• عدد المراجعات :
  • 3166
  • 9/30/2004
  • تاريخ :

اسئلة حول الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف
الامام المهدي عجل الله تعالى

ان افاضة القول فى تعريف ائمة اهل البيت(عليهم السلام) ببيان علومهم و فضائلهم و نتائج جهودهم فى مجال العلوم الدينية، و تربية الشخصيات المبرّزة فى مجال العلم و العمل ، و مالاقوه من اضطهاد خلفاء عصرهم ، يحتاج الى موسوعة كبيرة ، و لاجل ذلك طوينا الكلام عن ذلك ، الاّ ان الاعتقاد بالامام المنتظر ، لمّا كان اصلاً رصينا من ابحاث الامامة للشيعة ، و كان الاعتقاد به ـ فى الجملة ـ مشتركاً بين طوائف المسلمين ، رجحنا القاء الضوء على هذا الاصل على وجه الاجمال فنقول :

كل من كان له المام بالحديث ، يقف على تواتر البشارة عن النبىّ و آله و اصحابه ، بظهور المهدى فى آخر الزمان لازالة الجهل و الظلم ، و نشر العلم و اقامة العدل ، و اظهار الدين كله ولو كره المشركون ، وقد تضافر مضمون قول الرسول الاعظم (صلى الله عليه و آله و سلم) :

« لولم يبق من الدنيا الاّ يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم ، حتى يخرج رجل من ولدى ، فيملؤها عدلاً وقسطاً ، كما ملئت جوراً و ظلماً » .

ولو وجد هنا خلاف بين طوائف المسلمين ، فهو الاختلاف فى ولادته ، فان الاكثرية من اهل السنة يقولون بانه سيولد فى آخر الزمان ، لكن معتقد الشيعة بفضل الروايات الكثيرة ، هو انه ولد فى « سرّ من رأى » عام 255 بعد الهجرة النبوية ، و غاب بأمر الله سبحانه ، سنة وفاة والده عام / 260 ، و سوف يظهره الله سبحانه ليتحقق عدله.

و نحن نكتفى فى المقام بذكر فهرس الروايات التى رواها السنة و الشيعة:

1 ـ البشارة بظهوره 657 رواية .

2 ـ انه من اهل بيت النبى الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) 389 رواية  .

3 ـ انه من اولاد الامام على (عليه السلام) 214 رواية .

4 ـ انه من اولاد فاطمة الزهراء (عليها السلام) 192 رواية .

5 ـ انه التاسع من اولاد الحسين (عليه السلام) 148 رواية .

6 ـ انه من اولاد الامام زين العابدين (عليه السلام) 185 رواية .

7 ـ انه من اولاد الحسن العسكرى (عليه السلام) 146 رواية

8 ـ انه يملا الارض قسطاً و عدلاً 132  رواية .

9 ـ ان له غيبة طويلة 91 رواية .

10 ـ انه يعمر عمرا طويلا 318 رواية .

11 ـ الامام الثانى عشر من ائمة اهل البيت ( عليهم السلام )136  رواية .

12 ـ الاسلام يعم العالم كلّه بعد ظهوره 27 رواية .

13 ـ الروايات الواردة حول ولادته 214 رواية .

ولم ير التضعيف لاخبار الامام المهدى الاّ من ابن خلدون فى مقدمته ، وقد فنّد مقاله الاستاذ احمد محمد صدّيق برسالة اسماها « ابراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون »، ( قال بعض المحققين من اهل السنة  ـ ردا لمزعمة ابن خلدون ـ : ان المشكلة ليست مشكلة حديث او حديثين ، او رواية او روايتين ، انها مجموعة من الاحاديث و الاثار تبلغ الثمانين تقريباً ، اجتمع على تناقلها مئات الرواة و اكثر ، من صاحب كتاب صحيح ) .

فلماذا نردّ كلّ هذه الكمية ؟ ، أكلّها فاسدة ؟ ، لو صح هذا الحكم لانهار الدين ـ و العياذ بالله ـ نتيجة تطرّق الشك و الظن الفاسد الى ما عداها من سنة رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) .

