شیعة فی ایران دراسة تاریخیة منذالبدایة حتی القرن السابع الهجری نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شیعة فی ایران دراسة تاریخیة منذالبدایة حتی القرن السابع الهجری - نسخه متنی

رسول جعفریان؛ مترجم: علی هاشم الأسدی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


ان مؤسس الحركة الجديدة , او الدعوة الجديدة حسب التعبير المشهور, هوالحسن بن الصباح الذي كـان يـخاف من اسمه اكثر الحكام و الامرا على امتداد حكومته التي دامت قرابة اربعة عقود و ان
الـمـعلومات التي نقلها الجويني تحت عنوان : (سيرة سيدنا) ((1502)) تدل على ان ابن الصباح كان
عـلى المذهب الاثني عشري في بادئ امره ثم عدل عنه بتاثير رجل اسماعيلي في الري يدعى : امير
ضـراب , الـذي اسـتطاع ان يزرع الشك في قلبه و يمهد الارضية لاستقطابه بعد مناقشات متوالية
خـاضـها معه ثم تعرف بعده على رجل يدعى : ابا النجم السراج , فدله على غوامض الدين و استماله
الـى الـمـذهـب الاسماعيلي و بعد ذلك قصد ـ بوصفه اسماعيليا ـ داعي الاسماعيليين في اصفهان :
عـبـدالـمـلـك بن عطاش و بايعه و هكذا تمكن من الاتصال بالتيار التنظيمي للاسماعيلية في مصر
بـواسـطـة عـبدالملك الذي شعر باستعداده الكبير للنمو, فطلب منه التوجه الى مصر لتلقي التعاليم
اللازمة فشد رحاله صوب مصر و وصلها بعد ان تجشم عنا كبيرا في سفره .

و كـان الـحسن قبل ذهابه الى مصر شخصية خاملة الذكر و افادت حادثة منقولة انه كان في بلاط
السلاجقة مدة , ثم ارغم على تركه بدسيسة نظام الملك ((1503)) .

فتوجه الى مصر, و اصبح معروفا تماما بين الشخصيات المصرية المشهورة لذلك رحبوا به ترحيبا
خاصا و قال رشيدالدين : ((عندما وصل الى مدينة مقس القريبة من القاهرة , استقبله وفد من الاعيان
الـمـعروفين و فيهم داعي الدعاة ابو داود, و شريف ظاهرالقزويني ((1504)) )) مما يدل على
مكانة الحسن بن الصباح عندهم .

و كان وفوده على مصر في سنة 471 ه و اقام فيها زها عامين و كان الامام الاسماعيلي المستنصر
بـاللّه الـعـلـوي يـشيد به و يثني عليه , مع ا نه لم يلتقه عن قرب و هذاايضا ينبئ عن منزلته عند
الحكومة المصرية .

و لـعـله لم يرغب في ترك مصر عاجلا لولا الخلاف الذي نجم بين اعضا الحكومة هناك , فارغمه
على مغادرتها و نشا هذا الخلاف عن قرار المستنصر بتعيين ولده نزارخليفة له بعد حكم دام ستين
سـنـة ثـم غير رايه بعد مدة لاسباب معينة , فنصب ولده الاخرالمستعلي مكانه فانحاز جماعة الى
جـانب نزار متذرعين با نه اول من نص عليه ابوه كاسماعيل بن جعفر الذي ادعوا كذبا ا نه اول من
نـص عـلـيـه الامام الصادق ـ عليه السلام ـبالامامة و مال آخرون الى المستعلي فنشب صراع بين
الاثنين , انتهى بمقتل نزار.

و كـان الـحسن بن الصباح الى جانب نزار, فاضطر الى ترك مصر عائدا الى ايران و جاالى يزد و
كـرمـان سـنة473 ه ثم اقام في دامغان ثلاث سنين و تركها متوجها الى باته جرود((وانخدع به
كـثـير من الناس لما كان يبدو عليه من غاية الزهد)) و انشغل بالرحلات العديدة والتبليغ في انحا
متفرقة من سنة 473 ه الى سنة 483 ه , و فيها ذهب الى الموت و مكث فيها ثماني و ثلاثين سنة
لم يخرج من غرفته , و لم يصعد على سطح القلعة الا مرتين ((1505)) .

و كان الحسن بن الصباح قبل توجهه الى الموت ملاحقا من قبل السلاجقة , بخاصة وزير المعارف في
حـكومة ملكشاه و هو الخواجه نظام الملك الذي اصدر اوامره الى حاكم الري بالقا القبض عليه لكن
الحسن لم يرجع الى الري ((1506)) , بل توجه تلقاالموت .

و يـنـبـغي ان نوضح نقطة ترتبط بالاشارة الى عقيدة الحسن بن الصباح الاولى الواردة في (سيرة
سيدنا) ((1507)) قائلين :.

لا يـمـكـننا ان نقطع بمذهبه الاثني عشري اذ ان خصوم الاسماعيلية كانوا يخططون دائمالعرض
الاسـمـاعـيـلـية و التشيع في قالب واحد منسجم تماما, والنظر الى التشيع الامامي كممهد للتشيع
الاسماعيلي في الاقل و كانوا يقولون : التشيع طريق الى الالحاد ((1508)) .

امـا الـشيعة فقد رفضوا هذه النبرة , اما خوفا او رغبة في ابدا معارضتهم حقا, بخاصة عندما اصبح
الالـحـاد رسميا في الموت و ينكر عبدالجليل الرازي هذه المسالة بشدة , و هوالذي الف كتابه في
اوائل القرن السادس حينما كانت الحكومة الاسماعيلية في ذروة عزها و ينكر ايضا اعتناق الحسن
بن الصباح للمذهب الاثني عشري و يقول في الذين ارسوا دعائم الالحاد:.

((احـدهـم رئيس جميع الملحدين و مقدمهم و امامهم و مقتداهم في العقود الثمانية الماضية , و هو
الحسن بن الصباح ((1509)) الجبري بن الجبري الساكن في مستنقع آسن و كان في الري , في حي
المدرس الصوفي عبدالرزاق بياع زميل تاج الملك المستوفي الجبري و لم يسكن في مصلحگاه , و لا
في زاد مهران و يعلم شيوخ الطائفة مذهب ابيه ((1510)) )).

