شیعة فی ایران دراسة تاریخیة منذالبدایة حتی القرن السابع الهجری نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شیعة فی ایران دراسة تاریخیة منذالبدایة حتی القرن السابع الهجری - نسخه متنی

رسول جعفریان؛ مترجم: علی هاشم الأسدی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


ان اضـطـراب الاوضـاع الـسـياسية في ايران سمة من سمات اواخر القرن الرابع و اوائل القرن الخامس و كان كل جز منها خاضعا لحكم احد الامرا او الوزرا, و طالما كانت الحروب والمنازعات
قـائمـة بـيـن الامرا و كل من تغلب على صاحبه , فانه يتولى شؤون الحكم اياما و اذا وافته المنية ,
تـتـجدد المنازعات بين ابنائه , فلا يستريح الناس ساعة و نقراان بعض الامرا كانوا يسملون عيون
اخـوتهم و اعمامهم , او يقتلونهم , كما فعل ذلك خلف بن احمد والي سجستان و كرمان , اذ قتل ولده
الوحيد طاهرا من اجل السلطة و كـانـت فـارس , و بـغـداد, و خـوزسـتان تحت حكم البويهيين الذين كانوا يتنازعون فيمابينهم
بـاسـتـمـرار و تـولى بهاالدولة نجل عضدالدولة حكومة هذه المناطق في اواخر القرن الرابع اما
المناطق المركزية من ايران , فقد حكمها فخرالدولة , ثم جا بعده ابنه مجدالدولة و كانت خراسان و
مـاورا الـنهر خاضعة لحكم السامانيين حتى سنة 384 ه ثم هاجمها الاتراك الغزنويون , فانقرضت
الـحكومة السامانية في العقد الاخير من هذا القرن ,و هي التي كانت في يوم ما اقدر حكومة فارسية
مستقلة .

و كانت سجستان و كرمان ساحة للصراع بين البويهيين , والسامانيين , و احفادالصفاريين الذين حكم
منهم خلف بن احمد في تلك المنطقة ردحا من الزمن ثم تعرضت المنطقة المذكورة لاحتلال السلطان
محمود الغزنوي , و خضعت لسيادته .

و كان الصراع بين هذه الحكومات متفاقما الى درجة انها لم تجد مجالا للتفكيربالتكتلات الدينية اذ
كـانـت تعيش في منازعات دائمة بيد اننا نلاحظ بين الامرا,و وزرائهم بنحو خاص , من كان مهتما
بـجـمـع العلما, و المنجمين , والاطبا,والفلاسفة و كان بين هؤلا العلما الملتفين حولهم بعض الفقها
الـذيـن كـان لـكـل واحـدمنهم مذهبه الفقهي الخاص و هؤلا هم الذين كانوا يوجهون الخط الديني
للحكومة الى حد كبير.

و كـان لـلـشـريف الرضي و الشريف المرتضى في هذا العصر تاثيرهما الكبير في تحديدالاتجاه
الـديـنـي , و هـما من علما بغداد الكبار, و من اصحاب الحظوة عند بهاالدولة و بالنظر الى الخلفية
الشيعية عند البويهيين فمن الواضح ا نهم يعملون على نشرالتشيع او يمهدون الارضية ـ في الاقل ـ
لتنميته و تصعيده .

و كان السامانيون مستقيمين في مذهبهم السني , و لهم رغبة في جمع الكتب والعلماو كانوا يحسبون
في عداد الذين وطدوا دعائم التسنن في شمال شرق ايران مع ان قواعد هذا التسنن لم تكن ذات نظم
خـاص يـذكـر, اذ كـان مـذبـذبـا بين التشبيه والتنزيه ,متارجحا بين المذهب الاشعري والمذهب
الاعـتزالي اما الحكام فقد كانت لهم عقائدمختلفة تبعا للاوضاع السياسية , و ما تتطلبه سياستهم في
مـقـابـل الـحـكـام الـعـباسيين , و ماتتركه المناظرات العلمية و الدينية من تاثير عليهم بين الحين
والاخر ((1293)) .

و برز السلطان محمود الغزنوي نجل سبكتكين الذي كان في البداية احد ولاة السامانيين على القسم
الـشـرقـي مـن ايران , ثم استقل بالحكم , و بعد تعزيز سلطته في الشرق , انبرى الى جهاد الكفار,
فحارب كفار الهند برهة من الزمن , و انهمك في اعماله الحربية هناك .

و كـان هـذا السلطان من المتمسكين الاشدا بالمذهب السني , و من المناوئين الالداللتشيع سوا كان
امـامـيـا, او اسـماعيليا او باطنيا ((1294)) و كانت نشاته في مكان ترسخ فيه التسنن و هذا امر
طـبيعي تماما لذلك قال شبانكاره اى : ((اذا سمع ان شخصا في اقصى المغرب سي الدين او المذهب ,
فـانـه يـبذل اقصى جهوده للقبض عليه و اعدم في عهده ما يربو على خمسين الفا من هؤلا الزنادقة
(هذا الاصطلاح لا يشمل الكفار الهندوس طبعا) ((1295)) )).

و كـان عـنـاد السلطان محمود الغزنوي للشيعة واضحا في كثير من تحركاته , و عند مااغار على
الري سنة 420 ه , فانه احرق مكتبة عظيمة فيها لا نها تضم كتبا كثيرة للباطنية ((1296)) .

و كان من ذرائعه التي تشبث بها لسلب اموال الناس , او البطش باعدائه هي تهمة الباطنية و بلغه مرة
ان رجلا من نيسابور كثير المال , عظيم الغنى , فاحضره و قال له : بلغناانك قرمطي ذلك , و قال : لي مال يؤخذ منه ما يراد, و اعفى من هذا الاسم ((1297)) .
و كان القذف بالقرمطية او التبعية لفاطميي مصر ذريعة يلجا اليها كثير من الامراالتابعين للعباسيين ,
بـل الـعـبـاسـيـون انـفـسـهـم كـالـقـادر, و ذلـك لـقـمع الناس او تشويه سمعتهم و عزلهم عن
الـمجتمع ((1298)) و راينا قبل ذلك ايضا ان الحكومة العباسية اتهمت يعقوب بالباطنية في القرن
الثالث ((1299)) فيتضح ان هذه التهمة وسيلة بيد العباسيين للاعلام و بث الدعايات .

