• عدد المراجعات :
  • 2567
  • 2/24/2015
  • تاريخ :

الآداب المعنوية للوضوء

وضو

 


الأول: ينبغي أن يكون وقوفه للوضوء وقوف في مقام الحمد والشكر لله حيث أذن له ربّ العزة والسلطان بالحضور وهو الآن في مقام تحصيل مقدمات التشرّف لينال هذا الشرف.
الثاني: إذا أخذ غرفة من الماء ليتوضأ فليتفطّن أنه كما يغسل ظاهره بالماء الظاهر الذي هو سبب الحياة لكل حي، كذلك ليغسل باطنه بالعلم وهو الموجب لحياة القلوب والأرواح فينوّر به قلبه وروحه كما في الحديث: "العلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء" . وليغسل  يديه من العيوب ومن حوله وقوته، وليعلم أنه لا حول له ولا قوّة إلا بالله العلي العظيم. كما ويرمز غسل اليد إلى غسل يده عما نهى عنه الشارع وبالخصوص المنهيات التي تتحقق باليد كالسرقة والتعدّي والغصب وأمثالها. ويعني صبّ الماء باليمنى على اليسرى أنه لا بد له من بسط اليد في البذل والعطاء والإيثار في سبيل رضا الله تعالى، ولا يمسك يده. قال تعالى: ﴿لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ .
الثالث: إذا تمضمض فليقل: "اللهم لقّني حجّتي يوم ألقاك وأطلق لساني بذكرك". ومعنى تلك المضمضة التي يطهّر بها فمه من فضول الطعام أنه يطهّر فمه ولسانه من الذكر القبيح ومن فضول الكلام "وفضول الكلام يميت القلب". ومما يجري على لسانه ويخرج من فمه ممّا يمقته الله ويدخله النار كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: "وهل يَكُبُّ النّاس على مناخِرهم في النّار إلّا حَصائِدُ ألسنتهم" . فليزيّن لسانه بذكر الله وتلاوة القرآن.
الرابع: ثم يستنشق، وحقيقته إخراج الكبر والتعالي من دماغه كما يخرج بالاستنشاق فضولات الدماغ من طريق أنفه وينقي مجراه.
الخامس: ثم يغسل وجهه ويتوجّه إلى أن ذلك يرمز إلى بياض الوجه وتحصيل ماء الوجه عند الله سبحانه فيتذكّر قصوره وتقصيره وخجلته وسواد وجهه ويستجير بالله من أن يلقاه سبحانه بهذه الحالة، كما يحكيها تعالى: ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ﴾ . وقال تعالى: ﴿وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ﴾ . وليستح من الله تعالى لمّا رآه حيث نهاه ولمّا توجّه إلى غير مولاه، وقد ورد في الحديث أنه يقول عند غسل وجهه: "اللهم بيّض وجهي يوم تسودّ الوجوه ولا تسوّد وجهي يوم تبيضّ الوجوه".
 السادس: ليتذكّر عندما يغسل اليدين أن باطنه غسل الأيدي من روية الأسباب، وأيضاً هو غسل اليد عن الخلق وتفويض الأمر إلى الله والاستعداد للتمسّك بذيل المحبوب (الله تعالى) وقرع بابه كما قال الإمام علي عليه السلام: "لكل باب رغبة إلى الله منهم يد قارعة" في وصفه لأهل الذكر وعباد الله. وليتذكر أيضاً موقف القيامة وتطاير الكتب وأحوال الناس في ذاك الوقت كما قال تعالى: ﴿فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ﴾  ﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ﴾  فيقول عند غسله اليمنى: "اللهم أعطني كتابي بيميني والخلد في الجنان بيساري وحاسبني حساباً يسيراً". ويقول عند غسله اليسرى: "اللهم لا تعطني كتابي بشمالي ولا من وراء ظهري ولا تجعلها مغلولة إلى عنقي وأعوذ بك من مقطعات النيران".
السابع: ليمسح رأسه من الخضوع لغير الله ومن الكبرياء العارضة له إذ عدّ نفسه شيئاً، وليقل: "اللهم غشّني برحمتك وبركاتك وعفوك ومغفرتك".
الثامن: ويمسح رجليه من المشي إلى دار الغربة وأرض المذلّة (الدنيا)، ويطهّرها أيضاً عن المشي بالكبر، قال تعالى: ﴿وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا﴾ . ويمشي بقدم العبودية والهوان ليصدق عبوديته للرب الرحمن. قال تعالى: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا﴾ .
وعليه التصميم على الثبات في طريق الجهاد وميدان الجهاد الأصغر والأكبر والمشي على الصراط المستقيم، ويقول بلسانه: "اللهم ثبّت قدمي على الصراط يوم تزلّ فيه الأقدام واجعل سعيي فيما يرضيك عني" .


المصدر: کتاب روح العباده


مكانة الشهيد 
الشهادة في الاطار الاجتماعي
الموت عند الاولياء و الصالحين

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)