تكنولوجيا الفتك بالقاعدة
الطائرات بلا طيار
تظهر خمسة أشهر من الضربات الناجحة ضد زعماء تنظيم القاعدة دقة متزايدة وحملة أمريكية مستترة لمكافحة الارهاب بعد سنوات من الاستثمار المكثف.
فقد قال مسۆول أمريكي ان مقتل أنور العولقي في ضربة لطائرة أمريكية بلا طيار تابعة لوكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي.اي.ايه) في اليمن جاء بعد شهر من جمع معلومات حيوية عن أحد أهم الاهداف الامريكية. لكن انشطة جمع المعلومات تعود لزمن يسبق ذلك كثيرا.
ووسع الرئيس الامريكي باراك أوباما بصورة كبيرة من حربه المستترة على المتشددين الاسلاميين.. لا من خلال زيادة ضربات الطائرات بلا طيار فحسب بل أيضا من خلال عمليات برية للقوات الامريكية الخاصة.
ومن ناحية أخرى أبدت وكالة المخابرات الامريكية والقوات الخاصة اللتين تختلف ثقافتهما وطريقتهما في تنفيذ المهام بصورة كبيرة تعاونا وثيقا على نحو بدا مستحيلا في الفترة التي أعقبت على الفور هجمات 11 سبتمبر أيلول عام 2001 .
وذكر مسۆول أمريكي على اطلاع بالعمليات أن النجاح في مكافحة الارهاب باليمن وباكستان في الاونة الاخيرة لم يكن نتيجة انفراجة مفاجئة بقدر ما كان نتيجة تراكم تدريجي لهذه التغييرات.
وقال المسۆول لرويترز "الفارق الان هو أن سنوات التجارب المتراكمة في اختراق القاعدة وتفكيكها بدأت تۆتي نتائج مثمرة بشكل متزايد."
ولعبت كل من ضربات الطائرات بلا طيار وقوات العمليات الخاصة بدور في أحدث سلسلة من الانتصارات الكبرى مما أدى الى تلاشي الخطوط الفاصلة بين وكالة المخابرات المركزية والعمليات العسكرية في عمليات التعقب المشتركة للمشتبه بهم في جرائم الارهاب.
وفي أغسطس اب قتل عطية عبد الرحمن وهو ثاني اكبر شخصية في قيادة تنظيم القاعدة خلال ضربة وجهتها طائرة بلا طيار في شمال غرب باكستان. كما قتل الياس كشميري الذي تردد أنه قيادي في القاعدة واحدى الجماعات المرتبطة بها في باكستان في ضربة طائرة أمريكية بلا طيار فيما يبدو في يونيو حزيران.
ويأتي هذا عقب قتل اسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة في عملية سرية قامت بها قوات بحرية خاصة في باكستان في مايو ايار مما دفع وزير الدفاع الامريكي ليون بانيتا الى اعلان أن الهزيمة الاستراتيجية لتنظيم القاعدة أصبحت وشيكة.
وقال جوان زاراتي الذي عمل مستشارا لمكافحة الارهاب في البيت الابيض خلال عهد الرئيس الامريكي السابق جورج بوش ان زيادة التنسيق بين وكالة المخابرات المركزية وقوات العمليات الخاصة كان عنصرا أساسيا.
وأضاف "هناك تحسن هائل في التعاون في جمع المعلومات وفي قدرتنا على التصرف بناء على ما لدينا من معلومات وذلك استنادا الى العمل في أفغانستان والعراق."
وتمثل الضربة التي أسفرت عن مقتل العولقي مۆشرا اخر على تحسن استخدام تكنولوجيا الطائرات الامريكية بلا طيار واستثمارها. ومما ساعد في هذا الاسراع من خطى قتل زعماء كبار في تنظيم القاعدة خاصة في المناطق القبلية في باكستان التي يغيب عنها القانون.
وقال جون ناجل وهو ضابط متقاعد بالجيش الامريكي ورئيس مركز الامن الامريكي الجديد للابحاث "انتقلنا من نوع الحرب التي يمثل فيها تحديد العدو سهولة وقتله صعوبة الى نوع الحرب التي أصبح فيها تحديد العدو ومعرفة مكانه هو الصعب نوعا ما."
وظلت ضربات الطائرات الامريكية بلا طيار التابعة لوكالة المخابرات المركزية تقتل زعماء أقل مستوى في القاعدة في المناطق القبلية الباكستانية لسنوات قبل مقتل عبد الرحمن. لكن في أغسطس اب عام 2010 أشار مسۆول أمريكي الى خطط لممارسة القدر ذاته من الضغط على تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
وقال مسۆول أمريكي ان الولايات المتحدة أصبحت الان قادرة على الوصول الى منشات في دول قرب اليمن بما في ذلك المملكة العربية السعودية التي يمكن منها اطلاق طائرات بلا طيار وعمليات برية لمكافحة الارهاب.
وربما تكون لمثل هذه العمليات قيمة بالغة في الوقت الذي يزيد فيه احتمال سعي متشددي تنظيم القاعدة الى ترسيخ وجودهم في اليمن وسط الاضطرابات الداخلية هناك.
وأكد المسۆول الامريكي الرفيع على أن برنامج الحكومة اليمنية لمكافحة الارهاب ظل قويا رغم الاضطرابات.
ويقول مسۆولون أمريكيون اخرون ان الولايات المتحدة كثفت أيضا خلال السنوات القليلة الماضية من جهودها في جمع المعلومات وتنفيذ عمليات في اليمن.
ولا تعمل الطائرات الامريكية بلا طيار في باكستان واليمن فحسب بل ان وكالة المخابرات المركزية تستخدم طائرات من هذا النوع فوق خمس دول على الاقل منها أفغانستان والصومال وليبيا.
وتمثل الطائرات بلا طيار خيارا جذابا خارج ميادين الحرب المعلنة وهو خيار تبنته ادارة أوباما بوضوح.
قال بول بيلر وهو محلل كبير سابق في المخابرات المركزية الامريكية ويعمل الان في جامعة جورجتاون "الامر الذي أحدث فارقا (في الحملة الامريكية على القاعدة) هو تكنولوجيا الطائرات بلا طيار ذاتها والقرار الواضح بالاعتماد عليها بصورة كبيرة حقا في ظل غياب الكثير من الخيارات الاخرى الجيدة."
اعداد:سيد مرتضي محمدي