ثم انى لااجد خلافاً حول ظهور المهدى ،او حول حاجة العالم اليه ، و انما الخلاف حول من هو ، حسنى ، او حسينى ؟ ،  سيكون فى آخر الزمان ، او موجود الان و لاعبرة بالمدّعين الكاذبين فليس لهم اعتبار.

و اذا نظرنا الى ظهور المهدى ، نظرة مجرّدة ، فاننا لانجد حرجاً من قبولها و تصديقها او على الاقل عدم رفضها.

وقد يتأيد ذلك بالادلة الكثيرة و الاحاديث المتعددة ، و رواتها مسلمون مأتمنون ، و الكتب التى نقلتها الينا كتب قيمة ، و الترمذى من رجال التخريج و الحكم ، بالاضافة الى ان احاديث المهدى لها ما يصح ، ان يكون سنداً لها فى البخارى و مسلم ، كحديث جابر فى مسلم الذى فيه « فيقول اميرهم ( اى لعيسى ) تعال صلّ بنا » ، ( و حديث ابى هريرة فى البخارى و فيه:

« و كيف بكم اذا نزل فيكم المسيح بن مريم و امامكم منكم » ، فلا مانع من ان يكون هذا الامير و هذا الامام هو المهدى . يضاف الى هذا ان كثيراً من السلف رضى الله عنهم ، لم يعارضوا هذا القول ، بل جاءت شروحهم و تقريراتهم موافقة لاثبات هذه العقيدة عند المسلمين .

اسئلة حول المهدى المنتظر (عج) :

ان القول بان الامام المهدى ، لما يزال حىّ منذ ولادته الى الان ، و انه غائب سوف يظهر بامرالله سبحانه أثار أسئلة حول حياته و امامته اهمها مايلى :

1 ـ كيف يكون اماما و هو غائب؟

2 ـ لماذا غاب؟

3 ـ كيف يمكن ان يعيش انسان هذه المدة الطويلة ؟

4 ـ متى يظهر ؟ ( علائم ظهوره) .

وقد قام العلماء المحققون من علماء الامامية بالاجابة عليها فى مؤلفات مستقلة لامجال لنقل معشار ممّا جاء فيها ، و نحن نكتفى فى المقام بالبحث عنها على وجه الاجمال ، و نحيل من اراد التبسط الى المصادر المؤلفة فى هذا المجال ، فنقول:

الف ـ كيف يكون اماما و هو غائب؟

ان الغاية من تنصيب الامام ، هى القيام بوظائف الامامة و القيادة ، و هو يتوقف على كونه ظاهرا بين ابناء الامة ، مشاهداً لهم ، فكيف يكون اماما قائداً ، و هو غائب عنهم ؟ ، و الجواب عنه بوجوه ،

الاول :

 ان عدم علمنا بفائدة وجوده فى زمان غيبته ، لايدل على عدم كونه مفيداً فى زمن غيبته ، و من اعظم الجهل فى تحليل المسائل العلمية او الدينية ، هو جعل عدم العلم مقام العلم بالعدم ، و لاشك ان عقول البشر لاتصل الى كثير من الامور المهمة فى عالم التكوين و التشريع ، بل لايفهم مصلحة كثير من سنّته، ولكن مقتضى تنزّه فعله سبحانه عن اللغو و العبث هو التسليم امام التشريع اذا وصل الينا بصورة صحيحة ، وقد عرفت تواتر الروايات على غيبتة .

الثانى :

ان الغيبة لاتلازم عدم التصرف فى الامر مطلقاً ، و هذا مصاحب موسى كان ولياً من اولياءه تعالى لجأ اليه ، اكبر انبياء الله فى عصره كما يحكيه القرآن الكريم ، و يقول :

« فوجدا عبداً من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلّمناه من لّدنا علماً * قال له موسى هل اتّبعك على ان تعلّمن ممّا علّمت رشداً » .

