تنبیهات حول المبدأ والمعاد نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تنبیهات حول المبدأ والمعاد - نسخه متنی

حسن علی المروارید

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


و بالجملة : التصريح بانه ليس في الدار غيره ديار قرينة واضحة على ان مراده من الوجود الظلي , ومن الضؤ ومن الوجود الممكن , ومن اعيان الممكنات , ومن التجلي والمجلى , والظهور والمظهر
ليس شيئا آخر سوى مراتب حقيقة الوجود.

و قال بعض المتاخرين في بيان اعتبارات الماهية : حقيقة الوجود اذا اخذت بشرطان لا يكون معها
شـي مـن الاسـمـا والصفات فهي المرتبة الاحدية المستهلكة فيها جميع الاشيا واذا اخذت بشرط
الاسـمـا والصفات فهي المرتبة الواحدية المدلولـة لا سم الجلالة وهو اللّه واذا اخـذت لا بشرط
فهي الهوية السارية في كل شي والمراد من الاسما والصفات مفاهيمها , فان حقائقها حقيقة الوجود ,
فيكون اشتراط الشي بنفسه انتهى ((256)) .

اقول : المراد بالاخذ اللحاظ والاعتبار.

فـمـمـا ذكـرنـا ظهر ان معنى ((بسيط الحقيقة كل الاشيا)) ان كل حقيقة ووجود يكون في غاية
الـبـساطة (اي حتى من جهة التركيب الاعتباري من وجود وعدم غيره من الوجودات ) فهو عبارة
اخـرى عـن حـقـيـقـة كلها الوجود ولا وجود غيرها , فظاهر ان كل ماهو هكذا فهو كل الاشيا
المفروض ان كلها الوجود , وهذا من الواضحات من قبيل حمل الشي على نفسه .

و معنى ا نه ليس بشي من الاشيا ان حقيقة الوجود ـ التي هي مجموع الوجودات بما لها من المراتب ـ
لـيـسـت منحصرة بمرتبة دون مرتبة , لكون المفروض ا نه كل الوجود ,فلا يصح ان يقال ان كل
الوجود حقيقة هذا الشي الذي هو مرتبة من مراتب الوجود لاكل الوجود , او بمعنى ا نه ليس بشي
من حدودها ونقائصها ,كما قال به السبزواري في حاشية الاسفار في تفسير هذا الكلام , وهذا ايضا
امر واضح ولكنه اشبه بالاحجية واللغزفي الكلام .

و بـالـجملة : صحة هاتين الجملتين :(بسيط الحقيقة كل الاشيا وليس بشي منها)بحسب المفهوم لا
اشكال فيها , انما الاشكال بل المنع الاكيد في كون جميع ما في دارالتحقق مصداقا لهاتين الجملتين ,
لـكـونـه مبتنيا على كون ما في عالم الوجود من الخالق والمخلوق حقيقة واحدة , وهو ممنوع اشد
المنع .

بل الواقع الذي هو من ضروريات الاديان الالهية ان في دار التحقق حقيقتين :.

احداهما : حقيقة قائمة بذاتها ازلية ابدية , وهو اللّه تعالى شانه , الواحد الذي لا ثاني له في حقيقته
,و ذاته الاحد اي المنزه عن التركيب مطلقا , حتى من التركيب الاعتباري ,اي التركيب من وجود
وعـدم غيره الذي هو من سنخ هذه الحقيقة و بعبارة اخرى :التركيب في حقيقة الاله الذي هو عين
العلم وعين القدرة على ابداع الاشيا وايجادهابمشيئته وارادته لا من شي , اي لا من رشح واشراق
من نفسه , فانه الولادة منه الملازمة للتغير بفعله , ولا من تطور وتشؤن في نفسه , فانه عين التغير
في الذات المنزه عنه الذات الازلي القائم بذاته , كما صرح به ابوالحسن الرضا (ع ) : لا يتغير اللّه
بـانغيار المخلوق , كمالا يتحدد بتحديد المحدود ((257)) , ولا من مادة ازلية تكون مشاركة له
في التحقق والوجود , كما صرح به اميرالمؤمنين (ع ) : لم يخلق الاشيا من اصول ازلية ((258)) .

فـان الـخـلقة باحد الوجوه الثلاثة ليست لا من شي , لانها لو كانت من المادة الازلية لكانت من شي ,
مـضـافـا الـى ا نـه عـين الشرك , ولو كانت من نفسه تعالى بان تكون بالفيضان والرشح او بالتطور
والـتـشؤن ففي كلا الفرضين تكون الخلقة من الشي بحقيقة الشيئية , وهو الذات الازلي , فلا يصح
التعبير بانها لا من شي كما صرحت به الروايات الكثيرة ((259)) .

الـحقيقة الثانية : حقيقة مخلوقة قائمة ذاتها بخالقها وشي بالغير , نعني : عنوان كونه بالغير ماخوذ
فـي ذاتـه , مـبـدع لا من شي ,فاقد ذاته للعلم والقدرة وسائر الكمالات النورية , حادث بالحدوث
الـحقيقي , انشاه الخالق تعالى شانه بقدرته التي هي عين ذاته ,وبمشيته التي هي فعل له تعالى يظهر
به قدرته .

و الـتـطـور الـذي هـو عـيـن الـتغير , والرشح والاشراق الذي حقيقته الولادة ,والمعروضية
بالاعراض المختلفة , والاتصاف بالاوصاف المتضادة وغير المتضادة من الطهارة والقذارة , والطيب
والعفونة , وحسن النظر وقبحه , والنور والظلمة المحسوستين بالبصر , والمحسوسية بالحواس
الـظاهرة والباطنة , وقبول التصور بالصور الخارجية والذهنية وغيرها , كل ذلك في تلك الحقيقة
الثانية التي وصفناها لا في الذات الاقدس الربوبي جلت عظمته .

