• عدد المراجعات :
  • 302
  • 2/8/2012
  • تاريخ :

الإمام القائد ونصرةالعرب!

 

بعد عام من کلمته حول انطلاق الصحوة الإسلامية، ألقي آية الله العظمي الإمام الخامنئي يوم الجمعة 3/2/2012 م خطبتي صلاة الجمعة بطهران التين تضمّنتا نقاطاً هامّة تتعلق بإيران و المنطقة، و کانت الخطبة الثانية باللغة العربية حيث وجّهها سماحته مباشرة للشعوب المسلمة في المنطقة. محمد صادق الحسيني خبير الشؤون السياسية في الشرق الأوسط تناول بالفحص و التحليل أبرز المضامين الواردة في الخطبتين، فکان هذا المقال:

قمر صناعي علمي جديد باسم "أمل العلوم" ينطلق إلى الفضاء وهو الأكثر تقدماً من القمرين الأسبقين، وصاروخ كروز – ظفر – الذي يتمّ نصبه على السفن والطوربيدات والهيليوكوبترات، والانتهاء من صنع الأنابيب والصفائح العالية التقنية في علوم الذرة ومعها الوقود النووي المطلوب للضخّ في منشأة «أمير آباد» للأغراض الطبية، وعشرات الاختراعات العلمية العالية الدقة، وكل ذلك بأيد وطنية إيرانية محلية، ووصول البلاد إلى المرتبة الأولى في العالم الإسلامي والمرتبة 17 في العالم علمياً و كل ذلك في ظل حصار محكم من أطراف معادلة المنتصرين في الحرب العالمية الثانية، ربما كان هو الدافع الأقوى لقائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي لنقل مستوى خطابه في ذكرى انتصار ثورة بلاده وانتصار ثورتي تونس ومصر «من الدفاع الى الهجوم!» ثم إن تأكيد القيادة الإيرانية العليا بأنها تعيش في أحسن أوقاتها، وأنه ليس فقط لا ترى أن الثورة والنظام ليسا في أزمة ولا خوف عليهما من أي تهديد خارجي والذهاب إلى حد القول: «بأننا نخبّئ المفاجئات في سياق مواجهة التهديد بالتهديد، و في الوقت الذي نحدّده نحن» إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على أن الإقليم في طريقه للانتقال من مرحلة إلى أخرى مختلفة تماما !

إنها بنظر العديد من المحللين والمراقبين والمتتبعين للحدث الإيراني الكبير الذي يتفاعل على مسرح المنطقة منذ 33 عاماً، المحطة الأكثر تحولاً بين مشروع الهيمنة على «شرق أوسط» أراده رئيس الكيان الصهيوني جديداً يوماً، وأرادته وزيرة خارجية الدولة الأحادية الهيمنة كبيراً وموسعاً يوماً آخر، وبين مشروع مصمّم على الإطاحة بتلك الهيمنة والتحرّر الناجز لشعوب المنطقة، والذي لا يرى أفقاً لهذا «الشرق الأوسط» إلا أن يكون إسلامياً بامتياز، وشطب الكيان الصهيوني من خارطة المنطقة كما شرحه تفصيلاً صاحب الخطاب المحتفي بالذكرى السنوية لانتصار العرب على طواغيتهم !

هي أيضاً المرة الأولى التي يكشف القائد العام للقوات المسلحة في إيران بأن بلاده كانت شريكاً فعلياً في حربي الـ 33 يوماً اللبنانية، والـ 22 يوماً الفلسطينية، بل والمرة الأولى التي يفصح فيها وبشكل شفاف عن أن كل من يفكر في مناهضة الصهيونية وقتالها سيجد كل أنواع الدعم المعنوي والمادي، ما يعني الكثير في أفق السياسة الخارجية الإيرانية المستقبلية !

ثمة من وضع كلام المرشد الأعلى للثورة الاسلامية لا سيما القسم الموجّه منه للرأي العام العربي في إطار معادلة ما بات يعرف هنا بالتحضير للمنازلة الكبرى التي طالما تداول أبعادها الواسعة المحللون والمراقبون المتتبعون لتطورات الأحداث في إقليمنا العربي والإسلامي !

