• عدد المراجعات :
  • 2322
  • 3/3/2012
  • تاريخ :

الدروزية

الدروز

*الدروز هي جمع الدرزي، والعامة تتكلّم بضم الدال، والصحيح هو فتحها. والظاهر انّ الكلمة تركية بمعني الخياط، وهي من الكلمات الدخيلة علي العربية حتي يقال: درز يدرز درزاً، الثوب، خاطه، والدرزي: الخياط.

والدروز فرقة من الباطنية لهم عقائد سرية متفرقون بين جبال لبنان وحوران والجبل الاَعلي في حلب.

ولم يكتب عن الدروز شيء يصح الاعتماد عليه ولا هم من الطوائف التي تنشر عقائدها حتي يجد الباحث ما يعتمد عليه من الوثائق.

نعم كتب عنهم المستشرقون أشياءً لا يمكن الاعتماد عليها، وقد سبق منّا في ترجمة الاِمام الحادي عشر الحاكم باللّه انّ الاِسماعيلية كانت فرقة واحدة وطرأ عليهم الانشقاق بالقول بإلوهية الحاكم وغيبته وهم اليوم معروفون بالدروز، وقلنا: إنّ الحاكم استدعي الحمزة بن علي الفارسي الملقّب بالدرزي وأمره أن يذهب إلي بلاد الشام ليتسلم رئاسة الدعوة الاِسماعيليّة فيها، ويجعل مقرّه «وادي التيم»، ولقبه الاِمام بالسيد الهادي، وتمكن الدرزيّ في وقت قليل من نشر الدعوة الاِسماعيليّة في تلك البلاد إلي أن وصلت إليه وفاة الاِمام الحاكم وتصدي ابنه الظاهر لمقام الولاية، ولكن الدرزيّ لم يعترف بوفاة الاِمام الحاكم بل ادّعي انّه غاب وبقي متمسكاً بإمامته ومنتظراً لعودته، وبذلك انفصلت الدرزية عن الاِسماعيليّة وكان ذلك الانشقاق عام 411ه .[1]

الدروز في موسوعات دائرة المعارف

إنّ الدروز من الفرق الباطنية التي يصعب الاطلاع علي عقائدهم لاَنّهم راعوا جانب الحذر والتكتم عليها، ومع ذلك فقد نقل أصحاب دوائر المعارف أُموراً عنهم، ونحن نقتطف مما جاء فيها:

1. الدروز في دائرة المعارف البستانية[2]

بعد أن ذكرت الموسوعة مراكز توطّنهم وعدد نفوسهم وشيئاً من أحوالهم السياسية والآداب الاجتماعية و ما يزاولوه من المهن كالزراعة والتجارة، والحروب التي نشبت بينهم وبين غيرهم من الطوائف، قالت عن عقيدتهم ما هذا نصّه:

و إيمان الدروز، أنّ اللّه واحد، أحد، لابداءة له ولا نهاية، وأنّ النفوس مخلّدة تتقمّص بالاَجساد البشرية (التناسخ) و لابدّ لها من ثواب وعقاب يوم المعاد بحسب أفعالها، وأنّ الدنيا تكونت بقوله تعالي كوني فكانت، والاَعمار مقدّرة بقوله: "وَ لَنْ يُوَخِّرَ اللّهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها"[3]  وأنّ اللّه عارف بكل شيء، وهم يكرمون الاَنبياء المذكورين في الكتب المنزلة، ويوَمنون بالسيد المسيح ولكنّهم ينفون عنه الاِلوهية والصلب، وأسماء بعض الاَنبياء عندهم كأسمائهم في تلك الكتب، ولبعضهم أسماء أُخري كالقدّيس جرجس، فإنّه عندهم الخضر، وأسماء أنبيائهم شعيب وسليمان وسلمان الفارسي ولقمان ويحيي، وعندهم انّه لابدّمن العرض والحساب يوم الحشر والنشر. وتنقسم هذه الطائفة إلي: عقّال وجهّال. فالعقال هم عمدة الطائفة، ولهم رئيسان دينيان يسمّيان بشيخي العقّال، والاَحكام الدينية مفوضة إليهم.

وعندهم للوصية نفوذ تام، فإنّ الاِنسان مختار أن يوصي قبل موته بأملاكه لمن يشاء، قريباً كان أم غريباً. ولذلك قد منحتهم الدولة العلية منذ القديم قاضي مذهب لدعاوي الوصايا.

