدالمطلب:(فعلوها، ورب
الكعبه)((266)).

وكان (المهاجرون والانصار لا يشكون فى على)((267)).

وفى روايه (فقالت الانصار، او بعض الانصار لا نبايع
الا
عليا)((268)).

وفى روايه محمد بن اسحاق قال: (وكان عامه المهاجرين،
وجل
الانصار لا يشكون ان عليا هو صاحب الامر بعد رسول
اللّه
(ص))((269)).

وعن عمر بن الخطاب فى وصفه لما جرى من احداث قال: (...
وتخلفت عنا الانصار باسرها)((270)).

ولما بويع ابو بكر واستقر امره (ندم قوم كثير من
الانصار على
بيعته ولام بعضهم بعضا، وذكروا على بن ابى طالب
وهتفوا
باسمه)((271)).

وفى حوار بشير بن سعد الانصارى - مبررا بيعته لابى
بكر - قال
لعلى(ع): (... انك جلست فى منزلك ولم تشهد هذا الامر،
فظن
الناس ان لا حاجه لك فيه، والان قد سبقت البيعه لهذا
الشيخ
وانت على راس امرك)((272)).

فبرر بشير بن سعد انصراف الناس عن على (ع) هو جلوسه
فى
بيته، فالمرتكز الذهنى كان موجودا حتى عند الذين
تنافسوا فى
الخلافه كسيد الانصار سعد بن عباده حيث ذكر بعد
السقيفه ما
قاله رسول اللّه(ص) فى خلافه على(ع) فقال له ابنه
قيس: (انت
سمعت رسول اللّه(ص) يقول هذا الكلام فى على ابن ابى
طالب، ثم تطلب الخلافه،ويقول اصحابك: منا امير
ومنكم امير!
لا كلمتك واللّه من راسى بعد هذا كلمه ابدا)((273)).

وحول ذلك اشار على (ع) بالقول: (اول من جرا الناس
علينا
سعد بن عباده، فتح بابا ولجه غيره، واضرم نارا كان
لهبها عليه،
وضووها لاعدائه)((274)).

والمرتكز الذهنى الدال على قياده وامامه على (ع)
ناجم من
قناعه بوجود نص عليه، وليس مجرد
الاحقيه بالاسبقيه
والاعلميه وغيرها، وان كانت هذه الاحقيه وارده فى
اقوال
رسول اللّه(ص).

وبعد ان استقر الامر لصالح ابى بكر بقى خيره
الصحابه على
تخلفهم عن بيعته، ومنهم جميع بنى هاشم،وخالد بن
سعيد
بن العاص، والمقداد، وسلمان، وابو ذر، وعمار،
والبراء بن عازب،
وابى بن كعب((275)).

ولا يمكن تفسير هذا التخلف مع حرصهم على مصلحه
الاسلام
والمسلمين، وعلى وحده المسلمين الابقطعهم على وجود
نص على امامه على(ع) وخلافته، يبرر لهم تخلفهم عن
بيعه
ابى بكر والدعوه الى على (ع) حيث كان على راس
المعارضين
لبيعه ابى بكر.

ولو لم يوجد نص لاكتفى على (ع) بالمعارضه السلميه،
ولكنه
كان يفكر بالمعارضه المسلحه لكن الظروف لم تشجعه
على
ذلك فكان يقول: (... وايم اللّه لولا مخافه الفرقه بين
المسلمين،
وان يعود الكفر، ويبور الدين، لكناعلى غير ما كنا
لهم
عليه)((276)).

وفى روايه اخرى كان يقول: (... فرايت ان الصبر على ذلك
افضل من تفريق كلمه المسلمين، وسفك دمائهم،
والناس
حديثو عهد بالاسلام، والدين يمخض مخض الوطب، يفسده
ادنى وهن، ويعكسه اقل خلف)((277)).

وكان بعض الصحابه يويد المعارضه المسلحه واستخدام
القوه
لاعاده الخلافه الى على (ع)، فالموقف لايستوجب حمل
السلاح لمجرد افضليه على (ع) ولكن هنالك امرا اعظم
من
الافضليه الا وهو النص، وهو وحده المبرر الشرعى
لحمل
السلاح.

اعتراف الصحابه باحقيه على(ع)
لو تتبعنا آراء كثير من كبار الصحابه فى على (ع)،
وتقييمهم
لموهلاته ومواقفه نجدهم يعترفون باحقيته فى
الخلافه، وعلى
راس الصحابه عمر بن الخطاب، حيث كان يعترف بين
الحين
والاخر بهذه الاحقيه، ومن ذلك قوله لعبداللّه بن
عباس: (ما
اظن صاحبك الا مظلوما ... ما اظن القوم منعهم من
صاحبك
الا انهم استصغروه)((278)).

وقوله له ايضا: (اما واللّه ان صاحبك هذا لاولى
الناس بالامر بعد
رسول اللّه(ص)، الا انا خفناه على اثنتين ...خفناه
على حداثه
سنه، وحبه بنى عبدالمطلب)((279)).