و المباينة بين الحقيقتين المذكورتين بما لهما من الاوصاف الذاتية المذكورة من الواضحات .

و اطـلاق لـفـظ الـوجـود على وجوديهما ـ نظير اطلاق الشي عليهما ـ لا يقتضي وحدة الحقيقة
والسنخ .

و بالجملة : هاتان الحقيقتان لمكان تباينهما لا يوجب وجود احداهما محدودية الاخرى ولا التركيب
في الذات ولو اعتبارا.

فـشـبـهـة ان مقتضى كونه تعالى غير محدود وا نه لا يخلو منه مكان انكار وجود الغيروالا يلزم
الـمزاحمة مندفعة ايضا بما ذكر في دفع شبهة التحديد والتركيب , وهو ا نها تلزم اذا كان الامران
من سنخ واحد وحقيقة واحدة .

و نـقـرب اندفاعها بذكر مثالين مرجعهما الى تنزيه الذات الاقدس عن المحدودية والمزاحمة , لا
الى التشبيه حتى يورد عليه بقوله تعالى : (فلا تضربوا للّه الامثال ) ((260)) .

الاول : لا مزاحمة بين وجود الجسم (محدودا كان او فرض غير محدود) وبين وجود الاعراض
من الكم , والكيف , والوضع , والاضافة , وغيرها , كما لا مزاحمة بين الاعراض انفسها.

الـثاني : ـ وهو الطف المثالين واقربهما الى درك حقيقة الاحاطة من غير لزوم المحدودية للمحي
ط بـوجـود الـمـحاط ولا المزاحمة ـ هو نور العلم الظاهر بذاته المظهرللمعلومات والمحسوسات
بـالـحـواس الـظـاهـرة , جواهرها واعراضها , ومنها النورالمحسوس بالبصر والظلمة , وكذا
الـمعقولات والمتصورات , فان الصورة الحاصلة في الذهن وحصول الصورة وعرض الاضافة التي
اخـتـلـفـوا في ان العلم الحصولي المصطلح في المنطق من اي مقولة من هذه المقولات , وكذا صفة
الـحضور ـ نظير الجواهروالاعراض الخارجية ـ كلها من المعلومات وفوق جميعها , لا بالفوقية
الـمـكـانـية , نور ـكما ذكرنا مرارا ـ يكون علم المخلوق باي منها ـ حتى بنفسه ـ بوجدانه لذلك
الـنور المظهرلها بقدر , وجهله بها بفقدانه اياه , وان لم يجد كيفيتهما , فمن يجد ما ذكرنا من النور
الـظـاهـربـذاتـه المظهر لماعداه من المعلومات , ويجد احاطته بجميعها ظاهرها وباطنها ويجد
عـدم مـحـدودية وجوده بوجودها كيف يجوز عقلا انكار حقيقة ووجود آخر مباين لها ومغايرلها
بـالـمـغـايـرة الحقيقية يكون هو الخالق لها المحيط بحقيقتها ظاهرها وباطنها بتوهم لزوم التحديد
والـتركيب والمزاحمة بينه وبينها لو قلنا بوجود كليهما , كي يحتاج الى الالتزام بان كل ما في عالم
الـوجود من سنخ واحد فكيف بالالتزام بالوحدة الحقيقية العينية ,وان المغايرة بين الخالق والمخلوق
اعتبارية .

تنبيهـات فيها فذلكة لما ذكر مرارا :.

بـعد ما بى نا (لامكان احاطة شي بشي بظاهره وباطنه مع واقعية كليهما من دون مشابهة ولا تداخل
ولا ممازجة بينهما , ولا محدودية في ذات المحيط مع واقعية المحاط) من التمثيل بنور العلم الذي
وصفه الصادق (ع ) في رواية حنان بن سدير بالمثل الاعلى ((261)) .

1 ـ كيف يصح لمن فهم ماذكرنا دعوى امكان تنزل الشي بحقيقة الشيئية , الذات الازلي القائم بذاته ,
وصيرورته مخلوقا مبدعا لا من شي , شيئا بالغير , حادثا بالحدوث الحقيقى مع ا نه خلاف ذاتهما ؟.

2 ـ كـيف يصح له دعوى امكان تطور الشي بحقيقة الشيئية القائم بذاته الازلي بماهو مخلوق مبدع
لا من شي قائم ذاته بالغير مع كونه خلاف ذاتهما ؟.

3 ـ كيف يصح له دعوى امكان صعود الشي الذي شيئيته بالغير , المخلوق المبدع لا من شي الحادث
بـالـحـدوث الحقيقي , ورجوعه وفنائه اي اندكاكه في الشي بحقيقة الشيئية , الذات الازلي القائم
بذاته , مع ا نه خلاف ذاتهما ؟.

4 ـ كيف يصح له دعوى السنخية بينهما مع ا نه خلاف ذاتهما فضلا عن العينية ؟.

و بالجملة : الذات الربوبي جل ثناؤه اجل واقدس من ان يكون مجانسا لاشرف مخلوقاته , كما صرح
بـه رسـولـه الاكرم (ص ) بقوله : وتنزه عن مجانسة مخلوقاته ((262)) ومن ان يتطور باشرفها
واطهرها , فضلا ان يتطور باخسها واخبثهاواقذرها , وغير ذلك مما لا ينبغي تصوره , فضلا عن
ذكره بلسان , او كتابته ببنان , مما لابد للقائل بوحدة الوجود والموجود من الالتزام به , كما التزم
به القائل المتقدم ذكره بقوله في بعض كلماته :.

