• عدد المراجعات :
  • 6811
  • 5/14/2008
  • تاريخ :

البنية الوراثية

الوراثة

البنية الوراثية: Genotype

يستعمل هذا الاصطلاح في توضيح طبيعة البنية العضوية التي تحدد معالمها العوامل الوراثية المتمركزة بالجينات (الهورمونات الوراثية الموجودة في الدم). وهناك اختلاف بين هذا الاصطلاح واصطلاح البنية البيئية (Phenotype) الذي يوضح الطبيعة العضوية كما تحددها العوامل الوراثية والبيئية في آن واحد.

الهندسة الوراثية وأثرها على الإنسان وطعامه(1)

التعريف :

1 -   الهندسة الوراثية مركب وصفي من كلمتين :

أ - الهندسة ، والمقصود بها التحكم في وضع المورثات (الجينات) ، وترتيب صيغها الكيميائية فكاً (قطع الجينات عن بعضها البعض)، ووصلا ( وصل المادة الوراثية المضيفة بالجينات المتبرع بها ) ، وذلك باستخدام الطرق العلمية .

ب - الوراثية ، والمقصود بها الجينات ، وهي الصيغ الكيميائية التي يتكون منها الكائن الحي .

2 -وترجـع جـذور الهندسة الوراثية إلى عام 1953 م عندما اكتشف العالمان : واطسون وكريك تركيب حمض DNA (الدنا) الكروموزومات (الصبغيات) حيث كان من المعروف أن خلية الإنسان تحتوي على 23 زوجا من الكروموزومات ، وكلها متشابهة ما عدا الزوج الجنسي ، فهو موجود على شكل كروموزوين أحدهما كبير X  ، والآخر قصير Y ، ويتكون كل كروموزوم من سلسلتين من حمض DNA (الدنا) تلتفان على بعضهما البعض بشكل حلزوني ، وكشف العالمان واطسون وكريك البنية الحقيقية لتركيبة الدنا ، والذي يقدر مجموعه في كل خلية بشرية على شكل شريط كاسيت طوله 2800 كم . والحامض النووي (الدنا) عبارة عن مجموعة من النيوكليوتيدات ، وتتكون كل نيوكليوتيدة من :

أ -       مجموعة فوسفات ، وسكر خماسي .

ب -       مجموعة قاعدة نيترووجينية ، وهي عبارة عن " الأدنين ، والسايتوزين ، والجوانين ، والثايمين ، بحيث أن الثايمين في إحدى السلسلتين يرتبط مع الأدنين في السلسلة الأخرى ، وأن السايتوزين يرتبط مع الجوانين .

وقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك أن الأحماض النووية (الدنا) هي التي تحمل المعلومات الوراثية .

       ثم تلي ذلك معرفة الطريقة التي كتبت بها المعلومات الحيوية الوراثية على صورة شفرة كيميائية . 

       وفي عام 1974 م تمكن العالم ستانلي كوهين من استعمال طريقة الترقيع الجيني ، وهي ما تعرف بعملية التهجين الكروموزومي من ضفدع إلى بكتريا القولون . وفي العام نفسه جرت أول مناقشة علنية لتجارب إعادة تنظيم المادة الوراثية (الدنا) أو ما يعرف بالتقنية الهندسية للدنا ، وتبع ذلك إنشاء أول مؤسسة للاستفادة من تقنيات الهندسة الوراثية بالولايات المتحدة الأمريكية ، وهي ما تعرف بجينيك ، وكان العقد الزمني ما بين 1980 ـ 1990م عقداً حافلاً بتطبيقات كثيرة للهندسة الوراثية كإنتاج الأنسولين ، ونقل جينات من نبات إلى آخر .

3 - عندما بدأ التفكير في الهندسة الوراثية كان على أساس خدمة الإنسان من خلال التعديل الوراثي الذي يتم تحقيقه بإحدى طريقتين :

الطريقة الأولى : غير مباشرة ، وتكون بتغيير  وتعديل التركيب الوراثي في الكائنات ، وأمثلة ذلك كثيرة منها : التحور الجيني في النبات ، والاستزراع الجيني في الكائنات الدقيقة مثل البكتريا ، وهندسة الحيوانات وراثيا ، أو ما يعرف باستحداث سلالة من الحيوانات المعدلة وراثيا .

الطريقة الثانية : مباشرة ، وتكون بتغيير وتعديل التركيب الوراثي في الإنسان نفسه، وذلك لمحاولة تحسين الوضع الصحي للمرضى المصابين وراثيا ببعض الأمراض ، أو الدراسة المبكرة للأجنة من خلال الاستقصاء الوراثي المبكر للأجنة . وجميع هذه الدراسات تقع تحت مفهوم المعالجة بالجينات .