يقول ابن الاثير في سيرة محمود الغزنوي : ا نه راى اميرالمؤمنين علي بن ابي طالب ـعليه السلام
ـ فـي الـمـنـام , و هـو يقول له : الى متى هذا ؟ فعلم (ا نه يسي الظن به ) و ا نه يريدامر المشهد
الـرضوي فجدد عمارته , بعد ان كان ابوه سبكتكين قد اخربه و كان اهل طوس يؤذون من يزوره ,
فمنعهم من ذلك .

و لـعل هذا يدل على ان سيرته قد تغيرت في اواخر حياته بيد ا نه لا ينسجم مع هجومه على الري
فـي الـسـنـة الاخيرة من حكومته و جملة القول ان سيرته كانت مرتكزة على قمع الباطنيين الذين
يشملون الاماميين و الاسماعيليين و كتب الى احد ولاته مرة قائلا:.

(( لا ابـتـغي من القدوم الى العراق حكومته و السيطرة عليه , اذ ان ما يهمني هو غزو الهندو لكن
الاخبار تواترت علي من المسلمين ان الديلميين قد افسدوا و ظلموا فيه , و احيواالبدعة , و صنعوا
الـسـوابـيـط على الطرق , و اذا مرت بهم امراة جميلة او فتى جميل , فانهم يقتادونهما الى دورهم
قهرا, و يرتكبون معهما الفساد و يشمون ايدي الرجال و ارجلهم , ويخضبونها بالحنا و يقتنون منهم
ما يريدون , ثم يطلقونهم اذا رغبوا و بلغني ا نهم يلعنون اصحاب رسول اللّه ـ عليه السلام ـ جهرة و
, حتى ان ملكهم الذي يسمونه مجد الدولة قدرضي بذلك , و اطلقوا عليه : شهنشاه (ملك الملوك ) و
جـمـع لـه تـسع زوجات و بلغني ان الناس قد اظهروا مذهب الزنادقة و الباطنية في شتى المدن و
المناطق , و هم يتكلمون في اللّه و رسوله بما لا يليق و ينفون وجود اللّه علنا, و ينكرون الصلاة ,
والصوم , والحج ,والزكاة لا يزجرهم المتنفذون عن هذه العقائد الكافرة , و لا هم يسالون المتنفذين
عـن سـبـب لعن الصحابة غزو الهند و ها اني متوجه اليه و فوضت الى الجندالاتراك ـ و كلهم من المسلمين الحنفيين الاطهار
ـ ان يـقطعوا دابر الديلميين , و الزنادقة , والباطنية فمنهم من قتل بالسيف ,و منهم من سجن , و منهم
مـن شرد في ارجا الارض و امرت ان يكون كافة المتنفذين والمتصدين في خراسان من الحنفية او
الشافعية اذ ان كلتا الطائفتين عدوة للروافض , والخوارج , و الباطنية و صديقة الاتراك و نهيت عن
تـعـيـيـن كـاتـب عراقي , اذ ان اكثر الكتاب في العراق منهم و ربما يقلبون الوضع على الاتراك و
((1300)) )).

ان مـن اوضح الملاحظات في هذه الرسالة هي ان المنازعات التي كانت قائمة بين الترك والديلم قد
انـعـكست في قالب السنة و الشيعة و نحتمل ان للخواجه المتعصب دورافي كتابتها كما ان التقارير
الكاذبة التي كان يرفعها السنة الى السلطان محمود قد اثرت في تنظيمها و استغرقت تلك المنازعات
وقتا طويلا, و استمرت في العصر البويهي و اصبحت شيئا مالوفا في بغداد, والبصرة , والاهواز, و
غـيـرهـا من هذه المدن و في الوقت نفسه , فان هذا التوجه معلم على مدى التاثير الذي تركه اعدا
الـشـيـعـة عـلـى الـسلطان محمود في اساة ظنه بالشيعة و ايغار صدره ضدهم , الى درجة ان تلك
الافـتـراات تـنـسـب الـيهم بهذه الضخامة والرسالة برمتها آية على سعي السلطان في قمع الشيعة
والـروافض , والباطنية وهو نفسه يقول : انه ابادهم بقتل اولادهم , حتى ((صفى العراق منهم بهذه
الـخـطة خلال مدة و جيزة )) و يرى ذلك واجبا كلفه اللّه به ((1301)) و يقصد من تحركه هذا
الاغـارة عـلـى الـري , تـلك الاغارة التي نقل عنها بعض المؤرخين المعروفين كابن الاثير, و ابن
خـلـدون ,ا نـه صلب فيها اصحاب مجد الدولة من الباطنية الذين كانوا يقضون وقتهم في المطالعة ,
واحرق كتب الفلسفة , و نفى المعتزلة الى خراسان ((1302)) .

و ذكر ابن كثير ان رسالة وصلت من السلطان محمود الى بغداد سنة 420 ه و جا في مضمونها انه
احـل بـطـائفـة من اهل الري من الباطنية و الروافض قتلا ذريعا و صلبا شنيعا,و انه انتهب اموال
رئيـسـهـم رسـتم بن علي الديلمي فحصل منها ما يقارب الف الف دينار ((1303)) و نظرا الى بخل
الـسلطان و حبه جمع المال , و اتهامه الناس بالقرمطية لنهب اموالهم , فان هذه القصة جالبة للانتباه و
قـال كـرديـزي ايـضـا: ((بلغ الامير محمودا ان الباطنية و القرامطة يكثرون في مدينة الري و
ضـواحـيها فامر باحضار من اتهم بذلك ورجمه و قتل كثيرا منهم , و كبل بعضهم , و اشخصهم الى
خراسان , فماتوا في قلاعها وسجونها ((1304)) )).

