• عدد المراجعات :
  • 2058
  • 5/31/2008
  • تاريخ :

 

  الإمام، مثال الزهد والاستقامة

الإمام الخمیني(قده)

تعتبر الاستقامة والزهد من الوجوه الأخلاقية التي تتمتع بمفهوم شمولي، وبمراتب وأقسام متعددة، كما تتجلى من خلال نماذج ومصاديق مختلفة. من الممكن أن يتحلى أحد الناس بزهد تجاه مال الدنيا وزينتها، ولكن لا يتمالك نفسه أمام بريق الرئاسة والزعامة. ومن الممكن أن يزهد شخص آخر بالاثنين معاً، ولكن إرادته تضعف وتلين أمام الشهرة والأضواء والمركز الاجتماعي.

والنقطة المهمة الأخرى هي أن الزهد والاستقامة هما من الأمور الداخلية والخصال الباطنية التي تعكس نفسها على مرآة العمل وطريقة تعاطي الفرد مع المظاهر الدنيوية والأمور المادية. ومن الممكن أن يظهر المرء في مظهر الزاهد بشؤون الدنيا وزخرفها بدافع النفاق والرياء أمام الناس بينما يبطن في سريرته الهدف نفسه الذي يجافيه على الملأ. أو أن شخصاً آخر تراه لا يرفل في متاع الدنيا وملذاتها لكونه عاجزاً عن تلبية حاجاته والوصول إلى أهدافه الدنيوية، بينما يفتقر في ذاته إلى الزهد والتقوى.

لذا فمن الممكن أن يمر إنسان فقير معدوم لا يملك من الدنيا شيئاً، في حالة شغف بالظواهر المادية تعادل شغف أحد الأثرياء بماله وثروته وملايينه التي لا تحصى، حيث يشتد حرصه على ممتلكاته الزهيدة إلى درجة رهيبة؛ فيتعلق بثوب بال أو حذاء عتيق أو وسائل منزلية متواضعة، كأشد ما يكون التعلق.

من هنا نقول إن الزهد هو حقيقة نفسية وجدانية والزاهد الحقيقي هو من ينبذ الدنيا ولا يشعر بدافع يشده نحوها، سواء امتلك الإمكانات اللازمة من أجل الوصول إليها أو لم يمتلك، وسواء استطاع أن يتنعم ببهارج الحياة ونعمها أو لم يستطع ذلك، وسواء أقبلت عليه الدنيا بكل ما تحمله من عوامل الإثارة والتشويق، أو أدبرت عنه.

لقد كان الإمام الخميني إنسان متكامل الجوانب، ارتبطت روحه السامية بالله عزّ وجلّ وانفتحت بذلك على أصالة الزهد والاستقامة. وبالرغم من أن الدنيا قد فتحت له ذراعيها وتوفرت له الظروف المناسبة للوصول إلى كل ما تشتهيه نفسه من معالم الرخاء والسطوة والرفاهية، لم يمش لحظة واحدة في هذا الطريق ولم يقبل على الدنيا، بل ابتعد عنها إلى أقصى درجة. إلاّ أن مشيئة الله عزّ وجلّ قد اقتضت أن يصل إلى كافة مظاهر الدنيا التي أقبلت ولم تبخل عليه بالشهرة والسلطة وحب الناس، وكل الإمكانيات التي يشتهيها الإنسان.

وهذه العطايا كلها كانت بمثابة إمتحان إلهي عسير، إلا أن الإمام الذي استحوذ على كل ما ذكرناه على طريق الحق والاستقامة وخلوص السريرة وخدمة دين الله الحنيف والنهوض بشعبه وأمته،

صرف أيضاً كل ما أعطي في الطريق نفسه وعلى الطريقة نفسها، ولم يلاحظ عليه أدنى تعلق مهما صغر قدره بالأمور الدنيوية وأي انجذاب نحو أي مظهر مادي. ذلك أنه قد سلم مفاتيح نفسه وقلبه إلى بارئهما، وأودع روحه الطاهر عند المحبوب الأزلي، ولم يعد يحسب أدنى حساب لذاته التي لم تشتاق إلاّ إلى الله عزّ وجلّ ولم تطلب إلا الوصال معه.

حول فكرة الإمام الخميني: خطوط وملاحظات

البرنامج اليومي للإمام الخميني(ره)

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)