• عدد المراجعات :
  • 4357
  • 7/29/2008
  • تاريخ :

زوجات الرسول سلام الله عليه
رسول الله(ص)

 الأولى ـ خديجة

 الثانية ـ سودة بنت زمعة

الثالثة ـ عائشة بنت أبي بكر

الرابعة ـ أم سلمة

الخامسة ـ حفصة بنت عمر

السادسة ـ زينب بنت خزيمة

السابعة ـ زينب بنت جحش

الثامنة ـ أم حبيبة

التاسعة ـ جويرية الخزاعية

 العاشرة ـ صفية بنت حيي بن أخطب

الحادية عشرة ـ ميمونة

 الثانية عشرة ـ أم إبراهيم

 الأولى ـ خديجة

هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك ابن النضر بن كنانة.

هكذا ورد نسبها في جميع المصادر مختصرا وكاملا، وقد شذ عنها(عمدة الطالب) للنسابة أحمد بن علي الداودي الحسيني حيث أضاف لنسبها عبد مناف، وهو أحد أجداد النبي(صلى الله عليه وآله)، وهذا الاشتباه على ما يبدو ناتج من وضع النساخ، لأن عبد العزى أخو عبد مناف أبوهما قصي فجعلا معا. ويلتقي نسبها مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الجد الرابع وهو قصي بن كلاب، لأن نسب الرسول (صلى الله عليه وآله) هكذا: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، لذا جاء في بعض الروايات بأن خديجة كانت تخاطبه بابن العم.

وأم خديجة هي فاطمة بنت زائدة بن الأصم- والأصم اسمه جندب- بن هرم بن رواح بن حجر بن عبد معيص بن عامر بن لؤي بن غالب.

ولادتها

ولدت خديجة قبل عام الفيل بخمس عشرة سنة من بيت مجد وسؤدد وفروسية وشرف ويسار، فنشأت على التخلق بالأخلاق الحميدة، واتصفت بالحزم والعقل والعفة حتى دعاها قومها في الجاهلية بـ(الطاهرة).

صفتها

كانت خديجة امرأة طويلة شامخة عريضة من النساء بيضاء لم ير في عصرها ألطف منها ولا أحسن.

كنيتها وألقابها

كانت تكنى بأم هند وتلقب بالسيدة الطاهرة، وذلك لشدة عفافها، واشتهر تلقيبها بالكبرى، لعظم شأنها في المحافل، ومن ألقابها الغراء، وسيدة نساء قريش، وسيدة نساء العالمين.

 أبوها

كان أبوها خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي، أبو عدي، من الفرسان ويلقب بأبي الخسف، وذلك لإبائه الخسف، ولإبائه على بني بكر حينما أقبل يوما في سفره حتى ورد كُليّة - وهو واد قرب الجحفة- فوجد عليها حاضرا عظيما من بني بكر فأراد خويلد وأصحابه أن يسقوا من حوض كلية، فأتاهم نفر من بني بكر فمنعوهم الماء إلا بثمن.

فقال خويلد لأصحابه: يا قوم متى تسومكم بنو بكر سوم العزيز الذليل؟ قالوا: فمرنا بأمرك، قال آمركم أن تحملوا عليهم.

فحمل عليهم بمن معه، فقتل خويلد رجلا من بني بكر، وطعن رجلا فأشواه، وفر منه آخر، وانهزمت بنو بكر، وشرب خويلد وأصحابه من الماء.

وخويلد هو الذي نازع تبّعاً حين أراد أخذ الحجر الأسود إلى اليمن، فقام في ذلك خويلد، وقام معه جماعة من قريش، ثم رأى تبع في منامه ما روعه فنزع عن ذلك وترك الحجر الأسود مكانه. ولما حفر عبد المطلب زمزم قال له خويلد: يا ابن سلمى لقد سقيت ماء رغدا ونثلت(استخرجت) بادية(صحراء) حيدا(ما شخص من نواحي الشيء).

ولخويلد من الولد خمسة: عدي والعوام ونوفل وعمرو وحزام، ومن البنات خمس أيضا: خديجة وهالة ورقيقة وهند وخالدة، وهم من أمهات شتى.

ومن أزواج خويلد ريطة بنت عبد العزى، ومنية بنت الحارث، وفاطمة بنت زائدة وهي ام السيدة خديجة.

توفي خويلد يوم حرب الفجار، وقيل بعد الفجار بخمس سنين(وقيل قبل الفجار) وبعضهم قال إنه قتل في الفجار، وقال آخرون أنه قتل في الجاهلية.

جدها

وكان أسد بن عبد العزى جد خديجة أحد الأشخاص في حلف الفضول الذي تداعت له قبائل من قريش فتعاقدوا وتعاهدوا على أنه لا يجدوا بمكة مظلوما من أهلها أو غيرهم ممن دخلها من سائر الناس إلا قاموا معه وكانوا على من ظلمه حتى ترد مظلمته، حيث قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ذلك الحلف: (لقد شهدت في دار جدعان حلفا لو دعيت به في الإسلام لأجبت).

لقد كانت خديجة من عائلة طاهرة شريفة لم تنجسها الوثنية الجاهلية فبقيت على أصالتها ومكانتها ومجدها وشرفها في قريش حيث عرفت بالفروسية والشجاعة والتضحية والإقدام وحماية الكعبة إلى ان أراد الله تعالى لهذه السيدة الجليلة أن تجمع بين شرف الدنيا وعز الآخرة بزواجها سيد المرسلين، وسخاوتها بالمال وتضحيتها بالنفس من أجل إعلاء كلمة التوحيد في شعاب مكة.

 إخوتها

 

1- عدي بن خويلد، ويكنى به، وأمه منية بنت الحارث.

2- العوام بن خويلد، أبو الزبير، وزوج صفية بنت عبد المطلب، عمة النبي (صلى الله عليه وآله)، قتل يوم الفجار الآخر.

3- نوفل بن خويلد، أمه ريطة بنت عبد العزى، ويقال له: ابن العدوية من عدي بن خزاعة، وهو الذي عناه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقوله يوم بدر: اللهم اكفنا ابن العدوية، فقتل كافرا يومئذ، قتله الزبير بن العوام، وهو ابن أخيه، وقد صاح نوفل: اقتلني قبل أن يقتلني أهل يثرب.

