• عدد المراجعات :
  • 1650
  • 4/23/2011
  • تاريخ :

الصدق مع الصغار

الطفل

أبناؤنا يتعلمون الصدق حين نصدق معهم ، وصدقنا معهم يدفعهم إلى الثقة بنا والاطمئنان إلينا . لا تظنوا أن الصغار يميزون ، بل هم يدركون إن كنا معهم صادقين أو كاذبين .

حدثتني والدتي أنها اشتكت - وهي صغيرة - ألمًا دائمًا في بطنها ، فلما فحصها الطبيب وجد أنها تحتاج أن تصور صورة شعاعية لتقصي سبب المغص والألم . وكانت الصورة لا تتم إلا بعد أن يتناول المريض شربة من الملح الإنجليزي ذي الطعم البشع والرائحة الكريهة . فلما رأت أمي شكله وشمت رائحته استبشعته ورفضت تناوله . حاولت جدتي إقناعها بأن طعمه ليس كرائحته ، ورغبتها في تذوقه ، فما تذوقت بعضًا منه حتى أزدادت عزمًا وتصميمًا على ألا تشربه مهما حصل ، فغضبت جدتي وسعت إلى إجبارها على تناوله وهي رافضة متمنعة ، فلما أعياها الترهيب لجأت إلى الترغيب ، فراحت تحاول إقناعها مؤكدة أن هذا الدواء لذيذ الطعم ، وهي لا تزداد إلا عنادًا وتصميمًا .

أبناؤنا يتعلمون الصدق حين نصدق معهم ، وصدقنا معهم يدفعهم إلى الثقة بنا والاطمئنان إلينا . لا تظنوا أن الصغار يميزون ، بل هم يدركون إن كنا معهم صادقين أو كاذبين .

سمع جدي الضجيج فجاء من غرفته مستطلعًا الأمر ، فلما وقع على تفصيله طلب من جدتي أن تترك الأمر له ، ثم التفت إلى والدتي فقال لها : " يا بنيتي ، سأكون صادقًا معك ؛ لذلك لن أقول لك إن هذا الدواء ذو طعم لذيذ ، إنه كريه ولا يمكن شربه ، بل إن طعمه لا يطاق ، وقد احتجت يومًا لتناوله فلم أفعل لشدة كراهته ، وآثرت احتمال الألم على تجرع طعمه الكريه ، ولكني آمل أن تكوني أشجع مني وأقوى وأمضى عزيمة فتفعلي ما لم أقدر أنا عليه ، ويتم لك الشفاء بإذن الله " . قالت أمي " عندما صدقني والدي شربته جرعة واحدة وأنا سادة أنفي مغمضة عيني ؛ لشعوري بأنه مقدر لمعاناتي غير مستخف بآلامي .

إن الأطفال أذكى مما نتصور ؛ فهم سرعان ما يكتشفوننا إن كذبنا عليهم ، فيلجؤون إلى الأسلوب ذاته في تعاملهم معنا ، فيكذبون هم علينا . والكذب من أبشع الطباع ، ولكنه من أسهلها اكتسابًا ومن أصعبها علاجًا

إن الأطفال أذكى مما نتصور ؛ فهم سرعان ما يكتشفوننا إن كذبنا عليهم ، فيلجؤون إلى الأسلوب ذاته في تعاملهم معنا ، فيكذبون هم علينا . والكذب من أبشع الطباع ، ولكنه من أسهلها اكتسابًا ومن أصعبها علاجًا ، وكثيرا ما يلجأ إليه الأطفال للحصول على كسب أو الهروب من عقاب . ونحن - رغم صدق أهلنا معنا وصدقنا معهم - حاولنا اللجوء إلى الكذب ( في بعض المرات) خوفًا من العقاب ، فما تساهل جدي - أبدًا - في هذا الأمر ، إلا أنه عالجه بالحكمة البالغة فإذا شك أن أيًا من أحفاده كذب استدعاه فوعده ، إن صدقه القول ، ألا يعاقبه ، فيفهم منه حقيقة المسألة ، ثم يكتفي بتوجيهه وتعليمه حتى لا يقع في الخطأ مرة ثانية . بهذا الأسلوب الجيد علمنا قول الصدق ، فما زلنا نصدقه ونصدق أمهاتنا - آمنين من العقوبة طامعين في العفو جزاء الصدق حتى صار الصدق طبعًا من طباعنا ، ثم صرنا - من بعد - نصدق ولو أيقنا بالعقاب .

وكبرت فتزوجت وصرت أمًا ولم أنس هذا الدرس ؛ فكنت أبحث - مع أبنائي - عن الجانب السلبي في أي أمر فأعترف به بصدق غير مواربة ولا متهربة ، ثم أعمد إلى الجانب الآخر الإيجابي فأغلبه عليه وأستعين على الإقناع به بالترغيب والتشجيع . وأي أمر - مهما كان صعبًا وسلبيًا - لا يخلو من الإيجابية والخير ؟ 

  


الكذب لدى الاطفال ..كيف نتعامل معه ؟

الكذب عند الأطفال دليل على الذكاء

اسباب الكذب عند الاطفال وآثاره 

الرجال يكذبون أكثر من النساء 

ما هو الأساس الأهم للتربية ؟ .. 

دراسة ظاهرة سوء الظن من الناحية السيكولوجية والسايسيولوجية 

أنجع الحلول لعلاج السلوكيات الخاطئة لطفلك 

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)