شیعة فی ایران دراسة تاریخیة منذالبدایة حتی القرن السابع الهجری نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شیعة فی ایران دراسة تاریخیة منذالبدایة حتی القرن السابع الهجری - نسخه متنی

رسول جعفریان؛ مترجم: علی هاشم الأسدی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



ثم اصبح التشيع في هذه الاسرة مبدا ثابتا بعده حتى قال المامقاني : المنسوبون الى عبداللّه كثيرون , و اكثرهم صلحا و لهم اتصال بالائمة ـ عليهم السلام ((458)) .


و نـقـل الكشي ايضا روايات عديدة تتحدث عن لقا عمران بن عبداللّه بن سعد,و عيسى بن عبداللّه
الامام الصادق ـ عليه السلام ((459)) .


هوية التشيع في قم .

هوية التشيع
في قم .



يستشف من كلام الحموي ان اول شيعي نزل في تلك الديار كان اماميا و هذاالاصطلاح يعني الايمان بـالتشيع الاثني عشري فكان الشيعة هناك قد عرفوا بمتابعتهم الائمة الطاهرين ـ عليهم السلام ـ و
التسليم بامامتهم و اذا ما استشهد احد الائمة , كانوايلتحقون بالامام الجديد بعده بما عرفوه من آيات
تـدل عليه و هكذا واصلوا نهجهم حتى عصر الغيبة الصغرى اذ كانوا على اتصال دائم بنواب الامام
المهدي ـعليه السلام .


ونستعرض فيما يلي نقطتين يمكن ان نجد فيهما عونا للكشف عن هوية التشيع في قم :.


الاولـى : الاتـصـال بـالائمـة : حـسـبنا من اتصال القميين (و هم الاشاعرة الذين عرفوابالقميين
تـدريـجـا((460))) بـالائمة ما نقلته لنا كتب الرجال الشيعية من ان عددا منهم كانوا من اصحاب
الائمـة ((461)) , و احـد هـؤلا هـو عـبـدالـعـزيـز بـن الـمـهـتدي الذي كان وكيلا للامام
الرضاـعليه السلام ـ على ما نقل ابن شاذان .


يضاف الى ذلك ما نطالعه في كتب الحديث من روايات كثيرة في فضيلة قم و اهلها.


و بـلـغـت هـذه الـروايات من الكثرة ا ننا اذا انكرنا عددا منها, فلا يسعنا ان نردهاكلهاو نقرا في
روايـات اثـرت عـن الامام الصادق ـ عليه السلام ـ ان قم ملجا الشيعة وملاذهم ((462)) و هذا
طـبيعي للغاية اذا ما علمنا ان قم كانت بعيدة عن عاصمة الحكومة , وا نها عرفت بانتشار التشيع في
ربـوعـهـا, فـلابـد ان تـكون ملاذا لاصحاب الائمة و دعم الشيعة في قم من قبل الامام الصادق ـ
عليه السلام ـ هو كدعم الفكر السائد في تلك الحاضرة الى حد كبير.


و جـا فـي رواية اخرى عن الامام الصادق ـ عليه السلام : ((قم بلدنا و بلد شيعتنا ((463)) ))و
ورد ايـضـا : ((و ان لـنـا حـرمـا وهـو بـلـدة قـم ((464)) )) و اثـر كـذلـك :((اهـل قـم
انصارنا ((465)) )).


و طـلـب من الشيعة ان ياووا الى الكوفة , و قم و اطرافها عند انتشار فتن العباسيين , لان ((في قم
شيعتنا و موالينا ((466)) )) و سميت قم في رواية اخرى : ((كوفة صغيرة ((467)) )).


و يـستشف من روايات عديدة ان اتصال القميين بالائمة كان يزداد على كرورالايام و نقل عن الامام
الـعـسـكـري ـ عـلـيـه الـسـلام ـ ا نـه كـتب اليهم , و الى اهل آبه كتابا دعا فيه ان يكرمهم اللّه
بـهـدايته ((468)) و اثر عن الامام الجواد ـ عليه السلام ـ في جوابه عن كتاب بعثه اليه علي بن
مهزيار ا نه علم بمحنة القميين , و دعا لهم قائلا : ((خلصهم اللّه و فرج عنهم ((469)) )) و نقل
ايـضا ان الحسين بن روح احد نواب الامام المهدي ـ عليه السلام ـ انفذكتاب التاديب الى قم , و كتب
الـى جـماعة الفقها و قال لهم : انظروا في هذا الكتاب , وانظروا فيه شي يخالفكم , فكتبوا اليه ا نه
كـلـه صـحـيح الا مسالة جزئية واحدة ((470)) وهكذا كان تنسيقهم مع الائمة ملموسا تماما و
يـسـتشف من روايات اخرى ا نهم كانوايترددون على الامام الرضاـ عليه السلام ((471)) و ورد
ايـضـا ا نهم كانوا اول من بعث الخمس للائمة ـ عليهم السلام ((472)) و ذكرالشيخ قوام اسلامي
ثـلاثـا و اربـعـين فضيلة لقم و اهلها استنادا الى مااثر من روايات ((473)) و جا في مصدر من
مـصـادر اهـل السنة ان ابا موسى الاشعري سال الامام عليا ـ عليه السلام ـ عن افضل الاماكن عند
نـشـوب الـفـتنة , فقال : منطقة الجبل , ثم خراسان , ثم قم و هي اسلمها ((474)) و نقل في رواية
اخرى ايضا: ((لولا القمييون لضاع الدين ((475)) )).


و اخيرا, نقل الكشي روايات حول وفود عمران , و عيسى ابني عبداللّه القمي على الامام الصادق ـ
عليه السلام ((476)) .


الثانية : اقوال المؤرخين والجغرافيين .