فاىّ مانع حينئذ من ان يكون للامام الغائب فى كلّ يوم و ليلة تصرفاً من هذا النمط ، و يؤيد ذلك ما دلّت عليه الروايات من انه يحضر الموسم فى اشهر الحج ، و يحج و يصاحب الناس ، و يحضر المجالس.

الثالث:

المسلّم هو عدم امكان وصول عموم الناس اليه فى غيبته ، و اما عدم وصول الخواص اليه ، فليس بمسلّم بل الذى دلّت عليه الروايات خلافه ، فالصلحاء من الامة الذين يسدرّ بهم الغمام ، لهم التشرف بلقائه و الاستفادة من نور وجوده ، و بالتالى تستفيد الامة منه بواسطتهم ، و الحكايات من الاولياء فى ذلك متضافرة .

الرابع:

قيام الامام بالتصرف فى الامور الظاهرية و شؤون الحكومة ، لاينحصر بالقيام به شخصا و حضوراً ، بل له تولية غيره على التصرف فى الامور كما فعل الامام المهدى ارواحنا الفداء فى غيبته ، ففى الغيبة الصغرى ( 260 ـ 329 ) كان له وكلاء اربعة، قاموا بحوائج الناس ، و كانت الصلة بينه و بين الناس مستمرة بهم و فى الغيبة الكبرى نصب الفقهاء و العلماء العدول العالمين بالاحكام للقضاء ، و اجراء السياسيات و اقامة الحدود ، و جعلهم حجة على الناس ، كما جاء فى توقيعه الشريف « و امّا الحوادث العامة ، فارجعوا فيها الى رواة احاديثنا ، فانّهم حجتى عليكم ، و انا حجة الله عليهم » ، ( و الى هذا الاجوبة اشار الامام المهدى (عليه السلام) فى آخر توقيع له الى بعض نوّابه بقوله: « و اما وجه الانتفاع فى غيبتى ، فكالانتفاع بالشمس ، اذا غيّبتها عن الابصار السحاب » .

 

ب ـ لماذا غاب المهدى (عليه السلام)؟

ان ظهور الامام بين الناس ، يترتب عليه من الفائدة مالاً ، يترتب عليه فى زمان الغيبة ، فلماذا غاب عن الناس ، حتى حرموا من الستفادة من وجوده ، و ما هى المصلحة التى أخفته عن أعين الناس؟

الجواب:

ان هذا السؤال يجاب عليه بالنقض و الحلّ :

اما النقض ، فيما ذكرناه فى الاجابة عن السؤال الاول، فان قصور عقولنا عن ادراك اسباب غيبته، لايجرّنا الى انكار المتضافرات من الروايات، فالاعتراف بقصور أفهامنا أولى من ردّ الروايات المتواترة، بل هو المتعين.

و اما الحلّ ، فان اسباب غيبته ، واضحة لمن امعن فيما ورد حولها من الروايات ، فان الامام المهدى (عليه السلام) هو آخر الائمة الاثنى عشر الذين وعد بهم الرسول ، و أناط عزّة الاسلام بهم ، و من المعلوم ان الحكومات الاسلامية لم تقدرهم ، بل كانت لهم بالمرصاد ،  تلقيهم فى السجون ، و تريق دماءهم الطاهرة ، بالسيف او السم ، فلوكان ظاهراً ، لاقدموا على قتله، اطفاءاً لنوره ، فلاجل ذلك اقتضت المصلحة ، ان يكون مستورا عن اعين الناس ، يراهم و يرونه ولكن لايعرفونه الى ان تقتضى مشيئة الله سبحانه ظهوره ، بعد حصول استعداد خاص فى العالم لقبوله ، و الانضواء تحت لواء طاعته ، حتى يحقق الله تعالى به ما وعد به الامم جمعاء من توريث الارض للمستضعفين . و قد ورد فى بعض الروايات اشارة الى هذه النكتة ، روى زرارة قال : سمعت أبا جعفر (الباقر (عليه السلام)) يقول :« ان للقائم غيبة قبل ان يقوم ، قال : قلت ولم ؟ ، قال : يخاف » ، قال زرارة : يعنى القتل . و فى رواية اخرى : يخاف على نفسه الذبحو سيوافيك ما يفيدك عند الكلام عن علائم ظهوره.

