• عدد المراجعات :
  • 888
  • 2/8/2009
  • تاريخ :

  

  

بداية الألفية الثالثة والأزمة الاقتصادية العالمية
الأزمة الاقتصادية

ضربت الأزمة المالية مختلف دول العالم، ودفعت العديد من الدول الاقتصادية العظمى إلى إعلان دخولها مرحلة الركود الاقتصادي بشكل رسمي، فيما كشفت العديد من التقارير الصحفية عن عدد من الشخصيات الرئيسية المسببة للأزمة، ومعظمها اميركية، كما أن من بينها الشعب الاميركي، بمعنى أن نمط الحياة الاميركي هو أحد مسببات الأزمة الاقتصادية العالمية.

وفي الغضون، تهاوت الثقة بين زعماء كبرى الشركات العالمية المجتمعين في منتجع دافوس السويسري الى مستوى لم يسبق له مثيل مع تفاقم أزمة الائتمان العالمية. وشهدت الصين ارتفاعا مثيرا للقلق في البطالة، واليابان تراجعا تاريخيا في مبيعات السيارات واوروبا تباطؤا في الانتاج الصناعي، وهي كلها عوامل تؤكد شلل الاقتصاد العالمي ما ادى الى تراجع البورصات بشكل مستمر ودون توقف.

وفي الوقت الذي بدأ العالم الغربي يعود إلى كتابات كارل ماركس، والنظريات الاشتراكية، ظهرت في روسيا تقارير وتنبؤات ترجع إلى العشرينيات من القرن العشرين، لعل أهمها التصور الذي طرحه الخبير الاقتصادي الروسي، أندريه كوبياكوف، والذي توقع وقوع الأزمة المالية والاقتصادية العالمية. ويعتبر كوبياكوف من الخبراء القلائل الذين تكهنوا بوقوع هذه الأزمة منذ سنوات، وفقاً لوكالة الأنباء الروسية "نوفوستي."

واستندت معظم التنبؤات إلى التصور الذي وضعه العالم الروسي نيكولاي كوندراتييف في العشرينات من القرن العشرين.

وفي تصور كوندراتييف أن النظام الرأسمالي يتأرجح بين الصعود والهبوط في كل مرحلة تدوم خمسين عاما.

وكتب كوندراتييف في عام 1926 أن العالم يسير إلى هبوط جديد، وسرعان ما واجه العالم باستثناء آنذاك، الاتحاد السوفيتي، حالة من الكساد الاقتصادي انطلقت من اميركا. وطبقا لنظرية كوندراتييف، الذي توفي في عام 1938، أن العالم قد يشهد بداية للنهوض الجديد في عام 2015.

وعن أسباب الأزمة المالية والاقتصادية الحالية يقول الخبير كوبياكوف إن صناعة الإلكترونيات الدقيقة والكمبيوتر والإنترنت والهاتف المحمول شكلت قاطرة للاقتصاد العالمي خلال العقود الأخيرة من الزمن، وانهالت الاستثمارات على هذه القطاعات.

ويضيف قائلاً إن السوق لم يعد يطلب أعداداً هائلة جديدة من أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة، وتباطأت بالتالي وتيرة نمو الصناعة في بداية الألفية الثالثة.

ويوضح أنه سرعان ما اندفع أصحاب الأموال للبحث عن أماكن لتوظيف الأموال بما تدر عليهم إيرادات كبيرة خارج القطاع الصناعي، ووجدوها في مجال أسواق المال وهو مجال اقتصادي وهمي افتراضي في جانب كبير منه، ولا بد من أن يتبدد الوهم طال الزمن أو قصر.

وبرأي الخبير الروسي أن الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية سوف تستمر إلى أن يتبخر ما هو وهمي افتراضي في أسواق المال وذلك عن طريق تخفيض قيمة الدولار الاميركي بشكل ملحوظ. ويؤكد الخبير الاقتصادي الروسي أن هذا ما سيحدث في الأعوام القليلة المقبلة.

الشخصيات الـ25 المسؤولة عن الأزمة المالية الحالية؟

ونشرت صحيفة الغارديان البريطانية قائمة بأسماء 25 شخصية بارزة مسؤولة حسب رأي الصحيفة عن نشوء وتطور الأزمة المالية العالمية الحالية.