و تـحدث بعد ذلك ايضا عن رؤسا الباطنية الاخرين و اثبت تسننهم اعتمادا على مواطنهم و مساق
ط رؤوسهم يضاف الى ذلك انه ذكر ادلة اخرى طريفة في هذاالمجال و نقل القاضي نوراللّه في رسالة
اوردها في كتابه ان الحسن بن الصباح كتب الى ملكشاه الذي اتهمه بابداع دين جديد قائلا:.

((كـان ابـي امـر مسلما على مذهب الشافعي ارسلني الى المكتب , و برعت في شتى العلوم , بخاصة
عـلـوم الـقرآن و الحديث بعد ذلك ظهر عندي تحمس على الدين و رايت في كتب الشافعي روايات
كثيرة في فضيلة اولاد النبي و امامتهم ((1511)) )).

و تـؤيـد هـذه الفقرة ما ذهب اليه الرازي ايضا فان صحت هذه الرسالة , و قبلنا دليل الرازي , فعلينا
الـتـسـليم بعدم وجود اي علاقة له بالتشيع الاثني عشري و انما ركز هؤلاعلى تشيعه الامامي من
اجل ان يربطوا بين اجزا هذا التيار مستغلين الدعايات المعادية للباطنيين ضد الشيعة كافة .

و عـنـدما استولى الحسن على الموت , استطاع ان يخضع مناطق اخرى لسيطرته باساليب و طرق
مـخـتـلفة و قام قبل كل شي بتوطيد تحصيناته , و توسيع امكانياته في الموت تاهبا لهجمات الحكام
الـسـلاجـقة و يعتبر الارتباط التنظيمي الحركي الذي اوجده من اهم البواعث على اتساع الدعوة
الاسـمـاعيلية و مارس الاسماعيليون نشاطاتهم في شبكات تنظيمية قوية و حاولوا ان يتحركوا و
يـقـومـوا باعمالهم في البداية ملتفين حول الامامة اذ ان لهم عقيدتهم حول الاتصال بالامام و تمحور
الامـامـة و ان وجـود الائمـة الـمستورين معلم او دليل على نوع من الحركة السرية التي رعاها
الاسماعيليون جيداو كانوا يقومون باكبر الاعمال في سرية تامة .

مـن جـهـة اخرى , اختار الحسن العمل الدعائي و التبليغي بوصفه اهم المحاور, و وجه دعاته الى
مختلف الارجا بعد استقراره في الموت ((1512)) و تمكن بواسطتهم ان يستقطب كثيرا من الناس ,
و يخضع كثيرا من القلاع المعروفة في الغرب و الشرق لسلطته وسلطة انصاره .

و حـقـق بـعض الانتصارات مستهديا بالاساليب الحربية والعسكرية , و كان يحاول ان يرسخ اساس
القلاع المغزوة بوجه خاص يقول الجويني : ((احكم الحسن قبضته على كل موضع تلبس بدعوته و
مـن لـم يـلن لتعزيره , فليس امامه الا القتل , والهتك , والنهب ,و السفك , و الحرب و كان ياخذ كل ما
تيسر من القلاع و انى وجد حجرا خليقا بالبنا, فانه يشيد عليه قلعة ((1513)) .

و بـعـث الحسن حسين القايني احد دعاته الى مناطق قهستان في جنوب خراسان سنة484 ه , اي :
بـعـد اسـتـقـراره في الموت بسنة فاستطاع المبعوث ان يخضع عددا كبيرا من القلاع و المناطق
لسيطرته ((1514)) .

و مـن الاسـالـيب الاخرى التي استعملها الحسن بن الصباح : الاغتيال , الذي لجا اليه في البداية لصد
الـعـدوان , ثـم افضى ـ طبيعياـ الى استقطاب كثير من الناس سياسيا ((فكان كل من خاصمه , يكفيه
الفدائيون امره ((1515)) )).

و اسـتـطاع ان يبرز كشبح مخيف للحكام بعد اغتيال الخواجه نظام الملك بوصفه اول اغتيال سياسي
قام به الاسماعيليون و كان نظام الملك ـ كما عبر عنه البعض ـ ((قد وقف بجد لقطع دابر القصور,
واقتلاع جذور الوهن و الكسل و بالغ في التجهيزلاجتثاثهم ((1516)) )) و اصبحت هذه الخطوة
الـتي اتخذها الحسن عبرة للامرا كي يتفادوا الاصطدام بهم يقول الجويني : ((قويت شوكة الحسن
بـن الصباح بعد مقتل الخواجه و موت ملكشاه و كل من خاف بطشه , كان يذهب عنده و بعد ذلك فانه
كان يقتل باستمرارالامرا و قادة الجيوش و الاعيان بمكيدة فدائية و بهذه المكيدة ايضا كان يقضي
على كل من كابره و ناواه ((1517)) .

و لـم تـقـتـصـر هـذه الاغتيالات على الحكام السياسيين , بل شملت ايضا العلما و الفقهاالذين كانوا
يمارسون نشاطات ضد الاسماعيلية , كالفخر الرازي الذي هددوه بالقتل ,فتراجع بعد التهديد, و لم
يتعرض لهم بسؤ ((1518)) و اغتيل ابو جعفر بن المشاط, وهو من شيوخ الشافعية , و كان يدرس
في الري ((1519)) كما اغتيل القاضي ابو العلاالنيسابوري في اصفهان ((1520)) و شملت حملة
الاغـتـيـالات ايـضـا الـقـاضـي ابـا سعد بن نصر الهروي الذي لقي مصيره في همدان سنة
519 هـ ((1521)) , و عـبـدالـلـطـيـف الـذي قـتـل سـنـة 524 هـ , و كان من رؤسا الشافعية في
اصفهان ((1522)) .

و هؤلا كانوا ـ عادة ـ من الذين افتوا بجواز قتل الاسماعيليين و حكموا عليهم بالالحاد.

