موسوعة التاریخ الإسلامی جلد 2

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

موسوعة التاریخ الإسلامی - جلد 2

محمد هادی الیوسفی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


وكـان سـعـد بـن معاذ اقام عند خيمة النبى (ص ) فلما جمعوا الغنائم والاسارى خاف سعد ان يقسم
رسول اللّه الغنائم والاسلاب بين من قاتل ولايعطي من تخلف على خيمة رسول اللّه شيئا , فقال :.

يـا رسـول اللّه , ما منعنا ان نطلب العدو زهادة في الجهاد ولا جبـن عن العدو , ولكنا خفنا ان نعدو
مـوضـعك فتميل عليك خيل المشركين والناس كثير ـ يا رسول اللّه ـ والغنائم قليلة , ومتى يعطى
هؤلا (المقاتلون ) لم يبق لاصحابك شي .

وقـال سعد بن ابي وقاص : يا رسول اللّه , اتعطي فارس القوم الذي يحميهم مثل ما تعطي الضعيف ؟
فقال النبى : ثكلتك امك «306» .

فاختلفوا فيما بينهم حتى سالوا رسول اللّه : لمن هذه الغنائم ؟.

فـانـزل اللّه : ( بـسم اللّه الرحمن الرحيم يسالونك عن الانفال قل الانفال للّه والرسول فاتقوا اللّه
واصلحوا ذات بينكم واطيعوا اللّه ورسوله ان كنتم مؤمنين ) «307» .

فرجع الناس وليس لهم في الغنيمة شي .

ثـم انـزل اللّه بـعـد ذلـك : ( واعلموا ا نما غنمتم من شي فان للّه خمسه وللرسـول ولذي القربى
واليتامى والمساكين وابن السبيل ) «308» .

ولم يخمس رسول اللّه ببدر , وقسمه بين اصحابه «309» .

وقال الطوسي في «التبيان » : قال قوم : ان النبى (ص ) كان نفل اقواماعلى بلا , فابلى اقوام وتخلف
آخـرون مـع النبى , فلما انقضت الحرب اختلفوا , فقال قوم : نحن اخذنا لانا قاتلنا , وقال آخرون :
ونـحـن كـنـا وراكـم نحفظكم , وقال آخرون : نحن احطنا بالنبى , ولو اردنا لاخذنا فانزل اللّه
هذه الاية يعلمهم ان ما فعل فيها رسول اللّه ماض جائز رواه عكرمة عن ابن عباس و(هو عن ) عبادة
بن الصامت «310» .

ويـنـسـجم مع هذه الرواية عن ابن عباس ما رواه عنه قبلها : ان الانفال هي سلب الرجل وفرسه ,
فللنبى ان ينفله من شا «311» .

ونـقـل عـن قـتـادة : ان الـنـبـى (ص ) كـان يـنفل الرجل من المؤمنين سلب الرجل من الكفار اذا
قتله «312» .

ونـقـل الطبرسي في «مجمع البيان » قول ابن عباس واضاف : ان النبى (ص )قال يوم بدر : من جا
بـكـذا فـلـه كذا , ومن جا باسير فله كذا فتسارع الشبان وبقي الشيوخ تحت الرايات , فلما انقضت
الـحـرب طـلـب الشبان ما كان قدنفلهم النبى (ص ) فقال الشيوخ : كنا ردا لكم , ولو وقعت عليكم
الـهـزيـمـة لرجعتم الينا وجرى بين ابي اليسر كعب بن عمرو الانصاري وبين سعد بن معاذ كلام
فنزع اللّه الغنائم منهم وجعلها لرسوله يفعل بهـا ما يشا , فقسمها بينهم بالسوية .

ثـم روى مستند رواية ابن عباس عن عبادة بن الصامت قـال : اختلفنا في النفل وسات فيه اخلاقنا ,
فـنزعه اللّه من ايدينا فجعله الى رسوله , فقسمه بينناعلى السوا وكان ذلك في تقوى اللّه وطاعته
وصلاح ذات البين «313» .

وقـد روى الـسـيـوطي فـي « الدر المنثور » ما لعله تفصيل لهذا المجمل باسناده عن عبادة بن
الصامت قال : خرجت مع رسول اللّه وشهدت معه بدراوالتقى الناس وهزم اللّه العدو , فانطلقت طائفة
في آثارهم المنهزمين يقتلون منهم , واحدقت طائفة برسول اللّه لئلا يصيب العدو منه غرة , واكبت
طائفة على غنيمة العسكر يجمعونها ويجوزونها.

فـلـما فا الناس بعضهم الى بعض وكان الليل قال الذين جمعوا الغنائم : نحن جمعناها وحويناها فليس
لاحـد فـيـها نصيب , وقال الذين خرجوا في طلب العدو :لستم باحق بها منا , نحن نفينا عنها العدو
وهـزمـنـاهـم , وقال الذين احدقوا برسول اللّه : لستم باحق منا نحن احدقنا برسول اللّه وخفنا ان
يصيب العدو منه غرة .

فنزلت : ( يسـالونك عن الانفال قـل الانفـال للّه والرسول فاتقوا اللّه واصلحوا ذات بينكم ) فقسمها
رسول اللّه بين المسلمين «314» .

في منزل اثيل :.

في منزل
اثيل :


وقـولـه : «وكـان الـليل » يعني ان ذلك كان بعد رجوعهم من بدر وبعد مسالة الاسرى في منزل الاثيل «315» حيث قال علي بن ابراهيم القمي :.

فرحل رسول اللّه , وساقوا الاسارى على اقدامهم مقرونين بالحبال الى الجمال وعند غروب الشمس
نزلوا الاثيل «316» ـ وهو من بدر على ستة اميال (اثني عشر كيلومترا الى المدينة ).

ونـظـر رسـول اللّه الى عقبة بن ابي معيط والنضر بن الحارث بن كلدة وهمافي قران واحد, فقال
لعلي (ع ) : يا علي , على بالنضر وعقبة .

