• عدد المراجعات :
  • 4229
  • 3/5/2014
  • تاريخ :

الشهيد عبد الحسين برونسي

الشهيد عبد الحسين برونسي

السيرة الذاتيّة

في سنة 1321، وفي قرية "كلبوي كدكن"، التابعة لتربة حيدريّة، وضع قدمه في هذه الدنيا. وكأنّ اسمه الجميل قد أُخذ منذ اللحظات الأولى من الأمر الإلهيّ للبشريّة: "ألستُ بربِّكم"؟ فأجاب النداء برجولة وبدون نفاق: "بلى"؛ عبد الحسين.

روحيّة الصراع مع الكفر والطاغوت عُجنت مع روحه منذ أوان طفولته، كما أنّه، وفي الصفّ الرابع الابتدائي، ترك المدرسة بسبب تأذّيه من تصرّف معلّمه الطاغوتي، وبسبب الجوّ غير المناسب للدرس والتحصيل الّذي يسود المدرسة. وفي سنة 1340 استُدعي من أجل خدمة العلم، وكان منذ بداية التحاقه بالجيش يتعرّض للإهانة والأذيّة من قبل الضبّاط والعسكريّين الطاغوتيّين بجرم تمسّكه بالاعتقادات الدينيّة الأصيلة.

تزوّج سنة 1347 هـ. ش. ولأنّ الزواج أمر مهمّ وخطير في حياته، فقد اختار زوجة مۆمنة ملتزمة بتكاليف الإسلام، وروحانيّة، كما كان ذلك، في نفس الوقت، تهيئة للجوّ المناسب له للانسجام مع مواقفه المستمرّة في الاعتراض على النظام الطاغوتيّ الحاكم على البلاد؛ وفي تلك السنة تصل اعتراضاته على خداع النظام البهلوي الطاغوتيّ للشعب الإيراني إلى أوجها (في إعادة توزيع الأراضي المسمّاة زوراً بالإصلاحات)، وتنتهي، في النهاية، بانتقاله وعائلته إلى مدينة مشهد المقدّسة وسكناهم هناك، ففتح بذلك أيضاً فصلاً آخر، يُعتبر رقماً جديداً في حياته.

ومن المهمّ جدّاً لمجتمعنا وبلدنا وتاريخنا أنّ الشخص المذكور "المعلّم عبد الحسين" - لا الدكتور عبد الحسين، فالمعلّم لا بمعنى الأستاذ بل بمعنى معلّم البناء وصاحب الأعمال فعبد الحسين كان بنّاءً - وصل من ناحية معرفة الحقائق بحيث كان قبل انتصار الثورة يعمل في أدقّ الأعمال الثورية واشترك في الحرب بعد الثورة.

 وبعد مدّة من وصوله إلى مشهد، اشتغل بعمل صعب ومُجهد، وشيئاً فشيئاً وإلى جانب العمل، انشغل بالتحصيل العلميّ في الحوزة أيضاً، ولكنّه، بسبب صراعه ضدّ الطاغوت، وسَجْنِهِ مرّة بعد مرّة، وتعرّضه للتعذيب الوحشيّ من قِبل السافاك، ثمّ بسبب انتصار الثورة الإسلاميّة العظيمة في نهاية المطاف، وانتسابه إلى قوّات الحرس الثوريّ الضاربة، لم يستطع إكمال تحصيله العلميّ.

الشهيد عبد الحسين برونسي

ومع ابتداء الحرب المفروضة على الجمهوريّة الإسلاميّة، ذهب في أوائل الحرب إلى الجبهة، وهذه الفترة أيضاً تُعتبر ورقة ذهبيّة في تاريخ حياته.

وقد أُنيطت به مسۆوليّات مختلفة بسبب لياقته ووعيه البارزين، وكانت آخر مسۆوليّاته قيادة اللواء الثامن عشر جواد الأئمة عليهم السلام الّذي استلمه قبل عمليّات خيبر.

وتحت هذا العنوان، في عمليّات بدر، وهو في حالات وصلت إلى أوجها من الإيثار والشجاعة والفداء، كان يتمتم لحن الشهادة القاني.

وفي يوم 23/ 12/1363 هـ.ش، استشهد هذا القائد العظيم الّذي هو افتخار للأمّة، وكانت شهادته حسب ما كان يتمنّى من كلّ قلبه، وهو أن يكون مفقود الأثر، فلم يجدوا جثمانه الطاهر، وجرى احتفال تأبيني لروحه الطاهرة في 9/ 2/ 1364 هـ.ش، في مدينة مشهد المقدّسة.

ولي أمر المسلمين الإمام السيد علي الخامنئي دام ظله

في لقاء عائلة الشهيد عبد الحسين برونسي تاريخ 3 -12- 1388 هـ. ش.

رحم الله فقيدنا الشهيد المرحوم برونسي، "المعلّم" عبد الحسين برونسي.

ومن المهمّ جدّاً لمجتمعنا وبلدنا وتاريخنا أنّ الشخص المذكور "المعلّم عبد الحسين" - لا الدكتور عبد الحسين، فالمعلّم لا بمعنى الأستاذ بل بمعنى معلّم البناء وصاحب الأعمال فعبد الحسين كان بنّاءً - وصل من ناحية معرفة الحقائق بحيث كان قبل انتصار الثورة يعمل في أدقّ الأعمال الثورية واشترك في الحرب بعد الثورة.