فـكـما وفقني اللّه بفضله ورحمته على الاطلاع على الهلاك السرمدي والبطلان الازلي للماهيات
الامـكـانـيـة والاعيان الجوازية فكذلك هداني بالبرهان النير العرشي الى صراط مستقيم من كون
الـموجود والوجود منحصرة في حقيقة واحدة شخصية لا شريك له في الموجودية الحقيقية , ولا
ثـانـي لـه فـي الـعين , وليس في دار الوجود غيره ديار ,وكل ما يتراى في عالم الوجود ا نه غير
الـواجـب المعبود فانما هو من ظهورات ذاته ,وتجليات صفاته التي هي في الحقيقة عين ذاته , كما
صـرح بـه لسان العرفا بقوله :فالمقول عليه سوى اللّه او غيره او المسمى بالعالم فهو بالنسبة اليه
تـعـالـى كـالـظـل للشخص , فهو ظل اللّه فكل ما ندركه فهو وجود الحق في اعيان الممكنات فمن
حـيـث هـوية الحق هو وجوده , ومن حيث اختلاف المعاني والاحوال المفهومة منها المنتزعة عنها
بـحـسـب الـعـقل الفكري والقوة الحسية فهو اعيان الممكنات الباطلة الذوات , فكما لايزول عنه
بـاختلاف الصور والمعاني اسم الظل كذلك لا يزول عنه اسم العالم وما سوى الحق واذا كان الامر
عـلـى ما ذكرته فالعالم متوهم ما له وجود حقيقى , فهذا حكاية ماذهب اليه العرفا الالهيون والاوليا
المحققون ((263)) .

اقـول : قـولـه : ((فـالـعالم متوهم )) متوهم ومبني اما على كون مراده من الماهيات الحدود , فان
الـواقـعية للوجود لا للحدود التي ليست واقعيتها الا ا نها عدم ما سوى المحدود بها من الوجودات ,
كما وصف بعضهم الماهيات با نها ما شمت رائحة الوجود ((264)) .

و امـا عـلـى كون المراد من الماهيات الوجودات المحدودة بعدم ما سواها من الموجودات , ووجه
كونها باطلة الذوات ان التعين بهذه الحدود العدمية امور اعتبارية ,والواقعية انما هي للوجود الذي
ليس الا وجود الحق المنطوي في هذه الكثرات التي هي بمنزلة الامواج لبحر الوجود.

ثـم ان بعض عباراته في كتبه وان كان موهما او ظاهرا في الالتزام بالعلية و المعلولية في الوجود
ولكنه صرح في بعضها بقوله : فما وضعناه اولا بحسب النظر الجليل من ان في الوجود علة ومعلولا
ادى اخـيرا من جهة السلوك العلمي والنسك العقلي الى ان المسمى بالعلة هو الاصل , والمعلول شان
مـن شؤونه وطور من اطواره , ورجعت العلية والافاضة الى تطور المبدا باطواره , وتجليه بانحا
ظهوراته , فاستقم في هذا المرام الذي زلت فيه الاقدام ((265)) .

اقول : هذا التوهم وامثاله من الاوهام اوجب الالتزام بما هو مخالف لضروريات الاديان , ولما يحكم
بـه العقل والفطرة السليمة والوجدان , واوجب ايضا ارتكاب التاويلات لنصوص الايات والروايات
الـصـادرة عـن اهـل بيت الوحي بما لا يساعده الفهم العرفي العقلائي من الكلام , والتمسك لاثبات
مـرامهم بالمتشابهات التي دلت على خلافهاالمحكمات من الكتاب والسنة , ومنشا ذلك كله هو القول
بان في دار التحقق ليس الا حقيقة واحدة وموجود واحد سموه الوجود , وان مايرى من الاختلاف
والكثرة مراتب ودرجات وتطورات لتلك الحقيقة الواحدة .

فمن كلام ابن عربي في الفتوحات المكية : فسبحان من اظهر الاشيا وهوعينها ((266)) .

و في الفص الهودي من فصوص الحكم : وما خلق تراه العين الا عينه حق .

و قـا ل الـقـيصري في شرحه : اي ليس خلق في الوجود تشاهده العين الا وعينه وذاته عين الحق
الظاهر في تلك الصورة , فالحق هوالمشهود , والخلق موهوم , لذلك يسمى به ,فان الخلق في اللغة
الافك والتقدير ((267)) .

و قال ابن عربي في الفص اليعقوبى :ان الممكنات على اصلها من العدم , وليس وجود الا وجود الحق
بصور احوال ماهي عليه الممكنات في انفسها واعينها , فقد علمت من يلتذ ومن يتالم .

و قال القيصري في شرحه :ليس وجود في الخارج الا وجود الحق متلبسا بصوراحوال الممكنات ,
فلا يلتذ بتجلياته الا الحق , ولا يتا لم منها سواه ((268)) .

و قال ابن عربي في الفص الهاروني :و كان موسى اعلم بالامر من هارون , لانه علم ما عبده اصحاب
العجل .

و قال القيصري في شرحه : اي علم موسى ما الذي عبده اصحاب العجل في الحقيقة .

و قـال ابـن عربي ايضا : لعلمه بان اللّه قضى ان لا يعبدوا الا اياه كما قال : (وقضى ربك الا تعبدوا
الا ايـاه ) ((269)) ومـا حكم اللّه بشي الا وقع , فكان عتب موسى اخاه هارون لما وقع الامر في
انكاره وعدم اتساعه .

و قال القيصري : اي كان عتب موسى اخاه هارون لاجل انكاره عبادة العجل وعدم اتساع قلبه لذلك .

و قال ابن عربي ايضا : فان العارف من يرى الحق في كل شي بل يراه عين كل شي , فكان موسى يرب
ي هارون تربية علم ((270)) .

و عن ابن عربي :.

عقد الخلائق في الاله عقائداوانا اعتقدت بكل ما اعتقدوه .

و قـال الـقيصري في شرح الفصوص : كل ما يطلق عليه اسم الغير فهو من حيث الوجود والحققيقة
عين الحق , وان كان من حيث التقيد والتعين مسمى بالغير ((271)) .

و قـال بـعـضـهـم : بـسـيـط الـحـقـيـقـة كل الاشيا وليس بشي منها , اي ليس بشي من حدودها
ونقائصها ((272)) .

