• عدد المراجعات :
  • 1156
  • 5/24/2009
  • تاريخ :

المربي الاول للامام الحسين (ع)

الامام الحسين

الوراثة في المکونات التربويه للامام الحسين (ع)

اعتناء فاطمة الزهراء (ع) بتربية الامام الحسين (ع)

التربية النبوية للامام الحسين (ع)

تربية الإمام له

أما الإمام علي (عليه السلام) ، فهو المربى الأول الذي وضع أصول التربية، و مناهج السلوك، و قواعد الآداب، و قد ربى و لده الإمام الحسين (عليه السلام) بتربيته المشرقة فغذاه بالحكمة، و غذاه بالعفة و النزاهة، و رسم له مكارم الأخلاق و الآداب، و غرس في نفسه معنوياته المتدفقة فجعله يتطلع إلى الفضائل ، حتى جعل اتجاهه السليم نحو الخير و الحق، و قد زوده بعدة وصايا حافلة بالقيم الكريمة و المثل الإنسانية ، و منها هذه الوصية القيمة الحافلة بالمواعظ و الآداب الإجتماعية ، و ما يحتاج إليه الناس في سلوكهم، و هي من أروع ما جاء في الإسلام من الأسس التربوية ، التي تبعث على التوازن، و الأستقامة في السلوك .

قال عليه السلام: ( يا بني أوصيك بتقوى الله عز وجل في الغيب وا لشهادة، و كلمة الحق في الرضا ) ، (1) ، و القصد في الغنى و الفقر، و العدل في الصديق و العدو و العمل في النشاط و الكسل، و الرضا عن الله تعالى في الشدة و الرخاء.

« يا بني ما شر بعده الجنة بشر، و لا خير بعده النار بخير، و كل نعيم دون الجنة محقور، و كل بلاء دون النار عافية... أعلم يا بني ، أن من أبصر عيب نفسه شغل عن غيره ، و من رضى بقسم الله تعالى ، لم يحزن على مافاته، و من سل سيف البغي قتل به، و من حفر بئراً وقع فيها، و من هتك حجاب غيره أنكشفت عورات بيته، و من نسي خطيئته استعظم خطئية غيره، و من كابد الأمور عطب، و من أقتحم البحر غرق، و من أعجب برأيه ضل ، و من استغنى بعقله زل، و من تكبر على الناس ذل، و من سفه عليهم شتم، و من دخل مداخل السوء اتهم، و من خالط الأنذال حقر، و من جالس العلماء وقر، و من مزح استخف به، و من اعتزل سلم ، و من ترك الشهوات كان حراً، و من ترك الحسد كان له المحبة من الناس ».

« يا بني عز المؤمن غناه عن الناس، و القناعة مال لا ينفذ ، و من أكثر ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير، و من علم أن كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما ينفعه ، العجب ممن خاف العقاب و رجا الثواب فلم يعمل ، الذكر نور و الغفلة ظلمة، و الجهالة ضلالة، و السعيد من وعظ بغيره،  و الأدب خير ميراث، و حسن الخلق خير قرين ».

الامام علي
« يا بني ليس مع قطيعة الرحم نماء ، و لا مع الفجور غنى،... ، يا بني العافية عشرة أجزاء تسعة منها في الصمت ، إلا بذكر الله، و واحد في ترك مجالسة السفهاء ، و من تزين بمعاصي الله عز وجل في المجالس ورثّه ذلاً من طلب العلم علم ».

« يا بني رأس العلم الرفق و آفته الخرق، و من كنوز الإيمان الصبر على المصائب ، العفاف زينة الفقر، و الشكر زينة الغني، و من أكثر من شيء عرف به، و من كثر كلامه كثر خطأوه ، و من كثر خطأوه قل حياؤه، و من قل حياؤه قل ورعه، و من قل ورعه مات قلبه، و من مات قلبه دخل النار» .

« يا بني لا تؤيسن مذنباً فكم من عاكف على ذنبه ختم له بالخير، و من مقبل على عمله مفسد له في آخر عمره صار إلى النار من تحرى القصد خفت عليه الأمور».

« يا بني كثرة الزيارة تورث الملالة، يا بني الطمأنينة قبل الخبرة ضد الحزم، اعجاب المرء بنفسه دليل على ضعف عقله».

« يا بني كم من نظرة جلبت حسرة، و كم من كلمة جلبت نعمة، لا شرف أعلى من الإسلام ، و لا كرم أعلى من التقوى، و لا معقل أحرز من الورع، و لا شفيع أنجح من التوبة، ولا لباس أجمل من العافية، ولا مال أذهب للفاقة من الرضى بالقوت، و من اقتصر على بلغة الكفاف تعجل الراحة، و تبوأ حفظ الدعة، الحرص مفتاح التعب، و مطية النصب و داع إلى التقحم في الذنوب، و الشر جامع لمساوئ العيوب، و كفى أدباً لنفسك ما كرهته من غيرك، لأخيك مثل الذي عليك(2) لك ، و من تورط في الأمور من غير نظر في الصواب ، فقد تعرض لمفاجأة النوائب ، التدبير قبل العمل يؤمنك الندم، من استقبل وجوه العمل و الآراء عرف مواقع الخطأ، الصبر جنة من الفاقة، في خلاف النفس رشدها، الساعات تنقص الأعمار، ربك للباغين من أحكم الحاكيمن، و عالم بضمير المضمرين بئس الزاد للمعاد العدوان على العباد، في كل جرعة شرق، و في كل أكلة غصص، لا تنال نعمة إلا بفراق أخرى، ما أقرب الراحة من التعب، والبؤس من النعيم، و الموت من الحياة، فطوبى لمن أخلص لله تعالى علمه وعمله وحبه وبغضه وأخذه وتركه، وكلامه وصمته، وبخ بخ لعالم علم فكف، وعمل فجد وخاف التباب (3) ، فأعد و استعد، إن سئل أفصح ، و أن ترك سكت، و كلامه صواب ،  وصمته من غير عي عن الجواب، وا لويل كل الويل لمن بلى بحرمان و خذلان و عصيان، و استحسن لنفسه ما يكرهه لغيره ، من لانت كلمته وجبت محبته، من لم يكن له حياء و لا سخاء فالموت أولى به من الحيا ة، لا تتم مرؤة الرجل حتى لا يبالي أي ثوبية لبس، ولا أي طعاميه أكل)، (4).

و حفلت هذه الوصية بآداب السلوك و تهذيب الأخلاق، و الدعوة إلى تقوى الله التي هي القاعدة الأولى في وقاية النفس من الإنحراف و الآثام و توجيهها الوجهة الصالحة ، التي تتسم بالهدى والرشاد.

الهوامش

1-في نسخة في الرضا والغضب.

2-هكذا في الأصل ولعل الصواب (عليه).

3-التباب: الهلاك والخسران، ومنه قوله تعالى: (تبت يدا أبي لهب).

4-الأعجاز والإيجاز ص 33.

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)