الشهيد عبد الحسين برونسي

تعرفون أنّه في الحرب المفروضة لم يكن يصل -بين مجموعات الحرس والتعبئة- في الحرب أيّ شخص إلى رتبة قائد أو رئيس إلّا بناءً لجهوده وسعيه ، فقد كان يدخل الشخص في الحرب بعنوان أنّه رجل تعبئة عاديّ، فإذا كان عنده استعدادات يصبح قائد مجموعة وهكذا يتدرّج حتى يصبح قائد كتيبة ثمّ قائد لواء وهكذا. وتعلمون أنّ إدارة الحرب في ذلك الوقت لم تكن إدارة عسكرية فقط فأنا في بداية العمل كنت أرى الأمور عن قرب ولفترة قصيرة وعندما انتقلت إلى طهران كنت أراقب الأمور عن بعد، لذلك كنت أعلم أنّ الإدارة لم تكن إدارة عسكرية صرفة بل كانت إدارة سياسية وإدارة فكرية وكانت إدارة إنسانية وأدبية وأخلاقية؛ ولا يستطيع أيّ شخص أن يدير مجموعة إذا لم يكن هو نفسه يتحلّى بهذه المواصفات.

إنّ شهيدنا العزيز عندما شارك في الحرب لم يكن عنده المعارف الجامعيّة ولم يكن يحمل عنواناً ولقباً جامعياً بشكل رسمي إلا أنّه استطاع في إدارة الحرب أن يترقّى وأن يصل إلى رتب عالية وأصبح شخصيّة مرموقة، شخصيّة جامعة تحمل اسم قائد لواء ثمّ بعدها نال درجة الشهادة، وهذه الشخصيّة لو لم تنل وسام الشهادة لاستطاعت أن تبلغ مقامات ودرجات رفيعة من الناحية الظاهريّة.

تعتبر هذه الشخصيّة من عجائب ثورتنا وتعدّ من الأمور الاستثنائية التي

 لا نظير لها في ثورتنا بحيث لا يمكن مقايستها في أيّ مكان آخر، وكما نقل السيد محافظ منطقة خراسان بأنّه سمع من كثيرين أنّه في ذلك الوقت عندما كان يتحدّث الشهيد مع مجموعات الطلّاب والجامعيين في "مشهد" كان يجذبهم في حديثه.

وأنا أيضاً شاهدت شبيه هذا الأمر مع المرحوم الشهيد رستمي الذي هو أيضاً من شهداء منطقة خراسان الذي كان شخصاً قرويّاً وبمظهر عاديّ، عندما كان يتحدّث بين جمع من القادة في الدرجة الأولى وكان ضمنهم رئيس الجمهوريّة، بيّن أحداث الحرب بطريقة سحر فيها جميع الحاضرين.

لقد بلغ استعداد الثورة في تربية الشخصيّات الرفيعة والأفراد إلى هذا الحدّ ولا ينبغي التقليل من هذا الأمر فإنّ هۆلاء يشيرون إلى أهمّية الثورة وعمقها. نحن ننظر إلى ظواهر الأمور وينبغي رۆية أعماقها فعندما يرى الإنسان الأعماق فإنّ الأفق سيكون في مقابل عينيه شيء آخر، وعندما تحصل هذه الأمور المختلفة - هذه المخالفات وهذه الاعتداءات وهذه الأحداث - لا تۆثّر على هذا الإنسان فإنّ هذه الأمور صغيرة جدّا في مقابل تلك الحركة العظيمة التي يقوم بها. باعتقادي إنّ الشهيد برونسي وأمثاله يمثّلون نموذج هذه الحقيقة حقيقة تربية الإنسان الكبير طبق المعايير الإلهية والإسلامية لا طبق المعايير الظاهرية والعادية، وعلى كلّ حال مهما قمنا بإجلال هذه الشخصيّة وأمثالها من العظماء فإنّه إجلال في موضعه ولا مبالغة فيه.

وكذلك الأمر بالنسبة لعائلة الشهيد برونسي المحترمة فإنّها عائلة جيّدة وقد رأيت - في المرّتين أو الثلاث مرّات التي زرتهم فيها - أنّها تمتلك الصفاء والمعنويات الرفيعة.

إنّ زوجته تعتبر امرأة صابرة ومجاهدة تحمّلت كلّ صعوبات المواجهة قبل الثورة وأثناء الحرب واستطاعت أن تربّي أطفالها.

ما شاء الله، الإنسان يربّي خمسة أولاد (مشاغبين) ليصبحوا كباراً ليس أمراً سهلاً، وهذا أمر مثير أيضاً أن يستطيع الإنسان أن يربّي هۆلاء الأطفال ويصل بهم إلى نتيجة مثمرة معهم فإنّ ذلك يحتاج إلى مهارة عالية. بلّغوا سلامي إلى عائلة الشهيد أيضاً.


الشهيد إسماعيل دقايقي في سطور

الشهيد السيد عبد الستار موسوي زنجاني

سيرة الشهيد غلام حسين باقري

الشهيد محمود كاوه

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)