• عدد المراجعات :
  • 835
  • 3/9/2012
  • تاريخ :

كيف يستوعب نشيد الطفل القيم الاجتماعية؟

دستشويي کودک

تتمثل القيم الاجتماعية في المعايير والمثل التي تضبط علاقة الطفل بمجتمعه, وينضوي تحت هذه القيم كل ما يضبط العلاقة مع الآخر والجماعة والمجتمع, وأول ما يمكن أن نمثل له ها هنا هو "سلوك الطفل في أسرته" (مجتمعه الصغير) بكل أفرادها: الأم، والأب، والإخوة، والأخوات، وما يسود بينهم من حب واحترام وتعاون وما إلى ذلك من القيم التي تجعل من الأسرة مثالاً يحتذى به..

ولعل بر الوالدين هو القيمة الأكثر شمولاً على صعيد الأسرة، فهي إلى جانب كونها قيمة أخلاقية، بل ودينية أيضاً, فإنها كذلك قيمة اجتماعية لأنها اللبنة الأولى في تأسيس العلاقة بين الطفل ووالديه، لذلك كان حرياً بنشيد الطفل أن يركز على هذه القيمة ويرسخها:

أُمِّي،  أبِيْ،   أنا   دائماً   طفلٌ   صغيرْ

ما  دُمْتُ   قُرْبَكُما   أنا   طفلٌ   صغيرْ

والحُبُّ  في   قلبي   يُنِيرُ   مَدَى   الحَياهْ

والبِرُّ   يَجْعَلُنِي   سعيداً   في    الحياهْ..

***

مُنْذُ البِدايَهْ

والحُبُّ في قلبي نشيدٌ ما لَهُ أبداً نِهَايَهْ...

***

في  وَجْهِ  أُمِّي  كمْ  يَلُوحُ  لِيَ   الحَنَانْ

وكَذَا   أبِي   في   ظِلِّهِ    كُلُّ    الأمَانْ

قدْ   رَبَّيَانِيْ   مُذْ    أنا    طِفْلٌ    صغيرْ

والفَضْلُ  لا  يُنْسَى  وإنْ  طَالَ   المَصِيرْ

***

مُنْذُ البِدايَهْ

والحُبُّ في قلبي نشيدٌ ما لَهُ أبداً نِهَايَهْ...

 

ولأن الأسرة هي البيئة الأولى التي يتأسس فيها الطفل فهو يتشرب منها أصولَ التعامل مع المجتمع الكبير, ومَنْ أكثرُ أمانةً من الوالدين في تربية السلوك الاجتماعي عند الطفل وتهذيبه؟ فمنهما يتعلم آداب التعامل مع الآخر..

وهنا نموذج مصغر لهذا التعامل:

قدْ زَارَنا بعضُ الأَقَارِبِ  في  المَساءْ

دَخَلُوا   وحَيَّوْنَا    وقَابَلَهُمْ    أبي:

أهلاً وسهلاً،  بَيْتُنَا  مَعَكُمْ  أضَاءْ..

وبَشَاشَةٌ   في   وَجْهِهِ   لم    تَغْرُبِ

***

قدْ  مَرَّ  وقتٌ  لمْ   تكونوا   بَيْنَنَا؟!

قالُوا لَهُ:  هذا  يَعُودُ  إلى  الظُّرُوفْ

فَأجَابَهُمْ:   تَشْرِيْفُكُمْ   قدْ    سَرَّنَا

والبيتُ  بَيْتُكُمُ  فأهلاً  بِالضُّيُوفْ..

***

ومَضَى أبي بِكلامِهِ العَذْبِ الْجَمِيلْ

يَتَبادَلُ   الأخْبَارَ   بَيْنَ    الحَاضِرِينْ

يَتَضَاحَكُونَ فَقَدْ مَضَى وقتٌ طويلْ

لمْ   يَجْلِسُوا    بِمَوَدَّةٍ    مُتَسَامِرِينْ

***

حَوْلَ  الْعَشَاءِ  تَحَلَّقُوا   مُسْتَبْشِرِينْ

وأبي   يُرَحِّبُ    بَاسِمَاً    ويُعَلِّلُ..

