خلاصة المسألة - عقائد الإسلامیة جلد 3

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

عقائد الإسلامیة - جلد 3

علی الکورانی؛ مصحح: السید علی السیستانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید





خلاصة المسألة

والخلاصة:

أن الخضاب بالسواد سنة لعبد المطلب رضوان الله عليه، خالف فيها اليهود، وخالف فيها الخضاب بالاَحمر والاَصفر المستعمل عند العرب، وقد أقر الاِسلام هذه السنة وجعلها مستحبة، ولم يحرم الخضاب بغيرها. بل لم يوجب في الاَصل تغيير لون الشيب، وإنما جعله مستحباً في بعض الحالات.

ولكن دخلت قريش على الخط لتمسكها من جهةٍ بالخضاب الاَحمر والاَصفر، وحساسيتها من جهةٍ أخرى من عبد المطلب وأولاده الذين لم يعترفوا بخلافتها.. فنتج عن ذلك تحريم الخضاب بالسواد، وحرمان صاحبه من الجنة والشفاعة، وتسويد وجهه يوم القيامة ! !

ولكن العباسيين أولاد عبد المطلب ثأروا لخضاب جدهم، فجعلوا راياتهم سوداء حتى سماهم الناس (المُسَوِّدَة) وبعد انتصارهم فرضوا لبس السواد على جميع المسلمين، خاصة أتباع الدولة، وجعلوه شعاراً لهم ! فكان ذلك إفراطاً في الاِنتصار لخضاب عبد المطلب !

لذلك رأينا أن الاَئمة من أهل البيت عليهم السلام نهوا عن لبس السواد إلا في الحرب، والحزن، خاصةً لمصاب الاِمام الحسين عليه السلام، وفضلوا في الحالات العادية اللون الاَخضر الذي كان يفضله النبي صلى الله عليه وآله.

وعندما أراد المأمون أن يتقرب إلى الاَئمة من أهل البيت عليهم السلام ويغيض العباسيين الذين خلعوه، نقل ولاية العهد من العباسيين وأوصى بها للاِمام علي بن موسى الرضا عليه السلام وأمر بتغيير اللباس الاَسود في الدولة إلى اللباس الاَخضر.. وبذلك استقر اللون الاَخضر شعاراً لبني هاشم، ثم شعاراً للعرب، والحمد لله.













وأخيراً لا يفوتنا أن نشير إلى حديث الرايات السود الثابت عن النبي صلى الله عليه وآله في علامات ولده المهدي الموعود عليه السلام وأن العباسيين حرصوا على مصادرته وتطبيقه على راياتهم وثورتهم، وسموا أحد خلفائهم بالمهدي، وأشهدوا كبار قضاتهم وفقهائهم على أنه المهدي الموعود المبشر به من رسول الله صلى الله عليه وآله.

ولكن المهدي العباسي لم يملأَ الاَرض قسطاً وعدلاً، ولم يعط المال للناس حثياً بدون عدٍّ كما ورد في صفات المهدي عليه السلام.

فقد ورد في سيرة هذا المهدي العباسي أن قصره كان خالياً من التقوى والعدل، وأنه كان يصادر أموال الناس أحياناً حثياً أو حثواً من غير عد !!










النوع الثامن: مرسوم بحرمان الزوجة التي تطلب الطلاق

ومن مراسيم الصحاح في الحرمان من الشفاعة مرسومٌ مفيدٌ للرجال في حق الزوجة التي تطلب الطلاق من زوجها بدون سبب..

ـ ففي سنن ابن ماجة ج 1 ص 662:

ومن مراسيم الصحاح في الحرمان من الشفاعة مرسومّ مفيد للرجال في حق
الزوجة التي تطلب الطلاق زوجها بدون سبب..

ـ ففي سنن ابن ماجة ج 1ص 662:

عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله قال: لا تسأل المرأة زوجها الطلاق
في غير كنهه فتجد ريح الجنة. وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً.

ورواه الترمذي في ج 2ص 329

وأبو داود ج 1 ص 496

وأحمد ج 5 ص 277 وص 283

والدارمي ج 2 ص 162

والحاكم في ج 2 ص 200

والبيهقي في سننه ج 7 ص 316




والهندي في كنز العمال ج 16 ص 382 عن أحمد وأبي داود والترمذي وابن حبان
وابن عساكر.

وفي بعض روايات الحديث: بدون عذر، والمقصود منه العذر القوي الذي يقبله
المجتمع.

ولكنه تشديد مبالغ فيه، فلا نعرف أحداً من الفقهاء يفتي بأن قولها لزوجها
طلقني يعتبر جريمة تستحق عليها العقوبة الدنيوية أو الأخروية، فإن أصل الطلاق
مكروهاً أو منافياً للأخلاق، أو يجعله حراماً، أو واجباً.

وإذا حدث أن صار حراماً شرعاً، فلا يصير من المعاصي الكبائر التي يستحق
صاحبها عقاب الدخول في جهنم، والحرمان من الجنة ومن شفاعة نبيه صلى الله عليه وآله !!


وقد حاول بعض الفقهاء أن يتخلصوا من الحديث بتضعيفه، وساعدهم على
ذلك أن الشيخين البخاري ومسلماً لم يروياه، فقد ذكروا بعد روايته في ابن ماجة أن
الهيثمي في جميع الزوائد ضعّف إسناده.. ولكن ذلك لا يحل المشكلة لأن الحاكم
قال عنه في المستدرك : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

وحاولوا محاولةً أخرى أن يجعلوا الحديث في طلب الزوجة الطلاق الخلعي من
زوجها بسبب كرهها له، فقد وضع ابن ماجة الحديث تحت عنوان (باب كراهية
الخلع للمرأة) ولكن واجههم قوله تعالى(فلا جناح عليهما فيما افتدت به) حيث
نصت الآية على جواز اقتداء المرأة نفسها من زوجها ببذل مهرها وطلب الطلاق
الخلعي.. فاضطروا أن يحملوا الحديث على كلبها الخلع بدون سبب ويجعلوه
مكروهاً لا حراماً!

ـ وهكذا فعل ابن قدامة في المغني ج 8 ص 176

قال شارحاً قول الماتن (ولو خالعته لغير ما ذكرنا كره لها ذلك ووقع الخلع):



والظاهر أنه أراد إذا خالعته لغير بغض وخشية من أن لا تقيم حدود الله، لأنه لو أراد
الأول لقال كره له، فلما قال كره لها دل على أنه أراد مخالعتها له والحال عامرة
والأخلاق ملتئمة، فإنه يكره لها ذلك، فإن فعلت صح الخلع في قول أكثر أهل العلم
منهم أبو حنيفة والثوري ومالك والأوازعي والشافعي، ويحتمل كلام أحمد تحريمه
فإنه قال: الخلع مثل حديث سهلة تكره الرجل فتعكيه المهر فهذا الخلع، وهذا يدل
على أنه لا يكون الخلع صحيحاً إلا في هذه الحال، وهذا قول ابن المنذر وداود.
وقال ابن المنذر : وروي معنى ذلك عن ابن عباس وكثير من أهل العلم، وذلك لأن
الله تعالى قال (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا أن لا يقيما
حدود الله، فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به) فدل
بمفهومه على أن الجناح لا حق بهما إذا افتجت من غير خوف، ثم غلظ بالوعيد فقال
(تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون) وروى
ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من
غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة) رواه أبو داود. وعن أبي هريرة عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال (المختلعات والمنتزعات هن المنافقات) رواه أبو حفص ورواه
أحمد في المسند وذكره محتجاً، به وهذا يدل على تحريم المخالعة لغير حاجة،
ولأنه إضرار بها وبزوجها وإزالة لمصالح النكاح من غير حاجة فحرم لقوله عليه السلام (لا
ضرر ولا ضرار). واحتج من أجازة بقول الله سبحانه (فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً
فكلوه هنيئاً مريئاً) انتهى.

