• عدد المراجعات :
  • 2369
  • 5/28/2007
  • تاريخ :

لا تكن جادّاً أكثر من اللازم

الرجل

تسأل كيف أميّز بين الجدية المطلوبة، والأخرى الزائدة عن اللزوم؟

والجواب: إذا رأيت أنك تعامل كل شيء بالجدية، حتى كأن الحياة يجب أن تؤخذ في كل تفاصيلها بحزم لا لين معه، فهذه جدية مفرطة.

إن البعض يشعر بالضيق إذا تأخر أحد عن موعده معه ربع ساعة، ويثور إذا توقفت سيارته في الزحام خمس دقائق، ويتوتر إذا ارتكب خطأً بسيطاً.

هذه الأمور تؤدي بالمرء إلى فقدان التمتع بالحياة، وتسلبه النظرة السليمة إلى الأمور.

إن المطلوب هو أن نأخذ جدّ الحياة بجدّ، وهزلها بالهزل، وما هو بين بين، نأخذه بطريقة بين بين.

ولعلّ أساس شعورنا بالتوتر والضيق يكمن في رغبتنا أن لا تختلف حياتنا عما نتوقعه، وكأن الحياة هي قالب خاص لكل واحد منا، بينما الحياة تمضي بالطريقة التي أرادها الله لها، ولها معاييرها، وسجيّتها، وطريقتها، ومَن أراد التعامل الصحيح معها فإن عليه أن يتأقلم معها، لا أن يتوقع أن تتأقلم هي معه.

وببساطة فإن بعض الضيق أو التوتر الذي نواجهه هو من صنع أيدينا؛ فنحن نضع تصورات معينة للحياة، وحينما لا تتوافق الظروف مع تلك التصورات، تتحول الظروف إلى صعوبات تواجهنا.

ولكي نعالج مشكلة الجدية المفرطة، لابد أولاً من الاعتراف بوجود مشكلة من هذا النوع في حياتنا، وأن نقرر ثانياً تغيير طريقتنا في الحياة، وأن نحاول مسايرة الأمور كما هي والتعامل مع الأشخاص كما هم، وليس كما نريد نحن.

والخطوة الأهم تتمثل في تخفيض مستوى التوقعات، فإذا شعرت بالضيق في المرة القادمة لأن الأمور ليست على ما يرام ـ كما تعتقد ـ فحاول أن تتحرر من توقعاتك، وتخفف من جديتك.

ويقترح بعض الخبراء هنا أن تقضي يوماً واحداً من دون توقعات مسبقة، فمنذ الصباح لا تتوقع في ذلك اليوم أن يحترمك الناس، وأن يتعاملوا معك بود كبير، ولا تتوقع أن تنجز كل ما خططت لإنجازه، ولا أن تكسب لذة إضافية، وحتى ما يجب عليك أن تقوم به، أنجزه بروح جذلة، فبدل أن تحارب الحياة، ارحل معها في رحلة.

ومع التمرين سوف تخفف الجدية التي تنهش وجودك.

وهنا لابد من التذكير بأن (السعادة) من الأمور التي يمكن، ويجب التخطيط لها، والذين لا يخططون لسعادتهم يؤجلون السعادة بقصد أو بغير قصد ولكنهم دائماً يحاولون غقناع أنفسهم أنهم سوف يكونون سعداء ذات يوم. فمثلاً، البعض منا يقول: إنهم سوف يصبحون سعداء عندما يدفعون فواتيرهم، أو عندما ينهون دراستهم، أو عند حصولهم على وظيفة أو ترقية ويقنعون أنفسهم أن الحياة سوف تكون أفضل عندما يتزوجون ويصبح لديهم أطفال، وبعد ذلك يحزن هؤلاء لأن اطفالهم لم يكبروا بعد، ويقولون: إنهم سوف يصبحون سعداء عندما يكبر هؤلاء الأطفال.

وبعد ذلك يصاب هؤلاء بالإحباط عندما يكبر أولادهم ويصبحون مراهقين ولا يعرفون كيف يتعاملون معهم، وبالطبع سوف يسعدوا عندما يمرون من هذه المرحلة. نقول لأنفسنا: إن حياتنا سوف تكون مثالية عندما نتعاون مع أزواجنا، وعندما نحصل على سيارة جديدة، أو نقضي إجازة لطيفة، أو عندما نحال على المعاش وهكذا..

وفي نفس هذا الوقت، فإن الحياة تتواصل، والحقيقة أنه ليس هناك وقت يجدر بنا أن نكون فيه سعداء سوى الوقت الذي نحياه الآن. فإذا لم نكن سعداء الآن فمتى نكون كذلك؟

إن حياتنا سوف تكون دائماً مليئة بالتحديات، ومن الأفضل لنا أن ندرك ذلك الآن ونقرر أن نكون سعداء بأي طريقة.

يقول أحد الحكماء: "لقد ظللت أعتقد لوقت طويل أن الحياة الحقيقية لم تبدأ بعد. ولكن كان لا يزال هناك بعض العوائق التي يجب تخطيها أولاً، كعمل لم أكمله مثلاً، أو وقت لا أزال في حاجة لقضائه، أو قرض يجب أن أدفعه، بعد هذا كله يمكن أن تبدأ الحياة الحقيقية، وفي النهاية أدركت أن كل هذه العوائق ما هي إلا حياتي نفسها".

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)