حرب يجب أن يسبقها «تقطيع سلاسل كامب ديفيد من جانب الإخوة المصريين، واستكمال ثورتهم عبر القطع مع الشيطان الأكبر» كما ورد في الخطاب المنعطف، وهي حرب باتت كذلك مكشوفة بين «مثلث الكيان الصهيوني والغرب المتعجرف، و بينه الأطلسي، وعرب البترودولار الرجعيين» كما وصفهم صاحب الخطاب المفصلي و بين محور المقاومة و الممانعة الذي بات يضم برأيه إضافة نوعية ألا وهي «شعوب الدول التي اسقطت طواغيتها، وتلك التي تنتظر نصرها المظفر ولو بعد حين، وفي مقدمها اليمن والبحرين!»

هي الحرب التي ينبغي أن يسبقها «كشف ألاعيب الغرب الاستعماري الذي يريد ركوب موجات اليقظة والصحوة إما لحرفها عن مسارها الأصلي الإسلامي، أو تحويلها إلى ثورة مضادة، أو إغواء بعض أطرافها لإعادة ترميم ما قطعت أوصاله من شبكة الأنظمة المستبدة و التابعة و الفاسدة»! هي الحرب التي ينبغي أن تحسم فيها «الجماعة الوطنية» في البلدان المنتصرة على طواغيتها، أو تلك التي تنتظر، بأن ما يقرِّر مسير ومسار الحرب و السلام على العدو الأجنبي و تابعه الصهيوني «إنما هو الحسم في نوع الإسلام المقترح على الناس ليحكم بينهم إسلام محمدي اعتدالي عقلائي أصيل نابع من جوهر القرآن، ويلامس الوجدان الجمعي للأمة الباحث عن الجمع بين جناحي العلم والإيمان، أو إسلام تلفيقي مغترب ومتغرب يترنح بين فكر تكفيري أو آخر علماني يجمع بينهما بالوكالة كما بالأصالة إسلام أمريكي لطالما روّجت له دوائر مثلث الصهيونية و الرجعية العربية البترودولارية و الإمبريالية العالمية الهيمنية!»

هي الحرب التي لابد أن تستكمل فيها الكتل الجماهيرية الكبرى «ثقتها بنفسها و ابتعادها عن حالة عقدة النقص أو الدونية أو الغربة عن دينها كما حاول الغرب الاستعماري أن يروّج لقرون خلت، و أن تستعيد النخب و فصائل الحركة الثورية و الإسلامية منها على الخصوص ثقتها بجماهيرها بالإضافة إلى اقتناعها بأن النصر ممكن و متاح للمستضعفين مهما كانت عدة وعديد المستعمر و أعوانه كبيرة و مدجّجة بأسلحة الدمار الشامل، و أن انتصار القوي بالمادة ليس قدراً على الإطلاق، لا بل إن نجم هذا القوي بالحديد و النار صار يأفل مع كل يوم يمرّ على توسّع قاعدة الصحوة و اليقظة الإسلامية! «إنها الحرب التي ينبغي أن تسبقها استعدادات واسعة على مستوى الأمة لتوحيد الصفوف» بعقلية عابرة للمذاهب و الطوائف و الشرائع السماوية و الأطياف و الملل و النحل و الأقوام مع احترام خصوصيات كل بلد أو مجتمع دون إفراط متعجرف أو تفريط متغرّب بأي مبدأ من مبادئ الدين الحنيف!»

إنها الحرب على كل أشكال التبعية للأجنبي أو الاستقواء بالخارج على الداخل والانعتاق الكلي من حمأة «نهاية التاريخ» فتاريخ الحرية والتحرر بدأ من أمة الدعوة ولابد أن ينتهي عندها والطريق هو نفسه طريق ذات الشوكة الذي ينبغي المضي فيه بحزم السالك الحصيف الجامع بين العقل والعشق الإلهيين، بعد أن غادرت أوطاننا الغربة وصرنا أمة تقرّر مصيرها بنفسها وحان عصر الشعوب التي تريد ولابد أن يستجيب القدر !

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)