• عدد المراجعات :
  • 681
  • 6/13/2009
  • تاريخ :

هل يعقل أن تكون اميركا "قدوة" للعالم الاسلامي!؟ (2)

اوباما

الأسباب السياسية :

قد لا يختلف النظام السياسي للولايات المتحدة من حيث تركيبته الهيكلية عن الأنظمة السياسية لدول المعسكر الرأسمالي ، كنظام اجتماعي تقوم المؤسسات القضائية و التشريعية و التنفيذية فيه بصنع القرارات السياسية ، و تعمل على تنظيم العلاقات الاجتماعية ، و إدارة موارد المجتمع الاقتصادية ، التي يعتمد على كيفية استغلالها ، تبلور معالم العلاقات الاجتماعية و سلوك الأفراد داخل المجتمع ، لكنه يتميز عنها بعدوانيته و شغفه اللا محدود في التوسع على حساب الجميع .

و من الطبيعي ، ان تزداد الفوارق بين الأنظمة الأجتماعية ، طالما عملت الأنظمة السياسية للدول الرأسمالية على إيجاد هذه الفوارق ، و تعمدت في إطالة عمر المرحلة الاقطاعية للدول ، التي استعمرتها ،  والخاضعة لسيطرتها حتى بعد إنتهاء الاحتلال ، لجعل عملية النمو بطيئة و التطور محدودا ، لضمان نهب و سرقة ثرواتها .

الأسباب الأقتصادية :

يمثل الاقتصاد الاميركي نموذجا لمرحلة الرأسمالية المتطورة ( الامبريالية ) القائم على الاستغلال الجشع و التباين الطبقي و شن الحروب العدوانية الهادفة الى بسط النفوذ و الهيمنة ون هب ثروات الشعوب. و قد عانت الدول العربية وا لاسلامية ، و لا تزال من السيطرة المباشرة ( الإحتلال ) و غيرالمباشرة (تنصيب أنظمة مستقلة شكليا و عميلة للأنظمة الرأسمالية فعليا ) .

و اذا شكل البحث عن الذهب أحد أسباب التنافس للسيطرة على الدول في السابق ، فإن النفط قد أصبح شغل الدول الاستعمارية الشاغل ، خصوصا للولايات المتحدة ، التي حرصت على أن تكون الرائدة في الاستحواذ على خيرات دول العالم الاسلامي منذ أمد بعيد ، بدليل إعداد الكونغرس الاميركي لخطة احتلال آبار النفط في منطقة الخليج الفارسي عام 1975 ، و الاعلان عن احتمال اللجوء الى القوة لحماية مصادر البترول في منطقة الشرق الأوسط عام 1977 ، و التجمع الضخم للقوات الاميركية في الخليج عام 1979 ،  و تحقيق ما أعد له باحتلال العراق في 2003 ، و ما يُعد له لضرب و احتلال إيران ، الحلم الذي تعذر على الاميركان تحقيقه بسبب نجاح الدبلوماسية الايرانية الى حد الآن .

الأسباب الاجتماعية :

لا يمكن للعلاقات الاجتماعية المهترئة و المتفسخة في شرائح كبيرة من المجتمع الاميركي أن تكون" قدوة" للمجتمعات الاسلامية ، التي كانت و لا تزال محافظة على القيم السامية و الأخلاق العالية المتوارثة . و لعل تشابه العلاقات الاجتماعية و الروحية ما يفسر أسباب التقارب و التجانس التاريخي للمجتمعات الأسلامية ، على خلاف المجتمع الاميركي المتباين أصلا في تركيبته الدينية و أصوله العرقية .

أن معاناة العديد من الأسر المهاجرة من الدول العربية و الاسلامية الى أوروبا و اميركا ، و رفضها الإنصهار في مجتمعاتها الغريبة على عاداتها و تقاليدها لايعني مطلقا ، ضيق أفق تفكير أربابها ، و إنما هو رد فعل تمليه الارادة الطبيعية و المنطق السليم لرفض اللإنجراف نحو بيئة ، غارقة في التفسخ الخلقي و الانحدار الاجتماعي ، الذي تحميه ما يسمى بحرية الفرد . صحيح  ، أن مجتمعاتنا بحاجة الى اصلاح إجتماعي ، يكفل تجاوز بعض العادات و التقاليد المتخلفة ، إلا أن هذه الحاجة ، لا تعني القبول باستيراد الوجبات السريعة الجاهزة للعادات و التقاليد من المجتمعات الغربية و اميركا .

الأسباب الدينية :

عرفت الإنسانية أديانا عديدة في مختلف مراحل تطور التكوينات البشرية مديدة العمر. و اذا أعتقد المفكر الايطالي البرتو مورافيا بأن " الأنسان قد خلق الله لكي لا يقتل نفسه " ، على أساس أن الخوف من العاقبة ، قد يردع البعض عن ارتكاب الجرائم و الخطايا ،  فإن ذلك ، لا و لن يحول دون الإيمان بالإله غير المنظور ، الذي يقر به المؤمنون بالأديان السماوية الثلاثة (اليهودية ، المسيحية و الاسلام ) . و على الرغم من ان العديد من المفكرين و الباحثين ، يشيرون الى أن الدين المسيحي و الاسلام هما الأقرب من باقي الأديان ، إلا ان هذا القرب قد تعرض للتباعد بسبب الحروب الصليبية ، و ازداد بعدا بسبب حملات التبشير القسرية ، و التحريض ضد الاسلام ، و الإساءة المتعمدة له بواسطة التيارات المسيحية المتطرفة ، التي يشكل أحفاد قادة و جنود الحملات الصليبية عمودها الفقري .

الخلاصة :

يتبين من الأسباب الآنفة الذكر و التفصيل ، ان اميركا كانت ، و ستظل راسخة في ذاكرة شعوب العديد من دول العالم كدولة عدوانية ، ذات تاريخ حافل بالجرائم و المؤامرت ، و دولة كهذه ، لا يمكنها أن تكون قدوة لدول العالم الاسلامي ، و لا لغيرها .

إن على الرئيس باراك أوباما ، إن أراد بداية جديدة في العلاقة بين اميركا و العالم الاسلامي ، أن يقرن أقواله بافعاله ، التي يتوجب أن يكون في مقدمتها سحب قوات بلاده الغازية من العراق و افغانستان ، و الكف عن سياسات التسلط و الهيمنة ، و عدم استخدام القوة في تحقيق مآرب اقتصادية تحت أعذار كاذبة و مبررات مُختلقة . و لا يجوز للمبادئ العالمية في " الديمقراطية و سيادة القانون و حرية التعبير وا لحرية الدينية " ، التي تحدث عنها أن تفرض على الشعوب بالقوة ، لا سيما و ان غياب الديمقراطية و انعدام القانون و حرية التعبير و الحرية الدينية ، سيجدها أوباما هناك ، حيث الأنظمة القائمة ،  موالية للولايات المتحدة كتلك ، التي زارها مؤخرا..

بقلم: د. وسام جواد العالم الاخباري


هل يعقل أن تكون اميركا "قدوة" للعالم الاسلامي!؟ ، (1)

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)