• عدد المراجعات :
  • 3320
  • 4/25/2007
  • تاريخ :

هل تحولت المرأة إلى سلعة؟

المرأة المسلمة

لا يكاد يخلو إعلان تلفزيوني في العالم، مهما اختلف المنتوج الذي يسوقه، من وجود امرأة تعرض جمالها وأحياناً مفاتنا مشجعة "المستهلكين" على شراء السلع.. من أتفهها إلى أهمها.

ولعل أطرف إعلان يمر اليوم على شاشاتنا التلفزيونية واحد عن معهد للدروس التقنية إليكم مضمونه: يقف شاب في مقتبل العمر حائراً بين مجموعة من الاختصاصات لا يعرف أياً منها يختار. وفجأة تظهر فتاة ترتدي فستاناً قصيراً جداً تتراقص أمامه في أسلوب ملؤة الإثارة وكأنها من راقصات فرقة "الليدو" عارضة عليه لائحة طويلة من الاختصاصات بحركة إغرائية نافرة. وتحرص الفتاة قبل اختتامها "العرض" على "طمأنة" الشاب المشدوه إلى أنها "كثير مرتاحة" في هذا المعهد.

علامات استفهام كثيرة تطرح إزاء هذا العرض لـ"الاختصاصات"، منها: ألم يخطر في ذهن مصمم هذا الإعلان إن الأهل الذين سيدفعون مبالغ طائلة لتسجيل أولادهم قد يتساءلون عن المستوى الراقي لهذا المعهد، ويتوقفون عند "الخدمات" التي سيقدمها إلى طلابه؟ وعما اذا كانت سترافق كل طالب فتاة شبيهة مثلاً بفتاة الإعلان لتساعده في "استيعاب" المواد التي يتلقنها في الصف وفي أية طريقة؟

هذه الكثافة العشوائية لحضور المرأة في الإعلانات التلفزيونية باعتبارها مجرد سلعة باتت تثير الاستغراب، خصوصاً أنها لا تخدم غالباً السلعة المسوقة، بل يأتي حضور المرأة مجانياً لا غاية واضحة منه. حتى الأدوات المنزلية كالبراد والغسالة والجلاية تحتاج لتسويقها إلى امرأة تتمايل إلى جانبها، كان المعلن يعتبر المستهلك أبلهاً، فيقول له: كلما فتحت البراد أو الفرن ستطلع لك امرأة فاتنة.

أما إعلانات السجائر، فحدث ولا حرج: هنا امرأة ترتسم أمام ناضري المدخن وهي تتلوى بين دخان السيكارة المتصاعد، وهناك أخرى لا تلفتها في الرجل سوى صفة وحيدة هي تدخينه هذا الصنف من السجائر دون سواه.

الواضح ان مواهب المرأة انحصرت حسبما تصورها الإعلانات في جسدها القادر لوحده على تسويق أية سلعة، حتى تحولت هذه المرأة نفسها إلى سلعة. لكن لماذا يزدري المعلنون ووسائل الإعلام بالمرأة متجاهلين أدوارها السامية كزوجة وأم وعاملة وموظفة وشريكة فعالة في الحياة الاجتماعية، طامسين ذكاءها ومحولين الأنظار عن قضاياها المهمة والمؤثرة في المجتمع؟

يرد أحد المعلنين هذه الاتهامات معتبراً ان "المرأة التي تظهر في الإعلانات تساهم في زيادة المبيعات بنسبة مطردة تبلغ أحياناً الأربعين في المئة". وإلى جانب هذه الدوافع التجارية التي تسيطر على المعلنين، ثمة عوامل نفسية يأخذها هؤلاء في عين الاعتبار بغية التأثير في المستهلك.

المرأة المسلمة

فانطلاقاً من مقولة تفيد بأن الإعلان هو في الإقناع، يعمد المعلنون إلى استغلال العوامل النفسية للمستهلك، ويفتشون عن الرغبات الخفية لديه والأحلام التي يعجز عن تحقيقها، ويقدمونها له في قالب جذاب يدفعه إلى شراء السلعة متخيلاً في لا وعيه انّه يحقق حلمه المستحيل.

من جهة أخرى، غالباً ما يتم اختيار امرأة – نجمة كي تسوق منتوجاً معيناً للإفادة منش هرتها وتعلق الناس بها. هذه الحيلة الإعلانية تصيب بعض المستهلكين بالعمى، فلا يعودون يتطلعون ويدققون بجودة السلعة بل ينظرون إلى المرأة التي تقدمها، "فيخالون لدى إمساكهم السلعة بأنهم يمسكون هذه المرأة - النجمة نفسها".

ومهما تعددت أهداف المعلنين والوسائل التي يستخدمونها، تبقى أسئلة مهمة ماثلة: لماذا تظهر المرأة بعشوائية مسيئة لها غالباً في الإعلانات؟ وأية سلبيات يحملها حصر دور المرأة بالتسويق الرخيص فقط؟

تحلل مسؤولة معنية في حقوق الإنسان هذه الظاهرة معتبرة إن المرأة تحتل موقعاً مميزاً في وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب، إلا أنها تبرز في مجال الإعلان الذي يسلط الضوء على الجانب الأنثوي فقط من شخصيتها، ويصورها بأنها إنسانة تهتم فقط بجمال جسدها وشكلها الخارجي والأزياء وأساليب الإثارة التي تتقنها. ويجعلها تتحول لا إرادياً إلى سلعة ترويج لسلعة أخرى.

وتضيف ان "موضوع الإعلان والمرأة يحتاج إلى مناقشة نظرة المرأة إلى نفسها وقناعتها بالدور المرتبط بشخصها، ونظرة المجتمع إليها وتقييمه لها كإنسانة فضلاً عن القيم التي تسود هذا المجتمع".

وترى إن "التعامل مع المرأة كسلعة لا يشكل انتقاصاً من دورها فحسب، بل يحمل في طياته إهانة لأفراد المجتمع بكامله، إذ يعتبرهم أشخاصاً "غرائزيين" وهذا الأمر ليس دقيقاً ولا صحيحاً. من جهة أخرى، يدل استخدام المرأة كسلعة في الإعلان على استسهال بعض مصممي الإعلانات لعملهم، فهم بدلاً من أن يعتمدوا على الإبداع والبراعة والفكرة المميزة، يلتجأون إلى جسد المرأة ليخفوا وراءه كسلهم وضيق فكرهم وانعدام خيالهم وجشعهم وتخلفهم في أحيان كثيرة".

أما من الناحية المادية – التجارية، فتجدر الإشارة أيضاً إلى ضرورة مناقشة مدى فاعلية هذا النوع من الإعلانات التي تؤثر أو لا في نصف المجتمع الذي يتكون من النساء، كما لا تؤثر في الرجال الناضجين.

من هنا، فإن بين التفرج على المرأة في الإعلان وبين شراء السلعة بوناً شاسعاً. لكن، هل ستتوقف المرأة عن المساهمة في إعلانات تسيء لها معنوياً؟ أم أن المجتمع سيكف عن النظر إليها كشكل جميل فقط؟ الكرة في ملعب الإثنين، والإجابات سيحملها المستقبل و... الإعلانات.


نساء أوروبيات: لا للجسد العاري !!! 

منزلة المرأة في الغرب والنظرة الاسلامية 

مهتديات ومحجبات مسلمات: الحجاب قمة الحرية 

المرأة في نظر بعض الفلاسفة

المرأة المسلمة ورحلة مواجهة التحديات

منزلة المرأة في الغرب والنظرة الاسلامية 

ماذا يريدون من المرأة 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)