• عدد المراجعات :
  • 2949
  • 2/9/2014
  • تاريخ :

مبادئ المعرفة ومعرفة الوجود والإنسان لدى الإمام الخميني (قدس)

حضرت امام خميني رحمت اللہ عليہ

إن مبادئ المعرفة ومعرفة الوجود والإنسان لدى الإمام الخميني تدخل في إطار المبادئ الإسلامية ولدى سماحته افكار مشابهة لبقية العلماء المسلمين حول وسائل معرفة الوجود وأبعادها ومكانة الإنسان في الوجود.

فسماحته يعتقد بان الاحساس والعقل والقلب والفطرة والوحي هي الوسائل المستخدمة للتعرف على الوجود. وكل وسيلة من هذه الوسائل لديها مكانتها وحدودها الخاصة في التعرف على الابعاد المختلفة للوجود.

كما إن معرفة الوجود لدى الإمام الخميني هي معرفة الوجود الدينية والإلهية والإسلامية. واستناداً لمكتب الإسلام فإن عالم الوجود يتكون من المادة والروح والوجود يتألف من المادة والمعنى. ومن وجهة نظر الإمام الخميني فإن عالم الوجود يتألف من مراحل وكمال قال سماحته:

إن عالم الملك هو الدنيا وعالم الملكوت هو عالم الغيب الذي تظهر فيه الصفات الصالحة والفاسدة للإنسان. في عالم الغيب هناك الآخرة التي تتألف من الجحيم والفردوس. والإنسان في هذه الدنيا يتجه نحوهما. واستناداً لهذه النظرة فإن الموت هو الحياة والآخرة هي دار البقاء والابدية. ان عالم الناسوت هو عالم التعددية في حين ان عالم اللاهوت هو عالم الوحدة. ان العالم المادي تحيل المرتبة الدنيا من عالم الوجود. في حين ان عالم الالوهية تحيل المرتبة العليا والمقصد النهائي. واي شيء موجود في هذا العالم هو ناقص مطلق. في حين إن أي شيء في عالم الآخرة هو الكمال المطلق باعتقاد الإمام الخميني.

إن كافة العالم هي أسماء الله وكل الاشياء الموجودة في العالم هي آيات من الذات المقدسة للباري عزوجل. والوجود آية من آياته وهو موجود في كل مكان وزمان. لذلك لا يوجد هناك معنى للانفصال والإبتعاد عنه. لأنه كافة الوجود هي مظهر من مظاهر الحق تعالى. والوجود لا يملك شيئاً بدون ارادة الباري تعالى. كل الاشياء الموجود في عالم الواقع هي انعكاس لهذه الماظاهر. ولان كافة الاشياء منه واليه ترجع، فإن ه لا يوجد هناك كائن يملك أي شيء من نفسه. نحن من الله والى الله راجعون.

(انا لله وانا اليه راجعون).

ان عملية خلق الوجود من قبل الله الحكيم لم يكن اعتباطياً وعشوائياً وانما كان بهدف واستناداً لهذه النظرة، فإن العالم خلق على أساس العدل.

في الحقيقة ان معرفة الإنسان لدى الإمام الخميني هو جزء من معرفة الوجود لديه. حيث انه يعتبر الإنسان جزءاً رئيسياً من الوجود. بمعنى ان نظرته لطبيعة الإنسان ترتبط بابعاد وجود الإنسان وفترة حياته ومكانته في هذا الوجود. وبتعبير الإمام الخميني: (إن الإنسان ليس شبيه بالحيوانات لتكون حياته حيوانية وننتهي بذلك. الإنسان يقع فوق مرتبة الحيوان حيث انه يملك العقل الذي يمكن ان يصله الى مكانة لا توصف، قد يصفها البعض بالإلوهية).

