ادباء مکرمون نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

ادباء مکرمون - نسخه متنی

علی عقلة عرسان، إحسان النص، محمود الربداوی، علی أبو زید، محمود الارناؤوط، حسن حمید، حسین جمعة، عزالدین البدوی النجار، عبدالله أبو هیف

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

وما زال سادناً للغة والثقافة العربية، يحرسهما بأهداب عيونه، ويدافع عنهما بكل قوّة واقتدار، ويرفع عنهما الضيم، ويزيل الفساد وبلبلة الألسن، وينصَبُّ على العابثين بهما والمناوئين لهما كالسيل العرم..

وحينما يتناهى إلى آذانه لَحْن هنا وخطأ هناك تراه ينتفض كالمارد الثائر..

وتستشعر منه الغضب الشديد لغيرته عليهما، وهو الحليم الصبور..

لقد حملَ قضايا أمته بين جوانحه وضلوعه منذ أن نشأ في أسرته إلى أن أصبح طالباً في جامعة (فؤاد الأول) ـ القاهرة اليوم ـ فكان يتلقفها من جهابذة الجامعة أمثال (الدكتور طه حسين والدكتور شوقي ضيف، والدكتور عبد الوهاب عزام، والأستاذ أحمد أمين وغيرهم؛ وهم من هم؛ مكانة وعلماً وفضلاً..

وظل هذا دأبه بعد أن شدّ الرحال ثانية إلى جامعة القاهرة سنة (1957م) ليستحق منها درجة الماجستير عن دراسة له في (بشار بن برد) قاربت (440) صفحة عام (1960م) والدكتوراه عن دراسة له في (الفرزدق) سنة (1963م)..

لم يرضَ أن تشوّه لغته العربية صاحبة الأساليب الراقية والجميلة، ولم يُطق أن يرى تراثها توجه إلى الأصابع المشوّهة بالغَمْز واللمز، ولم تُهن عزيمته على كثرة الذين انهزموا ثقافياً وفكرياً وسياسياً أمام المدنية الغربية وفلسفتها ولغتها، لأنه يدرك قيمة ما يملك من لغة وتراث، وهو القائل: "إن لغة الأمة هي هويتها، وأداة التواصل بين أبنائها، تحفظ تاريخها وتراثها، وتروي آدابها ومآثرها، وتحفظ وحدتها من الفرقة والتشتت".

وحينما يتحدث المرء عن علمه فإنه يشهد له القاصي والداني بأنه كان المنارة الثقافية والعلمية للسالكين في دربه، وهو قبلة المعرفة لكثير من شُداة العلم، إليه قصدوا فذلَّل لهم صعابها؛ ومهّد لهم مناهجها، وفتح لهم النوافذ المغلقة، وأطلق عقولهم من عقالها لتنبسط لهم مباهج الحياة على ثقافة الآخر وفلسفته وإتقان لغته وهو القائل: "وإني إذ أشير إلى حرصي على اللغة العربية وسلامتها لابدّ أن أدعو ـ أيضاً ـ إلى العناية باللغات الأجنبية وإتقانها، لأننا في أشد الحاجة إلى متابعة الحركة العلمية والثقافية العالمية والنقل عنها، لنُغْني بها بحوثنا وثقافتنا".

ولا شيء أدلّ على غزارة معارفه وفنونه وفصاحة لغته، ودقة منهجه مما تركه لنا من آثار سواء كانت تأليفاً أم تحقيقاً، أم مقالات كما نجده في رسالتيه المشار إليهما أو في تحقيقه لكتاب (اللامات) لأبي الحسن بن فارس، أو (الدلائل في غريب الحديث) للسرقسطي أو غيرهما؛ إذا أعرضنا عن الإشارة إلى ما كتبه من مقالات في مجلة (مجمّع اللغة العربية بدمشق) وغيرها مثل بحثه القيّم (نظرات في شعر بشار بن برد)، فضلاً عن أثره العظيم في الدارسين على يديه من طلبة الماجستير والدكتوراه ممّن أشرف على رسائلهم العلمية التي زادت على المئة، أو ممّن ناقشتهم فيها..

وكان في الحالتين نِعمَ المشرف ونعم المشارك، إذ زودهم بزاد معرفي ومنهجي لا يقدّر بثمن؛ فصدق فيه قول عروة بن الورد: أُقَسِّمُ جسمي في جسوم كثيرة وأَحسُو قَرَاح الماء والماء بارد لقد دلّنا أستاذنا الجليل على علم غزير، ودراية كبرى في سبر أغوار المعاني، وتصيّد شوارد الكلام، وفهم دقيق للثقافة، واضطلاع واسع بالمناهج النقدية والمدارس الأدبية..

وكان في ذلك كلّه الأديب الفطن، واللغوي الحاذق، وصاحب الكلمة البعيدة الغور؛ ورجل البيان المتبحّر بأساليب البلاغة العربية، فلا غرو بعد ذلك كله أن يستحق جائزة الملك فيصل العالمية عن جدارة واقتدار في عام (1988م) مناصفة مع المرحوم الدكتور يوسف خليف.

وبعد، فإن لي تجربة خاصة مع شيخنا الفاضل تعود إلى مطلع سبعينيات القرن العشرين، وكان الشداة من طلبة العلم يترقبون دخول أستاذ مادة الأدب الأندلسي؛ وكانت مفاجأتهم عظيمة حين أطلّ عليهم رئيس الجامعة بشحمه ولحمه، وكان أنيق المنظر، نظيف الثوب، ممشوق القامة، وقوراً هادئاً..

ما جعل أحداق الطلبة تتسمّر عند هيئته، لأنهم كانوا على دراسة ـ وهم طلبة السنة الثالثة ـ بأن الدكتور الفحّام مختص بالأدب الأموي والعباسي..

وما لبث أن قدَّم لهم مصادر مادته، وأعادهم إلى الكتاب الذي قرره وهو (تاريخ الأدب الأندلسي) للمرحوم الدكتور إحسان عباس..

وظلّ هذا الموقف يشد الطلبة إلى عالم يعترف بالفضل لغيره، حين يثبت أن الدكتور عباس هو إمام هذه المادة، وعليه نعوّل في تدريسها..

بيد أنه لم يكن لينحي معارفه وعلومه جانباً إذا أقامت وشائج كبرى بينها وبين ما كتبه الدكتور عباس، حتى جاءت في حُلَّة جديدة فكنّا ننهل منه صحة التفكير، وبهاء التعبير، وسلامة اللغة، وعمق التحليل ودقّة المنهج.

لذلك كان الطلبة

/ 42