وفي(السيرة لابن هشام) وكان من شياطين قريش، وهو الذي قرن بين أبي بكر وطلحة في حبل حين أسلما، فبذلك كانا يسميان بالقرينين، قتله علي(عليه السلام) يوم بدر. وكان يقال له: أسد قريش، ولا عقب له.

4- عمرو بن خويلد، ولا بقية له، وهو الذي زوج خديجة لرسول الله (صلى الله عليه وآله).

5- حزام بن خويلد، وكان يكنى أبا خالد، قتل يوم الفجار الآخر، شهد بدرا مع الكفار ونجا منهزما، وأسلم يوم الفتح وحسن إسلامه، ولم يصنع شيئا من المعروف في الجاهلية إلا وصنع في الإسلام مثله، وكان يقول إذا اجتهد في يمينه: لا والذي نجاني يوم بدر.

ومن أحفاده عبد الله بن عثمان بن حكيم زوج سكينة بنت الحسين(عليهما السلام)، وولدت له ولدا يسمى قرينا وله عقب.

أخواتها

1- رقيقة بنت خويلد، لم تكن لها صحبة مما يدل على أنها توفيت قبل البعثة، وهي أخت خديجة لأمها، تزوجها بجاد بن عمير فولدت له أميمة، لها صحبة وهي من المبايعات، شهدت مؤتة، وروت عن النبي(صلى الله عليه وآله) وروي عنها وابنتها حكيمة بنت أميمة.

قالت أميمة بنت رقيقة: أتيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) في نسوة نبايعه فقلنا نبايعك يا رسول الله على أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيك في معروف.

فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): فيما استطعتن وأطقتن.

فقالت، فقلت: الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا، هلم نبايعك يا رسول الله. فقال (صلى الله عليه وآله): إني لا أصافح النساء، إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة أو مثل قولي لامرأة واحدة.

2- هالة بنت خويلد، وهي أم أبي العاص بن الربيع، وهي أخت خديجة من أمها وأبيها. وهي التي استئذنت على رسول الله، فعرف استئذان خديجة فارتاع لذلك، وقال: اللهم هالة، فغارت عائشة وقالت: ما تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين، هلكت في الدهر، وأبدلك الله خيرا منها...

فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: والله لقد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وآوتني إذ رفضني الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، ورزقت مني الولد إذ حرمتموه....

3- هند بنت خويلد.

4- خالدة بنت خويلد، زوجها علاج بن أبي سلمة بن عبد العزى الثقفي.

رس

ابن عمها ورقة بن نوفل

من الشخصيات البارزة في حياة السيدة خديجة ابن عمها ورقة ابن نوفل بن أسد، وأمه هند بنت أبي كثير بن عبد بن قصي، وهو أحد من اعتزل عبادة الأوثان في الجاهلية، وطلب الدين، وقرأ الكتب وامتنع من أكل ذبائح الأوثان وبما أن المسيحية آخر الشرائع السماوية في الجزيرة العربية قبل ظهور شريعة الإسلام لذا تنصر وأصبح رجلا من القسيسين المنتظرين ذلك الدين الأزلي، وكان يكتب الخط العربي، فكتب بالعربية من الإنجيل ما شاء أن يكتب.وكان همه خروج النبي بتلك الأوصاف التي كانت مشخصة في التوارة والإنجيل لكي يقتدي به ويؤازره. وروي أن زيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل خرجا يلتمسان الدين حتى انتهيا إلى راهب بالموصل، فقال لزيد: من أين أقبلت يا صاحب البعير؟

قال: من بيت إبراهيم.

قال: وما تلتمس؟

قال: الدين.

قال: ارجع، فإنه يوشك أن يظهر الذي تطلب في أرضك. فرجع يريد مكة حتى إذا كان بأرض لخم عدوا عليه فقتلوه، وكان يقول: أنا على دين إبراهيم (عليه السلام)، وكان يقول: إنا ننتظر نبيا من ولد إسماعيل من ولد عبد المطلب. وقال النبي(صلى الله عليه وآله): زيد بن عمرو يبعث أمة وحده.

زواجها المبارك

من خلال التعامل التجاري ومضاربتها أصبح لخديجة ميزان لمعرفة نفسية الرجال وميولهم، وكل قومها حريص على زواجها لو قدروا على ذلك، لقد طلبوها وبذلوا لها الأموال إلا أنها رفضتهم لأنها تبحث بعقلها الراجح وبعدها الثاقب عن ذلك الذي يحمل بين جوانحه دلائل الصدق والأمانة، والعفة والشرف، وحسن الخلق، وأصالة النسب، والتي كلها كانت متمثلة في رسول الله (صلى الله عليه وآله) لذا رغبت في الزواج منه وذلك عن تجربة منها وفق التعامل التجاري معه.

ولما حدثها ميسرة عما رآه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين سفره والمعجزات الباهرة التي ظهرت من حوله كتظليل الغمامة على رأسه أينما ذهب، واخضرار الشجرة اليابسة، وقول الراهب له، ناهيك عما باع رسول الله (صلى الله عليه وآله) سلعته التي خرج بها واشترى ما أراد كل ذلك بربح لم يربحه أحد غيره. ولما أقبل قافلا إلى مكة وقدم على خديجة بمالها، باعت ما جاء به فأضعف او قريبا من ذلك، كل ذلك عجل رغبة خديجة بالزواج منه، فانطلقت تلك الكلمات من سويداء قلبها صريحة ناصعة، معلنة الرغبة والمحبة والشوق، فقالت لرسول الله (صلى الله عليه وآله): فيما يزعمون يا بن عم قد رغبت فيك لقرابتك مني، وشرفك في قومك، ووسطتك فيهم، وأمانتك عندهم، وحسن خلقك، وصدق حديثك. ثم عرضت عليه نفسها.. فلما قالت لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ما قالت ذكر ذلك لأعمامه.