و نـقـل الـبيهقي على لسان محمود الغزنوي ا نه قال : ((ينبغي ان نكتب الى هذا الخليفة الخرف اني
تعهدت للعباسيين بصلب كل من وجدته قرمطيا ((1305)) )) و على الرغم من تشدد هذا السلطان ,
لم يتنازل الاسماعيليون عن دعوتهم في زمانه و في ضؤ ما قاله المستوفي ((فان رجلا جا من مصر
بـرسـالـة بـعثها الحاكم الفاطمي الى السلطان محمود واظهر دعوة الباطنية في ايران و استجاب
لـدعـوتـه عـدد كـبير من الناس و ارتقى عمله تماما,فاحضره السلطان و داراه , و اطفا نار الفتنة
بحنكته و تدبيره ((1306)) )).

يتبين من هذا كله ان مهمة السلطان كانت بث السنة بخراسان بنا على توجيهات القادر العباسي له بهذا
الـشان ((1307)) و جا في الكلام الذي فنده عبدالجليل الرازي ما نصه : ((ما اكثر القتل والصلب
فـي عهد السلطان محمود الغازي عليهم عقد المجالس ايديهم في الصلاة , و يكبرون على الميت خمسا ((1308)) )) و نظرا الى هذه المضايقات , عرفت
الـحـكـومـة الغزنوية في شرق ايران بتشددها على الشيعة ((1309)) كما اشتهرت با نها ارست
دعائم المذهب السني في هذه المنطقة بعد السامانيين و لعل عدا السلطان محمود للبويهيين , واحتلاله
الـعـراق يـصـبان في هذا الاتجاه وهو ما ادى الى الحصول على دعم بغداد و تهديدالبويهيين ذوي
الـنزعة الشيعية في الري , و العراق , و طمانة الحاكم السني و تهدئة باله منهم و مات هذا السلطان
سـنـة 421 هـ فـاعتلى العرش بعده نجله مسعود الذي لم يتمتع بسلطة كبيرة , فهزم في حربه مع
الـسـلاجقة و اكتفى السلاطين الغزنويون الاخرون بحكومة غزنة فحسب و امتدت حكومتهم في
غزنة نفسها مائة و خمسا و خمسين سنة على ماذكره المستوفي و كان في وجود بعض العلما الذين
اظـهـروا التشيع , و لو بمستوى تفضيل علي ـ عليه السلام ـ على الاخرين , تمهيد لتنامي الشيعة و
كمامر بنا سابقا, فان التعرف على حب علي ـ عليه السلام ـ كان يفتح الطريق للتشيع و نلاحظ نماذج
من هؤلا العلمافي اواخر القرن الرابع و اوائل القرن الخامس , منهم : ابو عبداللّه الحاكم محمد بن
البيع الضبي الطهماني النيسابوري الذي قال عنه ابن العماد : ((انتهت اليه رياسة الفن بخراسان , لابل
بالدنيا)) و هذا الرجل في عداد الشيعة الذين تهجموا على معاوية كثيرا, علما بان تشيعه ليس اماميا
و لا اسماعيليا, بيد انه في المستوى الذي اشار اليه ابن العماد ((1310)) وكان هذا باعثا على نمو
الافـكار الشيعية و صاحبنا هذا هو مؤلف الكتاب المعروف :المستدرك على الصحيحين لكنه تعرض
للاذى بسبب تكلمه في معاوية , كمانص الذهبي على ذلك ((1311)) .

و عـاش الـشـيعة في جو ارهابي خانق طول الفترة التي حكم خلالها محمود,و مسعودبيد ان جهد
هـذين الحاكمين ـ كما تقدم ـ قد تركز على قمع القرامطة الذين كانوايحملون الهوية الاسماعيلية
لذلك كان السادة الذين يمثلون رمز التشيع يعيشون محترمين مكرمين و طبيعيا ان امتداد التشيع كان
يـفـرض عـلى السلطان محمود, و مسعود ان يصطدما كثيرا بالشيعة و في المقابل , على الرغم من
دفاعهما الشديد عن المذهب السني ,فقد عاش في بلاطهما عدد من نقبا العلويين ايضا ((1312)) و
مـع تـضـييقهم على الاسماعيلية , فقد قال عتبي : تظاهر السلطان محمود بحسن اتباعه للخلافة , و
سـيـرة الامـامـة , و شـعـار دعـوة اهـل بـيـت الـنـبـوة , و اظـهـار كـلمة الحق في اتباع اهل
بـيت الرسالة ((1313)) و كان هؤلا السادة يحترمون عادة , و كانت مودتهم ممهدة لوجودالرفض
في التشيع .

و قال بديع الزمان الهمداني في احد العلويين , و اسمه ابو جعفر محمد بن موسى الذي كان من اعيان
الحكومة السامانية السنية المتعصبة :.

انا في اعتقادي للتسن ـــــ نن رافضي في ولائك .

و ان اشتغلت للولا ـــــ فلست اغفل عن اولئك ((1314)) .

ان الـتقية التي كانت تعد اسلوبا من الاساليب السياسية المهمة للامامية قد ادت دورها في وقايتهم من
الاخـطـار و فـي ضـؤ مـا قـالـه شـبولر, فانهم تمكنوا من المحافظة على مراكزهم من الضغوط
الـمـستشرية على امتداد القرون و الاعصار, و استطاعوا اخيرا ان يكونوامنطلقا لبث هذه العقيدة
فـي ارجـا ايـران بثا ناجحا, على الرغم من مضايقات الغزنويين والسلاجقة الذين احبطوا قسما من
انجازات الشيعة و مكاسبهم من خلال ملاحقاتهم المتكررة لهم ((1315)) .

