• عدد المراجعات :
  • 1089
  • 7/23/2008
  • تاريخ :

 

  

هل عادت الدبلوماسية الى بوش ؟

بوش

في 19 يوليو من الشهر الجاري، جرى اتصال بين اميركا وايران، هو الاول من نوعه خلال ما يقارب الثلاثة عقود، وذلك بانضمام وكيل وزارة الخارجية الاميركية ويليام بيرنز الى اجتماع عقد في جنيف، ضم كلا من المفاوض الاوروبي خافيير سولانا ورئيس الوفد الايراني سعيد جليلي واخرين.

واعتمادا على الازدواجية المعتادة في لغة الدبلوماسية، تلح ادارة بوش على ان الاجتماع المذكور ليس "تفاوضا" مع ايران، وانما هو خطوة "سابقة للتفاوض،" حضرها "بيرنز" بصفة "مراقب" لا اكثر، الا ان مما لاشك فيه ان هذا الاجتماع يمثل خطوة كبيرة باتجاه تجاوز الصراع الداخلي الشرس بين واشنطن وطهران، الذي لم يكن له نتيجة سوى بقاء العاصمتين في ازمة علاقات متفاقمة.

ففي فترة ولايتها الاولى، اتبعت ادارة بوش سياسة مقاطعة طهران، ورفض التعامل معها باي شكل من الاشكال، وكما كان متوقعا، لم تفض هذه السياسة الى اي حل للازمة القائمة.

اما في ولايتها الثانية، فقد اقترحت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس اتخاذ التفاوض طريقا لحل الازمة النووية الايرانية، غير انها اشترطت استباق اي تفاوض يجري مع طهران، بتخلي الاخيرة عن برامج تخصيب اليورانيوم.

من جانبها رفضت طهران الاستجابة لهذا الشرط المسبق من واشنطن، ومضت في المشروع النووي، وفي الواقع فان غياب التفاوض معها، هو الذي فتح امامها الطريق نحو الاستمرار في مساعيها النووية. والدليل على ذلك، ان طهران كانت قد بدات للتو اختبار اول اجهزة الطرد المركزي قبل 25 شهرا، وهو الموعد الذي وضعت فيه واشنطن شرطها المسبق للتفاوض معها، على نحو ما تمت الاشارة اليه انفا.

تقييم عملية صنع القرار في طهران، يشبه الى حد كبير مشاهدة مصارعة تجري على سجاد فارسي، بسبب صعوبة معرفة من يفعل ماذا، ولمن ؟

وفي الجانب الايراني، ومهما يكن فان هناك من الخيوط ما يشير الى تقديم سياسات بديلة للتوجهات السابقة، وبالنتيجة وافق علي اكبر ولايتي، مستشار قائد الثورة الاسلامية للسياسات الخارجية قبل اسبوعين، على عرض"التجميد مقابل التجميد" الذي قدمه له المفاوض الاوروبي خافيير سولانا. وعليه فستواصل طهران تخصيب اليورانيوم، الا انها لن تنشئ اجهزة طرد مركزي جديدة. وفي المقابل ستتخلى الولايات المتحدة وشركاؤها عن فكرة فرض عقوبات اضافية على طهران.

"ولايتي"خلال لقاء صحافي اجري معه مؤخرا، ذكرهذه الخطوة بقوله:"يريد الكثيرون في اميركا واسرائيل لبلادنا العزلة عن بقية العالم. وان كانت رغبة الذين ينشطون ضد مصالح بلادنا، هي الا نوافق على العرض الاوروبي، فان مصلحتنا الوطنية تقتضي منا الموافقة"عليه.

واشار"ولايتي"ضمن ذلك الحديث الى"منطقة اتفاق" يمكن الوصول اليها عبر التفاوض. فعلى حد تعبيره:"هم يقولون على ايران الا تصنع قنبلة نووية.. اما من ناحيتنا فنقول لهم: ولكن ايران بحاجة للطاقة النووية. وترسم هذه المبادئ الخطوط الحمر الخاصة بنا وبهم على حد سواء، ما يجعل منها الاساس الذي ينبغي ان تجرى عليه اي مفاوضات، ويمكن التوصل الى اتفاق فيها".

وعلينا في الاسابيع القليلة المقبلة، ان نرصد مواقف الطرفين. ففي الاولى، يتوقع ان يستميت متشددو ادارة بوش في فعل كل ما بوسعهم من اثارة المطالب والشروط التعجيزية المستحيل تحقيقها من جانب طهران، حتى يؤمنوا الفشل المحتوم الذي يريدونه للخيار الدبلوماسي. وما ان تنهار المفاوضات مع طهران حتى يتسنى لمتشددي ادارة بوش القول، ان اميركا مضت ميلا اضافيا في السماحة والمرونة مع طهران، وانها استنفدت معها بالتالي كل البدائل الدبلوماسية الممكنة للخيار العسكري ضدها.

لكن، لو افلح خط العمل الدبلوماسي فان ذلك سيكون دليلا اضافيا على صحة الطريق الذي انتهجته واشنطن في حل الازمة الكورية الشمالية، بطريقة مشابهة. فحين اثرت واشنطن طريق مقاطعة بيونج يانج وعدم اجراء اي تفاوض معها، تمكنت الاخيرة من تطويرما يكفي من البلوتونيوم لصنع 10 قنابل نووية، اضافة الى الاختبار النووي الفعلي الذي اجرته. لكن ما ان عادت اميركا الى طريق الدبلوماسية التقليدية، حتى امكن تعطيل مفاعل يونج بيون، واخرجت كوريا الشمالية عمليا من مجال تخصيب البلوتونيوم، على حد ما لاحظت كوندوليزا رايس، بطريقة سليمة.

وعلى رغم الانهيار الذي لحق بهذه الادارة، الا ان الكثيرين سيثنون على هذه العودة المتاخرة الى جادة الطريق الدبلوماسي مع طهران.

* ترجمة موقع العالم لمقالة جراهام اليسون في صحيفة "لوس انجلوس تايمز "

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)