• عدد المراجعات :
  • 7207
  • 3/12/2013
  • تاريخ :

جرعة الحب التي يحتاجها الرضيع

نوم الطفل

الطفولة عالم جميل، لكن الكبار أحيانا يحرمون أنفسهم من التمتع بهذا العالم الرائع. إن مجرد الاتصال بالأطفال واللعب معهم، ملاحظة براءتهم، طريقة حديثهم، توارد الأفكار والخواطر عليهم، انطلاقهم في عبثهم وغير ذلك... يوجد بحد ذاته أجواء مفعمة بالمحبة والحنان.

ان الطفل لا يحتاج فقط الى الرضاعة واشباع جانب التغذية لديه، خلال العامين الأولين من عمره، إنما بحاجة أكثر الى الجانب المعنوي، لذا نرى دائماً الطفل الذي يمتلك صفات وخصال كريمة، ويحظى بالاستقرار والهدوء، نعرف قطعاً إنه تلقى مع اللبن في بداية حياته، المحبة والحنان والرقّة، بينما نجد من يفتقد هذه المواصفات، يعاني من العقد النفسية والاضطراب، بل يكون علامة فارقة بين جموع الأطفال في مكان واحد.

إذن، يحتاج الطفل للحب الرقيق الذي يتمثل باللمس الرقيق والمسح على الرأس، وما يسمى بـ (الدغدغة). إن إعطاء الطفل الرضيع في هذه المرحلة قدراً من المحبة والحنان، بمعنى إعطائه فرصة النضوج والشعور بضرورة الاهتمام بالآخرين واحترامهم، والأهم من ذلك تكون له قدرة أكثر على إظهار المحبة للآخرين.

*يعطي للكبير ما يأخذه وهو صغير

الطفل الرضيع المظلل بالحنان، يستشعر و يعرف بأنه إنسان، ويعرف الحياة بصورة جميلة وحسنة، ويدرك معنى الأمن والاستقرار، طبعاً بقدر ما يتلقى من عناية ومحبة، بقدر ما يعطيها للآخرين في ما بعد. فالرضيع الذي لا يتلقى حنانا في هذه المرحلة يصبح عنيدا، جافا، عصبيا، أنانياً، لكن تجب ملاحظة درجة الحب فتدليع الطفل الرضيع واجب لكن المبالغة في حمله، والتشدد في أمر نظافته وتحركه هنا وهناك، قد يعطي مردوداً عكسياً عليه وعلى الآخرين، كما تجعل منه في المستقبل انساناً منطوياً على ذاته، يجد صعوبة في الانسجام مع الآخرين .

إن مرحلة الطفولة تمتد من (3 الى 12) عاماً، حيث يبدأ الطفل بالتفرد وتكوين صورة عن ذاته، وهنا تقع على الأهل مسۆولية الموازنة و عدم المبالغة في أي توجيه. فلا قبوله كما هو، ولا رفضه رفضا تاماً، فلا إهماله، ولا حمايته بشكل مبالغ فيه. كل مبالغة بأي اتجاه، من شأنه التقليل من مشاعر الحب عند الطفل.

إن الطفل الذي يعيش في جو يبالغ الأهل فيه بالحماية، حيث يراقبونه في كل عمل يقوم به، ومرافقته أينما ذهب وحلّ، هكذا طفل سيعجز في المستقبل في الاعتماد على نفسه، في وقت تُعد الثقة بالنفس مسألة ضرورية في هذه المرحلة، كما سيكون عاجزاً عن مواجهة الحالات غير الطبيعية من المحيطين به، لاسيما ما يتعلق بمسألة المشاعر المختلفة التي قد لا تكون كلها لصالحه، إذ ربما يسمع كلمات غير محببة أو عنيفة من صغير أو كبير، فينهار أمامها، وفي مرحلة الكِبر لن تكون لديه القدرة على اتخاذ القرار والحسم في مختلف نواحي حياته.

من هنا فإن أهم نقطة في هذه المرحلة هي تدريب الطفل على فن التواصل الاجتماعي، بل يجب أن يتدرب على التعاون والمشاركة مع تقليل حكاية التمركز والتمحور حول الذات التي يحملها معه من فترة الرضاعة، التي إن لم تُكسر بدفعه لمشاركة الآخرين، سيخرج لنا في ما بعد نموذج المُحب لنفسه والأناني النرجسي.

أما منذ بداية العام الثالث، على الأهل مسۆولية تعليم الطفل الموازنة بين الحب والحنان والاهتمام، وبين مشاركة الآخرين ابتداءً من الاخوان والاخوات ومحيط الأسرة، وانتهاءً بالمحيط الخارجي، وفي هذه الفترة ستكون للطفل ذاته ويكون شخصا متفردا له ميزاته أمام الآخرين، وقد يدخل مرحلة مقاومة بردود فعل عصبية ليبقى مع ذاته، وليس مع الآخرين، لكن المحبة وليس العقاب هو الذي يجعله أكثر بصيرة. الطفل في هذه المرحلة يكون أنانياً، ويكون دائم الرفض، وقد يكون سلوكه إنطوائياً أو متخاذلاً بمصّ إصبعه أو الامتناع عن الأكل أو العدوانية.

