• عدد المراجعات :
  • 1172
  • 9/26/2004
  • تاريخ :

فضائل الاکبر عليه السلام

علی الاکبر

لقد كان

علي الأكبر (سلام الله عليه) ، إبان شبابه تطفح عليه لوائح العظمة و تلوح على أساريره أنواح الفضيلة ، و يتدفق من جوانبه الكرم النبوي ، فكان على شرفه الباذخ و مجده الأثيل وخطره التليد الطارف متلفعاً بكل خصال الخير ، يرفل على باحة المنعة بأبراد المناقب القشيبة ، و حلل المآثر الساطعة من معروف طافح و نائل متدفق و ضرائب حميدة ، كاثرت النجوم فكثرتها ، و طاولت الجبال فبذتها ، و كان فذ وقته في جميع الفضائل آخذاً بأعضاء الشرف و السؤدد ، و إن الواصف مهما تشدق لينحسر بيانه عن بلوغ غاية فضله ، و لم يجد المخالف إلا البخوع له ، و مما يرشدنا إلى ظهور الفضائل ، و زهو المآثر عن علي الأكبر في عصره قول مادحه:

لـم تـــر عـيـن نـظـرت مـــثـــــلــه
مــن محتـف يـمشي ومن ناعل
يـغــلي نـهــيء الـلـحــم حـتـــى إذا
أُنـضج لم يغل على الأكل(19)
كــــان إذا شــــــــــبــت لــه نــاره
  أوقــدهــا بالـشرف القابل(20)
كـيـمـا يــــراهـــا بائـس مـــرمــــل
 أو فـرد حــي لـيــس بــالآهــل
لا يــؤثـــــر الـدنـيـا عـلــى ديــنـــه
ولا يـــبـيـع الــــحــق بالباطــل
أعني ابن ليلى ذا الـسدي والـندى
أعني ابن بنت الحسب الفاضل(21)

و هذه الصفات التي نضدها الشاعر في مسلكه الذهني، لم تجر مجرى المبالغة في القول أو الخيال الشعري، و إنما هي حقائق راهنة ،

 كيف لا وقد تفرع (الأكبر) من الدوحة النبوية ، و كان غصناً من أغصان الخلافة الإلهية ، و إن الفضائل و الفواضل بأسرها موروثة له من سلفه الطاهر

الهاشمي.

و مما يشهد له ، أن 

معاوية مع ما عليه من المباينة مع الهاشميين ، لم يسعه إلا الاعتراف أمام قومه باجتماع الفضائل في (علي الأكبر) ، و أنه جدير بالخلافة و قابل للزعامة الدينية، يوم قال من حضر عنده من أهل الشام وغيرهم:

من أحق بهذا الأمر:

قالوا: أنت.

فقال معاوية: لا أولى الناس بهذا الأمر عليّ بن

الحسين بن علي جدّه رسول الله و فيه شجاعة بني هاشم و سخاء بني أمية و زهو ثقيف(22).

نحن لا نشك في أن الأكبر ، كان جامعاً للفضائل وحائزاً لما هو أربى و أرقى منها ، و هو العصمة عن المآثم و منافيات الأخلاق و المروءة و لا يأتي بما يخالف الأولى ، كيف لا و قد جمع الخلق

المحمدي ، بأتمّ معانيه و حتى عن الدنس من الآثام بشهادة أبيه الواقف على نفسيات الرجال ة، و كما شهد نص الزيارة المتلوة عند قبره في أول رجب  ، و التي علمها الصادق (عليه السلام) أبا حمزة الثمالي(23).
وهذه الكلمة الصادرة من معاوية ، ترشدنا إلى أن علياً الأكبر يومئذ معروف عند اهل الشام و غيرهم ، بأنه الجامع للقداسة الإلهية و محاسن الأخلاق بأجلى مظاهرها

و إلا فلا يعقل ، أن يشير معاوية بأهلية الخلافة إلى رجل غير مرموق عند الناس من جميع الفضائل.

كما أن معاوية ، لم يشك في أن هاتيك الفضائل موروثة له من سلفه الطاهر فحسب ، ولكنه تغافل عن ذلك حتى شرك معهم غيرهم لمغازي تختلج في صدره.

أولاً: أراد أن يزحزح الخلافة عن أبيه الحسين المنصوص عليه من جده النبي (صلى الله عليه وآله) وأبيه الوصي (عليه السلام) بإيجاد شخص من هذا البيت ، يكون مرجع الأمة في النوائب و غياثها المرتجى و فصل القضاء و تبياناً للمشكلات.

 

ثانياً: أراد تخفيف وطأة المنازع في خلافته بحصر شرائط الخلافة في هذه الأمور الثلاثة ، دون غيرها لفقده أهم ما يشترط في الخليفة على المسلمين من العلم و العصمة و النص.

ثالثاً: أراد إثبات فضيلة في قومه غير ، أن البرهنة تعوزه فشرك معه من لا يدافع في فضله و هم الهاشميون ، و ثقيف و أنت على ثقة من خلو البيت الأموي من كل فضيلة و مكرمة منذ نشأة جدهم ، عبد شمس الذي كفله أخوه هاشم ، و قد كان مملقاً لا مال له و أمية ، الذي استعبده عبد المطلب عشر سنين ، وذلك لما تراهنا على فرسين و جعلا الخطر لمن سبقت فرسه مئة من الإبل و عشرة عبيد و عشر إماء و استعباد سنة وجز الناصية.

فسبق فرس عبد المطلب ، فأخذ الخطر و قسمه في

قريش ، و أراد جز ناصيته ، فافتدى ذلك باستعباد عشر سنين ، فكان أمية يعد في حشم عبد المطلب هذه المدة.