ولكن كل ذكاء هؤلاء الفقهاء لا يحل مشكلة الحديث أيضاً:

أولاً

، لأن الحدديث في مجرد طلب الطلاق، وليس في بذل المهر وطلب الخلع، وقد
اعترف بذلك ابن حزم قال في المحلى ج 10 ص 236 حيث قال: قال أبو محمد (يعني
نفسه): واحتج من ذهب إلى هذا (حرمة الخلع) بما حدثناه عبدالله بن ربيع نا
محمد بن اسحاق بن السليم نا ابن الأعرابي نا محمد بن إسماعيل الصائغ نا غفان بن



مسلم نا حماد نا أيوب السختياني عن أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان قال
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها
رائحة الجنة.

وبما روينا من طريق أحمد بن شعيب نا إسحق ب ابراهيم ـ هو ابن راهويه ـ أنا
المخزومي هو المغيرة بن سلمة ـ نا وهيب عن أيوب السختياني عن الحسن البصري
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: المنتزعات والمختلعات هن
المنافقات. قال الحسن: لم أسمعه من أبي هريرة.

قال أبو محمد: فسقط بقول الحسن أن تحتج بذلك الخبر. وأما الخبر الأول فلا
حجة فيه في المنع من الخلع لأنه إنما فيه الوعيد على السائلة الطلاق من غير بأس
وهكذا نقول. انتهى.

وثانياً

، لو سلمنا أن الحديث في طلب الخلع، فلابد لهم من القول بحرمته على
الزوجة مطلقاً بسبب صيغة التشديد المؤكدة فيه، وذلك مخالف لقوله تعالى (فلا جناح عليهما).

ولذلك اضطروا الى التنازل كما رأيت إلى القول بالكراهية فقط!

ومعناه أنهم اضطروا أن يبطلوا مرسوم الحديث بحرمان هذه الزوجة من رائحة الجنة
ورائحة الشفاعة! ولكنه إبطال له بصيغة الاستدلال به، والاحترام له!!

ولم يتسع لنا الوقت لبحث فتوى اليهود في هذه المسألة، ومن المحتمل أن أصل
حديثنا من الإسرائيليات التي تسربت إلى فقهنا!!
















الفصل التاسع

محاولة القرشيين حرمان بني هاشم من شفاعة النبي صلى الله عليه وآله

توجد عدة مسائل تتعلق بأسرة النبي صلى الله عليه وآله بني عبد المطلب وبني هاشم.

المسألة الاَولى، في إيمان آباء النبي وأمهاته صلى الله عليه وآله: ومذهبنا أن كل آباء النبي وأمهاته مؤمنون طاهرون مطهرون، من آدم وحواء إلى عبد الله وآمنة، صلوات الله عليه
وعليهم. وقد روينا في ذلك أحاديث صحيحة ودلت عليه آيات كريمة، ووافقنا
على هذا الرأي عدد من علماء إخواننا السنة مثل الفخر الرازي والسيوطي وغيرهما،
وألفوا في ذلك رسائل مستقلة.

بينما قال أكثر السنة إن آباء النبي وأمهاته صلى الله عليه وآله كفار مشركون، وأنهم في النار،
ورووا في ذلك روايات هي عندهم صحيحة ! منها رواية خشنة رواها مسلم في ج 1
ص 133: أن رجلاً قال يا رسول الله أين أبي ؟ قال في النار، فلما قفى دعاه فقال: إن
أبي وأباك في النار !!




المسألة الثانية، في شفاعة النبي صلى الله عليه وآله لبني هاشم وبني عبد المطلب، وهم ثلاثة أصناف: صنف مات قبل البعثة. وصنف أسلموا وهاجروا وجاهدوا مع النبي صلى الله عليه وآله. وصنف لم يذكر التاريخ أنهم أسلموا ولكنهم ناصروا النبي صلى الله عليه وآله في مواجهة قريش
وتحملوا معه حصار الشعب ثلاث سنين، وهم كل من بقي من بني هاشم وبني عبد
المطلب ماعدا أبي لهب.

ومذهبنا أن شفاعة النبي صلى الله عليه وآله تشمل أول ما تشمل بني هاشم وبني عبد المطلب
، من ارتضى الله منهم، وكلهم عندنا مرضي إلا من ثبت فيه عدم الاِرتضاء وأنه من
أهل النار مثل أبي لهب. وقد ثبت عندنا إسلام أبي طالب وإيمانه، وأنه كان يكتم
إيمانه مثل مؤمن آل فرعون.

ومذهب إخواننا السنة في هذه المسألة متفاوت، ففي رواياتهم ما يوافقنا تقريباً،
وفيها روايات تحاول حرمان كل بني هاشم من شفاعة النبي صلى الله عليه وآله !

المسألة الثالثة: في موقع علي عليه السلام وعترة النبي صلى الله عليه وآله يوم القيامة من الشفاعة العظمى التي يعطاها صلى الله عليه وآله.. ومذهبنا أن عترة النبي صلى الله عليه وآله الذين نصَّ عليهم بأسمائهم هم أوصياؤه وخلفاؤه الشرعيون وأئمة المسلمين وهداتهم بأمر الله تعالى، وأنهم
خيرة البشر بعد النبي صلى الله عليه وعليهم، وهم معه يوم القيامة، وبأيديهم ينفذ
الشفاعة المعطاة له من الله تعالى، ويفوضهم في كثير من الاَمور.

وقد ثبت عندنا وروي السنيون أن لواء الحمد الذي هو رئاسة المحشر يجعله
النبي صلى الله عليه وآله بيد علي عليه السلام كما كان صاحب لوائه في الدنيا.

وأن مقام الصديقة الزهراء عليها السلام في الشفاعة يوم القيامة مقام مميزٌ حتى من بين العترة.

أما السنيون فليس لهم مذهبٌ واحدٌ في مقام عترة النبي صلى الله عليه وآله يوم القيامة، بل
حتى في مقام صحابته، لاَن رواياتهم في ذلك متناقضة.. فهم يريدون إعطاء
الصحابة المرتبة الأولى بعد النبي صلى الله عليه وآله، ولكن النصوص الصحيحة عندهم في دخول



بعض الصحابة النار، وفي المقام المميز للعترة الطاهرة، تأبى عليهم ذلك، فيقعون
في حيص بيص !

حساسية قريش من أسرة النبي صلى الله عليه وآله

من الواضح للمطلع على السيرة أن الدافع الاَساسي لتكذيب قبائل قريش بنبوة
النبي صلى الله عليه وآله ورفضهم لها، كان دافعاً سياسياً، لاَنهم إذا آمنوا بنبوة ابن عبد المطلب بن
هاشم، فقد اعترفوا بالقيادة لبني هاشم وصاروا أتباعاً لهم، وانتهى الاَمر !

ولذلك كانوا شديدين في تكذيبهم، متحدين في موقفهم، شرسين في مواجهتهم،
صريحين في إظهار تخوفهم..

وكان بعض قريش وغير قريش يفاوضون النبي صلى الله عليه وآله على الاِيمان بنبوته، بشرط
أن يكون لهم (الاَمر) من بعده.. ولكن النبي صلى الله عليه وآله كان نبياً مبلغاً عن ربه تعالى، ولم
يكن مساوماً على الاَمر من بعده.

لقد ظهرت هذه الحقيقة القرشية العميقة منذ إعلان النبي بعثته الشريفة ثم
واجهته طوال نبوته، ولم تنته حتى بعد وفاته !

وهي حقيقةٌ ضخمةٌ لم تعطَ حقها من الدراسة، بسبب أن القرشيين بعد انتصار
النبي صلى الله عليه وآله عليهم ودخولهم تحت حكمه كرهاً وطوعاً، جعلوا مواجهتهم معه مننوع
الحرب الباردة، ثم ما أن توفي النبي صلى الله عليه وآله حتى أخذوا السلطة وأبعدوا أهل بيته
وحاصروهم ! وألقوا بثقلهم لصياغة السنة والسيرة والتاريخ لمصلحة قبائل قريش،
وضد العترة الطاهرة !

وغرضنا هنا أن نعرض نماذج من حساسية قريش من أسرة النبي صلى الله عليه وآله، لكي نفهم
تأثيرها على رواياتهم في كفر آباء النبي صلى الله عليه وآله ورواياتهم في عدم انتفاع بني هاشم
بقرابتهم من النبي صلى الله عليه وآله وشفاعته !