و قـد صدق صاحب الاسفار جميع ما مر عن ابن عربي في المسالة اجمالا بقوله : انه لا يجازف في
القول , كما حكاه عنه المحدث النوري في ترجمته في المستدرك ((273)) .

و تـفـصـيـلا بـمـا مـر مـن قـوله : ان العرفا قد اصطلحوا في اطلاق الوجود المطلق الى آخر
كلامه ((274)) وقوله : اعلم ان الواجب الوجود بسيط الحقيقة الى آخركلامه ((275)) .

و بـقـولـه ايضا : محصل الكلام ان جميع الموجودات عند اهل الحقيقة والحكمة الالهية المتعالية ,
عقلا كان او نفسا او صورة نوعية , من مراتب اضوا النور الحقيقي وتجليات الوجود القيومي الالهي
, وحـيث سطع الحق اظلم وانهدم ما ذهب اليه اوهام المحجوبين من ان للماهيات الممكنة في ذواتها
وجـودا , بـل انـمـا يـظهر احكامها ولوازمهامن مراتب الوجودات التي هي اضوا واظلال للوجود
الـحـقـيـقـي والنور الاوحدي , فكماوفقني اللّه بفضله ورحمته الاطلاع على الهلاك السرمدي
والـبـطلان الازلي للماهيات الامكانية والاعيان الجوازية فكذلك هداني بالبرهان النير العرشى الى
صراط مستقيم الى آخر ما نقلناه عنه ((276)) .

و بـقوله ايضا : فصل في ان واجب الوجود تمام الاشيا وكل الموجودات : هذا من الغوامض الالهية
الـتي يصعب ادراكه الا على من آتاه اللّه من لدنه علما وحكمة , لكن البرهان قائم على ان كل بسي
ط الحقيقة كل الاشيا الوجودية الا ما يتعلق بالنقائص والاعدام , والواجب تعالى بسيط الحقيقة من جميع
الوجوه , فهو كل الوجود كما ان كله الوجود ((277)) .

و عـنـه ايـضـا : فـاذا ثبت تناهي سلسسلة الوجودات من العلل والمعلولات الى ذات بسيط الحقيقة
النورية الوجودية وثبت ا نه بذاته فياض وبحقيقته ساطع تبين وتحقق ان لجميع الموجودات اصلا
واحـدا وسـنـخا فاردا هو الحقيقة , والباقي شؤونه , وهو الذات ,وغيره اسماؤه ونعوته , وهو
الاصـل وما سواه اطواره وشؤونه , وهو الوجود , وما وراه جهاته وحيثياته ولا يتوهمن احد من
هـذه الـعـبـارات ان نـسـبـة الممكنات الى ذات القيوم تعالى تكون نسبة الحلول , هيهات ان الحالية
والـمحلية تقتضيان الاثنينية في الوجود بين الحال والمحل , وهاهنا , اي عند طلوع شمس التحقيق
مـن افق العقل الانساني المتنوربنور الهداية والتوفيق , ظهر ان لا ثاني في الوجود الواحد الحق ,
واضمحلت الكثرة الوهمية , وارتفعت اغاليط الاوهام , والان حصحص الحق وسطع نوره النافذ في
هـيـاكـل الممكنات , يقذف به على الباطل فيدمغه فاذا هو زاهق وللثنويين الويل مما يصفون , اذقد
انـكـشـف ان كـل مـا يقع عليه اسم الوجود بنحو من الانحا فليس الا شانا من شؤون الواحد القيوم
((278)) .

وعنه ايضا : قال العارف القيومي جلال الدين الرومي في مثنويه :.

ما عدمهاييم هستيها نماتو وجود مطلقى هستى ما.

والظاهر اتفاق اكابر الصوفية على ما ذكر في مسالة التوحيد مع اختلاف بينهم في بعض الحيثيات ,
كما يظهر لمن تتبع كلماتهم .

اقـول : هـذه الخطابيات وكذلك تطبيق القاعدة المسلمة ((بسيط الحقيقة كل الاشياوليس بشي من
الاشـيـا)) على الخارج مبتن على القول بان كل ما في عالم التحقق حقيقة واحدة , وان جميع الاشيا
اطوار هذه الحقيقة وشؤونها وتعيناتها , وان التوحيدالذي يجب الاعتقاد به هو بهذا المعنى .

وبـالـجـملة : ماتقدم فهو ممنوع اشد المنع , لما مر من ان المباينة وعدم السنخية بين الحق المتعالي
الـقـائم بـذاته وبين المخلوقات القائمة ذواتها بالغير بحيث كان عنوان القيام بالغير ماخوذا في ذاتها
واضحة , ولا سيما مع ملاحظة ان الاشيا المخلوقة معروضة للعوارض , وذاته تعالى منزه عن ذلك
, ومـلاحظة ا نها حقائق مظلمة , وذاته الاقدس حقيقة العلم والنور , فان ادخالها في الذات الاقدس
واشـتـمال الذات الاقدس القائم بذاته المنزه عن المعروضية للعوارض , الذي حقيقته النور والعلم
عـلـى ذات الـمـخلوق الموصوف بما ذكرنا نقص لذاته القدوس , بل محال ذاتا , فلا تجري القاعدة
المسلمة المذكورة فيه تعالى مع مخلوقاته , لا من جهة تخصيص القاعدة و الحكم العقلي , بل من جهة
خروجها عنه موضوعا , كما في القواعد الثلاث المتقدمة .