خطوبتها

لما رأت خديجة تلك المؤهلات الأخلاقية المتميزة، وذلك الزهو النفسي المتعالي فوق كل ما هو مادي مغري، يضاف إلى تلك المعنويات والكرامات الباهرة الإلهية لها فكانت له بعون الله تعالى رغبتها في الزواج منه. لقد بقي في خاطرها هل يلبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما في مخيلتها، وهل له رغبة وهوى فيها أو لا؟

كل ذلك انكشف حينما أرسلت له نفيسة دسيسا لهذا الأمر، وحينما استطلعتها برغبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) للزواج منها أباحت خديجة بسرورها ورغبتها فكانت الخطوبة وهي خطوة موفقة مباركة تتجلى فيها معاني الحياء التربوي الديني للتقارب ما بين الزوجين على سنة التوحيد الإبراهيمي من خلال أهليهما.

وعندما اطمأنت خديجة بعلائم الرضا فيها أخبرت عمها عمرو بن أسد بإقدام عمومة محمد(صلى الله عليه وآله) لطلب يدها منه لمحمد(صلى الله عليه وآله)، كما أخبر محمد(صلى الله عليه وآله) أعمامه وخاصة عمه أبا طالب رغبة خديجة بنت خويلد فيه، فأيدوه على ذلك وفرحوا.

ذهب أبو طالب في أهل بيته، ونفر من قريش إلى ولي خديجة وهو عمها عمرو بن أسد وهو يومئذ شيخ كبير لم يبق لأسد لصلبه يومئذ غيره.

مهرها

على ما يبدو من خلال الروايات أن النبي(صلى الله عليه وآله) عين لها مقدار المهر، إلا أن أبا طالب قد ضمن المهر في ماله كما هو في صريح خطبته، ولما رأت خديجة بأن أبا طالب قد ضمن لمحمد (صلى الله عليه وآله) المهر، سخت نفسها بضمانها المهر كله من مالها كهبة له. وروي أن عليا (عليه السلام) هو الذي ضمن المهر، وهذا غير صحيح لأن عليا (عليه السلام) لم يكن قد ولد.

وبعض الروايات تفيد أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نفسه قد أمهرها عشرين بكرة، كما في (السيرة النبوية لابن هشام) و(ابن كثير) و(تاريخ الخميس) و(السيرة الحلبية) و(البداية والنهاية) و(إمتاع الأسماع) و(المختصر في أخبار البشر) و(تاريخ الإسلام).

وفي(السيرة الحلبية) ذكر من خطبة أبي طالب زيادة وتوضيحا للمهر المعلوم الذي عينه النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: وقد خطب إليكم رغبة في كريمتكم خديجة، وقد بذل لها من الصداق ما عاجله وآجله اثنتى عشرة أوقية ونشاً.

 إيمان خديجة وإسلامها

لما كان الإيمان هو التصديق المطلق بوجود الخالق وبرسله فيما اخبروا به عن الله تعالى، وبالبعث من القبور، وبالجنة والنار، والامتثال لاوامره، والانتهاء عما نهى عنه، كل ذلك كان مهيئا بل وراسخا في سويداء قلب خديجة، وذلك من خلال بحثها الحثيث، وترقبها النبي الموعود الذي سوف يظهر في مكة.

ونتيجة ذلك الهدى والإيمان الثابت في قلبها كان سلوك خديجة في التعامل الاجتماعي والأخلاقي منسجما مع تلك الشرائع السماوية الحقة في الأرض لأن الإيمان فيها معرفة كنه هذه الأمور حلالها وحرامها لذا فهي الطاهرة التي تميزت عن نساء قومها في التعامل مع الرجال في تجارتها لأن الدين لازال قيما عليها رغم تردي الأوضاع الاجتماعية بسبب اتخاذها الوثنية بابا في التعبد تاركة وراءها التوحيد الإبراهيمي المهذب للنفوس.

ولما تقارب أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحضر زمان مبعثه الشريف، وتجلى روح الأمين أمام شخصه يتلو عليه من هدى القرآن على قلبه فاطمئنت جوانحه فراح يبث بشراه لمن كانت تنتظر صدى نبوته، فاستقلبته بتصديق القلب قائلة: أبشر، فإن الله لا يصنع بك إلا خيرا.

وعند مؤزرتها له تلألأ قلب النبي (صلى الله عليه وآله) أملا، وتسارع التاريخ يخط على جبينه أحرفا من ذهب أول امرأة أسلمت.

ومن خصائصها التي نالت بها أعلى مراتب الشرف والكمال فإنها أول من آمن به (صلى الله عليه وآله) من النساء والرجال فصدقته وآزرته وأعانته وثبتته.

فكان(صلى الله عليه وآله) لا يسمع شيئا من زمرة الإلحاد من تكذيب وجحود وعناد ويرجع إلى خديجة إلا ويجد عندها كل هدى وسداد فتهون عليه الرزايا وتواسيه وتبعث الطمأنينة إلى نفسه وتمنحه العطف وتبشره بما سوف تراه فيه.

لقد خفف الله تعالى بسبب إسلامها عن نبيه كل هم، وفرج عنه ما أصابه في الدعوة من تعب وغم، أ فلا تستحق هذه المرأة الطاهرة المتفانية في نفسها ومالها وإيمانها وإسلامها أن تكون قرينة وزوجة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في الجنة؟!.

وقد ثبت أنها صلت معه وتشرفت بمنقبة الوضوء، فعن أبي رافع: صلى النبي(صلى الله عليه وآله) أول يوم الاثنين، وصلت خديجة آخر يوم الاثنين، وصلى علي (عليه السلام) يوم الثلاثاء من الغد.

 ولايتها لأمير المؤمنين

من الخصوصيات التي اختصت بها خديجة (رضي الله عنها) لإتمام الرسالة المحمدية على وجهها الأكمل أنها ربت أمير المؤمنين عليا (عليه السلام) الذي يحمل بين جوانحه الإمامة لتثبيت براعم الإسلام، فتنورت خديجة بنورين إلهيين:

نور النبوة المتمثل بزوجها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وبنور الإمامة المشرق بوجه علي (عليه السلام).

وإن موالاتها لعلي (عليه السلام) لم تأت اعتباطا وإنما هو من صلب الإيمان والإسلام الذي به دعاها الرسول (صلى الله عليه وآله) حينما دعا خديجة وعليا (عليه السلام) للإسلام، قال النبي(صلى الله عليه وآله): إن جبرئيل عندي يدعوكما إلى بيعة الإسلام فأسلما تسلما، وأطيعا تهديا. فقالا: فعلنا وأطعنا يا رسول الله...

ثم قال: يا خديجة هذا علي مولاك ومولى المؤمنين وإمامهم بعدي.

