• عدد المراجعات :
  • 2188
  • 6/14/2012
  • تاريخ :

ابن العلقمي واحفاده -3

جنگ نرم

ولان من طبيعة احفاد ابن العلقمي الخيانة التي تسري فيهم سريان الدم في العروق، فقد اصطفوا خلف بعض وحشدوا كل السبل للتصدي لكل مقاومة ضد اسرائيل، سواء في فلسطين او في لبنان، ولقد كشف موقع ويكيلكس مؤخرا بعضا من جوانب خيانة احفاد ابن العلقمي للقضية الفلسطينية، خاصة آل سعود الذين تبين فيها بعد انهم متهمين بالتخابر مع دولة اجنبية (اسرائيل) ضد الشعب الفلسطيني المسكين والمخدوع باحفاد ابن العلقمي وشعاراتهم، او الساكت عن خياناتهم باموال البترودولار التي اماتت ضمائرهم.

ان احفاد ابن العلقمي في دول الخليج يحلبون خيرات الارض ويمتصون ما تحتفظ به جيوب الفقراء ليدفعوا بها الى بنوك (الكفار) في نيويورك كلما مر (الصليبيون) بازمة مالية، ولذلك تراهم خسروا (6) ترليون، مليون مليون، دولار في الازمة الاقتصادية العالمية الاولى، وهم اليوم يحاولون انقاذ اقتصاد (الكفار) بالاعلان عن صفقات السلاح التي جاوزت الـ (80) مليار دولار، طبعا من دون ان يستلموا حتى قطعة سلاح واحدة، فالصفقة عنوان يتسترون خلفه اما الحقيقة فهي رشاوى يقدمها الـ (آل) مقابل ان يحمي (الكفار) سلطتهم.

واليوم اذ يمر الوطن العربي بربيعه غير المتوقع لدى كثيرين، اذا باصوات الشعوب العربية ترتفع عالية، وبصراخ وعويل وبكاء وثبور قل مثيله، تطالب الناتو تارة ومجلس الامن الدولي اخرى والولايات المتحدة الاميركية ثالثة، والمجموعة الاوربية رابعة، بالتدخل بكل السبل لصالح ربيعها لانقاذه من بطش الحكام العرب، لتتحول ظاهرة (ابن العلقمي) الى ظاهرة شعبية، بعد ان كانت تقتصر على الانظمة الحاكمة فقط.

اذا بكل ما عابوه على العراقيين عند سقوط الصنم في التاسع من نيسان عام 2003، يعدوه اليوم فخرا يتسابقون فيما بينهم من اجل ان ينالوا نصيبهم منه، على الرغم من فارقين كبيرين في الموقفين يحاول احفاد ابن العلقمي اخفاءهما عن الراي العام:

الاول: هو ان العراقيين لم يطلبوا، لا شفهيا ولا تحريريا، من اية قوة عظمى التدخل عكسريا لاسقاط الطاغية الذي كان يحكم في بغداد، فالولايات المتحدة وحلفاءها، ذهبت الى العراق بقرار دولي مدعوم بتاييد عربي و (اسلامي) واضح، وهي لم ترسل جيوشها المدججة بالسلاح بناء على تفويض من العراقيين، لا كشعب ولا كقوى وحركات معارضة، وهي استفادت من اراضي واجواء دول الجوار لشن غاراتها الصاروخية والجوية ضد العراق بعد تفويض كانت قد حصلت عليه من احفاد ابن العلقمي في تركيا والمملكة العربية السعودية وقطر والكويت والاردن وغيرهم من الدول التي لواشنطن فيها قواعد عسكرية، اما الناتو فقد ذهب الى ليبيا بتفويض من احفاد ابن العلقمي، الثوار النشامى والجامعة العربية، كما انه قد يذهب الى سوريا واليمن واي بلد عربي آخر بتفويض من احفاد ابن العلقمي، كما نسمع اليوم مطالبتهم وبالفم المليان من الولايات المتحدة للقدوم الى بلدانهم لتحريرهم من براثن الانظمة الديكتاتورية، ومع ذلك فقد تجمع (المجاهدون) كالجراثيم في العراق لمقاومة المحتل، طبعا من دون تفويض من العراقيين كذلك، وانما تدفعهم الى ذلك فتاوى التكفير الطائفية وشعارها، اقتل رافضيا تدخل الجنة، اما في الربيع العربي فهم انفسهم، من يتوسل الناتو وغيره للتدخل عسكريا لتحريرهم من سطوة الطغاة واقامة الديمقراطية لهم.