و أما حرب بن أمية جد معاوية ، فأجاره عبد المطلب من ابنه الزبير ، و كفأ عليه إناء هاشم الذ ي هشم فيه الثريد، و كان أبو سفيان شحيحاً بخيلاً ، لا ينفق على زوجته هند ، فألجأها ذلك إلى السرقة من ماله لتنفق على فنسها و ولدها.

فأنّى يقاسون هؤلاء بهاشم مطعم الحاج و ساقيهم و كانت مائدته منصوبة لا ترفع في السرّاء و الضرّاء ، و هو أول من سن لقريش الرحلتين إلى اليمن و الشام ، و أخذ لهم من ملوك الروم و غسان ما يعتصمون به.

و قد كانت تجارة قريش ، لا تعدو نفس

مكة و ضواحيها ، و إنما تقدم عليهم الأعاجم بالسلع ، فيشترونها حتى رحل هاشم إلى الشام ، و نزل على قيصر ، فأعجبه حسن خلقه و جمال هيئته و كرمه ة، فلم يحجبه ، و أذن له بالقدوم عليه بالتجارة،  و كتب أماناً بينهم ، فارتقت منزلة هاشم بين الناس ، و سافر في الشتاء إلى اليمن و في الصيف إلى الشام ، و اشترك في تجارته رؤساء القبائل من العرب و من ملوك اليمن و الشام، و جعل له معهم ربحاً ، و ساق لهم إبلاً مع إبله ، و كفاهم مؤنة الأسفار على ، أن يكفوه أذى الأعداء في طريقه إليهم و منصرفه ، فكان في ذلك صلاح عام للفريقين ، و كان المقيم رابحاً و المسافر محفوظاً ، فأخصبت قريش بذلك و أتاها الخير من البلاد العالية و السافلة ببركة هاشم ة، و هذا هو الإيلاف المذكور في القرآن المجيد.

«لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف» ،(27).

وأما عبد المطلب ، فكان يدعى شيبة الحمد لكثرة حمد الناس له لكونه مفزع قريش في النوائب و ملجأهم في الأمور ، فكان شريف قومه و سيدهم كمالاً و رفعة غير مدافع ، و هو من حلماء قريش وح كمائهم و قد سن لهم أشياء أمضاها له الإسلام.

فإنه حرم نساء الآباء على الأنباء، و وجد كنزاً أخرج خمسه و تصدق به، و سن في القتل مئة من الإبل، و لم يكن للطواف عند قريش عدد فسنه سبعة أشواط، و قطع يد السارق، و حرم الخمر و الزنا، و أن لا يطوف بالبيت عريان، و لا يستقسم بالأزلام، و لا يؤكل ما ذبح على النصب.

و قيل له الفياض لجوده و كثرة نائله ، حتى ان مائدته يأكل منها الراكب ، ثم ترفع إلى جبل أبي قبيس لتأكل منها الطيور والوحوش.

و لمنعته و شرفه ة، كان يفرش له بإزاء الكعبة ، و لم يفرش لأي أحد من قريش ، و لا يجالسه على بساط الأبهة و العظمة إلا نبيّ الرحمة.

و كان وصياً من الأوصياء ، و قارئاً للكتب السماوية ، و لم يزل يلهج في محافل قريش بظهور نبيّ من صلبه ، ثم يوصي ولده و قومه بالإيمان به واتباع أمره.

و أما

أبو طالب ، سيد البطحاء و موئل قريش و زعيمهم المقدم بعد أبيه ، لا يفات رأيه و من غريب أمره ، ان قريشاً لما أبصرت العجائب ليلة ولادة أمير المؤمنين (عليه السلام) ، جاؤوا بالآلهة إلى جبل أبي قبيس ، يتضرعون إليها ليسكن ما حل بهم فارتج الجبل ، و سقطت الأصنام،  فازداد تحيرهم ، و فزعوا إلى أبي طالب ، لأنه كأبيه عصمة المستجير ، وسألوه عن ذلك فرفع يديه مبتهلاً إلى الله سبحانه يقول:

«إلهي أسألك بالمحمدية المحمودة والعلوية العالية والفاطمية البيضاء إلا تفضلت على تهامة بالرأفة والرحمة».

فسكن ما حل بهم ببركات هذه الأسماء الطيبة الكريمة على الله تعالى ، و عرفت قريش فضل هذه الأسماء قبل ظهورها،  

فكانت العرب تكتب هذه الأسماء ، و تدعوا بها في المهمات ، فيكشف الله تعالى عنها ضراءها ، و لم تكن تعرف حقيقتها.

و ما عسى أن يقول القائل فيمن هو أشرف الخليقة و علة الكائنات المتكون من النور الإلهي القدسي: نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) و أعطف عليه في الفضائل كلها وصيه المقدم ، الذي هو منه بمنزلة

هارون من موسى ، عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ، ثم ريحانته سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين (عليه السلام).

فعلي الأكبر ، هو المتفرع من هذه الشجرة الطيبة ا، لتي أصلها ثابت و فرعها في السماء و الوارث لهذه المآثر النيرة و الحائز على جمال النبوة و أُبهة الخلافة الإلهية.

ورث الصــفــات الـغــر فهي تراثه
عــن كل غطريف وشهم أصيد
في بأس حـــمزة في شجاعة حيدر
بأبي الحسين وفي مهابة أحمد
وتـراه في خـلق وطـيـب خـلائــــق
وبـلـيـغ نـطـق كـالـنـبـي مــحمد


الأكبر يشبه الرسول

الاکبر و السبق للجهاد

علي الأكبر بن الإمام الحسين ( عليهما السلام)

الاکبرعليه السلام

علي الأكبر ( عليه السلام )

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)