ان الـمـصـدر الاخـر الـذي يـمكن ان نستهدي به للتعرف على الهوية الشيعية للقميين هوما ذكره
الـمؤرخون و الجغرافيون حول عقائد اهلها فقال القزويني : ((اهلها شيعة غالية جدا)),و يستخدم
هـذا الـكلام للتعبير عن التشيع العقيدي ((477)) و نقل القزويني قصة تدل على عدم وجود سني
واحد في تلك المدينة .


و ذكر المقدسي ايضا ان اهل قم شيعة غالية ((478)) .


و كـتـب البلخي ان اهل قم كلهم شيعة , و الغالب عليهم العرب ((479)) و نقل ابن حوقل كذلك ان
الـتـشيع هو المذهب الغالب على قم ((480)) و قال في عبارة اخرى : ((و جميع اهل قم شيعة لا
يغادرهم احد والغالب عليهم العرب و لسانهم الفارسية ((481)) )).


و قال المستوفي (720 ه ) : ((الناس هناك شيعة اثناعشرية , و هم متعصبون للغاية ((482)) ))و
يـسـتـخـلص من معلومات تاريخية اخرى ان مذهبهم الرفض , و المقصودهنا ـ طبعا ـ هو التشيع
الامـامـي ((483)) و قـال ابـوالـفـدا: و في سنة 83 هـ بنى عبداللّه بن سعدان , والاحوص , و
اسـحاق , و نعيم , و غيرهم قم و اظهر التشيع فيها موسى بن عبداللّه بن سعدان ((484)) و اشار
مؤلف حدودالعالم الى تشيع القميين ايضا ((485)) و كتب القاضي نوراللّه قائلا: قم مدينة عظيمة ,
و بـلـدة كـريـمة و هي من الامصار التي كانت داراللمؤمنين نهض منها كثير من العلما والفضلا و
مـجـتـهدي الشيعة الامامية ((486)) و تطرق آدم متز الى مدينة قم بوصفها احدى المدن الشيعية
الـمهمة ((487)) و نلحظ في كتب المتاخرين هذا المضمون ايضا ((488)) و يدل ذلك كله على
ان مـذهـب تـلك المدينة هوالمذهب الاثناعشري كما يدل على ان هذا المذهب لم يتغير على امتداد
الاباد و الازمان وهو ما ثبته الكتاب المذكورون على اختلاف عصورهم .


و كل من كان يسمع باسم قم , فان التشيع يتوارد في ذهنه مباشرة و لما كانت اصفهان وقم تقفان على
طـرفـي نـقـيض , لذلك كان الصراع قائما بينهما و كان اسم قم يقض مضاجع الاصفهانيين و جا في
حـكـايـة ان اصـفـهـانـيا سال رجلا: من اين انت ؟ فقال : من مدينة قالعي الاسنان ((489)) فحار
الاصـفـهـاني و قال : لا افهم شيئا فقال الرجل : اقصد ا ني ماان اقول : قم , تقول : آه ((490)) .

قم والحكام .

قم
والحكام .



لـما كانت قم باسرها شيعية المذهب , فلا ينتظر منها ان تنقاد للحكام الجائرين الا ا نهااضطرت الى ذلك , و في الوقت نفسه كانت تحاول ان تبدي مقاومتها باي شكل من الاشكال .


و كان اهلها يتهاونون في دفع الخراج , لذلك تعرضوا لمضايقات متكررة يقول مؤلف تاريخ قم في هذا
الـمجال : (( كان اهل قم فقرا, و يجنون محاصيلهم من الغلات عندنضجها, لكنهم كانوا يتثاقلون و
يـتـكـاسلون من دفع الخراج ((491)) )) و جا في هذا الحقل ايضا: (( و كان همهم و هدفهم في
كـسـر الـخراج اذ كانوا يتظلمون منه و هلك منهم جماعة بسبب ذلك و عصوا عمال المامون حتى
وجه اليهم علي بن هشام على راس جيش جرار,فقتلهم , و هدم سور مدينتهم , و دمر منازلهم , وجبى
منهم مالا كثيرا ((492)) .


والـتـمرد الاخر كان في عهد المعتصم حتى اشخص المعتصم علي بن عيسى على راس جيش لهذه
الـمهمة ليدمروا مركز حكومتهم و هكذا الامر ايام المستعين و نشوب الفتنة بينه و بين المعتز, اذ
امـتنعوا من ادا الخراج حتى وجه اليهم المستعين مفلح التركي بعد سنين مضت على عدم ادا الخراج
فبذل المذكور جهوده و جمع منهم مالا كثيرا ثم عادوا الى سجيتهم في زمن المعتمد و تمردوا عدد
سنين و كذلك كانوا في عصر المعتضداذ قاموا بسلب عماله ((493)) )).


و نـقـل ايضا ان الولاة الذين كانوا ياتون الى قم من قبل مركز الحكومة لا يسكنون داخل المدينة و
لـعـل ذلك يعود الى خوفهم من القتل , لما طرق اسماعهم من بروز حوادث القتل سابقا ((494)) و
اثر عن احد الحكام قوله : كنت واليا على قم عدة سنين , فلم يقع نظري على امراة ((495)) .


و جا في احد الاخبار ا نه خلال الفترة التي كانت السيادة تعيش فيها مرحلة الانتقال من الامويين الى
الـعباسيين , و كانت الامور غامضة اذ لم يعلم من الذي سيحكم الناس (العلويون او العباسيون ), وقف
القميون امام احد الجيوش الاموية و قاتلوا, بيد ا نهم اندحروا ((496)) .


و يـستشف من خبر آخر ا نهم كانوا يختلفون عن غيرهم في طاعة السلطان , اذ كانوايتهاونون في
ذلك ((497)) .


و عـنـدما ثار ابوالسرايا باسم ابن طباطبا العلوي , و بعد وفاة ابن طباطبا, بايع شخصاآخر يدعى
محمد بن محمد بن زيد, ارسل الحسن بن سهل وزير المامون اليه هرثمة بن اعين فنشب القتال بينهما
حـتى بان الانكسار على ابي السرايا, و قدم قوم من اهل قم لاسناده و لما راى جند هرثمة القميين ,
تـضعضعوا على حد تعبير البلاذري و استمر القتال بين الجانبين مدة مديدة حتى هزم ابو السرايا و
توجه تلقا البصرة ((498)) .


