• عدد المراجعات :
  • 2726
  • 6/15/2009
  • تاريخ :

لماذا حُرِّم لحم الخنزير؟

لحم الخنزير

إن لحم الخنزير ، قد حُرِّم في الإسلام بنص القرآن ، و هو قول الله تعالى : (إنما حرم عليكم الميتة ، و الدم و لحم الخنزير ) ، ( البقرة 173 ) ؛

و لا يُباح بحال من الأحوال لمسلم ، أن يتناول منه شيئًا بأيّ شكل كان ، مطبوخًا أو غير مطبوخ ، إلا في حالة الضرورات ، التي تتوقف فيها صيانة حياة الشخص على تناوله ، كما لو كان في مفازة ، و لا يجد طعامًا سواه ؛ وفقًا لقاعدة أن " الضرورات تبيح المحظورات " ، و هي القاعدة التي جاءت فيها الشريعة الإسلامية بفتح باب الحلول الاستثنائية المؤقتة لظروف استثنائية عارضة ، نظرًا لأن الشريعة الإسلامية شريعة واقعية ، تُقرِّر لكل حالة في الحياة ما تستلزمه و تستدعيه من حلول و تدابير.

فإلى جانب المبادئ الثابتة و الأحكام الأصلية العامة في الحياة العادية ، فتحت الشريعة باب الحلول و التدابير الاستثنائية الموقوتة للحالات غير العادية ، و هي الظروف الاستثنائية المُعبَّر عنها بقاعدة الضرورات  ، و هي المقررة في القرآن العظيم بقوله في الآية السابقة ، التي جاءت بتحريم الميتة و الخنزير: ( فمن اضطر غير باغ ، و لا عادفلا إثم عليه ) ، ( البقرة:  173) ،  و يقول الله -سبحانه- في موطن آخر بعد ذكر تلك المحرمات: ( إلا ما اضطررتم ) ، ( الأنعام: 119).

و لم يرد في النصوص الشرعية تعليل خاص لتحريم لحم الخنزير ، كما ورد في تحريم الخمر و الميسر مثلاً ، ولكن التعليل العام الذي ورد في تحريم المحرمات من المآكل و المشارب و نحوهما ، يرشد إلى حكمة التحريم في الخنزير ، و ذلك التعليل العام هو قول الله تعالى: ( و يحل لهم الطيبات ، و يحرم عليهم الخبائث ) ، ( الأعراف: 157) ، فهذا يشمل بعمومه تعليل تحريم لحم الخنزير ، و يفيد أنه معدود في نظر الشريعةالإسلامية من جملة الخبائث.

و الخبائث في هذا المقام يراد بها ما فيه فساد لحياة الإنسان في صحته أو في ماله أو في أخلاقه ، فكل ما تكون مغبته و عواقبه وخيمة من أحدالنواحي الهامة في حياة الإنسان ، دَخَل في عموم الخبائث.

 وقد أثبتت الاكتشافات الطبية في عصرنا الحديث ، الذي اكتُشفت فيه عوامل الأمراض و خفايا الجراثيم الضارة ، أن الخنزير يتولد من لحمه في جسم الإنسان ، الذي يأكله دودة خطرة ، توجد بذرتها في لحم الخنزير ، و تنشب في أمعاء الإنسان بصورة غير قابلة للعلاج بالأدوية الطاردة لديدان الأمعاء ، بل تنشب تلك الدودة الخنزيرية ضمن عضلات الإنسان بصورة عجز الطب إلى اليوم عن تخليص الإنسان منها بعد إصابته بها ، وهي خطر على حياته ، و تسمى " تريشين " ، (Treichine)، و منهنا ظهرت حكمة تحريم لحم الخنزير في الإسلام.

و قد جاء في موسوعة لاروس الفرنسية ، إن هذه الدودة الخبيثة (التريشين) تنتقل إلى الإنسان ،  وتتجه إلى القلب ، ثم تتوطن في العضلات ، و خاصة في الصدر و الجنب و الحنجرة و العين، و الحجاب الحاجز، و تبقى أجنّتها محتفظة بحيويتها في الجسم سنين عديدة.

الخنزير

و لايمكن الوقوف عند هذا الاكتشاف في التعليل ، بل يمكن للعلم الذي اكتشف في الخنزير هذه الآفة ، أن يكتشف فيه في المستقبل آفات أخرى ، لم تعرف بعد.

و من ثم لا يُقبل في نظر الإسلام رأي من يزعم ، أن تربيةالخنازير الأهلية في العصر الحاضر بالطرق الفنية المراقبة في مراعيه ، و في مبيته ، و مأواه ، كفيلة بالقضاء على جرثومة هذه الآفة فيه، لِمَا بيّنَّا أن نص الشريعة فيالتحريم مطلق و غير معلل، و من الممكن أن تكون هناك مضارّ أخرى للحم الخنزير لم تعرف بعد ، كما كانت آفة التريشين نفسها مجهولة قبل اكتشافها في العصر الحديث.

و ينبغي ملاحظة أنه ، إذا أمكن العناية بتربية الخنازير بصورة فنية مزيلة لهذه الآفة فيه في وقت أو مكان ، أو أمكنة كثيرة من مراكز الحضارة و عواصمها في العالم ، فإن ذلك غير ممكن فيجميع آفاق الأرض ، في جميع الأزمنة ، و لا تتيسر وسائله لكل البشر ، كما أن هذه العناية الصحية بتربيته في المراكز الحضارية لا تكفل القضاء على هذه الآفة تمامًا ، و الاحتياطات التي تُمكِّن من العناية بها في عاصمة غنية بالوسائل الفنية كنيويورك و باريس مثلاً ، لا يمكن بذلها في الضواحي و القرى ، و لا سيما النائية بين الفلاحين و نحوهم .

و حكم الشريعة يجب ، أن يكون صالحًا واقعًا لجميع الناس في جميع الأماكن ، و لذلك وجب أن يكون التحريم عامًا شاملاً.

على أن الشخص المسلم المؤمن ، لا يجوز له رفضحكم الشريعة إذا لم تظهر له حكمته ؛ لأن هذا يؤدي إلى أن يتخذ كل إنسان من عقله و علمه القاصرين مقياسًا متفاوتًا عن مقياس غيره في قبول أحكام الشريعة و رفضها ، بل عليه قبول الحكم الشرعي في التحليل و التحريم متى ثبت وجود النص ؛ سواءً أفهم الحكمة في ذلك أم لم يفهمها ؛ لأن الكثير من حِكم الأحكام من أول عهد الشريعة إلى هذا العصر ظل مجهولاً حتى اكتشفت الوسائل العلمية الحديثة هذه الحكم، وذلك نظير المكلف تجاه القوانين الوضعية النافذة عليه ، فإن على كل شخص طاعة القانون ، سواء أكان مقتنعًا بحكمته أم غير مقتنع بعد أن يصدر القانون عن مصدره التشريعي ؛ لأن المفروض أن السلطات التشريعية التي تُصدر القانون قد درست ما يحيط بالموضوع من كافة النواحي المتعلقة بالفرد ، و الجماعة ، و الحاضر ، و المستقبل ، و النواحي المالية و الخلقية و الاجتماعية دراسة بصيرة ، و وسائل أوسع من بصيرة الفرد المكلف ، الذي يقيس الأمور عادة بمقياس مصلحته ، و أهوائه و رغباته فقط.

المصدر : اسلام اون لاين


فقه القرآن: الزكاة

فقه القرآن: النهي عن القتل إلّا بالحق

فقه القرآن : الطهارة

فقه القرآن :الصلاة

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)