وقال فى موضع آخر: (... واللّه لولا سيفه لما قام عمود
الاسلام،
وهو بعد اقضى الامه وذو سابقتها وذوشرفها، فقيل له:
فما
منعكم ياامير المومنين عنه؟ فقال: (كرهناه على
حداثه السن
وحبه بنى عبدالمطلب)((280)).

ويويد هذا الحق ما روى ان الحسن بن على (ع) جاء الى
ابى بكر
وهو على منبر رسول اللّه(ص) فقال: (انزل عن مجلس
ابى)،
فقال ابو بكر: (صدقت انه مجلس ابيك)، واجلسه فى حجره،
وبكى، فقال على (ع): (واللّه ما هذا عن امرى)((281)).

وفى احد اللقاءات قال على لعمر: (انشدك الله، هل
استخلفك
رسول اللّه(ص)؟)، فقال: (لا)، قال: (فكيف تصنع انت
وصاحبك؟)، قال عمر: (اما صاحبى فقد مضى لسبيله، واما
انا
فساخلعها من عنقى الى عنقك)، فقال على:(جدع اللّه
انف من
ينقذك منها! لا ولكن جعلنى اللّه علما، فاذا قمت فمن
خالفنى
ضل)((282)).

وتظهر احقيه على (ع) بالامامه والخلافه من خلال
محاججه
اروى بنت الحارث بن عبدالمطلب لمعاويه حيث جاء
فيها: (لقد
كفرت النعمه واسات لابن عمك الصحبه، وتسميت بغير
اسمك، واخذت غير حقك، وكنا اهل البيت اعظم الناس
فى
هذا البلاء، حتى قبض اللّه نبيه مشكورا سعيه،
مرفوعا منزلته،
فوثبت علينا بعده تيم وعدى واميه، فابتزونا حقنا،
ووليتم
علينا، فكنا فيكم بمنزله بنى اسرائيل فى آل فرعون،
وكان على
بن ابى طالب بعدنبينا، بمنزله هارون من موسى)((283)).

ومن مصاديق اعتراف الصحابه باحقيه على (ع) ما ورد فى
رساله معاويه لمحمد بن ابى بكر حيث ذكرحق على(ع) فى
رايه وراى ابى بكر وعمر ومن ابتز هذا الحق((284)).

وتحقيق القول فى حق على(ع) الوارد فى اقوال الصحابه
اما ان
يكون بالقرابه من رسول اللّه(ص)، او حقه لورود نص
عليه، او
يكون بالافضليه لما يتمتع به من موهلات قياديه
انفرد بها من
بين سائر الصحابه.

وحق على بسبب القرابه غير مراد من ذلك، لان عمر
يقول:
(كرهناه على حداثه السن وحبه بنى عبدالمطلب)، فبنو
عبدالمطلب لهم الحق بسبب القربى، فلا معنى لقول
عمر،
واضافه الى ذلك فان العباس اقرب لرسول اللّه(ص) من
على،
فلم يذكره احد فى مقام الاحقيه.

واحقيه على اذا كانت مراده لورود نص عليه فهذا ما
يويد ما
اردنا ان نثبته، واذا كانت الاحقيه بالافضليه،فهذه
الافضليه قد
نص عليها رسول اللّه(ص) فى اكثر من موقف مقرونه
بشروط
الامامه، فالاحقيه اذن منبعها ورودنص من رسول
اللّه(ص)
على على (ع).

مطالبه على بحقه
استمر على (ع) يطالب بحقه بالخلافه والامامه فى
جانبها
العملى فى اكثر من مشهد وموقف، وكان يعبرعن ذلك
الحق
بصيغ مختلفه، فقد رفض فى البدايه بيعه ابى بكر
واستمر يدعو
لنفسه، وكان يقول: (اللهم انى استعينك على قريش
فانهم
قطعوا رحمى ... واجتمعوا على منازعتى حقا كنت اولى به
منهم فسلبونيه)((285)).

وقال: (ان اللّه لما قبض نبيه، استاثرت علينا قريش
بالامر،
ودفعتنا عن حق نحن احق به من الناس كافه)((286)).

وقال (ع) - فى رده على قول القائلين: انك على هذا
الامر
لحريص - : (انتم احرص منى وابعد، اينا احرص، اناالذى
طلبت
ميراثى وحقى الذى جعلنى اللّه ورسوله اولى به،
وتحولون بينى
وبينه...)((287)).

وكان يقول: (بايع الناس لابى بكر وانا واللّه اولى
بالامر منه... ثم
بايع الناس عمر وانا واللّه اولى بالامر منه واحق
منه، فسمعت ...
مخافه ان يرجع الناس كفارا يضرب بعضهم رقاب بعض
بالسيف)((288)).

وعبر عن اقصائه عن الخلافه بالتظاهر فقال
لعبدالرحمن بن
عوف حينما عقد الخلافه لعثمان بن عفان:(ليس هذا اول
يوم
تظاهرتم فيه علينا)((289)).

وحينما وصل الى الخلافه كان يردد القول بحقه ومن
جمله
ذلك قوله: (... فواللّه ما زلت مدفوعا عن حقى،مستاثرا
على منذ
قبض اللّه نبيه(ص) حتى يوم الناس هذا)((290)).