وقد أمر عقّالهم بتجنّب الشك، والشرك، والكذب، والقتل، والفسق، والزنا، والسرقة،والكبرياء، والرياء، والغش، والغضب، والحقد، والنميمة، والفساد، والخبث، والحسد،وشرب الخمور، والطمع، والغيبة، وجميع الشهوات والمحرمات والشبهات، ورفض كلّ منكر من المآكل والمشارب، ومجانبة التدخين،والهزل والمساخر والهزء والمضحكات، وجميع الاَفعال المغايرة لاِرادته تعالي،وترك الحلف باللّه صدقاً أو كذباً،والسب،و القذف،والدعاء بما فيه ضرر الناس.

وعندهم انّه علي كلّ موَمن التحلّي بالعفاف،و الطهارة،و الفعل الجميل، والكرم بالعلم، والمال، وخوف اللّه وطاعته، والرصانة،و صيانة العرض،و صدق اللسان، وصونه من الاِفك والاِثم والزور والبهتان مع استمرار ذكر اللّه وتسبيحه وتقديمه، وتقديم الصلوات والتضرعات والتوسلات لعزته تعالي.

ولا يجوز لعاقل أن يخلو بامرأة، ولا أن يرد تحيّتها ما لم يكن بينهما ثالث.

وشأنهم التهذيب وكره الزيف والترف. وكل عاقل ارتكب القتل أو الزنا أو السرقة أو غيرها من الآثام يطرد من مجلس العقال الذين يجلسون فيه للقيام بالفروض الدينية ويبقي مطروداً إلي أن تتحقّق ندامته وتوبته.

ومن شأن الدروز إكرام الضيف،و الشجاعة، والاقتصاد بالمعيشة.

ويسكنون الآن في جبل لبنان وقضاء «راشيا» وقضاء «حاصيا» وإقليم البلان والغوطة والشام وجبل حوران وجبل الكرامل والجبل الاَعلي ومرعش وحلب والحلة والكوفة، ومنهم عشيرة بني لام في العراق، وفي الغرب والهند.

وتناولنا من أحد أُدبائهم جملة أُخري هذا ملخصها:

يوَمن الدروز بأنّ الدنيا حادثة وبوجود اللّه وان لا خالق سواه. وانّه قديم أزلي،أبدي، عادل، لا غرض لفعله، غني لا يحتاج، وحاكم قادر لا يجب عليه شيء، إن أثاب فبفضله وإن عاقب فبعدله، غير متبعّض، ولا له حد ولا نهاية، ويعتقدون القرآن الشريف اعتقاد السنية إلاّأنّهم يخالفونهم في تفسير بعض آياته الكريمة. ويعتقدون أيضاً أقوال حمزة وتعاليمه ويسمّونها كتب الحكمة؛ وتتضمن علم التوحيد، وكيفية خلق العالم وأسبابه وعلله، وذكر الاَنبياء، وأسمائهم وفضائلهم، والاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما يجب علي الاِنسان وما لا يجب عليه، وإثبات المعاد والحساب والعقاب واعتقاد التناسخ، وكون النفوس معدودة محدودة لا تزيد ولا تنقص باقية أزلية لا تفني، مستقرة في أمكنتها غارقة في بحر عظمة اللاهوت، تفني الاَجساد القائمة بها وتتلاشي وهي باقية إلي الاَبد لا تفني ولا تتغير.

وهم ينقسمون باعتبار الطريقة المذهبية إلي قسمين:

طائعون ويعرفون بالعقال، وهم السالكون بمقتضي الطريقة المذهبية، كالامتناع عن التدخين وسائر المشروبات الروحية والابتعاد عن التأنّق في المأكولات والملبوسات وسائر اللذات الدنيوية والاقتصار علي التقشف في المعيشة.

و شراحون ويعرفون بالجهال، وهم المخالفون للعقال في الامتناع عن التدخين والمشروبات الروحية وعن الترفّه في المعيشة والتنعّم باللذات الدنيوية، ولذلك لا يسوغ لهم مطالعة القرآن الشريف، ولا متون الحكمة خلافاً للعقال، لاَنّ عندهم كتباً مقدسة لا يمسّها إلاّالطاهرون. والطهارة عندهم الامتناع عن سائر المحرمات والممنوعات، وإنّما يسوغ لهم تلاوة بعض شروح كتب دينية، ولهذا يقال لهم شراحون. 

و يمتاز العقال عن الجهلاء بكونهم يتعمّمون بعمامة بيضاء ويلبسون الملابس البسيطة كالقباء والعباءة، ونسبة هوَلاء العقال إلي الجهال عدداً أكثر من ثلاثة أرباع.