فجا علي (ع ) فاخذ بشعر النضر فجره الى رسول اللّه .

فقال النضر : يا محمد, اسالك ـ بالرحم الذي بيني وبينك ـ الا اجريتني كرجل من قريش , ان قتلتهم
قتلتني , وان فاديتهم فاديتني , وان اطلقتهم اطلقتني .

فقال رسول اللّه : لا رحم بيني وبينك , قطع اللّه الرحم بالاسلام .

ثم التفت الى علي وقال : قدمه ـ يا علي ـ فاضرب عنقه فقدمه وضرب عنقه .

ثم قال : قدم عقبة فاضرب عنقه فقدمه وضرب عنقه «317» .

فـقـام الانـصار وقالوا : يا رسول اللّه , قد قتلنا سبعين واسرنا سبعين , وهم قومك واساراك , ولكن
هـبهم لنا يا رسول اللّه , وخذ منهم الفدا واطلقهم «318» قالوا :يا رسول اللّه لا تقتلهم وهبهم لنا
حتى نفاديهم .

فـنزل جبرئيل فقال : ان اللّه قد اباح لهم ان ياخذوا من هؤلا الفداويطلقوهم , على ان يستشهد منهم
في عام قابل بقدر من ياخذون منه الفدا من هؤلا فاخبرهم رسول اللّه بهذا الشرط فقالوا : قد رضينا
بـه , نـاخـذ الـعـام الـفـدامـن هـؤلا نـتـقـوى بـه ويـقتل منا في عام قابل بعدد ما ناخذ منهم الفدا
وندخل الجنة «319» .

فاطلق لهم ان ياخذوا الفدا ويطلقوهم «320» .

العباس بن عبد المطلب وعقيل بن ابي طالب :.

العباس بن عبد المطلب وعقيل بن ابي
طالب :


روى الـكـليني في «روضة الكافي » بسنده عن معاوية بن عمار الدهني عن الصادق (ع ) قال : ان رسول اللّه نهى يوم بدر ان يقتل احد من بني هاشم ,فاسروا.

ثـم ارسل عليا وقال له : انظر من ها هنا من بني هاشم ؟ فمـر علي (ع )ورجع الى رسول اللّه فقال
له : هذا ابو الفضل في يد فلان , وهذا عقيل في يد فلان ,وهذا نوفل بن الحارث في يد فلان .

وجي بالعباس فقيل له : افد نفسك وافد ابني اخيك (فالتفت الى النبى )وقال : يا محمد قريشا في كفي ؟ قـال رسول اللّه : اعط مما خلفت عند ام الفضل وقلت لها : ان اصابني شي في وجهي هذا فانفقيه على
نفسك وولدك .

قال : يابن اخي قال : اتاني به جبرئيل من عند اللّه .

فقال : والمحلوف به «321» .

وروى الـطـبـرسـي فـي «مـجمع البيان » عن الباقر (ع ) قال : كان الفدا يوم بدركل رجل من
الـمشركين باربعين اوقية , والاوقية : اربعون مثقالا, الا العباس فان فداه كان مئة اوقية وكان اخذ
مـنه حين اسر عشرون اوقية ذهبا, فقال النبى :ذلك غنيمة , ففاد نفسك وابني اخيك نوفلا وعقيلا
فـقـال : لـيـس مـعـي شي فقال :اين الذهب الذي سلمته الى ام الفضل وقلت : ان حدث بي حدث فهو
لك وللفضل وعبد اللّه وقثم ؟ فقال : من اخبرك بهذا ؟ قال : اللّه تعالى .

فقال : اشهد انك رسول اللّه , واللّه ما اطلع على هذا احد الا اللّه تعالى «322» .

قال الواقدي : ومن رسول اللّه من الاسرى يوم بدر على ابي عزة عمرو بن عبد اللّه الجمحي , وكان
شاعرا, فقال لرسول اللّه : لي خمس بنات ليس لهن شي ,فتصدق بي عليهن يا محمد لا اقاتلك ولا اكثر عليك ابدا.

ففعل رسول اللّه واعتقه وارسله «323» .

الوصية بالاسرى :.

الوصية
بالاسرى :


قـال : قالوا : ولما حبس الاسرى ببدر استعمل النبى عليهم غلامه شقران وقد شهد بدرا ولم يعتقه يومئذ «324» وقال : ان بكم عيلة , فلا يفوتنكم رجل من هؤلا الا بفدا او ضربة عنق .

فـقال عبد اللّه بن مسعود : يا رسول اللّه , الا سهيلا (اخ له ) فاني رايته يظهرالاسلام بمكة فسكت
النبى فلم يرد عليه , ثم رفع رسول اللّه راسه فقال : الا سهيلا «325» .

وروي عن الزهري روى عن النبى قال لاصحابه في الاسرى : استوصوابهم خيرا.

فـكان ابو العاص بن الربيع يقول : كنت مع رهط من الانصار وكان التمرزادهم والخبز معهم قليل ,
وكـنـا اذا تـغـدينا او تعشينا «326» اكلوا التمر وآثروني بالخبز,حتى ان الرجل لتقع في يده
الكسرة فيدفعها الي , جزاهم اللّه خيرا.

وكـان الـولـيـد بـن الوليد بن المغيرة يقول مثل هذا ويزيد : وكانوا يحملونناويمشون «327»
وروى ابن اسحاق عن ابي عزيز بن عمير اخي مصعب بن عمير ـ وكان صاحب لوا المشركين ببدر
بـعـد النضر بن الحارث من بني عبدالدار ـ قال : كنت في رهط من الانصار حين اقبلوا بي من بدر,
فكانوا لوصية رسول اللّه بنا اذا قدموا غداهم او عشاهم خصوني بالخبز واكلوا التمر, حتى ماكانت
تقع في يد رجل منهم كسرة خبز الا نفحني بها «328» .