من هذا المنطلق , و منطلق العناد والمكابرة ضد اهل البيت عليهم السلام بخاصة , كان الحكام يتعمدون
في تعيين ولاة معروفين بانحرافهم الشديد عن اهل البيت ـعليهم السلام ((499)) و كان القمييون
يـبـدون ردود فـعـلـهـم حيال هذه الخطوة حتى اثر ا نهم امتنعوا عن طاعة احد الولاة في العصر
الـعـباسي , و كلما ارسلت اليهم الحكومة واليا, كانوايقاتلونه حتى اضطرت ـ في آخر الامر ـ الى
ارسال الامير الشيعي ناصرالدولة بن حمدان الذي كان اميرالامرا يومذاك و لما شارف ناصرالدولة
قـم , اسـتـقبله اعيانها بالتحف والهدايا و قالوا له : نحن لا نرضى بحكومة على غير مذهبنا, و لكنا
نمتثل اوامرك طوعا ورغبة ((500)) .


قم و الطالبيون .

قم و
الطالبيون .



ان الـضـغوط التي مارسها الحكام الامويون , ثم واصلها العباسيون اكثر ضد الطالبيين ارغمتهم على الـنـزوح مـن اوطـانهم واللجؤ الى ايران و كانت المدن المختلفة في ايران من الشمال الى الجنوب
مـلاجـئ لـهم , غير ان بعضها استقبل اكبر عدد منهم لاسباب خاصة وكانت قم احداها و طبيعيا ان
تـسـتقبل ـ بسهولة ـ ذلك العدد من المهاجرين بما عرفت به من عقائدها الشيعية و سبق ان نقلنا عن
الامام الصادق ـ عليه السلام ـ قوله ان قم ملجاشيعتهم و ملاذهم ((501)) .


و فـي ضـؤ مـا قـالـه الخوانساري , فان مدينتين من مدن ايران اختصتا باكثر قبور اولادالائمة ـ
عليهم السلام ـ و هما: الري , و قم مع ان قبورا اخرى موجودة في سائر المدن كشيراز, و اصفهان ,
و كاشان ((502)) .


و بـلغت اهمية قم درجة ان فاطمة بنت الامام الكاظم ـ عليهاالسلام ـ عندما تحركت نحو خراسان
عبر المناطق المركزية في ايران , و اعتلت في ساوة , سالت : كم بيني و بين قم ؟ فقيل لها : عشرة
فـراسـخ فـامـرت خـادمـهـا ان ياخذها هناك , و اخذها, و نزلت في دارموسى بن خزرج بن سعد
الاشعري ((503)) .


و كـان رائعـا جـدا لاهل قم الشيعية ان يطا احد العلويين ارضهم فهم لم يحبوا العلويين حبا شديدا
فـحـسـب , بـل كـانوا يحبون كل ما يتعلق بهم ايضا و اثر ان دعبل الخزاعي عندمااخذ جبة الامام
الـرضـاـ عـلـيـه السلام ـ لشعر انشده في حضرته , و جا الى قم , فان اهلهااشتروا منه الجبة بعد
الحاح ((504)) .


و كان عشرون علويا مدفونين الى جوار مرقد فاطمة بنت الامام الكاظم حتى سنة385 ه التي الف
فـيها صاحب تاريخ قم كتابه المذكور مضافا الى من دفن منهم في نقاطاخرى من المدينة و كان قبر
فـاطمة ـ عليهاالسلام ـ مهوى افئدة الزائرين من السنة والشيعة , كما نقل الرازي و قال ايضا: ((و
كان ملوك العالم و امراؤه من الحنفية و الشافعية يتقربون الى اللّه بزيارة قبر فاطمة بنت موسى بن
جعفرـ عليهاالسلام ـ ((505)) )).


قم و علما الشيعة .

قم و علما
الشيعة .



كـانـت الاواصر القائمة بين هذه المدينة و بين الائمة ـ عليهم السلام ـ باعثا على انتشارعلوم اهل الـبيت ـ عليهم السلام ـ فيها, الى درجة ان احد اصحاب الائمة الكبار ـعليهم السلام ـ و هو زكريا
بـن آدم كـان قـميا و انتقلت احاديث اهل البيت ـ عليهم السلام ـالى قم بعد ان فقدت الكوفة مكانتها
تدريجا بوصفها اول مركز شيعي ((506)) و اضحت قم منتدى لمحدثي الشيعة لذلك جا الحسين بن
سـعـيـد الاهـوازي الـى الاهـواز فـي الـبـدايـة ,ثـم انـتقل منها الى قم ((507)) و امثال هؤلا
كثير ((508)) .


و كان اهل قم يشعرون بحاجتهم الى علوم اهل البيت ـ عليهم السلام ـ لذلك تحسسوامن علما الشيعة
حـيـثـمـا كـانوا, و طلبوا منهم القدوم الى مدينتهم و من هؤلا : ابو اسحاق مؤلف الكتاب المشهور:
الـغـارات , الذي كان قد ذهب الى اصفهان , اذ دعوه الى قم ((509)) بيد ا نه كان راغبا في البقا هناك
لبث احاديث اهل البيت ـ عليهم السلام ـ لان اصفهان كانت مشهورة بنزعتها السنية آنذاك .


و كان كثير من علما الشيعة المشهورين ينحدرون من هذه المدينة , او ا نهم نشاوا فيهانشاة علمية و
صـاروا مـن كبار محدثي الشيعة و من هؤلا: احمد بن محمدبن علي و اخوه عبداللّه و ابراهيم بن
هـاشـم و احمدبن محمد بن خالد البرقي و محمدبن احمد بن يحيى بن عمران الاشعري , و اخيرا
عـلـي بـن بـابـويـه الـقـمـي الـذي قـال عـنـه النجاشي : ((شيخ القميين في عصره و متقدمهم و
فقيههم ((510)) )).