قالت: صدقت يا رسول الله قد بايعته على ما قلت.

فكانت خديجة (رضي الله عنها) أول من بايعت أمير المؤمنين في الولاية التي لم تكن بعد، بينما تجد عكس ذلك عائشة التي حاربت من كان وليا حقا للمسلمين.

أفلا تستحق خديجة (رضي الله عنها) تلك المنزلة المشرفة أن تكون زوجة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في الآخرة، لرعايتها الإمامة وموالاتها لعلي (صلى الله عليه وآله)؟!

 معاناتها في شعب أبي طالب

يتبرعم الخريف في أجواء نعمتها، وتتناغم أيام القحط في مسارب مجدها، وترى الوجوه الحائرات الغابرات متهللات في عز تجارتها، كريمة يتصاغر الجود من عطاءات يدها، وحسبك من بيت يلم أهل مكة بأكملها، ومن المواشي لا يحصى عددها، ومن الإبل أزيد من ثمانين ألف متفرقة في أطراف تجارتها، وناهيك من العبيد والجواري والذهب والأحجار الكريمة في بيتها. كل ذلك النعيم طوته وفضلت العيش في شعب أبي طالب تكرما وإجلالا ومناصرة لنبيها.

لما رأت قريش الإسلام يزداد وينمو، وإن المسلمين قووا بإسلام حمزة، وإن أبا طالب لا يسلمه بل كان نصيره، وإن النجاشي أبى تسليم المهاجرين، وإنهم لا يقدرون على قتل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، تآمروا في أن يكتبوا بينهم كتابا يتعاقدون فيه على أن لا يجالسوهم ولا يبايعوهم حتى يسلموا رسول الله (صلى الله عليه وآله) للقتل، ثم علقوا تلك الصحيفة في جوف الكعبة توكيدا لذلك الأمر وذلك في سنة ثمان من نبوته (صلى الله عليه وآله).

وفاتها

 أن أبا طالب توفي عنه في آخر السنة العاشرة من مبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم توفيت خديجة بعد أبي طالب بثلاثة أيام، فسمى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذلك العام عام الحزن.

وكانت التي غسلت خديجة أم أيمن وأم الفضل زوجة العباس ودفنت في الحجون وهو جبل بأعلى مكة عند مدفن أهلها، ولم يكن يومئذ سنة الجنازة والصلاة عليها.

دار خديجة

دار خديجة دار تسمى دار الرضا، ومن خصائص دارها أن المصطفى(صلى الله عليه وآله) عرج إلى السماء من تلك الدار، وكانت مهبطا للوحي والملائكة، وفيها عاش المصطفى ومنها بدأ الإسلام، ويستحب التشرف في منزلها إلا أن يد البغي منذ زمن معاوية وحتى تخبط الوهابية غيرت كل معالم وآثار صرح النبوة بما فيها بيت خديجة.

 على الأعراف

سئل الإمام الصادق(عليه السلام) عن قول الله تعالى: (وبينهما حجاب) سورة الأعراف: الآية 46

فقال: سور بين الجنة والنار، قائم عليه محمد وعلي والحسن والحسين وفاطمة وخديجة (عليهم السلام) فينادون: أين محبونا؟ أين شيعتنا؟ فيقبلون إليهم، فيعرفونهم بأسمائهم وأسماء آبائهم، وذلك قوله تعالى: (يعرفون كلا بسيماهم). فيأخذون بأيديهم فيجوزون بهم على الصراط ويدخلونهم الجنة.

 الثانية ـ سودة بنت زمعة

بعد أن انتقلت خديجة الكبرى إلى جوار ربها جاءت خولة بنت حكيم امرأة عثمان بن مظعون إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالت: يا رسول الله كأني أراك قد دخلتك خلة لفقد خديجة.

فقال: أجل، كانت أم العيال وربة البيت. قالت: أ فلا أخطب عليك؟

قال: بلى فإنكن معشر النساء أرفق بذلك. فخطبت سودة بنت زمعة.

وكان تزويجه (صلى الله عليه وآله) منها لكي يوفر لها الحماية والأمان بعد وفاة زوجها وعائلها، فعندما جاءت خولة بنت حكيم إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) تخطب عليه سودة قبل ذلك لغرض أنها تحملت في سبيل الله المشاق والمصاعب والمتاعب في هجرتها إلى الحبشة مع زوجها، وأغضبت بهذه الهجرة أهلها وعشيرتها في سبيل الإسلام.

لقد أسلمت قديما وكانت تحت ابن عم لها يقال له السكران بن عمرو أسلم معها وهاجرا جميعا إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية، فلما قدما مات زوجها وقيل إنه مات بالحبشة.

تزوجها رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمكة بعد وفاة خديجة في رمضان سنة عشر من النبوة، وهي أول امرأة تزوجها رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد خديجة، وانفردت به نحواً من ثلاث سنين أو أكثر حتى دخل بعائشة.

فجاء أخوها عبد بن زمعة من الحج فجعل يحثو على رأسه التراب فلما أسلم قال: إني لسفيه يوم أحثو على رأسي التراب أن تزوج النبي (صلى الله عليه وآله) سودة. ولما قدم النبي (صلى الله عليه وآله) المدينة بعث زيدا يأتي بأم أيمن وبسودة وكانت امرأة ثقيلة (ضخمة) ثبطة، وأسنت عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم تصب منه ولدا.

توفيت أم المؤمنين سودة (رضي الله عنها) بالمدينة في شوال سنة أربع وخمسين ودفنت بالبقيع.

 الثالثة ـ عائشة بنت أبي بكر

عائشة بنت أبي بكر من بني تيم، وأمها أم رومان بنت عامر الكنانية واختلف في اسم أمها فقيل زينب وقيل وعد.

هاجرت بعد أبيها وتزوجها النبي (صلى الله عليه وآله) بعد خديجة بثلاث سنين وكان عمرها لما تزوجها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ست سنين وقيل سبع سنين وبنى بها وهي بنت تسع سنين بالمدينة..