ج ـ الامام المهدى و طول عمره :

ان من الاسئلة المطروحة حول الامام المهدى ، طول عمره فى فترة غيبته ، فانه ولد عام 255، فيكون عمره الى الاعصار الحاضرة اكثر من الف و مائة و خمسين عاماً ، فهل يكمن فى منطق العلم ان يعيش انسان هذا العمر الطويل ؟

و الجواب: من وجهين ، نقضاً  وحلاًّ .

اما النقض، فقد دلّ الذكر الحكيم على ان شيخ الانبياء عاش قرابة الف سنة ، قال تعالى : « فلبث فيهم الف سنة الاّ خمسين عاماً » ، و قد تضمّنت التوراة اسماء جماعة كثيرة من المعمّرين ، و ذكرت احوالهم فى سفر التكوين ، وقد قام المسلمون بتأليف كتب حول المعمرين ، ككتاب المعمرين لابى حاتم السجستانى ، كما ذكر الصدوق اسماء عدة منهم فى كتاب كمال الدين ، و العلاّمة الكراجكى فى رسالته الخاصة ، باسم « البرهان على صحة طول عمر الامام صاحب الزمان » ، و العلامة المجلسى فى البحار و غيرهم . و اما الحلّ، فان السؤال عن امكان طول العمر ، يعرب عن عدم التعرف على سعة قدرة الله سبحانه :« و ما قدروا الله حقّ قدره » .

فانه اذا كانت حياته و غيبته و سائر سؤونه ، برعاية الله سبحانه ، فاىّ مشكلة فى ان يمدّ الله سبحانه فى عمره ماشاء ، و يدفع عنه عوادى المرض ، و يرزقه عيش الهناء . و بعبارة اخرى ، ان الحياة الطويلة ، اما ممكنة فى حدّ ذاتها او ممتنعة ، و الثانى لم يقل به احد ، فتعيّن الاول ، فلا مانع من ان يقوم سبحانه بمدّ عمر وليّه ، لتحقيق غرض من اغراض التشريع .

اضف الى ذلك ما ثبت فى علم الحياة ، من امكان طول عمر الانسان ، اذا كان مراعيا لقواعد حفظ الصحة ، و ان موت الانسان فى فترة متدنية ، ليس لقصور الاقتضاء ، بل لعوارض تمنع عن استمرار الحياة ، ولو امكن تحصين الانسان منها بالادوية و المعالجات الخاصة لطال عمره ماشاء.

و هناك كلمات ضافية من مهرة علم الطب فى امكان اطالة العمر ، و تمديد حياة البشر ، نشرت فى الكتب و المجلات العلمية المختلفة و بالجملة، اتفقت كلمة الاطباء على ان رعاية اصول حفظ الصحة ، توجب طول العمر ، فكلّما كثرت العناية برعاية تلك الاصول ، طال العمر ، و من هنا اسست شركات تضمن حياة الانسان الى امد معلوم تحت مقررات خاصة و حدود معيّنة ، جارية على قوانين حفظ الصحة ، فلو فرض فى حياة شخص اجتماع موجبات الصحة من كل وجه ، طال عمره الى ما شاءالله . و اذا قرأت ما تدونه اقلام الاطباء فى هذا المجال ، يتضح لك معنى قوله سبحانه: « فلولا انه كان من المسبحين * للبث فى بطنه الى يوم يبعثون » .

فاذا كان عيش الانسان فى بطون الحيتان ، فى اعماق المحيطات ، ممكناً الى يوم البعث ، فكيف لايعيش انسان على اليابسة ، فى اجواء طبيعية ، تحت رعاية الله وعنايته، الى ماشاء ؟ .


إمامة الإمام المهدي ( عليه السلام ) المبكرة

غيبة الإمام المهدي ( عليه السلام ) الكُبرى

انتظار الإمام المهدي ( عجل الله تعالى فرجه ) بين السلب والإيجاب

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)