و مـنـهـم الـشـيخ الصدوق , وهو احد العلما المعروفين عند الشيعة و حاول احد الكتاب ان ينسب
الـكليني , والشيخ الطوسي ((511)) الى قم ايضا في ضؤ معلومات تاولها, وتشبث بكلام صادر عن
ابن شهر آشوب , فذهب الى ان الشيخ المفيد كان قمياايضا ((512)) و يبدو ان كلامه لا يتوكا على
دلـيـل , و لا يثبت لنا شيئا الا كما قال هو نفسه :((ان كل من يهوى , ينسب اولئك الى مدينته )) و قد
سار الكاتب المذكور على هذا النهج فهولم يرد ان يعرض بحثه كبحث استدلالي .


و يـنـبغي ان نقول في المرحوم الكليني ان الرواة القميين والرازيين يشكلون زهاتسعين بالمائة من
اسـناده و لا غرو فان معظم مشايخه كانوا من القميين كمحمد بن يحيى العطار, و علي بن ابراهيم
الـقـمي , و احمد بن ادريس الاشعري , والحسين بن محمد بن عامر القمي و لا جرم ان نسبة الشيخ
المفيد الى قم خطا.


مـن الثابت ـ على اي حال ـ ان قم كانت محفلا لمحدثي الشيعة و كان الاخرون ينتظرون ان يجدوا
الاحاديث الخاصة باهل البيت ـ عليهم السلام ـ فيها و طلب المامون من الريان بن الصلت القمي يوما ان
يـتحدث عن فضائل الامام علي ـ عليه السلام ـ في مجلس عام فتحدث , لكنه لم يجد حديثا احسن مما
سـمـعـه من المامون في هذا المجال دثاري ((513)) )).


و يـستشف من بعض الروايات التاريخية ان علما قم كانوا يدحضون العقائدالغالية و كانوا متشددين
فـي ذلـك لـلـغـايـة حـتى افرطوا احيانا و نقل ان احمد بن محمد بن عيسى , وهو احد محدثي قم
الـمعروفين قام في اواسط القرن الثالث بنفي عدد من الرواة خارج قم لنقلهم روايات غالية , الا ا نه
عدل عن رايه في بعضهم بعد مدة .


و مـن المخرجين احمد بن محمد بن خالد احد محدثي الشيعة المعروفين ثم اعيد الى قم ((514))
و اتـهم محمد بن موسى بن عيسى الهمداني بالغلو ايضا, و رمي بالضعف ((515)) و كان حسين بن
عـبداللّه المحرر في عداد المخرجين ((516)) و كذلك سهل بن زياد, فقد كان منهم , ثم رحل الى
الري ((517)) و لم يابه احد لهذه الضروب من التضعيف كثيرا, الا اذا شمل اشخاصا قد ضعفوا من
طـرق اخـرى و اتـهـم الـخوارزمي القميين بالقول بالتشبيه ((518)) متذرعا ا نهم ذكروا بعض
الـروايـات الخاصة به كما جا في كاشان قول احدهم : ((والغالب عليها الحشو ((519)) )) و في
ذلك اشارة الى توكؤ علماهاتين المدينتين على الاحاديث و ظواهرها و تتماثل هاتان التهمتان نوعا ما
و نـعـلـم ان الـشـريـف الـمـرتـضى ايضا رمى القميين بالنزعة التشبيهية و لعله راى ذلك لنقلهم
بعض الروايات في التشبيه .


بـيـد ان مـا ذكـرناه عن تشدد القميين حيال الغلاة يدفع هذه التهمة عن قم , و يثبت كذب ما قيل عن
وجـود فرقة فيها تعرف بالغرابية كانت تعتقد ان البنت ترث دون غيرها و قيل ان احد القضاة حكم
بـان تاخذ البنت نصف ما ياخذ الولد من الارث , فهددوه بالقتل ((520)) وهذا كلام لا يمكن الركون
اليه ابدا اذ ان الفقه الشيعي ـ الذي كان اكثر علمائه من قم اوكانوا مقيمين فيها ـ يشهد خلاف ذلك .


تاثير التشيع في قم على المدن الاخرى .

تاثير التشيع في قم على المدن
الاخرى .



في ضؤ العقائد التي كانت سائدة في المدن الواقعة قريبا من قم , يمكن الحدس بانتقال التشيع من قم الى تلك المدن و لا نجد صعوبة في قبول هذه الرؤية اذا اخذنا بنظرالاعتبار قوة العلما في تلك المدينة .


و كانت آوه او آبه من المدن المعروفة بنزعتها الشيعية القوية , و لذلك كانت تعيش في صراع دائم
مع ساوه المشهورة بعقيدتها السنية المتعصبة و اشار الحموي الى هذاالصراع , و نقل عن الميمندي
شـعرا يدل على تشيع اهالي آبه ((521)) و قال القزويني : ((اهل آبه كلهم شيعة ((522)) )) و
ذكـر الـمـسـتـوفـي ان اهـالـي سـاوه نـفـسـهـا سـنة , اما اهالي القرى المحيطة بها فهم شيعة
اثناعشرية ((523)) .


و روى الـشـيـخ الـطوسي ان امراة من اهالي آبه ارادت ان تعطي اباالقاسم بن روح ثلاثمائة دينار
بـيـدهـا فجات عنده و اعطته المبلغ ((524)) و كان الامام العسكري ـ عليه السلام ـ يعتني بهم
ايضا ((525)) .


و من المدن الاخرى : كاشان قال القزويني فيها : ((اهلها شيعة امامية غالية جدا)) و اشاربعد ذلك
الى السنة المعروفة في هذه المدينة , وهي انتظار الامام المهدي ـ عجل اللّه تعالى فرجه ((526))
و كـتـب الـحـمـوي قـائلا عنها : ((اهلها كلهم شيعة امامية ((527)) )) و قال المستوفي ايضا:
((الـنـاس فـيـهـا شيعة و اكثرهم ذوو حكمة في تصرفاتهم و لهم طباع لطيفة و يقل فيهاالجهال
والعاطلون ((528)) )).


