• عدد المراجعات :
  • 2900
  • 9/24/2007
  • تاريخ :

  

الكسل

الكسل

من آفات الفرد الكسل ، إنّه يهدم الشخصية ، ويذوي زهرة العمر النضر ، ويؤدّي بصاحبه إلى الهلاك ، والتأخّر في ميدان الحياة الفسيح ! والكسالة حلق متعاقبة ، تتبّع بعضها بعضاً ، فمن كسل عن شيء ، لا ينفك حتّى يكسل عن آخر ، حتّى يلتحق بالأموات وهو يمشي على ظهر الأرض ، فهو حطام آدمي لا ينتفع ولا يُنتفع به ، وحطام النبات أفضل منه ، إنّه ينتفع به في إيقاد النار .

وعكس ذلك النشاط فهو حياة وحياة ، وعمل وعمل ، فالنشيط كالنبت في الأرض الخصبة ، لا يزال ينمو حتّى يورق ، ويزهر ، ويثمر متعة للعين ، ولذّة في الروح ، وفيض للحياة ، ودفء وضياء .

وما الآثار التي نراها محيطة بنا ، من عمران ودور وجنات ، وأنهار ومدن ، ومصانع ومدارس ، وآلات وأدوات إلاّ آثار النشاط .

قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( إيّاك وخصلتين ! الضجر والكسل ، فإنّك إن ضجرت لم تصبر على حق ، وإن كسلت لم تؤدّ حقّاً ) .

إنّ الكسلان يعجز عن نفسه ، فكيف لا يعجز عن الحقوق ؟! وهو يحس بعبءٍ ثقيل ، يمر عليه الليل وكأنّه سنة ، والنهار وكأنّه عام .

وغريب جدّاً أن يمر النهار على النشيط مرور الطائرة في نهر السماء الجاري ، حيث يزيد دفع النهر على دفع المحرّك ، فيرى وكأنّ أعوامه ساعات ، يلتهم الوقت التهام القمر الفضاء ، وينعكس الأمر عند الكسلان ! فيرى ساعاته أعواماً ، يلبث ويلبث حتّى تمضي دقيقة !!

وهكذا الساعة ، ثمّ اليوم ، ولا تُحِّدث عن الأسبوع والشهر والعام !! إنّ أقل وصف للعام عند الكسلان : ( يومٌ كان مقداره خمسين ألف سنة ) .

الكسلان لا يضيّع نفسه فقط ، بل يضيّع حقوق الآخرين ، قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( إيّاكم والكسل ، فإنّه من كسل لم يؤدّ حق الله عز وجل ) .

لا حق الله فحسب ! بل الحقوق أجمع ، قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( من أطاع التواني ضيّع الحقوق ، ومن أطاع الواشي ضيّع الصديق ) .

وليست عاقبة الكسالى إلاّ الإثم ، فإنّ الكسلان لا يؤدّي الطاعة ، فإنّها تستهلك النشاط ، والكسلان لا نشاط له ، قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( قال لقمان لابنه : للكسلان ثلاث علامات : يتواني حتّى يفرط ، ويفرط حتّى يضيع ، ويضيع حتّى يأثم ) .

والكسول حمل ثقيل على المجتمع ، إذ هو يصرف حيوية الآخرين ، ولا تصدر منه حيوية ، ولا يلبث إلاّ ويلفظه المجتمع لفظ الفم للنواة ، فيهون عليهم ، وإن ضربت عليه سرادقات الأموال والأنساب ، قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( العجز مهانة ! ) إنّه ليس مهانة فقط ، بل مرض عام يشمل جميع الجسد ، ولذا قال ( عليه السلام ) في حكمة أخرى له : ( العجز آفة ... ) .

وأيّة آفة أعظم من آفة تترك حيوية العين والأذن واللسان ، والقلب والدماغ والفكر شللاً ، لا تتحرّك بخير ، ولا تدفع سوءً ؟ إنّها آفة عجيبة !!

وقد كان نبي الإسلام وعترته ( عليهم السلام ) ، من أروع الأمثلة للنشاط والحيوية ، هدماً وبناءً ، حياة وعملاً ، جهاداً وعبادة ، فهم خير أسوة حسنة لمن تبعهم .

 

 

 

      

  

 

 

 

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)