(وذكّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) حضرة المشير الركن الحاج عبد السلام محمد عارف رئيس الجمهورية المحترم
بسم الله الرحمن الرحيمالسلام عليكم ورحمة الله وبركاتهوبعد ، فإنكم تعلمون جيداً أن المستعمر الكافر منذ أن غزا بلادنا الإسلامية لقي المقاومة العنيفة من أمتنا المسلمة بقيادة علمائها الأعلام ، واستمرت هذه المقاومة حتى بعد أن أخضع البلاد عسكرياً لسلطانه الجائر ، مما اضطره أخيراً للتظاهر بالنزول عند مطاليب الأمة في قيام حكومة للبلاد تتبنى الإسلام وتعمل بأحكامه فاعتبرتها الأمة نتيجة رائعة لجهادها الطويل الصابر ، وانجلت الحقيقة المرة وأسفر الصبح لذي عينين وكشفت الحكومة يومذاك عن واقعها المساير للاستعمار البغيض ومحققة لأهدافه في تفريق كلمة المسلمين ، وإثارة الخلافات والحزازات في صفوف الأمة وضرب بعضها ببعض ، وابعادها عن مبادئها وعقيدتها ، وعزل الإسلام عن كل مجالات الحياة ، وفرض القوانين المستوردة والتشريعات الوضعية الجائرة على شعب يدين بالاسلام عقيدة ونظاماً ولا يبغي به بديلاً وبذلك ضمن الكافر البقاء لنفسه وراء الحاكمين من عملائه.وعادت الأمة الى جهادها مرة اُخرى ، وقاومت تلك الحكومات ، وتشريعاتها المخالفة للشريعة المقدسة ، وحدثت الهوة السحيقة التي فصلت الحكومة عن الرعية وتركتها بمعزل عنها ; مما أوجب لها الاضطراب الدائم والقلق المستمر.وكانت الحكومة يومذاك ، متناسية ، مركز العراق القيادي للأمة الإسلامية والمرجعية العليا في الجامعة الكبرى في النجف الأشرف ، والتي يستمد منها العالم الاسلامي أحكامه ومعارفه ، وارشاده وتوجيهه ، بواسطة علمائه الأعلام المتخرجين من تلك الجامعة الكبرى.وتعاقبت الحكومات متتالية ، وكلها تتسم بطابع تقليدي واحد ، وهو الاستبداد الطاغي والارهاب المريع ، والحكم بغير ما أنزل الله سبحانه وتعالى (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون).ولم يترك العلماء الأعلام ومن ورائهم الأمة مقاومتهم الصامدة للحكومات في مختلف العهود ، وفي شتى المناسبات مما سجّله تاريخ الجهاد الاسلامي بأحرف من نور.ثم جاء يوم الرابع عشر من تموز وظنت الأمة فيه تحقيقاً لآمالها العذاب على أولئك (الذين طغوا في البلاد ، فأكثروا فيها الفساد فصبّ عليهم ربك سوط عذاب ، ان ربّك لبالمرصاد).ولكن سرعان ما بدت الحقيقة مريرة مؤلمة ، كالحة ، يوم استبد بالحكم طاغية تلاعب بشريعة الله سبحانه ، وأجهز على آخر ما تبقى للاسلام من أحكام في حياة المسلمين ، بتشريع قانون للأحوال الشخصية ، الذي يخالف القرآن الكريم ، والسنّة النبويّة المطهّرة وفسح المجال لشذاذ الأرض وزمر الضلال ، فمزّقت كلمة الاُمة ، وشتتت جمعها. وبعثرت طاقاتها ومرت الأيام عصيبة مروعة ، تحمل في طيّاتها المجازر الوحشيّة القاسية والارهاب المدمّر الدامي ، حتى إذا برح الخفاء ، وانقطع الرجاء ، دوت في مسمع الدهر فتوى الامام الحكيم (الشيوعية كفر وإلحاد) فانهزم الجمع وولّوا الدبر ، وتفرى الليل عن صبحه ، وأسفر الحق عن وجهه ونطق زعيم الدين ، وخرست شقائق الشياطين وطاح وسيط النفاق ، وانحلت عقدة الكفر والشقاق.فاستفاقت الأمة من سباتها ، لتستطلع الى تباشير الخلاص ، تبدو في الأفق القريب مشيرة الى نهاية الظلم ومصرع الطغيان.ودقت ساعة الصفر ، وكان اليوم الرابع عشر من رمضان ، فاستقبلته الأمة متسائلة عن المستقبل الغامض ، حتى اذا مرت أيام معدودة ، واذا بالشيطان يطبع له من مغرسه هاتفاً بأتباعه وأنصاره ، فألفاهم لدعوته مستجيبين تراجع ملاحظين ، وليشهد العراق هدر الكرامات ، واستباحة المحرمات ، والتنكر لمبادئ الأمة الإسلامية ومقدساتها كل ذلك على أيدي الفئة الضالة المنحرفة.. وتلجأ الأمة الى علمائها الذين أعلنوا بدورهم سخطهم وتنكرهم للوضع القائم ، وطالبوا بصراحة وشجاعة بالضرب على أيدي الطغاة الصغار.