أمّا شعائرهم في ختان الاَولاد والزواج والطلاق والصلاة علي الجنازة فهي طبق الشعائر الاِسلامية غير انّه ليس من عوائدهم أن يتزوج أحدهم بغير امرأة واحدة، لا يسوغ التزوّج بها ثانية بعد الطلاق علي الطريقة المعروفة بالرجعة، ولهم عيدان: عيد رمضان ويسمّونه بالعيد الصغير، وعيد الاَضحي ويسمّونه بالكبير، ولهم معابد كثيرة معدّة للصلوات يجتمعون فيها كلّ ليلة جمعة، ولاَكثر هذه المعابد أوقاف مخصوصة تنفق حاصلاتها علي لوازم تلك المعابد. ولهم أيضاً معابد أُخري معدّة للاَشخاص الذين يفرغون أوقاتهم لعبادة اللّه تعالي. وتسمّي هذه المعابد ب «الخلوات» وهي كالاَديرة عند المسيحيين عددها 40 في الجبل وخلافه.[4]

2. الدروز في دائرة المعارف المصرية[5]

هذا ما يذكره بطرس البستاني ويصور لهم صورة بيضاء ناصعة ويطهّرهم عن كلّما ينسب إليهم من المنكرات، وفي الوقت نفسه يصوّر لنا الكاتب محمد فريد وجدي صورة مشوّهة عنهم حينما قال:

ظلت معتقدات الدروز في طي الخفاء حتي استولي إبراهيم باشا بن محمد علي علي معابدهم في جبل «حاصبيا» ووجد في كتبهم كنه مذهبهم تفصيلاً منها كلمة الشهادة عندهم :(ليس في السماء إله موجود ولا علي الاَرض ربّ معبود إلاّ الحاكم بأمره).

من معتقداتهم أنّ الحاكم بأمر اللّه هو اللّه نفسه وقد ظهر علي الاَرض عشر مرات أُولاها في العلي، ثمّ في البارز إلي أن ظهر عاشر مرة في الحاكم بأمر اللّه، وأنّ الحاكم لم يمت بل اختفي حتي إذا خرج يأجوج ومأجوج ويسمّونهم القوم الكرام تجلّي الحاكم علي الركن اليماني من البيت بمكة ودفع إلي حمزة سيفه المذهب فقتل به إبليس والشيطان، ثمّ يهدمون الكعبة ويفتكون بالنصاري والمسلمين ويملكون الاَرض كلّها إلي الاَبد.

ويعتقدون أنّ إبليس ظهر في جسم آدم، ثمّ نوح، ثمّ إبراهيم ، ثمّ موسي، ثمّ عيسي، ثمّ محمد، وأنّ الشيطان ظهر في جسم ابن آدم، ثمّ في جسم سام، ثمّ في إسماعيل، ثمّ في يوشع، ثمّ في شمعون الصفا، ثمّ في علي بن أبي طالب، ثمّ في قداح صاحب الدعوة القرمطية.

ويعتقدون بأنّ عدد الاَرواح محدود، فالروح التي تخرج من جسد الميت تعود إلي الدنيا في جسد طفل جديد.

وهم يسبون جميع الاَنبياء، يقولون: إنّ الفحشاء والمنكر هما أبوبكر وعمر، ويقولون: إنّقوله تعالي: "إِنّما الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الاََنْصابُ وَ الاََزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطان"[6] يراد به الاَئمّة الاَربعة وانّهم من عمل محمد.

و يعتقدون بالاِنجيل والقرآن، فيختارون منهما ما يستطيعون تأويله ويتركون ماعداه، ويقولون: إنّ القرآن أُوحي إلي سلمان الفارسي فأخذه محمد ونسبه لنفسه ويسمّونه في كتبهم المسطور المبين.

ويعتقدون أنّ الحاكم بأمر اللّه تجلّي لهم في أوّل سنة (408ه) فأسقط عنهم التكاليف من صلاة وصيام وزكاة وحجّوجهاد وولاية وشهادة.

لدي الدروز طبقة تعرف بالمنزهين وهم عباد أهل ورع وزهد، ومنهم من لا يتزوج، ومن يصوم الدهر، ومن لا يذوق اللحم، ولا يشرب الخمر.[7]

اعداد وتقديم: سيد مرتضى محمدي

القسم العربي - تبيان

المصادر:

*بحوث في الملل و النحل، ج 8 ، جعفر السبحاني؛

[1] . لاحظ تاريخ الدعوة الاِسماعيلية: 238.

[2] . وقد طبع الجزء الذي نقلنا الترجمة عنه عام 1883 م ، أي ما يعادل عام 1301 ه .

[3] . المنافقون:11.

[4] . البستاني: دائرة المعارف : 7|675 677.

[5] . طبع سنة 1386 هجري، 1967 ميلادي.

[6] . المائدة:90.

[7] . محمد فريد وجدي: دائرة المعارف: 4|26 28.


طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)