ما تقدم في الروايات المباركة من قوله (ص ) : تنزه عن مجانسة مخلوقاته ((279)) وقوله (ع ) :
كـنهه تفريق بينه وبين خلقه ((280)) وقوله (ع ) : انه رب خالق غير مربوب مخلوق ((281))
وقوله (ع ) في الدعا المعروف بدعا يستشير : انت الخالق وانا المخلوق , وانت المالك وانا المملوك
, وانت الرب وانا العبد , وانت الرازق واناالمرزوق , وانت المعطي وانا السائل , وانت الجواد وانا
الـبـخيل ((282)) بل من اول الدعاالى آخره , وقوله عليه السلام في دعا يوم عرفة : انت الذي
انـعمت , انت الذي احسنت الى ان قال : ثم انا يا الهي المعترف بذنوبي فاغفر ها لي , انا الذي اخطات
,انا الذي اغفلت الى ان قال : انا الذي وعدت , وانا الذي اخلفت ((283)) .

و ما شرع من الاقوال والافعال في الصلاة التي هي معراج المؤمن .

ومـا روي بـاسـانـيد صحيحة عن رسول اللّه (ص ) في معراجه الذي هو من افضل مقامات القرب
والوصول الى اللّه تعالى من المكالمات ((284)) .

مقتضى جميعها بل مقتضى صحة بعث الرسل وانزال الكتب والوعد والوعيد ,وخروجها عن اللغوية
والـعـبثية , ومقتضى حكم العقل والفطرة بل ضرورة الاديان , و كذاموضوع المزايلة المنفية عنه
تـعالى في الروايات المباركة هي المغايرة بينه تعالى وبين مخلوقاته حقيقة لا اعتبارا الا ان يحرف
كـلـم الـقـرآن ومـا ورد عن خلفا الرحمان عن مواضعها وتؤول متشابهاتها الى خلاف ما دلت عليه
محكماتها , كما اتفق ذلك لكثيرمنهم .

ومما هو كالصريح في رد هذا التوهم قوله تعالى : (وهو معكم اينما كنتم ) ((285)) .

ومـا روي مـن قـول الامـام الـباقر (ع ): كل ما ميزتموه باوهامكم في ادق معانيه فهومخلوق مثلكم
مردود اليكم ((286)) فان تمييز المطلق عن المقيد وتوصيف الباري تعالى شانه بانه حقيقة الوجود
الـمـطـلـق عن جميع القيود , وان البرية هي الوجودات المحدودة بحدود عدمية من دقائق المعاني
المنفية عنه تعالى كما في غيره ايضا من الروايات المباركة , منها :.

قـول امـيـرالـمؤمنين (ع ) على ما في البحار عن التوحيد والخصال بسندهما عن المقدام بن شريح
الـهـانـي عن ابيه , قال : ان اعرابيا قام يوم الجمل الى اميرالمؤمنين صلوات اللّه عليه فقال : يا امير
الـمـؤمـنـيـن اتـقـول : ان اللّه واحد؟ قال : فحمل الناس عليه وقالوا : يا اعرابي امـيرالمؤمنين من تقسم القلب ؟ نـريـده مـن القوم , ثم قال : يااعرابي يـجـوزان عـلـى اللّه عـزوجـل , ووجـهان يثبتان فيه , فاما اللذان لا يجوزان عليه فقول القائل :
((واحد)) يقصد به باب الاعداد , فهذا ما لا يجوز , لان ما لا ثاني له لا يدخل في باب الاعداد , اما
تـرى ا نـه كـفرمن قال : انه ثالث ثلاثة وقول القائل : هو واحد من الناس يريد به النوع من الجنس
,فهذا ما لا يجوز , لانه تشبيه , وجل ربنا وتعالى عن ذلك واما الوجهان اللذان يثبتان فيه فقول القائل
: ((هـو واحـد ليس له في الاشيا شبه )) , كذلك ربنا , وقول القائل : انه عزوجل احدي المعنى ,
يعني ا نه لا ينقسم في وجود , ولاعقل , ولا وهم كذلك ربناعزوجل ((287)) .

فـانـه بـنا على كون الامر الواقعي في دار التحقق هي الحقيقة المطلقة المسماة بالوجود , بما له من
الاطلاق المنطوي في الوجودات المقيدة , ومن الوحدة المنطوية في الكثرة من غير حلول , وكانت
مغايرة الحق مع الخلق بالاطلاق والتقييد لامحالة يقع الانقسام بجميع معانيه على تلك الحقيقة , فتدبر
واعتبر.

ومـما يجب التنبيه عليه ان وحدة الوجود ـ مع غمض النظر عن بطلان ادلتها ـمتفرعة على اصالة
الـوجـود و اعـتـبارية الماهية , و ان ماهيات الممكنات ليست الا منتزعة من حدود الوجود وهذا
خلاف مايقضي به الفطرة السليمة من ان الاشيا الخارجية حقائق متباينة , ومتعلق جعل الجاعل ـ عز
اسـمـه ـ هـو الانـسان بما هو انسان , والفرس بماهو فرس , والشجر بما هو شجر , لا وجود
الاشيا ((288)) .

تنبيــه .

عمـدة ما استدل به من الايات والروايات للقائلين بوحدة الوجودوالموجود :.

قوله تعالى : (اللّه نور السموات والارض ) ((289)) .

و فـيـه : ا نه مبني على كون المراد من نورها وجودها وثبوتها وكيانها , وهو ممنوع اشد المنع ,
لقوة احتمال كون المراد منه ما به ظهور وجودها بعد وجودها وثبوتهاوكيانها.

وقوله تعالى : (ونحن اقرب اليه من حبل الوريد) ((290)) بدعوى ا نه من اجل انه وجوده وثبوته
.

وفيه : عدم انحصار الوجه بذلك , فان ذاته الاقدس المحيط به وبوجوده وثبوته هوالاقرب .

وقوله تعالى : (ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم ولا خمسة الا هو سادسهم ولاادنى من ذلك
ولا اكثر الا هو معهم اينما كانوا) ((291)) .