و كان اهل مهاباد ـ احدى القرى الكبيرة الواقعة في اطراف كاشان ـ شيعة امامية ايضا ((529)) .


و قـيـل ان قـبـر ابـي لـؤلـؤة ـ قاتل الخليفة الثاني ـ موجود في كاشان , و ثمة مقبرة باسمه فيها
كذلك ((530)) لكن هذا القول غير صحيح ابدا, لان المؤرخين اجمعوا على ان ابالؤلؤة انتحر في
الـمـسـجد بعد قتل عمر مباشرة و بغض النظر عن بعض قرى كاشان السنية ((531)) , فقد كان
بعضها الاخر شيعيا اماميا, مثل مهاباد, كما مر بنا ((532)) .


و من هذه المدن : فراهان , اذ كان اهلها شيعة امامية قال فيهم المستوفي : (( و اهلهاشيعة اثنا عشرية
متعصبون جدا ((533)) )).


و منها : تفرش التي يطلق عليها: طبرس احيانا فانها من المدن الشيعية في اطراف قم كتب المستوفي
عن اهلها قائلا : ((هم شيعة اثنا عشرية و كانوا على هذا المذهب منذقديم الايام ((534)) )) و
نقل هذا المؤلف عن مرآة البلدان ((ان القسم الاعظم من سكان تفرش سادة حسينيون )), قيل : انهم
مـن الـسـادة الـذيـن هـاجـروا مـن مكة , و سكنوا هناك ولعل القسم الاكبر من التشيع في مناطق
الجبل ((535)) يعود الى تاثر هذه المناطق بالتشيع الذي كان موجودا في قم .


و فـي ضـؤ هـذه الـنقطة , يستبين لنا ان هذه المناطق كانت منتديات للعلويين , و انتشرالتشيع فيها
بواسطتهم , مضافا الى تاثرها بمدينة قم .


ظهور التشيع و اتساع نطاقه مع مجي العباسيين الى الحكم .

ظهور التشيع و اتساع نطاقه مع مجي العباسيين الى
الحكم .



المعنا سابقا الى تغلغل التشيع في قم و نواصل حديثنا في هذاالفصل عن اتساع نطاق التشيع في ايران , بخاصة في خراسان , من خلال ذكر مقدمة موجزة .


ان احـد الـبـواعـث الـرئيـسة على دخول الاسلام ايران هم العرب الذين توجهوا اليهاقادمين من
الجزيرة العربية , والعراق و هذه حقيقة لا مناص منها و كان عدد العرب المهاجرين في القرن الاول
و الـثاني كبيرا جدا و هاجر هؤلا العرب بدافع الاستيلا على الارض , و بسبب الوضع الاقتصادي
الـمـنـاسـب الذي كانت تتمتع به ايران و اتخذت الهجرة طابعا قبليا, و توزعت القبائل على مختلف
المناطق و راينا فيما تقدم ان العرب الاشاعرة استوطنوا قم و اهتموا بها.


و نـقـل الـيـعـقـوبـي في البلدان معلومات رائعة عن وجود العرب في شتى البقاع الفارسية وذكر
الحواضر التي كان للقبائل العربية فيها حضور ملحوظ فقال في خراسان : و في جميع مدن خراسان
قـوم من العرب من مضر, و ربيعة , و سائر بطون اليمن الا باسه , و شنة فانهم كانوا يمنعون العرب
ان يـجـاوروهـم ((536)) و قـال فـي سـائر الـمـدن : و اهـل شـيـروان اخـلاطمـن العرب
والـعـجم ((537)) اما المدن المشابهة لشيروان فهي حميرة ((538)) , وحلوان ((539)) , و
دينور ((540)) , و قزوين ((541)) , و نهاوند ((542)) .


و كـان اهـل كرج قوما من العجم و الى جانبهم آل عيسى بن ادريس العجلي , و من انضوى اليهم من
سائر العرب ((543)) .


و اهـل قـم الـغـالبون عليها قوم من مذحج , ثم من الاشعريين ((544)) و كان يعيش في فريدن , و
منطقة جرمقاسان ((545)) في اطراف اصفهان قوم من العجم , و قوم من العرب من قبيلة همدان .


و اهـل الري اخلاط من العرب والعجم , و عربها قليل ((546)) و اهل نيسابور ايضااخلاط من
العرب و العجم ((547)) و هكذا الامر في مرو ((548)) .


و فـي هـراة قـوم مـن الـعـرب ((549)) و كـانـت بـوشنج ((550)) , و بخارى ((551)) ,
وقيروان ((552)) من المدن التي عاش فيها العرب الى جانب العجم .


فـاذا حـملنا مثل هذا الانطباع عن سكان ايران وقتذاك اذ كان عدد كبير من العرب يقطن في اكثر
مـدن خـراسـان , و حـتـى في اطراف مدينة مثل اصفهان , فانا نستطيع ان نتابع حديثناعن المسيرة
التاريخية للتشيع في ايران بنحو افضل .


و نـظـرا الى المنزلة التي كان يتمتع بها هؤلا العرب بين العجم المغلوبين , فان مواقفهم كانت تترك
بصماتها على الاخرين طبيعيا و هذه النقطة لافتة للنظر اكثر بخاصة في القضاياالدينية و لما كانوا
يـمـارسون اعمالهم مقتدين بقادتهم و رؤسائهم في المنطقة او في العراق , فقد سجلوا مواقف دينية
مستقلة غالبا, كما ان لهم مواقف خاصة بهم على صعيدالتكتلات الدينية و المذهبية .


امـا الـعـجـم الاخـرون الـذيـن كـانوا يعيشون الى جوار هؤلا العرب , فقد تاثروا بتلك النزعات
والاتـجـاهـات و اغلبهم اعتنق الاسلام متاثرا بهم و هكذا دابهم في الميول والاتجاهات السياسية
والدينية .