و شع قبس التشيع باشكال متنوعة في عهد السامانيين والغزنويين , مع تشدد هؤلافي المذهب السني
و مـكافحة الالحاد الاسماعيلي و تمتع العلويون بنفوذ و وجاهة في حكومة السلطان محمود و كان
مـنـهـم بـيـن مقربيه , و منهم الشعرا, من رسخ في قلبه حب علي ـ عليه السلام ـ مقرونا بالصلابة
الشيعية او غير مقرون بها و كان الفردوسي اهم الشعرا في ذلك العصر و عرف بميوله الشيعية مع
قـربـه الـخـاص مـن الـسـلـطـان مـحـمودو ذكرالبعض ا نه كان يركن الى المعتزلة في اصول
الـعقائد ((1316)) , و هذا ما يمكن ان ينسجم مع تشيعه و تدلنا المضامين الموجودة في شعره على
لـون من التشيع العقيدي الذي لم يتعصب له تعصبا شديدا في حياته فحسب , بل كان يخفيه , و يستعمل
الـتـقـيـة بـسـبـب الاوضاع غير المساعدة للجهر بمثل هذه العقائد و نقرا في شعره كلمات نشم
فـيـهارائحة التشيع العقيدي , كوصاية امير المؤمنين علي بن ابي طالب ـ عليه السلام ـ و ننقل فيما
يـاتـي شـيـئا مـن شعره في هذا المجال و تعريبهما: استضئ بكلام نبيك و اقشع عن قلبك الظلمات
بـاشـعـاعه و استنر بما قال صاحب الوحي و التنزيل , و صاحب الامر و النهي [اي : النبي صلى اللّه
عليه و آله و سلم ] ((1317)) .

انـا مـديـنـة العلم و علي بابها, و هذا هو قول النبي نفسه انا عبد قن لال النبي , و مادح لتراب اقدام
الـوصـي اذا كـنت تتطلع الى الاخرة , فخذ مكانك عندالنبي والوصي على هذاولدت و عليه اموت ,
فاعلم ا نني تراب اقدام حيدر الكرار و من كان في قلبه بغض علي ,فليس في العالم اتعس و اذل منه
فليس عدوه الا ابن الزنا, الذي سيذيقه اللّه حرناره ((1318)) .

و قال ايضا و تعريبهما:.

مـن كـان فـي قـلبه بغض علي , فهو ابن زنا و خصم علي غير طاهر المولد, حتى لو كان من اعضا
الايوان و البلاط ((1319)) .

و قال بشان بداية الشاهنامه و تعريبهما:.

ان الفردوسي الطوسي الطاهر المولد ينشد هذه الملحمة و ينضد هذه الجواهرالكثيرة باسم النبي
و علي , لا باسم السلطان محمود ((1320)) .

و قـال فـي موضع آخر و تعريبهما: ا يها الملك محمود ذو النزعة التوسعية , ان لم تخف احدا فخف
اللّه انت ترميني بالالحاد, و تسميني شاة , و انا الليث الضرغام ((1321)) .

و انـشد الشاعر هذين البيتين عندما امتعض منه السلطان , و هدده بالقائه تحت اقدام الفيلة , بعد رميه
بالتقرمط ((1322)) .

و قال في شعر آخر له و تعريبهما : لا ابالي فاني على بصيرة من امري بفضل حب آل محمد و علي
شفيعي محمد, و امامي علي الذي يكفيني في دنياي وآخرتي ((1323)) .

تـدل هذه الاشعار الصريحة على تشيع الشاعر العقيدي و اذا ماورد له شعر في الخلفا,فهو محمول
عـلى التقية اذ ان هذا هو داب الشيعة و ديدنهم وقتذاك , و لا يبدو شيئا عجيباو شاذا ابدا و يظهر
تشيعه اكثر عندما ارادوا دفنه , فقد اعترض المعترضون حتى صاح احد خطبا المنبر ((لا ادعكم
تدفنون جثمانه في مقابر المسلمين , لانه كان رافضيا)) واخيرا, لم يسمحوا بذلك , فدفنوه في احد
البساتين ((1324)) .

و تـحـدث نـظـامي عروضي عن مباينة الفردوسي للسلطان محمود, ثم اشار الى ذهابه عند القائد
شهريار من آل باوند, و نقل عن شهريار قوله : ان السلطان رفض الفردوسي لا نه كان شيعيا مواليا
لاهل بيت النبوة ((1325)) .

السلاجقة والتشيع .

السلاجقة
والتشيع .


الـسلاجقة نسبة الى سلجوق جد السلطان السلجوقي الاول طغرل بك و طغرل هونجل ميكائيل , و قد جا مع اخوته الى ماوراالنهر و بخارى سنة 375 ه ايام حكومة محمود الغزنوي و لما كان هؤلا
مـن الـوجها الكبار في تركستان , احترمهم السلطان كثيراولم تمض مدة حتى استعرت نار الخلاف
بـين الطرفين , فقامت الحرب بين ابنا ميكائيل وبين جيش مسعود الغزنوي في عهد مسعود نفسه , و
كان النصر حليف السلاجقة و اولهم طغرل بك الذي جلس على العرش سنة 429 ه ((1326)) .

و كانت نشاطات الشيعة الامامية , والاسماعيلية مكثفة جدا في القرن الخامس و لماكثرت الدعايات
ضدهم في شرق ايران , و حمل الناس ـ بخاصة ـ نظرة سيئة عن الاسماعيليين , حاولت الحكومات ـ
عبر محاربتها اياهم ـ ان تظهر بمظهر المصلح ,و تضفي على نفسها طابع العفة والنزاهة من الوجهة
الـديـنـيـة يضاف الى ذلك , ان مكانتهاعند الحكام العباسيين رهينة بمحاربتها الفرق الشيعية التي لم
تعترف بالحكومة العباسية قط و كان اعداد الاسر التركية قد تحقق من قبل السامانيين , لا سيما نوح
بـن مـنـصور,والغزنويين ايضا من اجل ابادة الاسماعيليين , والشيعة و لابد ان يترك هذا الاعداد
اثره عليها طبيعيا.