وفـيه : ا نه مبني على كون الوجه ا نه بوحدته كل الاشيا وليس هو شيئا من الاشيا ,وهو ممنوع ,
فـان الـمعية تقتضي الغيرية الحقيقية لا الغيرية الاعتبارية , بل هو ـ كما في ماقبله وما سيجئ من
الروايات ـ على خلاف مطلوبهم ادل .

و منه : ما عن النبي (ص ) : خلق اللّه الخلق في ظلمة ثم رش عليه من نوره ((292)) .

وفـيـه : ا نـه مبني على كون المراد من رش النور ظهوره بالوجود وهو ممنوع ,فان الخلق بمعناه
الـحـقـيـقي مساوق للوجود والثبوت , ولفظة ((ثم )) ظاهرة في تاخرالرش عنه , فهو في ارادة
تحميل العلم الذي هو حقيقة النور على الخلق المظلم ذاتا ـكما هو حقيقة كل مخلوق ـ اظهر.

ومـنـه : ما عن النبي (ص ) : ا نه فوق كل شي , وتحت كل شي , قد ملا كل شي عظمته , فلم يخل
منه ارض ولا سما , ولا بر ولا بحر , ولا هوا ((293)) .

و عنه (ص ) : لو ادليتم بحبل على الارض السفلى لهبط على اللّه ((294)) .

و فـي الاسـفار قال موسى : اقريب انت فاناجيك , ام بعيد انت فاناديك , فانى احس حسن صوتك ولا
اراك فـايـن انت ؟ فقال اللّه : انا خلفك , وامامك , وعن يمينك وشمالك ,انا جليس عند من يذكرني ,
وانا معه اذ دعاني ((295)) .

و عـن عـلـي صلوات اللّه عليه : وبعظمته ونوره عاداه الجاهلون , وبعظمته و نوره ابتغى من في
الـسماوات والارض من جميع خلائقه اليه الوسيلة بالاعمال المختلفة هوهاهنا , وهاهنا , وفوق ,
وتحت , ومحيط بنا , ومعنا ((296)) .

و عنه صلوات اللّه عليه : ما رايت شيئا الا ورايت اللّه قبله وبعده ومعه ((297)) .

وعـن مـوسـى بـن جعفر صلوات اللّه عليه في دعائه : وملا كل شي نورك ((298)) بدعوى ان
مصحح تلك العبارات كونه تعالى وجود تلك الاشيا.

وفـيـه : ا نـهـا تدل على استيلائه واحاطة ذاته على جميع الاشيا بما لها من الوجود ,لا على ا نه
وجودها.

ومنه : ما عن الصادق صلوات اللّه عليه : ليس بين الخالق والمخلوق شي ((299)) بدعوى ان نفي
الـشـي بـيـن الـخالق والمخلوق ليس الا من جهة كونه وجود المخلوق , فانه الذي ليس بينه وبين
الماهية شي .

وفـيـه : ا نها مبنية على كون المراد من المخلوق الماهية الاعتبارية الاصطلاحية , وهوممنوع ,
فـان المخلوق ومتعلق الجعل البسيط هو الامر القائم ذاته بخالقه , و واقعيته وكيانه لايوجب فصل
شي بينه وبين الخالق القائم عليه وعلى كل شي , بل هو على خلاف مااستدلوا به ادل .

ومـنـه : ما في دعا عرفة : فاسالك بنور وجهك الذي اشرقت له الارض والسماوات ,وانكشفت به
الظلمات ((300)) .

وفـيـه : ايـضا ا نه مبني على كون المراد من النور واشراق السماوات والارض به كيانهاوتحققها
مقيدا , و هو ممنوع , كما مر , بل هو على خلافه ادل , كمايظهر بالتامل .

ومـنه : ما في هذا الدعا : كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر اليك مـا لـيـس لـك حتى يكون هو المظهر لك ((301)) بدعوى ان ظهوره هووجوده ,و صريحه ان
الظهور لك لا لغيرك .

وفيه : امكان ان يكون المراد ان وجود الغيرالمفتقر الى اللّه تعالى , ليس له بنفسه ظهور حتى يكون
هـو الـمـظـهـر له تعالى من اجل ا نه آية له بل ظهور وجود الغير انما هو به تعالى , فهو المظهر
لوجود الغير الذي هو آية له تعالى , والمظهر لنفسه تعالى ايضا من اجل ا نه ذو الاية .

ومـنه : مافيه ايضا: تعرفت الي في كل شي , فرايتك ظاهرا في كل شي بدعوى ان كونه ظاهرا في
كل شي من جهة ا ن ه وجود كل شي .

وفيه : ما مر من امكان كون المراد هنا ايضا ظهور ذي الاية بالايات الموجودة بحكم العقل , نظير ما
في الحديث : جعل الخلق دليلا عليه فكشف به عن ربوبيته ((302)) .

وفـي الحديث المروى عن ثامن الائمة صلوات اللّه عليه : فاى ظاهر اظهر واوضح من اللّه تبارك
وتـعالى , لانك لا تعدم صنعته حيثما توجهت , وفيه من آثاره مايغنيك ((303)) فمع هذا الاحتمال
لايكون دليلا على قولهم .

ومـنـه : مـا عـن الـنـبـي (ص ) : اصـدق شـي قـالـه شـاعـر كـلـمة لبيد : الا كل شي ماخلا
اللّه بـاطل ((304)) بدعوى ان بطلانه من جهة ا نه ليس لشي وجود الا وجود الحق ,والماهيات
امور اعتبارية باطلة .

وفيه : اولا : ان ظاهر كلامه كما يشهد به قوله :.

وكل نعيـم لا محـالـة زائـل .

وكل اناس سوف تدخل بينهم دويهية تصفـر منهـا الانامـل .

ا نـه بـيـان عـدم ثـبـات الـدنيا ونعيمها , وا نها سيبطل ويزول , كما في قوله : (كل شي هالك الا
وجهه ) ((305)) فهو اجنبى عن مسالة التوحيد.