و اذا وجـدنـا فـي ايران نزعة دينية سوا كانت سنية , او شيعية او معتزلية , او مارقية ,فينبغي ان
نصرف اذهاننا قبل كل شي الى العرب الموجودين فيها و هذا لا يعني مصادرة دورالفرس اما طبيعة
الامور فهي كما اشرنا.


و عـنـدمـا نرى قبائل همدان او بني عبدالقيس في بعض المناطق الفارسية , فلابد ان نتوقع انتشار
التشيع في تلك المناطق , لان تينك القبيلتين كانتا من القبائل الشيعية في العراق .


و من الجدير ذكره ان كثيرا من هؤلا العرب قد تفرسوا خلال القرن الثاني والثالث و بعدهما, حتى
لـم يـعـد هـنـاك ذكر للنسب والقبيلة و العشيرة بينهم لذلك ينبغي التعامل معهم كفرس و هذا رهين
بدراسة تاريخ التشيع في ايران , او تاريخ تشيع الفرس , اذ لا فرق بينهما اليوم .


ممهدات السيادة العباسية .

ممهدات السيادة
العباسية .



تـقـوضـت اركـان الـدولة الاموية سنة 132 ه فحل العباسيون محل الامويين و حكم منهم سبعة و ثلاثون سلطانا على امتداد خمسمائة و خمسين سنة .


و كـان بـنـو هـاشم كيانا واحدا حتى عام 100 هـ, بخاصة في الشؤون المتعلقة بعبداللّه بن الزبير
خلال السبعينات من القرن الاول و لم يكن هناك فارق بين العباسيين والعلويين , اذكان الناس ينظرون
الـيـهـم كـلـهم على ا نهم بنو هاشم و جمعهم موقف واحد تقريبا, يتمثل بدعم خلافة الامام علي ـ
عليه السلام ـ والعلويين بعده .


و طـفـق العباسيون يمارسون نشاطا مستقلا منذ اوائل القرن الثاني , لكنهم كانوا الى جانب العلويين
حـتـى تلك الفترة , و مارسوا نشاطهم مستغلين المكانة الاجتماعية التي كان يتمتع بها الطالبيون بين
الـنـاس , اذ لم يتيسر لهم التحرك بصورة مستقلة ذلك ان مصداق اهل البيت ـ عليهم السلام ـ بخاصة
في ضؤ حديث الكسا و غيره من الاحاديث ـ هم علي و فاطمة , و الحسن , والحسين ـ عليهم السلام
ـ ليس غيرهم ((553)) .


و كـانت ظلامة العلويين السلاح الرئيس ضد الامويين في تلك البرهة اذ بدات هذه الظلامة بكارثة
كـربـلا, و استمر مسلسلها باستشهاد زيد بن علي عام 122 ه , و ولده يحيى بعد اربع سنين مضت
عـلـى اسـتـشـهـاده و كـان الـناس يكنون احتراما فائقا لال علي ـعليه السلام ـ و يرونهم اولاد
رسول اللّه , لما سمعوه من فضائل اهل البيت ـعليهم السلام من هذا المنطلق , وقف العباسيون الى جانب
العلويين .


و هذه الظلامة ـ كما اشرنا سابقا ـ كانت من البواعث الرئيسة على ازدياد شعبية العلويين في مختلف
الـمـناطق من العراق و ايران و طبيعيا فان اقتران اهل البيت بالكتاب ,الماثور في الاحاديث كثيرا,
يمكن ان يهيئ الاجوا لاجتذاب قلوب الناس في ايران فيتاثروا بما حل باهل البيت من ظلامات .


و هـذا مـا دفـع شـريـحة من الفرس والموالي ان يمارسوا نشاطهم لمصلحة العلويين و لذلك نرى
العباسيين ـ قبل وصولهم الى الحكم ـ يؤازرون ـ بكل تحمس ـالتحرك المضاد للامويين الذي كان
يتمتع باسناد علوي وقتذاك .


و كـانـت اول ثـورة لـلـعلويين في القرن الثاني هي ثورة زيد بن علي بن الحسين ـعليه السلام فقد
تـحرك هذا الثائر ضد الامويين سنة 122 ه منطلقا من الكوفة المقرالرئيس لشيعة اميرالمؤمنين ـ
عليه السلام و يبدو ا نه لم يكن راغبا في الثورة بادئ الامر,بيد ان الشيعة طلبوا منه ان يقودهم , و
قـالوا له : يبايعك مائة الف من اهل الكوفة ,والبصرة , و خراسان ((554)) و نقل عن ابي مخنف ان
ديـوانـه احـصـى خـمسة عشر الف رجل من اهل الكوفة خاصة , سوى اهل المدائن , والبصرة , و
واسط, والموصل , وخراسان , والري , و جرجان , والجزيرة ((555)) .


و كان كثير من هؤلا عربا مهاجرين فالمدائن ـ على سبيل المثال ـ كانت موطنا لقبيلة بني عبد القيس
الـشـيعية و افرادها كلهم بايعوا زيدا ((556)) اما الفرس , فالصحيح هو ا نهم ـبغض النظر عن
انشدادهم الى العلويين من الوجهة الدينية ـ كانوا يحاولون ان يجعلوا من العلويين درعا ضد الامويين
و بعث زيد الى خراسان رجلين يمثلا نه ليمارسا نشاطهماهناك و هما عبداللّه بن كثير الجرمي , و
حسن بن سعد ((557)) .


و يـدل هـذا عـلـى ان الري , و خراسان كانتا من المدن الفارسية المستعدة اكثر من غيرهما لقبول
الـدعـوة الشيعية لا سيما خراسان , فقد كانت لافتة للنظر, اذ ان استعدادهالمعارضة الامويين كان
قـويـا , بخاصة قد شهدت صراعا بين عرب الجنوب و عرب الشمال , مما مهد الارضية للكفاح ضد
الامويين .