و اسـتمر هذا الموقف بعد الحسن بن الصباح ايضا و استطاع الاسماعيلييون ان يخلصوا انفسهم من
مـضـايقات السلاجقة الى حد كبير من خلال تسخير فدائييهم للقيام بحملة الاغتيالات و هياوا لهم
جوا من الامن و الهدؤ عبر تخويف السلاجقة .

و عـاش الاسـمـاعـيلييون في صراع متواصل مع السلاجقة طوال الفترة التي حكم فيهاالحسن بن
الـصـباح , و نائبه بزرك اميد و نقل المؤرخون هذه الحوادث في كتبهم , و منهم ابن الاثير و كانت
الـصـراعات الداخلية بين الحكام السلاجقة والخلافات الوزارية الناشبة في حكومتهم قد ساعدت
الاسماعيليين في اوقات عديدة و تكبد الاسماعيليون انفسهم خسائر جسيمة فادحة في غير موطن
ايـضـا بـيد انه على الرغم من جميع الضغوطو المضايقات , فان المغول وحدهم تمكنوا من احتلال
الموت .

و تحدثنا فيما مضى عن عقائد الاسماعيلية بشكل عام و موجز و اشرنا الى ان للاسماعيليين فروعا
خـاصة محدودة جدا حتى الفترة التي اقام فيها الحسن بن الصباح حكومة اسماعيلية في ايران و جل
هؤلا كانوا من الذين اقروا بحاكم مصر اماماحقاو عندما تراجع المستنصر باللّه عن رايه في تعيين
نـزار خـلـيفة له , و نصب المستعلي مكانه , فان عددا منهم لم يقر بامامة المستعلي , و ثبت على امامة
نـزار و اشـتـهـر هؤلا في التاريخ بالنزارية و كان الحسن بن الصباح من انصار نزار لذلك قطعت
علاقته بالفاطميين في مصر, و بلغت درجة ان كلا منهما كان يقوم باستفزازات كثيرة ضد الاخر.

و ثـمـة بـحوث فلسفية تحوم حول العقائد الجزئية للاسماعيلية لا يسع المجال هنالنقلها مفصلا و
نذكر فيما ياتي عددا من العبارات بايجاز لنستبين المبادئ العامة للاسماعيليين يقول الجويني :.

((و سـر هـذه الـدعـوة الزاخرة بالشر ان اتباعها حذوا حذو الفلاسفة في قولهم : ان العالم قديم ,
والزمان غير متناه , والمعاد روحاني و اولوا الجنة و النار, و ما فيهما تاويلات روحانية فقالوا على
هذا الاساس : ان القيامة تحين اذا وصل الخلق الى اللّه , و ظهرت بواطن الخلائق و حقائقها, و رفعت
اعـمـال الـطـاعـة و الـدنـيـا كـلـهـا عـمـل لا حساب والاخرة كلها حساب لا عمل و هذه هي
الروحانية ((1523)) )).

ان الـتـاويل اهم ركن من اركان الباطنية و اشتهر الاسماعيلييون به فالتاويل الروحاني للمعاد الذي
يعبرون عنه احيانا بقيام القيامة في هذه الدنيا امر ملموس جيدا في تعابيرالاسماعيليين , لا سيما في
مراحل خاصة من حكمهم في الموت بيد ان هذا لا يعني ا نهم لم يعتنوا بظاهر الشرع قط, بل كانوا
يعتنون و يهتمون به اهتماما تاما في بعض الحالات .

ان الاخبار التي نقلها الجويني عن مراعاة الحكام الاسماعيليين لظواهر الشرع مقدمة على غيرها و
نـنقل فيما ياتي بالترتيب عباراته حول مختلف الحكام , و كذلك عبارات رشيدالدين يقول : ((لما بنى
الحسن بن الصباح عمله على اساس الزهد, والورع , والامربالمعرف و النهي عن المنكر, لم يجهر
احد بشرب الخمر, و لم يصبه في الدن طول خمس و ثلاثين سنة من حكمه في الموت و بلغ الامر
حـدا انـه طرد شخصا كان يضرب بالعود على القلعة , و لم يسمح له بالعودة الى القلعة و كان له ولد
اسـمه محمد اتهم بشرب الخمر, فامر بقتله (و اشار الجويني سابقا الى قتل ولده الاخر الذي اتهم
بـقـتل حسين القايني ) و علل قتل ولديه بانه كان لا يريد ان يخال احد انه جعل الدعوة لهما و يعضد
هذاانه ارسل زوجته و بنتيه الى ((گرد كوه )) عند المحاصرة و كتب الى الرئيس مظفر يوصيه
بان يغزلن , و يدفع اليهن ما فيه بلغتهن ((1524)) )).

و قال شبانكاره اى ايضا: ((وضع الحسن بن الصباح اساس عمله على الزهد والتقوى لم يبحث عن جاه
و مـنصب و كان يصلي و يصوم و يزكي و كان شديد التمسك بالدين الى درجة انه قتل ولديه باقامة
الـحـد الـشـرعـي عـليهما بسبب شرب الخمر ((1525)) )) ويستشف من كلام رشيدالدين ان
الاسماعيليين كانوا عبادا اتقيا قبل الحسن ((1526)) .

و عـنـدما مات الحسن بن الصباح سنة 519 ه , حل محله نائبه بزرك اميدكيا و كان من زملائه , و
احتل قلعة لمسر و حكم فيها عشرين سنة و كان يراعي ظواهر الشرع كصاحبه يقول الجويني :.

((عـنـدمـا جـلـس بزرك اميد على العرش مع رفاقه الاخرين , فانه سار بسيرة الحسن بن الصباح
عشرين سنة ((1527)) )).

و يقول الجويني ايضا في ابنه الذي كان نائبه :.

((و اقـتدى محمد بن بزرك اميد بالحسن بن الصباح و بابيه في اقامة الشعائر الاسلامية و الالتزام
بالشؤون الشرعية ((1528)) )).

و يـعـد نـائب مـحـمد, و هو نجله الحسن بن محمد اول حاكم اسماعيلي خرج على النظام المالوف
المتمثل برعاية ظواهر الشرع من خلال تمسكه بقاعدة التاويل و اسس نوعا من الحكومة التاويلية
القائمة على اساس الباطنية و الموافقة لهواه يقول الجويني :.