المسألة بحاجة الى صبر وأناة. بعد الخامسة يكون الطفل أكثر تفهما، إن ساعدناه بالمحبة والتقدير والاحترام والهدوء مع الحزم عندئذ تنصقل شخصيته الأولى و يعرف ما يريد وما يريد منه الآخرون، و بذلك يكون بذرة للإنسان الطالب الناجح أو المتزوج العاقل، و رب العمل الحكيم، وموفقاً في كل ميادين الحياة.

*لا لأزمة الحبّ

إن صعوبة تعليم الطفل الآداب واللياقة في التعامل والمعاشرة، من سمات هذه المرحلة العمرية للطفل، فهو يدرك لذة إثارة غيظ الكبار، لذا فان كثرة الأوامر لا تجعله لبقاً بل محتجاً و عصبيا. لكن بالتدريج وبالهدوء نخلق طفلا يعلم معنى الأخلاق، ويحسن الأدب بإحساسه للمودة والمحبة.

ومن الأمور التي تتكون في هذه المرحلة هي الغيرة، خاصة عند الطفل الأول أو الأكبر، ويجب التعامل مع الشعور بالغيرة بغير قليل من الذكاء والحذر حتى لا يتكون لدينا في المستقبل إنسان غيور إلى درجة المرض. فنحن أمام عملية توازن صعبة، بين المحبة والاهتمام بالأول، وبين أخذ شيء من ذلك الحب والاهتمام ومنحه للثاني الصغير، وهذه العملية يجب أن تتم بسلام ونجاح، ويكون الطفل الأكبر طرفاً فاعلاً فيها، ومن دون ذلك سنكون ليس فقط أمام طفل غيور، بل وانسان ورجل كبير أو إمرأة غيورة، تكن الحقد والحسد والكراهية للآخرين.

من هنا يجب الاستمرار في ضخ الحنان والحب للطفل الأول، وإعطائه الوقت الكافي ليفهم أن شقيقه أو شقيقته المولودة الجديدة لها احتياجاتها، كما هو له أيضاً، وهي ضعيفة ورقيقة، بل هي بحاجة اليه أيضاً، وبهذه الاثارة الانسانية، سيشارك في تلبية تلك الاحتياجات ويحنو على الصغير كما يفعل أبويه.

إن فهم الحاجات النفسية في كل مرحلة والعمل على إشباع هذه الحاجات في الوقت المناسب يساعد على نمو الطفل سليما من الناحية الجسمية والنفسية والاجتماعية. وكلما بدأنا هذه المعاملة الاجتماعية مبكرا كانت قابلية الطفل لها أضمن في المراحل التالية. ولعله من المفيد أن نوضح أهم التوجيهات للتنشئة النفسية في هذه المرحلة التي تۆدي إلى إشباع حاجاته النفسية:

1ـ العمل على تنمية المحبة والتعاون لدى الطفل، والترحيب بمشاركة الآخرين بممتلكاته، وألوان نشاطه، لأن هذه تخرجه عن محبة الذات، لا يتأتى ذلك إلا عن طريق قدوة الكبار للصغار، إظهارهم عاطفة الحب، الإيثار في معاملتهم لهم.

2ـ كسر طوق الرتابة والملل داخل كيان الأسرة، باصطحاب الأولاد في جولات للتنزهة والاستجمام، والذهاب إلى دور العبادة والاماكن المقدسة و زيارة الأقارب. وهناك سيكتسب الطفل آداب الجلوس والحديث و الطعام و احترام العبادة.

3ـ التدقيق في مراقبة أصدقاء الطفل حتى لا يعيش في جو تسوده كلمات القبح والتفاهة فيقسو قلبه، ويميل إلى صحبة المنحرفين. يجب تعويد الطفل على سماع كلمات الود والمجاملة والحب والفضيلة حتى ينفر من سواها.

4ـ التزام الصدق والبساطة في الإجابة عن أسئلة الطفل. من المفيد استشارة الطفل بأسئلة تساعده على التفكير السليم، والتأمل فيما حوله من محتويات البيئة، و ربط بذلك بقصص مبسطة.

كل ذلك يجعل من طريق الحب والحنان وسيلة وسبيلاً نحو تكامل شخصية الطفل، ومنطلقاً نحو مستقبل واعد بالعطاء والألفة والانسجام الاجتماعي.

 

عبد الكريم العامري


العناق افضل من العقاب في تربية الطفل

الرضع أيضا يفكرون..

نوم الرضع على ظهورهم يقلل التهابات الأذن

طول مرحلة الطفولة عند الانسان

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)