وهو باب خطيرٌ والدراسات فيه ممنوعةٌ، ولكن القليل منه يجعل الباحث يتوقف



ملياً في قبول أي حديثٍ سلبي عن أسرة النبي صلى الله عليه وآله جاءت روايته عن طريق
القرشيين من غير أهل بيته !

حادثةٌ خطيرةٌ، نَتَّفَتها الصحاح

ـ روى البخاري في ج 1 ص 32: تحت عنوان: باب الغضب في الموعظة والتعليم:

عن أبي بردة عن أبي موسى قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أشياء
كرهها فلما أكثر عليه غضب ثم قال للناس سلوني عما شئتم ! قال رجل: من أبي ؟
قال أبوك حذافة ! فقام آخر فقال: من أبي يا رسول الله ؟ فقال أبوك سالم مولى شيبة !
فلما رأى عمر ما في وجهه قال: يا رسول الله إنا نتوب إلى الله عز وجل !

باب من برك على ركبتيه عند الإمام أو المحدث:

عن الزهري قال أخبرني أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج
فقام عبدالله بن حذافة فقال من أبي ؟ فقال أبوك حذافة، ثم أكثر أن يقول سلوني !
فبرك عمر على ركبتيه فقال: رضينا بالله رباً وبالاِسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه
وسلم نبياً، فسكت ! انتهى.

عندما تقرأ هذا النص تحس أنه ليس طبيعياً ! فهو يقول: أكثروا عليه السؤال
فغضب.. ثم قال: سلوني عما شئتم.. ثم أكثر أن يقول سلوني.. فسألوه هل هم
أولاد شرعيون أو أولاد زنا !! فبرَّأ صحابياً وفضح آخر على رؤوس الأشهاد، وشهد
بأنه ابن زنا ! ! ثم أصرَّ عليهم: سلوني سلوني سلوني.. ! ! فقام عمر وأعلن التوبة
فهدأ الموقف وسكت النبي صلى الله عليه وآله !!

فما هي القصة، وما سبب هذا الغضب والتحدي والفضح النبوي ! والتوبة
العمرية ؟!

الذي يساعد الباحث هنا أن القصة وإن قطَّعتها الصحاح، لكنها روتها هي وغيرها



بأكثر من عشرين نصاً.. فيمكن للباحث أن يجمع منها خيوطاً كثيرة.

يقول مسلم في صحيحه لم يكن غضب النبي صلى الله عليه وآله لسؤال كما قال البخاري ! بل بلغه عن
أصحابه شيء كريه ! فصعد المنبر وخطب وطلب منهم أن يسألوه (عن أنسابهم)
وتحداهم فخافوا وبكوا، فقام عمر وتاب ! !

ـ قال مسلم في صحيحه ج 7 ص 92

عن أنس بن مالك قال: بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحابه شيَ
فخطب فقال: عرضت علي الجنة والنار فلم أر كاليوم في الخير والشر، ولو تعلمون
ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً. قال فما أتى على أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم يوم أشد منه !! قال غطَّوا رؤسهم ولهم خنين ! قال فقام عمر فقال: رضينا
بالله رباً وبالاِسلام ديناً وبمحمد نبياً ! قال فقام ذاك الرجل فقال: من أبي ؟ قال أبوك
فلان، فنزلت: يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ! انتهى.

وروى مسلم جزء منها أيضاً في ج 3 ص 167

فالمسألة إذن غضبٌ نبويّ لما بلغه عن (أصحابه) وخطبةٌ نارية.. وتحدٍّ نبوي
لهم في أنسابهم.. وأشد يوم مر عليهم مع نبيهم.. وبكاء الصحابة المعنيين خوفاً من
إطاعة الرسول وسؤاله عن نسبهم.. والفضيحة.. وإعلان عمر توبته وتوبتهم.. ! !

وهكذا تبدأ خيوط الحادثة بالتجمع.. ويمكنك بعد ذلك أن تجمع من خيوطها
من نفس البخاري !

ـ قال البخارى في ج 1 ص 136

عن الزهري قال أخبرني أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج
حين زاغت الشمس فصلى الظهر، فقام على المنبر فذكر الساعة فذكر أن فيها أموراً
عظاماً، ثم قال: من أحب أن يسأل عن شيء فليسأل فلا تسألوني عن شيء إلا
أخبرتكم ما دمت في مقامي هذا ! ! فأكثر الناس في البكاء وأكثر أن يقول سلوني !



فقام عبدالله بن حذافة السهمي فقال: من أبي ؟ قال أبوك حذافة !

ثم أكثر أن يقول سلوني ! ! فبرك عمر على ركبتيه فقال: رضينا بالله رباً
وبالاِسلام ديناً وبمحمد نبياً ! فسكت، ثم قال: عرضت علي الجنة والنار آنفاً في
عرض هذا الحائط فلم أر كالخير والشر !

ـ وقال البخاري في ج 7 ص 157

عن أنس رضي الله عنه سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحفوه المسألة فغضب
فصعد المنبر فقال: لا تسألوني اليوم عن شيء ينته لكم، فجعلت أنظر يميناً
وشمالاً فإذا كل رجل لافٌّ رأسه في ثوبه يبكي ! فإذا رجل كان إذا لاحى الرجال
يدعى لغير أبيه، فقال: يا رسول الله من أبي ؟ قال: حذافة ثم أنشأ عمر فقال: رضينا
بالله رباً وبالاِسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً نعوذ بالله من الفتن.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما رأيت في الخير والشر كاليوم قط ! إنه
صورت لي الجنة والنار حتى رأيتهما وراء الحائط. وروى نحوه أيضاً في ج 8 ص 94

ـ وقال البخاري في ج 8 ص 143

عن الزهري أخبرني أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم خرج حين
زاغت الشمس فصلى الظهر فلما سلم قام على المنبر فذكر الساعة، وذكر أن بين
يديها أموراً عظاماً ثم قال: من أحب أن يسأل عن شيء فليسأل عنه، فوالله لا تسألوني
عن شيء إلا أخبرتكم به ما دمت في مقامي هذا ! قال أنس فأكثر الناس البكاء ! وأكثر
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول سلوني!! فقال أنس فقام إليه رجل فقال: أين
مدخلي يا رسول الله ؟ قال النار ! ! ! فقام عبدالله بن حذافة فقال: من أبي يا رسول
الله؟ قال أبوك حذافة. قال ثم أكثر أن يقول سلوني سلوني !! فبرك عمر على ركبتيه
فقال: رضينا بالله رباً وبالاِسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً. قال
فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال عمر ذلك ! ثم قال رسول الله: أولى،



والذي نفسي بيده لقد عرضت علي الجنة والنار آنفاً في عرض هذا الحائط وأنا
أصلي، فلم أر كاليوم في الخير والشر !

ـ وقال البخاري في ج 4 ص 73

عن طارق بن شهاب قال سمعت عمر رضي الله عنه يقول:

قام فينا النبي صلى الله عليه وسلم مقاماً فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل
الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم... ! حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه.

ـ وقال أبو داود ج 1 ص 542

عن أبى قتادة أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كيف
تصوم ؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله، فما رأى ذلك عمر قال:
رضينا بالله رباً وبالاِسلام ديناً وبمحمد نبياً نعوذ بالله من غضب الله ومن غضب
رسوله، فلم يزل عمر يرددها.. حتى سكن غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
انتهى.

ـ وقال في مجمع الزوائد ج 1 ص 161

عن أبي فراس رجل من أسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم:
سلوني عما شئتم ؟ فقال رجل: يا رسول الله من أبي ؟ قال: أبوك فلان الذي تدعي
إليه، وسأله رجل: في الجنة أنا ؟ قال: في الجنة. وسأله رجل: في الجنة أنا ؟ قال:
في النار ! ! ! فقال عمر: رضينا بالله رباً. رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال
الصحيح.

ـ وقال في مجمع الزوائد ج 7 ص 188 وص 390

وعن أنس قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو غضبان ! فخطب الناس
فقال: لا تسألوني عن شيء اليوم إلا أخبرتكم به، ونحن نرى أن جبريل معه ! قلت



فذكر الحديث إلى أن قال فقال عمر: يا رسول الله إنا كنا حديثي عهد بجاهلية فلا تبد
علينا سوآتنا فاعف عفا الله عنك ! رواه أبو يعلي ورجاله رجال الصحيح.