جنگ نرم

الثاني: هو ان طاغية ليبيا لم يرتكب من الجرائم ضد شعبه معشار ما ارتكبه طاغية العراق ضد شعبه وضد جيرانه، ومع ذلك فلقد اعتبر اعلام احفاد ابن العلقمي ونظامهم السياسي ومؤسستهم الدينية الفاسدة، الاول ظالما كافرا مرتدا مستحقا للقتل، حتى انهم اهدروا دمه بفتوى دينية، اما الثاني فمؤمن مظلوم وشهيد.

ان القذافي لم يقصف شعبه بالسلاح الكيمياوي كما فعل الطاغية في حلبجة، ولم يشن حروبا عبثية ضد شعبه وضد جيرانه لتؤدي الى قتل الملايين وتدمير البلاد وتضييع خزينة الدولة، كما انه لم يغز اي من جيرانه، ولم يتسبب باحتلال بلاده كما فعل الطاغية الذليل، ولم يملأ بلاده بالمقابر الجماعية.

ومع كل هذا، انظروا كيف تعامل العراقيون مع طاغيتهم، عندما عرضوه على القضاء في محاكمة عادلة هب القريب والبعيد من المحامين العراقيين والعرب للدفاع عنه، كان من بينهم ابنت العقيد المخلوع، والتي ضاقت بها الارض اليوم بما رحبت، ثم ولت مدبرة الى الجزائر.

ولقد تذكرت للتو، فقهاء البلاط ووعاظ السلاطين في طول بلاد المسلمين وعرضها، اولئك الذين ازعجوا ضحايا الطاغية الذليل بفتاواهم التي استقبحوا فيها عملية اعدامه لمجرد انها حصلت في يوم عيد الاضحى المبارك، فيما اعتبروا الطاغية شهيدا لمجرد انه شهد الشهادتين قبل اعدامه، ولكنهم لاذوا اليوم بصمت اهل القبور وتلفعوا بسكوت الشيطان الاخرس ودخلوا في جحورهم ودسوا رؤوسهم في التراب كالنعامة ومؤخرتهم شاخصة للعيان، من دون ان ينبسوا ببنت شفة عما حصل للعقيد المخلوع الذي قتل شر قتلة، فلم نسمع منهم حسيسا او تمتمة تشجب او تستنكر الفعل الشنيع لاحفاد ابن العلقمي في ليبيا، كما لم نسمعهم يقلدونه وسام الشهادة على الرغم من انه شهد الشهادتين في وصيته التي كتبها قبل مقتله، بعد ان لم يمهله الثوار النشامى وقتا لترديدها على لسانه قبل قتله وبطريقة وحشية.

وفجاة تنقلب الموازين، فاذا بالمجاهدين الابطال، الذي تجمعوا كالجراثيم في العراق للجهاد ضد المحتل الغازي الكافر، الولايات المتحدة الاميركية، يستقبلون سفيرها، سفير السلام والمحبة والديمقراطية في عدد من المدن السورية استقبال الابطال، يمطرونه بالورود ويحملون سيارته على الاكف احتفاءا بمقدمه، ولو امهلهم السفير بعضا من وقته الثمين لنحروا بناتهم عند قدميه، وكانهم لم يعلموا بانه سفير (المحتل الكافر الغازي) الذي قالوا بانهم يريدون مقاتلته على ارض العراق تحديدا وليس على اية ارض اخرى، ليموتوا فيتناولوا العشاء في الجنة مع رسول الله (ص).

وبينما كانت ابواقهم الدعائية تحرض على المقاومة وقتل احفاد ابن العلقمي في العراق، الرافضة، الذين تعاونوا مع المحتل لاسقاط نظام رمز العروبة والقائد الضرورة، اذا بهذا المحتل معززا مكرما ومدللا في ليبيا، يحتفي به الثوار كواحد من اهل الدار، فياهلا بالقصف الجوي الذي يشنه الناتو على مدى ثمانية اشهر، ليقتل الابرياء والعزل من ابناء الشعب الليبي، اما اليوم الذي قصف به الناتو رتل العقيد المخلوع ليلقي الثوار القبض عليه ومن ثم يقتلوه شر قتلة، فهو من ايام الله، على حد وصف احدى الناشطات الليبيات.

