حق الاستقلال الاقتصادي للمراة نعمة أم نقمة؟
إن الإسلام منح هذا الحق للمرأة ، لكي تستطيع مواصلة حياتها ، و ليضمن لها حريتها كونها فرداً من أفراد هذا المجتمع ، و خاصةً حينما تتعرض لبعض المشاكل، و خصوصاً ما يتعرض له المجتمع في عصرنا الحالي كما من قبل، و أهم هذه المشاكل فقدانها للمعيل أو المنفق ، بسبب الحروب ، و الاعتقالات ، و الإعدامات من قبل الطغاة ، و الهجرة ، و التهجير ، و غيرها مما يجعلها تقف لوحدها أحياناً كثيرة لمواجهة ، التحديات الاقتصادية وغيرها.
لذلك نرى بعض الرجال ، ممن يؤمنون حقاً بالتشريعات الإسلامية ، و يؤمنون بضرورتها ، و عدم نكران جزيئاتها، يشجعون نساءهم على الاستقلال المادي و الاقتصادي ، كي لا يكن فريسة لهذه المشكلات و التحديات.
ولكن ما يحدث ، و خصوصاً في الوقت الحاضر ، و بسبب تعليم المرأة ، و خروجها إلى ميادين العمل المتنوعة ، أن بعض النساء ، يصبنَّ بالغرور ، عندما يحصلن على الاستقلال نوعاً ما، فيحاولن الاستغناء عن الرجل ، و عن دوره في الحياة كزوج أو كأب أو أخ، و هذا المطب ، تقع فيه الكثيرات ، و هو من أهم أسباب تزايد حالات الطلاق.
و كذلك نلاحظ ازدياد حالات الطلاق لدى الأسر المهاجرة إلى البلدان الغربية أيضاً من الأسباب حصول المرأة على امتيازات مادية ، تشعرها أنها ليست بحاجة إلى الزوج ، لأنه في هذه الحالة انتفى دوره كمنفق.
هذه المشاكل ، و غيرها ، التي تتعرض لها الأسرة من تشتت و ضياع ، بسبب سوء استخدام بعض النساء لحقوقهن ، مما يؤدي بهذه الحقوق ، أن تكون نقمة ليس على أسرتها فقط ، بل عليها أيضاً لأنها أول من سيعاني من هذه النقمة.
إن الأسرة ليست مؤسسة اقتصادية فقط ، و إن كان الاقتصاد ، هو أحد دعاماتها ولكنها مؤسسة اجتماعية تربوية، و العلاقات فيها ، ليست علاقات أخذ و عطاء مادي ، بل هو أخذ و عطاء معنوي، لأن أساسها هو البناء الإسلامي ،
و قوله تعالى: ( وجعلنا بينهم مودةً ورحمةً ) ، (1) و هي الأساس الأول لبناء الإنسان ، ليس البناء المادي ، بل كل جوانب الشخصية الاجتماعية الأخلاقية الاقتصادية السياسية. و الأسرة ، هي مؤسسة ذات قطبين فلكل فيها دوره لا غنىً له عن الثاني.
إن الدين الإسلامي ، يلغي النوازع المادية المنطلقة من (الأنا) ، و يدعو في سبيل إقامة العلاقة المنزلية الناجحة في الذوبان في دائرة (نحن) ، التي تعتبر المحور الأساسي في صناعة الأسرة ،
و هذا ما يشير إليه القرآن الكريم في سورة البقرة: ( هنَّ لباسٌ لكم وأنتم لباسٌ لهنَّ ) ، و هنا يقتضي الاندماج الروحي بين الزوجة و الزوج ، الذي لا يعرف للفوارق المادية من طريق(2).
و لنا خير نموذج ، و قدوة مشرفة ، و هي شخصية السيدة خديجة الكبرى ، زوجة الرسول (ص) ، فهذه السيدة ، كسرت كل الحواجز و العقبات ، و سهلت للرسول (ص) كل مهامه. و هي تلك المرأة الجليلة الغنية المستقلة مادياً ، و قد اشتهرت في مجتمع مكة ، و أطرافها بالتجارة ، و لقد كانت الزوجة الكُفء له و عضداً متيناً ، تساعده في شدته ، و تفرج عنه كربته، و تشارك معه في تأدية رسالته ، و لقد كانت امرأة حازمة ، ولكنها مع رسول الله (ص) ، كانت تلك المرأة الودود الرحيمة ، التي بذلت (رضوان الله عليها) كل أموالها في سبيل الدعوة لله ، فكان النبي يشتري الرق ، و يعتقهم في سبيل الله بمالها. ولم تقف في طريقه يوماً ، و قد قال رسول الله (ص) عنها: ( و الله ما بدلني خيراً منها، آمنت بي ، إذ كذبني الناس، و واستني بمالها إذ حرمني الناس ) ، و في الحديث ، ( قام الإسلام على ثلاث، مال خديجة ، و سيف علي ، و أخلاق محمد).
و بالمقابل كان الرسول (ص) ذلك الزوج الممتن لهذه الزوجة و الشريكة العطوفة المساندة ، و لم يجبرها على هذا العطاء ، و بقي يذكرها ، و يذكر ما فعلته من أجله ، و بذلك كانا مثلاً للأسرة المتفانية المتحابة.
-------------------------------------------------------------------------------------
الهوامش:
(1) سورة الروم آية 21.
(2) المرأة والمشكلات الاجتماعية.
كيف تكتسبين شخصيّة في العمل؟؟
طوبى للنساء العارفات
ماذا يريدون من المرأة
متى تنزل المرأة إلى ميدان العمل وكيف ؟
سعيدة مع أم لا؟
مقايسة بين القرآن والتوراة في امر النساء
المرأة العصرية.. بين فك التخلف وقيم البداوة