على هذا الأساس فالإنسان هو كائن بامكانه من خلال قدراته وموهبته الوصول الى اعلى درجات الكلمات والمعنويات. وان ضرورة ارسال الأنبياء والرسل الإلهية ترتبط نوعاً ما بهذه المسألة التكاملية ورغبة الإنسان بالتكامل. ولكن اذا كان مطامح الإنسان كالكائنات الاخرى في الحياة المادية، لم تكن هناك حاجة لبعثة الرسل وابلاغ الرسالة الالهية. ولإن الإنسان كما يعبر عنه الإمام الخميني لديه قدرات سامية ويتمتع بعقل مجرد وستكون لديه ابعاد مجردة ايضاً لذلك فإن بالامكان تربية مثل هذا الإنسان. وبصورة عامة فالإنسان بمثابة مجموعة بحاجة الى كافة الاشياء لكي يصل الى السعادة الحقيقية ويصل الى مكانة لا يرى فيها إلا الله سبحانه وتعالى. لا ويصل الى ما بعد الطبيعة وتحقيق اي شيء عملياً).

إذاً فالإنسان من الناحية الجوهرية هو إنسان ناطق وبالامكان تربيته، وعند تربيته يصبح بالامكان تزكيته واصلاحه وتحجيم شهوته وغضبه ونزعته للسيطرة وإزالة طبيعة التهور منه كي لا يتجأوز حقوقه وحدوده. لكن في غير هذه الحالة فإن مثل هذا الإنسان سيقف عند حدود حيوانيته أو حتى أسوأ من ذلك. كما إن هناك عوالم الغيب والشهود موجودة في الإنسان ولكل منها تربيتها الخاصة سواء على البعدين المادي أو المعنوي. واستناداً لنوع التعليم والتربية يصل الإنسان الى أسمى معاني التكامل والصلاح أو قد ينحط إلى أرذل درجات الفساد. وعلى هذا الأساس فإن فطرة الإنسان هي فطرة الهية تدعو الى الحق والعدل. وهذه تعتبر رحمة الهية خص بها الإنسان. اذاً فإن فطرة الإنسان تتمتع بخصائص خاصة بالإنسان نفسه فقط وبقية الكائنات تفتقد ذلك أو لديها القليل جداً منه.

إن المبادئ والوسائل اللازمة للفطرة حسب نظرة الإمام الخميني هي:

الفطرة على أساس وجود المبدأ.

الفطرة على أساس التوحيد.

الفطرة على أساس جمع الذات المقدسة لكافة أنواع المطلق

الفطرة على أساس المعاد.

الفطرة على أساس النبوة.

الفطرة على أساس وجود الملائكة وإرسال الكتب والاعلان عن سبل الهداية.

الفطرة على أساس البحث والسعي وراء الكمال.

الفطرة على أساس الانزجار من النقص.

الفطرة على أساس حب الراحة.

الفطرة على أساس الابتعاد عن الألم والجدل والنقاش.

الفطرة على أساس حب السعادة وتجنب التعاسة.

الفطرة على أساس حب الحرية.

الفطرة على أساس حب الخلود والأبدية.

الفطرة على أساس حب العدالة والانزجار من الظلم والقهر.

الفطرة على أساس حب الإستطلاع والحقيقة وطلب الحق.

إن السعادة الحقيقية للإنسان تتحقق بطي طريق التهذيب والتزكية والصراط المستقيم للعدالة والاعتدال، وإن الشرع والعقل هما معيار هذه الحركة.

يعتقد الإمام الخميني إن الفطرة وأحكامها تم وضعها في طينة وجوهر الإنسان، وإن كافة البشرية متفقة عليها وبالرغم من ذلك فإن البعض يتجاهلها. من ناحية اخرى فإن الهموم المادية والاهواء تضع حجاباً على فطرة الإنسان والطريق الوحيد للتخلص من هذا الحجاب هو تنمية هذه الفطرة وهي احدى اهداف الأنبياء، وكما قال الإمام الخميني:

»إن الحق تبارك وتعالى، وبعنايته الازلية ورحمته الواسعة بعث الأنبياء العظام(ع) الى البشرية وانزل الكتب السمأوية لتربية الإنسان ومساعدته في تنمية فطرته الجوهرية، وانقاذ نفسه. لذلك فإن الأحكام السمأوية والآيات الإلهية الباهرة وتعاليم الأنبياء العظام والأولياء الصالحين قد جاءت وفقاً للفطرة التي جبل عليها الإنسان«.