((انـما قام في اول توليه شؤون الحكم بعد ابيه بابطال الشعائر الشرعية و القواعدالاسلامية التي
كانوا يلتزمون بها منذ عهد الحسن بن الصباح ((1529)) )).

و اعـلن الحسن بن محمد هذا عن ((شعائر القيامة )) و قال : ((الان حان يوم القيامة و اليوم حساب
لا عـمـل لـذا مـن عمل بحكم الشريعة في يوم القيامة , و واظب على العبادات والشعائر, استوجب
النكال و القتل و الرجم و التعذيب ((1530)) )).

و جـا بـعـده نجله محمد المعروف بـ((على ذكره السلام )) فكان اكثر غلوا من ابيه و حكم ستا و
اربعين سنة .

امـا جـلال الـدين بن محمد المذكور, فكان عكس ابيه اذ راعى ظواهر الشرع , و اقام علاقات مع
حـكـام بغداد و لذلك عرف بـ((جلال الدين نو مسلمان )) ((1531)) و خلفه نجله علاالدين الذي
انـتهج الالحاد مذهبا ((1532)) و لكن جا بعده ركن الدين خورشاه ـ الذي استسلم لهولاكو, و هو
آخر حاكم اسماعيلي ـ فاقام شعائرالاسلام ((1533)) .

و كـنـا قـد ذكـرنـا سابقا ان الباطنية لا تتنافى مع توجه يتسم بالغلو و عندما تتبدل رعاية ظواهر
الـشـرع الـى اعمال مضادة للشرع بلا مسوغ شرعي و لا تواجه مشكلة من الوجهة العقيدية , فانها
تغذي مثل هذا التوجه في باطنها طبيعيا.

و نقول في حقل العقائد التي كان يتمسك بها الالموتيون : انهم اشتهروا بقولهم : ان معرفة اللّه تتحقق
عـن طـريـق الـمعلم فحسب , لا عن طريق العقل و النظر و لهذا السبب اصبح اسم (التعليمية ) من
اسمائهم .

و شرح الشهرستاني (479 ـ 548) الادلة على هذا الموضوع من نص فارسي نقله الى العربية و
هـو الـذي عاصر الحكومة الاسماعيلية , و اتهم بالميل اليهم و الدعوة الى عقائدهم ((1534)) و
كـان يـنـوي ـ حـسـب رايه ـ اثبات هذا الموضوع المتمثل في امكان معرفة اللّه عن طريق المعلم
الـصـادق فحسب من خلال قوله : ان كل من اثبت اللّه بالعقل والنظر, فانه يقف في مقابل من ينفي اللّه
بالعقل والنظر ايضا ((1535)) و هذاالاستدلال مماثل لاستدلال (كانت ) في عرض القضايا الغيبية
(الـقـضايا المعلقة بما وراالطبيعة ) بوصفها قضايا جدلية الطرفين بيد ان كانت نفى قصور العقل , و
هو يرى ان وجوداللّه يثبت عن طريق العقل العملي بينما يرى الحسن بن الصباح ان ذلك متيسر عن
طريق المعلم الصادق و نقل الجويني عنه في هذا المجال قائلا:.

((انه اوصد باب التعليم والتعلم تماما و قال : ان معرفة اللّه لا تتحقق بالعقل والنظر, بل بتعليم الامام
اذ ان اكـثـر الناس عقلا و لكل امرئ نظر في الدين و لو كان العقل كافيا في معرفة اللّه , لما احتج
احد على غيره في اصل الدين , و لتساوى الناس كلهم اجمعون في ذلك ((1536)) )).

و نتحدث فيما ياتي عن المجرى التاريخي لهذه الحكومة من خلال نظرة توضيحية كلية موجزة :.

بـدات الـحـكـومـة الاسماعيلية اعمالها الرسمية سنة 483 ه اي : عندما بسط الحسن بن الصباح
سيطرته على الموت و استولى الاسماعيلييون في عهده على قلاع اخرى كثيرة في اطراف الموت
و قـهـسـتـان , و كذلك في شيراز و اصفهان و كانت سلطتهم قوية الى درجة انهم قاوموا هجمات
السلاجقة مرات كثيرة , مع ان هلاك بعض السلاطين السلاجقة او وزرائهم كان يساعد في تخفيف
الـضـغـط عـلـى الاسـمـاعـيليين و عندما قتل الخواجه نظام الملك سنة 485 ه , ازدادت قدرة
الاسـمـاعـيـليين يقول فضل اللّه :((تضعضعت شؤون الدولة و اختلت منذ وفاة الخواجه و ظهرت
الـفـوضـى و الاضـطـرابـات فـيـها و في تلك الاثنا, قوي سيدنا و كل من كان فزعا خائفا, التجا
الـيـه ((1537)) و عـندماوصل خبر موت السلطان بعد مضي عدة ايام , رجع القائدان العسكريان
الـسـلـجوقيان اللذان كانا يحاربان الاسماعيليين , و هما قزل سارغ في قهستان , و ارسلانتاش في
الموت وكانت هذه افضل فرصة لتنامي حكومتهم و اتساعها ((1538)) )).

و وقعت قلعة لمسر بايديهم سنة 495 ه , و هي من قلاعهم المشهورة و كانت قوى متفرقة اخرى
تساعد الاسماعيليين ايضا و من هؤلا الامير مظفرالذي كان صاحب الخراج في اصفهان ايام السلطان
مـلكشاه , فانه رحب بعبدالملك عطاش مبعوثا من قبل حكومة الموت , بيد ا نه لما كان عرضة للاتهام
بـالاسـمـاعيلية , خرج من اصفهان فاصبح ذانفوذ كبير و قويت شوكة الحسن بن الصباح و دعوته
بـمظاهرته و معاضدته اذ كان سدامنيعا, و شخصا رفيعا ((1539)) و هو الذي اخذ (كردكوه ),
و ظل فيها اربعين سنة من قبل الحسن بن الصباح ((1540)) .