وغـالـبـا مـا كـان الاسير مع من اسره , وكان مالك بن الدخشم قد اسر ابايزيد سهيل بن عمرو من
الـمـطعمين بمكة فروى الواقدي قال : في منزل شنوكة قال سهيل لمالك : يا مالك خل سبيلي للغائط
فـقام مـالك على راسه الـقران ومضى على وجهه فلما ابطا سهيل افتقـده مالك فصاح في الناس وخرج النبى فقال : من وجده
فـليقتله فربطت يداه الى عنقه ثم قرنه الى راحلته «329» .

تقسيم الغنائم :.

مـر ان تـقـسـيـم الـغنائم كان بعد اختلافهم فيها ونزول سورة الانفـال قطعالخلافهم فيها وجوابا
لـسـؤالـهـم عنها, ويبدو ان ذلك كان بعد بدر وقبل قفولهم من منزل سير فقد قال ابن اسحاق : امر
رسـول اللّه فـجمع ما جمعه الناس مما كان في عسكر المشركين ببدر وامر الناس ان يردوا ما كان
فـي ايديهم من النفل ثم اقبل قافلا الى المدينة واحتمل معهم النفل الذي اصيب من المشركين , وجعل
عليه عبد اللّه بن كعب بن عمرو بن عوف المازني من بني النجار حتى خرج من مضيق الصفرا ونزل
على كثيب بين المضيق والنازية يقال له سير, فقسم هنالك النفل على السوا «330» .

وروى الواقدي بسنده عن سهل بن ابي حثمة الانصاري قـال : جمعت الغنائم واستعمل عليها رسول
اللّه عـبـد اللّه بـن كـعب بن عمرو المازني ـ وقيل :خباب بن الارت ـ وقسمها بسير وهو شعب
بمضيق الصفرا «331» .

وفـي روايـة اخرى عنه قال : امر رسول اللّه : ان ترد الاسلاب وما اخذوافي المغنم والاسرى ,
فـقـسـم الاسـلاب الـتـي نـفـلـهـا للرجل في المبارزة والذي اخذ في العسكر, قسمه بينهم على
فواق «332» , واقرع بينهم في الاسرى «333» يعني انه استردالجميع وقس مه .

ولـكـن روى عن موسى بن سعد بن زيد بن ثابت عن ابيه عن جده قال :نادى منادي النبى يومئذ : من
قتل قتيلا فله سلبه , ومن اسر اسيرا فهو له , فكان من قتل قتيلا يعطيه سلبه , وما وجد في العسكر
وما اخذوه بغير قتال فقسمه بينهم على فواق وهذا يعني انه (ص ) لم يسترد الاسلاب بل انما سائر
الغنائم والاسرى .

ولـذلـك قال الواقدي والثبت عندنا من هذا : ان كل ما جعله لهم فانه قدسلمه لهم «334» وما لم
يجعل لهم فقد قسمه بينهم .

وقال : قالوا : اخذ علي (ع ) درع الوليد بن عتبة ومغفره وبيضته , واخذحمزة سلاح عتبة , واخذ
عبيدة بن الحارث درع شيبة , فهي في ورثته .

وامـا سـلـب ابـي جـهل فقد روى عن سعيد بن خالد القارظي : ان النبى اعطاه لعبد اللّه بن مسعود,
وروى عن خارجة بن كعب القرظي : ان النبى دفعه الى معاذ بن عمرو بن الجموح .

ثـم روى بـسـنده عن عبد اللّه بن مكنف الانصاري قال : كان الرجال ثلاثمئة وثلاثة عشر رجلا,
وكـانـت الـسهام ثلاثمئة وسبعة عشر سهما, اربعة اسهم للمقدادوالزبير لخيلهما , وثمانية اسهم
لـثـمانية نفر لم يحضروا واسهم لهم رسول اللّه «335» ثلاثة من المهاجرين : سعيد بن زيد بن
عـمـرو بن نفيل وطلحة بن عبيد اللّه اللذان بعثهمارسول اللّه يتحسسان العير «336» قال ابن
اسـحاق : وكان عثمان بن عفان بن ابي العاص بن امية بن عبد شمس قد تخلف على امراته رقية بنت
رسول اللّه , فضرب له رسول اللّه بسهمه «337» وقال الواقدي : خلفه رسول اللّه «338» .

ومـن الانـصار : ابو لبابة بن عبد المنذر , خلفه على المدينة وعاصم بن عدي , خلفه على قبا واهل
الـعـالـيـة والحارث بن حاطب , امره بامره في بني عمرو بن عوف وخوات بن جبير, والحارث بن
الصمة , كسر بهم بالروحا في الطريق الى بدر.

وقـد روى انه ضرب لاربعة رجال آخرين ليس بمجتمع عليهم كاجتماعهم على الثمانية , منهم سعد
بن عبادة , وقد مر خبره انه كان قد نهش فمنعه ذلك عن الخروج وسعد بن مالك الساعدي , وكان قد
تجهز الى بدر فمرض , ومات خلاف رسول اللّه , ولرجلين آخرين .

وكـانـت الابـل الـتي غنموها يومئذ مئة وخمسين بعيرا معها اد م كثير حملوه للتجارة وغنموا من
خيولهم عشرة افراس وسلاحا فكانت تصيب الرجل بعيرومتاع وآخر انطاع «339» .

وكـان لـرسول اللّه صفى من الغنيمة قبل ان تقسم , فكان جمـل ابي جهل له (ص ), فكان يغزو عليه
حـتـى سـاقه هدي الحديبية وتنفـل رسول اللّه سيف المنبه بن الحجاج وكان يقال له : ذا الفقار (اي
الفقرات بمعنى الحفر).

وكـان لا يرد سؤالا, فساله الارقم بن ابي الارقم سيف المرزبان لابن عائذالمخزومي فاعطاه اياه
وساله سعد بن ابي وقاص سيف العاص بن منبه فاعطاه .

