• عدد المراجعات :
  • 4579
  • 7/24/2007
  • تاريخ :

تجاهل الأسرة والقانون الاجتماعي يزيد العنف بين المراهقين

 العنف

 ازدادت ظواهر العنف والانحراف بين المراهقين في المجتمعات العربية والاسلامية بسبب دخول تيارات ثقافية غريبة تعمل على تحلل المجتمع وطمس الاخلاق الحميدة والادمان على برامج وافلام العنف والجريمة وتفشّي ظواهر الانحراف من قبيل تعاطي المخدرات او ممارسة اعمال مخلّة بالقانون من شأنها الاطاحة بمستقبل الشباب والمراهق ان بقي دون رقابة وتوجيه.

السبب الرئيسي في انتشار هذه الانحرافات هو غياب الرقابة الاسرية على المراهقين وغياب التنشئة الاجتماعية التي تعدّ الاسرة هي المسؤولة عنها، فخروج المرأة الى العمل واهتمام الرجال بأعمالهم ادى الى اهمال توجيه المراهقين وتربية الاطفال وعدم غرس قيم التعامل الصحيح في نفوس ابنائهم.

وباتت ظاهرة العنف لدى المراهقين تشكل مصدر قلق دائم في العالم لأنها تمس فئة عمرية سهلة الانجرار نحو العنف والانحراف، ويتفق المعنيون بهذه الظاهرة في تصريحات متفرقة لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان غياب دور الرقابة الاسرية وعدم وجود نص قانوني يعدّ من ابرز اسباب ارتفاع العنف لدى المراهقين بشكل ملفت في الاونة الاخيرة.

وقال استاذ كلية التربية في جامعة الكويت الدكتور ابراهيم الخليفي ان سلوك المراهق يتأثر بالبيئة بشكل مباشر فمتى كان هناك توافق ما بين الاسرة والمدرسة استطعنا ان نحصن المراهق من مخاطر الانحراف.

واضاف الخليفي ان تعقيدات الحياة الحديثة جعلت الاب يضع جل اهتمامه في توفير الحاجات الاساسية لاسرته كالمأكل والمشرب والكسوة وما الى ذلك ونسي دوره التربوي ما جعل الاولاد عرضة للضياع واكتساب انماط سلوكية منحرفة.

واشار الخليفي الى التباين في حجم ونوعية الجرائم التي يرتكبها الاحداث من منطقة الى اخرى نتيجة اختلاف البيئة في تلك المناطق وغياب هيبة القانون وسيادة بعض الاعراف التي "وضعت العصا في عجلة النظام الاجتماعي" على حد تعبيره.

واقترح الدكتور الخليفي تنظيم رحلات خاصة للطلبة ممن تبدو عليهم بعض مظاهر الانحراف الى سجن الاحداث ليعاينوا بأنفسهم مصير كل من يصر على المضي في طريق الانحراف معربا عن اعتقاده بأن في مثل هذه الزيارة يمكن ان تردع نفوس بعض هؤلاءالمراهقين.

وتشير احصائيات نيابة الاحداث في دولة الكويت الى ارتفاع ملحوظ في عدد الجنح والجنايات التي عرضت على النيابة في النصف الثاني من العام الماضي بلغ عدد القضايا لشهر يوليو واغسطس وسبتمبر من العام المنصرم (555) قضية ما بين جنحة وجناية في حين ارتفع العدد في الاشهر الثلاثة الاخيرة من العام نفسه لتصل الى (653) اي بنسبة (56ر17) بالمائة.

ومن جهته قال المحامي علي الدويلة ان قانون الاحداث رقم (3) لعام 1983 لا يتلائم مع المتغيرات التي شهدها المجتمع الكويتي منذ فترة الثمانينيات الى يومنا هذا كونه صادرا في حقبة زمنية مضى عليها اكثر من 30 عاما مؤكدا وجود خلل كبير في القانون ادى بدوره الى ارتفاع نسبة العنف لدى المراهقين. وبين الدويلة لـ(كونا) ان محكمة الاحداث مقتصرة على درجة واحدة من درجات التقاضي ففي حال استانف الحكم تحال القضية الى محكمة استئناف الجنايات المختصة بجرائم الكبار في حين نجد ان كل دول العالم المتحضرة لديها محاكم مختصة بقضايا الاحداث وبدرجات مختلفة.

واوضح الدويلة ان ثمة فجوة في نظام العقوبات الخاصة فعقوبة جريمة القتل مع سبق الاصرار والترصد التي يرتكبها الاحداث لا تتعدى السجن لمدة ثلاث سنوات معتبرا ان هذه العقوبة "لا تتناسب مع حجم الجرم.