رسول الله(ص)

 

الرابعة ـ أم سلمة

كنيتها أم سلمة، واسمها هند بنت حذيفة، يكنى بأبي أمية، ويلقب بزاد الراكب.واسم أمها عاتكة بنت عامر. وهي بنت عم خالد بن الوليد وبنت عم أبي جهل.تزوجها عبد الله بن عبد الأسد، وكانت ممن أسلم قديما هي وزوجها، وهاجر بها إلى أرض الحبشة، ولدت زينب وسلمة وعمر ودرة، وتوفي زوجها على أثر جراح جرح في معركة أحد. وهي أول ظعينة هاجرت إلى المدينة.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا أصاب أحدكم مصيبة فليقل: (إنا لله وإنا إليه راجعون) البقرة:156 اللهم عندك احتسبت مصيبتي فآجرني فيها، وأردت أن أقول وأبدلني بها خيرا فقلت: من خير من أبي سلمة؟ فما زلت حتى قلتها.

فلما انقضت عدتها خطبها أبو بكر وعمر فأبت، ثم أرسل إليها رسول الله (صلى الله عليه وآله) يخطبها فقالت: مرحبا برسول الله (صلى الله عليه وآله)، إني في خلالا ثلاثا: امرأة شديدة الغيرة، وأنا امرأة مصبية(صاحبة صبيان)، وأنا امرأة ليس لي هاهنا أحد من أوليائي فيزوجني وأنا كبيرة.

فقال: أما ما ذكرت من غيرتك فإني أدعو الله تعالى أن يذهبها عنك، وأما ذكر من صبيك فإن الله تعالى سيكفيهم، وأما ما ذكرت من أنه ليس من أوليائك أحد شاهد، فليس من أوليائك أحد شاهد ولا غائب يكرهني، وأما ما ذكرت من الكبر فانا أكبر منك.

فقبلت به، فقالت لابنها عمر: قم فزوج رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فزوجه. فدخل بها النبي (صلى الله عليه وآله) في سنة أربع من الهجرة.

وفي بيت أم سلمة نزلت: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) الأحزاب: 33

قالت أم سلمة: جاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى بيتي فقال: لا تأذني لأحد، فجاءت فاطمة فلم أستطع أن أحجبها عن أبيها، ثم جاء الحسن فلم أستطع أن أمنعه أن يدخل على جده وأمه، ثم جاء الحسين... ثم جاء علي... فاجتمعوا فأدخلهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بكساء كان عليه ثم قال: هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

فقلت: يا رسول الله وأنا.

قال: إنك على خير.

وفي رواية أخرى: أن النبي(صلى الله عليه وآله) أخذ ثوبا فجلله فاطمة وعليا والحسن والحسين وهو معهم، ثم قرأ هذه الأية: (إنما يريد الله...).

قالت أم سلمة: فجئت أدخل معهم، فقال: مكانك.. إنك على خير.

* ولاؤها لعلي وبنيه

عندما خرجت عائشة لقتال علي (عليه السلام) جاءت أم سلمة عليا(عليه السلام) وقدمت إليه ابنها عمر قائلة: يا أمير المؤمنين، لولا أن أعصي الله تعالى، وإنك لا تقبله مني، لخرجت معك، وهذا ابني عمر، والله لهو أعز علي من نفسي، يخرج معك فيشهد مشاهدك.

وكانت أم سلمة مستودعا لوصايا وكتب أهل العصمة.. روي أن عليا(عليه السلام) لما سار إلى الكوفة استودع أم سلمة كتبه والوصية، فلما رجع الحسن(عليه السلام) دفعتها إليه.

ولما توجه الحسين(عليه السلام) إلى العراق دفع إلى أم سلمة الوصية والكتب وغير ذلك، وقال لها: إذا أتاك أكبر ولدي فادفعي إليه ما دفعت إليك، فلما قتل الحسين (عليه السلام) أتى علي بن الحسين(عليهما السلام) أم سلمة فدفعت إليه كل شيء أعطاها الحسين(عليه السلام).

وقد عمرت حتى بلغها مقتل الحسين(عليه السلام) فوجمت لذلك وحزنت عليه كثيرا فلم تلبث إلا يسيرا، وقيل ماتت بعد الحسين(عليه السلام) بسنة أي سنة اثنتين وستين، وهي من آخر أمهات المؤمنين موتا، ودفنت في البقيع وكان لها يوم ماتت أربع وثمانون سنة.

 الخامسة ـ حفصة بنت عمر

وهي من بني عدي وأمها وأم أخيها عبد الله بن عمر زينب بنت مظعون أخت عثمان بن مظعون.

ولدت حفصة وقريش تبني البيت وقبل مبعث النبي (صلى الله عليه وآله) بخمس سنين.

تزوجها خنيس بن حذافة من بني سهم، وأسلم زوجها قبل دخول رسول الله (صلى الله عليه وآله) دار الأرقم، وهاجر إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية ثم هاجر مع حفصة إلى المدينة، وشهد زوجها بدرا وأحدا، وأصابه بأحد جراحة فمات منها.

وصلى عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ودفن بالبقيع إلى جانب قبر عثمان ابن مظعون، وليس له عقب.

فلما تأيمت ذكرها عمر لأبي بكر وعرضها عليه فلم يرجع إليه أبو بكر كلمة، فغضب من ذلك عمر، ثم عرضها على عثمان حين ماتت زوجته رقية المسماة ببنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإن لم تثبت بنوته إلا لفاطمة، فقال عثمان: ما أريد أن أتزوج اليوم، فانطلق عمر إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فشكا إليه، وعيناه تتغرر دمعا، خائر القوى ذو زفرات وآهات، يتطاير الحزن من بين جنبيه... فلما رآه رسول الله (صلى الله عليه وآله) مضطربا حائرا قال (صلى الله عليه وآله): يتزوج حفصة من هو خير منهما، فعندها تهلل وجه عمر، فسجل التاريخ موقفا لعل عمر يتذكر ما سوف يفعل بابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة (عليها السلام) وفاء لموقف رسول الله (صلى الله عليه وآله) له في المحنة.

 السادسة ـ زينب بنت خزيمة

من بني عامر بن صعصعة الهلالية، وتدعى أم المساكين في الجاهلية وذلك لكثرة معروفها، وقيل لكثرة إطعامها المساكين وصدقتها عليهم.

تزوجها عبد الله بن جحش وأسلما قديما وهاجرا إلى المدينة، واستشهد زوجها يوم أحد، ولم تشغلها إصابة زوجها عن الاستمرار في مهمتها في إسعاف المصابين في المعركة.