ومن جمله اظهاره لحقه خطبته المعروفه
بالشقشقيه.

وقد
ناشد الصحابه فى ايام خلافته على من سمع حديث
الولايه فى
يوم الغدير فقام جماعه فشهدوا له بذلك الا ثلاثه
فدعا عليهم
فاستجاب اللّه دعوته عليهم((291)).

واوضح ما اخبره به رسول اللّه(ص) بالقول: (اما ورب
السماء
والارض، انه لعهد النبى الامى الى: لتغدرن
بك الامه من
بعدى)((292)).

والغدر لا يتحقق بمجرد اختيار غيره للخلافه اذا كان
الامر لا
نص فيه، وانما هو اشاره الى ان الحق حقه وان الامه
عالمه
بذلك، وقد بايعته على الولايه والامامه فى عهد رسول
اللّه(ص)
ثم غدرت بالبيعه لغيره، فلا يستقيم الحديث الا
بهذا التفسير
حتى يكون الغدر مستعملا فى معناه الحقيقى.

وهكذا يتضح ان الحق الذى اشار اليه على(ع) هو الحق
المنصوص عليه، والا لما عبر عنه بالحق
المسلوب والحق
المدفوع.

اعتراف الصحابه بالنص
النص على امامه على(ع) لم يكن دعوه اقتصرت على اهل
البيت(ع) او اتباعهم، وانما حقيقه قائمه اعترف
بهاكبار
الصحابه اعترافا جليا او خفيا، وقد ظهر ذلك
الاعتراف فى
بعض المحاورات والاحتجاجات التى حدثت بعدالسقيفه
فى
عهد ابى بكر وعمر وعثمان وفى بدايه خلافه على (ع).

ففى حوار بين عمر وعبد اللّه بن عباس، قال عمر:
(اتدرى ما
منع قومكم منهم «اى بنى هاشم »بعد محمد(ص)؟... كرهوا
ان
يجمعوا لكم النبوه والخلافه فتبجحوا على قومكم
بجحا بجحا،
فاختارت قريش لانفسها فاصابت ووفقت).

قال ابن عباس: (اما قولك ياامير المومنين: اختارت
قريش
لانفسها فاصابت ووفقت، فلو ان قريشااختارت لانفسها
حين
اختار اللّه لها لكان الصواب بيدها غير مردود ولا
محسود.

واما
قولك: انهم ابوا ان تكون لناالنبوه والخلافه، فان
اللّه عزوجل،
وصف قوما بالكراهه فقال: (ذلك بانهم كرهوا ما انزل
اللّه
فاحبط اعمالهم)((293)).

فقال عمر: (بلغنى انك تقول: انما صرفوها ... حسدا
وبغيا
وظلما).

فقال ابن عباس: (واما قولك: ظلما، فلقد تبين للجاهل
والحليم، واما قولك: حسدا، فان آدم حسد ونحن
ولده المحسودون)((294)).

وفى روايه، قال ابن عباس: (واما قولك: فان قريشا
اختارت، فان
اللّه تعالى يقول: (وربك يخلق ما يشاءويختار ما كان
لهم
الخيره)((295))،
وقد علمت ياامير المومنين ان اللّه اختار من
خلقه لذلك من اختار، فلو نظرت قريش من حيث نظر
اللّه لها
لوفقت واصابت)((296)).

وفى هذا الحوار يصرح عبد اللّه بن عباس بان اللّه
تعالى اختار
رجلا من بنى هاشم للقياده والامامه، وانه لاحق
لقريش ان
تختار غير ما اختاره اللّه تعالى لهم.

وفى حوار آخر بينهما سال عمر عن على (ع) فقال: ياعبد
الله،
عليك دماء البدن ان كتمتنيها! هل بقى فى نفسه شى ء
من امر
الخلافه؟ قال ابن عباس: نعم، قال عمر: (ايزعم ان رسول
اللّه(ص) نص عليه؟) قال: (نعم، وازيدك،سالت ابى ...
فقال:
صدق، فقال عمر: (لقد كان من رسول اللّه(ص) فى امره ذرو
من قول ... ولقد كان يربع فى امره وقتا ما، ولقد اراد
فى مرضه
ان يصرح باسمه فمنعت من ذلك اشفاقا وحيطه على
الاسلام،
لا ورب هذه البنيه لاتجتمع عليه قريش ابدا! ولو
وليها
لانتقضت عليه العرب من اقطارها، فعلم رسول اللّه(ص)
انى
علمت ((297))
ما فى نفسه،فامسك، وابى اللّه الا امضاء ما حتم)((
972
)).

ففى هذا الحوار يتضح ان ثلاثه من الصحابه اكدوا
وجود نص،
وهم على والعباس وابنه عبد الله، واعترف عمر
اعترافا ضمنيا
بالنص وادعى انه منع الرسول(ص) من التصريح باسم على،
وسياتى تفصيل ذلك فى موضوع(الشواهد على الاجتهاد
مقابل
النص.