وكان مماليك اربعة حضروا بدرا فلم يسهم لهم ولكن اعطاهم شيئا منه :غلامه شقران استعمله على
الاسرى فاعطي شيئا من فدا كل اسير وغلام لسعدابن معاذ , وغلام لعبد الرحمان بن عوف وغلام
حاطب بن ابي بلتعة , اعطاهم من الغنائم «340» .

بعث البشير بالفتح :.

بعث البشير
بالفتح :


قـال الـواقدي : وقدم رسول اللّه عبد اللّه بن رواحة ( بشيرا الى اهل العالية من المدينة , وزيد بن حارثة الى اهل السافلة منها ) «341» .

وافترق عبد اللّه بن رواحة عن زيد بن حارثة من العقيق فاتبع دورالانصار بالعالية وهم بنو خطمة
وبنو عمرو بن عوف وبنو وائل , وجعل ينادي على راحلته :.

يـا مـعـشـر الانصار ابشروا بسلامة رسول اللّه وقتل المشركين واسرهم , قتل ابنا ربيعة , وابنا
الحجاج , وابو جهل , وامية بن خلف وزمعة بن الاسود, واسرسهيل بن عمرو ذو الانياب في اسرى
كـثـيـريـن , وغـدا يـقدم رسول اللّه ان شا اللّه ومعه الاسرى مقرنين وجعل الاطفال يشتدون معه
ويقولون : قتل ابو جهل الفاسق , قتل ابو جهل الفاسق .

وقـدم زيد بن حارثة الى المدينة على الناقة القصوا, للنبى (ص ), فلما بلغ المصلى صاح : قتل عتبة
وشـيـبـة ابـنا ربيعة , وابنا الحجاج , وابو جهل وابو البختري ,وامية بن خلف , وزمعة بن الاسود,
واسر سهيل بن عمرو ذو الانياب في اسرى كثيرة .

فـقـال رجـل من المنافقين لابي لبابة بن عبد المنذر : هذا زيد لا يدري مايقول من الرعب , وقد قتل
مـحمد وقتل معه علية اصحابه , وقد تفرق اصحابكم تفرقا لا يجتمعون بعده ابدا, وهذه ناقة محمد
نعرفها وقال آخر من المنافقين لاسامة بن زيد : قتل صاحبكم ومن معه قال اسامة : فجئت حتى خلوت بابي (وقال ابن اسحاق : فجئته وهوواقف بالمصلى قد غشيه الناس )
فقلت : يا ابه , احق ما تقول ؟ قال : اي واللّه حقايا بني «342» .

قال ابن اسحاق : وكان كعب بن الاشرف من (يهود) بني نبهان من طي وامه من بني النضير, فلما بلغه
الـخبر قال : احق هـذا ؟ اترون محمـدا قتل هؤلا الذين يسميانهم هاذان الرجلان : زيد وعبد اللّه
؟ فـهـؤلا اشـراف العرب وملوك الناس من ظهرها «343» .

استقبال الرسول :.

استقبال الرسول
:


واستقبله الناس بالروحا يهنئونه بفتح اللّه عليه .

ولـقـيـه في تربان عبد اللّه بن انيس فقال : يا رسول اللّه , الحمد للّه على سلامتك وظفرك , كنت يا
رسـول اللّه لـيـالـي خرجت مورودا ( محموما بالنوبة )فلم يفارقني حتى امس , فاقبلت اليك فقال :
آجرك اللّه .

ولقيه اسيد بن حضير فقال : يا رسول اللّه , الحمد للّه الذي ظفرك واقرعينك مـا كـان تـخـلفي عن بدر وانا اظن انك تلقى عدوا, ولكني ظننت انها العير, ولو ظننت انه العدو ما
تخلفت فقال رسول اللّه : صدقت .

اما الاسرى فقد قدموا بهم المدينة قبله او بعده بيوم او بعض يوم «344» .

ولـمـا التقى برسول اللّه وجوه الخزرج يهنئونه بفتح اللّه , قال سلمة بن سلامة ابن وقش : ما الذي
تهنئوننا به ؟ فواللّه ما قتلنا الا عجائز صلعا.

فـتبسم النبى (ص ) وقال : يابن اخي اولئك الملا, لو رايتهم لهبتهم ولوامروك لاطعتهم , ولو رايت
فعالك مع فعالهم لاحتقرته , وبئس القوم كانوالنبيهم فـقـال سـلمة : اعوذ باللّه من غضبه وغضب رسوله , انك يا رسول اللّه لم تزل عني معرضا منذ كنا
بالروحا في بداتنا ؟ فقال رسول اللّه : اما ما قلت للاعرابي : وقعت على ناقتك فهي حبلى منك بـه رسول اللّه معذرته «345» .

البكا على الشهدا :.

البكا على الشهدا
:


وعـقـد اسـر الـشـهـدا مناحة على شهدائهم منهم آل العفرا على ولديهم معوذوعوف ابني العفرا, وشـاركـتـهـم سـودة بـنـت زمـعـة زوج رسـول اللّه (ع ) وكـان ذلـك قـبـل ان يضرب عليهن
الحجاب «346» .

وروى الواقدي بسنده عن داود بن الحصين عن رجال من بني عبدالاشهل قالوا : لما بلغ مقتل حارثة
بن سراقة الى امه بالمدينة , وكان مقتله على حوض بدر اذ اتاه سهم غرب «347» فوقع في نحره
فـقـتل , قالت امه : فواللّه لاابكيه حتى يقدم رسول اللّه فاساله , فان كان ابني في الجنة لم ابك عليه ,
وان كان ابني في النار بكيته فلما قدم رسول اللّه من بدر جات ام حارثة الى رسول اللّه فقالت :.