ـ وفي مجمع الزوائد ج 9 ص 170

وأتاه العباس فقال: يا رسول الله إني انتهيت إلى قومٍ يتحدثون فلما رأوني سكتوا
وما ذاك إلا لاَنهم يبغضونا ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو قد فعلوها ؟ !
والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدهم حتى يحبكم، أيرجون أن يدخلوا الجنة
بشفاعتي، ولا يرجوها بنو عبد المطلب !

ـ وفي مجمع الزوائد ج 9 ص 258

وجلس على المنبر ساعة وقال: أيها الناس مالي أوذى في أهلي ؟ ! فوالله إن
شفاعتي لتنال حي حا، وحكم، وصدا، وسلهب، يوم القيامة !

ـ وفي مجمع الزوائد ج 8 ص 214

عقد الهيثمي باباً في عدة صفحات بعنوان: باب في كرامة أصله صلى الله عليه
وسلم. وأورد فيه أحاديث عن طهارة آباء النبي وأمهاته صلى الله عليه وعليهم،
ونقل حوادث خطيرة أهان فيها القرشيون أسرة النبي صلى الله عليه وآله في حياته، وهم تحت
قيادته في المدينة، وهم مسلمون مهاجرون، أو طلقاء منَّ عليهم بالعفو بالاَمس في
فتح مكة ! فغضب النبي صلى الله عليه وآله وأجابهم بشدة !

الحادثة الاَولى:

عن عبد الله بن عمر قال إنا لقعودٌ بفناء رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ مرت
امرأة فقال رجل من القوم: هذه ابنة محمد، فقال رجل من القوم: إن مثل محمد في
بني هاشم مثل الريحانة في وسط النتن ! فانطلقت المرأة فأخبرت النبي صلى الله
عليه وسلم فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يعرف في وجهه الغضب، ثم قام على
القوم فقال: ما بال أقوال تبلغني عن أقوام ! إن الله عز وجل خلق السموات سبعاً



فاختار العليا منها فسكنها وأسكن سمواته من شاء من خلقه، وخلق الخلق فاختار
من الخلق بني آدم، واختار من بني آدم العرب، واختار من العرب مضر، واختار من
مضر قريشاً، واختار من قريش بني هاشم، واختارني من بني هاشم، فأنا من خيار
إلى خيار، فمن أحب العرب فبحبي أحبهم، ومن أبغض العرب فببغضي أبغضهم.

والثانية:

عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبدالمطلب قال: أتى ناس من الاَنصار
النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنا نسمع من قومك حتى يقول القائل منهم إنما
مثل محمد نخلة نبتت في الكبا (قال حسين الكبا الكناسة) فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: أيها الناس من أنا ؟ قالوا أنت رسول الله، قال: أنا محمد بن عبد الله بن
عبدالمطلب ـ قال فما سمعناه ينتمي قبلها ـ ألا أن الله عز وجل خلق خلقه ثم فرقهم
فرقتين، فجعلني في خير الفريقين، ثم جعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة، ثم
جعلهم بيوتاً فجعلني في خيرهم بيتاً، فأنا خيرهم بيتاً وخيرهم نفساً... رواه أحمد
ورجاله رجال الصحيح.

والثالثة:

عن ابن عباس قال توفي ابنٌ لصفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكت
عليه وصاحت، فأتاها النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها: يا عمة ما يبكيك ؟ قالت
توفي ابني، قال: يا عمة من توفي له ولدٌ في الاِسلام فصبر، بنى الله له بيتاً في الجنة.
فسكتت ثم خرجت من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبلها عمر بن
الخطاب فقال: يا صفية قد سمعت صراخك، إن قرابتك من رسول الله صلى الله
عليه وسلم لن تغني عنك من الله شيئاً ! فبكت فسمعها النبي صلى الله عليه وسلم
وكان يكرمها ويحبها، فقال: يا عمة أتبكين وقد قلت لك ماقلت ؟! قالت: ليس ذاك
أبكاني يا رسول الله، استقبلني عمر بن الخطاب فقال إن قرابتك من رسول الله صلى
الله عليه وسلم لن تغني عنك من الله شيئاً ! قال فغضب النبي صلى الله عليه وسلم



وقال: يا بلال هجِّر بالصلاة فهجر بلال بالصلاة، فصعد المنبر صلى الله عليه وسلم
فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ما بال أقوام يزعمون أن قرابتي لا تنفع !! كل سبب
ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي، فإنها موصولة في الدنيا والآخرة !

فقال عمر: فتزوجت أم كلثوم بنت علي رضي الله عنهما لما سمعت من رسول الله
صلى الله عليه وسلم يومئذ، أحببت أن يكون لي منه سببٌ ونسب.

ثم خرجت من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فمررت على نفر من قريش فإذا
هم يتفاخرون ويذكرون أمر الجاهلية فقلت رسول الله صلى الله عليه وسلم ! فقالوا:
إن الشجرة لتنبت في الكبا (المزبلة) قال فمررت إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فأخبرته ! فقال يا بلال هجر بالصلاة فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا أيها الناس من
أنا ؟ قالوا أنت رسول الله، قال أنسبوني، قالوا أنت محمد بن عبد الله بن عبد
المطلب، قال أجل أنا محمد بن عبد الله، وأنا رسول الله، فما بال أقوام يبتذلون
أصلي !! فوالله لاَنا أفضلهم أصلاً وخيرهم موضعاً !

قال فلما سمعت الاَنصار بذلك قالت قوموا فخذوا السلاح، فإن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قد أغضب، قال فأخذوا السلاح ثم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم لا
ترى منهم إلا الحدق، حتى أحاطوا بالناس فجعلوهم في مثل الحرة، حتى تضايقت
بهم أبواب المسجد والسكك !! ثم قاموا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقالوا: يا رسول الله لا تأمرنا بأحد إلا أبَّرنا عترته. فلما رأى النفر من قريش ذلك
قاموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتذروا وتنصلوا !! فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: الناس دثارٌ والاَنصار شعار، فأثنى عليهم وقال خيراً. انتهى.

ـ وقال في الدر المنثور ج 2 ص 335

وأخرج الفريابي وابن جرير وابن مردويه عن أبي هريرة قال: خرج رسول الله
صلى الله عليه وسلم وهو غضبان محمار وجهه، حتى جلس على المنبر فقام إليه



رجل فقال: أين آبائي ؟ قال في النار ! فقام آخر فقال من أبي ؟ فقال أبوك حذافة،
فقام عمر بن الخطاب فقال: رضينا بالله رباً وبالاِسلام ديناً وبمحمد نبياً وبالقرآن
إماماً، إنا يا رسول الله حديثُ عهدٍ بجاهلية وشرك والله أعلم من آباؤنا !! فسكن
غضبه، ونزلت هذه الآية: يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم.

ـ وقال في الدر المنثور ج 4 ص 309

وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن ابن عباس رضي الله عنهما قال سألت
عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن قول الله: يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم
تسؤكم ؟ قال: كان رجال من المهاجرين في أنسابهم شيء فقالوا يوماً والله لوددنا أن
الله أنزل قرآناً في نسبنا، فأنزل الله ما قرأت.

ثم قال لي: إن صاحبكم هذا يعني علي بن أبي طالب إن ولي زهد، ولكني
أخشى عجب نفسه أن يذهب به. قلت: يا أمير المؤمنين إن صاحبنا من قد علمت،
والله ما نقول إنه غيَّر ولا بدل ولا أسخط رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام صحبته !
فقال: يابن عباس من ظن أنه يرد بحوركم فيغوص فيها حتى يبلغ قعرها فقد ظن
عجزاً! انتهى.

وراجع أيضاً: سنن ابن ماجة ج 1 ص 546، ومسند أحمد ج 3 ص 162 وص 177 وج 5
ص 296 و303، وسنن البيهقي ج 4 ص 286، ومصنف عبد الرزاق ج 11 ص 379، وكنز
العمال ج 4 ص 443 وج 13 ص 453









من مجموع هذه النصوص يصل الباحث إلى نتائج قطعية متعددة، نذكر منها:

أولاً ـ

أن القرشيين لم يتركوا حساسيتهم من بني هاشم حتى بعد فتح مكة وإعلان
إسلامهم ! غاية الاَمر أنهم استثنوا منهم شخص النبي صلى الله عليه وآله !