وفى حوار آخر قال عثمان بن عفان لعبداللّه بن عباس:
(ولقد
علمت ان الامر لكم، ولكن قومكم
دفعوكم عنه واختزلوه دونكم،
فواللّه ما ادرى ادفعوه عنكم ام دفعوكم عنه؟)، فقال
ابن
عباس: (... فاما صرف قومنا عناالامر فعن حسد قد واللّه
عرفته،
وبغى قد واللّه علمته، فاللّه بيننا وبين قومنا)((298)).

واعترفت ام سلمه وعائشه بالنص فى حوار دار بينهن،
قالت ام
سلمه لعائشه: (واذكرك ايضا ... قلت له،وكنت اجرا عليه
منا:
من كنت يارسول اللّه مستخلفا عليهم؟ فقال: خاصف
النعل،
فنظرنا فلم نر احدا الا عليا،فقلت: يارسول الله، ما
ارى الا عليا،
فقال: هو ذاك)، فقالت عائشه: (نعم اذكر ذلك)((299)).

وهنالك مويدات لتلك الادله يظهر من ايرادها
الاعتراف بالنص
كما فى احتجاجات بعض الصحابه بعدالسقيفه، نورد بعض
تلك
الاحتجاجات هنا، قال خالد بن سعيد بن العاص: (اتق
اللّه ياابا
بكر، فقد علمت ان رسول اللّه(ص) قال ... يامعشر
المهاجرين
والانصار، انى موصيكم بوصيه فاحفظوها، وانى مودعكم
امرا
فاحفظوه، الاان على بن ابى طالب اميركم بعدى
وخليفتى
فيكم، بذلك اوصانى ربى)((300)).

وقال بريده الاسلمى: (ياابا بكر ... او لم تذكر ما
امرنا به رسول
اللّه(ص) من تسميه على بامره المومنين)((301)).

وفى احتجاج فاطمه الزهراء (ع) قالت: (... كانكم لم
تعلموا ما
قال يوم غدير خم، واللّه لقد عقد له يومئذ
الولاءليقطع منكم
بذلك منها الرجاء)((302)).

وجميع ما تقدم من اعترافات واحتجاجات، اضافه الى ما
ذكرناه
فى البحوث المتقدمه، يدلنا على ان النص على على (ع)
حقيقه
قائمه، بقى على واهل البيت(ع) يحتجون بها حتى نسب
اليهم
القول بالنص فى كتب الكلام للفريقين.

اسباب مخالفه النص
ان كثيرا من المورخين والمولفين انصرفوا عن القول
بالنص،
وانكروا وجوده، لانهم نظروا الى الواقع،وجعلوا
الواقع دليلا على
منهجهم فى البحث التاريخى والعقائدى، فلم يصدقوا
ان
الصحابه يتجراون على رسول اللّه(ص) فى مخالفه
اوامره
ونصوصه، لذا احتجوا على عدم وجود النص على على(ع)
ببيعه
المسلمين لابى بكر،وفى ذلك نورد ما قاله محمد بن
عثمان
الذهبى فى اختصاره لكتاب (منهاج السنه)، ومما جاء
فيه:
(وكل نص اجمعت الامه على خلافه فهو منسوخ بنص آخر،
اما
ان يبقى فى الامه نص معلوم والاجماع بخلافه، فهذا
لم
يقع،فالاجماع والنص على خلافه الصديق مبطلان
بالضروره
لما افترته الرافضه من النص على على)((303)).

وفى مقام الجواب نذكر ما قاله النقيب ابو جعفر يحيى
بن
محمد بن ابى زيد، وهو على حد تعبير ابن ابى الحديد:
(لم يكن
امامى المذهب ... ولا يرتضى قول المسرفين من
الشيعه)((304)).

ففى حواره مع ابن ابى الحديد قال: (ان القوم لم
يكونوا يذهبون
فى الخلافه الى انها من معالم الدين، وانهاجاريه
مجرى
العبادات الشرعيه، كالصلاه والصوم، ولكنهم كانوا
يجروها
مجرى الامور الدنيويه، ويذهبون لهذا، مثل تامير
الامراء وتدبير
الحروب وسياسه الرعيه، وما كانوا يبالون فى امثال
هذا من
مخالفه نصوصه(ص) اذا راوا المصلحه فى غيرها، الا
تراه كيف
نص على اخراج ابى بكر وعمر فى جيش اسامه، ولم يخرجا
لما
رايا ان فى مقامهما مصلحه للدوله وللمله، وحفظا
للبيضه،
ودفعا للفتنه ... وقد اطبقت الصحابه اطباقاواحدا على
ترك
كثير من النصوص لما راوا المصلحه فى ذلك، كاسقاطهم
سهم
ذوى القربى واسقاط سهم المولفه قلوبهم، وهذان
الامران
ادخل فى باب الدين منهما فى باب الدنيا ... حتى اقتدى
بهم
الفقهاء من بعد، فرجح كثير منهم القياس على
النص...)((305)).

وهنالك شواهد اخرى على مخالفه النص فى حياه رسول
اللّه(ص) سنذكرها فى النقطه القادمه، فلا غرابه
فى ذلك.