ثم تزوجها النبي(صلى الله عليه وآله) وكان دخوله بها بعد دخوله على حفصة بنت عمر، في شهر رمضان على رأس أحد وثلاثين شهرا من الهجرة، فمكثت عنده شهرين أو ثلاثة حتى توفيت، وقيل مكثت عنده ثمانية أشهر وصلى عليها رسول الله(صلى الله عليه وآله) ودفنها بالبقيع. وكان سنها يوم ماتت ثلاثين سنة.

وكانت حياتها الكفاف فقد روي عن أم سلمة قالت: أدخلني رسول الله(صلى الله عليه وآله) بيت زينب بنت خزيمة أم المساكين بعد أن ماتت فإذا جرة فاطلعت فيها فإذا فيها شيء من الشعير، وإذا رحى وبرمة وقدر..

 

السابعة ـ زينب بنت جحش

وهي من أسد بن خزيمة، وأمها أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، وهي ابنة عمة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وكان اسمها برة فسماها النبي (صلى الله عليه وآله) زينب. وكانت قديمة الإسلام ومن المهاجرات الأول، وكان عمرها حينما هاجرت ثلاث وثلاثين سنة.

وقصة زواج زيد بزينب، قالت زينب بنت جحش: خطبني عدة من قريش فأرسلت أختي حمنة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أستشيره فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): أين هي ممن يعلمها كتاب ربها وسنة نبيها؟

قالت: ومن هو يا رسول الله؟

قال: زيد بن حارثة.

فغضبت حمنة غضبا شديدا، وقالت: يا رسول الله تزوج بنت عمتك مولاك، فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله) أشد من غضبها...

فأنزل الله تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا) الأحزاب: 36

قالت زينب: فأرسلت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقلت: إني أستغفر الله وأطيع الله ورسوله، افعل ما رأيت فزوجني زيدا.

ولكن أراد الله لها أن تكون زوجة رسول الله (صلى الله عليه وآله) إنقاذا لها من المحنة التي هي فيها، وكان أمرا ربانيا يبتغي منه اختبار المسلمين، وكسر طوق الجاهلية في حالة التبني لأن زيدا يدعى ابن محمد، فتكلم في ذلك المنافقون وقالوا: حرم محمد نساء الولد، وقد تزوج امرأة ابنه.فأنزل الله تعالى: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم) الأحزاب: 40 فدعي من يومئذ زيد بن حارثة.

ولما طلقها زيد وانقضت عدتها زوجها الله تعالى بنبيه (صلى الله عليه وآله) بنص كتابه المجيد بلا ولي ولا شاهد، فكانت تفخر بذلك على أمهات المؤمنين، وتقول: زوجكن أهاليكن، وزوجني الله من فوق عرشه.

قالت أم سلمة: وكانت لرسول الله(صلى الله عليه وآله) معجبة وكان يستكثر منها، وكانت امرأة صالحة صوامة قوامة صنعا تتصدق بذلك كله على المساكين.

وروي أن رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال: إن زينب بنت جحش لأواهة.

فقال رجل: يا رسول الله، ما الأواهة؟

قال: الخاشعة المتضرعة.

وتوفيت سنة عشرين، وعمرها ثلاث وخمسون سنة، ودفنت بالبقيع، وما تركت زينب بنت جحش درهما ولا دينارا، فكانت تتصدق بكل ما قدرت عليه، وكانت مأوى المساكين، وكان يقال لها أم المساكين، وهي أول نساء النبي(صلى الله عليه وآله) موتا بعده.

 الثامنة ـ أم حبيبة

واسمها رملة بنت أبي سفيان بن صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي. وتكنى بابنتها حبيبة من زوجها السابق عبيد الله بن جحش، ولدتها بمكة قبل هجرة الحبشة، وقيل خرجت بها أمها وهي حامل فولدتها بأرض الحبشة، تزوجها داود بن عروة ابن مسعود الثقفي.

ورملة هي من بنات عم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ليس في أزواجه من هي أقرب نسبا إليه منها، ولا في نسائه من هي اكثر صداقا منها، ولا من تزوج بها وهي نائية الدار أبعد منها. ولدت قبل البعثة بسبعة عشر عاما.

أسلمت قديما بمكة، وهاجرت إلى الحبشة مع زوجها عبيد الله، فتنصر بالحبشة، ومات بها، وأبت أن تتنصر وثبتت على إسلامها.

تزوجها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهي بالحبشة، زوجها منه عثمان بن عفان، وقيل عقد عليها خالد بن سعيد، وأمهرها النجاشي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أربعمائة دينار. وكان مهر سائر أزواج النبي(صلى الله عليه وآله) أربعمائة درهم... ولما بلغ الخبر إلى أبي سفيان أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نكح أم حبيبة ابنته قال: ذاك الفتى لا يقدع أنفه.

وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) منها بعد زينب بنت خزيمة الهلالية سنة ست، وقيل سنة سبع، وعمرها يومئذ بضع وثلاثون سنة، ولم تلد لرسول الله (صلى الله عليه وآله) شيئا.

ولما قدم أبو سفيان المدينة جاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يريد غزو مكة فكلمه أن يزيد هدنة الحديبية فلم يقبل الرسول (صلى الله عليه وآله)، فقام ودخل على ابنته أم حبيبة، فلما ذهب ليجلس على فراش النبي طوته دونه، فقال: يا بنية أرغبت بهذا الفراش عني أم بي عنه؟

فقالت: بل هو فراش رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأنت امرؤ نجس مشرك فلم أحب أن تجلس عليه.

فقال: لقد أصابك بعدي شر.

وكان لها التزام بأحكام الله، فعن زينب بنت أبي سلمة قالت: دخلت على أم حبيبة حين توفي أبوها أبو سفيان، فدعت بطيب فدهنت منه، ثم مست بعارضيها، ثم قالت: والله مالي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج (فإنها تحد عليه) أربعة أشهر وعشرا.

وعن عائشة قالت: دعتني أم حبيبة عند موتها فقالت: قد كان يكون بيننا ما يكون بين الضرائر فتحللينني من ذلك، فحللتها واستغفرت لها... وأرسلت إلى أم سلمة بمثل ذلك.

وماتت بالمدينة سنة أربع وأربعين، وقيل سنة ثنتين وأربعين وقيل سنة تسع وخمسين وهو بعيد.