ويستعجل الناتو انهاء عملياته العسكرية في وعلى الارض اليبية، لا ادري لماذا؟ فالليبيون يطلبون المزيد من القصف والحظر الجوي ليساعدونهم على التصدي لفلول النظام البائد، اما في العراق فالامر يختلف جذريا، اذ يجب ان يرحل الاحتلال فورا بعد اسقاط الصنم، من اجل ان يتسنى لايتام النظام البائد العودة مرة اخرى الى السلطة.

لقد اماط الربيع العربي اللثام عن حقيقة في غاية الاهمية، هي ليست جديدة ابدا، وانما هي حقيقة تاريخية منذ ان خلق الله تعالى الحياة، وستستمر الى يوم يبعثون، والحقيقة هي ان لكل طاغية طريقة لاسقاطه، فاذا كان فيه بقايا عقل او شاءت المصالح العليا للقوى العظمى ان تتخلى عنه بمجرد ان ينفجر الشارع ضده، فانه سيسقط باسرع واسهل مما يتصور كثيرون، كما حصل لفرعون مصر وطاغوت تونس، اما اذا كان هذا الطاغوت قد فقد آخر ذرة من عقله وقرر ان يتنحى عن السلطة بلا كرامة وان يموت بلا حياء او يتشبث بقول عرب الجاهلية (علي وعلى اعدائي) فان من المحتمل ان يستنجد شعبه ربما بالشيطان من اجل ان يساعده على التخلص منه، كما حصل في ليبيا وكما هو المتوقع في ان يحصل في اليمن وفي غيرها من البلاد العربية، وهو الامر الذي حصل في العراق عندما قرر الطاغية الذليل ان يختفي في بالوعة ليخرج منها مذموما مدحورا، يشبه شكله بقرة تقاد الى المسلخ، فاتحا فاه ليفحصه الطبيب المختص.

ولذلك، فلا لوم على الشعوب اذا ما استنجدت بمن تراه قادرا على مساعدتها من ورطتها مع الطاغوت، بغض النظر عن العناوين، فتارة تستنجد بالامم املتحدة ومجلس الامن، او ما يسمى بالشرعية الدولية، وتارة بالولايات المتحدة مباشرة واخرى بالناتو وهكذا، فقد تختلف العناوين الا ان النتيجة واحدة، ولعل في قصة ابن العلقمي ما يشبه ذلك كما هو حال العباسيين الذين استنجدوا بالفرس للقضاء على الدولة (العربية) جدا واقصد بها الدولة الاموية، او استنجاد العباسيين فيما بعد بالمماليك للقضاء على خصومهم او لتوطيد سلطانهم، او كاستنجاد (خلفاء الله) على مر تاريخ المسلمين بالقوى الاجنبية للقضاء على من ينافسهم السلطان، كما فعل آل عباد في المغرب وغيرهم، وهكذا، ولذلك يجب ان نكون منصفين عند قراءتنا لطريقة القضاء على الطاغوت، اي طاغوت، من اجل ان لا نظلم شعبا من الشعوب كما حصل مع الشعب العراقي، ومن اجل ان لا نكيل بمكيالين، فيكون تدخل الناتو في ليبيا انتصارا لقيم الديمقراطية اما تدخل الشرعية الدولية في العراق فاحتلال وغزو وما اشبه.

والان:

من هم احفاد ابن العلقمي يا ترى؟.

افتونا ماجورين يا احفاد ابن العلقمي.

بخ بخ لك يابن العلقمي، فلقد حفرت في ذاكرة المسلمين نهجا لن يحيدوا عنه، يتقمصونه ويلجأون اليه كلما ذكروا اسمك، والعاقبة للمتقين، فهل من مدكر؟.

الكاتب: نزار حيدر


ابن العلقمي واحفاده -1

ابن العلقمي واحفاده -2

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)