وثـانـيا : كون ما خلا اللّه باطلة الذوات لكونها حادثة قائمة بالغير لا يستلزم كون وجودها وجود
الـحـق , اي تـطوره بها , بل لمكان استحالة ذلك عقلا لايمكن ان يكون مورد تصديق النبي الاكرم
(ص ).

و مـنـه : قـول الـنـبـي (ص ) الـذي رواه امـيـر الـمـؤمـنـيـن (ع ) فـي دعـا الـصباح : يامن
دل عـلى ذاته بذاته ((306)) بدعوى ان المخلوق دال على خالقه فكونه دالا بذاته على ذاته ليس الا
من جهة ان وجود المخلوق هو وجود الخالق بعينه مقيدا.

وفـيـه : ان قوله : ((وتنزه عن مجانسة مخلوقاته )) قرينة على عدم ارادة هذا المعنى ,فالظاهر
كونه اشارة الى معرفة حقيقية من غير طريق الايات , كما سياتي بيانه ان شا اللّه تعالى .

ومـنـه : قـولـه صـلوات اللّه عليه : مع كل شي لا بمقارنة , وغير كل شي لابمزايلة ((307))
بدعوى ان نفي المقارنة والمزايلة مع اثبات المعية والغيرية ليس الا من جهة ان غيره لاوجود له الا
بالاعتبار.

وفيه : ان لفظ المعية والغيرية ظاهر في الغيرية الحقيقية , فمعنى نفي المقارنة نفي كونهما في رتبة
واحدة , ومعنى نفي المزايلة نفي البينونة العزلية .

وعـمـدة ما استدل به لذلك من طريق البرهان العقلى بزعمهم ا نه لو لم نقل بذلك ـ اي ان ذات الحق
وحـقـيـقـة الـوجـود سار الى مرتبة وجود الاشيا ـ بل كان لها وجود ايضا , لزم نقص ذاته تعالى
وتـحديده بعدم وجود الاشيا , فكماله واجدية ذاته لجميع مراتب ثبوت الاشيا ووجودها فلذا قالوا
بـان الـكثرة منطوية في ذلك الموجود الواحد بالوحدة الشخصية , وهذا الموجود الواحد سار في
جـمـيع الاشيا , بمعنى كونه عين الكثير من غيرحلول و اتحاد , لانهما فرع الاثنينية , وهي خلف
فـلـذا لـيـس في الدار غيره ديار , وفاعليته و خالقيته عندهم ليست الا تجليه بالاسما والصفات ,
وبالوجودات الخاصة التي هي عين ذاته فهو الذي يرى رؤية العيان .

و يؤولون قوله (ص ) في خطبته : فتجلى لخلقه من غير ان يكون يرى ((308)) بانه قال ذلك لمن
لا يـعـرف الاشـيا بانها عين ذاته الظاهرة فيها , والا فلايدرك احد شيئاادراكا بسيطا الا اياه كما
صـرح بـه ملا صدرا بان كل ما ندركه فهو وجود الحق في اعيان الممكنات , فمن حيث هوية الحق
هو وجوده ((309)) .

والـجـواب عـنه : ان النقص انما يلزم اذا كان له شريك في الشيئية الحقيقية القائمة بذاته وحقيقة
الـنـور الحقيقي الازلي الابدي الذي هو عين الحياة والقدرة وغيرهما من الكمالات بلا تركيب واما
الـشـي الذي شيئيته وواقعيته بالغير القائم ذاته بالغير , المتحقق بمشيئة الغير , الحادث بالحدوث
الـحـقيقي , الفاقد ذاتا للحياة ولجميع الكمالات , الذي حياته وعلمه وقدرته بواجديته لتلك الانوار
بـاذن ربـه وربـهـا , ومالكه و مالكها , وبمشيئته ـ كما هو حقيقة كل مخلوق ـ فماهذه حقيقته فهو
حقيقة ناقصة فقيرة ذاتا وكمالا , وكماله تعالى تنزهه عن تنزله الى رتبتها , وتشؤنه وتطوره بها ,
او رجوعها ووصولها الى ذاته وفنائها فيه بل محال ذلك ذاتا , للمباينة الذاتية بينهما.

فتحديده تعالى انما يلزم اذا كان لغيره وجود من سنخ هذا الوجود الذي هو عين النور الازلي الابدي
, او كـان زمان او مكان خاليا ـ اي منعزلا ـ عنه واما الشي القائم ذاته به , المحتاج في كماله وبقائه
اليه , مع احاطته به ظاهرا وباطنا , وعدم البينونة بالبينونة العزلية بينه وبينه فليس وجوده موجبا
لتحديد ذاته المتعالي عن اوصافه .

توضيح الجواب بعبارة اخرى : يمتنع كون الموجود في دار التحقق حقيقة واحدة وموجودا واحدا ,
بل الموجود سنخان متباينان , وحقيقتان مختلفتان :.

احـد السنخين : المتحقق بذاته المستقل في ذاته , الشي بحقيقة الشيئية والواقعية ,والنور الحقيقي
الازلي الابدي , احدي الذات , عين جميع الكمالات من العلم والحياة والقدرة ونحوها , بلا تركيب
فيه ولا شبيه له , ولا ثاني ولا عدل .

و الـثـانـي : سنخ آخر غير السنخ المذكور , اي شي بالغير , قائم ذاته بذلك الغير , وماهو كذلك
مباين لما هو شي بذاته وقائم بنفسه .

انـه شـي صـار شـيئا بالغير لا من شي , وحيث ا نه لا من شي فهو غير مترشح ولامتنزل عن ذلك
الـغـيـر ولا عن شي آخر , وحيث انه لم يكن ثم كان فهو حادث بالحدوث الحقيقي , وما هو كذلك
مباين للذات الازلي .

و حيث انه مظلم ذاتا فهو يتنور بنور العلم تارة , ويرجع الى ما كان عليه من الظلمة الذاتية اخرى ,
ثم يتنور , وهكذا.