يا رسول اللّه , قد عرفت موضع حارثة من قلبي فاردت ان ابكي عليه فقلت : لا افعل حتى اسال رسول
اللّه فان كان في الجنة لم ابك عليه , وان كان في النار بكيته .

فقال النبى (ع ) : هبلت (هلكت ) اجنة واحدة ؟ انها جنان كثيرة الاعلى فقالت : فلا ابكي عليه ابدا.

فدعا رسول اللّه بما فغمس يده فيه ومضمض فاه ثم ناول ام حارثة فشربت ثم ناولته ابنتها فشربت ,
ثـم امرهما فنضحتا منه في جيوبهما ففعلتا فرجعتامن عند النبى (ع ) وما بالمدينة امراتان اقر عينا
منهما ولا اسر «348» .

الاسرى في المدينة :.

الاسرى في المدينة
:


قـال : ولـمـا قـدمـوا بالاسرى لم يبق بالمدينة يهودي ولا مشرك ولا منافق الا ذل , وقال كعب بن الاشرف اليهودي : بطن الارض اليوم خير من ظهرها, هؤلااشراف الناس وساداتهم وملوك العرب
واهل الحرم والامن قد اصيبوا «349» .

وقال آخر منهم : هو الذي نجده منعوتا, واللّه لا ترفع له راية بعد اليوم الا ظفرت وقال عبد اللّه بن نبتل : ليت ا نا كنا خرجنا معه حتى نصيب معه غنيمة قتلى بدر من المشركين وهجى المسلمين فدعا رسول اللّه حسان بن ثابت الانصاري فاخذ يهجو من
نزل كعب عنده (ابا وداعة السهمي ) حتى رجع كعب الى المدينة «350» .

وروى ابـن اسـحـاق عـن نـبـيـه بن وهب قال : لما اقبل رسول اللّه بالاسارى فرقهم بين اصحابه
واستوصاهم بهم خيرا «351» .

فدا الاسرى :.

وكـان ابو وداعة بن ضبيرة (السهمى ) اول من افتدي وكان رسول اللّه قد قال لهم : ان له بمكة ابنا
كيسا تاجرا ذا مال , وكانكم به قد جا في طلب فدا ابيه «352» وهو مغل فداه «353» فلما قدم
الحيسمان الخزاعي مكة بخبر قتلاهم واسراهم «354» انسل المطلب بن ابي وداعة ليلا واخذ
شرقى مكة فسار اربع ليال الى المدينة , فافتدى اباه باربعة آلاف درهم وانطلق به «355» ثم قدم
بعده بثلاث ليال خمسة عشر رجلا منهم في فدا اصحابهم : ابى بن خلف الجمحي , وجبير بن مطعم ,
وخالد بن الوليد المخزومي , وطلحـة بـن ابي طلحة , وعبد اللّه بن ابي ربيعة المخزومي , وعثمان
بن ابي حبيش المخزومي , وعكرمة بن ابي جهل المخزومي ,وعمرو بن قيس السهمي , وعمرو بن
الـربيع اخو ابي العاص بن الربيع صهرالرسول , وفروة بن السائب المخزومي , ومكرز بن حفص ,
وهشام بن الوليدالمخزومي , والوليد بن عقبة بن ابي معيط.

وكـان الـفدا من اربعة آلاف , الى ثلاثة آلاف , الى الفين , الى الف درهم ,الى قوم لا مال لهم من عليهم
رسول اللّه «356» .

وقـد مرت رواية الواقدي عن سهل بن حثمة الانصاري قال : امر رسول اللّه ان يردوا الاسرى ثم
اقـرع بينهم فيهم «357» وروى عن ابي عفير قال : لما امرالنبى ان يردوا الاسرى , كان سعد
بـن ابي وقاص قد اسر الحارث بن ابي وجزة من بني عبد شمس , فرده , ثم صار اليه ايضا بالقرعة
فـقـدم فـي فـدائه الـولـيـد بن عقبة بن ابي معيط (فوجد اباه قد قتل ) ففدى الحارث باربعة آلاف
درهم «358» وكان ممن اسره ابو اليسر الانصاري : ابو عزيز بن عمير اخو مصعب بن عمير,
ثم اقترع عليه فصار لمحرز بن نضلة الانصاري , فبعثت امه فيه باربعة آلاف درهم .

وافـتـدى عبد اللّه بن ابي ربيعة المخزومي : امية بن ابي حذيفة , وخالد بن هشام , وعثمان بن عبد
اللّه , كل رجل منهم باربعة آلاف درهم .

وافـتدى خالد بن الوليد اخاه الوليد بن الوليد باربعة آلاف درهم , وخرج به هو واخوهم هشام حتى
بـلـغا بالوليد الى ذي الحليفة (بينها وبين المدينة ستة اميال - اثنا عشر كيلومترا) فافلت منهم واتى
النبى فاسلم وقال : كرهت ان اسلم قبل ان افتدى .

وافـتـدى مكرز بن حفص : ابا يزيد سهيل بن عمرو باربعـة آلاف , فلماقالوا له : هات المال قال :
اجـعلوا رجلا مكان رجل وخلوا سبيله فخلوا سبيل سهيل وحبسوا مكرز, وبعث سهيل بالمال مكانه
من مكة , فاطلقوه «359» .

قـال ابـن اسحاق : وممن سمي لنا من الاسارى ممن من عليه بغير فدا :ابو عزة عمرو بن عبد اللّه
الـجـمـحي , قال لرسول اللّه : يا رسول اللّه لقد عرفت ان ليس لي مـال واني ذو حاجة وذو عيـال ,
فامنن علي (ومدحه بخمسة ابيات من الشعر) فاخذ عليه رسول اللّه ان لا يعين عليه احدا ومن عليه
فاطلقه «360» .

وروى الواقدي عن سعيد بن المسيب قال : قـال لرسول اللّه : يا محمد, لي خمس بنات ليس لهن شي
فـتـصـدق بـي عليهن ففعل رسول اللّه , فقال : اعطيك موثقا لا اقاتلك ولا اكثر عليك ابدا رسول اللّه «361» .

