• عدد المراجعات :
  • 1276
  • 8/18/2014
  • تاريخ :

السجايا المعنوية للعلامة المجلسي

گل

إن رجال الدين لا يتلقون دروس العلم والمعرفة فقط من اساتذتهم، بل يكسبون ايضاً" النهج والسلوك المعنويين من هۆلاء الاساتذة العرفاء بالله. إن العلامة المجلسي اجتاز بسرعة الدرجات المعنوية والكمالات الروحية بعد اجتيازه الدرجات العلمية حيث يمكن نعته (العالم الرباني).

يتضح هذا الادعاء من خلال التفحص في سجاياه الاخلاقية وخصائصه التي نشير كما يلي الى ابرزها:

 1ـ ذكر الله:

  إن تلميذ المجلسي (نعمت الله جزائري) يقول حول استاذه: لم يغفل العلامة أبدا" عن ذكر الله حيث كان يۆدي كل اعماله بقصد القربة الى الله تعالى.

 2ـ الزيارات:

  كان العلامة يعير اهتماما" كبيرا" الى (زيارة) ائمة الهدى عليهم السلام. وعلى رغم الصعوبات في ذلك الوقت والامكانيات البسيطة جدا"، فقد تشرف بزيارة الائمة في العراق والبقيع ومشهد المقدس حيث كان يقيم مدة طويلة في جوارهم في كل سفر و قد تشرف ايضا" بأداء مناسك الحج لبيت الله الحرام عدة مرات.

3- التوسل:

ان الاهتمام الخاص بالتوسل بالمعصومين عليهم السلام أدى الى أن العلامة المجلسي أدرج مواضيع كثيرة حول الأدعية والزيارات في كتاب (بحار الأنوار) حيث ألف عدة كتب منفصلة ايضاً" في موضوع الأدعية والزيارات منها:

(زاد المعاد) و هو مصدر مهم في كتب الادعية الأخيرة و (تحفة الزائر) وترجمات من زيارة (جامعة كبيرة) و (دعاء السمات) و …

4- الزهد والتقوى:

إن ابرز الصفات المهمة في حياة هذا الرجل الكبير هو زهده و تقواه وبساطة معيشته حيث كان العلامة يعيش في العصر الصفوى و كان شيخ الاسلام في هذه الحكومة.

و باختصار كانت كافة امكانيات الحكومة تحت تصرفه، ولكن مع كل ذلك كانت حياته الشخصية بسيطة يلفها الزهد.

5- التواضع:

إن التواضع هى احدى مميزات العلامة المجلسي حيث لم يكن ينظر الى المنصب الاجتماعى علواً" و دنوا" أو أعمار الناس. لقد نقل مواضيع كثيرة في كتاب بحار الأنوار عن السيد على خان مدنى الشارح الفاضل للصحيفة السجادية. هذا علما" بان السيد على خان 15 سنة أصغر من العلامة و كان أقل مكانة ومنزلة اجتماعية منه. لقد اجتمعت كل هذه الخصال الروحية والكمالات المعنوية مع علمه ومعرفته الوفيرين لدى العلامة مما جعلت منه شخصية عالية يصعب العثور على مثيله في التاريخ.

الاوضاع السياسية

إن علماء الشيعة الكبار رغم وجود الضغوط والحرمان والاضطهاد الكثير طيلة التأريخ: بذلوا جهودا" مضنية وقيمة وتركوا لنا تأليفات غنية: لقد قاموا بارواء شجرة التشيع بصبرهم وجهودهم الكبيرة وأوصلوا تراث النبى العظيم (ص) هذا إلينا. وخلال ذلك كلما تحسنت الظروف نسبيا" آنذاك وقلت الضغوط على الشيعة، نشاهد ازدهارا" لامثيل له في ظهور فقهاء وعلماء وفلاسفة شيعة. ومن هذه الفترات، عصر الشيخ المفيد والشيخ الطوسى اثناء حكم آل بويه. وكذلك خلال العهد الصفوى وزمن العلامة المجلسي.

 إن العلامة المجلسي نظرا" لانتساب الملوك الصفويين الى التشيع وأنهم يعتبرون انفسهم منحدرين من الائمة الاطهار عليهم السلام، قد استفاد من جوانب شتى. إن تأليف أكبر موسوعة لأحاديث الشيعة كانت تبدو صعبة في غير هذه الفترة مع عدم امكانيات اقتصادية كبيرة.

الفترة الزمنية:

 لقد ولد العلامة المجلٍسي في زمن شاه عباس الاول الذي كان رجلا" يتمتع بالسياسة والكفاية وكان في نفس الوقت رجلاً" قاسي القلب وظالما". عند ما جاء شاه صفي بعده الى السلطة، انفصل العراق من الدولة الايرانية. وبعد شاه صفي وصل شاه عباس الثاني الى السلطة إذ كان عمره تسع سنوات حيث طلب العلامة منه في مراسم التتويج أن يمنع شرب الخمر وبيعه وبعض الاعمال المنكرة. وقد نفذ وطبق توصيات العلامة، ولكن بالتدريج انغمس هو ايضا" كبقية الملوك في شرب الخمر.