و عـنـدما مات السلطان ملكشاه , نشب الصراع بين ولديه : السلطان محمد, و السلطان بركياروق و
عـاش الاثنان صراعات طويلة و في غضون تلك الصراعات تمكن احمد بن عبدالملك بن عطاش ان
يـسـيطر على قلعة (شاه دز) بذخائرها, و خزائنها, و اسلحتها,و امتعتها ((1541)) بيد ان هذه
القلعة ابيدت من قبل السلطان محمد بعد ان حكمهااحمد بن عبدالملك اثنتي عشرة سنة .

و استطاع الباطنيون ان يوسعوا نفوذهم في كثير من المناطق خلال تلك الفترة و ضموااليهم بعض
الاشـخـاص الـمـتـنفذين حتى ان وزير السلطان محمد ـ على سبيل المثال ـ و هوسعد الملك ابو
الـمـحـاسن قد صلب في اصفهان بتهمة الالحاد و موالاته ((1542)) علمابان هذه التهمة و امثالها
كانت تلصق بهم احيانا من اجل ضبط اموالهم و وقعت بايدي الاسماعيلية قلاع مختلفة في اطراف الموت و احتل كيابزرك اميدقلعة لمسر التي
كـانـت فـي رودبـار سـنـة 495 هـ و ظـل فـيـهـا عشرين سنة ثم جا الى الموت بعد وفاة ابن
الصباح ((1543)) .

و قام السلاجقة بهجمات عنيفة ضد الاسماعيليين مع مستهل القرن السادس لكنهم تمزقوا و تفرقوا
بـعـد مـوت الـسـلـطـان مـحـمـد سنة 511 ه , و هم الذين وجهوا للاسماعيليين ضربات ماحقة
جدا ((1544)) .

و تـعـرضـت الـمنطقة الاسماعيلية الاخرى قهستان الى ضربات السلاجقة السنجريين ايضا سنة
498 هـ فـقـد هـاجـمهم برغش قائد الجيش في عهد السلطان سنجر و لم يكن معه افراد جيشه
فـحـسب , بل كان معه كثير من المتطوعين المناوئين للاسماعيليين و قام هؤلاباحتلال طبس التي
كـانـت خـاضـعة للاسماعيليين و تدميرها بيد ا نهم استعدوا للصلح بعدمدة على شرط ان لا يجهز
الاسـمـاعـيـلـيـون انـفـسـهـم عسكريا, و لا يدعوا احدا الى مذهبهم فعز ذلك على المتطوعين
للقتال ((1545)) و جات هذه الدعوة الى الصلح نتيجة لتهديد تلقاه السلطان سنجر منهم و راى ذات
فاستعد
للصلح , الا ان الفقها لم يستحسنوا ذلك منه و اتهموه بممالاتهم ((1547)) .

و عندما لوحظ هذا الموقف من السلطان سنجر, فان عمل الاسماعيليين قداصاعد ((1548)) و تم
الاعتراف بهم كقوة لها شانها و اهميتها.

يقول رشيدالدين : ((و زادت قوة النزاريين و الاسماعيليين بعد ذلك و انقادت لهم الحواضر و اهلها
و اسـتـولـوا عـلـى عـراق العجم و آذربايجان , و خراسان , و مازندران ,و ساوه , و جورجيا, و
جيلان ((1549)) )).

و توفي الحاكم الاسماعيلي الاول الحسن بن الصباح سنة 519 ه بعد حكم دام ثماني و ثلاثين سنة
في الموت فتسلم كيابزرك اميد مقاليد الامور.

و جـرت بـيـنـه و بين الحكام السلاجقة اشتباكات كثيرة لم يفقد الاسماعيليون فيهاقلاعهم يقول
رشيدالدين : عندما جلس كيابزرك اميد على العرش مع رفاقه الاخرين , فانه سار بسيرة الحسن بن
الصباح عشرين سنة ((1550)) )).

و اسـتـطـاع هـؤلا فـي تلك الفترة ان يغتالوا اثنين من الحكام العباسيين بواسطة فدائييهم و هذان
الـحـاكمان هما المسترشد, و نجله الراشد و ادى هذا العمل الى (( احتجاب الحكام العباسيين عن
الناس خوفا من البرهان القاطع للنزاريين ((1551)) )).

و اغـتـالـوا ايـضـا عـددا كبيرا من الرؤسا, و حتى القضاة و علما السنة ((1552)) هذاما عدا
الهجمات المتكررة التي كانوا يقومون بها ضد المناطق المجاورة على شكل عصابات و كانوا يغنمون
من ورائها ((1553)) .

لقي كيابزرك اميد حتفه سنة 532 ه , فجا بعده محمد الذي سار بسيرته ثم مات محمد سنة
557 هـ , فـتـولـى شـؤون الـحكم كيا حسن بن محمد بن بزرك اميد الذي اتخذاجرااته بنسخ القواعد
الـشرعية التي كان يتمسك بها الناس منذ عهد الحسن بن الصباح ((1554)) حتى انه قطع نسبه من
بـزرك امـيـد و لصق نفسه بنزار, ليكون اماماحقيقياو في هذه الفترة ذاتها اصبح لقب الملاحدة من
الـقـابهم الحقيقية يقول رشيدالدين :((سموا : الملاحدة لا نهم اهملوا شؤون الدين و تركوا العمل
باركان الشريعة ((1555)) )).

و حـكـم بـعـده مـحمد بن الحسن الذي يمثل امتدادا لخطه و دام حكمه ستا و اربعين سنة ثم تلاه
الـحسن بن محمد الذي لفت انظار الاسماعيليين الى الشريعة مرة اخرى و ((آذى شيعته و وبخهم
عـلـى تركهم العمل بالشريعة , و احيا الصلاة والصيام ((1556)) ))و هو الذي لقب جلال الدين و
حـاول فـي ايـام حكومته ان يرد الاعتبار للاسماعيليين ويزيل عنهم اسم الالحاد من خلال اظهار
التمسك بالاسلام بيد ان نجله علا الدين اعادنهج الالحاد بعده ((1557)) اما ركن الدين فقد اعلن
شعائر الاسلام ((1558)) وحكم ركن الدين خورشاه بن الحسن مدة , الى ان هجم عليهم المغول و
احـتـلوا قلعتهم وعاش خورشاه الى جوار هولاكو فترة ثم طلب منه ان يرسله الى اخيه منكوقاآن
فـي بـلادمـاوراالـنـهـر فـارسـلـه الـى هـناك , و قتله منكوقاآن و هكذا الوى الدهر بالحكومة
الاسماعيلية في ايران .