ولـم يـكـن لـربيعة بن دراج الجمحي مال , فاخذ منه شي يسـير وارسل ولم يكن للسائب بن عبيد,
وعـبـيـد بن عمرو من بني المطلب بـن عبد مناف , مال , فلم يقدم في فدائهما احد, ففك رسـول اللّه
عنهما بغير فدية .

وكان ابو ايوب الانصاري قد اسر المطلب بن حنطب من بني ابي رفاعة ,ولم يكن له مال , فارسله بعد
حين .

ولم يكن لصيفى بن ابي رفاعة مال , فمكث عندهم مدة ثم ارسلوه .

بينما افتدي اخوه ابو المنذر بن ابي رفاعة بالفين .

وافتدي منهم عبد اللّه بن السائب بالف درهم , وكان قد اسره سعد بن ابي وقاص «362» .

وروى ابـن سعد في «الطبقات » قال : كان رسول اللّه يفادي الاسرى على قدر اموالهم وكان اهل
مـكـة يكتبون واهل المدينة لا يكتبون , فمن لم يكن له فدا (وكان يكتب ) دفع اليه عشرة من غلمان
المدينة فيعلمهم (الكتابة ) فاذاحذقوا (في الكتابة ) فهو فداؤه «363» .

صهر النبي ابو العاص بن الربيع (3) :.

صهر النبي ابو العاص بن الربيع (3)
:

مـر ذكـر الواقدي فيمن سماهم «364» ممن قدموا في فدا الاسرى من المشركين :عمرو بن
الربيع اخو ابي العاص بن الربيع صهر النبى (ص ).

ولـما رات زينب بنت رسول اللّه اهل مكة يبعثون (الرجال بالاموال ) في فدا اسراهم , نقل في مجمع
الـبيان عن كتاب علي بن ابرهيم القمي قال : بعثت زينب في فدا زوجها ابي العاص بن ابي الربيع (مع
اخـيـه عمرو بن الربيع ) قلائدلها كانت خديجة جهزتها بها ـ وكان ابو العاص ابن اخت خديجة ـ
فـلـمـا راى رسـول اللّه تـلـك القلائد قال : رحم اللّه خديجة , هـذه قلائد هي جهزتها بها فاطلقه
رسول اللّه بشرط ان يبعث اليه زينب ولا يمنعها من اللحوق به فعاهده على ذلك ووفى له «365» .

وكـان الذي اسره عبد اللّه بن جبير «366» وكان ابو العاص عند رسول اللّه فاطلقوه , وردوا
على زينب متاعها «367» .

قـال ابـن اسـحاق : ولم يظهر من رسول اللّه انه قد اخذ على صهره ابي العاص , او كان فيما شرط
عليه في اطلاقه ولم يظهر من ابي العاص انه وعد رسول اللّه بشي بشان زينب بنت الرسول , الا انه
لما اخلي سبيل ابي العاص وخرج الى مكة , قال رسول اللّه لزيد بن حارثة ورجل آخر من الانصار :
كونا ببطن ياجج «368» حتى تمر بكما زينب فتصحباها حتى تاتياني بها «369» .

فـعـلـم ان ذلـك كان اما بشرط من النبى عليه او وعد منه له (ص ) وقد مـران الواقدي قال : كان
الـمطلب بن ابي وداعة اول من قدم المدينة بعد بدر في فداالمشركين , وسار من مكة اليها في اربع
لـيال , وبعده بثلاث ليال قدم خمسة عشررجلا منهم عمرو بن الربيع اخو ابي العاص بن الربيع في
فدائه «370» وهذا يعني ان قدومهم المدينة كان في اواخر شهر رمضان او اوائل شوال .

امـا ارسال الرسول للرجلين الى بطن ياجج لياتيا بزينب ابنته , فقد قال ابن اسحاق : كان ذلك بعد بدر
بشهر او شيعه «371» اي قريب منه , اي في اواسطشوال «372» .

اسير اطلق لفك الرهينة :.

اسير اطلق لفك الرهينة
:


روى ابـن اسـحاق قال : كان من اسرى بدر : عمرو بن ابي سفيان صخر بن حرب , وكانت امه بنت عقبة بن ابي معيط (او اخته او عمته على قول ابن هشام )وقد اسره على بن ابي طالب (ع ).

فقيل لابي سفيان : افد ابنك عمرا.

فقال : قتلوا حنظلة وافدي عمرا ؟ وكان بالنقيع (من المدينة ) شيخ مسلم من بني عمرو بن عوف يدعى سعدابن النعمان بن اكال , وكان
في غنم له وكان ظنه ان قريشا لا يعرضون لاحد جاحاجا او معتمرا الا بخير, ولا يظن انه يحبس
بـمـكة ولا يخشى ذلك فخرج من النقيع معتمرا ومعه امراته فعدا عليه ابو سفيان بن حرب فحبسه
بازا ابنه عمرو(رهينة ).

فـمشى بنو عمرو بن عوف الى رسول اللّه فاخبروه خبره وسالوه ان يعطيهم عمرو بن ابي سفيان
فيفكوا به صاحبهم ففعل رسول اللّه ذلك (واعطاهم عمروابن ابي سفيان ) فبعثوا به الى ابي سفيان
فخلى سبيل سعد بن النعمان وكان ابوسفيان قد قال شعرا :.

ارهط ابن اكال اجيبوا دعاه ـــــتعاقدتم لا تسلموا السيد الكهلا.

وان بني عمرو لئام اذلة ـــــلئن لم يفكوا عن اسيرهم الكبلا.

فاجابه حسان بن ثابت فقال :.

ولو كان سعد يوم مكة مطلقا ـــــلاكثر فيكم ـ قبل ان يؤسر ـ القتلا.