يـقـول الـمـسـتـوفي عن السلاجقة : ((كان السلاجقة من السنة المعروفين بنقاوة دينهم و حسن
اعتقادهم ((1327)) )).

و يـقـول بـاسورث ايضا: كان الطاهريون , و السامانيون , والغزنويون من الحكام المؤمنين بالمذهب
الـسني ايمانا راسخا و كان تطرف الشيعة في غرب ايران والمناطق الواقعة على الساحل الجنوبي
مـن بـحـر الخزر, والسياسة التوسعية للديلميين الذين آمنوابالتشيع في تلك المناطق بوصفه يمثل
واجـهـة اسـتـقلالهم السياسي كل اولئك اثار حكام خراسان للوقوف امام المذهب الشيعي دفاعا عن
المذهب السني ((1328)) و نقرا هذاالموضوع المتمثل بدور الخلافات بين الاتراك والديالمة في
اصـرار الاتـراك عـلـى الـمـذهب السني , في كلمات نظام الملك ايضا بوضوح فهو ينقل على لسان
الـب ارسلان انه قال لكبار حكومته : ((ان اكثر اهل الديلم والعراق سيئو الدين والمذهب و الاعتقاد
والعدا بين الاتراك والديالمة ليس جديدا, بل هو قديم و قد اعز اللّه ـ عزوجل ـ الاتراك هذا اليوم
مـن اجـل ذلـك , و سـلـطـهـم عـلـى الـديـالـمـة , لا نـهـم انـاس مـسلمون نزيهون لا يعرفون
الهوى والبدعة ((1329)) )).

و في هذا المجال ذكر البعض انهم قسوا على ابنا البويهيين قسوة لم تبق لهم ذكرا,و لم يجرا هؤلا
على اظهار نسبهم خوفا من بطش الاتراك .

و جـا عـن طـغرل بك ا نه كان من اهل الاعتزال , و هذا ما يتضارب مع المناخ السني السائد و لذلك
تـسـاهـل مع وزيره , و عين مكانه ابا النصر الكندري (عميد الملك ) الذي كان شيعيا غاليا على حد
تـعـبير القزويني ((1330)) و كذلك كان الامير ابوالفضل العراقي مقربا عنده جدا, ((فامره ببنا
سـور الـري , و قـم , والمسجد العتيق بقم , والمنائر و شيد قبة لقبر السيدة فاطمة بنت موسى بن
جعفر ـ عليهاالسلام ـ ((1331)) )) و عندما دخل طغرل بك بغداد, تعرض لهجوم العامة (السنة )
بـيـنما قام اهل محلة الكرخ الشيعية بحماية اصحابه و طلب عدنان بن السيد الرضي الذي كان نقيبا
للعلويين آنذاك و شكره ثم امرعددا من جنده بحماية الكرخ من هجوم السنة ((1332)) و لكن لا
يـبدو ان هذه المعلومات , بخاصة معلومات القزويني , تدل على تشيع عميد الملك الكندري , اذ نقل في
هذا المجال ايضا ان طغرل بك نفسه امر بعد مدة باضافة الفقرة المعروفة : الصلاة خيرمن النوم الى
اذان الـصبح في محلة الكرخ ذاتها ((1333)) و جا في مواضع اخرى , بعدالاشارة الى عناد عميد
الملك مع الاشاعرة , ان عميد الملك اجيز من قبل طغرل بلعن الروافض و الاشاعرة , فكانوا يلعنون
على منابر خراسان ((1334)) و قال ابن العمادالحنبلي فيه ايضا : ((و ملك طغرل بك العراق , و
قمع الرافضة , و زال به شعارهم ((1335)) )).

ان اكثر المعلومات تفصيلا حول وضع الشيعة في العصر السلجوقي , و ما ذكر من التشدد و التساهل
فـي هـذا الـمـجـال , نقراه في كتاب عبدالجليل الرازي و نحاول هنا ان ننقل ما اورده في كتابه من
الـمـعلومات التي تمتاز بدقة خاصة , لا سيما ا نها قد عرضت مجزاة ,و عكست الحوادث والمسائل
الدقيقة ((1336)) .

كـان ثلاثة من السلاجقة حتى اواخر القرن الخامس من اقدر الحكام المستقلين في البلاد الاسلامية
آنذاك , و قد اخضعوا العالم الاسلامي برمته لسلطتهم تقريبا الا مصرو شمال افريقية و يعد طغرل
بك , و الب ارسلان , و ملكشاه في مصاف سلاطين السلاجقة الاول و جا بعدهم السلطان بركياروق ,
و مـحـمد شاه اللذان حكما مدة والخلافات ناشبة بينهما, الى ان تولى السلطان سنجر مقاليد الامور
مرة اخرى , و حكم حتى اواسط القرن السادس (522 ه).

و جا في احد النصوص التي طالها تفنيد الرازي : ((و لم يسمح لهم (اي الشيعة ) في انشا مدرسة و
خانقاه ايام ملكشاه , و السلطان محمد ـ قدس اللّه روحيهما ((1337)) )).

و رد الرازي على هذا الكلام مشيرا الى المدارس الشيعية , والسادات , و هو يقول : ((اذااردنا ان
نـتوفر على احصا مدارس السادات في بلاد خراسان , و حدود مازندران , و مدن الشام من حلب الى
حران , و من بلاد العراق ((1338)) كقم , و كاشان , و آبه , و متى كانت هذه المدارس , و كم كانت
الاوقاف في تلك المدن , لبلغت طومارات من الكتب ((1339)) )) و يتطرق المولف بعد ذلك الى عدد
مـن المدارس التي كانت موجودة منذ القديم , او التي شيدت في عهد هؤلا السلاطين و معلوماته هنا
رائعة جدا.