بسم اللّه الرحمن الرحيم .

اهـلها و استولوا على عراق العجم و آذربايجان , و خراسان , و مازندران , و ساوه , وجورجيا, و
جيلان )).

و توفي لاحاكم الاسماعيلي الاول الحسن بن الصباح سنة 519 ه بعد حكم دام ثماني و ثلاثين سنة
في الموت فتسلم كيابزرك اميد مقاليد الامور.

و جـرت بـيـنـه و بين الحكام السلاجقة اشتباكات كثيرة لم يفقد الاسماعيليون فيهاقلاعهم يقول
رشيدالدين : عندما جلس كيابزرك اميد على العرش مع رفاقه الاخرين , فانه سار بسيرة الحسن بن
الصباح عشرين سنة )).

و اسـتـطـاع هـؤلا فـي تلك الفترة ان يغتالوا اثنين من الحكام العباسيين بواسطة فدائييهم و هذان
الـحـاكمان هما المسترشد , و نجله الراشد و ادى هذا العمل الى ((احتجاب الحكام العباسيين عن
الناس خوفا من البرهان القاطع للنزاريين )).

و اغـتـالوا ايضا عددا كبيرا من الرؤسا , و حتى القضاة و علما السنة هذا ما عداالهجماتالمتكررة
التي كانوا يقومون بها ضد المناطق المجاورة على شكل عصابات و كانوايغنمون من ورائها.

لقي كيابزرك اميد حتفه سنة 532 ه , فجا بعده محمد الذي سار بسيرته ثم مات محمد سنة
557 هـ , فـتـولـى شـؤون الـحكم كياحسن بن محمد بن بزرك اميد الذي اتخذاجرااته بنسخ القواعد
الـشرعية التي كان يتمسك بها الناس منذ عهدالحسن بن الصباح حتى انه قطع نسبه من بزرك اميد و
لـصـق نفسه بنزار ليكون اماما حقيقيا و في هذه الفترة ذاتها اصبح لقب الملاحدة من القابهم الحقيقية
يقول رشيدالدين : ((سموا :الملاحدة لا نهم اهملوا شؤون الدين و تركوا العمل باركان الشريعة )).

و حـكـم بـعـده مـحمد بن الحسن الذي يمثل امتدادا لخطه و دام حكمه ستا و اربعين سنة ثم تلاه
الـحـسـن بـن مـحمد الذي لفت انظار الاسماعيليين الى الشريعة مرة اخرى و((آذى شيعته و و
وبـخهم على تركهم العمل بالشريعة , و احيا الصلاة والصيام )) و هو الذي لقب جلال الدين و حاول
فـي ايام حكومته ان يرد الاعتبار للاسماعيليين و يزيل عنهم اسم الالحاد من خلال اظهار التمسك
بالاسلام بيد ان نجله علا الدين اعاد نهج الالحادبعده اما ركن الدين فقد اعلن شعائر الاسلام و حكم
ركن الدين خورشاه بن الحسن مدة ,الى ان هجم عليهم المغول و احتلوا قلعتهم و عاش خورشاه الى
جـوار هـولاكـو فـترة ثم طلب منه ان يرسله الى اخيه منكوقاآن في بلاد ماوراالنهر فارسله الى
هناك , و قتله منكوقاآن و هكذا الوى الدهر بالحكومة الاسماعيلية في ايران .

الخوارزمشاهيون والميل الى التشيع .

الخوارزمشاهيون والميل الى
التشيع .


كـان الخوارزمشاهيون من السلالات التركية التي بسطت نفوذها على قسم من ايران ,و يشمل هذا الـقـسـم غالبا خراسان و مناطق ماوراالنهر و افغانستان الحالية و وردت اخبارهم مفصلة في كتب
الـتـاريـخ , و منها: تاريخ گزيده جهانكشاى للجويني , و طبقات ناصري و غيرهما و يعد السلطان
مـحـمـد خـوارزم شاه من اهم سلاطينهم و قد تقارن عهده مع حكومة الناصر لدين اللّه في اواخر
الـقـرن الـسـادس الهجري (اعتلى السلطان العرش سنة 596 ه) و كانت المنطقة الخاضعة لحكم
الخوارزمشاهيين مركزا للمذهب السني منذعهد سحيق , مع ان السادة ـ الذين كان اكثرهم من الشيعة
ـ يتمتعون بنفوذ واسع فيها.

كـان الـخـوارزمـشـاهيون آخر حلقة من حلقات الحكومات الايرانية و تمتعوا بسلطة مستقلة في
المناطق الخاضعة لسيادتهم و كانوا تابعين للحاكم العباسي في بغداد من الوجهة الدينية فحسب , و لهم
بـعـض الـمـواقف السلبية من الحكومة العباسية احيانا كاكثرالحكومات المستقلة و ربما ادت هذه
المواقف الى نشوب الخلاف بينهما, و اثارة المشاكل المقلقة لهما معا.

و من الجدير ذكره هنا هو ان الميول و النزعات الدينية كانت تستغل ايضا في هذاالمجال .

و عـنـدما كان السلطان محمد بوصفه اقدر السلاطين الخوارزمشاهيين على راس الامور, ظهرت
خـلافات بينه و بين الناصر لدين اللّه و افضت هذه الخلافات الى استعانة السلطان بالعقائد الشيعية ,
و ان كان الناصر متهما بالميل الى التشيع ايضا.