روي عن علي بن الحسين(عليهما السلام) قال: قدمت منزلي في دار علي بن أبي طالب(عليه السلام) فحفرنا في ناحية منه فأخرجنا منه حجرا، فإذا فيه مكتوب هذا قبر رملة بنت صخر فأعدناه مكانه.

 

التاسعة ـ جويرية الخزاعية

بنت الحارث بن أبي ضرار المصطلقية، وزوجها السابق مسافع ابن صفوان ولم تلد له شيئا.

لما انتهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) من حصار بني قريظة وغزوة بني لحيان وغزوة ذي قرد حتى عاد إلى المدينة فما أن أقام فيها شهرا أو بعض الشهر حتى بلغه أن بني المصطلق- وهم حي من خزاعة- يجمعون الجموع لقتاله بقيادة زعيمهم الحارث بن أبي ضرار، فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) إليهم حتى لقيهم على ماء لهم يقال له المريسيع، فكان قتال انتهى بهزيمة بني المصطلق وسيقت نساؤهم سبايا للمسلمين وفيهن برة ابنة زعيمهم الحارث والتي سماها رسول الله (صلى الله عليه وآله) جويرية فيما بعد لأنه (صلى الله عليه وآله) يكره أن يقال خرج من عند برة (ومعناها محسنة عطوفة نافعة فكره أن تزكي نفسها). وكان هذا الاسم (برة) أيضا يطلق على ميمونة فسماها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ميمونة. وقتل زوجها يوم المريسيع سنة ست. ولما قسم رسول الله (صلى الله عليه وآله) سبايا بني المصطلق، وقعت جويرية في سهم ثابت بن قيس فكاتبته على نفسها، وكانت امرأة حلوة ملاحة لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه فأتت رسول الله (صلى الله عليه وآله) تستعينه في كتابتها قالت عائشة: فو الله ما هي إلا أن رأيتها فكرهتها..!!

فلما دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) قالت: يا رسول الله أنا جويرية بنت الحارث سيد قومه، وقد أصابني من البلايا ما لم يخف عليك، وقد كاتبت على نفسي، فأعني على كتابتي.

وعندما سمع قولها وأنها من سادات قومها قال لها: هل لك في خير من ذلك؟

قالت: وما هو يا رسول الله؟

قال: أقضي كتابتك وأتزوجك.

قالت: نعم.

قال: قد فعلت.وروي أن الحارث بن ضرار اتفق مع قومه على أن يفتدي ابنته جويرية فجمع الإبل وذهب بها إلى المدينة، وفي الطريق أعجب بببعيرين منها فتركهما خارج المدينة ليأخذهما أثناء عودته. وعندما دخل على رسول الله(صلى الله عليه وآله) ليطلب فداء ابنته بالإبل التي يصحبها فقال له رسول الله(صلى الله عليه وآله): إذن ما شأن البعيرين اللذين تركتهما بظاهر المدينة.

فارتبك الحارث وقال: والله يا رسول الله ما علم بها أحد قط، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله.

وروي أيضا: جاء أبوها إلى النبي(صلى الله عليه وآله) فقال: إن ابنتي لا يسبى مثلها فأنا أكرم من ذاك فخل سبيلها.

قال: أرأيت إن خيرناها أليس قد أحسنا؟

قال: بلى وأديت ما عليك.

قال: فأتاها أبوها، فقال: إن هذا الرجل قد خيرك فلا تفضحينا.

فقالت: فإني قد اخترت رسول الله(صلى الله عليه وآله).

قال: قد والله فضحتنا.

لقد أعتق رسول الله(صلى الله عليه وآله) جويرية واستنكحها وجعل صداقها عتق كل مملوك من بني المصطلق. وكان عمرها يوم تزوجها(صلى الله عليه وآله) عشرين سنة.

توفيت سنة خمسين من الهجرة، وقيل سنة ست وخمسين، وهي يومئذ ابنة خمس وستين سنة.

 العاشرة ـ صفية بنت حيي بن أخطب

من بني إسرائيل من سبط هارون بن عمران. وأمها برة بنت سموأل من بني قريظة إخوة النضير.

وكانت صفية تزوجها سلام بن مشكم القرظي ثم فارقها، فتزوجها كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق النضري قتل عنها يوم خيبر. ولما غزا رسول الله (صلى الله عليه وآله) خيبر وغنمه الله أموالهم سبى صفية بنت حيي وبنت عم لها، فأمر بلالا يذهب بهما إلى رحله، فكان لرسول الله (صلى الله عليه وآله) صفي من كل غنيمة، فكانت صفية مما اصطفى يوم خيبر. وعرض عليها النبي (صلى الله عليه وآله) أن يعتقها إن اختارت الله ورسوله، فقالت: أختار الله ورسوله.

وأسلمت فأعتقها وتزوجها وجعل عتقها مهرها.

 الحادية عشرة ـ ميمونة

بنت الحارث بن حزن الهلالية، وأمها هند بنت عوف، وأخوتها لأبيها وأمها: أم الفضل لبابة الكبرى زوج العباس بن عبد المطلب، ولبابة الصغرى زوج الوليد بن المغيرة، وعصماء كانت تحت أبي بن خلف الجمحي، وعزة كانت تحت زياد بن عبد الله الهلالي.

تزوجها أولا مسعود بن عمرو الثقفي قبيل الإسلام ففارقها، وتزوجها أبو رهم بن عبد العزى فمات.

وكانت ميمونة تتمنى أن تكون زوجة لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأفضت إلى شقيقتها أم الفضل بما يهفو إليها قلبها، فتحدثت به الأخت إلى زوجها العباس، وجعلت له يدها. ولم يتردد العباس في حمل رسالة كهذه إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، بل مضى من فوره إلى ابن اخيه، فخاطبه في أمرها وعرض عليه ان يتزوجها، واستجاب المصطفى (صلى الله عليه وآله).

وهي التي وهبت نفسها للنبي (صلى الله عليه وآله) وفيها نزلت: (وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي) الأحزاب: 50

وقيل الواهبة غيرها، وقيل إنهن تعددن وهو الأقرب.

 الثانية عشرة ـ أم إبراهيم

مارية بنت شمعون القبطية، من قرية تدعى(حفن) قريبة من بلدة (أنصنا) في مصر. أبوها قبطي وأمها مسيحية رومية.