وذكرت معدة المقالة جوليا فينتش أن الأزمة المالية الحالية ليست ظاهرة طبيعية، وإنما كارثة من فعل الإنسان، و"إننا جميعا مذنبون لدرجة ما في ذلك."

ويتصدر قائمة المذنبين ألان غرينسبان، الرئيس السابق لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الاميركي (البنك المركزي الاميركي) "المسؤول عن السماح بتنامي حجم التسليف العقاري نتيجة الفائدة المنخفضة والنقص في التنظيم في هذا المجال"، وفقاً لما قالته وكالة الأنباء الروسية "نوفوستي."

كما أشارت فينتش إلى عدد من السياسيين الذين يتحملون أيضا، حسب رأيها، مسؤولية نشوء الأزمة، وبينهم الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون الذي صدر في عهده عدد من القوانين التي تتيح لشرائح المجتمع الفقيرة الحصول على قروض من البنوك لشراء مساكن، وجورج بوش الذي لم يحل دون استمرار هذه العملية وصعد أبعادها، وكذلك رئيس وزراء بريطانيا غوردون براون "الذي وضع مصالح رجال المال فوق مصالح ممثلي قطاع آخر في الاقتصاد، وعلى سبيل المثال، المنتجين."

وتضم قائمة المذنبين في الأزمة أيضا، شخصيات بارزة سابقة وحالية في المؤسسات المالية البارزة في الولايات المتحدة وبريطانيا، مثل شركة التأمين الاميركية الدولية AIG وبنوك "غولدمان ساش" و"ليمان بروذرز" و"ميريل لينش" والمصرف المركزي الإنجليزي وغيرها. كما اتهمت الصحيفة شخصيات بارزة كجورج سوروس والملياردير وورن بوفيت ورئيس صندوق "هيدج" الاميركي جون بولسون.

وقسمت الصحيفة الشخصيات التي تسبب بالأزمة بحسب القطاعات والتخصصات، فعلى الصعيد الاقتصادي الحكومي، احتل غرينسبان، رأس القائمة، كما ورد أعلاه، وتلاه محافظ المصرف الإنجليزي، مارفين كينح.

وعلى الصعيد السياسي، حل الرئيسان الاميركيان السابقان، بيل كلينتون وجورج بوش رأس القائمة، وكذلك عضو الكونغرس الاميركي فيل غرام، ورئيس الوزراء البريطاني الحالي غوردون براون وفي قطاع المصارف والبنوك وشركات التأمين: أحتلت آبي كوهين، رئيسة إدارة الاستراتيجيات الاميركية في مصرف "غولدمان ساش" رأس القائمة، وتلتها كاثلين كوربت، الرئيسة التنفيذية السابقة لمصرف "ستاندرد آند بورز"، ثم هانك غرينبيرغ من مجموعة AIG للتأمين، وكذلك مسؤول المنتجات المالية في المصرف جوزيف كاسانو.

كذلك ضمت القائمة آندي هورنباي، الرئيس السابق لمصرف HBOS، والسير فريد غودوين، الرئيس السابق لمصرف آر بي أس RBS، والرئيس السابق لمصرف "براندفورد آند بينغلي" B&B، ستيف كراوشو، والرئيس السابق لمؤسسة "نورذرن روك" آدام أبيلغارث.

كما ضمت رالف سيوفي وماثيو تانين، من كبار رجال المال والأعمال، وكذلك عراب التمويل العقاري، لويس رانيري، والرئيس السابق لمجموعة "سيتي" Citi Group، تشك برينس، ورجل الأعمال الاميركي أنجيلو موزيلو، والرئيس السابق لمؤسسة "ميريل لينش"، ستان أونيل، والرئيس السابق لمؤسسة "بير شتيرن" جيمي كاين.

كما ضمت مجموعة أخرى مثل رئيس لجنة القطاع المصرفي بالكونغرس الاميركي، كريستوفر دود، ورئيس الوزراء الآيسلندي غير هاردي، والرئيس التنفيذي لهيئة الخدمات المالية جون تينر، والرئيس التنفيذي لبنك ليمان ديك فولد.

إضافة إلى ستة أشخاص آخرين شاهدوا الأزمة وهي مقبلة وهم: المصرفيون أندرو لادي وجون يولسون والبروفيسور نوري روبيني والمليادير وارن بوفيت والمضارب المالي جورج سوروس والمدير المالي ستيفن آيسمان وميرديت ويتني. غير أن أغرب المسؤولين عن هذه الأزمة، وفق الغارديان البريطانية، كان الشعب الاميركي.