و يعود قسم من هذه الخلافات ـ كما نقل الجويني ـ الى اتصال الحاكم العباسي بالاسماعيليين , و قتل
احـد افـراد بـطـانـة الـسلطان محمد على يد الفدائيين , و كان مبعوثا من قبل السلطان الى الحاكم
الـعـباسي ((1559)) يضاف الى ذلك , ان روح العناد والغرورالتي كان يحملها السلطان محمد ـ اذ
كـان يـطـمـح الـى بـسـط سـيـطرته على بغداد كالبويهيين ,والسلاجقة ـ اججت نار الخلافات
الـمـذكـورة ((1560)) كما ان السلطان محمد عندماقضى على سلاطين غور بعد غزو غزنين ,
وجد رسائل كان الحاكم العباسي قد بعثها اليهم يحرضهم فيها على حربه ((1561)) يزاد على ذلك
ان الـحـاكـم الـعـباسي قدم مبعوثي جلال الدين نو مسلمان الذي كان يحكم في الموت على مبعوثي
الـسـلطان محمد, و ذلك في احدى سفرات الحج ((1562)) و وجد السلطان محمد ذريعة للتمرد
عـلـى الـحـاكـم الـعـبـاسي و تتمثل هذه الذريعة في شيئين : احدهما: استفتاؤه علما خراسان فيما
فـعـلـه الـحـاكـم مـع مـبـعوثيه , فافتوا ((ان كل حاكم يفعل ذلك لا يستحق الامامة )) و الاخر :
((ان الخلافة لا يستحقها الا السادة الحسينيون اما العباسيون فهم غاصبون ((1563)) )).

و قـال الجويني في موضع آخر من كتابه : (( و استفتى ائمة البلاد فافتوا بعدم استحقاق العباسيين
لـلـخـلافـة , و اسـتـحـقـاق الـسـادة الـحـسـيـنيين لها و من كان قادرا, فلياته ليجعل الحق في
نصابه ((1564)) )).

و ادى هـذا الاجرا الذي اتخذه السلطان محمد خوارزم شاه الى قيام بعض الحكام المحليين بالاعتدا
على المراكز الخاضعة لسلطته , مما دفعه الى الرجوع و قمعهم و عندماتوجه الى بغداد, فانه توقف
فـي مدينة اسد آباد التابعة لهمدان بسبب الثلج و البردالقارص ثم اضطر الى العودة بعد هلاك عدد
كـبـيـر مـن جـنـده و اسـتـنـبـط الـكـثـيرون من هذه الحادثة ا نها معجزة من اللّه لحفظ البيت
الـعـبـاسـي ((1565)) و ثـمـه نـقـطة طريفة ايضا في هذا المجال و هي ان الشيخ شهاب الدين
السهروردي الذي كان احد مبعوثي الحاكم العباسي الى السلطان قد حاول قبل ذلك ان يردع السلطان
عن الذهاب الى بغداد من خلال حديث نبوي شريف ينص على عدم ايذا العباسيين , بيد ان السلطان لم
يقبل منه ذلك ((1566)) .

ان الـشخص الذي اختاره السلطان للخلافة هو احد السادة المشهورين , و يدعى :السيد علا الملك
الترمذي قال المستوفي في هذا المجال : (( و اختار السيد علا الملك الترمذي للخلافة و وجهه الى
الـعـراق لـيـطيح بالحكومة العباسية التي كان يلقى منها العنت و الاذى , و من ثم يجلسه على عرش
الـخـلافـة ((1567)) )) و قـال الجويني ايضا: (( و رشح من السادة الكبار: علا الملك من ترمذ
ليجلسه على عرش الخلافة ((1568)) )).

و جا في المعلومات التي نقلها رشيدالدين : ((ان السلطان عبا جيشه لغزو دار السلام في شهور سنة
و كانت قد حصلت قبل ذلك جفوة بينه و بين الناصر, و وقرت الضغائن والاحقاد في الصدور)).

فحصل السلطان اثر ذلك على فتوى من ائمة البلاد, لا سيما مولانا استاذ البشرفخرالدين الرازي ,
بـعدم احقية العباسيين للخلافة , و ان الخلافة ثابتة للسادة الحسينيين و يرى السلطان ان من الواجب
عـليه تخويل الخلافة لاحد السادة الحسينيين الكفوئين من اصحاب الشوكة و القدرة , و ذلك ليجعل
الـحـق فـي نـصـابه و رشح السيدعلا الملك الترمذي لها, و هو احد السادة الكبار و تحرك بهذه
الفكرة ((1569)) )).

و نقل عن تاريخ الفي ((ان علما السنة صوتوا على ذلك مكرهين , كما هودابهم ((1570)) )).

ان مـن الاسـباب المهمة لهجوم المغول على البلاد الاسلامية , مضافا الى قتل مبعوثي جنكيزخان من
قبل السلطان محمد خوارزم شاه , دعوة الناصر لدين اللّه لهم من اجل القضا على السلطان محمد الذي
كان في طريقهم و قد نقل ابن الاثير هذه الحادثة و ذكرابو الفدا ايضا ان ذلك : ((بسبب ما كان بين
الـنـاصـر و بـيـن خـوارزم شـاه مـن الـعـداوة , لـيـشـغـل (الـنـاصر) خوارزم شاه عن قصد
العراق ((1571)) )).

و ينبغي ان نقول ـ اجمالا ـ ان التشيع كان قد امتد نسبيا بعد سقوط الحكومة السلجوقية , و حتى في
اواخـر عـهـدهـم و هذه الحقيقة واضحة جيدا, لا سيما في كتاب نقض الذي تم تاليفه في مرحلة
متاخرة من الحكم السلجوقي و ذكر الدكتور كامل الشيبي معلومات تتعلق بوضع الشيعة في بغداد منذ
منتصف القرن الخامس حتى سقوطبغدادو كان جل اعتماده فيها على كتاب البداية والنهاية لابن كثير
و نـنقل فيما ياتي ما قاله نصا: ((احتل الجيش السلجوقي بغداد سنة 447 ه , فتم الامر للخليفة , و
انـقـلـبـت الايـة وعـادت الامـور على الشيعة و كانت فاتحة المصائب اعدام شيخهم , و نهب دار
مـتـكـلـمـهـم ابي جعفر الطوسي , و احراق خزانة كتبه و فراره الى النجف ((1572)) و لولا
مـسـالـمـة الـشـيـعـة لـلـجـيـش الـسـلـجـوقـي اثـنا دخوله بغداد, لكان من الممكن ان تحدث
امورجسام ((1573)) .

