• عدد المراجعات :
  • 680
  • 4/14/2012
  • تاريخ :

الأزمة السورية- ومراقبة خطة عنان!

سوريه

منذ بداية الأزمة السورية في منتصف مارس/آذار من العام الفائت، ما بين نظام الحكم في سوريا والمعارضة، والتي اعتبرها الكثيرين، تابعة لمسيرة الربيع العربي، من خلال الشكل والأسلوب التي بدت عليه الأحداث، وبروز الشعارات والمطالبات الدالة عليه ومنذ بداياتها الأولى، وآخرين ممن اعتبروا، أن الأمر لا يمكن له الوصول إلى تلك الدرجة، نظراً لاختلافات كثيرة ومنها شكل الدولة والسياسات التي تقوم عليها والبيئات الإقليمية والدولية المحيطة بها، خاصة موقعها بين "دول الممانعة"، الذي من شأنه – أدبياً وأخلاقياً- منع قيام أي أزمات داخلية من هذا القبيل، واللجوء إلى المواجهة الدبلوماسية والحلول السلمية، النابعة من أصحاب الأرض الواحدة، والقضايا المصيرية المشتركة، حيث كان هناك من أيّد من الطرفين، حيث بدأت التنازلات السياسية من قبل النظام، وكان التجاوب من قبل أطرافاً عدة في المعارضة، لكن كما بدت الأمور فإن شيئاً مختلفاً قد حدث، أشارت إليه وبحدة، تسارع الأحداث وتطورها، لا تتمثل في التجاذبات الحاصلة بين نظام الحكم والمعارضة، وما تخللها من أحداث دامية فحسب، بل من جهة السماح من قبل الطرفين، لقوىً خارجية بالتدخل مباشرةً أو بطرق أخرى، من أجل المساعدة – كما يبدو لهما- في إدارة أحداثها لصالحه، على أمل انتهاءه من هذه الأزمة سريعاً وعودة الحياة إلى طبيعتها.

وكون الجامعة العربية طرفاً داخلياً محضاً، وليست بأي حال، أن تكون طرفاً خارجياً، فقد رحّبت الدول والأطراف بتدخلها، بغية المساعدة في التوصل إلى حل ما يعيد الأمور إلى نصابها، وقد تم التوقيع على بروتوكولٍ خاصٍ، فيما بين الجامعة والقيادة في سوريا، كان على أثرها القيام بخطوات وإجراءات عملية، تقوم باتخاذها القيادة السورية، من قبيل، وقف العنف وتسريح المعتقلين السياسيين واعتماد المفاوضات سبيلاً في حل الأزمة، يتم تنفيذها، من خلال وحدة مراقبة عربية، تعمل في مهمة حماية الاتفاق.

ولا شك فقد كانت ساهمت الجامعة العربية "بمجموعها" جهدها، - بالرغم من ملاحظات كثيرة ضدها- في تنفيذ ما اتفق بصدده، من مراقبة، ومتابعة ومحاولة تقريب وجهات نظر، وكانت عانت من ثقل الاتهامات التي كانت توجهت بها الأطراف، من كافة الأفرقاء في الدولة والمعارضة على حدٍ سواء، وسواء بالتشكيك في صدقيتها من قبل المعارضة، أو بالانحياز للمعارضة من قبل النظام، إلاّ أن ذلك لم يكن ذا أثر يُذكر، في شأن إفشال خطط الجامعة وتشتيت دورها في عملية الحل، بالرغم من القرارات العقابية التي اتخذت ضد سوريا بحجة عدم تقيدها بما اتفق عليه، ورد الفعل السوري تجاهها، فقد حدث ذلك عندما كانت هناك بين الدول المنتمية إلى الجامعة العربية، من تقضي بأمرين وتقول بموقفين، وبلسان عربي وآخر أعجمي، يُقر بالفشل ويدعو إلى التدويل.

وبعد شدٍ وجذب طويلين وشاقين، في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، برزت خطة "كوفي عنان" حيث سارعت الدول وللوهلة الأولى، إلى الترحيب بها وإسنادها، وخاصةً من دول متضادة حول هذه الأزمة، كالولايات المتحدة وروسيا، أو تركيا وإيران أيضاً، والتي لا تختلف كثيراً عن خطة الجامعة العربية التي سبقتها، حيث تناولت بنوداً ستة، وافقت عليها القيادة السورية، وتعهدت بتنفيذها، وهي: إلزام سوريا بالعمل مع مبعوث الأمم المتحدة "عنان" في عملية سياسية شاملة تتعهد بها سوريا للاستجابة للتطلعات المشروعة ومخاوف الشعب السوري. والتزامها بوقف القتال، وبالوقف الفوري لتحرك القوات وعدم استخدامها للأسلحة الثقيلة في المناطق السكنية. ووقف كل أشكال العنف تحت إشراف الأمم المتحدة. على أن يبحث "عنان" تعهدات مشابهة من قبل المعارضة لوقف القتال.