والقبطية نسبة إلى القبط جيل بمصر، واختلف في نسب القبط فقيل هو القبط بن حام بن نوح.... وإن مصرايم بن حام أعقب من لوذيم، وإن لوذيم أعقب قبط مصر بالصعيد، وقيل إنهم ولد قبط بن مصر.

بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) سنة سبع من الهجرة بمارية وبأختها سيرين وألف مثقال ذهبا وعشرين ثوبا لينا وبغلته الدلدل وحماره عفير ويقال يعفور ومعهم خصي يقال له مأبور، وبعث بذلك كله مع حاطب بن أبي بلتعة فعرض حاطب بن أبي بلتعة على مارية الإسلام ورغبها فيه فأسلمت وأسلمت أختها، وأقام الخصي على دينه حتى أسلم بالمدينة.

وبعث النبي (صلى الله عليه وآله) بأختها سيرين إلى حسان بن ثابت فولدت له عبد الرحمن.

وفي سنة ثمان من ذي الحجة ولدت مارية إبراهيم وكانت قابلتها سلمى مولاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتنافست الأنصار في إبراهيم وأحبوا أن يفرغوا مارية للنبي (صلى الله عليه وآله) لما يعلمون من هواه فيها ولما ولدت أم إبراهيم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أعتقها ولدها.

فدفعه رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى أم بردة بنت المنذر وزوجها البراء بن أوس فكانت ترضعه... وغارت نساء رسول الله (صلى الله عليه وآله) واشتد عليهن حين رزقت منه الولد وخاصة عائشة فإنها قالت: ما غرت على امرأة إلا دون ما غرت على مارية، وذلك أنها كانت جميلة من النساء، وأعجب بها رسول الله (صلى الله عليه وآله)... ثم رزق الله منها الولد وحرمنا منه.

وعندما مات إبراهيم وهو ابن ثمانية عشر شهرا وجد عليه علي(عليه السلام) وكذلك فاطمة(عليها السلام)، وأما عائشة فإنها ابطنت شماتة وإن أظهرت كآبة، وقالت الشنباء بنت عمرو الغفارية- حينما أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله) الزواج منها فعركت(أي حاضت) حين دخل عليها ومات إبراهيم قبل أن تطهر: لو كان نبيا ما مات أحب الناس إليه، فسرحها رسول الله(صلى الله عليه وآله). وغسل إبراهيم الفضل بن العباس ونزل في حفرته الفضل وأسامة بن زيد، وكسفت الشمس يومئذ فقال الناس: لموت إبراهيم.

وقيل أن رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال: إنها لا تكسف لموت أحد ولا لحياته، وإن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يجريان بأمره مطيعان له، لا ينكسفان لموت أحد.

ولما مات إبراهيم قال: إن له مرضعا في الجنة يستتم بقية رضاعه، وقال: إنه صديق شهيد.

توفيت مارية أم إبراهيم في المحرم سنة ست عشرة من الهجرة، ودفنت في البقيع.

 

 ما المقصود من أن زوجات النبي أمهات المؤمنين؟

الأم أصل الشيء وللإنسان الوالدة، وتطلق على الجدة يقال: حواء أم البشر، ويجمع الأم على أمات وأمهات، وتأتي كلمة الأم في الذم تقول: لا أم لك، وقد تكون للمدح والتعجب...

وأم القرآن فاتحته، وأم الكتاب اللوح المحفوظ، وأم الطريق الطريق الأعظم بجانبيه طرق أخرى، وأم القرى مكة، وكل مدينة هي أم ما حولها من القرى، وأم الرأس الدماغ، وأم الخبائث الخمر، وأم قشعم المنية...

فكل أصل ومعدن أم، ويتفرع من ذلك ما كان واقعيا وجسميا في حالة كون الإنسان مولودا منها فقط، والآخر ما كان معنويا وروحيا فيطلق عليها أما أدبا.

وبما أن رسول الله(صلى الله عليه وآله) كان أبا لهذه الأمة ولأجله اكتسبت أزواجه منزلة واحترام الأم فقال تعالى: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم). الأحزاب:6

فهو تشبيه لهن بالامهات في بعض الأحكام، كتحريم نكاحهن، قال تعالى:

(ولا أن تنكحوا أزواحه من بعده أبدا). الأحزاب:53

وهذه الخصيصة كرامة للنبي(صلى الله عليه وآله) لا لهن. وهن فيما وراء هذه الخصوصية بمنزلة الأجنبيات، ولذلك حينما قالت امرأة لإحدى أمهات المؤمنين: يا أم، قالت: لسنا أمهات النساء، تعني أنهن أمهات الرجال لكونهن محرمات عليهم كتحريم أمهاتهم، والدليل على ذلك أن هذا التحريم لم يتعد إلى بناتهن، وكذا لم يثبت لهن سائر أحكام الأمهات كالتوريث مثلا، وإنما المراد به يعود إلى حرمة العقد عليهن لا غير...

وقيل يخص النساء أيضا لما فيه من الاحترام والتعظيم فعن أم سلمة أنها قالت: أنا أم الرجال منكم والنساء. لأن فائدة الاحترام والتعظيم موجودة في النساء أيضا، وكان(صلى الله عليه وآله) أبا الرجال والنساء جميعا في الحرمة والتعظيم، وإن كان الوجه الأول هو الأتم، وهو المعروف بالحكومة، أي جعل غير الأم أما بقصد ترتب آثار الأم وهو التحريم عليها، كما في الظهار حينما يقول الشخص لامرأته أنت علي كظهر أمي.

وكما لا يجوز أن يقال لإخوانهن وأخواتهن أخوال المؤمنين وخالات المؤمنين. وما أطلق على معاوية بأنه خال المؤمنين فهذه بدعة ابتدعها معاوية لكي يكسب سمعة ورضا من قبل الشاميين.

وإن أمهات المؤمنين كلهن دفن بالمدينة إلا خديجة بـ(مكة) وكذلك ميمونة بـ(سرف) على الظاهر.


من معاجز النبي (صلى الله عليه وآله)

آداب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في المأكل والمشرب

كتبه ورسائله (صلى لله عليه وآله)

مراحل الدعوة الإسلامية

موقف رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في شعب أبي طالب

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)