و لـمـا راى الشيعة ما نزل بهم , انعكس ضيقهم على صورة انقلاب قام به البساسيري (المقتول سنة
451 هـ) حـلـيف آل مزيد من شيعة الحلة و صهرهم سنة 450 ه ((1574)) (كان آل مزيد من
الـشـيـعـة المعروفين و مركزهم الحلة ((552))) غير ان الحركة فشلت على سبيل المثال لعن
الشيعة على منابر خراسان سنة 456 ه ((1576)) و تعدى الامركل الحدود حتى شمل الاعتدا
و الاذى قـبـر الامـام الـحسين ـ عليه السلام ـ سنة 489ه ((1577)) و لما استعاد العباسيون
السلطة من السلاجقة , دار دولاب السياسة من جديد لمصلحة الشيعة , حتى زعم ان الناصر (
575 ـ 622 هـ) كـان يـتـشـيـع ((1578)) وجـعل الشيعة يتنفسون في ايامه بحيث جعل شعراؤهم
((ينظمون الشعر في ثلب الصحابة وتهجين من يحبهم ((1579)) )).

ثم اشار الدكتور الشيبي الى وزيره العلوي الذي قبض عليه في نهاية الامر ((1580)) .

و تـحدث ابن الطقطقي في كتاب الفخري عن هذا الوزير العلوي بالتفصيل و هو السيدنصيرالدين
ناصربن مهدي العلوي الرازي , مازندراني الاصل كان ينوب مدة عن النقيب عزالدين المرتضى القمي
نقيب بلاد العجم كلها و لما قتل النقيب عزالدين , جا الى الحاكم العباسي الناصر و بعد مدة فوض اليه
امور الوزارة و في سنة 604 ه قبض عليه كارها, فاودعه السجن , حتى مات فيه ((1581)) .

يـتـبين مما تقدم ان هذا الرجل المازندراني الرازي الذي تولى النيابة في نقابة العلويين كان شيعيا لا
محالة و كان خليفة رجلا قميا, و لا جرم ا نه كان شيعيا ايضا و هذا الشخص هو مؤيد الدين محمد
بـن محمد بن عبدالكريم برر القمي الذي وزر للناصر, ثم للظاهر,ثم للمستنصر, حتى قبض عليه
الـمـستنصر, و حبسه في باطن دار الخلافة مدة ثم مات و كان ابن العلقمي الشيعي المعروف آخر
وزيـر فـي الـعهد العباسي (تولى الوزارة في ايام المستعصم ((559))) و في زمانه طوح المغول
بالدولة العباسية سنة 655 ه.

ان حضور الوزرا الشيعة معلم على اتساع نفوذ الشيعة في تلك الفترة من فترات التاريخ بخاصة ا نهم
كـانـوا على كفاة تامة لادارة الشؤون الوزارية و كانوا عارفين بالامورالديوانية و في هذا الحقل ,
كانت قم , و كاشان , و آوه , والري تضم هذه النماذج في الحكومة السلجوقية و ما بعدها و قد ذكرنا
اسماهم في بعض المواطن .

و نـخـتم حديثنا عن الشيعة في ايران عند هذه النقطة , آملين ان نوفق الى اعدادموضوعات اخرى
عـن الـمـسـيـرة الـتاريخية للتشيع في القرون التالية , و وضعها في متناول الراغبين في مثل هذه
الدراسات ان شااللّه .

التشيع و سقوط بغداد على ايدي المغول .

التشيع و سقوط بغداد على ايدي
المغول .


تـحـدثـنا سابقا عن تغلغل التشيع في العراق و عندما نقل اميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـعاصمته من الـمدينة الى الكوفة لمواجهة المشاكل العديدة المستجدة في عصره ((1583)) , فانه غرس بذرة
التشيع في هذه المدينة على امتداد اربع سنين ونصف من حكمه , فنمت اشجارها و ان كانت ثمار تلك
الاشـجـار غير كبيرة ((1584)) ,لكن اغصانها رفرفت على جز من العراق في القرن الثاني و ما
بـعـده , الـى ان مـضت برهة من الزمان فامتد التشيع في بغداد بجهود علما الشيعة و على الرغم من
ضـغـوط الـعـباسيين التي مارسوها ضدالشيعة و ضروب الظلم التي انزلوها بهم , و هي لا تحصى ,
فانهم تمكنوا من المحافظة على كيانهم .

و اسـتمر هذا الوضع الى ان دخل البويهيون بغداد في الربع الثاني من القرن الرابع ,فاصبحوا حماة
لـلـشيعة و عملوا على توسيع دائرة التشيع الى جانب بعض العلما كالشيخ المفيد, و ذلك على امتداد
قرن من الزمان ((1585)) .

ثم جا السلاجقة فضيقوا على الشيعة , و حدوا من قدرتهم , بيد ا نهم لم يستطيعوا ان يقضوا عليهم و
تـعـاظـمت قدرة العلويين على مر التاريخ , و لفت الشيعة انظار الاخرين اليهم بوصفهم فرقة دينية
خـطـيـرة فـي بغداد يضاف الى ذلك , ان الحلة اضحت مركزاللتشيع ايضا و كانت منزلة الشيعة و
مـشـاركـتهم في الشؤون السياسية قد اثارتا اهل السنة فانبروا الى مناواتهم والاصطدام بهم و كان
الحكام العباسييون يضيقون على الشيعة غالبا ويقفون الى جانب اهل السنة .

و عندما طفق المغول يعتدون على الشرق الاسلامي , كان الحاكم العباسي يومذاك الناصر لدين اللّه ,
فـاظهر جنوحه الى العلويين و الشيعة , و ذلك من اجل استقطابهم اذكانوا يشكلون قوة يؤبه لها في
بـغـداد, هـذا مـن جـهـة , و من جهة اخرى , اتخذ هذا الموقف متذرعا بان الخوارزمشاهيين كانوا
يعارضون الحكومة العباسية علما بان ميله اليهم قد بلغ حدا ا نه اتهم بالتشيع ايضا.

كـمـا ان ابن الطقطقي قال فيه : انه ((كان يرى راي الامامية ((1586)) )) و كذلك وزراؤه ,فقد
كانوا اما ذوي ميول خاصة الى التشيع , او كانوا انفسهم شيعة .

/ 33