4 -الحق أن تطبيقات الهندسة الوراثية يكتنفها شيء من الغموض فيما يخص الأخطار المستقبلية سواء بالنسبة للإنسان أو غيره من الكائنات .

أ -  أما الأخطار التي تتعلق بتطبيقات الهندسة الوراثية في النبات والحيوان والأحياء الدقيقة فمنها : عدم وجود ضوابط في المجتمع العلمي تضمن عدم اللعب الوراثي لسلامة الحيوانات ، فبعض الحيوانات المحورة وراثيا تحمل جينة غريبة يمكن أن تعرض الصحة البشرية أو البيئية للخطر .

ب - وأما الأخطار التي تتعلق بتطبيقات الهندسة الوراثية في الإنسان فمنهـا : التـلاعب الوراثي في الخلايا الجرثومية ( الجذعية ) التي ستولد خلايا جنسية مستقبلا عند البلوغ ( حيوانات منوية وبييضات) ، مما يفضي إلى الخلط في الأنساب . ومن الأخطار أيضا : الضرر  المتوقع من المعاجلة الجينية ، فلا تزال تحت التجارب مما يجعل احتمالية الوفاة أو التشوهات بسبب الفيروسات التي تستخدم في النقل الجيني ، أو بسبب الفشل في تحديد موضوع الجينة على الشريط الصبغي (1) .

الرأي الفقهي الذي اختارته المنظمة وحيثياته :

انتهت الندوة الثانية عشرة سنة 1998 م بشأن الهندسة الوراثية إلى التفريق  بين الإنسان وغيره من الكائنات :

1 -   أما استخدام الهندسة الوراثية للإنسان : فيجوز لمنع المرض أو العلاج بضوابط مراعاة المصلحة ودرء المفسدة وعدم اختلاط الأنساب .

2 -   وأما استخدام الهندسة الوراثية في النبات والحيوان : فيجوز مطلقا مع مراعاة ثلاثة أمور :

الأمر الأول : التحذير من حدوث أمراض على المدى البعيد تضر بالإنسان أو البيئة .

الأمر الثاني : وجوبية إبانة المصدر النباتي أو الحيواني هل هو طبيعي أو معالج وراثيا؟، ونسبة المعالجة ؛ لتبصير المستهلكين بالحقيقة .

الأمر الثالث : النصح بشأن الغذاء الحيواني والنباتي بأخذ توصيات وقرارات منظمة الأغذية والأدوية الأمريكية ، ومنظمة الصحة العالمية ،ومنظمة الأغذية العالمية ، ودعت الندوة إلى إنشاء مؤسسات لحماية المستهلك وتوعيته .

فقد جاء في توصيات الندوة الثانية عشرة سنة 1998 م ما يلي :

" تدارست الندوة موضوع " الهندسة الوراثية " وما اكتنفها منذ ميلادها  في السبعينات من هذا القرن  من مخاوف مرتقبة إن دخلت حيز التنفيذ بلا ضوابط ؛ إذ هي سلاح ذو حدين قابل للاستعمال في الخير أو في الشر .

ورأت الندوة : جواز استعمالها في منع المرض أو علاجه أو تخفيف أذاه ، سواء بالجراحة الجينية التي تبدل جينا بجين ، أو تولج جينا في خلايا مريض ، وكذلك إيداع جين من كائن في كائن آخر للحصول على كميات كبيرة من إفراز هذا الجين لاستعماله دواءً لبعض الأمراض ، مع منع استخدام الهندسة الوراثية على الخلايا الجنسية ؛ لما فيه من محاذير شرعية . وتؤكد الندوة : ضرورة أن تتولى الدول توفير مثل هذه الخدمات لرعاياها المحتاجين لها من ذوي الدخول المتواضعة ؛ نظرا لارتفاع تكاليف إنتاجها .

       وترى الندوة : أنه لا يجوز استعمال الهندسة الوراثية في الأغراض الشريرة والعدوانية ، أو في تخطي الحاجز الجيني بين أجناس مختلفة من المخلوقات قصد تخليق كائنات مختلفة الخلقة بدافع التسلية أو حب الإسطلاع العلمي .

       كذلك ترى الندوة : أنه لا يجوز استخدام الهندسة الوراثية سياسة لتبديل البنية الجينية فيما يسمى بتحسين السلالة البشرية ، ولذا فإن أي محاولة للعبث الجيني بشخصية الإنسان ، أو التدخل في أهليته للمسؤولية الفردية أمر محظور شرعا .