ولمخالفه النص اسباب عديده اجتمعت لصرف
الامامه
- وجانبها التطبيقى وهو الخلافه - عن على(ع)،ومنها:
ما
وضحه على(ع) حيث قال: (ان الناس ينظرون الى قريش،
وقريش تنظر فى صلاح شانها، فتقول: ان ولى الامر بنو
هاشم
لم يخرج منهم ابدا، وما كان فى غيرهم فهو متداول فى
بطون
قريش)((306)).

ومنها: الحقد الجاهلى الذى تكنه قريش لبنى هاشم
ولعلى
خصوصا، وفى ذلك قال عثمان لعلى (ع): (مااصنع ان كانت
قريش لا تحبكم، وقد قتلتم منهم يوم بدر سبعين)((307)).

وقد اجاد النقيب ابو جعفر - المتقدم ذكره - فى توضيح
تلك
الاسباب((308))
وهى: الحسد، والثار، واستحداثهم سنه،
وكراهه اجتماع النبوه والخلافه فى بيت واحد،
والخوف من
شده وطاته فى دين الله، وبغضه ببغضهم لرسول
اللّه(ص) وهم
المنافقون.

وقال ايضا - فى تقسيمه للاصناف التى اشتركت فى
مخالفه
النص -: (وقال روساوهم انا خفنا الفتنه،وعلمنا ان
العرب لا
تطيقه ولا تتركه، وتاولوا عند انفسهم النص ...
وقالوا: انه النص،
ولكن الحاضر يرى ما لايرى الغائب.

ومنهم ذو الدين ... لما راى كبراء الصحابه قد اتفقوا
على صرف
الامر عنه، ظن انهم انما فعلوا ذلك لنص سمعوه من
رسول
اللّه(ص) ينسخ ما قد كان سمعه من النص على امير
المومنين
...
ومنهم فرقه اخرى وهم الاكثرون اعراب وجفاه وطغام
اتباع
كل ناعق)((309)).

ثم يقول - موضحا سبب خفاء النص - : (وقويت كلمه
العاقدين
لبيعه ابى بكر، وقواها زياده على ذلك اشتغال على
وبنى هاشم
برسول اللّه(ص)، واغلاق بابهم عليهم ... ثم اكد حسن ظن
الناس بهم انهم اطلقوا انفسهم عن الاموال، وزهدوا
فى متاع
الدنيا ... وحسنت فيهم الظنون، وقال من كان فى نفسه
شبهه
منهم او وقفه فى امرهم: لو كان هولاء قد خالفوا
النص لهوى
انفسهم لكانوا اهل الدنيا ولظهر عليهم الميل اليها
...)((310)).

واضافه الى ذلك، ان الذين حضروا واقعه الغدير كانوا
من امصار
ومدن مختلفه بعيده عن المدينه المنوره، وليس
لديهم القدره
على الاعتراض او اتخاذ اى موقف يخالف الامر الواقع،
ولم يبق
مع على (ع) الا بنوهاشم والقله القليله من الصحابه
التى لا
تستطيع ان تغير من الواقع شيئا امام الاصناف
المتقدمه التى
لم تكترث لمخالفه النص او ايدت ما وقع بالفعل من
مخالفته.

الشواهد على الاجتهاد مقابل النص
لا غرابه فى مخالفه النص بعد رسول اللّه(ص)، وقد
خولف فى
حياته فى كثير من المواقف والمشاهد،وخصوصا فى
الامور
المتعلقه بالسياسه، وكانوا يسالونه عن موقفه هل هو
من اللّه ام
منه؟ كما حدث فى بدرحيث اشار الحباب بن المنذر
عليه(ص)
فى تغيير موقعه العسكرى((311)) واشارته نابعه من التفكير
بان
رسول اللّه(ص) قديخط ى فى مثل هذه الامور.

وقبل غزوه
الخندق اجرى(ص) صلحا مع قائد غطفان لتحييد موقفه،
ولكن سعد بن معاذلم يوافقه فى ذلك فاستجاب(ص) له ولم
يقدم على التوقيع على صيغه الصلح((312)) تطييبا لخاطر
سعد.

وهذه المخالفه فى الراى وان كانت نابعه من خطا فى
فهم
العصمه الا انها كانت عن حسن نيه، وقد خالف كبار
الصحابه
رسول اللّه(ص) فى حياته فى كثير من المواقف، ففى صلح
الحديبيه واجهوا رسول اللّه(ص) مواجهه شديده
اللهجه
واعترضوا على الصلح، بل رفضوا الانصياع لاوامره
حينما امرهم
بالحلق والنحر لانه اوعدهم بدخول مكه فلم يتحقق
الوعد،
وصالح المشركين، فكان ذلك فى نظرهم دنيه فى
الدين((313)).

وحينما امر(ص) اسامه بن زيد على كبار الصحابه طعنوا
فى
امارته فقال(ص): (ان تطعنوا فى امارته فقدطعنتم فى
اماره
ابيه من قبله، وايم اللّه لقد كان خليقا للاماره)((314)).

وتثاقل كثير من الصحابه عن الالتحاق به، وعصوا
اوامر رسول
اللّه(ص) حتى غضب وقال: (جهزوا جيش اسامه، لعن اللّه
من
تخلف عنه)((315)).

