• عدد المراجعات :
  • 1536
  • 11/11/2007
  • تاريخ :

ما جري للسيده معصومه (عليها السلام)

السيده معصومه (عليها السلام

إن من أقصى ما مرّ على أهل البيت (عليهم السلام) في تاريخهم الحافل بالمآسي و الآلام أن الأيدي الآثمة قد تجاوزت الحدّ في خصومتها و عدوانها عليهم، فامتدّت لتهتك حرماتهم، وتكشف أستارهم، وتعتدي على نسائهم بالضرب والسلب والنهب والأسر والتشهير.

وليس بعد قتل المعصوم ما هو أفظع وأفجع ممّا جرى على بنات الرسالة وعقائل الوحي، وإذا كان المتآمرون في السقيفة قد وضعوا الأساس حيث استطالت أيديهم فضربوا الزهراء (عليها السلام)، وهي بضعة النبي (صلّى الله عليه وآله) ووكزوها بالسيف وأسقطوا حملها في وحشيّة عدم فيها الضمير، وإذا كان الأمويون قد ساقوا بنات الزهراء أسارى بعد السلب والنّهب، فإن بني العباس جاءوا ليكملوا ما تبقّى من حلقات هذا المسلسل، بل زادوا على أولئك في التعدّي والعدوان، فقد مرّ علينا أنّ أسرى واقعة فخ لما جيء بهم إلى الهادي العباسي وأدخلوا عليه وهم مقيّدون بالحبال والسلاسل ووضعوا أيديهم وأرجلهم في الحديد أمر بقتل بعضهم فقتلوا صبراً وصلبوا بباب الجسر ببغداد ،(1)

وقد اعترف المأمون بأنّ بني العباس فاقوا بني أمية في عدوانهم وظلمهم للعلويين، فقال: فأخفناهم، وضيّقنا عليهم، وقتلناهم أكثر من قتل بني أمية إيّاهم.

ويحكم إنّ بني أمية إنّما قتلوا منهم من سلّ سيفاً، وإنّا معشر بني العباس قتلناهم جملاً، فلتسألنّ أعظم الهاشميّة بأي ذنب قتلت؟ ولتسألن نفوس ألقيت في دجلة والفرات ونفوس دفنت ببغداد والكوفة أحياء.. ، (2).

وقد ذكرنا فيما تقدّم شيئاً ممّا لاقاه العلويّون من بني العباس، والغرض في المقام أن نذكر شيئاً ممّا لاقته العلويات، ونكتفي بما يرتبط بالسيدة المعصومة (عليها السلام) وما نالها من عدوان بني العباس.

اتّفق الرواة على أن محمد بن جعفر خرج في زمان الرشيد أو المأمون، وأعلن الدعوة إلى نفسه، وقد حذّر الإمام الرضا (عليه السلام) من مغبة ذلك وأخبره بأنّه أمر لا يتم وأن حركته فاشلة، فأرسل العباسيون جيشاً بقيادة عيسى بن يزيد الجلودي وأمروه إن ظفر به أن يضرب عنقه، وأن يغير على دور آل أبي طالب، وأن يسلب نساءهم، ولا يدع على واحدة منهن إلا ثوباً واحداً، ففعل الجلودي ذلك، وقد كان مضى أبو الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام)، فصار الجلودي إلى باب دار أبي الحسن الرضا (عليه السلام) وهجم على داره مع خيله، فلمّا نظر إليه الرضا جعل النساء كلّهن في بيت ووقف على باب البيت، فقال الجلودي لأبي الحسن (عليه السلام): لابدّ من أن أدخل البيت فاسلبهنّ كما أمرني أمير المؤمنين، فقال الرضا (عليه السلام) فلم يدع عليهنّ شيئاً حتى أقراطهن وخلاخيلهنّ وأزرهنّ إلا أخذه منهن، وجميع ما كان في الدار من قليل وكثير ، (3).

ترى ما حال تلك النسوة آنذاك؟‍ ، وما حال الإمام علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) وهو يرى بنات الرسالة وقد سلبن كلّ شيء ؟، وهل تظنّ أن الجلودي اكتفى بالهجوم على بيت الإمام الرضا (عليه السلام) دون بقية دور آل أبي طالب؟

والذي ذكرته الروايات أن الجلودي أمر بالغارة على دور آل أبي طالب، وأن يسلب نساءهم، والجلودي كان خادماً مخلصاً لبني العباس، ولا أظنّ أنّه اكتفى بذلك، بل هجم على بقيّة الدور، وربما سلّب النساء بنفسه، وإن لم تفصح الروايات عن ذلك.

والذي يؤيد ما ذكرنا ما جاء في نفس هذه الرواية، من أنّه لمّا أدخل الجلودي على المأمون، وكان الإمام الرضا (عليه السلام) حاضراً وأراد الإمام أن يشفع فيه، فقال (عليه السلام): يا أمير المؤمنين هب لي هذا الشيخ، فقال المأمون: يا سيّدي هذا الذي فعل ببنات محمد (صلّى الله عليه وآله) ما فعل من سلبهن.(4) فإنّ فيه إشعاراً بذلك.

وإذا كانت الخصومة بين الرجال فما بال النسوة؟ وما هي جنايتهن ليفعل بهنّ ذلك؟ وهن بنات رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وودائع النبوة!!!

وإذا لم يكن الدين رادعاً ولا الضمير وازعاً فلا أقل أن النسب يكون صارفاً فإن لهن رحماً قريبة بأولئك المتسلطين ولكن..

وعلى أي حال فقد نال السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام) من الخوف والترويع والظلم ما جعل أيّام حياتها القصيرة تمتزج بالآلام والأحزان والمآسي.

--------------------------------------------------

الهوامش

1 - تاريخ الطبري: ج8، ص198-200 والكامل في التاريخ: ج6، ص93.

2 - الطرائف: ج1، ص278.

3 - عيون أخبار الرضا: ج2، ص161.

4 - عيون أخبار الرضا: ج2، ص161.

 

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)