المكانة الاجتماعية:

 كان العلامة المجلٌسي يحظى بنفوذ كبير بين الناس حيث استطاع ان يوجه الناس من الخمارات والمقاهي نحو المساجد بعلمه الغزير ونفوذه المعنوي وبيانه الساحر وقد تميزت المساجد في عهده بازدهار كبير. وخاصة في شهر رمضان المبارك وليالي القدر حيث كانت المساجد تكتظ بكثافة. وكان للعلامة ايضاً" نفوذ واسع بين السلاطين الصفويين. لقد كان سياسيا" مقتدرا" وقد حفظ البلد من هجوم واعتداء الأعداد بتدبيره اثناء حكم السلاطين الغير أكفاء. لقد عمت الفوَضى في البلد بالضبط بعد وفاة العلامة المجلسي إذ هجم الأفغان على ايران وأسقطوا الحكم الصفوى. لقد استنسخ كثيرا" من المخطوطات النادرة وكتب القدماء فأنقذ الثرات الشيعي العظيم من الضياع.

سلوكه العلمي

كان للعلامة المجلسي اسلوبا" معتدلا" بين الاصولية والإخبارية. رغم أنه كان متحدثا" كبيرا"، كان يهتم اهتمالا" خاصا" بالعلوم العقلية. يعتبر من الرجال الكبار حيث درس العلوم العقلية كالفلسفة ويعتبر من اساتذه هذه العلوم حيث أنه رغم ذلك كان يجد كل شئ في مصدر وينبوع الوحي وقد كرس حياته وجهوده لنشر روايات المعصومين عليهم السلام.

إن حساسيته الوحيدة كانت تكمن في الانحراف في الدين. كان يرى في زمانه انتشار الصوفية حيث بادر بمكافحتها بحزم فانتصر انتصارا" باهرا" في هذا الاطار بالاستعانة بأهل البيت عليهم السلام.

لقب (العلامة)

لقد نال العلامة محمد باقر المجلسي هذا اللقب ذو الفخر من الشخصيات الكبيرة مثل وحيد بهبهاني والعلامة بحر العلوم والشيخ أعظم أنصاري. إن هۆلاء الكبار الذين يعدون بحراً" متلاطما" من العلوم والمعارف الاسلامية، حين وجدوا شأن ومنزلة العلامة المجلسي استعملوا هذا اللقب بحقه حيث أنه كان في الواقع علامة زمانه.

وجه التسمية بـ المجلسي

قال العلامة المجلسي نقلا عن مرآة الأحوال: إنه لما كان جده «مقصود علي» بصيرا ورعا مروجا لمذهب الإثني عشرية جامعا للكمال والحسن في المقال وكان له أبيات رائعة بديعة ولحسن محاضرته وجودة مجالسته سمّي بالمجلسي فصار هذا لقباً في هذه الطائفة الجليلة والسلسلة العلية. وقيل أن ذلك يعود الى قرية في اصفهان يقال لها «مجلس» كان الشيخ محمد تقي يقطنها فلقبت الاسرة بها.

دعاء أبيه له

روي عن والده الجليل المولى محمد تقي أنه قال: إنه في بعض الليالي بعد الفراغ من التهجد عرضت لي حالة عرفت منها أني لا أسأل من الله تعالى شيئا حينئذ إلا استجاب لي وكنت أتفكر فيما أسأله عنه تعالى من الأمور الأخروية والدنيوية وإذا بصوت بكاء محمد باقر في المهد فقلت: إلهي بحق محمد وآل محمد (ص) اجعل هذا الطفل مروج دينك وناشر أحكام سيد رسلك (ص) ووفقه بتوفيقاتك التي لا نهاية لها. وعن صاحب قصص العلماء أن المولى محمد تقي أمر زوجته أن لا ترضعه الا وهي على طهارة .

شيخ الاسلام في اصفهان

لقد تم تعيين العلامة المجلسي سنة 1098 بمنصب شيخ الاسلام في اصفهان من قبل الشاه سليمان الصفوي. إن لقب شيخ الاسلام كان أعلى واهم منصب ديني وتنفيذي في ذلك العصر. لقد كان قاضيا" وحاكما" في النزاعات والدعاوى. ان كافة الشۆون الدينية كانت تتم تحت اشرافه المباشر و كانت جميع الأموال ترسل اليه.

كان شيخ الاسلام يتولى مسئولية أبناء السبيل واليتامى و ... ايضا". النقطة المهمة هنا هي أن العلامة قبل هذا المنصب بالحاح والتماس الشاه حيث إلتمس الشاه في ذلك المجلس عدة مرات بلسانه لكي يوافق العلامة على هذا المنصب. إن العلامة كان يتولى هذه الوظيفة المهمة حتى نهايه حياته.


المجلسي وخدماته لمذهب اهل البيت عليهم السلام

ما قاله المجلسي في بحار الانوار

حکايات من بحار الانوار

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)