بل من حق الباحث أن يشك في هذا أيضاً، فالطلقاء أسلموا مهزومين تحت



السيف ! ولم يكونوا يستطيعون أن يتفوهوا بحرف على شخص النبي صلى الله عليه وآله، وإلا
كفروا وعرضوا أنفسهم لسيوف الاَنصار !

ثانياً ـ

أن القرشيين كانوا في حياة النبي صلى الله عليه وآله وفي عاصمته، وتحت لواء نبوته، وتحت سيوف الاَنصار.. شرسين على أسرته وعشيرته صلى الله عليه وآله، وكانت ألسنتهم بذيئة على أصل النبي صلى الله عليه وآله وعشيرته، حتى ضجَّ من ذلك الاَنصار، وجاؤوا يشكون إلى
النبي صلى الله عليه وآله بذاءة قريش بحقه، طالبين منه معالجة هذه الاَلسنة المنافقة، أو إصدار أمر
بتقتيلهم. وقد قال الهيثمي عن حديث شكوى الاَنصار: رجاله رجال الصحيح !!

ثالثاً ـ

أن الحوادث التي تكلم فيها القرشيون على أسرة النبي صلى الله عليه وآله متعددة، فقد
نقلت كتب الحديث منها أكثر من عشرة حوادث، ولا بد أن ما لم تنقله أكثر وأعظم ! !

رابعاً ـ

أن النبي صلى الله عليه وآله كانت حساسيته من هذا الموضوع عالية جداً، وكان رده دائماً شديداً، فهو يتعامل معه على أنه موضوع ديني وليس موضوعاً شخصياً، لاَن
عدم الاِيمان بأسرته الطاهرة، يساوق عدم الاِيمان به صلى الله عليه وآله

خامساً ـ

أن إحدى الحوادث كانت كبيرة بذاتها، أو بالتراكم، فغضب الله تعالى
لغضب نبيه صلى الله عليه وآله، وأمره بالرد على القرشيين (المسلمين الصحابة) وإتمام الحجة
عليهم، وأنزل عليه جبرئيل ليكون إلى جانبه يوجهه ويجيبه عن أنساب القرشيين،
وعن مستقبلهم في الجنة أو في النار ! ! !.

سادساً ـ

أن النبي صلى الله عليه وآله أحضرهم في المسجد وأمر الاَنصار بمحاصرتهم بالسلاح، وخطب خطبةً نبويةً نارية بليغة عاصفة، صبَّ فيها الغضب الاِلَهي والنبوي على
القرشيين، وتحداهم في أنسابهم وأعمالهم ونواياهم ! فلفُّوا رؤوسهم ! واستغشوا
ثيابهم ! وعلا خنينهم وبكاؤهم ! وكان ذلك أشد يوم عليهم !!!

فتدارك الموقف زعيمهم وتقدم وبرك على قدمي النبي صلى الله عليه وآله ! وقبلها ! وبكى له !
ليعفو عنهم ! ولا يفضح أنسابهم ! وعشائرهم ! ولا يصدر عليهم حكمه بالقتل، أو



بالحرمان من الحقوق المدنية حتى أداء الشهادة ! ! فسكت النبي صلى الله عليه وآله ولم يقل لهم
كلمة قبول أو عفو ! وهدأت عاصفة الاِنتقام النبوي في الدنيا ! !

سابعاً ـ

إنها قضيةٌ ضخمةٌ في الحساب العقائدي والفقهي والسياسي، تستحق
الدراسة ووضع النقاط على الحروف.. ولكن الخلافة القرشية تعرف كيف تتخلص
منها، فتعتم عليها إن استطاعت، أو تحولها إلى مجد لقريش، ولا تسمح لبني هاشم
أن يستفيدوا منها !

ومن أجل هذا كانت براعة الخليفة عمر في طريقة روايتها، ثم كانت براعة الرواة
ومصنفي الصحاح في تجزئتها وتقطيع أوصالها وتغييب حقيقتها !

وهذه هي مهمة جيل ما بعد الاَنبياء !!

أما عبد الله بن الزبير الزهري، فقد كان عنده عقدةٌ من بني هاشم مع أنهم أخوال
أبيه ! وقد اشتهر عنه أنه لم يكن يطيق ذكرهم، وأنه ترك حتى ذكر النبي صلى الله عليه وآله والصلاة
عليه في خطبة الجمعة حتى لا تشمخ أنوف بني هاشم بزعمه !

والظاهر أن القرشيين ربَّوه على كره بني هاشم منذ كان غلاماً، وأن له مشاركة في
قصة الغضب النبوي !

ـ فقد روى عنه الهيثمي في مجمع الزوائد ج 8 ص 215 افتراء عجيباً على النبي في ذم
أهل بيته صلى الله عليه وآله حيث حول كلام قريش الذي غضب منه النبي صلى الله عليه وآله وغضب منه الله تعالى من فوق عرشه كما رأيت.. الى حديث مسند عن النبي صلى الله عليه وآله !!

ـ قال الهيثمي: وعن عبد الله ابن الزبير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مثلي ومثل
أهل بيتي كمثل نخلة نبتت في مزبلة. رواه الطبراني وهو منكر، والظاهر أنه من قول
الزبير إن صح عنه، فإن فيه ابن لهيعة ومن لم أعرفه.

وعن ابن الزبير أن قريشاً قالت: إن مثل محمد مثل نخلة في كبوة. رواه البزار
بإسناد حسن، وهذا الظن به.



براعة البخاري في تضييع القضية

المحدث العادي ـ فضلاً عن البخاري ـ يعرف أن هذا الحديث قصةٌ واحدةٌ كما
ذكر صاحب فتح الباري، أو اثنتان في الاَكثر.. وهنا تظهر براعة البخاري في اختراع
العناوين لجعل قطعة الحديث تحتها، أو عقد باب مناسب لتغطية حقيقة الحديث !

ففي ج 1 ص 31

عقد له باباً باسم: باب الغضب في الموعظة والتعليم إذا رأى ما يكره. فجعله من
نوع غضب المدرس والواعظ !

وفي ص 32

جعله من نوع تأدب التلميذ بين يدي معلمه فسمى الباب: باب من برك على
ركبتيه عند الاِمام أو المحدث !

وفي ص 136

وضع جزءً منه تحت عنوان: باب وقت الظهر عند الزوال ! بحجة أن خطبة النبي
صلى الله عليه وآله النارية القاصعة كانت عند الزوال !

وفي ج 4 ص 73

جعل جزءً منه تحت عنوان: ما جاء في قول الله تعالى وهو الذي يبدأ الخلق ثم
يعيده وهو أهون عليه.. بحجة أن الراوي قال: قام فينا النبي (ص) مقاماً فأخبرنا عن
بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم !

وفي ج 7 ص 157

عقد له باباً باسم: باب التعوذ من الفتن ! وكأن الموضوع كان حديثاً هادئاً عاماً
لكل الاَمة عن الفتن الآتية، وأن عمر قال: رضينا بالله رباً وبمحمد رسولاً... نعوذ
بالله من الفتن !

وفي ج 8 ص 142




عقد له باباً باسم: باب ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه وقوله تعالى: لا
تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم.. !

وكان ينبغي له أن يسمي الباب: باب وجوب امتثال أمر النبي إذا أمر بالسؤال،
وأن لا يربط الآية به، ولا يحشرها في هذا الموضوع أصلاً كما فعلت قريش، لاَن
موضوع الآية كراهة السؤال، وموضوع الحديث أمر النبي صلى الله عليه وآله المكرر المشدد
لقريش أن يسألوه !

اللهم إلا يقصد البخاري بكراهة السؤال: كراهة إلحاح المعلم على تلاميذه بقوله
سلوني ! فيكون الخطأ حينئذٍ من النبي صلى الله عليه وآله لاَنه ألحَّ عليهم بالسؤال ! ويكون
موقف عمر تصحيحاً لخطأ النبي صلى الله عليه وآله كما هي عادته المشكورة ! !