بعضب حسام , او بصفرا نبعة ـــــتحن اذ ما انبضت تحفز النبلا «373» .

تحويل القبلة من القدس الى الكعبة :.

تحويل القبلة من القدس الى الكعبة
:


«بـعـد رجـوعـه (ص ) مـن بـدر» صرف رسول اللّه الى الكعبة , فيما رواه الشيخ الطوسي في «الـتهذيب » عن رسالة «ازاحة العلة في معرفة القبلة » لشاذان بن جبرئيل القمي عن معاوية بن
عمار عن الصادق (ع ) «374» .

ونـقـلـهـا عنها الحر العاملي في «وسائل الشيعة » وفيها تمامها : وكان يصلي في المدينة الى بيت
المقدس سبعة عشر شهرا, ثم اعيد الى الكعبة «375» والخبر جواب على سؤال ابن عمار.

وفـي خـبر آخر اخرجه الحميري في «قرب الاسناد» بسنده عن الصادق (ع ) بدا به عن ابيه
الـباقر (ع ) قال : ان رسول اللّه (ص ) استقبل بيت المقدس تسعة عشر شهرا, ثم صرف الى الكعبة
وهو في العصر «376» .

ونقله عنه الحـر العاملي في «وسائل الشيعة » واعتمد على نسخة سجلت كماسبق : تسعة عشر
شـهـرا واشـار الى نسخة اخرى بين قوسين (سبعة عشر شهرا) والصحيح هو ما اعتمده اولا :
تسعة عشر شهرا, بنا على الخبر الاول : ان ذلك كان بعد رجوعه من بدر, فان بدرا كان في رمضان
الشهر التاسع عشر بعد الهجرة ,وليس سبعة عشر شهرا وكذلك الامر في الخبر الاول ايضا.

وقـد يـفـهم من قوله (ع ) في الخبر الاول : ثم اعيد الى الكعبة ان الكعبة كانت قبلته الاولى فاعيد
اليهـا بعد بيت المقدس , ولكن في الخبر التالي عنه (ع ) تفسيرلذلك , بانه كان يصلي الى بيت المقدس
ولكنه في مكة كان يجعل الكعبة بينه وبين بيت المقدس فلا يجعل الكعبة خلف ظهره , فكان يبدو انه
يصلي الى الكعبة , واعيداليها مرة اخرى :.

فـقد روى الكليني في «فروع الكافي » بسنده عن الحلبي قـال : سالت اباعبد اللّه الصادق (ع ) :
هل كان رسول اللّه يصلي الى بيت المقدس ؟ قال : نعم فقلت : اكان يجعل الكعبة خلف ظهره ؟ فقال :
اما اذ كان بمكة فلا, واما اذ هاجرالى المدينة فنعم , حتى حول الى الكعبة «377» .

بل نقل الطبرسي في «الاحتجاج » عن الامام العسكري (ع ) قال : لما كان رسول اللّه (ص ) بمكة
امـره اللّه ان يـتوجه نحو بيت المقدس في صلاته ويجعل الكعبة بينه وبينها اذا امكن , واذا لم يمكن
استقبل بيت المقدس كيف كان فكان رسول اللّه (ص ) يفعل ذلك طول مقامه ثلاث عشرة سنة فلما كان
بالمدينة وكان متعبداباستقبال بيت المقدس استقبله وانحرف عن الكعبة «378» .

وقـال الـقـمـي في تفسيره : ان اليهود كانوا يعيرون رسول اللّه ويقولون له :انت تابع لنا تصلي الى
قبلتنا فاغتم من ذلك رسول اللّه غما شديدا, وخرج في جوف الليل ينظر في آفاق السما ينتظر امر
اللّه تبارك وتعالى في ذلك , فلمـااصبح وحضرت صلاة الظهر كان في مسجد بني سالم قد صلى بهم
(مـن ) الـظهرركعتين , نزل جبرئيل (ع ) فاخذ بعضديه فحوله الى الكعبة فصلى ركعتين الى الكعبة
وانـزل عـلـيـه قوله سبحانه : ( قد نرى تقلب وجهك في السما فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك
شـطـر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وان الذين اوتوا الكتاب ليعلمون انه
الـحق من ربهم وما اللّه بغافل عما يعملون ولئن اتيت الذين اوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما
انـت بـتـابـع قـبلتهم ومابعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت اهواهم من بعد ما جاك من العلم انك اذا
لـمن الظالمين الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون ابناهم وان فريقا منهم ليكتمون الحق وهم
يـعـلـمـون الـحق من ربك فلا تكونن من الممترين ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات اينما
تكونوا يات بكم اللّه جميعا ان اللّه على كل شي قدير ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد
الـحرام وانه للحق من ربك وما اللّه بغافل عما تعملون ومن حيث خرجت فول وجهك شطرالمسجد
الحرام وحيث كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجـة الا الذين ظلموا منهم فلا
تـخشوهم واخشوني ولاتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون كما ارسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم
آيـاتـنـا ويـزكـيـكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون فاذكروني اذكركم
واشكرو لي ولاتكفرون ) «379» .

قـال الـقـمي : فقالت اليهود والسفها من الناس : ما ولا هم عن قبلتهم التي كانوا عليها ؟ سـبحانه : ( سيقول السفها من الناس ما ولا هم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل للّه المشرق والمغرب
يـهـدي مـن يـشـا الى صراطمستقيم وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهدا على الناس ويكون
الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها الا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه
وان كـانت لكبيرة الا على الذين هدى اللّه وما كان اللّه ليضيع ايمانكم ان اللّه بالناس لرؤوف رحيم
) «380» .

قـال الـقـمـي : صلى رسول اللّه الى بيت المقدس بمكة ثلاثة عشر سنة , وبعدمهاجرته الى المدينة
سبعة اشهر, ثم حول اللّه القبلة الى البيت الحرام «381» .