وفى روايه: (جهزوا جيش اسامه، انفذوا جيش اسامه،
ارسلوا
بعث اسامه لعن اللّه من تخلف عنه)((316)).

ولم ينفذ اسامه ولا اتباعه اوامر رسول اللّه(ص) فى
التوجه الى
الروم، لانهم كانوا ينتظرون مصيره(ص) ولم يتوجهوا
الا فى
عهد ابى بكر((317)).

فقد اعترضوا عليه(ص) لتاميره اسامه وتثاقلوا فى
الالتحاق به
حتى وصل الامر الى ان لعن(ص) المتخلفين،وكل ذلك فى
حياته، وانسحب ابو بكر وعمر وغيرهم من جيش اسامه
بعد
وفاه رسول اللّه(ص) لانهم يرون ان اوامره(ص) مقيده
بزمانه،
وكانوا يخالفونها - كما تقدم فى الموضوع السابق - ان
كانت
المصلحه فى مخالفتهاحسب تصوراتهم، وقد طلب الصحابه
من ابى بكر عزل اسامه، وبعثوا لهذه المهمه عمر بن
الخطاب
حيث قال له:(فان الانصار تطلب رجلا اقدم سنا من
اسامه)((318)).

وفى مرض رسول اللّه(ص) وحينما اشتد به الوجع قال:
(ائتونى
بكتاب اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده
ابدا)،فتنازعوا، وقالوا:
(هجر رسول اللّه)، فقال: (دعونى فالذى انا فيه خير
مما
تدعونى اليه)((319)).

وفى روايه: (قالوا: ما شانه؟ اهجر! استفهموه)، فذهبوا
(يعيدون
عليه) القول((320)).

فما تقدم ينص على ان بعض المجتمعين عند رسول
اللّه(ص)
اتهموه بالهجر، ولم يذكر المحدثون اسم عمربن
الخطاب، اما
حينما يذكر فان كلمه (يهجر) تحذف ويعوض عنها بكلمه
(غلبه الوجع) وفيما يلى نص الروايه:(لما اشتد
بالنبى(ص)
وجعه قال: ائتونى بكتاب اكتب لكم كتابا لا تضلوا
بعده، قال
عمر: ان النبى(ص) غلبه الوجع،وعندنا كتاب اللّه
حسبنا،
فاختلفوا وكثر اللغط)((321)).

وفى روايه اكثر وضوحا (... فقال عمر كلمه معناها ان
الوجع قد
غلب على رسول الله، ثم قال: عندنا القرآن حسبنا
كتاب اللّه،
فاختلف من فى البيت واختصموا، فمن قائل يقول: القول
ما
قال رسول اللّه(ص)، ومن قائل يقول:القول ما قال عمر،
فلما
اكثروا اللغط واللغو والاختلاف، غضب رسول الله،
فقال: قوموا،
انه لا ينبغى لنبى ان يختلف عنده هكذا)((322)).

ويرى ابن ابى الحديد ان الحديث المذكور (اتفق
المحدثون
كافه على روايته)((323)).

وفى ذكر هذا الحديث لا نريد اثبات ان كلمه (الهجر)
قالها عمر
بن الخطاب، بل نريد اثبات مخالفه النص فى حياه
رسول
اللّه(ص)، والذى خالف النص فى هذه الواقعه عمر بن
الخطاب
ومعه جماعه من كبار الصحابه، حتى انقسم الحاضرون
الى
قسمين وتنازعوا، ومخالفه النص هنا لم تكن فى قضيه
هامشيه
او سطحيه وانما كانت من القضايا الاساسيه فى حركه
المسلمين التاريخيه لان رسول اللّه(ص) قرن بين
كتابه
الكتاب وبين عدم الضلال،بمعنى انه(ص) اراد هدايتهم
وايصالهم الى التكامل والسمو فى هذه الوصيه، ومع
ذلك
احدثوا ما يودى الى تخلى رسول اللّه(ص) عن كتابه
الكتاب لئلا
يساء اليه بعد وفاته بتهمه الهجر التى قد تودى الى
التشكيك
فى قضايا اساسيه اخرى تمس العقيده والشريعه، فمن
يخالف
رسول اللّه(ص) فى امر هام وهو الهدايه وفى حياته
ووجها
لوجه، فمن الاولى ان يخالفه بعد وفاته فى مساله
الامامه من
بعده، وخصوصا اذا كان الواقع يشجع على تلك المخالفه
كماتقدم فى اسباب مخالفه النص.

المبحث الرابع:الشورى
ذهب العامه الى ان الشورى هى النظريه الوحيده فى
اختيار
الامام والخليفه بعد رسول اللّه(ص)، ورفضواالقول
بوجود نص
على امامه على بن ابى طالب (ع)، ولا مستند لهذه
النظريه
عندهم من كتاب او سنه، وانما نظرواالى الواقع،
فوضعوا
النظريه على اساس ذلك الواقع، لذا كانت النظريه
مضطربه
وغير واضحه المعالم، فتاره ينسبون صحه النظريه
الى مخاطبه
الصحابه لابى بكر بالقول: (ياخليفه رسول اللّه)((324))
وادعوا
الاجماع على ذلك،وتاره يرجعون الامر لاختيار (اهل
الحل
والعقد وان قلوا للاجماع على امامه ابى بكر من غير
نص، ولا
توقف الى اتفاق الكل)((325)).