كذلك تسهيل مهمة إيصال المساعدات وإجلاء الجرحى. والتعهد بتكثيف وتيرة الإفراج عن المعتقلين بصورة تعسفية، وتقديم قائمة بأسماء الأماكن التي يحتجزون فيها. وبضمان حرية تحرك الصحفيين بأرجاء البلاد، وباحترام حرية التجمعات والتظاهر السلمي المكفول قانوناً.

وعلى أية حال، فإن هذه النقاط، وفي حال موافقة القيادة في سوريا، ومباركة الدول الأخرى لها، كما يبدو ظاهراً على الأقل، فإن هناك إمكانية ميسرة في أنهاء الأزمة، والتوصل إلى حلول مرضية.

ولهذا فإن من الضروري الحفاظ على هذه النقاط وحمايتها، من أن تطالها التدخلات التي يسوؤها الاستقرار في القطر السوري، خاصةً وأن هنالك جهات بدأت تتململ، عن طريق التقليل من قيمة الخطة والتشكيك بها، من حيث إمكانية التقيد ببنودها، والتي بدأتها المعارضة كما في كل مرة، حيث شككت بعدم جدوي المبادرات السياسية ككل، لعدم قناعة النظام السوري بها، وعدم تقيده بتنفيذها، وأن عملية الانسحاب التي وافق عليها النظام، لا تتعدى عملية "إعادة انتشار"، ومعتمدةً على ما صرح به، سفير الولايات المتحدة لدى سوريا " روبرت فورد" من أن صور الأقمار الصناعية الأمريكية، لم تؤكد بعد، انسحاب القوات النظامية من المناطق، التي كانت أعلنت عنها، بل وأظهرت صور الدبابات والمدفعية الثقيلة، التي ما زالت ترابط في مواقع تطل على بعض المدن السورية.

ثم تأتي الملاحظات السورية، التي تأتي متأخرةً بعض الشيء، من قبيل رفضها تقيّدها وفقاً لخطة "عنان" بخطوة انسحاب الجيش النظامي من المدن السورية، إلى حين تسلمها تعهداً "خطياً" من قبل "المتمردين" المعارضة، ليس بعدم دخولهم تلك المدن التي ستنسحب منها قوات الجيش النظامي، بل وإلقاء الأسلحة التي بحوزتهم أيضاً، بعد أن كانت القوات النظامية قد قامت بالفعل، من الانسحاب من بعض المناطق وقبل يوم العاشر من هذا الشهر، الأمر الذي من شأنه أن يجعل خطة "عنان" في خطر، إن لم تكن في طريقها للوقوع بذات المصير، الذي اكتنف خطة جامعة الدول العربية، لاسيما وأن حالة العنف على أرض الواقع، لم تتوقف حتى الآن، وحدث سفك مزيداً من الدماء، وهذا بأي حال غير مقبول.

هذه المعطيات جعلت "عنان"، حيث كان على اتصال مستمر مع الحكومة السورية، يهرع إلى متابعة الأمر لدى القيادة السورية، وحثها على الالتزام بالخطة، وعدم انتهاك أحد نقاطها، ودعا إلى الوقف الفوري لإطلاق النار، وعدم اللجوء إلى عمليات سفك الدماء. وقام إلى الطلب من جميع البلدان، التي لديها نفوذ على الأطراف لاستخدامه الآن، لضمان نهاية لسفك الدماء وبدء الحوار السياسي بين الأطراف.

وفي هذه الأثناء، ووسط التطورات والمتغيرات المتسارعة، وأيضاً ونحن نقترب من الموعد المحدد في العاشر من أبريل/نيسان، للبدء في تنفيذ بنود الخطة، يتوجب على الطرفين "نظاماً ومعارضة" مراقبة ذاتيهما قبل مراقبة خطة "عنان" لهما، لما يترتب على ذلك، من عواقب وتداعيات مختلفة غير مرغوب فيها، والإسهام بكل جديةٍ وصدق، في رأب الصدع من خلال إظهار حسن النوايا، وإعمال العقل، والامتثال امتثالاً تاماً لالتزاماتهما بالخطة، في هذه المرة، دون النظر إلى أجندات أخرى، شرقية كانت أو غربية، والعمل بشكل عاجل لوقفٍ كاملٍ لكافة الأعمال العدائية، وتوفير مساحة مناسبة وملائمة، لوصول المساعدات الإنسانية للجرحى والمحتاجين، وتهيئة الظروف لمباشرة العملية السياسية، التي من شأنها تلبية التطلعات الشرعية، واهتمامات الشعب السوري بشكل عام.

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)