ماذا قال كبار الشراح ؟

لا خبر عند شراح الصحاح بالقضية، فلا رأوا شيئاً ولا سمعوا ولا قرؤوا، ولا
شموا رائحة شيء يستوجب التساؤل والبحث !!

ـ قال ابن حجر في فتح الباري:

قوله سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أشياء.. كان منها السؤال عن الساعة وما
أشبه ذلك من المسائل، كما سيأتي في حديث ابن عباس في تفسير المائدة !

ـ قوله قال رجل: هو عبد الله بن حذافة بضم أوله وبالذال المعجمة والفاء،
القرشي السهمي، كما سماه في حديث أنس الآتي.

ـ قوله فقام آخر: هو سعد بن سالم مولى شيبة بن ربيعة، سماه بن عبد البر في
التمهيد في ترجمة سهيل بن أبي صالح، وأغفله في الاِستيعاب ولم يظفر به أحد
من الشارحين، ولا من صنف في المبهمات ولا في أسماء الصحابة، وهو صحابي
بلا مرية، لقوله فقال من أبي يا رسول الله ؟ ووقع في تفسير مقاتل في نحو هذه القصة
أن رجلاً من بني عبد الدار قال من أبي ؟ قال سعد: نسبه إلى غير أبيه، بخلاف ابن



حذافة! وسيأتي مزيد لهذا في تفسير سورة المائدة.

ـ قوله فلما رأى عمر.. هو بن الخطاب.. ما في وجهه، أي من الغضب، قال: يا
رسول الله إنا نتوب إلى الله، أي مما يوجب غضبك، وفي حديث أنس الآتي بعد أن
عمر برك على ركبتيه، فقال: رضينا بالله رباً وبالاِسلام ديناً وبمحمد نبياً، والجمع
بينهما ظاهر، بأنه قال جميع ذلك فنقل كل من الصحابيين ما حفظ، ودل على اتحاد
المجلس اشتراكهما في نقل قصة عبد الله بن حذافة.

ـ تنبيه: قصر المصنف الغضب على الموعظة والتعليم دون الحكم لاَن الحاكم
مأمورٌ أن لا يقضي وهو غضبان، والفرق أن الواعظ من شأنه أن يكون في صورة
الغضبان، لاَن مقامه يقتضي تكلف الاِنزعاج لاَنه في صورة المنذر !!

وكذا المعلم إذا أنكر على من يتعلم منه سوء فهم ونحوه، لاَنه قد يكون أدعى
للقبول منه، وليس ذلك لازماً في حق كل أحد، بل يختلف باختلاف أحوال
المتعلمين. وأما الحاكم فهو بخلاف ذلك كما يأتي في بابه.

فإن قيل: فقد قضى عليه الصلاة والسلام في حال غضبه حيث قال: أبوك فلان !

فالجواب: أن يقال أولاً، ليس هذا من باب الحكم ! ! وعلى تقديره فيقال هذا من
خصوصياته لمحل العصمة، فاستوى غضبه ورضاه، ومجرد غضبه من الشيَ دالٌّ
على تحريمه أو كراهته، بخلاف غيره صلى الله عليه وسلم.

ـ قوله باب من برك: هو بفتح الموحدة والراء المخففة يقال: برك البعير إذا
استناخ، واستعمل في الآدمي مجازاً.

قوله خرج، فقام عبد الله بن حذافة: فيه حذف يظهر من الرواية الاَخرى،
والتقدير خرج فسئل فأكثروا عليه، فغضب ! ! فقال سلوني، فقام عبد الله.

قوله فقال رضينا بالله رباً.. قال ابن بطال: فهم عمر منه أن تلك الاَسئلة قد تكون
على سبيل التعنت أو الشك، فخشي أن تنزل العقوبة بسبب ذلك ! فقال رضينا بالله



رباً الخ. فرضي النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فسكت !

ـ قوله وقال سلوني: في حديث أنس المذكور فصعد المنبر فقال: لا تسألوني عن
شيء إلا بينته لكم.

وفي رواية سعيد بن بشير عند قتادة عن أبي حاتم: فخرج ذات يوم حتى صعد
المنبر، وبين في رواية الزهري المذكورة في هذا الباب وقت وقوع ذلك، وأنه بعد أن
صلى الظهر، ولفظه: خرج حين زاغت الشمس فصلى الظهر فلما سلم قام على
المنبر فذكر الساعة، ثم قال: من أحب (!) أن يسأل عن شيَ فليسأل عنه، فذكر
نحوه.

ـ قوله فقام رجل فقال يا رسول الله من أبي ؟ بين في حديث أنس من رواية
الزهري اسمه، وفي رواية قتادة سبب سؤاله، قال فقام رجل كان إذا لاحى أي
خاصم دعي إلى غير أبيه، وذكرت اسم السائل الثاني، وأنه سعد، وأني نقلته من
ترجمة سهيل بن أبي صالح من تمهيد بن عبد البر.

وزاد في رواية الزهري الآتية بعد حديثين فقام إليه رجل فقال: أين مدخلي يا
رسول الله ؟ قال: النار ! ولم أقف على اسم هذا الرجل في شيء من الطرق كأنهم
أبهموه عمداً للستر عليه !

وللطبراني من حديث أبي فراس الاَسلمي نحوه، وزاد: وسأله رجل في الجنة
أنا؟ قال: في الجنة، ولم أقف على اسم هذا الآخر.

ونقل بن عبد البر عن رواية مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته:
لا يسألني أحد عن شيء إلا أخبرته، ولو سألني عن أبيه، فقام عبد الله بن حذافة،
وذكر فيه عتاب أمه له وجوابه، وذكر فيه فقام رجل فسأل عن الحج فذكره، وفيه فقام
سعد مولى شيبة فقال من: أنا يا رسول الله ؟ قال أنت سعد بن سالم مولى شيبة. وفيه
فقام رجل من بني أسد فقال: أين أنا ؟ قال: في النار !! فذكر قصة عمر، قال فنزلت:
يا أيها الذي آمنوا لا تسألوا عن أشياء.. الآية.




ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قيلٍ وقال، وكثرة السؤال (؟ !) وبهذه الزيادة
يتضح أن هذه القصة سبب نزول: لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم، فإن
المساءة في حق هذا جاءت صريحة بخلافها في حق عبد الله بن حذافة، فإنها بطريق
الجواز أي لو قدر أنه في نفس الاَمر لم يكن لاَبيه، فبين أباه الحقيقي لافتضحت أمه،
كما صرحت بذلك أمه حين عاتبته على هذا السؤال، كما تقدم في كتاب الفتن.

قوله: فلما رأى عمر ما بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغضب.. بين
في حديث أنس أن الصحابة كلهم فهموا ذلك، ففي رواية هشام فإذا كل رجل لافاً
رأسه في ثوبه يبكي، وزاد في رواية سعيد بن بشير: وظنوا أن ذلك بين يدي أمر قد
حضر ! وفي رواية موسى بن أنس عن أنس الماضية في تفسير المائدة: فغطوا
رؤوسهم ولهم حنين.. زاد مسلم من هذا الوجه: فما أتى على أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم يوم كان أشد منه !

قوله: فقال إنا نتوب إلى الله عز وجل.. زاد في رواية الزهري: فبرك عمر على
ركبته فقال رضينا بالله رباً وبالاِسلام ديناً وبمحمد رسولاً.وفي رواية قتادة من الزيادة
نعوذ بالله من شر الفتن. وفي مرسل السدي عند الطبري في نحو هذه القصة: فقام
إليه عمر فقبل رجله وقال رضينا بالله رباً فذكر مثله، وزاد: وبالقرآن إماماً فاعف عفى
الله عنك فلم يزل به... حتى رضي.

وفي هذا الحديث غير ما يتعلق بالترجمة مراقبة الصحابة أحوال النبي صلى الله
عليه وسلم وشدة إشفاقهم إذا غضب خشية أن يكون لاَمر يعم فيعمهم، وإدلال
عمر عليه وجواز تقبيل رجل الرجل، وجواز الغضب في الموعظة، وبروك الطالب
بين يدي من يستفيد منه، وكذا التابع بين يدي المتبوع إذا سأله في حاجة،
ومشروعية التعوذ من الفتن عند وجود شيَ قد يظهر منه قرينة وقوعها، واستعمال
المزاوجة في الدعاء في قوله اعف عفى الله عنك، وإلا فالنبي صلى الله عليه وسلم



معفوٌّ عنه قبل ذلك.