وتوسعت النظريه بسبب تبرير الواقع فعادوا للايمان
بالنص
والتعيين او العهد من الامام والخليفه
السابق مستدلين على
ذلك بعهد ابى بكر لعمر((326)) وجعلوا العهد لجماعه
كالاستخلاف، مستندين الى عهد عمر للسته
من الصحابه((327)) والى عهد هارون العباسى
لثلاثه من
اولاده عن مشوره من فضلاء العلماء((328))، ووصل الحال
بالنظريه عندبعض ائمه اهل السنه الى تجويز امامه
الفاسق((329))
، وكل ما تقدم من آراء مستندها الواقع ولا اثر
لها من كتاب او سنه صحيحه، والواقع التطبيقى لا
يمثل
المسيره الاسلاميه واسسها وموازينها الثابته،
فليس كل موقف
او حدث صنعه المسلمون محسوبا على الاسلام، وانما
ما وافق
الاسس والموازين الثابته فقط، فالمسلمون
يبتعدون ويقتربون
فى واقعهم التطبيقى من الاسس والموازين الثابته،
ومن
الخطا ان ننسب للاسلام كل ما صنعه المسلمون.

الادله على الشورى
اولا : اجماع الامه
قدمنا هذا الدليل على بقيه الادله لانه الاقوى فى
مقام
الاستدلال عند من يتبنى نظريه الشورى وان
رسول اللّه(ص)
ترك الخلافه والامامه للامه فهى التى تختار،
ومستند هذا
الاجماع وحجيته هو الحديث المنسوب الى رسول
اللّه(ص)
بقوله: (لا يجمع اللّه هذه الامه على الضلاله ابدا
ويد اللّه على
الجماعه فاتبعوا السواد الاعظم فانه من شذ شذ فى
النار)((330)).

فالامه حسب هذا الراى قد اجمعت على خلافه ابى بكر،
وهى لا
تجتمع على ضلاله فتكون خلافته صحيحه،والطريقه التى
اختير فيها صحيحه ايضا.

هذا ملخص الدليل، ونحن فى مقام رد الدليل نناقشه من
عده
جهات:
الجهه الاولى: سند الروايه، فالروايه محل خلاف بين
المسلمين
بين الشيعه والسنه، وبين السنه انفسهم،فالشيعه قد
اجمعوا
على عدم تماميه سندها، اما السنه فانهم لم يذكروها
فى كتب
الصحاح المعروفه، وانما ذكرهاالحاكم النيسابورى،
وقد كان
مترددا فى اثبات تماميه سندها، ولذا يقول فى مقام
موقفه من
الشواهد على الروايه: (لا ادعى صحتها ولا احكم
بتوهينها بل
يلزمنى ذكرها لاجماع اهل السنه على هذه القاعده)((331)).

والراوى المشترك فى الروايه هو المعتمر بن سليمان،
فالوجه
الاول للروايه عن خالد بن يزيد القرنى عن المعتمر
عن ابيه عن
عبد اللّه بن دينار عن ابن عمر، ويقول الحاكم
النيسابورى:
(خالد بن يزيد هذا شيخ قديم للبغداديين ولو حفظ هذا
الحديث
لحكمنا له بالصحه)((332)).

والوجه الاخر عن المعتمر عن سفيان او ابى سفيان عن
عبد اللّه
بن دينار، ويقول الحاكم: (قال الامام ابوبكر محمد بن
اسحاق
لست اعرف سفيان وابا سفيان هذا)((333)).

وفى وجه عن المعتمر عن مسلم بن ابى الذيال عن عبد
اللّه بن
دينار، ويقول الحاكم: (وهذا لو كان محفوظامن الراوى
لكان
من شرط الصحيح)((334)).

ويقول حول مبارك بن سحيم: (فانه ممن لا يمشى فى مثل
هذا الكتاب لكنى ذكرته اضطرارا)((335)).

فالحاكم نراه مترددا فى الحكم على الروايه ولكنه لم
يستطع
مخالفه القاعده، ولذا فانه ملزم بذكرها على الرغم
من عدم
تماميه سندها تمشيا مع اجماع السنه على القاعده،
وتوثيقه
للمعتمر، والروايه وشواهدها غيرتامه السند عنده((336)).

الجهه الثانيه: الاجماع نفسه، فان دراسه الواقع
بصوره دقيقه
توصلنا الى نتيجه واضحه المعالم هى انه لم يحدث
اجماع على
خلافه ابى بكر كما تقدم وان الذين بايعوا فيما بعد
وعلى راسهم
على بن ابى طالب بايعواحفاظا على وحده المسلمين
ولدرء
الاخطار المحدقه بالدوله الفتيه، كما صرح بذلك على
(ع) فى
احاديثه المتقدمه،وسياتى تفصيل ذلك بعد قليل.