امـا الحقيقة فهي ان التشدد كان موجودا في عهد ملكشاه و لذلك عندما ورد في احدالنصوص ((ان
الازرا بـالـرافـضـة قـد بـلـغ مـبلغه في عهد السلطان ملكشاه بالري لـيـؤمـنـوا ((1340)) )), فان الرازي لا ينفي ما جا فيه كذلك جا في نص آخر ان عددا من الذين
يـتـحـدثون في مناقب اهل البيت ـ عليهم السلام ـ قد قطعت السنتهم يومئذ ((1341)) )) و هؤلا
كـانوا ينشدون الاشعار في مدح اهل البيت ـعليهم السلام ـ في كل حدب وصوب و كان هذا التقليد
مـالـوفـا فـي الـقرن الخامس والسادس و في مقابل الشيعة , كان بين السنة ايضا من يتحدث بفضائل
اصحابهم ((1342)) .

و ورد فـي نـص آخـر ايـضا : ((اذا كان عند احد الامرا في عهد السلطان الماضي محمدملكشاه
مختار رافضي , فانه يرشي احد علما السنة ليبلغ الاتراك انه ليس رافضيا, بل هوسني او حنفي ))
و يواصل هذا المتحدث كلامه متاسفا على ما يوصف في عصره ـ لعله كان في اواخر القرن الخامس
و اوائل الـقرن السادس ـ بالقول : ان اكثر ارباب الاتراك ,والحجاب , والبوابين , والفراشين هم من
الرافضة و يفتون على مذهب الرفض , و يبتهجون بذلك بلا وجل و لا تقية ((1343)) )).

ان اهـم وزير في العصر السلجوقي هو نظام الملك و كان من اتباع المذهب السني المتعصبين و هو
الذي اسس المدرسة النظامية للدفاع عن المذهب السني , و بث العقائدالاشعرية و الشافعية و اشتهر
هـذا الـوزيـر بتشدده ضد الفرق الشيعية , لا سيماالاسماعيلية ((1344)) و يتحدث التاريخ عن
مـحاولاته الكثيرة في قمع الباطنية والاسماعيلية , و الى جانبهما الشيعة الامامية و كتابه المعروف
سياستنامه زاخر بسب الشيعة و الاساة اليهم , و خلط فرقهم المختلفة بعضها ببعض و اشير الى هذا
الـتشدد في كتاب بعض فضائح الروافض (الكتاب الذي فنده الرازي ) و قد دحضه الرازي الى حد
ما.

و ورد في نص آخر ما لفظه : ((و في عصر كريم ملكشاهي , كان نظام الملك مطلعا على سر عقيدة
هؤلا فاذلهم و امتهنهم جميعا و كل من ادعى العلم منهم في الري , كحسكابابويه , و ابي طالب بابويه ,
و ابـي الـمـعـالـي امامتي , و حيدر زياتي مكي , و علي عالم ,و ابي تراب دوريستي , والخواجه ابي
الـمعالي نگارگر و غيرهم من الرافضة السبابين , فانه امر باصعادهم على المنابر, و نزع العمائم
مـن رؤوسـهم , و هتك حرمتهم , و الاستخفاف بهم و كانوا يقولون لهم : انتم اعدا الدين و انتم الذين
تـلـعنون اهل السابقة في الاسلام و شعاركم شعار الملحدين (الاسماعيليين ) آمنوا اذا شئتم فكانوا
يؤمنون , ويبراون من مقالة الرفض ((1345)) )).

يـقول المرحوم الرازي حول هذا النص : ((اما جواب ما نسبه الى عهد السلطان ملكشاه ,فنقول : انه
كـذب و افـتـرا, لان السلطان المذكور قد اكرم سادات الشيعة بالعطايا والهداياو ذلك ما تنطق به
خـطـوطـه و تـوقـيـعاته و هي ما زالت موجودة عندهم , و ما فتئواياخذونها و كان احترامهم و
توقيرهم و ترفيعهم اشيا ملموسة و ملحوظة يومذاك ((1346)) )) ثم اشار الرازي في النص الى
مـكـانة العلما المذكورين و شعبيتهم آنذاك , و دل على ان كثيرا منهم كان يحظى باحترام الخواجه
نـظـام الملك و كان لكل واحدمنهم عطاياه و حرمته عند السلاطين والوزرا و هم ليسوا شريحة
يـتـطـاول عـلـيـهـا خـواجـه مـثـل نـظام الملك , و هو الذي كان يغدق عليهم العطا, و يرفق بهم
كـثـيـرا ((1347)) بيد ان ما يتضح من المعلومات التاريخية هو ا نهم كانوا يتشددون على الشيعة
رغـم الاحـتـرام الـذي قـد يـبدونه لساداتهم طبيعيا, اننا ينبغي ان لا نغفل عن ان هذا التشدد كان
يـمـارس غـالـبـا ضد الباطنية و الاسماعيلية الذين كانوا يطمحون الى السلطة والحكم و كان في
ايران مندوب عن الدولة الفاطمية التي كانت قائمة في مصر وفي هذا المجال كانوا يزاولون نشاطهم
و كان الشيعة الامامية اقرب الى السنة من الوجهة العقيدية و الفقهية , و لم يفكروابالحكم ايضا, مما
خفف الضغوط عليهم , مع ا نهم كانوا يتعرضون الى المضايقات دائما ويعود هذا الى ان عامة الناس لم
يفرقوا بينهم و بين الباطنية , بل عدوهما فرقة واحدة , اوا نهما متقاربان جدا.

و عندما تفسح احد الاتراك في المجلس لمختار باطني , و اجلسه الى جواره , وبخه الب ارسلان و
آخذه و لما سيق ذلك الشخص الى الب ارسلان , قال له : يا رجيل ليس حقا تـرى مذهب الروافض مذهبا حسنا حتى تتخذه درعا لمذهبك الباطني السيئ ((1348)) )).