       وتحذر الندوة من أن يكون التقدم العلمي مجالاً للاحتكار ، وأن يكون الحصول على الربح هو الهدف الأكبر ، مما يحول بين الفقراء وبين الإستفادة من هذه الإنجازات ، وتؤيد توجُّه الأمم المتحدة في هذا المجال إلى إنشاء مراكز للأبحاث للهندسة الوراثية في الدول النامية ، وتأهيل الأطر البشرية اللازمة ، وتوفير الإمكانات اللازمة لمثل هذه المراكز .

       ولا ترى الندوة حرجا شرعيا في استخدام الهندسة الوراثية في : حقل الزراعة ، وتربية الحيوان ، ولكن الندوة لا تهمل الأصوات التي حذرت مؤخرا من احتمالات حدوث أضرار على المدى البعيد تضر بالإنسان أو الحيوان أو النبات أو البيئة .

       وترى الندوة : أن على الشركات والمصانع المنتجة للمواد الغذائية ذات المصدر الحيواني أو النباتي : أن تبين للجمهور فيما يعرض للبيع ما هو محضّر بالهندسة الوراثية مما هو طبيعي مائة بالمائة ؛ ليتم استعمال المستهلكين لها عن بينة . كما توصي الندوة الدول باليقظة العلمية التامة في رصد تلك النتائج ، والأخذ بتوصيات وقرارات منظمة الأغذية والأدوية الأمريكية ، ومنظمة الصحة العالمية ، ومنظمة الأغذية العالمية في هذا الخصوص .

وتوصي الندوة بضرورة إنشاء مؤسسات لحماية المستهلك وتوعيته في الدول الإسلامية ".

     

  وجـاء في نفس توصيات الندوة  الثانية عشرة ـ البنـد

أولاً : مبادئ عامة ـ بشأن الهندسة الوراثية ـ ما يلي :

- ينبغي  أن تدخل الدول الإسلامية مضمار الهندسة الوراثية بإنشاء مراكز للأبحاث في هذا المجال تتطابق منطلقاتها مع الشريعة الإسلامية ، وتتكامل فيما بينها بقدر الإمكان ، وتأهيل الأطر البشرية للعمل في هذا المجال .

ينبغي لعلماء الأمة الإسلامية نشر مؤلفات لتبسيط المعلومات العلمية عن : الوراثة والهندسة الوراثية لنشر الوعي ودعمه حول هذا الموضوع .

- ينبغي للدول الإسلامية إدخال الهندسة الوراثية ضمن برامج التعليم في مراحله المختلفة،مع زيادة الاهتمام بهذه المواضيع في الدراسات الجامعية والدراسات العليا.

  ينبغي للدول الإسلامية الاهتمام بزيادة الوعي بموضوع الوراثة والهندسة الوراثية عن طريق وسائل الإعلام المحلية ، مع بيان الحكم الشرعي في كل موضوع من هذه المواضيع .

- توصي الندوة تكليف المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بمتابعة التطورات العلمية لهذا الموضوع ، وعقد ندوات مشابهة لاتخاذ التوصيات اللازمة  إن جد جديد .

ملاحظاتنا على توصيات الندوة الثانية عشرة سنة 1998 ؛ بالكويت بشأن الهندسة الوراثية :

1 -   قطعت المنظمة الوعد في البند (15) من المبادئ العامة بأن تتابع التطورات العلمية للهندسة الوراثية وتعقد ندوات مشابهة مستقبلاً .

       أقول : وحتى الآن لم يتم الدعوة لذلك .

2 -   طالبت المنظمة في توصيتها رقم (12) من المبادئ العامة العلماء بنشر مؤلفات لتبسيط المعلومات العلمية عن الهندسة الوراثية .

       أقول : لم تترجم هذه التوصية إلى خطابات لكليات الطب وكليات الشريعة لتفعيلها 

       وأطالب تشجيعاً للمؤلفين في ذلك برصد جوائز ، أو تقديم شهادات تقدير .

3 -   أوصت الندوة بإنشاء مؤسسات لحماية المستهلك من أخطار المنتوجات المهندسة وراثيا ، وذلك في الدول الإسلامية .

وأتساءل عن التفعيل لذلك  .

الهوامش

* تناولت المنظمة هذا الموضوع ضمن موضوعات ندوتها الثانية عشرة بالكويت سنة 1998 م بعنوان : " الوراثة والهندسة الوراثية والجينوم البشري والعلاج الجيني" .

(1) بحث الكائنات وهندسة المورثات ، للدكتور صالح عبد العزيز كريم ـ أعمال الندوة الحادية عشرة ص 107 – 128 .

المصدر: موقع الكيمياء الحيوية للجميع

الشكل والمضمون.. والفرق بينهما

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)