و فـر يحيى بن زيد من الكوفة الى المدائن , ثم قدم الري , و اقام فيها مدة , توجه بعدهاالى سرخس ,
و منها يمم خراسان .


يـقول اليعقوبي : ((لما قتل زيد, و كان من امره ما كان , تحركت الشيعة بخراسان و ظهرامرهم و
كـثـر مـن ياتيهم و يميل معهم و جعلوا يذكرون للناس افعال بني امية و ما نالوا من آل رسول اللّه ـ
صلى اللّه عليه و آله ـ حتى لم يبق بلد الا فشا فيه هذا الخبر ((558)) )).


يـدلـنـا هـذا الـكـلام على السبب الذي دفع يحيى بن زيد الى التوجه نحو خراسان اذ كان يامل في
الاسـتـعانة بالطاقات الشيعية الموجودة هناك و كان يتنقل بين مدن خراسان فاقام مدة في هرات , ثم
رحـل الـى الـجوزجان , فالتحق به اهلها, و جماعة من الطالقان ,و فارياب , و بلخ ((559)) و بعد
مـضـي فـتـرة عـلـى وجـوده فـي الـجوزجان استشهد على يدجلاوزة نصر بن سيار, ثم صلب
بعدها ((560)) .


و كـان في استشهاد يحيى اكبر فائدة للعباسيين اذ كانوا يمارسون نشاطاتهم باسم هذه الظلامات , و
يـبـثـون دعـاتـهـم ـ الـذيـن كانوا يثقون بهم ـ بين الناس و كان ابو مسلم الخراساني احد دعاتهم
الـمـشـهـوريـن , و قـد اسـتـغـل و جـاهـة يحيى كثيرا و كان يؤكد في كلامه دائما على طلب
ثاره ((561)) .


و كـان اهـل خـراسـان يحبون يحيى حبا جما و لما اطلق , و فك حديده , جا جماعة من الشيعة الى
الـحـداد الـذي كـان يحتفظ بقيد يحيى , و طلبوا منه القيد و اخيرا اشتروه بعشرين الف درهم , و
قـسـمـوه قطعة قطعة , و اخذ كل واحد منهم قطعة للتبرك بها ((562)) و هذاالتشيع ليس تشيعا
عقيديا بل هو تشيع عاطفي ينطلق من رؤيتهم الى يحيى بوصفه ابن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه و آله
بـيـد ا نـه لـفـت انظار الناس الى اهل البيت , و هيا الاجواللتشيع و بعد استشهاد يحيى , اظهر اهل
خـراسـان الـنـيـاحـة عـلـيـه و لـم يـولـد في تلك السنة مولود بخراسان الا و سمي بيحيى او
بزيد ((563)) .


و في تلك الفترة , نهض ثائر آخر من آل الحسن , وهو محمد بن عبداللّه , اذ كان يمهدالطريق لثورة
اخـرى و كـان ابوه عبداللّه بن الحسن بن الحسن بن علي يبلغ له كثيرا و رضي به رهط من الناس
عـلـى ا نـه مـهـدي اهـل البيت ـ عليهم السلام ((564)) و التف حوله العباسيون انفسهم , و بايعه
الـمـنـصور ((565)) بيد ا نه لما استفحل امر العباسيين , تركوه ,الى ان ثار مرة اخرى في عهد
المنصور سنة 145 ه.


اسلوب العباسيين في استغلال العلويين لاستلام الحكم .

اسلوب العباسيين في استغلال العلويين لاستلام
الحكم .



اشـرنا في تضاعيف البحوث المتقدمة الى ان العباسيين بداوا نشاطاتهم تحت غطاظلامة العلويين و وجـاهـتـهـم عـنـد الـنـاس و في الوقت الذي كانوا فيه الى جانب العلويين حتى انهم بايعوا النفس
الـزكـيـة ((566)) , كانوا يخططون سرا لاستلام الحكم و كانت خراسان ـ على حد تعبيرهم ـ
افـضـل مـكان لدعوتهم و اول من بدا يعمل للعباسيين هومحمد بن علي بن عبداللّه بن عباس اذ انفذ
دعـاتـه الـى خـراسان و قال لهم : اما الكوفة وسوادها فهناك شيعة علي ـ عليه السلام ـ و ولده و
الـبـصـرة , فـعـثـمانية والجزيرة , فحرورية مارقة و الشام , فليس يعرفون الا آل امية و اما مكة
والـمدينة , فغلب عليهما ابوبكر وعمرو لكن عليكم باهل خراسان الـظـاهر و هناك صدورسليمة و قلوب فارغة لم تتقسمها الاهوا, و لم تتوزعها النحل , و لم يقدم
عليهم فساد ((567)) .


بـدات نـشـاطـات هـؤلا, منذ سنة 109 ه فما تلاها ((568)) و تركز عملهم على كشف فضائح
الامويين و جرائمهم في حق آل البيت ـ عليهم السلام ـ و في الوقت نفسه كانوايحترزون من الشيعة
حـتـى ان محمد بن علي نفسه نهى اول دعاته , وهو زياد ابو محمد,عن رجل اسمه غالب , لانه كان
مـفـرطـا فـي حب بني فاطمة ((569)) و يستبين من هذه النقطة ان مودة العلويين كانت موجودة
بـخـاصة في خراسان , و ان كانت على مستوى ضئيل وصحيح ان بني العباس كانوا يتحاشون هؤلا,
بيد ا نهم ـ من حيث لا يشعرون ـ كانوايزيدون عظمة العلويين في قلوب الناس من خلال ذكر ظلم
الامويين ((570)) .