ثقة زعماء الشركات تتهاوى في شتى أنحاء العالم

وتهاوت الثقة بين زعماء كبرى الشركات العالمية المجتمعين في منتجع دافوس السويسري الى مستوى لم يسبق له مثيل مع تفاقم أزمة الائتمان العالمية.

وتلقي نتائج مسح شمل أكثر من 1100 رئيس تنفيذي لشركات كبرى بظلال قاتمة على اجتماع دافوس الذي استمر أربعة أيام بحضور كبار رجال الاعمال والسياسة في العالم.

ومشاركة المصرفيين في لقاء دافوس هذا العام محدودة ولكن صانعي السياسة سيعملون خلف الكواليس قبيل اجتماع قمة مجموعة العشرين لكبرى الاقتصادات الناشئة الذي يعقد في ابريل نيسان وقمة مجموعة الثماني في يوليو تموز.

ويوحي المسح السنوي لمؤسسة برايس ووترهاوس كوبرز بأن الحاجة للتحرك أصبحت ملحة مع تفاقم تأثير الازمة التي بدأت في النظام المصرفي على الايرادات والارباح وخطط التوسع والوظائف في مختلف أنحاء العالم وشتى الصناعات.

وعلى مستوى العالم أفاد 21 بالمئة فقط من الرؤساء التنفيذيين للشركات بأنهم واثقون تماما من نمو ايراداتهم خلال 12 شهرا مقبلة وذلك انخفاضا من 50 بالمئة قبل عام.

وتلاشت الامال بكساد حاد قصير حيث لا يتوقع معظم زعماء الشركات الآن أكثر من انتعاش بطيء وتدريجي خلال السنوات الثلاث المقبلة. بحسب رويترز.

وقال توني بولتر الرئيس العالمي للاستشارات في برايس ووترهاوس كوبرز "تقييم السنوات الثلاث أفضل قليلا ولكن النبأ السيء هو أن التقييم ليس أفضل كثيرا. ومقارنة مع ثقة 21 بالمئة خلال 12 شهرا مقبلة فهناك 34 بالمئة فقط خلال ثلاث سنوات."

ويتفق ستيفن روتش رئيس مجلس ادارة بنك مورجان ستانلي في اسيا مع بولتر في أن السنوات الثلاث المقبلة ستكون صعبة للغاية.

وقال لرويترز "علينا مواجهة حقيقة أن الانتعاش عندما يبدأ في وقت لاحق من هذا العام أو مطلع العام المقبل سيكون هزيلا."

وذكرت مؤسسة برايس ووترهاوس كوبرز ان الموقف تدهور بشكل ملموس منذ سبتمبر ايلول الماضي عقب انهيار ليمان براذرز وبيع بنك ميريل لينش.

صندوق النقد والبنك الدوليان عفا عليهما الزمن!!

من جهة اخرى دعا رئيس الوزراء البريطاني، غوردون براون، قادة العالم إلى الشروع في إصلاح المؤسسات المالية الدولية لمنع تكرار الظروف التي أدت إلى الأزمة المالية الحالية.

وقال براون، في جلسة حوار بالمنتدى الاقتصادي العالمي، إن زعماء العالم وقادته سيفشلون ما لم يستغلوا الأزمة لبناء "اقتصاد أكثر حماية للبيئة وأكثر توجهاً نحو الرقمية وأكثر مهارة."

كذلك قال براون إن العالم يحتاج إلى اتفاقية "بريتون وودز" جديدة، في إشارة إلى المؤتمر الذي عقد في تلك المنطقة عام 1944 والذي وضع الأسس لاقتصاد ما بعد الحرب العالمية الثانية، من خلال تأسيس البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

وأضاف براون: "علينا أن نكون أكثر حسماً وأكثر ابتكاراً.. علينا أن نخلق مجتمعاً عالمياً، ولكننا بحاجة إلى مؤسسات عالمية يمكنها أن تنجح، إضافة إلى أن المشكلة هي أن المؤسسات التي أنشأنها قبل 60 عاماً، عفا عليها الزمن."