هـذا مـا قاله القمي في تفسيره , ولكن الطبرسي رواه عنه في «مجمع البيان »باسناده عن الصادق
(ع ) «382» واخـتـصر الخبر في «اعلام الورى » قال : قال علي بن ابراهيم : وكان رسول
اللّه يـصـلي الى بيت المقدس مدة مقامه بمكة , وبعد هجرته حتى اتى سبعة اشهر, فلما اتى له سبعة
اشـهـر عـيــرته اليهود وقالوا له : انت تابع لنا تصلي الى قبلتنا, ونحن اقدم منك في الصلاة فاغتم
رسـول اللّه (ص ) من ذلك , واحب ان يحول اللّه قبلته الى الكعبة , فخرج رسول اللّه في جوف الليل
ونـظرالى آفاق السما ينتظر امر اللّه وخرج في ذلك اليوم الى مسجد بني سالم الذي جمع فيه اول
جمعة كانت بالمدينة , وصلى بهم الظهر هناك , بركعتين الى بيت المقدس وركعتين الى الكعبة , ونزل
عـلـيـه : (قــد نـرى تقلب وجهك في السما ,فلنولينك قبلة ترضاها , فول وجهك شطر المسجد
الحرام , وحيث كنتم فولواوجوهكم شطره ) «383» .

وقـال الصدوق ابن بابويه القمي في «من لا يحضره الفقيه » : صلى رسول اللّه الى بيت المقدس بعد
الـنـبوة ثلاث عشرة سنة بمكة , وتسعة عشر شهرا بالمدينة , ثم عيرته اليهود فقالوا له : انك تابع
لقبلتنا, فاغتم لذلك غما شديدا, فلما كان في بعض الليل خرج يقلب وجهه في آفاق السما.

فـلـمـا اصـبح صلى الغداة , فلما صلى من الظهر ركعتين جا جبرئيل (ع ) فقال له : ( قـد نرى تقلب
وجـهـك فـي الـسما فلنولينك قبلة ترضاهـا فول وجهك شطرالمسجد الحرام ) ثم اخذ بيد النبى
فـحـول وجـهه الى الكعبة , وحول من خلفه وجوههم , حتى قام الرجال مقام النسا والنسا مقام الرجال
فكان اول صلاته الى بيت المقدس وآخرها الى الكعبة .

وبـلـغ الـخـبـر مسجدا بالمدينة وقد صلى اهله من العصر ركعتين فحولوا نحوالكعبة , وكان اول
صلاتهم الى بيت المقدس وآخرها الى الكعبة , فسمي ذلك المسجد مسجد القبلتين .

فقال المسلمون : صلاتنا الى بيت المقدس تضيع يا رسول اللّه ؟.

فانزل اللّه عزوجل : ( وما كان اللّه ليضيع ايمانكم ) يـعني : صلاتكم الى بيت المقدس .

ثم قال الصدوق : وقد اخرجت الخبر في ذلك على وجهه في «كتاب النبوة » «384» .

والخبر على وجهه في المسجد بالمدينة الذي بلغ اهله الخبر وقد صلوا من العصر ركعتين :.

هـو مـا اخـرجـه شاذان بن جبرئيل القمي في رسالة «ازاحة العلة في معرفة القبلة » بسنده عن
احـدهـمـا (ع ) قال : ان بني عبد الاشهل اتوهم وهم في الصلاة قدصلوا ركعتين الى بيت المقدس ,
فـقـيـل لـهـم : ان نـبيكم حرف الى الكعبة فتحول النسا مكان الرجال والرجال مكان النسا, وجعلوا
الـركـعـتـيـن الـبـاقـيـتـيـن الـى الكعبة , فصـلوا صلاة واحدة الى قبلتين , فلذلك سمي مسجدهم
مسجدالقبلتين «385» .

وكـذلك الخبر على وجهه في قوله سبحانه : ( وما كان اللّه ليضيع ايمانكم )فقد روى العياشى في
تـفـسـيـره عن الصادق (ع ) قال : لما حرف اللّه نبيه عن بيت المقدس قال المسلمون للنبى (ص ) :
ارايـت صـلاتنا التي كنا نصلي الى بيت المقدس ما حالنا فيها ؟ وحال من مضى من موتانا وهم كـانوا
يصلون الى بيت المقدس ؟فانزل اللّه الاية «386» .

وروى الطوسي في «التبيان » عن ابن عباس وقتادة والربيع قالوا : لماحولت القبلة قال ناس : كيف
بـاعـمـالـنـا الـتـي كـنا نعمل في قبلتنـا الاولى ؟ وكيف من مات من اخواننا قبل ذلك ؟ فانزل اللّه
الايات «387» .

وروى الطبرسي في «الاحتجاج » عن العسكري (ع ) قال : لما كان هوى اهل مكة في الكعبة اراد
اللّه ان يبين متبعي محمد ممن خالفه باتباع القبلة التي كرهها هو ومحمد يامر بها ولما كان هوى اهل
المدينة في بيت المقدس امرهم بمخالفتها والتوجه الى الكعبة ليبين من يوافق محمدا فيما يكرهه قال
: ذلك في قوله : ( وما جعلنا القبلة التي كنت عليها الا ) «388» .

آيات اخرى من سورة البقرة :.

مر ان بني العفرا كانوا قد عقدوا مجلس عزا على ابنائهم الشهدا عوف ومعوذ, وان سودة زوج النبي
كانت قد حضرت ماتمهم ذلك اذ دخل رسول اللّه المدينة راجعا من بدر.

وقد مر آنفا ان تحويل القبلة من المقدس الى الكعبة كان بعد بدر, ونزلت بشانه آيات هي لعلها العشرة
مـن الايـة 142 الـى الايـة 152 مـن سـورة الـبقرة آخرها قوله سبحانه : (فاذكروني اذكركم
واشكروا لي ولا تكفرون ).

/ 31