• عدد المراجعات :
  • 1744
  • 5/15/2004
  • تاريخ :

ذكر غزوة بني النَّضِير

قبيلة كثيرة من اليهود وينبغي لنا أن نذكر مقدمة للمقصود خبر وقعة بئر مَعُونة وهي موضع بين أرض بني عامر وحرة بني سليم بقرب المدينة في عالية نجد وتعرف هذه بسرية قراء.

وكانت من أمرها أن أبو براء عامر بن مالك بن جعفر المعروف بملاعب الأسنة على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فعرض (صلى الله عليه وآله) عليه الإسلام فلم يسلم ولم يبعد عن الإسلام وقال: يا محمد لو بعثت رجالاً من أصحابك إلى أهل نجد فدعوتهم إلى أمرك رجوت أن يستجيبوا لك فقال (صلى الله عليه وآله) إني أخشى أهل نجد عليهم فقال أبو براء أنا لهم جبار.

فبعث (صلى الله عليه وآله) المنذر بن عمرو ومعه القرّاء وهم سبعون وقيل: كانوا أربعين، وروي: أنهم كانوا يحتطبون بالنهار ويصلون بالليل.

وفي رواية أخرى: يشترون به الطعام لأهل الصفة ويتدارسون القرآن بالليل فساروا حتى نزلوا ببئر معونة فلما نزلوها بعثوا حرام بن مِلحان بكتاب النبي (صلى الله عليه وآله) إلى عامر بن الطفيل العامري (وليس هو عامر بن الطفيل الأسلمي الصحابي).

فلما أتاه لم ينظر إلى الكتاب وعدا على حرام فقتله فلما طعنه قال: الله أكبر فزت ورب الكعبة ثم استصرخ عامر عليهم بني عامر فلم يجيبوه وقالوا: لن نخفر أبا براء فقد أجارهم فاستصرخ بني سليم رعل وذكوان فأجابوه وخرجوا حتى أحاطوا بالمسلمين وغشوهم في رحالهم فقاتلوهم حتى قتلوا عن آخرهم إلا كعب بن زيد الأنصاري فإنهم تركوه وبه رمق فعاش حتى قتل يوم الخندق.

وكان في سرح القوم عمرو بن أمية الضمري ورجل من الأنصار فرأيا الطير تحوم على العسكر فقالا: إن لها لشأناً فأقبلا ينظران فإذا القوم صرعى وإذا الخيل واقفة.

فقال عمرو: نلحق برسول الله (صلى الله عليه وآله) فنخبره الخبر فقال الأنصاري: لا أرغب عن موطن قتل فيه المنذر بن عمرو ثم قاتل القوم حتى قتل.

قال ابن هشام في (السيرة): واسم ذلك الأنصاري المنذر بن محمد بن عقبة وأخذ القوم عمرو بن أمية فلما علم عامر أنه من مضر أطلقه وجز ناصيته وأعتقه عن رقبة زعم أنها كانت على أمه وخرج عمرو حتى إذا كان بالقرقرة لقي رجلين من بني عام فنزلا معه ومعهما عقد من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم يعلم به عمرو فتركهما حتى ناما فقتلهما وظن أنه ظفر ببعض ثأر أصحابه.

فأخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بذلك فقال (صلى الله عليه وآله): لقد قتلت قتيلين لأردينهما ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هذا عمل أبي براء قد كنت لهذا كارهاً.

وذكر أهل السير من شهداء بئر معونة عامر بن فهيرة وأنه لم يوجد جسده، دفنته الملائكة وقتل يومئذ نافع بن بديل بن ورقاء الخزاعي.

ورثى حسان بن ثابت وكعب بن مالك شهداء بئر معونة في أشعارهما.

وقال أنس: ما رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجد على أحد ما وجد على أصحاب بئر معونة.

فلما علم ذلك فلنذكر غزوة بني النضير.

كان سبب ذلك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرج إليهم يستسلفهم (أي يستقرضهم) دية الرجلين العامرين اللذين قتلهما عمرو بن أمية.

قال علي بن إبراهيم القمي (رحمه الله): وكان (صلى الله عليه وآله) قصد كعب بن الأشرف فلما دخل على كعب قال: مرحباً يا أبا القاسم وأهلاً.

وقام كأنه يصنع له الطعام وحدث نفسه أنه يقتل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويتبع أصحابه فنزل جبرئيل فأخبره ذلك فرجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة.

وقال لمحمد بن مسلمة الأنصاري: اذهب إلى بني النضير فأخبرهم أن الله عز وجل قد أخبرني بما هممتم به من الغدر فأما أن تخرجوا من بلدنا وأما أن تأذنوا للحرب. فقالوا: نخرج من بلادكم فبعث إليهم عبد الله بن أبي: ألا تخرجوا وتقيموا وتنابذوا محمد الحرب فإني أنصركم أنا وقومي وحلفائي فإن خرجتم خرجت معكم وإن قاتلتم قاتلت معكم.

فأقاموا وأصلحوا حصونهم وتهيأوا للقتال وبعثوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنا لا نخرج فاصنع ما أنت صانع.

فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكبر وكبر أصحابه وقال لأمير المؤمنين (عليه السلام) تقدم إلى بني النضير فأخذ أمير المؤمنين (عليه السلام) الراية وتقدم وجاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأحاط بحصنهم وغدر بهم عبد الله بن أبي وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا ظفر بمقدم بيوتهم حصنوا ما يليهم وخرجوا ما يليه.

وكان الرجل منهم ممن كان له بيت حسن خربه وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقطع نخلهم فجزعوا من ذلك وقالوا: يا محمد إن الله يأمرك بالفساد إن كان لك فخذه وإن كان لنا فلا تقطعه.

فلما كان بعد ذلك قالوا: يا محمد نخرج من بلادك وأعطنا ما لنا، فقال: لا ولكن تخرجون ولكم ما حملت الإبل فلم يقبلوا ذلك فبقوا أياماً قالوا: نخرج ولنا ما حملت الإبل.

فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا ولكن تخرجون ولا يحمل أحد منكم شيئاً فمن وجدنا معه شيئاً من ذلك قتلناه فخرجوا على ذلك ووقع قوم منهم إلى فدك ووادي القرى وخرج قوم منهم إلى الشام فأنزل الله فيهم: (هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر...).

قال ابن الأثير في (الكامل): فكانت أموال بني النضير لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وحده يضعها حيث شاء فقسمها على المهاجرين الأولين دون الأنصار إلا أن سهل بن حنيف وأباد جانة ذكراً فقراً فأعطاها واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم وكانت رايته مع علي بن أبي طالب (عليه السلام).

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)