واضاف الدويلة، ان تساهل القانون وعدم قدرته على ردع المنحرفين اعاد الى بعض المناطق اعرافا قديمة كانت سائدة في الازمنة الغابرة كـ"العين بالعين" وفرض قانونهم الخاص على بعضهم البعض وهذا ما يحدث بين المراهقين اذ ان ابسط سوء تفاهم بين حدثين يتطور الامر ليصل الى مشاجرة تتبعها مواجهات متتالية تستخدم فيها اشكال مختلفة من الاسلحة البيضاء.

وشدد الدويلة على ضرورة تنفيذ الاصلاحات الخاصة بقانون الاحداث ومحاسبة الاباء المهملين لابنائهم عن طريق منح المحكمة الحق باصدار حكم اسقاط الحضانة عنهم وايداعهم في دورالرعاية الاجتماعية المختصة اسوة بالقوانين المطبقة في كثير من دول العالم.

ومن جانبه اعتبر استشاري علم النفس الدكتور رامز طه ان فشل الاسرة في التعامل السليم مع المراهق وعدم قدرتها على تفهم خصائص المرحلة العمرية التي يمر فيها او انشغال الاباء عن ابنائهم او احيانا الاسراف فى التدليل وغياب مبدأ الثواب والعقاب سببا في بحث المراهق عن بيئة بديلة يعتقد انها اكثر تفهما من اسرته لاشباع حاجياته النفسية.

واوضح ان المراهق يلجأ الى الشارع او اصدقاء السوء كبديل عن البيت ليبدأ بذلك رحلة الانحراف التي تتمثل في حالات العنف الجسدي كالمشاجرة مع الاخرين اوالسرقة لافتا الى ان كثيرا ما ينخرط امثال هؤلاء المراهقين فى الادمان والسلوكيات المنحرفة فس سن مبكر.

واضاف طه ان علم النفس يطلق على تصرفات المراهقين التي تتسم بالسلوك الفظ وحدة المزاج المتقلب الذي عادة ما يدفعهم الى الاصطدام بالاخرين مع غياب الرادع الذاتي او تأنيب الضمير ب"السلوك المضاد للمجتمع" موضحا ان مثل هذه الحالات بحاجة الى علاج نفسى واجتماعى طويل الامد.

ووصف الدكتور رامز بعض الدراسات التي تشرف عليها جامعات اوربية وتنشرها وسائل الاعلام حول عنف المراهقين بـ"السطحية" ولا تصل الى عمق المشكلة كونها تتحدث عن خطوط عريضة ولا تحاكي طبيعة المجتمعات المختلفة معتبرا ان ما يصلح في المجتمعات الغربية ليس بالضرورة صالحا للتطبيق في مجتمعاتنا الشرقية.

وناشد طه مؤسسات المجتمع التربوية والاعلامية الاهتمام بتكثيف البرامج التربوية والتعليمية التي تعنى بغرس ثقافة التسامح ودعمها وتعزيزها وقبول واحترام الاخرين ونبذ مفاهيم وسلوكيات الطبقية او الطائفية او القبلية التي تؤجج العنف في المجتمع.

وللمدرسة رأي في هذه المسالة اذ قال مدير مدرسة متقاعد ناصر حامد الحمود ان معظم مشاكل المراهقين التي توصل الى العنف تنطلق شرارتها الاولى أثناء الدوام الرسمي في المدرسة موضحا أن الادارة التربوية تعمل كل ما بوسعها لاحتواء أي مشكلة وفق اللوائح التي اقرتها وزارة التربية.

وأوضح الحمود الذي أمضى اكثر من 30 عاما في البيئة المدرسية ان الاجراءات التأديبية التي تطبق بحق الطلبة المسببين للمشاكل لا تف بالغرض ذلك أن أقصى عقوبة يسمح باتخاذها نقل الطالب نقلا تأديبيا معتبرا أن هذا الاجراء مجرد نقل مشكلة من مكان لاخر وليس حلا جذريا.

وأضاف الحمود ان المدرسة لا تستطيع أداء واجبها التربوي على أكمل وجه في ظل غياب كامل للاسرة فكثيرا ما نستدعي أولياء الأمور في حال حدوث مشاكل لابنائهم الا اننا نصدم بعدم اكتراث الأب.

واستغرب الحمود من بعض أولياء الأمور الذين يترددون على المدرسة ليس لأجل متابعة أبنائهم بل لتقديم شكوى على احد المعلمين واحيانا يصل الامرالى التهجم على المعلم امام الطلبة بحجة انه عاقب ابنه أو وبخه أمام زملائه معتبرا أن هذا التصرف يقلل من هيبة المعلم والمدرسة على حد سواء.

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)