الجهه الثالثه: جانب الدلاله، لو تم السند، وفرضنا
ان الاجماع
قد تحقق فى خلافه ابى بكر، نقول ما هى القاعده التى
اعتمدتها
الامه فى اجماعها فهل اعتمدت على نص من الكتاب
الكريم، او
من رسول اللّه(ص)، او اعتمدت على قاعده الاجماع
نفسها، وما
هى الاسس التى حددت هذا الاختيار هل هى الاعلميه او
الكفاءه او العصمه،ونقول ايضا: اذا ثبت النص على
قياده وامامه
غير ابى بكر وهو على (ع) كما تقدم سواء كان نصا جليا
او
خفيا،فما معنى التخلى عن النص، او عن رغبه رسول
اللّه(ص)
فى ان يتولى الامر على بن ابى طالب (ع) من بعده - لو
تمشينامع قول عمر من ان رسول اللّه(ص) اراد ان يرشحه
-
ونقول ان الاجماع لابد ان يكون موافقا للحق وقد قال
رسول اللّه(ص): (على مع الحق والحق مع على، ولن
يفترقا
حتى يردا على الحوض يوم القيامه)((337)).

ومخالفه الاجماع - المدعى - من قبل على (ع) ماذا يعنى؟
هل
يعنى ان عليا قد خالف الحق؟ وهذا لا يقول به احد،
وثانيا
يستدعى ذلك نسبه الكذب الى سيد الصادقين.

فالاجماع للاستدلال على نظريه الشورى غير تام من
جميع
الجهات، والاجماع المراد غير واضح الدلاله،هل هو
اجماع
جميع المسلمين ام الغالبيه منهم ام بعضهم المتصف
بصفات
خاصه، وهذا غير واضح ويحتاج الى ادله اخرى لم تكن
مذكوره
وموضحه.

ثانيا : الاقتداء بابى بكر وعمر
نسب بعض السنه الى رسول اللّه(ص) انه قال: (اقتدوا
بالذين
من بعدى ابى بكر وعمر)، واستدلوا به على صحه
الشورى،
وقيل فى مقام الاقتداء: (واقل مراتب الامر الجواز)((338)).

ووجه الاستدلال ان ابا بكر وعمر شاركا فى اجتماع
السقيفه،
وكانت نتيجه الحدث هو اختيار ابى بكرخليفه وقيامه
بالامر،
فهذا يدل على صحه ما اختاروه.

والروايه عند الشيعه مكذوبه على رسول اللّه(ص)، اما
عند
السنه فانها ليست محل اتفاق عندهم، نذكر هنانقاش
ابن حزم
الاندلسى للروايه المتقدمه ولروايه اخرى منسوبه
الى رسول
اللّه (ص) انه قال: (عليكم بسنتى وسنه الخلفاء
الراشدين من
بعدى).

وفى ذلك يقول ابن حزم الاندلسى: (انه(ص) لا يامر بما
لا يقدر
عليه، ووجدنا الخلفاء الراشدين بعده(ص) قداختلفوا
اختلافا
شديدا فلابد من احد ثلاثه اوجه لا رابع لها:
اما ان ناخذ بكل ما اختلفوا فيه، وهذا ما لا سبيل له
ولا يقدر
عليه، او يكون مباحا لنا بان ناخذ باى شى ءوهذا
خروج عن
الاسلام لانه يوجب ان يكون دين اللّه تعالى موكولا
الى اختيارنا،
فيحرم كل واحد منا ما يشاء،ويحل ما يشاء، ويحرم
احدنا ما يحله
الاخر، وايضا: فلو كان هذا لكنا اذا اخذنا بقول
الواحد منهم، فقد
تركنا قول الاخر منهم، ولابد من ذلك، فلسنا متبعين
لسنتهم،
وايضا فان الرسول(ص)... اما ان يكون اباح ان يسنوا
سننا
غيرسننه، او اباح ان يحرموا شيئا كان حلالا على
عهده(ص)
الى ان مات، او ان يحلوا شيئا حرمه رسول اللّه(ص)، او
ان يوجبوا فريضه لم يوجبها رسول اللّه(ص)، او ان
يسقطوا
فريضه فرضها رسول اللّه (ص) ولم يسقطها الى ان مات
...وكل
هذه الوجوه من جوز منها شيئا فهو كافر مشرك ...)((339)).

ونقاش ابن حزم الاندلسى يغنينا عن الاجابه على
الدليل، فهو
غير ثابت دلاله وسندا، اضافه الى ذلك فانهماخالفا
الشورى،
فابو بكر عهد بالخلافه الى عمر مستغنيا عن الشورى،
وحصرها
عمر فى سته وهنالك آراء لعمرفى ان بيعه ابى بكر لم
تكن عن
شورى كما سياتى.

ثالثا : آيات الشورى
قال اللّه تعالى: (فبما رحمه من اللّه لنت لهم ولو
كنت فظا
غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفرلهم
وشاورهم فى الامر فاذا عزمت فتوكل على الله...)((340)).

وقال تعالى: (والذين استجابوا لربهم واقاموا الصلاه
وامرهم
شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون)((341)).

/ 8