قال ابن عبد البر: سئل مالك عن معنى النهي عن كثرة السؤال، فقال: ما أدري
أنهى عن الذي أنتم فيه من السؤال عن النوازل، أو عن مسألة الناس المال.

قال بن عبد البر: الظاهر الاَول، وأما الثاني فلا معنى للتفرقة بين كثرته وقلته، لا
حيث يجوز ولا حيث لا يجوز.

قال: وقيل كانوا يسألون عن الشيء ويلحون فيه إلى أن يحرم. قال: وأكثر العلماء
على أن المراد كثرة السؤال عن النوازل والاَغلوطيات والتوليدات، كذا.

ـ وقال النووي في شرح مسلم ج 8 ص 291 في سبب غضب النبي صلى الله عليه وآله كما تصوره أو صوره:

قوله: رجل أتى النبي فقال كيف تصوم فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم..
قال العلماء: سبب غضبه أنه كره مسألته، لاَنه يحتاج إلى أن يجيبه ويخشى من
جوابه مفسدة، وهي أنه ربما اعتقد السائل وجوبه أو استقله أو اقتصر عليه، وكان
يقتضي حاله أكثر منه !!

ـ وقال في ج 15 ـ 16 ص 111

قوله: غطوا رؤوسهم ولهم خنين، هو بالخاء المعجمة هكذا هو في معظم النسخ
ولمعظم الرواة ولبعضهم بالحاء المهملة. وممن ذكر الوجهين القاضي وصاحب
التحرير وآخرون، قالوا: ومعناه بالمعجمة صوت البكاء وهو نوع من البكاء دون
الاِنتحاب. قالوا وأصل الخنين خروج الصوت من الاَنف كالحنين بالمهملة من الفم.
وقال الخليل: هو صوت فيه غنة، وقال الاَصمعي: إذا تردد بكاؤه فصار في كونه غنة
فهو خنين. وقال أبو زيد: الخنين مثل الخنين وهو شديد البكاء.

قوله: فلما أكثر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يقول: سلوني برك عمر فقال: رضينا بالله رباً
وبالاِسلام ديناً وبمحمد رسولاً. فسكت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين قال عمر ذلك. قال
العلماء: هذا القول منه صلى الله عليه وآله وسلم محمولٌ على أنه أوحي إليه وإلا فلا يعلم كل ما سئل


عنه من المغيبات إلا بإعلام الله تعالى.

قال القاضي: وظاهر الحديث أن قوله صلى الله عليه وآله وسلم: سلوني إنما كان غضباً كما قال في
الرواية الاَخرى سئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن أشياء كرهها فلما أكثر عليه غضب، ثم قال
للناس: سلوني. وكان اختياره صلى الله عليه وسلم ترك تلك المسائل، لكن وافقهم
في جوابها، لاَنه لا يمكن رد السؤال، ولما رآه من حرصهم عليها ! ! والله أعلم.

وأما بروك عمر رضي الله عنه وقوله: فإنما فعله أدباً وإكراماً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشفقةً على المسملمين لئلا يؤذوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيهلكوا !!

ومعنى كلامه: رضينا بما عندنا من كتاب الله تعالى وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم
واكتفينا به عن السؤال. ففيه أبلغ كفاية. انتهى.

وأنت ترى أن ابن حجر والنووي غائبان عن كلام النبي صلى الله عليه وآله، وأن في كلامهما
تهافتاً ونقاط ضعف كثيرة لا نطيل فيها.. وليس كلام غيرهما من الشراح أفضل، وإن
كان فيه مادة مهمة لمن أراد أن يتتبع ملف القضية !

الحادثة في بعض روايات أهل البيت عليهم السلام

ـ قال النيشابوري في الفضائل ص 134

عن سليم بن قيس يرفعه إلى أبي ذر والمقداد وسلمان قالوا: قال لنا أميرالمؤمنين
علي بن أبي طالب: إني مررت بفلان يوماً فقال لي: ما مثل محمد في أهل بيته إلا
كمثل نخلة نبتت في كناسة ! قال: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله فذكرت ذلك له، فغضب
غضباً شديداً، فقام فخرج مغضباً وصعد المنبر ففزعت الاَنصار ولبسوا السلاح، لما
رأوا من غضبه، ثم قال: ما بال أقوام يعيرون أهل بيتي ؟!! وقد سمعوني أقول في
فضلهم ما أقول، وخصصتهم بما خصهم الله تعالى به، وفضل علياً عليهم بالكرامة
وسبقه إلى الاِسلام وبلائه، وأنه مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي !

ثم إنهم يزعمون أن مثلي في أهل بيتي كمثل نخلة نبتت في كناسة ! ألا إن الله



سبحانه وتعالى خلق خلقه وفرقهم فرقتين، وجلعني في خيرها شعباً وخيرها قبيلة،
ثم جعلهم بيوتاً فجعلني في خيرها بيتاً، حتى حصلت في أهل بيتي وعشيرتي وبني
أبي، أنا وأخي علي بن أبي طالب....

أنا خير النبيين والمرسلين، وعلي خير الوصيين، وأهل بيتي خير بيوت أهل
النبيين، وفاطمة ابنتي سيدة نساء أهل الجنة أجمعين.

أيها الناس: أترجون شفاعتي لكم، وأعجز عن أهل بيتي ؟!

أيها الناس: ما من أحد غداً يلقى الله تعالى مؤمناً لا يشرك به شيئاً إلا أجره الجنة،
ولو أن ذنوبه كتراب الاَرض.

أيها الناس: لو أخذت بحلقة باب الجنة ثم تجلى لي الله عز وجل، فسجدت بين
يديه ثم أذن لي في الشفاعة، لم أوثر على أهل بيتي أحداً.

أيها الناس: عظموا أهل بيتي في حياتي وبعد مماتي، وأكرموهم وفضلوهم، لا
يحل لاَحد أن يقوم لاَحد غير أهل بيتي، فانسبوني من أنا ؟!

قال فقام الاَنصار وقد أخذوا بأيدهم السلاح، وقالوا: نعوذ الله من غضب الله
وغضب رسوله، أخبرنا يا رسول الله من آذاك في أهل بيتك حتى نضرب عنقه ؟!!

قال: أنا محمد بن عبدالله بن عبد المطلب، ثم انتهى بالنسب إلى نزار، ثم مضى إلى
إسماعيل بن إبراهيم خليل الله، ثم مضى منه إلى نوح، ثم قال: أنا وأهل بيتي كطينة
آدم عليه السلام نكاح غير سفاح !

سلوني، والله لا يسألني رجل إلا أخبرته عن نسبه وعن أبيه !

فقام إليه رجل فقال: من أنا يا رسول الله ؟ فقال: أبوك فلان الذي تدعى إليه ! قال
فارتد الرجل عن الاِسلام.

ثم قال صلى الله عليه وآله والغضب ظاهر في وجهه: مايمنع هذا الرجل الذي يعيب على أهل
بيتي وأهلي وأخي ووزيري وخليفتي من بعدي وولي كل مؤمن ومؤمنة بعدي، أن
يقوم ويسألني عن أبيه، وأين هو في جنة أم في نار ؟!




قال فعند ذلك خشي فلان على نفسه أن يذكره رسول الله صلى الله عليه وآله ويفضحه بين
الناس فقام وقال: نعوذ بالله من سخط الله وسخط رسوله، ونعوذ بالله من غضب الله
وغضب رسوله، أعف عنا عفى الله عنك، أقلنا أقالك الله، أسترنا سترك الله، إصفح
عنا جعلنا الله فداك. فاستحى النبي صلى الله عليه وآله وسكت، فإنه كان من أهل الحلم وأهل
الكرم وأهل العفو ثم نزل صلى الله عليه وآله !!