طـبـيـعـيـا, كـان الشيعة انفسهم يحترسون كثيرا, بغية المحافظة على ارواحهم ولم يرغبوافي
الاصـطـدام بالسنة الذين كانوا يشكلون الاكثرية و هذه الاكثرية عندما تتحد مع السلاجقة و نظام
الملك , فمن الطبيعي [ان تكتب في مساجد الشيعة عقيدة اهل السنة المتمثلة بقولهم : ((خيرالناس بعد
رسول اللّه ابوبكر الصديق ((1349)) ))]ان الرافضي من منظار اهل السنة ممر الى الالحاد و قد
تحدث الرازي عن هذه النقطة مفصلا, و اثبت ان بناة الالحاد (الباطنية والاسماعيلية ) ليس لهم اي
عـلاقـة بالشيعة الامامية و اكثرهم كان من المشبهة والمجبرة الذين يتمثلون في فرق اهل الحديث
الـسـنة وواصل كلامه قائلا: ((و قد تحروا في الموت كلها (القلعة المعروفة للاسماعيليين في
شمال قزوين ), فلم يجدوا فيها قميا او كاشيا ((1350)) )).

و كـان الملوك يؤثرون مصالحهم السياسية على مصالحهم الدينية دائما و اذا راوا في احد الاعمال
الـدينية مصلحة سياسية لهم , فانهم يقومون بانجازه و من هذا المنطلق , زوج ملكشاه السلجوقي بنته
خـاتـون سـلـقـم لـلـقـائد الـعـسـكـري عـلـي الشيعي , و وثق بمجد الملك القمي (على مستوى
الـوزارة ((328))))) و مـجـد الملك هذا هو الذي ((قام باعمال خيرية كثيرة و بنى قبر الامام
الحسن , والامام زين العابدين , والامام الباقر, والامام الصادق ـ عليهم السلام و كذلك بنى قبرالعباس ,
والامـام الـكـاظـم , والامـام الـجواد, والسيدعبدالعظيم الحسني بالري و بنى ايضا قبور كثيرمن
الـسادات العلويين والاشراف الفاطميين و زودها بالالات و العدد و الشموع و الاوقاف و ذلك كله
يدل على صفاعقيدته ((1352)) )) و اتهم هذا الشخص ـ الذي كان شيعيا ـ في النص بانه امر بقتل
رجـل ,لان اسـمـه ابـوبـكـر و لما علم ا نه رافضي , اطلقه بيد ان المؤلف يفند هذا الموضوع , و
ينقل قصة مفادها ان مجدالملك كان مدينا لشخصين : احدهما : سني و اسمه عمر, و الاخرشيعي و
اسـمـه عـلـي فاعطى للسني دينه نقدا, و اخر تسديد الدين للشيعي فتعجب الناس قائلين : ((اليس
عـجـيـبا ان ينقد الملك عمر و ينسا عن علي دينه ؟ فـعـلـت ليعلم الناس ان لا تعصب في ملكنا و معاملتنا, و لا غروفاني احترم عليا و احبه و استحسن
الناس هذا منه ((1353)) )).

و يـتـبين من هذه المواقف ان السلطان و امراه كانوا يتصفون بالمرونة حيال السنة او الشيعة و اذا
كان ملكشاه يتشدد ضد الشيعة تشددا خاصا, فان ذلك يعود غالبا الى دورالوزير نظام الملك الذي كان
يحرضه على هذا العمل .

و يـنـقـل نـظـام الملك معلومات عن الب ارسلان مفادها ا نه يذكر اهل العراق والديلم بسؤ الدين و
الـمـذهـب و يـوصـي كبار حكومته ان لا يسمحوا لهم بالتسلل في صفوف الجيش التركي ((لانهم
يـنفذون بين الاتراك تدريجا, و اذا ما نفذوا فقلما يحدث في العراق تحرك , او ينوي الديلميون سؤ
في البلاد و يتحد هؤلا سرا و علانية , و ينهضون لابادة الاتراك ((1354)) )).

و يـقـول الخواجه في موضع آخر : ((لم يجرا احد من المجوس , والنصارى , والروافض في عهد
الـسـلـطان محمود, و مسعود, و طغرل بك , و الب ارسلان على الظهور في الساحة او القدوم عند
الاتراك ((1355)) )).

و يـواصـل كلامه قائلا: ((اذا قدم امرؤ الى احد الاتراك آنذاك مختارا او فراشا او حوذيا,فانه
يـسـال عن مدينته و مذهبه فاذا كان حنفيا او شافعيا, او كان من اهل خراسان وماوراالنهر, او اي
مـديـنـة سنية , فانه يجد ترحيبا عنده و اذا كان شيعيا او من اهل قم , و كاشان ,و آبه , فانه لا يلقى
تـرحيبا من لدنه و يقول له : انا قتلة الافاعي , لا مربوها و اذا سمع السلطان طغرل , والسلطان الب
ارسـلان ان امـيـرا او شـخـصـا تـركـيـا اسـتـمـال رافـضـيـا, فـانهمايوبخانه و يغضبان من
عمله ((1356)) )).

و يـنقل الخواجه قصة حدثت في عهد الب ارسلان , يذكر فيها ان احد مبعوثي وزيرالسلاجقة اتهم
عـنـد شـمـس الـمـلـك ا نـه رافـضـي , فـكـتـب الـى الوزير قائلا: ((اذا سمع (السلطان ) ان
الـجكليين ((1357)) نعتوني بالرفض , هكذا اذا سمع ملك سمرقند(شمس الملك ), فلا آمن على
حـيـاتي و على الرغم من براته , فانه دفع ثلاثين الف دينارمن الذهب , والتمس , و رجا, و اعطى ما
اعـطى كي لا يسمع السلطان عنه شيئا ((1358)) )) و بالنظر الى هذا الموضوع , فان اهل السنة
افادوا فائدة تامة من حكومة الاتراك و اتخذوا من هذه الحكومة وسيلة لقمع التشيع الذي كان حديث
عهد في تناميه يومذاك و بلغ الامر ان احاديث قد وضعت لتمجيد الاتراك , على شرط محافظتهم على
الـمذهب السني الحنفي الـكـعـبة يوما و صاح : اللهم شـرع الـمـصـطفى لوجهك )) فاجابه هاتف من داخل الكعبة قائلا : ((حقاقلت , لازال مذهبك مادام
السيف في يد الاتراك ((1359)) )).