و يظهر ما ذكرنا من ملاحظة ان من اشرف هذا السنخ الثاني : الذات الانساني , فانانجد انفسنا ا نها
كـذلك , ننام فلا نشعر بشي حتى في المنام ثم نستيقظ , يغشى علينا ثم نفيق ,ننسى ما كنا عالمين به
ثـم نذكر , فيكون علمنا انما هو بوجداننا نور العلم , و جهلنابفقداننا اياه , وان لم نعرف كيفية هذا
الـوجـدان والـفـقـدان وظـاهر ان ما هو مظلم ذاتا مباين لما هو نور ذاتا ثم ان الكثرة والاختلاف
والـتركيب والمعروضية للعوارض المحسوسة بالحواس الظاهرة والباطنة انما هي في هذا السنخ
الـثـاني , وظاهر ان ما هو كذلك مباين لماهو احدي الذات , فيظهر ان ما هو من السنخ الثاني يمتنع
دخوله في صقع الامر الاول مهمابلغ من العلم والكمال , ولايمكن ان يكون مشابها له ايضا.

و قد مر ما عن رسول اللّه (ص ) في دعا الصباح : و تنزه عن مجانسة مخلوقاته ((310)) .

وعـن ابـي جـعفر صلوات اللّه عليه : ان اللّه تبارك وتعالى خلو من خلقه , وخلقه خلومنه , وكل ما
وقع عليه اسم ((شي )) ما خلا اللّه عز وجل فهو مخلوق ((311)) .

وعن علي صلوات اللّه عليه : توحيده تمييزه عن خلقه , وحكم التمييز بينونة صفة لا بينونة عزلة
, انه رب خالق غير مربوب مخلوق ((312)) .

وعنه ايضا صلوات اللّه عليه : مباين لجميع ما احدث في الصفات ((313)) .

وعـنـه ايـضا صلوات اللّه عليه : وما زال ليس كمثله شي عن صفة المخلوقين متعاليا , وانحسرت
الابـصـار عـن ان تـنـالـه فـيـكـون بـالـعـيان موصوفا , وبالذات التى لايعلمهاالا هو عند خلقه
معروفا ((314)) .

وعن الصادق صلوات اللّه عليه : من شبه اللّه بخلقه فهو مشرك , ان اللّه تبارك وتعالى لا يشبه شيئا
ولايشبهه شي , وكل ما وقع في الوهم فهو بخلافه ((315)) .

وعـن ثـامـن الائمـة صلوات اللّه عليه : فليس اللّه عرف من عرف بالتشبيه ذاته ,ولااياه وحد من
اكـتـنهه , ولا حقيقته اصاب من مثله , ولا به صدق من نهاه ,ولا صمدصمده من اشاراليه ,و لا اياه
عـنـى من شبهه فقد جهل اللّه من استوصفه فكل ما في الخلق لا يوجد في خالقه , وكل ما يمكن فيه
يمتنع في صانعه الخبر ((316)) .

وفي البحار عن امالي الشيخ مسندا عن محمد بن سماعة , قال : سال بعض اصحابناالصادق (ع ) فقال
لـه : اخـبـرنـي اي الاعـمال افضل ؟ قال : توحيدك لربك , قال : فما اعظم الذنوب ؟ قال : تشبيهك
لخالقك ((317)) .

وعـن الـتوحيد مسندا عن البزنطي عن محمد بن حكيم ,قال : وصفت لابي ابراهيم (ع ) قول هشام
الجواليقي وحكيت له قول هشام بن الحكم ا نه جسم , فقال :اي فحش او خنا اعظم من قول من يصف
خـالـق الاشـيـا بـجـسـم او بـصـورة او بـخـلقة اوبتحديد واعضا ؟ كبيرا ((318)) .

تنبيـه .

لـيـس فعله تعالى وفاعليته بالرشح والفيضان من ذاته القدوس , ولا بالتطوروالتشؤن ذاتا المسمى
اصـطـلاحـا بـالـتجلي الذاتي , فانهما من التغير المنفي عنه تعالى عقلا ,كما نبه عليه ثامن الائمة
صـلـوات اللّه عـلـيه بقوله : لا يتغير اللّه بانغيارالمخلوق ((319)) مضافا الى ان الاول منهما من
الولادة المنفية عنه عقلا.

كلام في التجلي والمكاشفة . مـا ورد مـن نسبة التجلي اليه تعالى في القرآن الكريم ((320)) , وكلمات المعصومين ((321))
ليس بمعنى تجلي الوجود المطلق ذاتا بمفهوم الاسما والصفات ,كالعالم والقادر ونحوهما , او تجليه
بـالوجودات المقيدة خارجا , كما زعموا , فان التجلي على انحا : الاول : تجلى الشي وظهوره حسا
بعد خفائه , كتجلي الشمس اي ظهورهامن الافق .

الـثـانـي : تجلي العلة بمعلولها الذي يتولد ويترشح منها , كتجلي الشمس بنورهاالمنتشر في الفضا
وعلى وجه الارض .

الثالث : تجلي الحقيقة الواحدة باطوارها , كتجلي الما تارة بصورة البحار , و اخرى بصورة الموج
ونـحو ذلك وكتجلي مادة عالم الاجسام بما لها من الخصوصيات التي جعل اللّه فيها بصورة الاصناف
الـمـخـلوقة منها وربما يمثل له بتجلي حقيقة الوجود بالوجودات والاكوان الخاصة , كما هو مقال
الموسومين بالشامخين من الصوفية .

الـرابـع : تـجـلـي الصانع بمصنوعاته , وبما ابدع وعمل فيها من اللطائف والصور وغيرها , فان
وجوده وعلمه وقدرته وحكمته وسائر كمالاته تتجلى بها , ويكون ما صنعه وما ابدع فيه آيات له
ولكمالاته .

/ 16