وبانتظار انعقاد القمة المالية المقبلة لقمة العشرين الكبار في لندن في إبريل/نيسان المقبل، قال براون إن الحكومات كانت تتعامل مع "أول أزمة مالية في زمن العولمة."وأوضح قائلاً: "لا توجد خارطة واضحة من التجربة السابقة حول كيفية التعامل مع الأزمة.. نحن نتعلم عن مشكلات جديدة لا ماضي لها."

وأضاف أنه لمن الضرورة بمكان استعادة الثقة في النظام المالي، مكرر دعوة المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، لإنشاء لوائح تنظيمية دولية جديدة يمكنها أن تكبح "المخاطرة غير المسؤولة قصيرة الأجل."

وتابع يقول إن "معنى كلمة 'ضمان' أو 'ائتمان' باللاتينية هو المعني نفسه لكلمة 'معتقد' أو 'ثقة' والمشكلة هنا مشكلة ثقة في النظام المصرفي، وعلينا أن ندعمها."

ودعا رئيس الوزراء البريطاني إلى ضرورة تنسيق الجهود للعودة إلى الإقراض المصرفي، محذراً من الدول النامية ستتضرر بسحب الاستثمارات وقروض الائتمان.

وأوضح: "إن الدول التي ستكون الأكثر تضرراً إذا لم نتصرف هي الدول الأكثر فقراً.. وسوف تحرم من رؤوس الأموال، وبالتالي فلا أحد سيكون مستعداً للاستثمار فيها."

ارتفاع مقلق للبطالة في الصين وتراجع مبيعات السيارات في اليابان

وفي نفس السياق شهدت الصين ارتفاعا مثيرا للقلق للبطالة واليابان تراجعا تاريخيا في مبيعات السيارات واوروبا تباطؤا في الانتاج الصناعي وهي كلها عوامل تؤكد شلل الاقتصاد العالمي ما ادى الى تراجع البورصات.

ففي اليابان تراجعت مبيعات السيارات الجديدة عدا السيارات الصغيرة بنسبة 27,9 بالمئة في كانون الثاني/يناير بالحساب السنوي متراجعة الى ادنى مستوى لها منذ 41 عاما بحسب الخبراء.

وهذا التراجع وهو السادس على التوالي هو الاشد قسوة منذ ايار/مايو 1974 ولم يسجل مثل هذا الضعف في المبيعات منذ شباط/فبراير 1068. بحسب رويترز.

وفي كوريا الجنوبية تراجعت الصادرات في كانون الثاني/يناير بالحساب السنوي بنسبة 32,8 بالمئة بسبب تراجع الطلب خصوصا في الصين. وفي الصين تبدو المؤشرات مثيرة للقلق. فقد تواصل تراجع الانتاج الصناعي "بسرعة" في كانون الثاني/يناير بحسب مؤشر الشراء لشركة ماركت.

وادى ذلك الى صعود نسبة البطالة حيث وجد نحو عشرين مليون عامل مهاجر انفسهم بلا عمل في الصين بسبب الازمة بحسب ما اعلنت الاثنين السلطات التي تخشى تصاعد التوتر الاجتماعي.

وقال شين خيوين المسؤول الحكومي "وفق حساباتنا فان 15,3 بالمئة من 130 مليون ريفي يهاجرون للعمل فقدوا وظائفهم او لم يجدوا فرص عمل". ويعتزم رئيس الوزراء الصيني وين جياباو اتخاذ اجراءات جديدة لاعادة انعاش الاقتصاد.

كما تخشى روسيا الواقعة ضحية تراجع قيمة عملتها وتزايد نسبة البطالة من حدوث احتجاجات اجتماعية.

وفي اوروبا سجل مؤشر عوامل الشراء في القطاع المعملي لمنطقة اليورو في كانون الثاني/يناير 34,4 نقطة مقابل 33,9 نقطة في كانون الاول/ديسمبر 2008 ليبقى بعيدا جدا عن مستوى 50 نقطة. ويعني ذلك ان الانتاج يواصل تراجعه.

وفي فرنسا قالت وزيرة الاقتصاد كرستين لاغارد الاثنين انها "ستستغرب كثيرا ان يكون النمو ايجابيا في 2009" في فرنسا.

وبعد يومين من اضراب عام وتظاهرات ضمت مليون شخص بحسب السلطات قالت السبت امام منتدى دافوس الاقتصادي العالمي ان الازمة الاقتصادية العالمية تنذر بالتسبب في "اضطرابات اجتماعية".

 

المصدر:موقع العالم الاخباري -صباح جاسم

 

 

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)