و نستخلص مما تقدم ان الحكومة السلجوقية كانت حامية المذهب السني بلا مرا,مع ان عمل الشيعة
فـي الـشـؤون الانـشائية ـ رغم الضغوط الكثيرة ـ قد ابقى جذوة التشيع متوهجة , مضافا الى ا نه
سـاعد على ارتقائه و اتساع نطاقه ايضا و ما وجود عدد من الوزراالشيعة في الحكومة العباسية و
السلجوقية كهبة اللّه محمد بن علي وزير المستظهر, وسعدالملك الاوجي وزير محمد بن ملكشاه ,
و شرف الدين انوشيروان خالد كاشاني وزيرالمسترشد, و محمود بن ملكشاه , الا دليل ساطع على
ما نقول ((1360)) .

و جـا في تاريخ ايران كمبريج ما نصه : على الرغم من السياسة التي انتهجها السلاجقة ضد الشيعة
يومئذ, فان مراكزهم ظلت متالقة مزدهرة في ايران كما كانت في مناطق اخرى غيرها ((1361))
عـلـمـا ان الاتـهام بالرفض في بعض المناطق كان خطرا الى درجة ان الزمخشري (المتوفى سنة
538 ه) قد ترك الصلاة على آل رسول اللّه فرارا من هذه التهمة ((1362)) .

حركة الاسماعيلية في ايران خلال القرن الخامس .

حركة الاسماعيلية في ايران خلال القرن
الخامس .


عـرفـت الدعايات الاسماعيلية بجاذبية خاصة , اذ كان بمقدورها ان تستقطب الانسان المتصلب في مـذهبه السني , او حتى المنتمي الى فرق اهل الحديث و تجعله في صفوف الاسماعيلية والباطنية و
لـيـس اعتباطا ان نلاحظ تغلغل العقائد الاسماعيلية على صعيدواسع في المراكز التي كان للمذهب
السني اليد الطولى فيها, كساوه , و اصفهان , و قزوين ,و غيرها, و ذلك في اواخر القرن الخامس و
اوائل القرن السادس و كانت خراسان من اهم مراكز الاسماعيلية , اذ ان بعدها عن بغداد جعلها مكانا
مـنـاسبا للباطنية بيد ان عقبات كثيرة قد ظهرت في طريق دعاتهم , اذ جوبهوا بمعارضة شديدة من
قبل السامانيين , و بعدهم الغزنويين , ثم السلاجقة في نهاية المطاف .

و هؤلا جميعا ظهروا في بلاد ماوراالنهر والمناطق الجنوبية منها و على الرغم من هذه المعارضة
الـشـديـدة , فـان الاسماعيليين قد ارصدوا لانفسهم في هذه المنطقة ,و واصلوا حركتهم في القرن
الرابع و نلمس نشاطاتهم المكثفة ايضا في هذه المنطقة و مناطق اخرى غيرها خلال القرن الخامس
و نحاول هنا ان نعرض المعلومات المتفرقة حول نشاطاتهم بشكل منظم :.

لـقد لاحظتم فيما تقدم ان السلطة الحقيقية في خراسان كانت بيد الغزنويين في اواخر القرن الرابع
و اوائل الـقرن الخامس و هم من اكثر الحكام تشددا ضد الباطنية و الشيعة الاثني عشرية في هذه
المنطقة لكننا نشاهد ايضا ان الاسماعيليين لم يتركوانشاطاتهم .

يقول المستوفي : جا رجل تاهرتي ((1363)) من مصر مبعوثا من قبل الحاكم الفاطمي الى السلطان
مـحمود, و هو يحمل اليه رسالة و اظهر هذا الرجل الدعوة الباطنية في ايران و استجاب لدعوته
عـدد كـبـيـر مـن الناس , و بلغ عمله ذروته , فاحضره السلطان وداراه (و الزمه الحجة بادلة و
براهين عقلية و نقلية ) و اطفا نار تلك الفتنة بحنكته وتدبيره ((1364)) )) و نقل العتبي معلومات
مفصلة عن هذه الحركة , و قال : ((بلغ السلطان محمودا ان جماعة قد ظهرت و هي مرتبطة بحاكم
مـصـر ظاهر دعوتها الرفض , و باطنهاكفر محض )) (فامر السلطان ) بجلب افرادها جميعا الى
البلاط حيثما كانوا و لما جلبوا,ربطوهم على الاشجار, و رجموهم في غضون ذلك , قام رجل من
اهـل العراق , ينتسب الى الدوحة العلوية , فاعرب عن عزمه على الذهاب الى السلطان محمود حاملا
الـيـه رسـالة من حاكم مصر و اخيرا افتي بهدر دم الرجل التاهرتي الذي كان قد ادعى ا نه يحمل
رسالة الحاكم المذكور, فقتلوه ((1365)) )).

و جا في مصدر آخر ايضا ((ان سبكتكين قد قطع دابر فساد الباطنية في خراسان ((1366)) ))و
سـبكتكين هذا هو والد محمود الغزنوي الذي كان من غلمان الب تكين ـ احد امرا الدولة السامانية ـ
ثـم انـفـصـل عـنـهم و بعد مضي فترة على وفاته , اصبح سبكتكين اميرا و بذلك تاسست الحكومة
الغزنوية .

/ 33