على هذا الأساس فإن الإمام الخميني وعلى ضوء الخصائص التي يتمتع بها الإنسان كما رسمها، وعلى ضوء مكانة وشأن الإنسان، يرى ان مصلحة وسعادة الإنسان الحقيقية تكمن في أن هذا الكائن ذات الابعاد المتعددة والذي يتمتع بمواهب داخلية عظيمة بإمكان الوصول الى مكانته الحقيقية التي تتمثل في ان يكون خليفة الله في الأرض.

من وجهة نظر الإمام الخميني فإن الإنسان هو خليفة الله على الأرض وهو كائن عظيم وسامي ويملك فطرة سليمة ومواهب بامكانها ان تصله الى السعادة الابدية والحقيقية. لكن المهم أن يتمكن من استخدام هذه المواهب بالصورة الصحيحة ويقف على طريق الصراط المستقيم والعدالة التي تمثل أصعب طريق، لكي يصل إلى الإنسان الحقيقي الموجود في داخله. ولكي يصل الى هذه المرحلة هناك مراحل يجب أن يقطعها عبر التربية والتعليم وتزكية النفس بصورة مستمرة ودائمية.

يعتقد الإمام الخميني، إن الإنسان في الأصل هو ابن الطبيعة وعلى هذا الأساس فإن مكانة تربيته وتكامله هو هذه الطبيعة، لذلك فهو يقف داخل حجاب وتقف معاه معنوياته وفطرته الإلهية وتعمل تدريجياً إلى فصله عن أحكام الطبيعة وترشده الى المعنويات والملكوت.

»ان الإنسان الذي تم تربيته بصورة صحيحة سيكون مفيداً للمجتمعات بصورة حتى الملائكة والكائنات الأخرى لا يمكنها أن تكون مفيدة بهذا الشكل. إن أساس العلم هو تربية الإنسان. ولقد جاء الأنبياء لتحقيق هذا الهدف، أي ترشيد الإنسان من عالم الطبيعة نحو عالم المعنويات وما وراء الطبيعة. لقد جاءوا لكي يصلوا بهذا الكائن الطبيعي من الحالة الطبيعية الى حالة سامية وما وراء الطبيعة وما وراء الجبروت«.

يعتقد سماحته (إن دائرة الوجود تنتهي بالإنسان الكامل) وإن كمال الإنسان هو رهن بمكارم أخلاقه وقيمه.

إن السعادة الحقيقية للإنسان تتحقق بطي طريق التهذيب والتزكية والصراط المستقيم للعدالة والاعتدال، وإن الشرع والعقل هما معيار هذه الحركة.

»إن الأنبياء(ع)، وضعوا القوانين وأنزلت الكتب السمأوية عليهم لكي يحدوا من تطرف الطبيعة والأهواء النفسية في اطار قانون العقل والشرع.. إذاً فإن أي إنسان يواكب غرائزه مع القوانين الإلهية والعقلية فإن ه سيكون سعيداً ومن أهل النجاة.

من وجهة نظر الإمام الخميني فإن القرآن (النسخة الكاملة للوحي الإلهي يعتبر كتاباً لصناعة الإنسان). لذلك فإن تطبيق قوانين وتعاليم القرآن الكريم وإقامة حكومة إسلامية بإمكانها أن تكون الأرضية المناسبة لصناعة الإنسان.

وعموماً، فإن هذا النوع من النظرة للوجود والإنسان قد تركت تأثيراً شديداً على نوع النظرة للسياسة وسبل ادارة هذا العالم كما اثرت على الافكار السياسية للمۆمنين بهذا الوجود والإنسان.

اعداد: سيد مرتضى محمدي


القانون الثوري الذي اعتمده الإمام في تبليغ رسالة الإسلام العالمية

توجهات الإمام الخميني(قده) حول الصحوة الإسلامية

الثورة الإسلامية حادثة القرن

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)