• عدد المراجعات :
  • 714
  • 6/17/2008
  • تاريخ :

غلاء النفط... مسؤولية أميركا!
النفط

هل تعرف هذا الصوت ؟ لا شك أنك تعرفه، إنه صوت البنزين وهو يتدفق داخلاً إلى خزان الوقود في سيارتك، وهو في نفس الوقت صوت النقود وهي تتدفق خارجةً من محفظتك، وهو أيضاً "الصوت المُضخم" المميز للأزمة الاقتصادية العالمية التي نتجت عن ارتفاع أسعار النفط لمستويات هائلة، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع ونشوء نقص كبير في المواد الغذائية في مختلف أجزاء المعمورة.

ليس من المستغرب والحال هكذا أن يتنافس مرشحا الحزبين في انتخابات الرئاسة القادمة على تقديم وعود للشعب الأميركي بالعمل على تخفيض أسعار النفط، ويقول "أوباما" إنه سيسعى إلى فرض ضرائب على شركات البترول التي حققت أرباحاً هائلة، كما سيضاعف معايير الكفاءة في استخدام الوقود، والتي يجب أن تلتزم بها شركات صناعة السيارات، وإلى زيادة أعداد الأبحاث الممولة حكومياً لإيجاد مصادر بديلة للطاقة الأحفورية، أما "ماكين" فيقسم على أنه سيسعى إلى تعليق ضرائب البنزين الفيدرالية، وسيعتمد على الابتكارات السوقية في مجال المحافظة على الطاقة، وسيفتح المناطق الساحلية أمام الاستثمارات في مجال النفط.

لكن الشيء الذي لا يتطرق إليه الاثنان هو أن سياسة الولايات المتحدة الخارجية لها تأثير دراماتيكي على سعر النفط.

ومن المعروف أن أسعار النفط تتحدد إلى حد كبير بناءً على عاملي العرض والطلب، وأن الطلب قد تزايد في السنوات الأخيرة، لأسباب منها على سبيل المثال زحف الضواحي، وتعطش المستهلك الأميركي للسيارات الرياضية الكبيرة، ولأسباب أخرى أهمها الزيادة الكبيرة في الطلب على النفط من جانب الدول النامية، خصوصا الصين والهند، والصعوبات التي تواجهها الدول النفطية في الوفاء بالطلب المتزايد. ليست هذه كل الأسباب، فهناك أسباب أخرى منها أن أسعار النفط، تتوقف أيضاً على التوقعات، خصوصاً عندما يخشى المستثمرون حدوث تطورات في المستقبل مثل وقوع كوارث، أو اكتشاف حالات فساد، أو وقوع انقلابات، أو حروب... تؤدي إلى انقطاع الإمداد العالمي للنفط وبالتالي ارتفاع الطلب.

وإذا ما ركزنا على الجانب الخاص بإمدادات النفط، فإننا نستطيع القول بأن السياسة الخارجية الأميركية، يمكن أن يكون لها تأثير كبير على أسعار النفط العالمية، وهو ما يتبين من خلال مثال العراق، فالعراق هو رابع أكبر دولة في العالم من حيث حجم الاحتياطات النفطية، غير أن الحرب الدائرة هناك أدت إلى هبوط إنتاجه النفطي (من 2.6 مليون برميل يومياً قبل الحرب إلى 1.5 مليون برميل يوميا عام 2004)، مما أدى إلى ارتفاع مستمر في أسعار النفط خلال السنوات القليلة الماضية، وفي مايو الماضي عاد إنتاج النفط العراقي إلى مستواه قبل الحرب، غير أن ذلك لم يحل دون بقاء الصناعة النفطية هناك في حالة من الانكشاف أمام عوامل عدم اليقين.

وفي مناطق أخرى من العالم، ساعدت قرارات السياسة الخارجية للولايات المتحدة على زيادة أسعار النفط، ففي نيجيريا على سبيل المثال، أدت التوترات المستمرة بشأن توزيع أنصبة أرباح البترول والتي كان يجب أن تذهب إلى التنمية المحلية، إلى تأجيج الهجمات العسكرية على منشآت استخراج وإنتاج النفط مما كان يؤدي إلى تكرار حالات توقف الإنتاج وإلى ارتفاع في أسعار النفط. رغم ذلك فإن إدارة بوش لم تبذل أي مجهود للضغط على الحكومة النيجيرية من أجل تنبي الإصلاحات السياسية والاقتصادية المطلوبة لنزع فتيل تلك الأزمات.

وفي فنزويلا، خامس أكبر مصدّر للنفط في العالم، ساندت إدارة بوش المحاولة الانقلابية الفاشلة ضد الرئيس "تشافيز" عام 2002، ما أدى إلى زوال أي نفوذ دبلوماسي لأميركا في هذا البلد، وإلى دفع تشافيز لتأميم كافة شركات إنتاج النفط في فنزويلا، وهي خطوة نتج عنها ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات أعلى. وفي روسيا أدت السياسات الأميركية الخرقاء إلى تنفير موسكو، ودفعها إلى تأميم شركات النفط والغاز، وإبداء نوع من الاستعداد لاستغلال إمدادات الطاقة من أجل تحقيق أجندات سياسية.

كذلك فإن الموقف العدائي الذي تتخذه الولايات المتحدة تجاه إيران، وهي ثالث أكبر دولة في العالم من حيث احتياطاتها النفطية، لا يزل يتسبب في ارتفاعات متقطعة في أسعار النفط، وهو ما يرجع إلى أن المستثمرين يحجمون، بسبب عوامل عدم اليقين المتعلقة بهذا الملف، عن الاستثمار في المجال النفطي الإيراني، تحسباً لنشوب حرب ضد إيران.

بعد ذلك يبقى السؤال: أي المرشحين سيقدم مقاربة للسياسة الخارجية بإمكانها تحقيق استقرار في إنتاج النفط؟ لست متأكدة؟ لكني أذكركم بالدعابة التي أطلقها "ماكين" في إبريل 2007 عندما كان لا يزال مجرد مرشح ضمن مرشحين جمهوريين كثر، وذلك عندما راح يغني قائلاً "اقصفوا... اقصفوا... اقصفوا... اقصفوا... اقصفوا إيران"، على وزن أغنية لفرقة" "بيتش بويز" عنوانها "باربرا آن"؟

حسناً تخيلوا أن "الرئيس الأميركي المنتخب حديثاً" (ماكين) سيكرر دعابته هذه في يناير القادم، ثم حاولوا الإجابة على السؤال التالي: ما الذي سيحدث لأسعار النفط العالمية في هذه الحالة؟

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)