ـ وقال فرات الكوفي في تفسيره ص 392

حدثنا عبد السلام بن مالك قال: حدثنا محمد بن موسى بن أحمد قال: حدثنا
محمد بن الحارث الهاشمي قال: حدثنا الحكم بن سنان الباهلي، عن ابن جريج،
عن عطاء بن أبي رباح قال: قلت لفاطمة بنت الحسين: أخبريني جعلت فداك
بحديث أحدث واحتج به على الناس. قالت: نعم أخبرني أبي أن النبي صلى الله عليه وآله كان
نازلاً بالمدينة، وأن من أتاه من المهاجرين مرسوا أن يفرضوا لرسول الله صلى الله عليه وآله فريضة
يستعين بها على من أتاه، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وآله وقالوا: قد رأينا ما ينوبك من النوائب،
وإنا أتيناك لتفرض فريضة تستعين بها على من أتاك.

قال: فأطرق النبي صلى الله عليه وآله طويلاً، ثم رفع رأسه فقال: إني لم أؤمر أن آخذ منكم على
ما جئتم به شيئاً، إنطلقوا فإني لم أؤمر بشيء، وإن أمرت به أعلمتكم.

قال: فنزل جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمد إن ربك قد سمع مقالة قومك، وما عرضوا
عليك، وقد أنزل الله عليهم فريضة: قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى.

قال فخرجوا وهم يقولون: ما أراد رسول الله إلا أن تذل الاَشياء وتخضع الرقاب ما
دامت السماوات والاَرض لبني عبد المطلب !!

قال: فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله إلى علي بن أبي طالب أن أصعد المنبر وادع الناس
إليك ثم قل: أيها الناس من انتقص أجيراً أجره فليتبوأ مقعده من النار، ومن ادعى
إلى غير موإليه فليتبوأ مقعده من النار، ومن انتفى من والديه فليتبوأ مقعده من النار !!




قال: فقام رجل وقال: يا أبا الحسن مالهن من تأويل ؟ فقال: الله ورسوله أعلم.
فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبره، فقال رسول الله: ويلٌ لقريشٍ من تأويلهن ! ثلاث مرات.
ثم قال: يا علي إنطلق فأخبرهم أني أنا الاَجير الذي أثبت الله مودته من السماء، ثم
أنا وأنت مولى المؤمنين، وأنا وأنت أبوا المؤمنين.

ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا معشر قريش والمهاجرين والاَنصار. فلما
اجتمعوا قال: يا أيها الناس، إن علياً أولكم إيماناً بالله وأقومكم بأمر الله، وأوفاكم
بعهد الله، وأعلمكم بالقضية، وأقسمكم بالسوية، وأرحمكم بالرعية، وأفضلكم
عند الله مزية. ثم قال: إن الله مثَّل لي أمتي في الطين، وعلمني أسماءهم كما علَّم
آدم الاَسماء كلها، ثم عرضهم فمر بي أصحاب الرايات فاستغفرت لعلي وشيعته،
وسألت ربي أن تستقيم أمتي على علي من بعدي، فأبى إلا أن يضل من يشاء ويهدي
من يشاء. انتهى.

ـ وقال محمد بن سليمان في المناقب ج 2 ص 122

عن عبد المطلب بن أبي ربيعة قال: قال العباس: يا رسول الله إن قريشاً إذا لقي
بعضهم بعضاً لقوا ببشر حسن، وإذا لقونا لقونا بوجوه ننكرها ! فغضب رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم غضباً شديداً، ثم قال: والذي نفسي بيده لا يدخل قلب عبد الاِيمان حتى
يحبكم لله ورسوله. هكذا قال خالد قال أبو خليفة، فأما أبي فحدثناه عن يزيد بن
هارون، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عبدالله بن الحارث، عن العباس بن عبد
المطلب رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله.. فذكر نحوه أو مثله.

وقال في هامشه:

وروى أبوبكر ابن أبي شيبة في الحديث الاَول والثالث من فضائل العباس من كتاب
الفضائل تحت الرقم: 12259 والرقم: 12261 من كتاب المصنف: ج 12 ص 108 ـ
109 قال: حدثنا ابن فضيل، عن يزيد، عن عبد الله بن الحارث قال: حدثني عبدالمطلب



ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب أن العباس دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهو مغضب، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أغضبك ؟ قال: يا رسول الله
مالنا ولقريش إذا تلاقوا بينهم تلاقوا بوجوه مبشرة وإذا لقونا لقونا بغير ذلك ؟! قال:
فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى احمر وجهه، وحتى استدر عرْق بين عينيه،
وكان إذا غضب استدر العرق ـ فلما سرى عنه قال: والذي نفس محمد بيده لا يدخل قلب
رجل الاِيمان حتى يحبكم لله ولرسوله. ثم قال: أيها الناس من آذى العباس فقد آذاني إنما
عم الرجل صنو أبيه.

حدثنا ابن نمير عن سفيان عن أبيه عن أبي الضحى مسلم بن صبيح قال: قال العباس:
يا رسول الله إنا لنرى الضغائن في وجوه قوم من وقائع أوقعتها فيهم. فقال النبي صلى الله
عليه وسلم: لن يصيبوا خيراً حتى يحبوكم لله ولقرابتي، ترجو سلهب شفاعتي ولا
يرجوها بنو عبد المطلب ؟!

أقول: والحديث الاَول رواه الحاكم في فضائل العباس من كتاب المستدرك ج 3 ص
332 قال: أخبرنا الشيخ أبوبكر بن إسحاق أخبرنا إسماعيل بن قتيبة حدثنا يحيى بن
يحيى وإسحاق بن إبراهيم وأبوبكر بن أبي شيبة قالوا:...

وأيضاً الاَولان رواهما أحمد بن حنبل في مسند عبد المطلب بن ربيعة من كتاب
المسند، ورواه عنه ابن كثير في تفسير آية المودة من سورة الشورى من تفسيره.

وقد روى الحافظ ابن عساكر معنى الحديث بوجوه وأسانيد في ترجمة العباس من
تاريخ دمشق، كما أورده أيضاً البدران في تهذيبه: ج 7 ص 239 فراجعهما.

وروى عمر بن شبه في عنوان: ذكر فضل بني هاشم... من تاريخ المدينة المنورة: ج
2 ص 639 قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن يزيد بن أبي
زياد عن عبدالله بن الحارث عن العباس بن عبد المطلب قال: قلت: يا رسول الله إن قريشاً
إذا لقي بعضها بعضاً لقوا ببشر حسن وإذا لقونا لقونا بوجوه لا نعرفها ! فغضب النبي غضباً
شديداً فقال: والذي نفس محمد بيده لا يدخل قلب عبد الاِيمان حتى يحبكم لله ولرسوله




حدثنا خلف بن الوليد قال: حدثنا جرير عن يزيد بن أبي زياد عن عبدالله بن الحارث
عن المطلب بن ربيعه بنحوه.

حدثنا عمرو بن عون قال: أنبأنا بن عبدالله عن يزيد بن أبي زياد عن عبدالله بن الحارث
عن المطلب بن ربيعة قال: كنت جالساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عليه
العباس وهو مغضب فقال: يا نبي الله ما بال قريش إذا تلاقوا بينها فتلاقوا بوجوه مبشره
وإذا لقونا لقونا بغير ذلك ! قال: فغضب النبي صلى الله عليه وسلم حتى احمرَّ وجهه وقال:
لا يدخل قلب رجال الاِيمان حتى يحبكم لله ولرسوله.

وحدثنا عيسى بن عبدالله بن محمد بن عمر بن علي قال: حدثني أبي عن أبيه عن جده
قال: قال العباس: يا رسول الله إن قريشاً تتلاقى بينهما بوجوه لا تلقانا بها ! فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: أما إن الاِيمان لا يدخل أجوافهم حتى يحبوكم لي.

حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا سفيان عن أبيه عن أبي الضحى: عن ابن عباس قال: جاء
العباس الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنك تركت فينا ضغائن منذ صنعت الذي
صنعت ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لن يبلغوا الخير ـ أو قال الاِيمان ـ حتى
يحبوكم لله لقرابتي، أيرجو سؤلهم شفاعتي من مراد ولا يرجو بنو عبد المطلب شفاعتي.
انتهى.











/ 34