سَأكُونُ مِثْلَ  أبي  أُضِيْفُ  الزَّائِرِينْ

وبِهِمْ    أُرَحِّبُ    مِثْلَهُ    وأُهَلِّلُ..

 

الطفل هنا يصف كيف يرحب أبوه بالضيوف ويكرمهم, إنه هنا لا يتعدى كونه شاهداً وقاصاً، لكنه رغم ذلك  ينبئنا بأنه سيسلك نهج والده في الضيافة،والذي سيؤسس لعلاقة الطفل - فيما بعد - مع الأهل والأصدقاء والجوار.

ينتقل الطفل في مرحلة تالية إلى التعامل مع جيرانه, وهم أكثر أفراد المجتمع الخارجي التصاقاً به في هذه المرحلة, لذلك لا بد من ضبط هذه العلاقة وبنائها بشكل سليم:

جارِيْ       يَسِيرُ        وفي        يَدَيهْ

حِمْلٌ                              كبيرْ..

أسرعتُ       مِنْ       فَوْرِي       إلَيهْ

وهُوَ                            الضَّرِيرْ..

ساعَدْتُهُ         وحَملْتُ          عَنهُ..

حَدَّثْتُهُ          وسَمِعْتُ           مِنهُ..

أوْصَلْتُهُ  ومَضَيْتُ   في   دَرْبِيْ   سعيدا

ما   أجملَ   الإحْسانَ   أقْرَؤُهُ   نشيدا!

***

اَلْجَارُ              قبلَ              الدَّارْ

فَلْتُحْسِنُوا                          لِلْجَارْ

***

يوماً رأيتُ  ابْنَ  الْجِوَارِ  على  الطريقْ

يُلْقِي القُمامَةَ عِندَ  بابِ  الْجَارِ  خُلْسَهْ

نَادَيْتُهُ..   أسْدَيْتُ   نُصْحاً   لِلصديقْ:

مَنْ صانَ جاراً يا صديقي صانَ نَفْسَهْ..

***

اَلْجَارُ              قبلَ              الدَّارْ

فَلْتُحْسِنُوا                          لِلْجَارْ

***

وإذا   مَرِضْتُ   يَعُودُنا   كُلُّ   الْجِوَارْ

في  لَهْفَةٍ   تَبْدُو   كَشَمْسٍ   في   النَّهارْ

لِيُخَفِّفُوا           مِنْ           شِدَّتِي..

فَلْتُشْرِقِي           يا            بَسْمَتِي!

حَقَّاً  فَرِحْتُ   بِهِمْ   وقَلْبِي   قدْ   أَنَارْ

***

اَلْجَارُ              قبلَ              الدَّارْ

فَلْتُحْسِنُوا                          لِلْجَارْ

 

فالعلاقة مع الجار تجسد الكثير من القيم الاجتماعية من مد يد العون والنصح والإحسان وحفظ الجوار وعيادة المريض وتبادل الود والعطايا, فالنشيد وإن كان يكثف هذه القيم جميعها، إلا أنه يقدم بذلك نموذجاً مصغراً لصورة التعامل مع المجتمع ككل.

كما تتضمن أناشيد الأطفال الحديث عن الوطنِ والطفلِ الذي يعيش في هذا الوطن، وصون وكرامته، والدفاع عنه، والذود عن مقدساته، والاعتزاز بتراثه, فالوطن في النشيد التالي هو ذلك البيت الكبير الذي يتعدى الأسرة ليضم الأهل والأصحاب والجوار وكل إنسان فيه يشاركنا ديننا وقيمنا:

لا  نَنْسَى  وطناً   يَجمَعُنا

ويَضُمُّ      إليهِ      أمانينا

كمْ   يُعطينا   كمْ   يَنْفَعُنا

هُوَ   في    دَمِنا    ومآقينا

***

وطني  كُلُّ  بِلادِ   العرَبِ

يَعْمُرُهُ   الناسُ    الشُّرَفاءُ

مَهْدُ العِلْمِ  وبيتُ  الأدَبِ

ولَهُ      تارِيخٌ      وَضَّاءُ

***

أملي  أنْ  تَبقَى  يا  وطني

أحلى وطنٍ  في  المَعْمُورَهْ

أمجَادُكَ     أبْنِيها     بِيَدي

كي تبقى في أعظَمِ صُورَهْ

 

الوطن في هذا النشيد ليس مكاناً فقط، بل هو مستودع الماضي، وإرث الأجداد، ومسرح المستقبل الواعد، ولا شك في أنّ الذود عن الأرض هو جزء لا يتجزأ من الجهاد في سبيل الله، لذلك كان لابد لهذا النشيد وكل نشيد يحمل هذه المعاني أن يحث على بنائه والدفاع عنه بطريقة تستثير المشاعر الدافئة والعفوية عند الطفل، والتي تشبه إلى حد كبير مشاعره تجاه أمه وتعلقه بها.

پدر و کودک

وتتجه بعض الأناشيد إلى حث الطفل على إعمار الأرض وتوجيه الطموح نحو تطوير الوطن والنهوض به:

أبْذُلُ جُهْدِي  حتى  أُغْنِي

بَلَدِي  والكُلُّ   يُسَاعِدُنِي

أعْظَمُ  أهْدافي  أنْ   أبْنِيْ

بَلَداً  أسْكُنُهُ،  يَسْكُنُنِي..

***

هذا يَزْرَعُ.. هذا يَصْنَعْ..

كُلٌّ يَبْنِيْ..  كُلٌّ  يَعْمَلْ..

لا نَهْدِمُ  أبَدَاً  بلْ  نَرْفَعْ..

في بَلَدِي نَبْنِي الْمُسْتَقْبَلْ..

***

سَأُطَوِّرُ    كُلَّ    مَهَاراتي

أتَعَلَّمُ  كيْ   أنْفَعَ   بَلَدِي

أتَعَلَّمُ   كيْ   أبْنِيَ   ذَاتِيْ

فأكُونَ  لَهُ  خَيْرَ  السَّنَدِ..

 

ويبقى الهاجس الأول في نشيد الطفل عندما نتناول هذا الموضوع هو أن نخاطب الطفل على أنه جزء من هذا الوطن يفرح لفرحه ويأسى لأساه, ولابد لنشيد الطفل ها هنا أن يستثير الحماسة البريئة البناءة عند الطفل ليتشرب روح الثقة بأصالة هذه الأمة وصمودها في وجه الطغاة، ولا بد من التذكير بالشهيد وما له من مجد لا يموت, وفضل عظيم في الدنيا والآخرة، لنعمق بذلك قيمة التضحية: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169].

أرْضُنَا  ليستْ   تَزُولْ

كُلُّ  ما   فيها   مَكِينْ

أرضُنا   دَوماً   تَقُولْ:

أنا     قَبْرُ     المُعْتَدِينْ

***

صوتُ أرْضِي لا يَغِيبْ

إنَّهُ    صوتُ    الفِداءْ

عِنْدَما   يَعْلُوْ   نُجِيْبْ

كُلُّنا    بَحْرُ    العَطاءْ

.. هذه لمحة موجزة عن كيفية استيعاب نشيد الطفل للقيم الاجتماعية... ولعل الملاحَظ ها هنا هو التداخل الشديد الذي نلحظه بين القيم الدينية الأخلاقية من جهة والقيم الاجتماعية من جهة أخرى، ولا أشك في أننا سنلحظ هذا التداخل واضحاً مع بقية القيم التي سنأتي عليها لاحقاً، ولا غرابة في هذا؛ لأن القيم الدينية، كما أسلفت، هي أم القيم وأعلاها وعنها تصدر جميع القيم التربوية الأخرى.


كيف دخلت الأسطورة ميدان أدب الأطفال الإسلامي؟

أدب الاطفال اهداف وغايات

القراءة و الطفل

أساليب لتنمية مهارات القراءة

الطفل والكتاب

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)