و يذهب ابن طباطبا في الفخري ايضا الى ان خراسان كانت افضل مكان للعباسيين ,لان الشام , و مصر
كـانتا للامويين , والعراق لشيعة علي ـ عليه السلام ((571)) و استطاعت خراسان ان تحقق اكبر
نـجاح في بث الدعايات للعباسيين لما كانت تعيشه من صراع داخلي بين عرب مضر, و ربيعة و بايع
العباسيون العلويين للتمويه على الناس و بعد مدة انتظمت نشاطاتهم على محور الرضا من آل محمد ـ
صـلى اللّه عليه و آله ((572)) و كانوا لايذكرون شخصا خاصا بعينه و ظلت هذه الدعوة قائمة
حتى في السنين الاخيرة من الحكم الاموي عندما حقق ابو مسلم انتصارات باهرة في خراسان و هو
نـفـسـه كـان يـقـول لابـن الـكـرمـاني : ادع الى آل محمد ـ صلى اللّه عليه و آله ـ لكنه لم يذكر
اسـمـاخـاصـا ((573)) عـلـى اي حـال , تـسلم العباسيون زمام الامور تماما في نهاية المطاف و
هـكذاوطدوا دعائم الحكم لانفسهم تدريجا, و على امتداد ثلاثين سنة مستغلين وجاهة آل محمد ـ
صـلـى اللّه عـلـيـه و آله ثم كثفوا جهودهم بعد ذلك لابادة العلويين و كانوا يسعون في تغيير نبرة
كـلامـهم الذي اثر عنهم في دعم مواقف العلويين , و اتخذوا موقفا سنيا محضا وقد جهر المنصور
بذلك قائلا : ((واللّه لارغمن انفي و انفهم و ارفع عليهم بني تيم و بني عدي )).


و نـسـتشف من الاخبار المنقولة ان عقيدته الرسمية اصبحت تفضيل ابي بكر و عمرعلى غيرهما
بعد النبي ـ صلى اللّه عليه و آله ((574)) و هذه الاعمال والتصرفات المستهدية بوجاهة العلويين
لم تصب في مصلحة العباسيين ـ الذين عانوا كثيرا ـ فحسب , بل ـ كما مربناـ عمقت شعبية العلويين
فـي قـلـوب الناس لكن هذه التحركات لم تمثل التشيع العقيدي حتى ان النسبة المئوية لدعم العلويين
كـانت ضئيلة و عندما طلب ابومسلم ,و ابوسلمة من الامام الصادق ـ عليه السلام ـ في رسالتين بعثاها
الـيـه , ان يـاخـذا لـه الـبيعة من الناس , لم يقبل , لا نه كان واثقا ان هذه خدعة , اذ لم يرسل الامام ـ
عـليه السلام ـ مبعوثا عنه الى خراسان ليهيئ له الاجوا الـدعـوة : مـتـى كـان اهـل خـراسـان شـيـعـتـك ؟ انـت بعثت ابامسلم الى خراسان ؟ انت امرته
بلبس السواد ((575)) ))و قال ـ عليه السلام ـفي موضع آخر: ابو سلمة شيعة غيري ((576))
و هـذايدل على ان تعبئة الناس , التي تحققت باسم آل محمد في خراسان , انتهت لمصلحة العباسيين و
لـم يكن التشيع عقيديا فيحدد خطا معينا و دلت الحوادث المتاخرة ان شريحة من الناس ادركت هذه
الخدعة واعتزمت معارضتها, بيد ان الاوان قد فات ((577)) .


حركة عبداللّه بن معاوية بن عبداللّه بن جعفر و ايران .

حركة عبداللّه بن معاوية بن عبداللّه بن جعفر
و ايران .



تـحـرك عبداللّه بن معاوية بن عبداللّه بن جعفر بن ابي طالب في الفترة الواقعة بين ثورة يحيى بن زيد و مجي العباسيين الى الحكم و قد اشرنا اليه سابقا, بيد ا ننا نتحدث هناعن تحركه بالنسبة الى
ايران .


خـرج عـبداللّه في سنة 127 ه ((578)) , و انضم اليه عدد كبير من العباسيين بما فيهم السفاح ,
والـمـنـصور ((579)) و كان اول خروجه في الكوفة ثم سيطر بعد مدة على مدن مختلفة منها :
فـارس , حـلوان , قومس , اصبهان , الري , همدان , قم , و اصطخر ((580)) و كان مقر حكومته في
اصـفهان , ثم انتقل بعد هزيمته الى سجستان ((581)) , و منها فر باتجاه خراسان والعجيب ا نه قتل
((582)) طبيعيا, ا نه ليس اول من قتل على يد دعاة العباسيين
قبل الحكم العباسي و بعده , بل سبقه عبيداللّه بن الحسين بن علي بن الحسين اذ استشهد على يد ابي
مسلم ايضا ((583)) .


استطاعت حركة عبداللّه بن معاوية ان تساعد على انتشار الافكار الشيعية في ايران الى حد بعيد و
مـا قـدومـه الـيـهـا بـعـد ان اشـار عـلـيـه بـعض الناس في الكوفة بالذهاب الى فارس ونواحي
المشرق ((584)) الا دليل على توفر المناخ المناسب لنشر مثل هذه الافكارو نقل ايضا ان الموالي
دعموا حركته ((585)) .


و ذكـرت مـعـلومات متضاربة حول عقائده ((586)) , و لا ننوي هنا دراستها و نقدها اذعرضنا
سـابـقـا نـبـذة يسيرة عنها بيد ان الثابت هو ان اتباعه الاول كانوا من عرب المدائن التي تمثل احد
المقرات الرئيسة للشيعة يومئذ.


استمرار التشيع في خراسان و سائر المدن الفارسية خلال القرن الثاني .

استمرار التشيع في خراسان و سائر المدن الفارسية خلال
القرن الثاني .



عـندما استولى العباسيون على الحكم و احكموا قبضتهم على الامور, ادرك بعض الناس الذين كانوا يتوددون الى العلويين من قبل ا نهم ارتكبوا خطا فادحا فعزموا على رفع لوا المعارضة ضد الحكومة
العباسية ((587)) و قاموا بعدد من الانتفاضات التي حدثت احداها في بخارى سنة 133 ه و تولى
قيادتها شريك بن شيخ المهري ((588)) .


/ 33